الغدير ـ الجزء الخامس ::: 181 ـ 190
(181)
سلفا وخلفا ، فقد بسط الخالدي فيها القول في كتابه ( صلح الأخوان ) ص 102 ـ 109 ومجمل ذلك التفصيل : إن المسألة تدور مدار نيات الناذرين وإنما الأعمال بالنيات فإن كان قصد الناذر الميت نفسه والتقرب إليه بذلك لم يجز قولا واحدا ، وإن كان قصده وجه الله تعالى وانتفاع الأحياء بوجه من الوجوه وثوابه لذلك المنذور له الميت سواء عين وجها من وجوه الانتفاع أو أطلق القول فيه ، ويكون هناك ما يطرد الصرف فيه في عرف الناس من مصالح القبر أو أهل بلده أو مجاوريه أو الفقراء عامة أو أقرباء الميت أو نحو ذلك ، ففي هذه الصورة يجب الوفاء بالنذور ، وحكى القول بذلك عن الأذرعي. والزركشي. وابن حجر الهيثمي المكي. والرملي الشافعي. والقباني البصري. والرافعي. والنووي. وعلاء الدين الحنفي. وخير الدين الرملي الحنفي. والشيخ محمد الغزي. والشيخ قاسم الحنفي.
    وذكر الرافعي نقلا عن صاحب ( التهذيب ) وغيره : إنه لو نذر أن يتصدق بكذا على أهل بلد عينه يجب أن يتصدق به عليهم ، قال : ومن هذا القبيل ما ينذر بعثه إلى القبر المعروف بجرجان ، فإن ما يجتمع منه على ما يحكى يقسم على جماعة معلومين ، وهذا محمول على أن العرف اقتضى ذلك فنزل النذر عليه. ولا شك أنه إذا كان عرف حمل عليه ، وإن لم يكن عرف فيظهر أن يجري فيه خلاف وجهين : أحدهما لا يصح النذر لأنه لم يشهد له الشرع بخلاف الكعبة والحجرة الشريفة. والثاني يصح إذا كان مشهورا بالخير ، وعلى هذا ينبغي أن يصرف في مصالحه الخاصة به ولا يتعداها. واستقرب السبكي بطلان النذر في صورة عدم العرف هناك للصرف. راجع فتاوى السبكي 1 ص 294.
    وقال العزامي في ( فرقان القرآن ) ص 133 : وقال [ يعني ابن تيمية ] : من نذر شيئا للنبي صلى الله عليه وسلم أو غيره من النبيين والأولياء من أهل القبور أو ذبح له ذبيحة كان كالمشركين الذين يذبحون لأوثانهم وينذرون لها فهو عابد لغير الله فيكون بذلك كافرا.
    ويطيل في ذلك الكلام ، واغتر بكلامه بعض من تأخر عنه من العلماء ممن ابتلى بصحبته أو صحبة تلاميذه ، وهو منه تلبيس في الدين وصرف إلى معنى لا يريده مسلم من المسلمين ، ومن خبر حال من فعل ذلك من المسلمين وجدهم لا يقصدون


(182)
بذبائحهم ونذورهم للميتين من الأنبياء والأولياء إلا الصدقة عنهم ، وجعل ثوابها إليهم ، وقد عملوا أن إجماع أهل السنة منعقد على أن صدقة الأحياء نافعة للأموات واصلة إليهم ، والأحاديث في ذلك صحيحة مشهورة فمنها ما صح عن سعد : إنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم قال : يا نبي الله إن أمي قد افتلتت وأعلم أنها لو عاشت لتصدقت أفإن تصدقت عنها أينفعها ذلك ؟ قال : نعم. فسأل النبي صلى الله عليه وسلم أي الصدقة أنفع يا رسول الله ؟ قال : الماء. فحفر بئرا وقال : هذه لأم سعد. فهذه اللام هي الداخلة على الجهة التي وجهت إليها الصدقة لا على المعبود المتقرب إليه ، وهي كذلك في كلام المسلمين ، فهم سعديون لا وثنيون. وهي كاللام في قوله : إنما الصدقات للفقراء. لا كاللام التي في قول القائل : صليت لله ونذرت لله ، فإذا ذبح للنبي أو نذر الشئ له فهو لا يقصد إلا أن يتصدق بذلك عنه ، ويجعل ثوابه إليه فيكون من هدايا الأحياء للأموات المشروعة المثاب على إهدائها ، والمسألة مبسوطة في كتب الفقه وفي كتب الرد على هذا الرجل ومن شايعه.
    فالنذر بالذبح وغيره للأنبياء والأولياء أمر مشروع سائغ من سيرة المسلمين عامة من دون أي اختصاص بفرقة دون أخرى ، وإنما يثاب به الناذر إن كان لله و ذبح المنذور بالذبح باسم الله.
    قال الخالدي : بمعنى أن الثواب لهم والمذبوح منذور لوجه الله كقول الناس : ذبحت لميتي بمعنى تصدقت عنه.
    وكقول القائل : ذبحت للضيف بمعنى أنه كان السبب في حصول الذبح.
    وليس هناك أي وازع من جواز نذر الذبح ولزوم الوفاء به إن كان على الوجه المذكور ولا يتصور من مسلم غيره.
    وربما يستدل في المقام بما أخرجه أبو داود السجستاني في سننه 2 ص 80 بإسناده عن ثابت بن الضحاك قال : نذر رجل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ينحر إبلا ببوانة (1) فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره فقال صلى الله عليه وسلم : هل كان فيها وثن يعبد من أوثان الجاهلية ؟ قالوا : لا.
    قال : فهل كان فيها عيد من أعيادهم ؟ قالوا : لا.
    قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أوف بنذرك فإنه لا وفاء لنذر في معصية الله تعالى ولا فيهما لا يملك ابن آدم.
    وبما أخرجه أبو داود في السنن 2 ص 81 عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن امرأة قالت : يا رسول الله إني نذرت أن أضرب على رأسك الدف. قال : أوفي بنذرك.
1 ـ بضم الموحدة وتخفيف الواو. هضبة وراء ينبع قريبة من ساحل البحر.

(183)
    قالت : إني نذرت أن أذبح بمكان كذا وكذا مكان كان يذبح فيه أهل الجاهلية قال : لصنم ؟ قالت لا قال : لوثن ؟ قالت : لا. قال : أوفي بنذرك (1).
    وفي ( معجم البلدان ) 2 ص 300 : وفي حديث ميمونة بنت كردم أن أباها قال للنبي صلى الله عليه وسلم : إني نذرت أن أذبح خمسين شاة على بوانة. فقال صلى الله عليه وسلم : هناك شيء من هذه النصب ؟ فقال : لا.
    قال : فاوف بنذرك فذبح تسعا وأربعين وبقيت واحدة فجعل يعدو خلفها ويقول : اللهم أوف بنذري حتى أمسكها فذبحها ( وهذا معنى الحديث لا لفظه ).
    قال الخالدي في ( صلح الأخوان ) ص 109 بعد ذكر حديثي أبي داود : وأما استدلال الخوارج بهذا الحديث على عدم جواز النذر في أماكن الأنبياء والصالحين زاعمين أن الأنبياء والصالحين أوثان والعياذ بالله وأعياد من أعياد الجاهلية فهو من ضلالهم وخرافاتهم وتجاسرهم على أنبياء الله وأوليائه حتى سموهم أوثانا ، وهذا غاية التحقير لهم خصوصا الأنبياء فإن من انتقصهم ولو بالكناية يكفر ولا تقبل توبته في بعض الأقوال ، وهؤلاء المخذولون بجهلهم يسمون التوسل بهم عبادة ، ويسمونهم أوثانا ، فلا عبرة بجهالة هؤلاء وضلالاتهم ، والله أعلم. كما لا عبرة بجهالة ابن تيمية ومن لف لفه وضلالاتهم.
أولئك الذين طبع الله على قلوبهم واتبعوا أهواءهم

1 ـ على القارئ أن يمعن النظر في صدر هذا الحديث ويعرف مكانة النبي الأقدس في السنن حاشا نبي القداسة عن هذه المخازي.

(184)
القبور المقصودة بالزيارة
التوسل والتبرك بها      الدعاء والصلاة لديها      ختم القرآن لمدفونيها
    هناك قبور تقصد بالزيارة وقد قصدت في القرون الإسلامية منذ يومها الأول ولأعلام المذاهب الأربعة حولها كلمات يأخذ الباحث منها دروسا عالية من شتى النواحي ، ويقف بها على فوائد جمة منها : عرفان سيرة المسلمين وشعارهم في القرون الخالية حول زيارة القبور والتوسل والتبرك بها ، والدعاء والصلاة لديها ، وختم القرآن لمدفونيها ، وإليك نبذة منها : 1 ـ بلال بن حمامة الحبشي مؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم المتوفى سنة 20 قبره بدمشق وفي رأس القبر المبارك تاريخ.
    باسمه رضي الله عنه ، والدعاء في هذا الموضع المبارك مستجاب ، قد جرب ذلك كثير من الأولياء وأهل الخير المتبركين بزيارتهم [ رحلة ابن جبير ص 229 ].
    2 ـ سلمان الفارسي الصحابي العظيم المتوفى 36.
    قال الخطيب البغدادي في تاريخه 1 ص 163 : قبره الآن ظاهر معروف بقرب إيوان كسرى عليه بناء وهناك خادم مقيم لحفظ الموضع وعمارته والنظر في أمر مصالحه ، وقد رأيت الموضع وزرته غير مرة.
    وقال ابن الجوزي في ( المنتظم ) 5 ص 75 : قال القلانسي وسمنون : زرنا قبر سلمان وانصرفنا.
    3 ـ طلحة بن عبيد الله المقتول يوم الجمل سنة 36 ، قال ابن بطوطة في رحلته 1 ص 116 : مشهد طلحة بن عبيد الله أحد العشرة رضي الله عنهم وهو بداخل المدينة وعليه قبة ومسجد ، وزاوية فيها الطعام للوارد والصادر ، وأهل البصرة يعظمونه تعظيما شديدا وحق له ، ثم عد مشاهدا في البصرة لجملة من الصحابة والتابعين فقال : وعلى كل قبر منها قبة مكتوب فيها إسم صاحب القبر ووفاته.
    م 4 ـ الزبير بن العوام المتوفى 36 ، قال ابن الجوزي في ( المنتظم ) 7 ص 187 : فمن الحوادث في سنة 386 إن أهل البصرة في شهر المحرم ادعوا أنهم كشفوا عن قبر


(185)
عتيق فوجدوا فيه ميتا طريا بثيابه وسيفه وإنه الزبير بن العوام فأخرجوه وكفنوه و دفنوه بالمربد بين الدربين ، وبنى عليه الأثير أبو المسك عنبر بناء وجعل الموضع مسجدا ، ونقلت إليه القناديل والآلات والحصر والسمادات وأقيم فيه قوام وحفظة ووقف عليه وقوفا ].
    5 ـ أبو أيوب الأنصاري الصحابي المتوفى 52 بالروم ، قال الحاكم في ( المستدرك ) 3 ص 458 : يتعاهدون قبره ويزورونه ويستسقون به إذا قحطوا.
    وذكره ابن الجوزي في ( صفة الصفوة ) 1 ص 187.
    وقال الخطيب البغدادي في تاريخه 1 ص 154 : قال الوليد : حدثني شيخ من أهل فلسطين : أنه رأى بنية بيضاء دون حائط القسطنطنية فقالوا : هذا قبر أبي أيوب الأنصاري صاحب النبي صلى الله عليه وسلم فأتيت تلك البنية فرأيت قبره في تلك البنية وعليه قنديل معلق بسلسلة.
    وفي تاريخ ابن كثير 8 ص 59 : وعلى قبره مزار ومسجد وهم ( أي الروم ) يعظمونه.
    وقال الذهبي في ( الدول الإسلامية ) 1 ص 22 : فالروم تعظم قبره ويستشفعون إلى اليوم به.
    6 ـ رأس الحسين ( الإمام السبط الشهيد ) بمصر ، قال ابن جبير المتوفى 614 في رحلته ص 12 : هو في تابوت فضة مدفون تحت الأرض قد بني عليه بنيان حفيل يقصر الوصف عنه ولا يحيط الادراك به ، مجلل بأنواع الديباج ، محفوف بأمثال العمد الكبار شمعا أبيض ومنه ما هو دون ذلك ، قد وضع أكثرها في أتوار فضة خالصة ومنها مذهبة ، وعلقت عليه قناديل فضة ، وحف أعلاه كله بأمثال التفافيح ذهبا في مصنع شبيه الروضة ، يقيد الأبصار حسنا وجمالا ، فيه من أنواع الرخام المجزع الغريب الصنعة البديع الترصيع ما لا يتخيله المتخيلون ، ولا يحق أدنى وصفه الواصفون ، والمدخل إلى هذه الروضة على مسجد على مثالها في التأنق والغرابة ، حيطانه كلها رخام على الصفة المذكورة ، وعن يمين الروضة المذكورة وشمالها بنيان من كليهما المدخل إليها وهما أيضا على تلك الصفة بعينها ، والأستار البديعة الصنعة من الديباج معلقة على الجميع ، ومن أعجب ما شاهدناه في دخولنا إلى هذا المسجد المبارك حجر موضوع في الجدار الذي


(186)
يستقبله الداخل ، شديد السواد والبصيص ، يصف الأشخاص كلها كأنه المرآة الهندية الحديثة الصقل ، وشاهدنا من استلام الناس للقبر المبارك ، وإحداقهم به وانكبابهم عليه وتمسحهم بالكسوة التي عليه وطوافهم حوله مزدحمين داعين باكين متوسلين إلى الله سبحانه وتعالى ببركة التربة المقدسة ، ومتضرعين بما يذيب الأكباد ، ويصدع الجماد ، والأمر فيه أعظم ومرأى الحال أهول نفعنا الله ببركة ذلك المشهد الكريم ، وإنما وقع الإلماع بنبذة من صفته مستدلا على ما وراء ذلك ، إذ لا ينبغي لعاقل أن يتصدى لوصفه لأنه يقف موقف التقصير والعجز ، وبالجملة فما أظن في الوجود كله مصنعا أحفل منه ولا مرأى من البناء أعجب ولا أبدع ، قدس الله العضو الكريم الذي فيه بمنه وكرمه.
    وفي ليلة اليوم المذكور بتنا بالجبانة المعروفة بالقرافة وهي أيضا إحدى عجائب الدنيا لما تحتوي عليه من مشاهد الأنبياء صلوات الله عليهم أجمعين وأهل البيت و الصحابة رضوان الله عليهم والتابعين والعلماء والزهاد والأولياء ذوي الكرامات الشهيرة والأنباء الغريبة ، وإنما ذكرنا منها ما أمكنتنا مشاهدته. فمنها : قبر ابن النبي صالح ، وقبر روبيل بن يعقوب بن إسحق بن إبراهيم خليل الرحمن صلوات الله عليهم أجمعين ، وقبر آسية امرأة فرعون رضي الله عنها ، ومشاهد أهل البيت رضي الله عنهم أجمعين مشاهد أربعة عشر من الرجال وخمس من النساء ، وعلى كل واحد منها بناء حفيل ، فهي بأسرها روضات بديعة الاتقان عجيبة البنيان ، قد وكل بها قوم يسكنون فيها و يحفظونها ، ومنظرها منظر عجيب ، والجرايات متصلة لقوامها في كل شهر. ثم ذكر تفصيل المشاهد.
    عقد الشبراوي الشيخ عبد الله الشافعي المتوفى 1172 في كتابه ـ الإتحاف بحب الأشراف ـ ص 25 ـ 40 بابا في ذلك المشهد وذكر فيه زيارته وشطرا من الكرامات له وإحياء يوم الثلاثاء بزيارته وقال : والبركات في هذا المشهد مشاهدة مرئية ، و النفحات العائدة على زائريه غير خفية ، وهي بصحة الدعوى ملية ، والأعمال بالنية ، ولأبي الخطاب بن دحية في ذلك جزء لطيف مؤلف ، واستفتي القاضي زكي الدين عبد العظيم في ذلك فقال : هذا مكان شريف وبركته ظاهرة والاعتقاد فيه خير و السلام ، وما أجدر هذا المشهد الشريف والضريح الأنور المنيف بقول القائل :


(187)
نفسي الفداء لمشهد أسراره ورواق عز فيه أشرف بقعة وتذهل تغضى لبهجته النواظر هيبة حسدت مكانته النجوم فود لو وسما علوا أن تقبل تربه من دونها ستر النبوة مسبل ظلت تحار لها العقول ويرد عنه طرفه المتأمل أمسى يجاوره السمـاك الأعزل شفة فأضحى بالجباه يقبل
    وقال في ذكر الكرامات : منها أن رجلا يقال له : شمس الدين القعويني كان ساكنا بالقرب من المشهد وكان معلم الكسوة الشريفة حصل له ضرر في عينيه فكف بصره وكان كل يوم إذا صلى الصبح في مشهد الإمام الحسين يقف على باب الضريح الشريف ويقول : يا سيدي أنا جارك قد كف بصري وأطلب من الله بواسطتك أن يرد علي ولو عينا واحدة ، فبينما هو نائم ذات ليلة إذ رأى جماعة أتوا إلى المشهد الشريف فسأل عنهم فقيل له : هذا النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة معه جاؤا لزيارة السيد الحسين رضي الله عنه فدخل معهم ثم قال ما كان يقوله في اليقظة ، فالتفت الحسين إلى جده صلى الله عليه وسلم وذكر له ذلك على سبيل الشفاعة عنده في الرجل فقال النبي صلى الله عليه وسلم للإمام علي رضي الله عنه : يا علي كحله.
    فقال : سمعا وطاعة وأبرز من يده مكحلة ومرودا وقال له : تقدم حتى أكحلك فتقدم فلوث المرود ووضعه في عينه اليمنى فأحس بحرقان عظيم فصرخ صرخة عظيمة فاستيقظ منها وهو يجد حرارة الكحل في عينه ففتحت عينه اليمنى فصار ينظر بها إلى أن مات ، وهذا الذي كان يطلبه فاصطنع هذه البسط التي تفرش في مشهد الإمام الحسين رضي الله عنه وكتب عليها وقفا ولم تزل تفرش حتى تولى مصر الوزير المعظم محمد باشا الشريف من طرف حضرة مولانا السلطان محمد خان نصره الله فجدد بسطا أخرى وهي التي تفرش إلى الآن.
    ثم ذكر كرامة أخرى وقعت للشيخ أبي الفضل نقيب السادة الخلوتية ، وقال بعد بيان اختصاص يوم الثلاثاء بزيارة ذلك المشهد : ولنذكر في هذا الباب نبذة من القصائد التي مدحت بها آل البيت الشريف وتوسلت فيها بساكن هذا المشهد المنيف ، فمما قلت فيه :
آل طه ! ومن يقل آل طه حبكم مذهبي وعقد يقيني مستجيرا بجاهكم لا يرد ليس لي مذهب سواه وعقد


(188)
منكم أستمد بل كل من فـي الك بيتكم مهبط الرسالة وال ولكم في العلا مقام رفيع يا بن بنت الرسول من ذا يضاهي يا حسينا هل مثل أمك أم رام قوم أن يلحقوك ولكن خصك الله بالسعادة في دني لك في القـبر يا حسينا مقام يا كريم الدارين يا من له الده أنت سيف على عداك ولكن كل من رام حصر فضلك غر طيبة فاقت البقاع جميعا ولمصر فخر على كل مصر مشهد أنت فيه مشهد مجد وضريح حوى علاك ضريح مدد ما له انتهاء وسر رحمات للزائرين توالت رضي الله عنكم آل طه وسلام عليكم كل وقت أنا في عرض تربة أنت فيها أنا فـي عرض جدك الطاهر ال أنا فـي عرض من يعول كل ال أنا في عرض من أتته غزال أنا في عرض جدك المصطفى من ون من فيض فضلكم يستمد وحي ومنـكم نور النبوة يبدو ما لكم فيه آل يس ند ك افتخارا وأنت للفخـر عقد ؟ لشريف ؟ أو مثل جدك جد ؟ بينهم في العلا وبينك بعد ـاك ثم بالشهـادة بعد ولأعداك فيـه خزي وطرد ر على رغم من يعاند عبد فيك حلم وما لفضلك حد فضل آل النبي ليس يعد حين أضحى فيها لجدك لحد ولها طالع بقبرك سعد كم سعى نحوه جواد مجد ؟ كله مندل يفوح وند (1) لا يضاهى ورونق لا يحد وجزيل من العطاء ورفد ودعاء المقل مثلي جهد ما تغنت بكم تهام ونجد يا حسينا وبعد حاشا أرد ـطهر إذا ما الزمان بالخطب يعدو رسل عليه وما لهم عنه بد فحماها والخصيم خصم ألد كل عام له الرحال تشد

1 ـ المندل : العود الطيب الرائحة ج منادل. الند بالفتح والكسر : عود يتبخر به.

(189)
    وقلت فيهم أيضا رضي الله تعالى عنهم :
آل بيت النبي ! مالي سواكم لست أخشى ريب الزمان وأنتم من يضاهي فخاركم آل طه ؟ كل فضل لغيركم فإليكم لا عدمنا لكم موائد جود يا ملوكا لهم لواء المعالي أي بيت كبيتكم آل طه ! روضة المجد والمفاخر أنتم ولكم في الكتاب ذكر جميل وعليكم أثنى الكـتاب وهل بع ولكم في الفخار يا آل طه ! قد قصدناك يا بن بنت رسـول يا حسينا ما مثل مجدك مجد يا حسينا بحق جدك عطفا كل وقت يود يلثم قبرا سادتي أنجدوا محبا أتاكم وأغيثوا مقصرا ما له غـي فعليكم قصرت حبي وحاشا يا إلهي مالي سوى حب آل البي أنا عبد مقصر لست أرجو ملجأ أرتجيه للكرب في غد عمدتي في الخطوب يا آل أحمد ! وعليكم سرادق العز ممتد يا بني الطهر بالأصالة يسند كل يوم لزائريكم تجدد وعليهم تاج السعادة يعـقد طهر الله ساكنيه ومجد وعليكم طير المكارم غرد يهتدي منه كل قار ويسعد د ثناء الكـتاب مجد وسودد؟! منزل شامخ رفيع مشيد الله والخير من جنابك يقصد لشريف ولا كجدك من جد لمحب بالخير منك تعود أنت فيه بمقلتـيه ويشهد مطلق الدمع في هواكم مقيد ر حماكم إن أعضل الأمر واشتد بعد حبي لكم أقـابل بالرد ت آل النبي طه الممجد عملا غير حب آل محمد   إلخ
    وقال في المشهد الحسيني أيضا :
يا نديمي قم بي إلى الصهباء حيث مجرى الخليج والماء فيه هاتها يا نـديم صرفا ودعني واسقنيها في الروضة الغناء يتثنى كالحية الرقشاء من صريع الهوى قتيل الماء


(190)
وأدرها ممزوجـة بالتهاني هاتها يا نديم من غير خلط والقني يا نديم تحت الأثـيلا في كثيب مـن الجزيرة يختا روضة راضها النسيم سحيرا ولطيف النسيم يعبث بالغصـ يا خرير الخليج تفديك نفسي يا نديمي جدد بذكراه وجدي هات حدث عن نيل مصر ودعني وأعد لي حديث لذات مصر إن مصرا لأحسن الأرض عندي وغرامي فيها وغاية قصدي وإلى المشهد الحسيني أسعى يا بن بنت الرسول إني محب يا كرام الأنام يـا آل طه ! ليس لـي ملجأ سواكم وذخر غير ممزوجة بماء السماء إن خلط الدواء عين الداء ت سحيرا إذا أردت لقائي ل دلالا في حلة خضراء باعتلال صحت به واعتلاء ن فيهتز هزة استهزاء فلكم نلت في حماك منائي؟ وأحي ذاك الغـرام بالاغراء من فرات ودجلة فيحاء فحديث اللذات عني نائي وعلى نيلها قصرت رجائي أن أرى سادتي بني الزهراء داعيا راجيا قبول دعائي فتعطف واجعـل قبولي جزائي حبكم مذهبي وعقد ولائي أرتجيه في شدتي ورخائي إلخ
    وقال فيه أيضا :
يا آل طه ! مـن أتى حبكم لذنا بكم يـا آل طه ! وهل تزدحم الناس بأعتابكم من جاءكم مستمطرا فضلكم يا سادتي يا بضعة المصطفى أنتم ملاذي وعياذي ولي وحقكم إني محب لكم وقفت في أعـتابكم هائما مؤملا إحسانكم لا يضام يضام من لاذ بقوم كرام ؟ والمنهل العـذب كثير الزحام فاز مـن الجود بأقصى مرام يا من لهم في الفضل أعلى مقام قلب بكم يا سادتي مستهام محبة لا يعتريها انصرام وما على من هام فيكم ملام
الغدير ـ الجزء الخامس ::: فهرس