الغدير ـ الجزء الخامس ::: 201 ـ 210
(201)
الله يغفر لمن جاوره فإن استطعت أن تجاوريه في وقت وفاتك فافعلي فإني لك ناصح وإنك ميتة بعده بليلة.
    فماتت كذلك فعلمنا أنه منام حق.
    قال الأميني : هذه نماذج من كلمات الحنابلة في زيارة قبر إمامهم أحمد وبركة جواره ، وهذه سيرتهم المطردة فيها وفي زيارة قبور مشايخهم كما يأتي ، فشتان بينها و بين ما تره ابن تيمية ومن لف لفه ، فإنهم شذوا عن تلكم الآراء ، وأتوا بأحداث تافهة ، وعزوا إلى الاسلام ما لا يرصف به.
    23 ـ ذو النون المصري المتوفى 246 ، دفن في القرافة الصغرى وعلى قبره مشهد مبني وفي المشهد قبور جماعة من الصالحين وزرته غير مرة.
    قال ابن خلكان في تاريخه 1 ص 109.
    24 ـ بكار بن قتيبة بن أسد الثقفي البكراوي البصري الحنفي الفقيه المتوفى بمصر سنة 270 ، دفن بالقرافة وقبره مشهور يزار ويتبرك به ويقال : إن الدعاء عند قبره مستجاب.
    جم 1 ص 170.
    25 ـ إبراهيم الحربي المتوفى 285 ، دفن في بيته وقبره ظاهر يتبرك الناس به.
    قاله ابن الجوزي في مناقب أحمد ص 509 ، وصفة الصفوة 2 ص 232.
    26 ـ إسماعيل بن يوسف أبو علي الديلمي ، قال المعافي : الناس يزورون قبره وراء قبر معروف الكرخي وبينهما قبور يسيرة وقد زرته مرارا.
    صف 2 ص 233.
    27 ـ علي بن محمد بن بشار أبو الحسن المتوفى 313 ، قبره ببغداد اليوم ظاهر يتبرك به ، ظم 6 ص 199.
    28 ـ يعقوب بن إسحاق أبو عوانة النيسابوري ثم الأسفرائيني الحافظ الشهير المتوفى 316 ، قال الذهبي في تذكرته 3 ص 3 : قبر أبي عوانة عليه مشهد مبني بأسفرائين يزار وهو بداخل المدينة.
    وقال الحافظ ابن عساكر : إن قبر أبي عوانة بأسفرائين مزار العالم ومتبرك الخلق ، وبجنب قبره قبر الراوية عنه أبي نعيم ، وقريب من مشهده مشهد الإمام أبي إسحاق الأسفرائيني ، والعوام يتقربون إلى مشهد أبي إسحاق أكثر مما يتقربون إلى أبي عوانة ، وهم لا يعرفون قدر هذا الإمام الكبير المحدث أبي عوانه ، لبعد العهد بوفاته وقرب العهد بوفاة أبي إسحاق ، وكان جدي إذا وصل إلى مشهد الأستاذ


(202)
أبي إسحاق لا يدخله احتراما بل كان يقبل عتبة المشهد ، وهي مرتفعة بدرجات ، و يقف ساعة على هيئة التعظيم والتوقير ، ثم يعبر عنه كالمودع لعظيم الهيبة والقدر ، و إذا وصل إلى مشهد أبي عوانة كان أشد تعظيما له وإجلالا وتوقيرا ويقف أكثر من ذلك رحمهم الله أجمعين. خل 2 ص 469 ملخصا.
    29 ـ أبو محمد عبد الله بن أحمد ابن طباطبا المصري المتوفى 348 ، دفن بمصر وقبره معروف ومشهور بإجابة الدعاء ، روي أن رجلا حج وفاتته زيارة النبي صلى الله عليه وسلم فضاق صدره لذلك فرآه صلى الله عليه وسلم في نومه فقال له : إذا فاتتك الزيارة فزر قبر عبد الله بن أحمد ابن طباطبا وكان صاحب الرؤيا من أهل مصر [ خل 1 ص 282 ].
    30 ـ الحافظ أبو الفضل صبح بن أحمد التميمي السمسار المتوفى 384 ، الدعاء عند قبره مستجاب. [ هب 3 ص 109 ].
    31 ـ الحافظ أبو الحسن علي بن محمد العامري المتوفى 403 ، عكف الناس على قبره ليالي يقرؤن القرآن ويدعون له ، وجاء الشعراء من كل أوب يرثون ويترحمون. يه ج 11 ص 351.
    32 ـ أبو سعيد عبد الملك بن محمد الخركوشي المتوفى 406 ، قبره بنيسابور مشهور يزار ويتبرك به. شفاء السقام للسبكي ص 29.
    33 ـ محمد بن الحسن أبو بكر ابن فورك الاصبهاني المتوفى 406 ، دفن بالحيرة من نيسابور ومشهده بها ظاهر يزار ويستسقى به وتجاب الدعوة عنده خل 2 ص 57.
    م 34 ـ أبو علي الحسن بن أبي الهبيش المتوفى 420 ، قال ابن الجوزي في ( المنتظم ) 8 ص 46 : قبره ظاهر بالكوفة وقد عمل عليه مشهد وقد زرته في طريق الحج ].
    35 ـ أبو جعفر بن أبي موسى المتوفى 470 ( كان إمام الحنابلة في وقته بلا مدافعة ) نبش قبر أحمد بن حنبل ودفن فيه ولزم الناس قبره فكانوا يبيتون عنده كل ليلة أربعاء ويختمون الختمات فيقال : إنه قرئ على قبره تلك الأيام عشرة آلاف ختمة ـ هب 3 ص 337 ـ وقال ابن الجوزي في ( المنتظم ) 8 ص 317 : كان الناس يبيتون هناك كل ليلة أربعاء ويختمون الختمات وتخرج المتعيشون فيبيعون المأكولات وصار ذلك فرجة للناس ، ولم يزالوا كذلك إلى أن جاء الشتاء فامتنعوا فختم على قبره في تلك المدة


(203)
أكثر من عشرة آلاف ختمة.
    وقال ابن كثير : دفن إلى جانب الإمام أحمد فاتخذت العامة قبره سوقا كل ليلة أربعاء يترددون إليه. يه 12 ص 119.
    36 ـ المعتمد على الله أبو القاسم محمد بن المعتضد اللخمي الأندلسي المتوفى 488 ، اجتمع عند قبره جماعة من الشعراء الذين كانوا يقصدونه بالمدايح ويجزل لهم المنائح فرثوه بقصايد مطولات وأنشدوها عند قبره وبكوا عليه فمنهم أبو بحر رثاه بقصيدة منها :
قبلت في هذا الثرى لك خاضعا وجعلت قبرك موضع الانشاد
    ولما فرغ من إنشادها قبل الثرى ومرغ جسمه وعفر خده فأبكى كل من حضر. هب 3 ص 390.
    37 ـ نصر بن إبراهيم المقدسي المتوفى 490 ، شيخ الشافعية توفي بدمشق و دفن بباب الصغير وقبره ظاهر يزار ، قال النووي : سمعنا الشيوخ يقولون : الدعاء عند قبره يوم السبت مستجاب. هب 3 ص 396.
    38 ـ أبو الحسن علي بن الحسن المصري فقيه الشافعية المتوفى 492 ، قال ابن الأنماطي : قبره بالقرافة يعرف بإجابة الدعاء عنده. هب 3 ص 399.
    39 ـ علي بن إسماعيل بن محمد المتوفى 559 ، قبره بفاس من مزاراتها المتبرك بها المجاب عنده الدعاء قاله الساحلي. وفي ( نيل الابتهاج ) 198. زرت قبره مرارا بفاس.
    40 ـ الخضر بن نصر الأربلي الفقيه الشافعي المتوفى 567 / 9 ، قال ابن كثير في تاريخه 12 ص 287 نقلا عن تاريخ ابن خلكان : قبره يزار وقد زرته غير مرة ورأيت الناس ينتابون قبره ويتبركون به (1)
    41 ـ نور الدين محمود بن زنكي المتوفى 569 ، قال ابن كثير : قبره بدمشق يزار ويحلق بشباكه ويطيب ويتبرك به كل مار فيقول : قبر نور الدين الشهيد. [ يه 12 ص 284 ].
    وفي [ هب 4 ص 231 ] : روي أن الدعاء عند قبره مستجاب ويقال : إنه دفن معه ثلاث شعرات من شعر لحيته صلى الله عليه وسلم فينبغي لمن زاره أن يقصد زيارة شئ منه صلى الله عليه وسلم.
    42 ـ القاسم بن فيرة الشاطبي المتوفى 590 ، دفن بالقرافة وقبره مشهور معروف
1 ـ في هذه العبارة زيادة تغيير على ما في تاريخ ابن خلكان 1 ص 189.

(204)
يقصد للزيارة وقد زرته مرات وعرض علي بعض أصحابي الشاطبية عند قبره ورأيت بركة الدعاء عند قبره بالإجابة رحمه الله ورضي عنه. طبقات القراء 2 ص 23.
    43 ـ أحمد بن جعفر الخزرجي أبو العباس السبتي نزيل مراكش والمتوفى بها سنة 601 ، قبره معروف مزار مزاحم عليه مجرب الاجابة ، زرته مرارا لا تحصى ، و جربت بركته غير مرة ، وقال ابن الخطيب السلماني في كلام له : ويبلغ وارد ذلك المزار في اليوم الواحد ثمانمائة مثقال ذهب عين ، وربما وصل بعض الأيام ألف دينار وتصرف كلها في ذوي الحاجات المحتفين به من أهالي تلك الديار.
    قال صاحب ( نيل الابتهاج ) بعد كلام طويل حول هذا المزار : قلت : وإلى الآن ما زال الحال على ما كان عليه في روضته من ازدحام الخلق عليها وقضاء حوائجهم ، وقد زرته ما يزيد على خمسمائة مرة ، وبت هناك ما ينيف ثلاثين ليلة ، وشاهدت بركته في الأمور.
    ثم ذكر قصة يهودي توسل به وقضيت حاجته. راجع ( نيل الابتهاج ) ص 62.
    44 ـ محمد بن أحمد الحنبلي أبو عمرو المقدسي المتوفى 607 ، قبره يزار ولما دفن رأى بعض الصالحين في منامه تلك الليلة النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقول : من زار أبا عمرو ليلة الجمعة فكأنما زار الكعبة ، فاخلعوا نعالكم قبل أن تصلوا إليه. هب 5 ص 30.
    45 ـ سيف الدين أبو الحسن القميري المتوفى 653 بنابلس ، الدعاء عند قبره مستجاب. هب 5 ص 161.
    46 ـ إسحاق بن يحيى أبو إبراهيم الأعرج بفاس 683 ، الدعاء عند قبره مستجاب. نيل الابتهاج ص 100.
    47 ـ الشيخ أحمد بن علي البدوي المتوفى 675 ، دفن بطندنة وجعلوا على قبره مقاما واشتهرت كراماته وكثرت النذور إليه. هب 5 ص 346.
    48 ـ الشيخ حسين الجاكي المتوفى 730 ، قبره ظاهر يزار كل ليلة أربعاء وصبيحتها. طش 2 ص 2.
    49 ـ الشيخ أحمد بن علوان ، قال اليافعي في مرآته 4 ص 357 : ومن كراماته أن ذرية الفقهاء الذين كانوا ينكرون عليه صاروا يلوذون عند النوائب بقبره ويستجيرون من خوف السلطان به ، وإلى ذلك وبعض مناقبه الحميدة أشرت في قصيدة. ثم ذكر خمسة أبيات.


(205)
    50 ـ أبو علي بن بنان ، يتبرك أهل بلد ( دير العاقول ) بزيارة قبره. طب 14 ص 427.
    51 ـ أبو عبد الله القرشي الأندلسي توفي ببيت المقدس قبره مقصود بالزيارة هب 4 ص 342.
    52 ـ الشيخ أبو بكر بن عبد الله العيدروس باعلوي توفي سنة 914 بعدن وقبره بها أشهر من الشمس الضاحية يقصد للزيارة والتبرك من الأماكن البعيدة.
    سبعة في ( تريم ) يعتقد أهل زبيد أن من زارهم سبعة أيام متوالية قضيت حاجته ، قال الشيخ علي بن أبي بكر في الثناء عليهم :
بباب سهام سبعة من مشايخ فيونس إبراهيم مرزوق جـبرتي زيارتهم نجح لـكـل حوائج ( تريم ) بها منهم ألوف عديدة زيارة كل منهم صح أنها وإن قيل ترياق ببغداد جربا لقاصدهم ذخر وكنز لمقلل وأفلح مياد كذا ابن الرضا الولي وفي الخلد سكنى للذي زار مقبل بساحـة بشار شموس الهدى قل لما شئت من جلب ودفع محصل وفي ربع بشار شفا كل معضل
    إلى آخر الأبيات. ( النور السافر ) ص 80 ، 81. ( شذرات الذهب ) 8 ص 64. توجد في المعاجم وكتب التراجم والتاريخ أضعاف ما ذكر من القبور المزورة اقتصرنا بالمذكور روما للاختصار.

منتهى القول في زيارة القبور
    هذا قليل من كثير مما تداول بين أجيال المسلمين منذ عهدهم المتقادم من لدن عهد الصحابة الأولين والتابعين لهم بإحسان ثم في أدوارهم المتتابعة من زيارة قبر نبيهم الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم ومراقد الأئمة والأولياء والصالحين والعلماء وشد الرحال إليها ، والتوسل والاستشفاع بها ، وفي الزايرين علماء أعلام وأئمة يقتدى بهم في كل من المذاهب ، على أن نقلة هذه الأقاويل علماء وقادة ارتضوا تلكم الأعمال بنقلهم لها في مقام فضيلة المقبورين وأرباب هاتيك المشاهد ، فعلى ذلك وقع التسالم بين فرق المسلمين في قرونهم المتطاولة ، وذلك ينبئ عن الإجماع المتحقق بين طبقات الأمة الإسلامية على استحسان ذلك كله وكونه سنة متبعة.


(206)
    وأنت أيها القارئ الكريم إذا أعرت لما تلوناه عليك أذنا واعية ، فهل تجد لما يصفه ابن تيمية ومن يرقص لماله من مكاء وتصدية [ نظراء القصيمي ] مقيلا من الصدق ؟ فهل كان المسلمون الأولون يرون ما يأتون به من الأعمال في مشاهد الموتى كفرية ثم يتقربون به إلى الله تعالى ؟ حاشا لا نتهم فرق المسلمين عامة بمثل هذه الفرية الشائنة. وهل تجد شيئا من هاتيك الأعمال مختصا بالشيعة فحسب ؟ لاها الله. وهل الأعمال التي تأتي بها الشيعة عند القبور ـ وقد زعم الرجل أنها كاشفة عن الغلو والتأليه لعلي وولده ـ غير ما يأتي به أهل السنة وفي مقدمهم أئمتهم عند تلكم المزارات من لدن عصر الصحابة حتى اليوم من سرد ألفاظ زيارة جامعة لفضايل المزور ، ومن الدعاء عند قبره ، والصلاة لديه ، وختم القرآن عنده وإهداءه إليه ، والتوسل والاستشفاع به ، وطلب قضاء الحاجة من الله تعالى بوسيلته والتبرك به بالتزام أو تمريغ أو تقبيل ، وتعظيمه بكل ما اقتضته حرمته واستوجبه خطره فلو صحت أحلام ابن تيمية وتابعيه وتكون هذه الأعمال بدعة وضلالا وغلوا وتألها ، وفاعلها خارجا عن ربقة الاسلام لم يبق عندئذ معتنق بالاسلام منذ يومه الأول إلا ابن تيمية ومن لف لفه.
    فحقيق على القارئ الآن أن يقف على كلمة ( القصيمي ) الأخرى ويكون على بصيرة من أن الشيعة ليس بينها وبين المذاهب الأربعة قط اختلاف في هذه المواضع الهامة وإنما هي مما تسالمت عليه الأمة الإسلامية جمعاء ، غير أن كتاب الهواهي هاج هائجهم على الشيعة فأججوا عليهم نيران الإحن والشحناء ، وجاؤا يقطعون كلمة التوحيد بأقلام مسمومة ، ويشقون عصا المسلمين ، ويلقون الخلاف بينهم. أولئك الذين طبع الله على قلوبهم واتبعوا أهوائهم.
    ذكر في الصراع ج 2 ص 648 قول العلامة الأمين من قصيدة له :
لا بدع أن كان الدعاء إليه فيها صاعدا وبغيرها لم يصعد
    ثم قال : هذا القول عند جميع المسلمين على اختلاف مذاهبهم ونحلهم من أقوال الردة والكفر الواضح ونعوذ بالله من الخذلان. وقبل هذا البيت :
وكذا الصـلاة لدى القبور تبركا إن الأئمة من سـلالة هاشم بذوي القبور فليس بالصنع الردي ثقل النبي وقدوة للمقتدي


(207)
قالوا : الصلاة لدى محل قبورنا عنهم روته لنا الثقات فبالهدى شرف المكان بذي المكان محقق خير عبادة ربنا في مثله وكذلكم طلب الحوائج عندها بركاتها ترجى لداع أنها لا بدع إن كان الدعاء إليه في الفضل تعدل مثلها في المسجد عنهم إذا شئت الهداية فاقتد وأخو الحجا في ذاك لم يتردد من غيره فإليـه فاعمد واقصد من ربنا أرجى لنيل المقصد بركات شخص في الضريح موسـد الخ ...
    فقال : والقصيدة أغلبها من هذا النوع الفاحش المناقض لدين الاسلام ولغيره من أديان الله. وعد القول بالشفاء وإجابة الدعاء عند قبر الحسين السبط عليه السلام من آفات الشيعة في ج 2 ص 21.
كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذبا
[ الكهف 5 ]


(208)
7
نظرة التنقيب في الحديث
    كثرت القالة حول أحاديث الشيعة من رماة القول على عواهنه ، وكل منهم اختار معاثا ، ويلوك بين شدقيه مغمزة ، فترى هذا يزعمها رقاعا مزورة تعزى إلى الإمام الغائب (1) وآخر يحسبها أكاذيب موضوعة على الإمامين الباقر والصادق (2) لا هذا يبالي بمغبة فريته ، ولا ذاك يكترث لكشف سوئته ، وفي مؤخر القوم كيذبان أشوس شدد النكير عليها ، وبالغ في اللغوب ، وتلمخ بالعجب العجاب ، ألا وهو : عبد الله القصيمي قال في ( الصراع ) (3) ج 1 ص 85 :
    الكذابة حقا كثيرة في رجال الشيعة وأصحاب الأهواء طمعا في الدنيا وتزلفا إلى أصحابها أو كيدا للحديث والسنة وحنقا على أهلها ، ولكن علماء السنة كشفوا ذلك وأبانوه أتم البيان [ إلى أن قال ] : وليس في رجال الحديث من أهل السنة من هو متهم بالوضع والكذابة طمعا في الدنيا ، وازدلافا إلى أهلها ، وانتصارا للأهواء والعقائد المدخولة الباطلة. نعم : قد يوجد بينهم من ساء حفظه أو من كثر نسيانه أو من انخدع بالمدلسين الضعفاء ، ولكن رجال التراجم والجرح والتعديل قد بينوا هذا النوع كله.
    ج ـ لعل الباحث يحسب لهذه الدعاوي المجردة الفارغة مسة من الصدق أو لمسة من الحق ، ذاهلا عن أن الغالب على الأقلام المستأجرة اليوم هو الإفك وقول الزور ، وأن مدار رقي الأمم في وجه البسيطة وتقدمها على الكذب والشطط ، و محور سياسة الدنيا في جهاتها الست هو الهث والدجل والتمويه ، وأن كثيرا من الدعايات في المبادئ والآراء والمعتقدات تحكمات محضة ، وتقولات لا طائل تحتها ملفوفة بأفانين الخب والخدع ، وهناك فئات مبثوثة في الملأ كلها لا تتأتى مأربهم
1 ـ راجع الجزء الثالث من كتابنا ص 277 ـ 285.
2 ـ يجده الباحث في غير واحد من كتب القوم سلفا وخلفا.
3 ـ مر بحمل القول حول هذا الكتاب في الجزء الثالث ص 288 ـ 309.


(209)
من زبرج الدنيا إلا بزخرف القول وكذب الحديث ، وتعمية الأميين من الناس ، و سوقهم إلى معاسيف السبل ومعاميها ، ولولا تهديد المولى سبحانه عباده بقوله : ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد ( ق 50 ). ولولا الانذار النازل في كتاب الله على كل كذاب أفاك أثيم لما كان يسع لأحد من هؤلاء الكذابين الدجالين أن يكذب أكثر مما كذب ، أو يأتي بأمر لم يأت به ، فكل منهم أكذب من خرافة وحجينة ، فيهمنا عندئذ إيقاف القارئ على حقيقة الأمر ، وإماطة الستر عن سر ما ادعاه الرجل في رجال الحديث من قومه من أنهم لا يوجد فيهم متهم بالوضع والكذابة. إلخ. فنذكر أمة ممن عرفوا بالوضع والكذب فضلا عمن اتهم بهما منهم ، ونقدم بين يدي الباحث نبذة من الموضوعات التي لم توضع إلا طمعا في الدنيا ، وازدلافا إلى أهلها ، أو انتصارا للأهواء والعقائد المدخولة الباطلة ، ونلمسه باليد حساب ما وضعته تلكم الأيدي الأثيمة الخائنة على قدس صاحب الرسالة وسنته ، فتتضح عنده جلية الحال وله فصل الخطاب إن لم يتبع الهوى فيضل عن سبيل الله.

سلسلة الكذابين والوضاعين
( حرف الألف )
    أبان [ اباء ] بن جعفر أبو سعيد البصري ، كذاب كان يضع الحديث على رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقد وضع على أبي حنيفة أكثر من ثلثمائة حديث ما حدث بها أبو حنيفة قط ( م 1 ص 10 ، ت 120 ، لي 2 ص 13 ).
    م ـ أبان بن فيروز أبي عياش مولى عبد القيس أبو إسماعيل البصري المتوفى 138 ، قال شعبة ردائي وخماري في المساكين صدقة إن لم يكن ابن أبي عياش يكذب في الحديث. وقال : لا يحل الكف عنه أنه يكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقال أحمد إمام الحنابلة ليحيى بن معين وهو يكتب عن أبان نسخة : تكتب هذه وأنت تعلم أن أبان كذاب ؟ وقال شعبة : لإن يزني الرجل خير من أن يروي عن أبان. وقال : لإن أشرب من بول حماري أحب إلي من أن أقول حدثني أبان. لعله حدث عن أنس بأكثر من ألف و


(210)
خمسمائة حديث ما لكثير شئ منها أصل. يب 1 ص 99 ].
    إبراهيم بن أبي حية. كذاب ( ت ص 30 ).
    إبراهيم بن أبي الليث المتوفى 234 صاحب الأشجعي ، كذاب وضاع متروك الحديث ( طب 6 ص 196 ، م 1 ص 27 ).
    5 ـ إبراهيم بن أبي يحيى أبو إسحاق المدني المتوفى 184 ، كذاب يضع ، عده النسائي من الكذابين المعروفين بوضع الحديث على رسول الله ( طب 13 ص 168 ، صه 18 ).
    إبراهيم بن أحمد الحراني الضرير ، كان يضع الحديث ( م 1 ص 10 ).
    إبراهيم بن أحمد العجلي المتوفى 331 ، كان ممن يضع الحديث ، ذكره ابن الجوزي وقال : وضع أحاديث فافتضح ( م 1 ص 10 ، لم 1 ص 28 ). إبراهيم بن إسحاق بن عيسى البغدادي ، كذاب ( ت 78 ).
    إبراهيم بن البراء الأنصاري المتوفى 224 / 5 حفيد أنس بن مالك ، كذاب يحدث عن الثقات بالموضوعات لا يجوز ذكره إلا على سبيل القدح فيه ، قال ابن عدي ، أحاديثه موضوعة ( م 1 ص 12 ، 26 ، ت 87 ).
    10 ـ م إبراهيم بن بكر الشيباني أبو إسحاق الأعور نزيل بغداد ، أحاديثه موضوعة. كان يسرق الحديث. طب 6 ص 46 ، لم 1 ص 40 ].
    إبراهيم بن الحرات السمات معاصر الترمذي ، كذاب ، قال : ربما وضعت أحاديث ( م 1 ص 36 ).
    إبراهيم بن زكريا أبو إسحاق العجلي البصري ، حديثه منكر حدث بالبواطيل ويأتي عن مالك بأحاديث موضوعة ( م 1 ص 16 ).
    إبراهيم بن صرمة الأنصاري ، كذاب خبيث يكذب على الله وعلى رسوله ( طب 6 ص 104 ، م 1 ص 19 ).
    إبراهيم بن عبد الله بن خالد المصيصي ، رجل كذاب يسرق الحديث أحاديثه موضوعة ( م 1 ص 20 ).
    15 ـ إبراهيم بن عبد الله السفرقع المتوفى 361 ، كذاب يضع الحديث ( م 1 ص 21 لم 1 ص 74 ).
الغدير ـ الجزء الخامس ::: فهرس