الغدير ـ الجزء الخامس ::: 281 ـ 290
(281)
إنه استتيب في خلق القرآن فتاب. والساجي ممن كان ينافس أصحاب أبي حنيفة.
    وقال ابن الجارود في كتابه في الضعفاء والمتروكين : النعمان بن ثابت أبو حنيفة جل حديثه وهم قد اختلف في إسلامه.
    وروي عن مالك رحمه الله أنه قال في أبي حنيفة نحو ما ذكر سفيان : إنه شر مولود ولد في الاسلام ، وإنه لو خرج على هذه الأمة بالسيف كان أهون.
    وذكر الساجي قال : نا أبو السائب قال : سمعت وكيع بن الجراح يقول : وجدت أبا حنيفة خالف مائتي حديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
    وذكره الخطيب في تاريخه 13 ص 390.
    وذكر الساجي قال : ني محمد بن روح المدايني قال : ني معلى بن أسد قال : قلت لابن المبارك : كان الناس يقولون إنك تذهب إلى قول أبي حنيفة ؟ قال : ليس كل ما يقول الناس يصيبون فيه ، كنا نأتيه زمانا ونحن لا نعرفه فلما عرفناه تركناه.
    قال : وني محمد بن أبي عبد الرحمن المقري قال : سمعت أبي يقول دعاني أبو حنيفة إلى الارجاء غير مرة فلم أجبه.
    وفي ص 152. قال أبو عمر : سمع الطحاوي أبو جعفر رجلا ينشده :
إن كنت كاذبة بما حدثتني الواثبين على القياس تعديا فعليك إثم أبي حنيفة أو زفر (1) والناكبين عـن الطريقة والأثر
    وقال أبو جعفر : وددت أن لي حسناتهما وأجورهما وعلي إثمهما.
    وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل : أصحاب أبي حنيفة لا ينبغي أن يروى عنهم شئ وسئل عبد الله بن أحمد عن أبي حنيفة يروى عنه ؟ قال : لا (2).
    وعن منصور بن أبي مزاحم قال سمعت مالك بن أنس وذكر أبو حنيفة قال : كاد الدين ومن كاد الدين فليس من إهله ( حل 6 ص 325 ) وذكره الخطيب في تاريخه 13 ص 400.
    وعن الوليد بن مسلم قال قال لي مالك بن أنس : يذكر أبو حنيفة ببلدكم ؟ قلت : نعم. قال : ما ينبغي لبلدكم أن يسكن. حل 6 ص 325.
1 ـ زفر بن الهذيل العنبري ثم التميمي أحد أكابر أصحاب أبي حنيفة وأفقههم وأحسنهم قياسا ولي قضاء البصرة وقد خلف أبا حنيفة في حلقته إذ مات توفي سنة 158.
2 ـ طب 14 ص 259 ، 260.


(282)
    كان ابن أبي ليلي يتمثل بأبيات منها (1) :
إلى شنآن المرجئين ورأيهم وعتـيبة الدباب لا يرضى به عمر بن ذر وابن قيس الماصر وأبي حنيفة شيـخ سوء كافر
    وعن يوسف بن أسباط : رد أبو حنيفة على رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعمائة حديث أو أكثر.
    وعن مالك أنه قال : ما ولد في الاسلام مولود أضر على أهل الاسلام من أبي حنيفة.
    وعنه : كانت فتنة أبي حنيفة أضر على هذه الأمة من فتنة إبليس في الوجهين جميعا : في الارجاء.
    وما وضع من نقض السنن.
    وعن عبد الرحمن بن مهدي : ما أعلم في الاسلام فتنة بعد فتنة الدجال أعظم من رأي أبي حنيفة.
    وعن شريك : لإن يكون في كل حي من الأحياء خمار خير من أن يكون فيه رجل من أصحاب أبي حنيفة.
    وعن الأوزاعي : عمد أبو حنيفة إلى عرى الاسلام فنقضها عروة عروة ، ما ولد مولود في الاسلام أضر على الاسلام منه.
    وعن سفيان الثوري إنه قال : إذ جاءه نعي أبي حنيفة : الحمد لله الذي أراح المسلمين منه ، لقد كان ينقض عرى الاسلام عروة عروة ، ما ولد في الاسلام مولود أشأم على أهل الاسلام منه.
    وعنه وذكر عنده أبو حنيفة : يتعسف الأمور بغير علم ولا سنة.
    وعن عبد الله بن إدريس : أبو حنيفة ضال مضل.
    وعن ابن أبي شيبة ـ وذكر أبا حنيفة ـ : أراه كان يهوديا.
    وعن أحمد بن حنبل إنه قال : كان أبو حنيفة يكذب.
    وقال : أصحاب أبي حنيفة ينبغي أن لا يروى عنهم شئ. طب 7 ص 17.
    وعن أبي حفص عمرو بن علي : أبو حنيفة صاحب الرأي ليس بالحافظ مضطرب الحديث ، واهي الحديث ، وصاحب هوى.
    وترى آخرين افتعلوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم رواية : عالم قريش يملأ طباق الأرض
1 ـ أخذنا ما يأتي من تاريخ الخطيب البغدادي ج 13 ص 380.

(283)
علما (1) وحملوه على محمد بن إدريس إمام الشافعية.
    وزعم المزني أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام فسأله عن الشافعي فقال : من أراد محبتي وسنتي فعليه بمحمد بن إدريس الشافعي المطلبي فإنه مني وأنا منه. طب 2 ص 69.
    م ـ وعن محمد بن نصر الترمذي أنه قال : كتبت الحديث تسعا وعشرين سنة و سمعت مسائل مالك وقوله ، ولم يكن لي حسن رأي في الشافعي ، فبينا أنا قاعد في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة إذ غفوت غفوة فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام فقلت : يا رسول الله أكتب رأي أبي حنيفة ؟ قال : لا. قلت : أكتب رأي مالك ؟ قال : ما وافق حديثي. قلت له : أكتب رأي الشافعي ؟ فطأطأ رأسه شبه الغضبان لقولي وقال : ليس هذا بالرأي هذا رد على من خالف سنتي. فخرجت على أثر هذه الرؤيا إلى مصر فكتبت كتب الشافعي. طب 1 ص 366 ].
    وقال أحمد بن نصر : رأيت النبي في منامي فقلت : يا رسول الله بمن تأمرنا أن نقتدي به من أمتك في عصرنا ، ونركن إلى قوله ، ونعتقد مذهبه ؟! فقال : عليكم بمحمد بن إدريس الشافعي فإنه مني ، وإن الله قد رضي عنه وعن جميع أصحابه ومن يصحبه و يعتقد مذهبه إلى يوم القيامة. قلت له : وبمن ؟! قال : بأحمد بن حنبل فنعم الفقيه الورع الزاهد. كر 2 ص 48.
    وعن أحمد بن الحسن الترمذي قال : كنت في الروضة فأغفيت فإذا النبي صلى الله عليه وسلم قد أقبل فقمت إليه فقلت : يا رسول الله ! قد كثر الاختلاف في الدين فما تقول في رأي أبي حنيفة ؟ ! فقال : اف. ونقض يده ، قلت : فما تقول في رأي مالك ؟ فرفع يده وطأطأ ، وقال : أصاب وأخطأ ، قلت : فما تقول في رأي الشافعي ؟ قال بأبي ابن عمي أحيى سنتي. طب 6 ص 69.
    وعنه قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام فقلت : يا رسول الله ! أما ترى ما في الناس من اختلاف ؟! قال فقال لي : في أي شئ ؟! قلت : أبو حنيفة ومالك والشافعي. فقال : أما أبو حنيفة فما أدري من هو. وأما مالك فقد كتب العلم. وأما الشافعي
1 ـ قال ابن الحوت في أسنى المطالب ص 14 : خبر لم يصح ، فهو ضعيف.

(284)
فمني وإلي. طب 4 ص 231.
    ويأتي حنفي محاج يتقرب إلى إمامه بوضع الحديث على النبي الأعظم من طريق أبي هريرة إنه قال : سيكون في أمتي رجل يقال له : أبو حنيفة هو سراج أمتي. و سيكون في أمتي رجل يقال له : محمد بن إدريس فتنته على أمتي أضر من فتنة إبليس ، وفي لفظ : أضر على أمتي من إبليس (1).
    وكان محمد بن موسى الحنفي القاضي بدمشق المتوفى 506 يقول : لو كان لي أمر لأخذت الجزية من الشافعية. يه 12 ص 175 ، لم 5 ص 402.
    م ـ وكان محب الدين محمد بن محمد الدمراقي الحنفي المتوفى 789 [ ذاك العالم الورع الذي كان يقرأ كل يوم ختمة ] شديد العصبية يقع في الشافعي ويرى ذلك عبادة. هب 6 ص 310 ].
    وتأتي المالكية بالزعمات فتروي ما وضعه بعضهم على رسول الله صلى الله عليه وآله من رواية : يكاد الناس يضربون أكباد الإبل فلا يجدون أعلم من عالم المدينة (2).
    وطبقوها على مالك بن أنس فكأن المدينة لم تكن عاصمة الاسلام ، ولم يكن هناك عالم يقصد قبل مالك وبعده ، وكأن عايلة النبوة التي جعلها النبي صلى الله عليه وآله قرينة القرآن في الاستخلاف وقال : إني مخلف فيكم الثقلين : كتاب الله وعترتي أهل بيتي.
    لم ترث علم النبي الأعظم ، وكأن صادق آل محمد ـ وكلهم صادقون ـ لم يكن هو المنتجع الوحيد في العلم لأئمة الدنيا في ذلك اليوم ، وكأن مالك لم يكن من تلامذته.
    فيأتي الرجل (3) بدعوى الإجماع المجردة من المسلمين على أن مالك هو المراد من ذلك الحديث المزور.
    ذاهلا عن قول محمد بن عبد الرحمن : إن أحمد كان أفضل من مالك بن أنس. طب 2 ص 298.
1 ـ أخرجه الخطيب في تاريخه 5 ص 309 ، وعده من أفحش ما وضعه البورقي محمد بن سعيد الكذاب المتوفى 318 على الثقات. وعده العجلوني في كشف الخفاء 1 ص 33 : من الموضوعات وكذا السيوطي في لي 1 ص 237.
2 ـ عده ابن الحوت في أسنى المطالب ص 14 من الموضوعات. وقال : سمعته من المالكية ولم أره.
3 ـ صاحب الديباج المذهب.


(285)
    م ـ وعن قول أحمد ـ إمام الحنابلة ـ : كان ابن أبي ذئب أفضل من مالك بن أنس طب 2 ص 298 ].
    وعن قول يحيى بن سعيد : إن سفيان فوق مالك من كل شئ ـ في الحديث و الفقه والزهد ـ طب 9 ص 164.
    وعن قول عطية بن أسباط : إن أبا حنيفة أفقه من ملأ الأرض مثل مالك (1) وعن قول الشافعي وابن بكير : إن ليث بن سعيد الفهمي شيخ الديار المصرية أفقه من مالك. صه ص 275. بق 1 ص 208.
    م ـ وعن قول أبي موسى الأنصاري قال : سألت سفيان بن عيينة فحدثنا عن ابن جريج مرفوعا : يوشك أن يضرب الرجل أكباد الإبل في طلب العلم فلا يجد عالما أعلم من عالم المدينة.
    قال أبو موسى : فقلت لسفيان : أكان ابن جريج يقول : نرى أنه مالك بن أنس : فقال : إنما العالم من يخشى الله ، ولا نعلم أحدا كان أخشى لله من العمري ـ يعني عبد الله ابن عبد العزيز العمري ـ ( طب 6 ص 377 ).
    وعن قول يحيى بن صالح : محمد بن الحسن ـ الشيباني ـ أفقه من مالك ( طب 2 ص 175 ).
    وعن قول أحمد بن حنبل : بلغ ابن أبي ذئب : أن مالكا لم يأخذ بحديث البيعين بالخيار قال : يستتاب وإلا ضربت عنقه ، ومالك لم يرد الحديث ولكن تأوله على غير ذلك ، فقال : شامي : من أعلم مالك أو ابن أبي ذئب ؟! فقال : ابن أبي ذئب في هذا أكبر من مالك ، وابن أبي ذئب أصلح في دينه وأورع ورعا وأقوم بالحق من مالك عن السلاطين ( طب 2 ص 302 ) ] وللمالكية حول إمامهم منامات زعموا رؤية رسول الله صلى الله عليه وآله وثناءه على مالك يوجد شطر منها في ( حلية الأولياء ) 6 ص 317 وغيرها.
    وللحنابلة أشواط بعيدة وخطوات واسعة في الدعاية إلى المذهب وإلى إمامهم فقد افتعلوا أطيافا تصم منها المسامع ، ويقصر عن مغزاها كل غلو ، وقد أسلفنا يسيرا منها في هذا الجزء ص 198 ـ 201 ، ومنها ما أخرجه ابن الجوزي في مناقب أحمد ص 455
1 ـ مناقب أبي حنيفة للشيخ علي القاري المطبوع مع الجواهر المضية في طبقات الحنفية ص 461.

(286)
بإسناده عن علي بن عبد العزيز الطلحي قال قال لي الربيع بن سليمان : قال لي الشافعي : يا ربيع : خذ كتابي وامض به وسلمه إلى عبد الله أحمد بن حنبل واتني بالجواب قال الربيع : فدخلت بغداد ومعي الكتاب ولقيت أحمد بن حنبل صلاة الصبح فصليت معه الفجر فلما انفتل من المحراب سلمت الكتاب وقلت له : هذا كتاب أخيك الشافعي من مصر. فقال أحمد : نظرت فيه ؟ قلت : لا وكسر أحمد الخاتم وقرأ الكتاب فتغرغرت عيناه بالدموع فقلت له : أي شئ فيه يا أبا عبد الله ؟! فقال : يذكر إنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم في المنام فقال له : اكتب إلى أبي عبد الله أحمد بن حنبل واقرأ عليه مني السلام وقل : إنك ستمتحن وتدعى إلى خلق القرآن فلا تجبهم يرفع الله لك علما إلى يوم القيامة. قال الربيع فقلت : البشارة. فخلع قميصه الذي يلي جلده فدفعه إلي فأخذته وخرجت إلى مصر وأخذت جواب الكتاب وسلمته إلى الشافعي فقال لي : يا ربيع ! أي شئ الذي دفع إليك ؟! قلت : القميص الذي يلي جلده. فقال لي الشافعي : ليس نفجعك به ولكن بله و ادفع إلينا الماء حتى أشركك فيه (1) ورواه بطريق آخر وفيه : قال الربيع فغسلته فحملت ماءه إليه فتركته في قنينة وكنت أراه في كل يوم يأخذ منه ويمسح على وجهه تبركا بأحمد ابن حنبل. وذكره ابن كثير في تاريخه 10 ص 331 نقلا عن البيهقي.
    وقال الفقيه أحمد بن محمد أبو بكر اليازودي : دخلت العراق فكتبت كتب أهل العراق وكتبت كتب أهل الحجاز فمن كثرة اختلافهما لم أدر بأيهما آخذ ، إلى أن قال : فمن كثرة اختلافهما تركت الجماعة وخرجت فأصابني غم وبت مغموما فلما كان في جوف الليل قمت وتوضأت وصليت ركعتين وقلت : اللهم اهدني إلى ما تحب و ترضى ثم آويت إلى فراشي فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم فيما يرى النائم دخل من باب بني شيبة فأسند ظهره إلى الكعبة ورأيت الشافعي وأحمد بن حنبل على يمين النبي صلى الله عليه وسلم يتبسم إليهما ، ورأيت بشر المريسي على يسار النبي صلى الله عليه وسلم مكلح الوجه فقلت : يا رسول الله ! من كثرة اختلاف هذين الرجلين لم أدر بأيهما آخذ فأومأ إلى الشافعي وأحمد بن حنبل وقال : أولئك الذين آتيناهم الكتاب والحكم والنبوة. ثم أومأ إلى بشر المريسي و قال : فإن يكفر بها هؤلاء فقد وكلنا بها قوما ليسوا بها بكافرين. قال أبو بكر : والله
1 ـ في لفظ ابن كثير : ولكن بله بالماء وأعطنيه حتى أتبرك به.

(287)
لقد رأيت هذه الرؤيا وتصدقت من الغد بألف دينار وعلمت أن الحق مع الشيخين إلخ.
    رواه ابن عساكر في تاريخه 1 ص 454 نقلا عن الحافظين البيهقي والجوزقي.
    وبلغ غلو الحنابلة في إمامهم إلى حد قال المديني : إن الله أعز هذا الدين برجلين ليس لهما ثالث : أبو بكر الصديق يوم الردة ، وأحمد بن حنبل يوم المحنة (1) وقال : ما قام أحد بأمر الاسلام بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قام به أحمد بن حنبل قال : الميموني قلت له : يا أبا الحسن ! ولا أبو بكر الصديق ؟ قال : ولا أبو بكر الصديق إن أبا بكر الصديق كان له أعوان وأصحاب وأحمد بن حنبل لم يكن له أعوان وأصحاب طب 4 ص 418.
    م ـ وهناك مثل أبي علي الحسين بن علي الكرابيسي الشافعي المتوفى 245 / 8 يتحامل على الإمام أحمد ويتكلم فيه ويقول لما سمع قوله في القرآن : أيش نعمل بهذا الصبي ؟ إن قلنا : مخلوق.
    قال : بدعة ، وإن قلنا : غير مخلوق.
    قال : بدعة (2) ومثل مرجان الخادم المتفقه لمذهب الشافعي المتوفى 560 كان يتعصب على الحنابلة ويكرههم حتى أن الحطيم الذي برسم الوزير ابن هبيرة بمكة يصلي فيه ابن الطباخ الحنبلي (3) مضى مرجان وأزاله من غير تقدم بغضا للقوم ، وكان يقول لابن الجوزي الحنبلي : مقصودي قلع مذهبكم وقطع ذكركم.
    ولما توفي مرجان فرح ابن الجوزي فرحا شديدا ( ظم 10 ص 213 ، يه 12 ص 250 ).
    وقال ابن الجوزي في ( المنتظم ) 10 ص 224 : كان أبو سعد السمعاني المتوفى 563 يتعصب على مذهب أحمد ويبالغ فذكر من أصحابنا جماعة وطعن فيهم بما لا يوجب الطعن.
    ولابن الجوزي في ( المنتظم ) ج 8 ص 267 كلمة ضافية حول تعصب أبي بكر الخطيب البغدادي صاحب التاريخ على مذهب أحمد وأصحابه إلى أن قذفه بعدم الحياء وقلة الدين.
1 ـ هل خفى على ابن المديني ما أخرجه الحفاظ من الصحيح المكذوب على رسول الله : أنه صلى الله عليه وآله قال : اللهم أعز الاسلام بعمر بن الخطاب خاصة. والصحيح المختلق عليه صلى الله عليه وآله : اللهم أيد الدين بعمر. فجعل الله دعوة رسول الله صلى الله عليه وآله لعمر فبنى عليه ملك الاسلام وهدم به الأوثان ( مستدرك الحاكم 3 ص 83 ).
2 ـ طب 8 ص 64.
3 ـ أبو محمد المبارك بن علي بن الحسين البغدادي نزيل مكة ومجاورها المتوفى 575.


(288)
    وكان محمد بن محمد أبو المظفر الدوي المتوفى 567 يتكلم في الحنابلة وتعصب عليهم وبالغ في ذمهم وقال : لو كان لي أمر لوضعت عليهم الجزية.
    فدسوا الحنابلة عليه سما فمات منه هو وزوجته وولد له صغير ( ظم 10 ص 239 ) ].
    نعم : هناك من لم تزحزحه النزعات والأهواء عن الهتاف بالصدق نظراء الفيروز آبادي صاحب ( القاموس ) والعجلوني ، فقال الأول في خاتمة كتابه ( سفر السعادة ) والثاني في ( كشف الخفاء ) 2 ص 420 : باب فضائل أبي حنيفة والشافعي وذمهم ليس فيه شئ صحيح ، وكل ما ذكر من ذلك فهو موضوع ومفترى.
    وقال ابن درويش الحوت في ( أسنى المطالب ) ص 14 : لم يرد في أحد من الأئمة بعينه نص لا صحيح ولا ضعيف.

قائمة الموضوعات والمقلوبات
    في وسع الباحث أن يتخذ مما ذكر في سلسلة الكذابين من عد ما وضعوه أو قلبوه قائمة تقرب له الوقوف على حساب الموضوعات والمقلوبات من الأحاديث المبثوثة في طيات كتب القوم ومسانيدهم ، وإن لم يمكنه عرفان جلها فضلا عن كلها إذ لم يكن هناك ديوان لتسجيل الوضاعين ، وضبط ما افتعلوه ، وحصر ما لفقوه من موضوع أو مقلوب والذي يوجد في ترجمة شرذمة قليلة من أولئك الجم الغفير إنما هو من لقطات التاريخ حفظته يد الصدفة لا عن قصد وإليك جملة من تلك الثويلة :
الأعلام عدد الأحاديث
أبو سعيد أبان بن جعفر وضع أكثر من 300
أبو علي أحمد الجويباري وضع هو وابنا عكاشة وتميم أكثر من 10000
أحمد بن محمد القيسي لعله وضع على الأئمة أكثر من 3000
أحمد بن محمد الباهلي أحاديثه الموضوعة 400
أحمد بن محمد المروزي قلب على الثقات أكثر من 10000
أحمد أبو سهل الحنفي أحاديثه المكذوبة 500
بشر بن الحسين الاصبهاني له نسخة موضوعة فيها 150


(289)
بشر بن عون له نسخة موضوعة نحو 100
جعفر بن الزبير وضع على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم 400
الحارث بن أسامة أخرج أحاديث موضوعة تعد 30
الحسن العدوي حدث بموضوعات تربو على 1000
الحكم بن عبد الله أبو سلمة وضع نحو 50
دينار الحبشي روى عن أنس من الموضوعات قريبا من 100 (1)
زيد بن الحسن وضع 40
زيد بن رفاعة أبو الخير له من الموضوعات 40
سليمان بن عيسى وضع بضعا و 20
شيخ بن أبي خالد البصري وضع 400
صالح بن أحمد القيراطي لعله قلب أكثر من 10000
عبد الرحمن بن داود له من الموضوعات 40
عبد الرحيم بن الفريابي وضع أكثر من 500
عبد العزيز موضوعاته ومقلوباته 100
عبد الكريم بن أبي العوجاء وضع 4000
عبد الله القزويني وضع على الشافعي نحو 200
عبد الله القدامي قلب على مالك أكثر من 150 (2)
عبد الله الروحي روى من الموضوعات أكثر من 100
عبد المنعم أخرج من الحديث الكذب نحوا من 200
عثمان بن مقسم له عند شيبان مما لا يسمع 25000
عمر بن شاكر له نسخة غير محفوظة نحو 20
محمد بن عبد الرحمن البيلماني حدث كذبا 200
محمد بن يونس الكديمي وضع أكثر من 1000

1 ـ مر صفحة 230 قول ابن عدي فيه : يقدر أن يروى عنه عشرون ألف كلها كذب (2) لم ج 3 : 336.

(290)
محمد بن عمر الواقدي روى مما لا أصل له 30000
معلى (1) بن عبد الرحمن الواسطي وضع 90
ميسرة بن عبد ربه البصري وضع 40
نوح بن أبي مريم وضع في فضل السور 114
هشام بن عمار حدث كذبا 400
فمجموع موضوعات هؤلاء المذكورين ومقلوباتهم : 98684
أضف إليها ما تركوا من حديث عباد البصري من 60000
وما رمي من حديث عمر بن هارون من 70000
وما رمي من حديث عبد الله الرازي من 10000
وما ترك من حديث ابن زبالة من 100000
وما رمي من أحاديث محمد بن حميد من 50000
وما أسقطوه مما كتبوه من حديث نصر من 20000 (2)
( 408684 )
    فمجموع ما لا يصح من أحاديث هذا الجمع القليل فحسب يقدر بأربعمائة وثمانية آلاف وستمائة وأربعة وثمانين حديثا.
    م ـ ولا يعزب عن الباحث أن هذا العدد إنما هو نزر يسير نظرا إلى ما اختلقته أيدي الافتعال الأثيمة المتكثرة ، وكان لجل الكذابين الوضاعين لولا كلهم تآليف تحوي شتات ما لفقوه مما لا يحد ولا يقدر ، والتاريخ لم يحفظ لنا شيئا منها غير الايعاز إليها في تراجم جمع من مؤلفيها كما مر من أقوالهم : أحمد بن إبراهيم المزني ، له نسخة موضوعة.
    أحمد بن محمد الحماني ، صنف في مناقب أبي حنيفة كلها موضوعة.
    إسحاق بن محمشاذ ، له مصنف في فضائل ابن كرام كلها موضوعة.
    أيوب بن مدرك الحنفي ، له نسخة موضوعة.
1 ـ في بعض المصادر : يعلى.
2 ـ مر تفصيل ما في هذه القائمة في ترجمة رجالها في سلسلة الكذابين.
الغدير ـ الجزء الخامس ::: فهرس