الغدير ـ الجزء الخامس ::: 441 ـ 450
(441)
وحـمل ما أطيق به نهوضا فقد صيرتـني لعلاك رقا فإن الرفق أنسب بالصديق ببرك بل أرق من الرقيق
    وكتب بعدها نثرا توجد جملة منه في الإجازات.
    لم نقف على تاريخي ولادة شيخنا شمس الدين ووفاته غير أنا نقطع بحياته إلى سنة 680 ، وقد قرب العلامة السماوي وفاته سنة تسعين بعد الستمائة ، وللباحث أن يقف على مواقفه العظيمة في الفضايل بالقصائد التي رثاه بها أعلام عصره منها رثاء العلامة الحجة الفقيه الصالح صفي الدين محمد بن الحسن أبي الرضا العلوي البغدادي يقول في قصيدته :
مصاب أصاب القلب منه وجيب يعز علينا فقد مولى لفقده وطاب له في الناس ذكر ومحتد ألا ليـت شمس الدين بالشمس يقتدي فمن ذا يحل المشكلات ومن إذا ومن يكشف الغماء عنا ومن له فلا قام جنح الليل بعدك خاشع ولو سال فوق الطرس من كف كاتب وبعدك لا سح الغمام ولا شدا وصابت لجفن العين فيه غروب غدت زهرة الأيام وهي شحوب كما طاب منه مشهد ومغيب فيصبح فينا طالعا ويغـيب رمى غرض المعنى الدقيق تصيب ؟ نوال إذا ضن الغمام يصوب ؟ ولا صام في حر الهجير منيب يراع عن السمر الطوال ينوب الحمام ولا هبت صبا وجنوب
    ومنها قصيدة الفقيه الحجة الشيخ مهذب الدين محمود بن يحيى بن محمد الشيباني الحلي :
عز العزاء ولات حين عزاء العالم الحبر الإمام المرتضى أكذا المنون تهد أطواد الحجا ما للفتاوى لا يرد جوابها ؟ ما ذاك إلا حين مات فقيهـنا ذهب الذي كنا نصول بعزه من بعد فرقة سيد الشعراء علم الشريعـة قدوة العلماء ويفيض منها بحر كل عطاء ؟ ما للدعاوي غطيت بغطاء ؟ شمس المعالي أوحد الفضلاء ولسانه الماضي على الأعداء


(442)
من للفتاوى المشكلات يحلها من للكلام يبين من أسراره من ذا لعلم النحـو واللغة التي ما خلت قبل يحط في قلب الثرى أيموت محفوظ وأبقى بعده ؟ مولاي شمس الدين يا فخر العلا ! ويـبينها بالكشف والامضاء ؟ معنى جلالة خالق الأشياء ؟ جاءت غرائبها عن الفصحاء ؟ إن البدور تغيب في الغبراء غدر لعمرك موته وبقائي مالي أنادي لا تجيب ندائي ؟
    ومنها : قصيدة العلامة المحقق الشيخ تقي الدين ابن داود الحلي أحد شعراء الغدير الآتي ذكره في القرن الثامن :
لك الله أي بناء تداعى وأي عـلاء دعاه الخطوب وأي ضياء ثوى في الثرى لقد كان شمس الدين كاسمه فواأسفا أين ذاك اللسان وتلك البحوث التي ما تمل فمن ذا يجيب سؤال الوفود ومن لليتامى ولابن السبيل ومن للـوفاء وحفظ الاخاء سقى الله مضجعه رحـمة وقد كان فوق النجوم ارتفاعا ؟ فلبى ولولا الردى ما أطاعا ؟ وقد كـان يخفي النجوم التماعا ؟ فأرخى الكسوف عليه قناعا ؟ إذا رام معنا أجاب اتباعا ؟ إذا مـل صاحب بحث سماعا ؟ إذا عرضوا أو تعاطوا نزاعا ؟ إذا قصدوه عراة جياعا ؟ وراعي العهود إذا الغدر شاعا ؟ تروي ثراه وتأبى انقطاعا؟ (1)
    وولد المترجم أبو علي محمد الشهير بتاج الدين بن وشاح كان قاضي الحلة ، ولصفي الدين الحلي الآتي ذكره في الجزء السادس قصيدة يرثيه بها توجد في ديوانه 256 مطلعها :
لو أفادتنا العزائم حالا لم نجد حسن العزاء محالا
    ويقول فيها :
أسد خلف شبلي عرين شيدا مجدا له لن ينالا

1 ـ راجع أمل الآمل ، بحار الأنوار ج 25 ، مستدرك الوسائل ، تتميم الأمل لابن أبي شبانة ، روضات الجنات.

(443)
ظل زين الدين للدهر زينا فأرانا الله أقصى الأمانـي وجمال الدين فيها جمالا فيهما إن جار دهر ومالا 49 بيتاً
    ولصفي الدين قصيدة أخرى ذات 53 بيتا توجد في ديوانه ص 410 يعتذر بها إلى القاضي تاج الدين بن وشاح عن قيل فيه وعزوه إليه أولها :
حذرا عليك من الفعال الجافي أدنيك مجتهدا إلى الانصاف
    ويقول في آخرها :
شكرا لواش أوجـبت أقواله بعد جنيت القرب من أغـصانه ولربما عوت الكلاب فأرشدت دع عنك ما اختلف الورى في نقله مدحا أتاك ولا يروم إجازة حجي لكعبة ربعكم وطوافي وسكينة حصلت من الإرجاف نحو الكرام شوارد الأضياف عني وخذ مدحا بغير خلاف إلا المودة والضمير الصافي
    ولآل محفوظ بقية صالحة في سوريا والعراق ، وللأستاذ الحسين بن الشيخ علي ابن الشيخ محمد الجواد بن الشيخ موسى آل محفوظ الكاظمي رسالة في تراجم أعلام أسرته الكريمة ، وتوجد ذكرى عمد هذا البيت الرفيع في تكملة أمل الآمل لسيدنا الصدر الكاظمي ، وفي وفيات الأعلام لشيخنا الرازي صاحب ( الذريعة ).
    توجد في أمل الآمل وغيره ترجمة باسم سديد الدين سالم بن محفوظ بن عزيزة بن وشاح السوراني ، قرأ عليه المحقق الحلي المتوفى 667 ، ويروي عنه السيد بن طاوس المتوفى 664 ، ووالد العلامة الحلي وقد ولد العلامة 648 ، واستظهر صاحب ( روضات الجنات ) في ص 301 إنه ولد شاعرنا شمس الدين محفوظ وهذا الاستظهار ليس في محله لأن المترجم نفسه أحد الرواة عن المحقق الحلي فكيف يكون سالم الذي قرأ عليه المحقق الحلي ابنه ؟ ثم طبقة الرواة عن سالم هي طبقة مشايخ شمس الدين المترجم فيستدعي ذلك أن يكون متقدما على والده بطبقة غير طبقة والده.
    ويؤيد ما ذكرناه أن ولد المترجم أبا علي محمدا تاج الدين بن محفوظ المترجم في أمل الآمل يروي عنه السيد تاج الدين ابن معية المتوفى 776 ، ورثاه صفي الدين المتوفى 752 ، فلو كان سالم أخاه لوجب أن يكون الرواة عنه من أهل هذه الطبقة لا قبلها بقرن.


(444)
القرن السابع
64
بهاء الدين الأربلي
المتوفى : 692 / 3
وإلى أمير المؤمنين بعثتها تحكي السهام إذا قطعن مفازة حمال أثقال ومسعف طالب شرف أقر به الحسود وسودد وسماحة كالماء طاب لوارد ومآثر شهد العدو بفضلها سل عنه بدرا إذ جلا هبواتها حيث الأسنة كالنجوم منيرة واسأل بخيبر إن عرتك جهالة واسأل جموع هوازن عن حيدر واسأل بخم عن علاه فإنها بولائه يرجو النجاة مقصر مثل السفاين غـمن في تيار (1) وكأنها فـي دقة الأوتار وملاذ ملهوف وموئل جار شاد العلاء ليعرب ونزار ظام إليه وسطوة كالنار والحق أبلج والسيوف عواري بشباة خطي وحد غرار (2) تـخفى وتبدو في سماء غبار بصحايح الأخبار والآثار وحذار من أسد العرين حذار تقضي بمجد واعتلاء منار وتحط عنه عظايم الأوزار
    ويقول فيها :
عرج على أرض الغري وقف به واخلع بمشهده الشريف معظما وقل : السلام عليك يا خير الورى يا آل طاها الأكرمين ألية والثم ثراه وزره خير مزار تعظيم بيت الله ذي الأستار وأبا الهداة السادة الأبرار بكم وما دهري يمين فجار

1 ـ غم الشئ : غطاه. التيار : موج البحر الهائج.
2 ـ الهبوة : الغبرة ج : الهبوات. الشبات : من السيف قدر ما يقطع به ، وحد كل شئ الغرار : حد السيف.


(445)
إني منحتكم المودة راجيا فعليكم مني السلام فأنتم نيل المنى في الخمسة الأشبار أقصى رجاي ومنتهى إيثاري (1)
    وله من قصيدة في كتابه ( كشف الغمة ) ص 197 قوله :
وتعرض إلى ولاء أناس خيرة الله في الأنام ومن أمناء الله الكرام وأرباب المفيدون حين يخفق سـعي كرموا مولدا وطابوا أصولا عترة المصطـفى وحسبك فخرا بعلى شيدت معالم دين الله وبه أيد الآله رسول الله وبأولاده الهداة إلى الحق سل حنينا عنه وبدرا فما إذ جلا هبـوة الخطوب وللحرب حسدوه على مآثر شتى أسد ماله إذا استفحل الياس ثابت الجـأش لا يروعه الخطب أعرب السيف منه إذ أعجم الرمح عزمات أمضى من القدر المحتوم ومزايا مفاخر عـطر الأفق حبل معروفهم قوي مرير (2) وجه مواليهم بهي منير المعالي فضلهم مشهور والمجيرون حين عـز المجير فبطون زكية وظهور أيها السائلي البشير النذير والأرض بالعناد تمور إذ ليس في الأنام نصير أضاء المستبهم الديجور يخبر عما سألت إلا الخبير زناد يشب منها سعير وكفاهم حقدا عليه الغدير سوى رنة السلام زئير ولا يعتريه فيه فتور لأن العدى لديه سطور يجري بحكمـه المقدور شذاها يخال فيها عـبير
( الشاعر )
    بهاء الدين أبو الحسن علي بن فخر الدين عيسى بن أبي الفتح الأربلي نزيل
1 ـ كشف الغمة ص 78 وقال : قصيدة طويلة أنشدتها بحضرته في مشهده المقدس صلوات الله عليه.'
2 ـ المرير من الحبال : ما اشتد فتله. ويقال ، أمر مرير : أي محكم. ورجل مرير قوي ذو عزم.


(446)
بغداد ودفينها. فذ من أفذاذ الأمة ، وأوحدي من نياقد علمائها ، بعلمه الناجع وأدبه الناصع يتبلج القرن السابع ، وهو في أعاظم العلماء قبله في أئمة الأدب ، وإن كان به ينضد جمان الكتابة ، وتنظم عقود القريض ، وبعد ذلك كله هو أحد ساسة عصره الزاهي ، ترنحت به أعطاف الوزارة وأضاء دستها ، كما ابتسم به ثغر الفقه والحديث ، وحميت به ثغور المذهب ، وسفره القيم ـ كشف الغمة ـ خير كتاب أخرج للناس في تاريخ أئمة الدين ، وسرد فضايلهم ، والدفاع عنهم ، والدعوة إليهم.
    وهو حجة قاطعة على علمه الغزير ، وتضلعه في الحديث ، وثباته في المذهب ، ونبوغه في الأدب ، وتبريزه في الشعر ، حشره الله مع العترة الطاهرة صلوات الله عليهم ، قال الشيخ جمال الدين أحمد بن منبع الحلي مقرظا الكتاب :
ألا قل لجامع هذا الكتاب وأظهرت من فضل آل الرسول يمينا لقد نلت أقصى المراد بتأليفه ما يسوء الأعادي
    مشايخ روايته والرواة عنه :
    يروي بهاء الدين المترجم عن جمع من أعلام الفريقين منهم :
    1 ـ سيدنا رضي الدين جمال الملة السيد علي بن طاوس المتوفى 664.
    2 ـ سيدنا جلال الدين علي بن عبد الحميد بن فخار الموسوي أجاز له سنة 676.
    3 ـ الشيخ تاج الدين أبو طالب علي بن أنجب بن عثمان الشهير بابن الساعي البغدادي السلامي المتوفى 674.
    يروي عنه كتاب ـ معالم العترة النبوية العلية ـ تأليف الحافظ أبي محمد عبد العزيز بن الأخضر الجنابذي المتوفى 611 كما في كشف الغمة ص 135.
    4 ـ الحافظ أبو عبد الله محمد بن يوسف بن محمد الكنجي الشافعي المتوفى سنة 658 ، قرأ عليه كتابيه : كفاية الطالب في مناقب علي بن أبي طالب.
    والبيان في أخبار صاحب الزمان.
    وذلك باربل سنة 648 ، وله منه إجازة بخطه (1) وينقل عن كتابه ( الكفاية ) كثيرا في كشف الغمة.
    5 ـ كمال الدين أبو الحسن علي بن محمد بن محمد بن وضاح نزيل بغداد الفقيه
1 ـ كشف الغمة ص 31 ، 324.

(447)
الحنبلي المتوفى 672 ، يروي عنه بالاجازة ومما يروي عنه كتاب ـ الذرية الطاهرة ـ تأليف أبي بشر محمد بن أحمد الأنصاري الدولابي المتوفى سنة 320 ، وكان مخطوطا بخط شيخه ابن وضاح المذكور ، كشف الغمة 109.
    6 ـ الشيخ رشيد الدين أبو عبد الله محمد بن أبي القاسم بن عمر بن أبي القاسم قرأ كتاب ـ المستغيثين ـ (1) ( في كشف الظنون المستعين بالله ) تأليف أبي القاسم خلف بن عبد الملك بن مسعود بن بشكوال الأنصاري القرطبي المتوفى 578 ، والشيخ رشيد الدين قرأ ـ المستغيثين ـ على محيي الدين أبي محمد يوسف بن الشيخ أبي الفرج ابن الجوزي وهو يرويه عن مؤلفه إجازة.
    قال المترجم في ( كشف الغمة ) ص 224 : كانت قراءتي عليه في شعبان من سنة ست وثمانين وستمائة بداري المطلة على دجلة ببغداد.
    وينقل كثيرا عن عدة من تآليف معاصره منها : تفسير الحافظ أبي محمد عبد الرزاق عز الدين الرسعني الحنبلي المتوفى 661 ، كانت بينه وبين المترجم صداقة وصلة ، راجع الجزء الأول من كتابنا هذا ص 220.
    ومنها : مطالب السؤول تأليف أبي سالم كمال الدين محمد بن طلحة الشافعي كما أسلفناه في ترجمته ص 415 من هذا الجزء.
    ومنها : تآليف شيخنا الأوحد قطب الدين الراوندي المترجم فيما مر ص 380 ، ويروي عنه جمع من أعلام الفريقين منهم :
    1 ـ جمال الدين العلامة الحلي الحسن بن يوسف بن المطهر كما في إجازة شيخنا الحر العاملي صاحب ( الوسائل ).
    2 ـ الشيخ رضي الدين علي بن المطهر كما في إجازة السيد محمد بن القاسم بن معية الحسيني للسيد شمس الدين.
    3 ـ السيد شمس الدين محمد بن فضل العلوي الحسني.
    4 ـ ولده الشيخ تاج الدين محمد بن علي.
    5 ـ الشيخ تقي الدين بن إبراهيم بن محمد بن سالم.
1 ـ قال ابن خلكان في تاريخه 1 ص 190 : كتاب المستغيثين بالله تعالى عند المهمات والحاجات مجلد لطيف. فما ذكرناه في المتن عن كشف الظنون تصحيف.

(448)
    6 ـ الشيخ محمود بن علي بن أبي القاسم.
    7 ـ حفيده الشيخ شرف الدين أحمد بن الصدر تاج الدين محمد بن علي.
    8 ـ حفيده الآخر الشيخ عيسى بن محمد بن علي أخو الشرف المذكور.
    9 ـ الشيخ شرف الدين أحمد بن عثمان النصيبي الفقيه المدرس المالكي.
    10 ـ مجد الدين أبو الفضل يحيى بن علي بن المظفر الطيبي الكاتب بواسط العراق قرأ على المترجم شطرا من كتابه ( كشف الغمة ) وأجاز له ولجمع من الأعلام المذكورين سنة 691.
    وممن قرأ عليه : 11 ـ عماد الدين عبد الله بن محمد بن مكي.
    12 ـ الصدر الكبير عز الدين أبو علي الحسن بن أبي الهيجا الأربلي.
    13 ـ تاج الدين أبو الفتح بن الحسين بن أبي بكر الأربلي.
    14 ـ المولى أمين الدين عبد الرحمن بن علي بن أبي الحسن الجزري الموصلي 15 ـ الشيخ حسن بن إسحاق بن إبراهيم بن عباس الموصلي. له ذكره الجميل في أمل الآمل. ورياض العلماء. ورياض الجنة في الروضة الرابعة. وروضات الجنات. والأعلام للزركلي. وتتميم الأمل لابن أبي شبانة. والكنى والألقاب. والطليعة في شعراء الشيعة.
    قال ابن الفوطي في ( الحوادث الجامعة ) ص 341 : وفي سنة 657 وصل بهاء الدين علي بن الفخر عيسى الأربلي إلى بغداد ، ورتب كاتب الانشاء بالديوان وأقام بها إلى أن مات وقال في ص 480 : إنه توفي ببغداد سنة 693.
    وقال في ص 278 : إنه تولى تعمير مسجد معروف سنة 678.
    وذكر له ص 38 من قصيدته التي يرثي بها معلم الأمة شيخنا خواجه نصير الدين الطوسي والملك عز الدين عبد العزيز :
ولما قـضى عبد العزيز بن جعفر جزعت لفقدان الأخلاء وانبرت وجاشت إلي النفس حزنا ولوعة وأردفه رزء النصير محـمد شؤوني كمرفض الجمان المبدد فقلت : تعزي واصبري فكأن قدِ
    وقال في صحيفة 366 : وفي خامس عشرين جمادى الآخرة ركب علاء الدين صاحب


(449)
الديوان لصلاة الجمعة فلما وصل المسجد الذي عند عقد مشرعة الابريين ، نهض عليه رجل وضربه بسكين عدة ضربات ، فانهزم كل من كان بين يديه من السرهنكية وهرب الرجل أيضا فعرض له رجل حمال كان قاعدا بباب غلة ابن تومه وألقى عليه كساؤه ولحقه السرهنكية فضربوه بالدبابيس وقبضوه ، وأما الصاحب فانه أدخل دار بهاء الدين ـ المترجم ـ ابن الفخر عيسى وكان يومئذ يسكن في الدار المعروفة بديوان الشرابي لما عرف بذلك خرج حافيا وتلقاه ودخل بين يديه وأحضر الطبيب فسبر الجرح ومصه فوجده سليما من السم.
    وذكر في ص 369 من إنشاءه كتاب صداق كتبه في تزويج الخواجة شرف الدين هارون بن شمس الدين الجويني بابنة أبي العباس أحمد بن الخليفة المستعصم في جمادى الآخرة سنة 670.
    وترجمه الكتبي في ـ فوات الوفيات ـ 2 ص 83 وقال : له شعر وترسل وكان رئيسا كتب لمتولي أربل من صلايا ، ثم خدم ببغداد في ديوان الانشاء أيام علاء الدين صاحب الديوان ، ثم إنه فتر سوقه في دولة اليهود ، ثم تراجع بعدهم وسلم ولم ينكب إلى أن مات سنة 692 ، وكان صاحب تجمل وحشمة ومكارم أخلاق وفيه تشيع ، وكان أبوه واليا باربل ، ولبهاء الدين مصنفات أدبية مثل : المقالات الأربع.
    ورسالة الطيف : المشهورة وغير ذلك ، وخلف لما مات تركة عظيمة ألفي ألف درهم تسلمها ابنه أبو الفتح ومحقها ومات صعلوكا ومن شعر بهاء الدين رحمه الله :
أيا حاجري من غير جرم جنيته أجرني رعاك الله من نار جفوة وكن مسعفي فيما ألاقي من الأسى أأظمأ غراما في هواك ولوعة وحقك لا أنسى العهود التي مضت ومن دأبه ظـلمي وهجري فديته وحر غرام في العباد اصطليته فهجرك يأكل المنايا نـويته ولي دمع عين كالسحاب بكيـته ؟ قديما ولا أسلو زمانا قضيـته
    ومن شعره أيضا :
كيف خلاصي من هوى شادن بعاده ناري التي تتقى حكمه الحسن على مهجتي ؟ وقربه لو زارني جنتي


(450)
ما اتسعت طرف الهوى فيه لي ليت ليالي وصله عدن لي إلا وضاقت في الجفا حيلتي يا حسرتا أين الليالي التي ؟
    وقال أيضا رحمه الله تعالى :
وجهه والقوام والشعـر الأس بدر تم على قضيب عليه ود في بهجـة الجبين النضير ليل دجن من فوق صبح منير
    وقال أيضا :
جنه سابق الغرام فجنـا ودعاه الهوى فلبـى سريعا رام صبرا فلم يطعه غرام وجفا لذة الكرى في رضا الحب أسهرت مقلتاه في طاعة الو كل ظامي الوشاح ريان من ما ما على الدهر لو أعاد زمانا وعلى من أحب لو شفع الحسن وبروحي أفدي رشيق قوام يتجنى ظلما فيحدث لي وجد ما ثنانا عنه العذول وهل كيف أسلو بدرا يشابهه البدر لي معنى فيه وفي صاحب الديوا وجفا منزلا وخلف مغنى وكذا شيمة المحـب المعنى غادر القلب بالصبابة رهنا فأرضي قلبا وأسخط جفنا جد عيونا عـلى المخضب وسنا ء التصابي أضنى المحب وعنى سلبته أيدي الحوادث منـّـا الذي قيد العيون بحسنى لاح بدرا وماس إذ ماس غصنا اً إذا صد عاتبا أو تجنى ينسى غرامي وقده يتثنى ؟ سنا يسبي الحليم وأسنى ؟ ن إذ رمت مدحه ألف معنى
    وقال أيضا رحمه الله تعالى :
طاف بها والليل وحف الجناح (1) وفاز بالراحة عشاقه ظبي من الترك له قامة عارضه آس وفي خده بدر الدجى يحمل شمس الصباح لما بدا في كفه كاس راح يزري تثنيها بسمر الرماح ورد نضير والثنايا إقاح

1 ـ الوحف : الشعر الكثير الأسود الحسن. والواحف من الأجنحة : الكثير الريش.
الغدير ـ الجزء الخامس ::: فهرس