بحوث في الملل والنحل ـ جلد الأوّل ::: 131 ـ 140
(131)
« النقض » ، يقول فيه : « اتّفق المسلمون على أنّ اللّه تعالى فوق عرشه و سماواته ».
    و لمّا كان الذهبي ، شديد الميل إلى الحنابلة ، كثير الازدراء بأهل التنزيه ، أخذته العصبية فحاول إصلاح عبارته ، فقال : أوضح شيء في هذا الباب قول اللّه عزّ وجلّ : ( الرَّحمن عَلى العَرْش اسْتَوى ) (1) فليُمَرْ كما جاء ، كما هو معلوم من مذهب السلف ، وينهى الشخص عن المراقبة والجدال وتأويلات المعتزلة. (2)
    يلاحظ عليه : أنّ كتاب اللّه ليس كتاب لغز ، بل هو كتاب هداية ، فما معنى إثبات شيء للّه تعالى وإمراره عليه ، من دون التعرف على مفهومه ومعناه ، وما أحسن قول تلميذه تاج الدين عبد الوهاب السبكي ( 728 ـ 778 هـ ) في طبقات الشافعية الكبرى في حقّه : « إنّ الذهبي غلب عليه مذهب الإثبات ومنافرة التأويل والغفلة عن التنزيه ، حتى أثر ذلك في طبعه انحرافاً شديداً عن أهل التنزيه ، وميلاً قوياً إلى أهل الإثبات ، فإذا ترجم لواحد من أهل الإثبات ، يطنب في وصفه بجميع ما قيل فيه من المحاسن ويبالغ في حقّه ، ويتغافل عن غلطاته ، ويتأوّل له ما أمكن; وأمّا إذا ترجم أحداً من الطرف الآخر ، كإمام الحرمين ، والغزالي ونحوهما ، لا يبالغ في وصفه ، ويكثر في قول من طعن فيه ، ويعيد ذلك ، ويبديه ، ويعتقده ديناً ، وهو لا يشعر ، ويعرض عن محاسنهم الطافحة ، فلا يستوعبها ، فإذا ظفر لأحد منهم بغلطة ذكرها ، وكذلك فعله في أهل عصرنا ، إذا لم يقدر على أحد منهم بتصريح يقول في ترجمته : « واللّه يصلحه » ، وسببه المخالفة في العقائد. (3)
    2 ـ خشيش بن أصرم ، مصنف كتاب « الاستقامة » يعرّفه الذهبي بأنّه يرد فيه على أهل البدع (4) ، ويريد منه أهل التنزيه الذين لا يثبتون للّه سبحانه
1 ـ طه : 5.
2 ـ سير أعلام النبلاء : 13/325.
3 ـ طبقات الشافعية الكبرى : 2/13.
4 ـ تذكرة الحفاظ : 2/551.


(132)
خصائص الموجود الإمكاني ، وينزّهونه عن الجسم والجسمانيات. توفّي في شهر رمضان سنة 253 هـ. (1)
    3 ـ أحمد بن محمد بن الأزهر بن حريث السجستاني السجزي. نقل الذهبي في « ميزان الاعتدال » عن السلمي قال : سألت الدارقطني عن الأزهري ، فقال هو أحمد بن محمد بن الأزهر بن حريث ، سجستاني ، منكر الحديث ، لكن بلغني أنّ ابن خزيمة حسن الرأي فيه وكفى بهذا فخراً. (2) توفّي سنة 312 هـ. (3)
    يلاحظ عليه : أنّه كفى بهذا ضعفاً ، لأنّ ابن خزيمة هذا رئيس المجسمة والمشبهة ، ومنه يعلم حال السجستاني ، والجنس إلى الجنس يميل
    4 ـ محمد بن إسحاق بن خزيمة. ولد عام 311 هـ. وقد ألّف « التوحيد وإثبات صفات الرب » ، وكتابه هذا مصدر المشبّهة والمجسّمة في العصور الأخيرة. وقد اهتمت به الحنابلة ، وخصوصاً الوهابية ، فقاموا بنشره على نطاق وسيع. وسيوافيك بعض أحاديثه.
    5 ـ عبد اللّه بن أحمد بن حنبل ، ( ولد عام 213 ، وتوفّي عام 290 ، يروي أحاديث أبيه ( الإمام أحمد بن حنبل ). وكتابه « السنّة » المطبوع لأوّل مرة بالمطبعة السلفية ومكتبتهاعام 1349 هـ ، مشحون بروايات التجسيم والتشبيه ، يروي فيه ضحك الرب ، وتكلّمه ، وأصبعه ، ويده ، ورجله ، وذراعيه ، وصدره ، وغير ذلك ممّا سيمر عليك بعضه.
    وهذه الكتب الحديثية الطافحة بالإسرائيليات والمسيحيات جرّت الويل على الأُمّة وخدع بها المغفلون من الحنابلة والحشوية وهم يظنون أنّهم يحسنون صنعاً.
1 ـ سير أعلام النبلاء : 2/250 ـ 251.
2 ـ ميزان الاعتدال : 1/132.
3 ـ سير أعلام النبلاء : 14/396.


(133)
    ولأجل أن يقف القارئ على بعض ما في هذه الكتب من الأحاديث المزورة التي تخالف الذكر الحكيم وتناقض العقل والفطرة ، نأتي بنماذج مما ورد في الكتابين التاليين :
    1 ـ « السنّة » لأحمد بن حنبل الذي رواه عنه ابنه عبداللّه.
    2 ـ التوحيد لابن خزيمة.
    وهؤلاء وإن كانوا يتلون قوله سبحانه : ( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيء ) ولكنّهم يروون أحاديث تثبت للربّ سبحانه آلاف الأمثال و الأشباه.
    نعم ، يقول ابن خزيمة : إنّا نثبت للّه ما أثبته اللّه لنفسه ونقر بذلك بألسنتنا ونصدق بذلك بقلوبنا من غير أن نشبه وجه خالقنا بوجه أحد المخلوقين ، وعز ربّنا عن أن نشبهه بالمخلوقين. (1)
    لكن هذه ا لعبارة اتخذها واجهة لتبرير نقل الروايات الصريحة في التجسيم والجهة ، ولا تتحمل تلك الروايات هذا التأويل الذي لهج به ابن خزيمة وأبناء جلدته.
    و هذا كتاب السنة لإمام الحنابلة وقد رواه عنه ابنه تجد فيه أحاديث تعرب عن أنّ للّه سبحانه ضحكاً وأصبعاً ويداً وذراعين ووجهاً ، التي يتبادر منها البدع اليهودية والمسيحية.
    و ما نذكره هنا إنّما هو نماذج ممّا ورد في الكتابين المذكورين ، والسابر فيهما يجد أضعاف أمثاله ، وأكثر هذه الأحاديث قد أخرجت في الصحاح والسنن.
    إنّ كتاب « التوحيد » لابن خزيمة قد وقع مورد القبول عند أهل الحديث والحنابلة ، كيف ، وقد جمع الأحاديث من هنا وهناك وحشاها في كتابه من غير فحص ولا تنقيب ، وهذه كانت المنية الكبرى للحنابلة في تلك العصور. ولأجل ذلك صار الكتاب يقرأ على العلماء والفضلاء حتى يتخذوه ميزاناً لتمييز الحقّ عن الباطل ، ولا يتخلف أحد عن الاعتراف بما جاء فيه.
1 ـ التوحيد لابن خزيمة : 11.

(134)
    قال ابن كثير في حوادث سنة 460 هـ : وفي يوم النصف من جمادى الآخرة قرأ « الاعتقاد القادري » الذي فيه مذهب أهل السنّة و الإنكار على أهل البدع. وقرأ أبو مسلم الكجي البخاري المحدّث كتاب « التوحيد »لابن خزيمة على الجماعة الحاضرين ، وذكر بمحضر من الوزير ابن جهير وجماعة الفقهاء وأهل الكلام ، واعترفوا بالموافقة. (1)
    هذا ، وبمرور الزمن وعلى أثر تفتح العقول أفلت شمس كتاب التوحيد وشطب المفكّرون من الأشاعرة على ما فيه.
    يقول الرازي في هذا الصدد عند تفسير قوله سبحانه ( ليس كمثله شيء ) : « واعلم أنّ محمد بن إسحاق بن خزيمة أورد استدلال أصحابنا بهذه الآية في الكتاب الذي سمّاه ب ـ « التوحيد » وهو في الحقيقة كتاب الشرك ، واعترض عليها. وأنا أذكر حاصل كلامه بعد حذف التطويلات ، لأنّه كان رجلاً مضطرب الكلام ، قليل الفهم ، ناقص العقل. (2)
    هذا ، ولو أنّ الرازي وقف على ما في تعاليم الأشاعرة من الجبر الملتوي في مقابل الجبر الصريح كما سيبين ، والتجسيم والتشبيه الخفيين ، لما اتخذ المذهب الأشعري ـ الذي هو أحد وجهي العملةوالوجه الآخر هو عقيدة أهل الحديث ـ لنفسه شعاراً ، ولما حماهم بحماس.
    يقول الدكتور أحمد أمين : وفي رأيي لو سادت تعاليم المعتزلة إلى اليوم لكان للمسلمين موقف آخر في التاريخ غير موقفهم الحالي وقد أعجزهم التسليم وشلّهم الجبر ، وقعد بهم التواكل. (3)
    والصحيح أن يقال : لو سادتهم الحرية في البحث والاستماع واتّباع الأحسن لكان موقفهم غير هذا.
1 ـ البداية والنهاية : 12/96.
2 ـ تفسير الإمام الرازي : 27/150.
3 ـ ضحى الإسلام : 3/70.


(135)
في أنّ اللّه يضحك
    1 ـ روى ابن حنبل : حدثنا يزيد بن هارون ، حدثنا حماد بن سلمة ، عن يعلى ابن عطاء ، عن وكيع بن حدس ، عن عمّه أبي رزين قال : قال رسول اللّه ( صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ) : ضحك ربّنا من قنوط عباده وقرب غيره قال : قلت : يا رسول اللّه أو يضحك الرب؟ قال : نعم. قلت : لن نعدم من ربّ يضحك خيراً. (1)
    رواه ابن خزيمة لكن بدل قوله نعم ، قال : إي والذي نفسي بيده إنّه ليضحك. (2)
    2 ـ روى عبد اللّه بن أحمد بن حنبل ، عن إسماعيل بن أبي معمر ، حدثنا سفيان ، عن أبي الزناد ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة قال : قال رسول اللّه ( صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ) : ضحك ربّنا من رجلين يقتل أحدهما صاحبه ثمّ يصيران إلى الجنة. (3)
    ورواه ابن خزيمة بأسانيد مختلفة. (4)
    3 ـ وجاء في خبر طويل رواه عن إسماعيل بن عبيد بن أبي كريمة الحراني أبو أحمد قال : أملاه علينا إملاء في دار كعب : قال حدّثني محمد بن سلمة ، عن أبي عبد الرحمن خالد بن أبي يزيد ، حدّثني زيد بن أبي أنيسة ، عن المنهال بن عمرو ، عن أبي عبيدة بن عبد اللّه ، عن مسروق بن الأجدع ، حدثنا عبد اللّه بن مسعود ، عن النبي ( صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ) قال : ... فيقول اللّه ل هـ أي لمن أدخله الجنة ثمّ لم يزل يطلب منزلة أرفع من أُخرى ـ : لن ترضى أن أعطيك مثل الدنيا مذ يوم خلقتها إلى يوم أفنيتها وعشرة أضعافها؟ فيقول : أتستهزئ بي وأنت ربّ العالمين؟!
1 ـ السنّة لعبد اللّه بن حنبل : 54.
2 ـ التوحيد وإثبات صفات الرب : 235.
3 ـ السنّة : 166.
4 ـ التوحيد : 234.


(136)
    قال : فضحك الرب من قوله. قال : فرأيت ابن مسعود إذا بلغ هذا المكان من هذا الحديث ضحك ، فقال له رجل : يا أبا عبد الرحمن قد سمعتك تحدّث هذا الحديث مراراً كلّما بلغت هذا المكان من هذا الحديث ضحكت. فقال ابن مسعود : إنّي سمعت رسول اللّه ( صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ) يحدث بهذا الحديث مراراً ، كلما بلغ هذا المكان من هذا الحديث ضحك حتى تبدو آخر أضراسه. الحديث. (1)
    ورواه ابن خزيمة عن ابن مسعود (2) وأخرجه البخاري ومسلم والترمذي.
    4 ـ وروى ابن خزيمة بأسانيد متعددة عن رسول اللّه ( صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ) قال : « يتجلّى لنا ربّنا عزّ وجلّ يوم القيامة ضاحكاً ». (3)
    قال ابن خزيمة في « باب ذكر إثبات ضحك ربّنا عزّ وجلّ » : بلا صفة تصف ضحك هـ جلّ ثناؤ هـ لا ولا يشبه ضحكه بضحك المخلوقين وضحكهم كذلك. بل نؤمن بأنّه يضحك كما أعلم النبي ( صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ) ونسكت عن صفة ضحكه جلّ وعلا ، إذ اللّه عزّوجلّ استأثر بصفة ضحكه لم يطلعنا على ذلك ، فنحن قائلون بما قال النبي ( صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ) مصدقون بذلك بقلوبنا ، منصتون عمّا لم يبيّن لنا ، ممّا استأثر اللّه تعالى بعلمه. (4)
    وقد عرفت ما في تأويله من الوهن وأنّ هذه الأحاديث لو صحت لوجب حملها على ظواهرها من الضحك الملازم لبدو الأسنان والفم ، والقول بأنّه يضحك ولا نعلم حقيقته ، تأويل سخيف ، بل الأمر دائر بين القبول تماماً أو الردّ كذلك.
1 ـ السنّة : 206 ـ 208.
2 ـ التوحيد : 231.
3 ـ التوحيد : 236.
4 ـ التوحيد : 230 ـ 231.


(137)
في أنّ للّه يداً
    1 ـ قال عبد اللّه بن أحمد بن حنبل : قرأت على أبي إبراهيم بن الحكم بن أبان ، حدّثني أبي ، عن عكرمة قال : إنّ اللّه لم يمس بيده شيئاً إلاّثلاثاً : خلق آدم بيده ، وغرس الجنة بيده ، وكتب التوراة بيده. (1)
    2 ـ وقال : قرأت على أبي ، حدّثنا إسحاق بن سليمان ، حدّثنا أبو الجنيد ـ شيخ كان عندنا ـ عن جعفر بن أبي المغيرة ، عن سعيد بن جبير : أنّهم يقولون إنّ الألواح من ياقوتة لا أدري قال حمراء أو لا ؟وأنا أقول : سعيد بن جبير يقول : إنّها كانت من زمردة وكتابتها الذهب ، وكتبها الرحمن بيده ، ويسمع أهل السماوات صرير القلم. (2)
    3 ـ وقال : حدّثني أبي ، حدّثنا يزيد بن هارون ، أنا الجرير ، عن أبي عطاف قال : كتب اللّه التوراة لموسى بيده وهو مسند ظهره إلى الصخرة في الألواح من در ، يسمع صريف القلم ، ليس بينه و بينه إلاّ الحجاب. (3)
    4 ـ وقد أفرد ابن خزيمة لإثبات اليد للّه صفحات كثيرة وممّا رواه عن أبي هريرة ، عن رسول اللّه ( صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ) قال : لمّا خلق اللّه الخلق كتب كتاباً وجعله تحت العرش : إنّ رحمتي تغلب غضبي. (4)
    5 ـ ومنها عن رسول اللّه ( صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ) قال : « إنّ اللّه يفتح أبواب السماء في ثلث الليل فيبسط يديه فيقول : ألا عبد يسألني فأعطه ». (5)
    6 ـ ومنها : عن أبي هريرة ، عن رسول اللّه ( صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ) : « ما تصدّق أحد بصدقة من طيب ـ و لا يقبل اللّه إلاّالطيب ـ إلاّ أخذها اللّه
1 ـ السنّة : 209.
2 ـ السنّة : 76.
3 ـ السنّة : 76.
4 ـ التوحيد : 58.
5 ـ التوحيد : 58 ، وروى ابن خزيمة أحاديث كثيرة جداً في نزول اللّه إلى السماء الدنيا كل ليلة : 125 ـ 136 ووصفها بأنّها أخبار ثابتة السند صحيحة القوام.


(138)
بيمينه ، وإن كانت مثل تمرة ، فتربو له من كف الرحمن » ـالحديث. (1)
في أنّ للّه عينين
    استدلّ ابن خزيمة بما ورد من أنّ اللّه بصير ، على أنّ له عينين ، قال : نحن نقول : لربنا الخالق عينان يبصر بهما ما تحت الثرى وتحت الأرض السابعة السفلى وما في السماوات العلى وما بينهما من صغير وكبير ... إلى أن قال : كما يرى عرشه الذي هو مستو عليه. وبنو آدم وإن كانت لهم عيون يبصرون بها فإنّهم إنّما يرون ما قرب من أبصارهم ممّا لا حجب ولا ستر بين المرئي وبين أبصارهم ... واستطرد في ذكر نواقص عيون بني آدم ثمّ قال : فما الذي يشب هـ يا ذوي الحجا ـ عين اللّه الموصوفة بما ذكرنا ، عيون بني آدم التي وصفناها بعد. (2)
في أنّ للّه أصبعاً
    1 ـ روى عبد اللّه بن أحمد بن حنبل قال : سمعت أبي يقول : حدّثنا يحيى بن سعيد بحديث سفيان ، عن الأعمش ومنصور ، عن إبراهيم ، عن عبيدة ، عن عبد اللّه ، عن النبي ( صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ) : إنّ اللّه يمسك السماوات على أصبع. قال أبي : وجعل يحيى يشير بأصابعه ، وأراني كيف جعل يحيى يشير بأصابعه يضع أصبعاً أصبعاً حتى أتى على آخرها. (3)
    2 ـ أمّا حديث سفيان المشار إليه فهو ما رواه بإسناده عن عبد اللّه : أنّ يهودياً أتى النبي ( صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ) فقال : يا محمّد إنّ اللّه يمسك السماوات على أصبع والأرضين على أصبع والثرى على أصبع والجبال على أصبع والخلائق على أصبع ثمّ يقول : أنّا الملك. فضحك رسول اللّه ( صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ) حتى بدت نواجذه. ثمّ قال : « وما قدروا اللّه حقّ قدره ».
1 ـ التوحيد : 61.
2 ـ التوحيد : 50 ـ 51.
3 ـ السنّة : 63.


(139)
    ثمّ أضاف عبد اللّه بن أحمد : قال أبي ، قال يحيى ، قال فضيل بن عياض ، فضحك رسول اللّه ( صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ) تعجباً وتصديقاً له.
    وروي هذا الخبر وما في معناه بأسانيد مختلفة عن ابن مسعود تارة ، وعن ابن عباس أُخرى. (1)
    3 ـ وقال حدّثني أحمد بن إبراهيم سمعت وكيعاً يقول : نسلم هذه الأحاديث كما جاءت ولا نقول كيف كذا ، ولا لم كذا ، يعني مثل حديث ابن مسعود « إنّ اللّه يحمل السماوات على أصبع والجبال على أصبع وحديث أنّ النبي ( صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ) قال : « قلب ابن آدم بين أصبعين من أصابع الرحمن » ونحوها من الأحاديث. (2)
    وأورد أخباراً مفادها أنّ اللّه تعالى حيث تجلّى للجبل فجعله دكاً إنّما تجلّى بأصبعه ، ضربه على رأس الجبل فاندك.
    4 ـ منها : حدّثني محمد بن أبي بكر المقدمي ، حدّثنا هريم ، حدّثنا محمد بن سواء ، عن سعيد ، عن قتادة ، عن أنس ، عن النبي ( صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ) : « فلمّا تجلّى ربّه للجبل » قال هكذا ، وأشار بطرف الخنصر يحكيه. (3)
    5 ـ ومنها ما ذكره ابن خزيمة قال : حدّثنا عبد الوارث بن عبد الصمد ، قال حدّثنا حماد بن سلمة ، قال : حدّثنا ثابت ، عن أنس بن مالك قال : قال رسول اللّه ( صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ) : « لمّا تجلّى ربّه للجبل » رفع خنصره وقبض على مفصل منها ، فانساخ الجبل ، فقال له حميد : أتحدّث بهذا؟! فقال : حدّثنا أنس عن النبي ( صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ) وتقول : لا تحدّث به؟ (4)
1 ـ السنّة : 62 ـ 64.
2 ـ السنّة : 64.
3 ـ السنّة : 65.
4 ـ التوحيد : 113.



(140)
في أنّ للّه كلاماً وصوتاً
    1 ـ قال عبد اللّه بن أحمد ، حدّثني أبو معمر ، حدّثنا جرير ، عن الأعمش ، قال : وحدّثنا ابن نمير وأبو معاوية كلّهم عن الأعمش ، عن مسلم ، عن مسروق ، عن عبد اللّه قال : إذا تكلم اللّه بالوحي ، سمع أهل السماء صلصلة كصلصلة الحديدة على الصفا. (1)
    وأخرج ابن خزيمة أخباراً كثيرة في ذلك. (2)
في أنّ للّه ذراعين وصدراً
    1 ـ قال عبد اللّه بن أحمد ، حدّثني سريج بن يونس ، حدّثنا سليمان بن حيان أبوخالد الأحمر ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عبد اللّه بن عمرو قال : ليس شيء أكثر من الملائكة ، إنّ اللّه خلق الملائكة من نور ، فذكره وأشار سريج بيده إلى صدره ، قال : وأشار خالد إلى صدره فيقول : كن ألف ألف ألفين فيكونون. (3)
    2 ـ وقال : حدّثني أبي ، حدّثنا أبو أُسامة حماد بن أُسامة ، عن هشام ، عن أبيه ، عن عبد اللّه بن عمرو قال : خلقت الملائكة من نور الذراعين والصدر. (4)
    3 ـ وقال : حدّثنيه أبو خيثمة زهر بن حرب ، حدّثنا عبيد اللّه بن موسى ، حدّثنا شيبان ، عن الأعمش ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة ، عن النبي ( صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ) قال : إن غلظ جلد الكافر اثنان وسبعون ذراعاً بذراع الجبار وضرسه مثل ذلك. (5)
1 ـ السنّة : 71.
2 ـ التوحيد : 145 ـ 147.
3 ـ السنّة : 190.
4 ـ السنّة : 190.
5 ـ السنّة : 190.
بحوث في الملل والنحل ـ جلد الأوّل ::: فهرس