بحوث في الملل والنحل ـ جلد الأوّل ::: 171 ـ 180
(171)
الزائغين وشك الشاكّين ، فرحمة اللّه عليه من إمام مقدم ، وجليل معظم ، وكبير مفخم ، وعلى جميع أئمّة المسلمين.
    وجملة قولنا :
    1 ـ أنا نقرّ باللّه ، وملائكته ، وكتبه ، ورسله ، وما جاء من عند اللّه ، وما رواه الثقات عن رسول اللّه ( صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ) لا نرد من ذلك شيئاً.
    2 ـ وأنّ اللّه عزّوجلّ إله واحد لاإله إلاّ هو ، فرد صمد لم يتخذ صاحبة ولا ولداً.
    3 ـ وأنّ محمّداً عبده ورسوله ، أرسله بالهدى ودين الحقّ.
    4 ـ وأنّ الجنّة والنار حقّ.
    5 ـ وأنّ الساعة آتية لا ريب فيها ، وأنّ اللّه يبعث من في القبور.
    6 ـ وأنّ اللّه استوى على عرشه كما قال : ( الرَّحمنُ عَلى العرشِ اسْتَوى ). (1)
    7 ـوأنّ له وجهاً بلا كيف كما قال : ( وَيَبْقى وَجْهُ رَبّكَ ذُو الجَلالِ وَالإِكْرام ) . (2)
    8 ـ وأنّ له يدين بلا كيف كما قال : ( خَلَقْتُ بيدي ) (3) ، وكما قال : ( بَلْ يَداهُ مَبْسُوطتان ) . (4)
    9 ـ وأنّ له عيناً بلا كيف كما قال : ( تَجْري بِأَعْيُننا ) . (5)
    10 ـ وأنّ من زعم أنّ أسماء اللّه غيره كان ضالاً.
1. طه : 5.
2 ـ الرحمن : 27.
3 ـ ص : 75.
4 ـ المائدة : 64.
5 ـ القمر : 14.


(172)
    11 ـ وأنّ للّه علماً كما قال : ( أَنْزَلَهُ بعِلْمِهِ ) (1) ، وكما قال : ( وَماتَحْمِل مِنْ أُنْثى وَلاتَضَعُ إِلاّبِعِلْمِهِ ). (2)
    12 ـ ونثبت للّه السمع والبصر ولا ننفي ذلك ، كما نفته المعتزلة والجهمية والخوارج.
    13 ـ وثبت أنّ للّه قوّة كما قال : ( أَوَ لَمْ يَرَوْا أَنَّ اللّهَ الَّذي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشدُّ مِنْهُمْ قُوّة ) . (3)
    14 ـ ونقول : إنّ كلام اللّه غير مخلوق ، وإنّه لم يخلق شيئاً إلاّ وقد قال له : كن فيكون ، كما قال : ( إِنّماقَوْلُنا لِشَيء إذا أََرْدناهُ أَنْ نَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ) . (4)
    15 ـ وإنّه لا يكون في الأرض شيء من خير وشر إلاّما شاء اللّه ، وإنّ الأشياء تكون بمشيئة اللّه عزّوجلّ.
    وإنّ أحداً لا يستطيع أن يفعل شيئاً قبل أن يفعله اللّه ـ
    16 ـ ولا نستغني عن اللّه ، ولا نقدر على الخروج من علم اللّه عزّوجلّ.
    17 ـ وإنّه لا خالق إلاّ اللّه ، وإنّ أعمال العبد مخلوقة للّه مقدورة ، كما قال : ( وَاللّهُ خَلَقكُمْ وَما تَعْمَلُون ) . (5)
    وإنّ العباد لا يقدرون أن يخلقوا شيئاً وهم يخلقون ، كما قال : ( هَلْ مِنْ خالِق غَيرُ اللّهِ ) (6) ، وكما قال : ( لا يَخْلُقُونَ شَيْئاً وهُمْ يُخْلَقُون ) (7) وكما
1 ـ النساء : 166.
2 ـ فاطر : 11.
3 ـ فصلت : 15.
4 ـ النحل : 40.
5 ـ الصافات : 96.
6 ـ فاطر : 3.
7 ـ النحل : 20.


(173)
قال : ( أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لا يَخْلُق ) (1) ، وكما قال : ( أَمْ خُلِقُوا مِنْ غيَرْ ِشَيء أم هُمُ الخالِقُونَ ) (2) وهذا في كتاب اللّه كثير.
    18 ـ وإنّ اللّه وفق المؤمنين لطاعته ، ولطف بهم ، ونظر إليهم ، وأصلحهم وهداهم ، وأضل الكافرين ولم يهدهم ، ولم يلطف بهم بالإيمان ، كما زعم أهل الزيغ والطغيان ، ولو لطف بهم وأصلحهم لكانوا صالحين. ولو هداهم لكانوا مهتدين ، كما قال تبارك و تعالى : ( مَنْ يَهْد اللّهُ فَهُوَ المُهْتَدِي وَمَنْ يُضْلِلْ فَأُولئِكَ هُمُ الخاسِرُون ) . (3)
    وإنّ اللّه يقدر أن يصلح الكافرين ، ويلطف بهم حتى يكونوا مؤمنين ، ولكنّه أراد أن يكونوا كافرين كما علم ، وإنّه خذلهم وطبع على قلوبهم.
    19 ـ وإنّ الخير والشر بقضاء اللّه وقدره. وإنّا نؤمن بقضاء اللّه وقدره ، خيره وشرّه ، حلوه ومرّه ، ونعلم أنّ ما أخطأنا لم يكن ليصيبنا ، وأنّ ما أصابنا لم يكن ليخطئنا وأنّ العباد لا يملكون لأنفسهم ضرّاً ولا نفعاً إلاّ ما شاء اللّه كما قال عزّوجلّ : ( قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسي نَفْعاً وَلا ضَرّاً إِلاّما شاءَ اللّه ) (4) وإنّا نلجأ في أُمورنا إلى اللّه ، ونثبت الحاجة والفقر في كلّ وقت إليه.
    20 ـ ونقول : إنّ القرآن كلام اللّه غير مخلوق ، وإنّ من قال بخلق القرآن فهو كافر.
    21 ـ وندين بأنّ اللّه تعالى يُرى في الآخرة بالأبصار كما يُرى القمر ليلة البدر يراه المؤمنون كما جاءت الروايات عن رسول اللّه ( صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ).
    ونقول : إنّ الكافرين محجوبون عنه إذا رآه المؤمنون في الجنة ، كما قال
1 ـ النحل : 17.
2 ـ الطور : 35.
3 ـ الأعراف : 178.
4 ـ الأعراف : 188.


(174)
اللّه عزّ وجلّ : ( كَلاّإِنّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمئِذ لَمَحْجُوبُون ) (1) وإنّ موسى ( عليه السَّلام ) سأل اللّه عزّوجلّ الرؤية في الدنيا ، وإنّ اللّه تعالى تجلّى للجبل ، فجعله دكّاً ، فاعلم بذلك موسى أنّه لا يراه في الدنيا.
    22 ـ وندين بأن لا نكفّر أحداً من أهل القبلة بذنب يرتكبه كالزنى والسرقة وشرب الخمر ، كما دانت بذلك الخوارج وزعمت أنّهم كافرون.
    ونقول : إنّ من عمل كبيرة من هذه الكبائر مثل الزنى والسرقة وما أشبههما مستحلاً لها غير معتقد لتحريمها كان كافراً.
    23 ـ ونقول : إنّ الإسلام أوسع من الإيمان ، وليس كلّ إسلام إيماناً.
    24 ـ وندين بأنّ اللّه تعالى يقلّب القلوب « وأنّ القلوب بين أصبعين من أصابع الرحمن » (2) ، وأنّه سبحانه « يضع السماوات على أصبع والأرضين على أصبع » (3) كما جاءت الرواية عن رسول اللّه ( صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ) من غير تكييف.
    25 ـ وندين بأن لا ننزل أحداً من أهل التوحيد والمتمسكين بالإيمان جنة
1 ـ المطففين : 15.
2 ـ رواه مسلم رقم ( 2654 ) في القدر : باب تصريف اللّه تعالى القلوب كيف شاء. وأحمد2/168و 173 من حديث عبد اللّه عمرو. وابن ماجه برقم ( 3834 ) في الدعاء : باب دعاء رسول اللّه ( صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ) والترمذي رقم ( 2141 ) في القدر : باب ما جاء أنّ القلوب بين أصبعي الرحمن من حديث أنس بن مالك وأحمد : 6/302 و 315 والترمذي رقم ( 3517 ) في الدعوات باب رقم 89 من حديث أُمّ سلمة وأحمد : 6/251 من حديث عائشة 302 ، 315.
3 ـ أخرجه البخاري : 13/335 ، 336 و 369 و 397 في التوحيد : باب قوله تعالى : ( لما خلقت بيدي ) وباب قوله تعالى : ( إنّ اللّه يمسك السموات والأرض ) وباب كلام الرب تعالى يوم القيامة مع الأنبياء. و 8/423 وفي التفسير : باب قوله تعالى : ( والأرض جميعاً قبضته يوم القيامة ) و مسلم رقم ( 2786 ) ( 21 ) في المنافقين : باب صفة القيامةوالجنة والنار والترمذي رقم ( 3236 ) و ( 3238 ) في التفسير : باب و من سورة الزمر كلّهم من حديث عبد اللّه بن مسعود رضي اللّه عنه.


(175)
ولا ناراً إلاّ من شهد له رسول اللّه ( صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ) بالجنة ، ونرجو الجنة للمذنبين ونخاف عليهم أن يكونوا بالنار معذبين.
    ونقول : إنّ اللّه عزّوجلّ يخرج قوماً من النار بعد أن امتحشوا بشفاعة محمّد رسول اللّه ( صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ) تصديقاً لما جاءت به الروايات عن رسول اللّه ( صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ). (1)
    26 ـ ونؤمن بعذاب القبر وبالحوض ، وأنّ الميزان حقّ ، والصراط حقّ ، والبعث بعد الموت حقّ ، وأنّ اللّه عزّ وجلّ يوقف العباد في الموقف ويحاسب المؤمنين.
    27 ـ وأنّ الإيمان قول وعمل يزيد وينقص ، ونسلم الروايات الصحيحة في ذلك عن رسول اللّه ( صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ) التي رواها الثقاة عدل عن عدل حتى تنتهي الرواية إلى رسول اللّه ( صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ).
    28 ـ وندين بحب السلف ، الذين اختارهم اللّه عزّوجلّ لصحبة نبيّه ( صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ) ، ونثني عليهم بما أثنى اللّه به عليهم ، ونتولاهم أجمعين.
    29 ـ ونقول : إنّ الإمام الفاضل بعد رسول اللّه ( صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ) أبو بكر الصديق رضوان اللّه عليه ، وإنّ اللّه أعزّ به الدين وأظهره على المرتدين ، وقدمه المسلمون للإمامة ، كما قدمه رسول اللّه ( صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ) للصلاة ، وسمّوه بأجمعهم خليفة رسول اللّه ( صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ). ثمّ عمر بن الخطاب ، ثمّ عثمان بن عفان ، وإنّ الذين قتلوه ، قتلوه ظلماً وعدواناً ، ثمّ علي بن أبي طالب رضي اللّه عنه ،
1 ـ خروجهم من النار بعد أن امتحشوا وحديث الشفاعة ، رواه البخاري : 13/395 ـ 397 في التوحيد : باب كلام الرب تعالى يوم القيامة مع الأنبياء وغيرهم. و 13/332 باب قوله تعالى ( لما خلقت بيدي ) . و13/398 باب قوله تعالى : ( وكلّم اللّه موسى تكليماً ) و 8/122 في تفسير سورة البقرة : باب ( علّم آدم الأسماء كلّها ) ومسلم رقم ( 193 ) من حديث أنس بن مالك والبخاري 6/264 و 265 ومسلم ( 194 ) في الإيمان : باب أدنى أهل الجنة منزلة فيها من حديث أبي هريرة والبخاري : 11/367 و 371 من حديث جابر.

(176)
فهؤلاء الأئمّة بعد رسول اللّه ( صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ) وخلافتهم خلافة النبوة.
    ونشهد بالجنة للعشرة الذين شهد لهم رسول اللّه ( صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ) بها ، ونتولّى سائر أصحاب النبي ( صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ) و نكف عمّا شجر بينهم ، وندين اللّه بأنّ الأئمّة الأربعة خلفاء راشدون مهديون فضلاء لا يوازيهم في الفضل غيرهم.
    30 ـ ونصدق بجميع الروايات التي يثبتها أهل النقل من النزول إلى السماء الدنيا ، وأنّ الربّ عزّ وجلّ يقول : « هل من سائل ، هل من مستغفر » (1) وسائر ما نقلوه وأثبتوه خلافاً لما قاله أهل الزيغ والتضليل.
    31 ـ ونعول فيما اختلفنا فيه على كتاب ربّنا تبارك وتعالى وسنّة نبيّنا ( صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ) ، وإجماع المسلمين ، وما كان في معناه ، ولا نبتدع في دين اللّه بدعة لم يأذن اللّه بها ، ولا نقول على اللّه مالا نعلم.
    32 ـ ونقول : إنّ اللّه عزّوجلّ يجيء يوم القيامة كما قال : ( وَجاءَ ربّكَ وَالمَلَكُ صَفّاً صَفّاً ) (2) ، وإنّ اللّه عزّ وجلّ يقرب من عباده كيف شاء ، كما قال : ( وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِليهِ مِنْ حَبْلِ الْوَريد ) (3) وكما قال : ( ثُمَّ دَنا فَتَدَلّى* فَكانَ قابَ قَوسين أَوْ أَدنى ) . (4)
    33 ـ ومن ديننا أن نصلي الجمعة والأعياد وسائر الصلوات والجماعات
1 ـ رواه مسلم ( 758 ) ( 170 ) ( 172 ) في صلاة المسافرين : باب الترغيب والدعاء والذكر في آخر الليل. وللحديث صيغ أُخرى رواها البخاري في التهجد : باب الدعاء والصلاة من آخر الليل وفي الدعوات : باب الدعاء نصف الليل وفي التوحيد : باب قوله تعالى : ( يريدون أن يبدلوا كلام اللّه ) ومسلم ( 758 ) ( 168 ) ( 169 ) وأبو داود رقم ( 4733 ) في السنّة. والترمذي رقم ( 3493 ) في الدعوات وأحمد 2/258 و 267 و 282 و 419 و 487 و 504 و 521 من حديث أبي هريرة.
2 ـ الفجر : 22.
3 ـ ق : 16.
4 ـ النجم : 8 ـ 9.


(177)
خلف كلّ برّ وفاجر ، كما روي عن عبد اللّه بن عمر أنّه كان يصلّي خلف الحجّاج.
    34 ـ وأنّ المسح على الخفين سنّة في الحضر والسفر خلافاً لقول من أنكر ذلك.
    35 ـ ونرى الدعاء لأئمّة المسلمين بالصلاح والإقرار بإمامتهم ، وتضليل من رأى الخروج عليهم ، إذا ظهر منهم ترك الاستقامة ، وندين بإنكار الخروج عليهم بالسيف ، وترك القتال في الفتنة.
    36 ـ ونقرّ بخروج الدجّال ، كما جاءت به الرواية عن رسول اللّه ( صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ). (1)
    37 ـ ونؤمن بعذاب القبر ومنكر ونكير ومسألتهما المدفونين في قبورهم.
    38 ـ ونصدّق بحديث المعراج. (2)
    39 ـ ونصحّح كثيراً من الرؤيا في المنام ونقرّ أنّ لذلك تفسيراً.
    40 ـ ونرى الصدقة عن موتى المسلمين ، والدعاء لهم ونؤمن بأنّ اللّه ينفعهم بذلك.
1 ـ صحيح البخاري : 13/87 في الفتن : باب ذكر الدجال وفي الأنبياء : باب ما ذكر عن بني إسرائيل ، و 13/89 ـ 91 ، وفي فضائل المدينة : باب لا يدخل الدجال المدينة. ومسلم ( 2933 ) في الفتن : باب ذكر الدجال وصفته ومن معه ولغاية ( 2947 ) ، و الترمذي ( 2235 ) لغاية ( 2246 ) في الفتن ، وأبو داود ( 4315 ) في الملاحم ولغاية ( 4328 ) وأحمد في « المسند » : 1/4 ، 7; 2/33 ، 37 ، 67 ، 104 ، 108 ، 124 ، 131 ، 237 ، 349 ، 429 ، 457 ، 530; 3/42; 5/32 ، 38 ، 43 ، 47. وابن ماجة من ( 4071 ) ولغاية ( 4988 ) في الفتن باب فتنة الدجال.
2 ـ رواه البخاري : 13/399 ـ 406 في التوحيد : باب ما جاء في قوله عزّ وجلّ : ( وكلّم اللّه موسى تكليماً ) وفي الأنبياء : باب صفة النبي ( صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ) ، ومسلم رقم ( 162 ) في الإيمان : باب الإسراء برسول اللّه ( صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ) إلى السماوات ، والنسائي : 1/221 في الصلاة : باب فرض الصلاة ، والترمذي رقم ( 3130 ) في التفسير : باب و من سورة بني إسرائيل.


(178)
    41 ـ ونصدّق بأنّ في الدنيا سحراً وسحرة ، وأنّ السحر كائن موجود في الدنيا.
    42 ـ وندين بالصلاة على من مات من أهل القبلة برّهم وفاجرهم وتوارثهم.
    43 ـ ونقرّ أنّ الجنة والنّار مخلوقتان.
    44 ـ وأنّ من مات أو قتل فبأجله مات أو قتل.
    45 ـ وأنّ الأرزاق من قبل اللّه عزّوجلّ يرزقها عباده حلالاً وحراماً.
    46 ـ وأنّ الشيطان يوسوس للإنسان ويشككه ويتخبطه خلافاً لقول المعتزلة والجهمية ، كما قال اللّه عزّوجلّ : ( الّذينَ يَأْكُلُونَ الرِّبا لا يَقُومُونَ إِلاّ كَما يَقُومُ الَّذي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطانُ مِنَ المَس ) (1) ، وكما قال : ( مِنْ شَرِّ الْوَسْواسِ الخَنّاس* الَّذي يُوَسْوِسُ في صُدُورِ النّاس* مِنَ الجِنَّةِ وَالنّاس ) . (2)
    47 ـ ونقول : إنّ الصالحين يجوز أن يخصّهم اللّه عزّوجلّ ب آيات يظهرها عليهم.
    48 ـ وقولنا في أطفال المشركين : إنّ اللّه يؤجّج لهم في الآخرة ناراً ، ثمّ يقول لهم اقتحموها ، كما جاءت بذلك الروايات. (3)
1 ـ البقرة : 275.
2 ـ الناس : 4 ـ 6.

3 ـ اختلف العلماء قديماً وحديثاً في أولاد المشركين على أقوال ، منها القول الذي ذكره المصنّف رحمه اللّه أنّهم يمتحنون في الآخرة بأن ترفع لهم نار ، فمن دخلها كانت عليه برداً وسلاماً ، و من أبى عذّب. رواه البزاز من حديث أنس بن مالك وأبي سعيد الخدري رضي اللّه عنهما ، ورواه الطبراني من حديث معاذ بن جبل رضي اللّه عنه.
قال الحافظ في « الفتح » : 3/195 وقد صحّت مسألة الامتحان في حقّ المجنون و من مات في الفترة من طرق صحيحة. ومن الأقوال أنّهم في الجنة. قال النووي : وهو المذهب الصحيح الذي صار إليه المحقّقون لقوله تعالى : ( وَماكُنّا معذّبين حتّى نبعث رَسولاً ). وانظر « الفتح » : 3/195 ـ 196.


(179)
    49 ـ وندين اللّه عزّوجلّ بأنّه يعلم ما العباد عاملون ، وإلى ما هم صائرون ، وما كان وما يكون ، وما لا يكون إن لو كان كيف كان يكون.
    50 ـ وبطاعة الأئمّة ونصيحة المسلمين.
    51 ـ ونرى مفارقة كلّ داعية إلى بدعة ومجانبة أهل الأهواء ، وسنحتج لما ذكرناه من قولنا وما بقي منه ممّا لم نذكره باباً باباً وشيئاً شيئاً ، إن شاء اللّه تعالى.

    وما طرح من الأُصول في كتاب « الإبانة » هو الذي جاء به في كتاب « مقالات الإسلاميين » عند البحث عن قول أصحاب الحديث وأهل السنّة ولو كان بينهما اختلاف فإنّما هو في العرض لا في الأصل والجوهر. ويقول بعد عرضها « فهذه جملة ما يأمرون به ، ويستعملونه ، ويرونه وبكلّ ما ذكرنا من قولهم نقول وإليه نذهب ». (1)
    لقد شهد التاريخ الإسلامي صراعاً عنيفاً بين الحنابلة والأشاعرة ، وستوافيك صورة من ذلك في آخر هذا الجزء.
    ولكن الحقّ أنّه لو كانت عقيدة الأشاعرة هي ما جاء في مقدمة رسالة « الإبانة » أو ما جاء في كتا ب « مقالات الإسلاميين » لما كان بين الفريقين أي اختلاف أبداً ، وهذا ممّا يقضى منه العجب.
    ولأجل ذلك ـ ربما ـ تخيّل بعضهم (2) أنّ الرسالة المطبوعة موضوعة على لسان الأشعري.

3 ـ أُصول عقيدة أهل الحديث عند الملطي
    ثمّ تتابع بعده تبيين عقيدة أهل السنّة ، فكتب أبو الحسين محمد بن أحمد
1 ـ مقالات الإسلاميين : 320 ـ 325.
2 ـ كالشيخ محمد زاهد الكوثري في بعض تعاليقه على الكتب.


(180)
ابن عبد الرحمن الملطي الشافعي ( المتوفّى عام 377 هـ ) كتابه المعروف « التنبيه والرد » وذكر عقيدة أهل السنّة تحت أُصول نذكرها :
    والذي ثبت عن محمد بن عكاشة أنّ أُصول السنّة ممّا اجتمع عليه الفقهاء والعلماء منهم : علي بن عاصم ، وسفيان بن عيينة ، وسفيان بن يوسف الفريابي ، وشعيب ، ومحمّد بن عمر الواقدي ، وشابة بن ثوار ، والفضل بن دكين الكوفي ، وعبد العزيز بن أبان الكوفي ، وعبد اللّه بن داود ، ويعلى بن قبيصة ، وسعيد بن عثمان ، وأزهر ، وأبو عبد الرحمن المقري ، وزهير بن نعيم ، والنضر بن شميل ، وأحمد ابن خالد الدمشقي ، والوليد بن مسلم القرشي ، والرواد بن الجراح العسقلاني ، ويحيى بن يحيى ، وإسحاق بن راهويه ، ويحيى بن سعيد القطان ، وعبد الرحمن بن مهدي ، وأبو معاوية الضرير كلّهم يقولون : رأينا أصحاب رسول اللّه ( صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ) كانوا يقولون :
    1 ـ الرضا بقضاء اللّه و التسليم لأمر اللّه والصبر على حكم اللّه.
    2 ـ الأخذ بما أمر اللّه ، والنهي عمّا نهى اللّه عنه.
    3 ـ الإخلاص بالعمل للّه.
    4 ـ الإيمان بالقدر ، خيره وشره من اللّه.
    5 ـ ترك المراء والجدال والخصومات في الدين.
    6 ـ المسح على الخفين.
    7 ـ الجهاد مع أهل القبلة.
    8 ـ الصلاة على من مات من أهل القبلة سنّة.
    9 ـ الإيمان يزيد وينقص قول وعمل.
    10 ـ القرآن كلام اللّه.
    11 ـ الصبر تحت لواء السلطان على ما كان منهم ، من عدل أو جور ،
بحوث في الملل والنحل ـ جلد الأوّل ::: فهرس