بحوث في الملل والنحل ـ جلد الأوّل ::: 181 ـ 190
(181)
ولا يخرج على الأُمراء بالسيف وإن جاروا.
    12 ـ لا ينزل أحد من أهل التوحيد جنّة ولا ناراً.
    13. لا يكفر أحد من أهل التوحيد بذنب ، وإن عملوا الكبائر.
    14. الكف عن أصحاب محمد ( صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ).
    15. أفضل الناس بعد رسول اللّه ( صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ) أبو بكر ، ثمّ عمر ، ثمّ عثمان ، ثمّ علي. (1)
    وهذا النصّ يجمع السنّة التي يدين بها أهل الحديث وقد اقتدى بهم الأشعري في أكثرها ، وقد تقدم الأُصول التي نسبها الأشعري إلى أهل السنّة. وهذه الأُصول التي جاء بها محمّد بن عكاشة ملفقة من أُصول اتّفق على صحتها أهل القبلة وأُصول مختلف فيها ، وأُصول مزورة ومختلقة ومكذوبة على الإسلام أساساً.
    غير أنّنا نبحث عن بعض الأُصول التي زعمها أهل الحديث أُصولاً صحيحة وهي عندنا مفتعلة على الإسلام ومختلقة ، ونختار منها المواضيع التالية :
    1 ـ إطاعة السلطان الجائر والصبر تحت لوائه.
    2 ـ عدالة الصحابة جميعاً.
    3 ـ الإيمان بالقدر خيره وشره.
    4 ـ الإيمان بخلافة الخلفاء.
1 ـ التنبيه والرد لأبي الحسين الملطي : ص 14 ـ 15 وممّا يجب التعليق عليه : أنّ محمد بن عكاشة مرمي بالكذب ووضع الحديث ، فقد قال الرازي في كتاب « الجرح والتعديل » : محمد بن عكاشة الكرماني ، روى عبد الرزاق : حدّثنا عبد الرحمن قال : سئل أبو زرعة عنه؟ فقال : قد رأيته وكتبت عنه وكان كذاباً ، قدم علينا مع محمد بن رافع النيسابوري وكان رفيقه ، فأوّل ما أملى حديث كذب على اللّه عزّوجلّ وعلى رسوله. ( لاحظ الجرح والتعديل للحافظ أبي حاتم الرازي : 8/52 ط الهند ).

(182)
    وممّا يعجب القارئ في مثل هذه الكلمة قوله : « إنّ هؤلاء كلهم يقولون : رأينا أصحاب رسول اللّه كانوا يقولون » ، مع أنّه ليس بين هؤلاء العلماء تابعي واحد حتى تصح منهم رؤية أصحاب رسول اللّه ( صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ) ، وهذا من أغرب الغرائب.


(183)
الموضوعات الهامّة في عقائد أهل الحديث
    1 ـ إطاعة السلطان الجائر و الصبر تحت لوائه
    2 ـ عدالة الصحابة جميعاً
    3 ـ الإيمان بالقدر خيره وشره.
    4 ـ الإيمان بخلافة الخلفاء



(184)
(1)
إطاعة السلطان بين الوجوب والحرمة
    إطاعة الحاكم العادل من صميم الدين ، قال سبحانه : ( أَطيعُوا اللّهَ وَأَطيعُوا الرَّسُولَ وَأُولي الأَمْرِ مِنْكُمْ ) . (1)
    وليس المراد منه إطاعة مطلق ولاة الأمر ، بل المراد خصوص العدول منهم بقرينة النهي عن إطاعة المسرفين والغافلين عن ذكر اللّه سبحانه والمكذبين والآثمين وغيرهم.
    قال سبحانه : ( ولا تُطِع مَنْ أَغْفَلْنا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنا واتّبَعَ هَواهُ وكانَ أمْرُهُ فُرُطاً ) . (2)
    وقال سبحانه : ( يا أيّها النّبيُّ اتّقِ اللّهَ ولا تُطِعِ الكافرينَ والمُنافِقِين ) . (3)
    وقال سبحانه : ( فَلا تُطِعِ المُكَذِّبين ) . (4)
    وقال تعالى : ( ولا تُطِعْ كُلَّ حَلاّف مَهِين ) . (5)
1 ـ النساء : 59.
2 ـ الكهف : 28.
3 ـ الأحزاب : 1.
4 ـ القلم : 8.
5 ـ القلم : 10.


(185)
    وقال سبحانه : ( فَاصبِرْ لِحُكْمِ رَبّكَ وَلا تُطِع مِنْهُمْ آثماً أَوْ كَفُوراً ) . (1)
    وقال تعالى : ( وَلاتُطِيعُوا أَمْرَ المُسرِفين ) . (2)
    إلى غير ذلك من الآيات الناهية عن طاعة الطغاة العصاة. فبقرينة هذه الآيات الناهية يصحّ أن يقال : إنّ المراد من الأمر بإطاعة أُولي الأمر ، هو إطاعة العدول منهم.
    وقد تضافرت الروايات على وجوب إطاعة السلطان العادل المعربة عن عدم وجوب إطاعة السلطان الجائر أوحرمتها.
    قال رسول اللّه ( صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ) : « السلطان العادل المتواضع ، ظل اللّه ورمحه في الأرض ويرفع له عمل سبعين صدّيقاً ». (3)
    وقال ( صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ) : « ما من أحد أفضل منزلة من إمام ، إن قال صدق ، وإن حكم عدل ، وإن استرحم رحم ». (4)
    وقال ( صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ) : « أحبّ الناس إلى اللّه يوم القيامة وأدناهم مجلساً ، إمام عادل; وأبغض الناس إلى اللّه وأبعدهم منه ، إمام جائر ». (5)
    وقال ( صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ) : « السلطان ظلّ اللّه في الأرض ، يأوي إليه الضعيف وبه ينصر المظلوم ، ومن أكرم سلطان اللّه في الدنيا أكرمه اللّه يوم القيامة ». (6)
    وقال ( صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ) : « ثلاثة من كنّ فيه من الأئمّة صلح أن يكون إماماً اضطلع بأمانته : إذا عدل في حكمه ، ولم يحتجب دون رعيته ، وأقام كتاب اللّه تعالى في القريب والبعيد » (7) ... إلى غير ذلك من الروايات
1 ـ الإنسان : 24.
2 ـ الشعراء : 151.
3 ـ كنز العمال : 6/6 ، الحديث 14589.
4 ـ المصدر السابق : الحديث 14593 ، 14604 ، 14572.
5 ـ المصدر السابق : الحديث 14593 ، 14604 ، 14572.
6 ـ المصدر السابق : الحديث 14593 ، 14604 ، 14572.
7 ـ المصدر السابق : 5 ، الحديث 14315.


(186)
التي يقف عليها المتتبع في الجوامع الحديثية.
    هذا من طريق أهل السنّة وأمّا من طريق الشيعة فحدّث عنه ولا حرج.
    روى عمر بن حنظلة عن الصادق ( عليه السَّلام ) في لزوم طاعة الحاكم العادل : « من روى حديثنا ، ونظر في حلالنا وحرامنا ، وعرف أحكامنا فليرضوا به حكماً ، فإنّي جعلته عليكم حاكماً ، فإذا حكم بحكمنا فلم يقبل منه ، فإنّما استخف بحكم اللّه وعلينا ردّ ، والرادّ علينا ، الرادّ على اللّه وهو على حدّ الشرك باللّه ». (1)
    ونكتفي ـ هنا ـ بقول الإمام الحسين بن علي ( عليهما السَّلام ) في كتابه إلى أهل الكوفة حيث قال ( عليه السَّلام ) : « فلعمري ما الإمام إلاّ الحاكم بالكتاب ، القائم بالقسط ، الدائن بدين الحقّ ، الحابس نفسه على ذات اللّه ». (2)
    إذاً فوجوب إطاعة السلطان العادل ممّا لا شكّ فيه ، ولا يحتاج إلى إسهاب الكلام فيه ، ولكن الحنابلة ذهبوا إلى غير ذلك ، وإليك البيان.

إطاعة السلطان الجائر
    فلقد اتّفقت كلمة الحنابلة ومن لفّ لفّهم على وجوب إطاعة السلطان الجائر وإليك نصوصهم :
    قال أحمد بن حنبل في إحدى رسائله : السمع والطاعة للأئمّة وأمير المؤمنين البر والفاجر ، ومن ولي الخلافة فأجمع الناس ورضوا به ، ومن غلبهم بالسيف وسمّي أمير المؤمنين ، والغزو ماض مع الأُمراء إلى يوم القيامة ، البر والفاجر ، وإقامة الحدود إلى الأئمّة وليس لأحد أن يطعن عليهم وينازعهم ، ودفع الصدقات إليهم جائز ، من دفعها إليهم أجزأت عنهم ، براً كان أو
1 ـ الوسائل : الجزء 18 ، الباب 11 من أبواب صفات القاضي ، الحديث 1.
2 ـ بحار الأنوار : 15/116; تاريخالطبري : 4/262 ، أحداث سنة 60.


(187)
فاجراً ، وصلاة الجمعة خلفه وخلف كلّ من ولي ، جائزة إقامته ، ومن أعادها فهو مبتدع تارك للآثار مخالف للسنّة.
    ومن خرج على إمام من أئمّة المسلمين وكان الناس قد اجتمعوا عليه وأقرّوا له بالخلافة بأي وجه من الوجوه ، أكان بالرضا أو بالغلبة فقد شق الخارج عصا المسلمين وخالف الآثار عن رسول اللّه ، فإن مات الخارج عليه ، مات ميتة جاهلية. (1)
    هذا الرأي المنقول عن إمام الحنابلة لا يمكن إنكار صحّة نسبته إليه ، ولأجل ذلك قال الأُستاذ أبو زهرة : ولأحمد رأي يتلاقى فيه مع سائر الفقهاء ، وهو جواز إمامة من تغلّب ورضيه الناس وأقام الحكم الصالح بينهم ، بل إنّه يرى أكثر من ذلك ، إنّ من تغلّب وإن كان فاجراً تجب إطاعته حتّى لا تكون الفتن. (2)
    والعبارة التي نقلناها عن إمام الحنابلة تكاد تعرب عن وجوب إطاعة الجائر ولو أمر بمعصية الخالق وهو أمر عجيب منه جدّاً مع أنّ أكثر الأشاعرة الذين يحرّمون الخروج عليه ، لا يوجبون طاعته في هذا الحال كما يوافيك نصوصهم ، ولغرابة رأي ابن حنبل هذا ، ذيّله أبو زهرة بقوله : ولكنّه ينظر في هذه القضية إلى مصلحة المسلمين وأنّه لا بدّ من نظام مستقرّ ثابت ، وأنّ الخروج على هذا النظام يحل قوة الأُمّةويفك عراها ، ولأنّه رأى من أخبار الخوارج وفتنتهم ما جعله يقرر أنّ النظام الثابت أولى وأنّ الخروج عليه يرتكب فيه من المظالم أضعاف ما يرتكبه الحاكم الظالم.
    ثمّ إنّه ينظر في القضية نظرة اتباع فإنّ التابعين الذين عاشوا في العصر الأموي إلى أكثر من ثلثي زمانه قد رأوا مظالم كثيرة ، ومع ذلك نهوا عن الخروج ولم يسيروا مع الخارجين ، وكانوا ينصحون الخلفاء والولاة إن وجدوا آذاناً تسمع ، وقلوباً تفقه ، وفي كلّ حال لا يخرجون ولا يؤيدون خارجه. (3)
1 ـ تاريخ المذاهب الإسلامية لأبي زهرة : 2/322.
2 ـ المصدر السابق : ص 321; ولاحظ كتاب السنّة لابن حنبل : 46.
3 ـ تاريخ المذاهب الإسلامية : 2/322.


(188)
    وهذا التوجيه من الأُستاذ غريب جدّاً.
    أمّا أوّلاً : فلأنّ الخروج على النظام الظالم إذا كان موجباً لحلّ قوّة الأُمّة وفك عراها ، يكون الصبر تشويقاً لتماديه في الظلم وإكثار الضغط على الأُمّة وبالنتيجة : تحويل الدين وتحريفه عمّا هو عليه من الحقّ ... فأي فائدة تكمن في حفظ قوّة أُمة ، انحرفت عن صراطها وتبدّلت سننها وتغيّرت أُصولها ، فإنّ الظالم لا يرى لظلمه حدّاً ولتعدّيه ضوابط ، فلو رأى أنّ الإسلام بواقعه يضاد آراءه الشخصية وميوله الخبيثة ، عمد إلى تغييره وتحويره فليس يقتصر ظلم الظالم على التعدّي على النفوس والأموال ، بل الراكب على أعناق الناس يغير كلّ شيء كيفما يريد ، وحيثما يرى أنّه لصالح شخصه ، والتاريخ شاهدنا الأصدق على ذلك.
    وأمّا ثانياً : فإنّ الأُستاذ أبا زهرة نسب إلى التابعين الذين عاشوا في العصر الأموي إلى أكثر من ثلثي زمانه بأنّهم رأوا مظالم كثيرة ومع ذلك نهوا عن الخروج ولم يسيروا مع الخارجين ... ولكنّه غفل عن قضية الحرة الدامية حيث كان الخارجون فيها على الحكومة الغاشمة هم الصحابة والتابعين ... .
    وهذا المسعودي صاحب « مروج الذهب » ينقل إلينا لمحة عمّا جرى هناك ويقول :
    ولمّا انتهى الجيش من المدينة إلى الموضع المعروف بالحرة وعليهم « مسرف » خرج إلى حربه أهلها ، عليهم عبد اللّه بن مطيع العدوي وعبد اللّه بن حنظلة الغسيل الأنصاري ، وكانت وقعة عظيمة قتل فيها خلق كثير من بني هاشم وسائر قريش والأنصار وغيرهم من سائر


(189)
الناس ، فقد قتل من آل أبي طالب اثنان : عبد اللّه بن جعفر بن أبي طالب ، وجعفر بن محمد بن علي بن أبي طالب; ومن بني هاشم من غير آل أبي طالب : الفضل بن العباس بن ربيعة بن الحارث ابن عبد المطلب ، وحمزة بن عبد اللّه بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب والعباس ابن عتبة ابن أبي لهب بن عبد المطلب ، وبضع وتسعون رجلاً من سائر قريش ومثلهم من الأنصار وأربعة آلاف من سائر الناس ممّن أدركه الإحصاء دون من لم يعرف. (1)
    هل نسي أبو زهرة ( أو لعلّه تناسى ) قضية دير الجماجم حيث قام ابن الأشعث التابعي في وجه الحجّاج السفّاك بالموضع المعروف بدير الجماجم فكان بينهم نيف وثمانون وقعة تفانى فيها خلق وذلك في سنّة اثنتين وثمانين. (2)
    وعلى كلّ تقدير فقد اقتفى أثر أحمد بن حنبل جماعة من متكلّمي الأشاعرة وغيرهم وادّعوا بأنّ هذه عقيدة إسلامية كان الصحابة والتابعون يدينون بها وأنّه يجب الصبر على الطغاة الظلمة إذا تصدروا منصة الحكم ، نعم غاية ما يقولونه هو : إنّه لا تجب إطاعتهم إذا أمروا بالحرام والفساد جاعلين قولهم هذا منعطفهم الوحيد عن قول ابن حنبل وبقية أهل الحديث ، وإليك نبذة من أقوال القوم :
    1 ـ قال الإمام الشيخ أبو جعفر الطحاوي الحنفي ( المتوفّى 321 هـ ) في رسالته المسمّاة ب ـ « بيان السنّة والجماعة » المشهور ب ـ « العقيدة الطحاوية » : ونرى الصلاة خلف كلّ برّ وفاجر من أهل القبلة ولا نرى السيف على أحد من أُمّة محمّد إلاّ على من وجب عليه السيف ( أي سفك الدم بالنصّ القاطع كالقاتل والزاني المحصن والمرتد ) ولا نرى الخروج على أئمّتنا ولا ولاة أمرنا وإن جاروا ، ولا ندعو على أحد منهم ولاننزع يداً من طاعتهم ، ونرى طاعتهم من طاعات اللّه عزّوجلّ فريضة علينا مالم يأمروا بمعصية. (3)
    2 ـ قال الإمام الأشعري من جملة ما عليه أهل الحديث و السنّة : ويرون العيد والجمعة والجماعة خلف كلّ إمام برّ وفاجر ... إلى أن قال : ويرون الدعاء لأئمّة المسلمين بالصلاح ، وأن لا يخرجوا عليهم بالسيف ، وأن لا يقاتلوا في الفتن. (4)
1 ـ مروج الذهب : 3/69 ـ 70.
2 ـ نفس المصدر السابق : 3/132.
3 ـ شرح العقيدة الطحاوية : 110و 111.
4 ـ مقالات الإسلاميين : 323.


(190)
    3 ـ وقال الإمام أبو اليسر محمد بن عبد الكريم البزدوي : الإمام إذاجار أو فسق لا ينعزل عند أصحاب أبي حنيفة بأجمعهم وهو المذهب المرضي ... ثمّ قال : وجه قول عامة أهل السنّة والجماعة إجماع الأُمّة ، فإنّهم رأوا الفسّاق أئمّة ، فإنّ أكثر الصحابة كانوا يرون بني أُمية وهم بنو مروان أئمّة حتى كانوا يصلون الجمعة والجماعة خلفهم ويرون قضاياهم نافذة ، وكذا الصحابة والتابعون ، وكذا من بعدهم يرون خلافة بني عباس وأكثرهم فسّاق ، ولأنّ القول بانعزال الأئمّة بالفسق ، إيقاع الفساد في العالم ، وإثبات المنازعات وقتل الأنفس ، فإنّه إذا انعزل يجب على الناس تقليد غيره ، وفيه فساد كثير ثمّ قال : إذا فسق الإمام يجب الدعاء له بالتوبة ولا يجوز الخروج عليه ، وهذا مروي عن أبي حنيفة ، لأنّ الخروج إثارة الفتن والفساد في العالم. (1)
    4 ـ وقال الإمام أبو بكر محمد بن الطيب الباقلاني ( المتوفّى عام 403 هـ ) في التمهيد : إن قال قائل : ما الذي يوجب خلع الإمام عندكم؟ قيل له : يوجب ذلك أُمور : منها : كفر بعد إيمان ، ومنها : تركه الصلاة والدعاء إلى ذلك ، ومنها : عند كثير من الناس فسقه وظلمه بغصب الأموال وضرب الأبشار وتناول النفوس المحرمةوتضييع الحقوق وتعطيل الحدود ، وقال الجمهور من أهل الإثبات وأصحاب الحديث : لا ينخلع بهذه الأُمور ولا يجب الخروج عليه ، بل يجب وعظه وتخويفه وترك طاعته في شيء ممّا يدعو إليه من معاصي اللّه ، إذ احتجوا في ذلك بأخبار كثيرة متضافرة عن النبي ( صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ) وعن الصحابة في وجوب طاعة الأئمّة وإن جاروا واستأثروا بالأموال وأنّه قال ( عليه السَّلام ) : واسمعوا وأطيعوا ولو لعبد أجدع ، ولو لعبد حبشي ، وصلوا وراء كلّ بر وفاجر. وروي أنّه قال : وإن أكلوا مالك وضربوا ظهرك وأطيعوهم ما أقاموا الصلاة. (2)
    5 ـ وقال الشيخ نجم الدين أبوحفص عمر بن محمد النسفي ( المتوفّى عام 537 هـ ) في العقائد النسفية : ولا ينعزل الإمام بالفسق والجور ... ويجوز
1 ـ أُصول الدين : 190 ـ 192 .
2 ـ التمهيد : 186.
بحوث في الملل والنحل ـ جلد الأوّل ::: فهرس