بحوث في الملل والنحل ـ الجزء السادس ::: 111 ـ 120
(111)
وذو الشهادتين خزيمة بن ثابت ، وأبي أيّوب الأنصاري ، وخالد بن سعيد ، وقيس ابن سعد بن عبادة (1).

    الكتب المؤلّفة حول روّاد التشيّع :
    إنّ لفيفاً من أصحابنا الإمامية قاموا بافراد كتاب أو رسالة حول روّاد التشيّع ونذكر في المقام ما وقفنا عليه.
    1 ـ صدر الدين السيّد علي المدني الحسيني الشيرازي ، صاحب كتاب سلافة العصر في أعيان أهل العصر ، وأنوار الربيع في علم البديع ، وطراز اللغة. توفّي عام ( 1120 ) ، أفرد تاليفاً في ذلك المجال أسماء بـ « الدرجات الرفيعة في طبقات الشيعة الإمامية » ، فخصَّ الطبقة الاُولى بالصحابة الشيعة ، وخصَّص الباب الأوّل لبني هاشم من الصحابة ، والباب الثاني في غيرهم منهم. وجاء في الباب الأوّل بترجمة ( 23 ) صحابيّاً من بني هاشم لم يفارقوا عليّاً قط ، كما جاء في الباب الثاني بترجمة ( 46 ) صحابيّاً (2).
    2 ـ ذكر الشيخ محمد حسين آل كاشف الغطاء في كتابه « أصل الشيعة واُصولها » أسماء جماعة من الصحابة الذين كانوا يشايعون عليّاً في حلِّه وترحاله وقال معلّقاً على قول أحمد أمين الكاتب المصري « والحق إنّ التشيّع كان مأوى يرجع إليه كل من أراد هدم الإسلام » : ونحن لولا محافظتنا على مياه الصفا أن لا تتعكّر ، ونيران البغضاء أن لا تتسعّر ، وأن تنطبق علينا حكمة القائل : « لا تنه عن خلق وتأتي مثله » لعرّفناه من الذي يريد هدم قواعد الإسلام بمعاول الالحاد والزندقة ،
1 ـ خطط الشام 5 / 251.
2 ـ الدرجات الرفيعة 79 ـ 452 طبع النجف.


(112)
ومن الذي يسعى لتمزيق وحدة المسلمين بعوامل التقطيع والتفرقة ، ولكنّا نريد أن نسال ذلك الكاتب أيّ طبقة من طبقات الشيعة أرادت هدم الإسلام ؟ هل الطبقة الاُولى وهم أعيان صحابة النبي وأبرارهم كسلمان المحمّدي أو الفارسي ، وأبي ذر ، والمقداد ، وعمّار ، وخزيمة ذى الشهادتين ، وابن التيهان ، وحذيفة بن اليمان والزبير ، والفضل بن العباس وأخيه الحبر عبداللّه ، وهاشم بن عتبة المرقال ، وأبي أيّوب الأنصاري وأبان وأخيه خالد بن سعيد بن العاص ، واُبي بن كعب سيد القرّاء ، وأنس بن الحرث بن نبيه ، الذي سمع النبي يقول : « إنّ ابني الحسين ( عليه السلام ) يقتل في ارض يقال لها كربلاء فمن شهد ذلك منكم فلينصره » فخرج أنس وقتل مع الحسين. راجع الاصابة والاستيعاب وهما من أوثق ما ألّف علماء السنّة في تراجم الصحابة ، ولو أردت أن أعدّ عليك الشيعة من الصحابة واثبات تشيّعهم من نفس كتب السنّة لأحوجني ذلك إلى افراد كتاب ضخم (1).
    3 ـ قام الإمام السيّد عبدالحسين شرف الدين ( 1290 ـ 1377 ) بجمع أسماء الشيعة في الصحابة حسب حروف الهجاء ، وقال : وإليك اكمالا للبحث بعض ما يحضرني من أسماء الشيعة من أصحاب رسول اللّه لتعلم أنّ بهم اقتدينا وبهديهم اهتدينا ، وسأفرد لهم إن وفق اللّه كتاباً يوضح للناس تشيّعهم ويحتوي على تفاصيل شؤونهم ، ولعلّ بعض أهل النشاط من حملة العلم وسدنة الحقيقة يسبقني إلى تأليف ذلك الكتاب فيكون لي الشرف إذ خدمته بذكر أسماء بعضهم في هذا الباب وهي على ترتيب حروف الهجاء ، ثمّ ابتدأ بأبي رافع القبطي مولى رسول اللّه ، وختمهم بيزيد بن حوثرة الأنصاري ولم يشير من حياتهم إلى شئ ، وإنّما ألقى ذلك على الأمل أو على من يسبقه من بعض أهل النشاط.
1 ـ أصل الشيعة واُصولها 53 ـ 54 مطبعة العرفان.

(113)
    وقد ذكر السيد شرف الدين من أسمائهم مايربو على مائتين (1).
    4 ـ قام الخطيب المصقع الدكتور الشيخ أحمد الوائلي « حفظه اللّه » بذكر أسماء روّاد التشيّع في عصر الرسول في كتابه المطبوع « هويّة التشيّع » فجاء باسم مائة وثلاثين من خُلِّص أصحاب الإمام من الصحابة الكرام ، يقول بعد ما يذكر تنويه النبي باستخلاف علي في غير واحد من المواقف : ولا يمكن أن تمر هذه المواقف والكثير الكثير من أمثالها من دون أن تشد الناس لعلي ، ودون أن تدفعهم للتعرّف على هذا الإنسان الذي هو وصي النبي ، ثمّ لابدّ للمسلمين من اطاعة الأوامر التي وردت في النصوص ، والالتفات حول من وردت فيه ، ذلك معنى التشيّع الذي نقول انّ النبي ( صلّى اللّه عليه وآله وسلّم ) هو الذي بذر بذرته ، وقد أينعت في حياته وعرف جماعة بالتشيّع لعلي والالتفاف حوله ، وللتدليل على ذلك سأذكر لك أسماء الرعيل الأوّل من الصحابة الذين عرفوا بتشيّعهم للإمام علي (2).
    5 ـ آخرهم وليس أخيرهم كاتب هذه السطور حيث قام مجيباً دعوة السيد شرف الدين فألّف كتاباً في ذلك المجال في عدّة أجزاء ، نشر منه جزءان ، وانتهينا في الجزء الثاني من ترجمة أبي ذر ( جندب بن جناده ) ذلك الصحابي العظيم ، والكتاب باللغة الفارسية ونقله إلى العربية الشيخ المحقّق البارع جعفر الهادي وطبع ونشر.
    ومن أراد أن يقف على روّاد التشيّع في كتب الرجال لأهل السنّة فعليه أن يرجع إلى الكتب التالية :
1 ـ الفصول المهمّة في تأليف الاُمّة 179 ـ 190.
2 ـ هوية التشيّع 34.


(114)
    1 ـ الاستيعاب لأبي عمرو ( ت 456 ).
    2 ـ اُسد الغابة للجزري ( 606 ).
    3 ـ الاصابة لابن حجر ( 852 ).
    إلى غير ذلك من اُمّهات كتب الرجال.


(115)
الفصل السادس
افتراضات وهمية حول تاريخ الشيعة


(116)

(117)
    قد تعرّفت على تاريخ التشيّع ، وأنّه ليس وليد الجدال الكلامي ، ولا إنتاج السياسات الزمنية وانّما هو وجه آخر للاسلام وهما وجهان لعملة واحدة; إلاّ أنّ هناك جماعة من المؤرخين وكُتّاب المقالات ظنّوا أنّ التشيّع أمر حادث وطارئ على المجتمع الاسلامي ، فأخذوا يُفتّشون عن مبدئه ومصدره ، وأشد تلك الظنون عدوانية ما تلوكه أشداق بعض المتقدمين والمتأخرين ، هو كونه وليد عبداللّه بن سبأ ذلك الرجل اليهودي ، الذي ـ بزعمهم ـ طاف الشرق والغرب ، وأفسد الاُمور على الخلفاء والمسلمين وألّب الصحابه والتابعين على عثمان ، فقتل في عقر داره ، ثم دعا إلى علي بالإمامة والوصاية ، وإلى النبي بالرجعة ، وكوَّن مذهباً بإسم الشيعة ، فهو صنيع ذلك الرجل اليهودي المتظاهر بالاسلام وبما أنّ للموضوع أهمية خاصة لا نكتفي ببيان توهم واحد بل نأتي كل ذكر كل تلك الإدعاءات واحدة بعد الاُخرى ، مع رعاية التسلسل الزمني.


(118)

(119)
    الافتراض الأول :
الشيعة ويوم السقيفة
    إنّ مأساة السقيفة جديرة بالقراءة والتحليل ، وسوف نتطرّق إليها في فصل خاص عند البحث عمّا تنعقد به الامامة لدى السنّة والشيعة ، ولكن نذكر هنا موجز ما ذكره الطبري وغيره الذي صار سنداً لمن تخيّل أنّ التشيّع تكوّن في ذلك اليوم.
    قال الطبري : اجتمع الأنصار في سقيفة بني ساعدة ليبايعوا سعد بن عبادة ، فبلغ ذلك أبابكر فاتاهم ومعه عمر وأبو عبيدة بن الجراح ، فقال : ما هذا ؟ فقالوا : منّا أمير ومنكم أمير ، فقال أبوبكر : منّا الأمراء ومنكم الوزراء ـ إلى أن قال ـ فبايعه عمر ، وبايعه الناس ، فقالت الأنصار أو بعض الأنصار : لا نبايع إلاّ عليّا. ثم قال : أتى عمر بن الخطاب منزل علي وفيه طلحة والزبير ورجال من المهاجرين ، فقال : واللّه لأحرقنّ عليكم أو لتخرجنّ إلى البيعة ، فخرج عليه الزبير مسلّطاً بالسيف فعثر ، فسقط السيف من يده ، فوثبوا عليه فأخذوه ، وقال أيضاً : وتخلّف علي والزبير واخترط الزبير سيفه وقال : لا أغمده حتّى يبايَع علي ، فبلغ ذلك أبابكر وعمر فقالا : خذوا سيف الزبير ... (1).
1 ـ تاريخ الطبري 2 / 443 ـ 444.

(120)
    وقال اليعقوبي : ومالوا مع علي بن أبي طالب منهم ، العباس بن عبدالمطلب ، والفضل بن العباس ، والزبير بن العوام بن العاص ، وخالد بن سعيد ، والمقداد بن عمرو ، وسلمان الفارسي ، وأبو ذر الغفاري ، وعمار بن ياسر ، والبراء بن عازب ، وأبي بن كعب ... (1).
يلاحظ على تلك النظرية : انّ هذه النصوص تدل على أنّ فكرة التشيّع لعليّ كانت مختمرة في أذهانهم منذ عهد الرسول إلى وفاته ، فلمّا رأت الجماعة أنّ الحق خرج عن محوره ، عمدوا إلى التمسّك بالحق بالاجتماع في بيت علي الذي أوصاهم النبي به طيلة حياته ، إذ من البعيد جداً أن يجتمع رأيهم على علي في يوم واحد في ذلك اليوم العصيب. فالمعارضة كانت استمراراً لما كانوا يلتزمون به في حياة النبي ، ولم تكن فكرة خلقتها الظروف والأحداث.
    كان أبوذر وقت أخذ البيعة غائباً ولمّا جاء قال : أصبتم قناعة ، وتركتم قرابة ، لو جعلتم الأمر في أهل بيت نبيّكم لما اختلف عليكم الاثنان (2) وقال سلمان : أصبتم ذا السن ، وأخطأتم المعدن ، أما لو جعلتموه فيهم ما اختلف منكم اثنان ولأكلتموها رغدا.
    وروى الزبير بن بكار في الموفقيات : انّ عامة المهاجرين وجلّ الأنصار كانوا لا يشكّون أنّ علياً هو صاحب الأمر.
    وروى الجوهري في كتاب السقيفة : انّ سلمان والزبير وبعض الأنصار كان هواهم أن يبايعوا عليّاً.
    وروى أيضاً : انّه لمّا بويع أبوبكر واستقرّ أمره ، ندم قوم كثير من الأنصار
1 ـ تاريخ اليعقوبي 2 / 103 طبع النجف.
2 ـ ابن قتيبة : الامامة والسياسة 12.
بحوث في الملل والنحل ـ الجزء السادس ::: فهرس