بحوث في الملل والنحل ـ الجزء السادس ::: 251 ـ 260
(251)
و أنّه تعالى شيء لا كالأشياء ، أحد صمد لم يلد فيورث ، ولم يولد فيشارك ، ولم يكن له كفواً أحد ، ولا ند ولا ضد ، ولا شبه ولا صاحبة ، ولا مثل ولا نظير ولا شريك له ، لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار ، ولا الأوهام وهو يدركها ، لا تأخذه سنة ولا نوم وهو اللطيف الخبير ، خالق كل شيء لا إله إلا هو ، له الخلق والأمر تبارك اللّه ربّ العالمين.
    و من قال بالتشبيه فهو مشرك ، ومن نسب إلى الإمامية غير ما وصف في التوحيد فهو كاذب ، وكل خبر يخالف ما ذكرت في التوحيد فهو موضوع مخترع ، وكل حديث لا يوافق كتاب اللّه فهو باطل ، وإن وجد في كتب علمائنا فهو مدلس ... ثمّ إنّه قدّس اللّه سرّه ذكر الصفات الخبرية في الكتاب العزيز وفسّرها ، وبيّن حدّاً خاصّاً لصفات الذات وصفات الأفعال ، وما هو معتقد الإماميّة في أفعال العباد ، وانّه بين الجبر والتفويض ، كما ذكر عقائدهم في القضاء والقدر ، والفطرة والاستطاعة إلى غير ذلك من المباحث الهامّة ، التي تشكّل العمود الفقري للمعارف الإلهية. حتّى انّه قال :
    اعتقادنا أنّ القرآن الذي أنزله اللّه تعالى على نبيّه محمّد هو ما بين الدفّتين ، وهو ما في أيدي الناس ليس بأكثر من ذلك ، ومبلغ سورة عند الناس 114 سورة ، وعندنا أنّ الضحى والانشراح سورة واحدة ، كما أنّ الإيلاف والفيل سورة واحدة. ومن نسب إلينا أنّا نقول إنّه أكثر من ذلك فهو كاذب ... إلى آخر الرسالة (1).
    ثمّ إنّ الشيخ المفيد 336 ـ 413 قد شرح تلك الرسالة بكتاب أسماه شرح عقائد الصدوق ، أو تصحيح الاعتقاد ناقش فيها اُستاذه الصدوق في بعض المواضع التي
1 ـ لاحظ رسالة الصدوق في الاعتقادات ، وقد طبعت غير مرّة ، وعليها شروح وتعاليق العلماء منهم العلّامة المجلسي.
(252)
استند فيها الصدوق على روايات غير جامعة للشرائط في باب العقائد (1).

4 ـ ما أملاه هو أيضاً على جماعة في المجلس الثالث والتسعون ، وجاء فيه : واجتمع في هذا اليوم إلى الشيخ الفقيه أبي جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن موسى ابن بابوية أهل مجلسه والمشايخ ، فسألوه أن يملي عليهم وصف دين الإماميّة على الإيجاز والاختصار ، فقال : دين الإماميّة هو الإقرار بتوحيد اللّه تعالى ذكره ونفي التشبيه عنه ، وتنزيهه عمّا لا يليق ، والإقرار بأنبياء اللّه ورسله وحججه وملائكته وكتبه ، والإقرار بأنّ محمّداً هو سيّد الأنبياء والمرسلين ، وانّه أفضل منهم ومن جميع الملائكة المقرّبين ، وأنّه خاتم النبيّين فلا نبيّ بعده ... إلى آخر ما ذكر (2).

    5 ـ جمل العلم والعمل للسيّد الشريف المرتضى 355 ـ 436 :
    ألّف السيّد الشريف المرتضى رسالة موجزة في العقائد أسماها جمل العلم والعمل. وفيه عقائد الشيعة على وجه الإيجاز نذكر خصوص ما يرجع إلى التوحيد فعلى القارئ الكريم مطالعة نفس الرسالة ونقتطف ما يلي :

    بيان ما يجب اعتقاده أبواب التوحيد :
    الأجسام محدَثة لأنّها لم تسبق الحوادث ، فلها حكمها في الحدوث ، ولابدّ لها من محدث ، لحاجة كل محدَث في حدوثه إلى محدِث كالصناعة والكتابة.
    و لا بدّ من كونه ( تعالى ) قادراً لتعذّر الفعل على من لم يكن قادراً وتيسّره على
1 ـ طبع الكتاب مع كتاب أوائل المقالات للشيخ المفيد في تبريز عام 1371.
2 ـ الأمالي للشيخ الصدوق ـ أملاه يوم الجمعة الثاني عشر من شعبان سنة 368 ـ لاحظ 509 طبع بيروت.

(253)
من كان كذلك.
    و لابدّ من كون محدثها عالماً لأنّ الإحكام ظاهر في كثير من العالم ، والمحكم لا يقع إلا من عالم.
    و لابدّ من كونه موجوداً ، لأنّ له تعلّقاً من حيث كان قادراً عالماً ، وهذا الضرب من التعلّق لا يصح إلا مع الوجود.
    و يجب كونه قديماً ، لانتهاء الحوادث إليه.
    و يجب كونه حيّاً ، وإلا لم يصح كونه قادراً ، عالماً ، فضلاً عن وجوبه.
    و يجب أن يكون مدرٍِكاً اذا وجدت المدرَكات ، لاقتضاء كونه حيّاً.
    ذلك ، وواجب كونه سميعاً بصيراً ، لأنّه ممّن يجب أن يدرك المدركات إذا وجدت ، وهذه فائدة قولنا سميع بصير.
    و من صفاته ـ وإن كانتا عن علّة ـ كونه تعالى ، مريداً وكارهاً لأنّه تعالى ، قد أمر وأخبر ونهى ، ولا يكون الأمر والخبر ، أمراً ولا خبراً إلا بالإدارة. والنهي لا يكون نهياً إلا بالكراهة.
    و لا يجوز أن يستحق هاتين الصفتين لنفسه ، لوجوب كونه مريداً ، كارهاً للشيء الواحد ، على الوجه الواحد.
    و لا لعلّة قديمة ، لما سنبطل به الصفات القديمة.
    و لا لعلّة محدثة في غير حي لافتقار الإرادة إلى تنبيه. ولا لعلّة موجودة في حي ، لوجوب رجوع حكمها إلى ذلك الحي. فلم يبق إلا أن توجد لا في محل.
    و لا يجوز أن يكون له في نفسه صفة زائدة على ما ذكرناه لأنّه لا حكم لها معقول.
    و إثبات ما لا حكم له معقول من الصفات ، يفضي إلى الجهالات.
    و يجب أن يكون قادراً فيما لم يزل ، لأنّه لو تجدّد له ذلك لم يكن إلا لقدرة


(254)
محدثة ، ولا يمكن اسناد احداثها إلا إليه ، فيؤدّي إلى تعلّق كونه قادراً ، بكونه محدثاً وكونه محدثاً ، بكونه قادراً. وثبوت كونه قادراً فيما لم يزل ، يقتضي أن يكون فيما لم يزل حيّاً موجوداً.
    و يجب أن يكون عالماً فيما لم يزل لأنّ تجدّد كونه عالماً ، يقتضي أن يكون بحدوث علم ، والعلم لا يقع إلا ممّن هو عالم.
    و وجوب هذه الصفات ، لم تدل على أنّها نفسيّة ، وادّعاء وجوبها لمعان قديمة ، تبطل صفات النفس. ولأنّ الاشتراك في القدم ، يوجب التماثل والمشاركة في سائر الصفات. لا يجوز خروجه تعالى عن هذه الصفات لإسنادها إلى النفس.
    و يجب كونه تعالى غنيّاً غير محتاج ، لأنّ الحاجة تقتضي أن يكون ممّن ينتفع ويستضر وتؤدّي إلى كونه جسماً.
    لا يجوز كونه تعالى ( متّصفاً ) (1) بصفة الجواهر والأجسام والاعراض لقدمه وحدوث هذه أجمع ، ولأنّه فاعل الأجسام. الجسم يتعذّر عليه فعل الجسم.
    و لا يجوز عليه تعالى الرؤية لأنّه كان يجب مع ارتفاع الموانع وصحّة أبصارنا أن تراه.
    و لمثل ذلك يعلم أنّه لا يدرك بسائر الحواس.
    و يجب أن يكون تعالى واحداً لا ثاني له في القدم ، لأنّ إثبات ثان يؤدي إلى إثبات ذاتين لاحكم لهما يزيد على حكم الذات الواحدة ويؤدّي أيضاً إلى تعذّر الفعل على القادر من غير جهة منع معقول. وإذا بطل قديم ثان بطل قول الثنوية
1 ـ أضفناها من عندنا لاقتضاء السياق.
(255)
و النصارى والمجوس ... إلى آخرها (1).

    6 ـ البيان عن جمل اعتقاد أهل الإيمان للكراجكي ت 449 :
    كتب الإمام أبو الفتح الشيخ محمّد بن علي الكراجكي الطرابلسي رساله موجزة في عقائد الإمامية وأسماها « البيان عن جمل اعتقاد أهل الايمان ».
    قال : سألت يا أخي أسعدك اللّه بألطافه ، وأيّدك باحسانه ، واسعافه ، أن اثبت لك جملاً من اعتقادات الشيعة المؤمنين ، وفصولاً في المذهب يكون عليها بناء المسترشدين لتذاكر نفسك بها ، وتجعلها عدّة لطالبها ، وأنا أختصر لك القول واُجمله ، واُقرّب الذكر واُسهّله وأورده على سنن الفتيا في المقالة ، من غير حجّة ولا دلالة ، وما توفيقي إلا باللّه.

    في توحيده سبحانه :
    إعلم أنّ الواجب على المكلّف : أن يعتقد حدوث العالم بأسره ، وانّه لم يكن شيئاً قبل وجوده ، ويعتقد أن اللّه تعالى هو محدِث جميعه ، من أجسامه ، واعراضه ، إلا أفعال العباد الواقعة منهم ، فانّهم محدثوها دونه سبحانه.
    و يعتقد أن اللّه قديم وحده ، لا قديم سواه ، وانّه موجود لم يزل ، وباق لا يزال ، وانّه شئء لا كالأشياء. لا شبيه الموجودات ، ولا يجوز عليه ما يجوز على المحدثات وانّ له صفات يستحقّها لنفسه لا لمعان غيره ، وهي كونه حيّاً ، عالماً ،
1 ـ جمل العلم والعمل قسم العقائد ، الطبعة الثانية تحقيق رشيد الصفار ، طبعة النجف طالع الرسالة بأجمعها ، نعم رأيه في اعجاز القرآن من القول بالصرف رأي شخصي له ولا يمثّل رأي جمهور الامامية وفيها وراء النصوص ، آراء كلامية.
(256)
قديماً ، باقياً لا يجوز خروجه عن هذه الصفات إلى ضدّها ، يعلم الكائنات قبل كونها ، ولا يخفى عليه شيء منها.

    في عدله سبحانه :
    و انّ له صفات أفعال ، لا يصح اضافتها إليه في الحقيقة ، إلا بعد فعله ، وهي ما وصف به نفسه من انّه خالق ، ورازق ، ومعط ، وراحم ، ومالك ، ومتكلّم ، ونحو ذلك. وانّ له صفات مجازات وهي ما وصف به نفسه ، من أنّه يريد ، ويكره ، ويرضى ، ويغضب. فارادته لفعل هي الفعل المراد بعينه ، وارادته لفعل غيره هي الأمر بذلك الفعل ، وليس تسميتها بالارادة حقيقة ، وانّما هو على مجاز اللغة ، وغضبه هو وجود عقابه ، ورضاه هو وجود ثوابه ، وانّه لا يفتقر إلى مكان ، ولا يدرك بشيء من الحواس.
    و انّه منزّه من القبائح ، لا يظلم الناس وإن كان قادراً على الظلم ، لأنّه عالم بقبحه ، غني عن فعله ، قوله صدق ، ووعده حق ، لا يكلّف خلقه على ما لا يستطاع ، ولا يحرمهم صلاحاً لهم فيه الانفاع ، ولا يأمر بما لا يريد ، ولا ينهي عمّا يريد. وانّه خلق الخلق لمصلحتهم ، وكلّفهم لأجل منازل منفعتهم ، وأزاح في التكليف عللهم ، وفعل أصلح الأشياء بهم. وانّه أقدرهم قبل التكليف ، وأوجد لهم العقل والتمييز.
    و انّ القدرة تصلح أن يفعل بها وضده بدلاً منه. وانّ الحق الذي يجب معرفته ، يدرك بشيئين ، وهما العقل والسمع ، وانّ التكليف العقلي لا ينفك عن التكليف السمعي. وانّ اللّه تعالى قد أوجد ( للناس ) في كل زمان مسمعاً ( لهم ) من أنبيائه ، وحججه بينه وبين الخلق ، ينبّههم على طريق الاستدلال في العقليات ويفقّههم على ما لا يعلمونه إلا به من السمعيات. وانّ جميع حجج اللّه تعالى محيطون


(257)
علماً بجميع ما يفتقر إليهم فيه العباد. وانّهم معصومون من الخطأ والزلل عصمة اختيار. وانّ اللّه فضّلهم على خلقه ، وجعلهم خلفاءه القائمين بحقّه. وانّه أظهر على أيديهم المعجزات ، تصديقاً لهم فيما ادّعوه من الأنباء والاخبار. وانّهم ـ مع ذلك ـ بأجمعهم عباد مخلوقون ، بشر مكلّفون ، يأكلون ويشربون ، ويتناسلون ، ويحيون بإحيائه ، ويموتون بإماتته ، تجوز عليهم الآلام المعترضات فمنهم من قتل ، ومنهم من مات ، لا يقدرون على خلق ، ولا رزق ، ولا يعلمون الغيب إلا ما أعلمهم إله الخلق. وانّ أقوالهم صدق ، وجميع ما أتوا به حق.

    في النبوّة العامّة والخاصّة :
    و انّ أفضل الأنبياء اُولوا العزم ، وهم خمسة : نوح ، وابراهيم ، وموسى ، وعيسى ، ومحمّد ( صلّى اللّه عليه وآله وسلّم ) ، وانّ محمّداً بن عبد اللّه ( صلّى اللّه عليه وآله وسلّم ) أفضل الأنبياء أجمعين ، وخير الأوّلين والآخرين. وانّه خاتم النبيين وانّ آباءه من آدم ( عليه السلام ) إلى عبداللّه بن عبد المطلب ـ رضوان اللّه عليهم ـ كانوا جميعاً مؤمنين ، وموحّدين لله تعالى عارفين ، وكذلك أبو طالب ـ رضوان اللّه عليه ـ.
    و يعتقد أنّ اللّه سبحانه شرّف نبيّنا ( صلّى اللّه عليه وآله وسلّم ) بباهر الآيات ، وقاهر المعجزات ، فسبّح في كفّه الحصاء ، ونبع من أصابعه الماء ، وغير ذلك ممّا قد تضمّنته الأنباء ، وأجمع على صحّته العلماء ، وأتى بالقرآن المبين ، الذي بهر به السامعين ، وعجز من الاتيان بمثله سائر الملحدين.
    و انّ القرآن كلام ربّ العالمين ، وانّه محدث ليس بقديم. ويجب أن يعتقد أنّ جميع ما فيه من الآيات الذي يتضمّن ظاهرها تشبيه ألله تعالى بخلقه ، وانّه يجبرهم على طاعته أو معصيته ، أو يضل بعضهم عن طريق هدايته ، فإنّ ذلك كلّه لا يجوز حمله على ظاهرها ، وانّ له تأويلاً ، يلائم ما تشهد به العقول ممّا قدّمنا ذكره في


(258)
صفات اللّه تعالى ، وصفات أنبيائه.
    فإن عرف المكلّف تأويل هذه الآيات فحسن ، وإلا أجزأ أن يعتقد في الجلمة أنّها متشابهات ، وأنّ لها تأويلاً ملائماً ، يشهد بما تشهد به العقول والآيات والمحكمات ، وفي القرآن المحكم والمتشابه ، والحقيقة والمجاز ، والناسخ والمنسوخ والخاص والعام.
    و يجب عليه أن يقر بملائكة اللّه أجمعين ، وأنّ منهم جبرئيل وميكائيل ، وأنّهما من الملائكة الكرام ، كالأنبياء بين الأنام ، وأنّ جبرئيل هو الروح الأمين ، الذي نزل بالقرآن على قلب محمّ خاتم النبيين ، وهو الذي كان يأتيه بالوحي من ربّ العالمين.
    و يجب الاقرار بأنّ شريعة الاسلام التي أتى بها محمّد ( صلّى اللّه عليه وآله وسلّم ) ناسخة لما خالفها من شرائع الأنبياء المتقدّمين.
    و أنّه يجب التمسّك بها والعمل بما تضمنّته من فرائضها ، وأنّ ذلك دين اللّه الثابت الباقي إلى أن يرث اللّه الأرض ومن عليها ، لا حلال إلا ما أحلّت ، ولا حرام إلا محرّمت ، ولا فرض إلا ما فرضت ، ولا عبادة إلا ما أوجبت.
    و انّ من انصرف عن الاسم ، وتمّسك بغيره ، كافر ضال ، مخلّد في النار ، ولو بذل من الاجتهاد في العبادة غاية المستطاع.
    و انّ من أظهر الاقرار بالشهادتين كان مسلماً ، ومن صدّق بقلبه ، ولم يشك في فرض أتى به محمّد ( صلّى اللّه عليه وآله وسلّم ) كان مؤمناً.
    و من الشرائط الواجبة للإيمان ، العمل بالفرائض اللازمة ، فكل مؤمن مسلم ، وليس كل مسلم مؤمن :
    و قوله تعالى :


(259)
( إنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللّهِ الإسْلام ) (1). إنّما أراد به الإسلام الصحيح التام ، الذي يكون المسلم فيه عارفاً ، مؤمناً ، عالماً بالواجبات طائعاً.

    في الإمامة والخلافة :
    و يجب أن يعتقد أنّ حجج اللّه تعالى بعد رسوله الذين هم خلفاؤه ، وحفظة شرعه ، وأئمّة اُمّته ، اثنا عشر أهل بيته ، أوّلهم أخوه وابن عمّه ، وصهره بعل فاطمة الزهراء ابنته ، ووصيّه على اُمّته : على بن أبي طالب أمير المؤمنين ، ثمّ الحسن بن على الزكي ، ثمّ الحسين بن علي الشهيد ، ثم علي بن الحسين زين العابدين ، ثمّ محمد بن علي باقر العلوم ، ثمّ جعفر بن محمّد الصادق ، ثمّ موسى بن جعفر الكاظم ، ثمّ علي بن موسى الرضا ، ثمّ محمّد بن علي التقي ، ثمّ علي ابن محمّد المنتجب ، ثمّ الحسن بن علي الهادي ، ثمّ الخلف الصالح بن الحسن المهدي ( صلوات اللّه عليهم أجميعن ).
    لا إمامة بعد رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه وآله وسلّم ) إلا لهم عليهم السلام ولا يجوز الاقتداء في الدين إلا بهم ، ولا أخذ معالم إلا عنهم.
    و أنّهم في كمال العلم والعصمة من الآثام نظير الأنبياء ( عليهم السلام ).
    و أنّهم أفضل الخلق بعد رسول اللّه ( عليه السلام ).
    و إنّ إمامتهم منصوص عليها من قبل اللّه على اليقين والبيان.
    و أنّه سبحانه أظهر على أيديهم ألآيات ، وأعلمهم كثيراً من الغائبات ، والاُمور المستقبلات ، ولم يعطهم من ذلك إلا ما قارن وجهاً يعلمه من اللطف
1 ـ آل عمران / 19.
(260)
والصلاح.
    وليسوا عارفين بجميع الضمائر والغائبات على الدوام ، ولا يحيطون بالعلم بكل ما علمه اللّه تعالى.
    والآيات التي تظهر على أيديهم هي فعل اللّه دونهم ، أكرمهم بها ، ولا صنع لهم فيها.
    وأنّهم بشر محدثون ، وعباد مصنوعون ، لا يخلقون ، ولا يرزقون ، ويأكلون ويشربون ، وتكون لهم الأزواج ، وتنالهم الآلام والاعلال ، ويستضامون ، يخافون فيتقون ، وأنّ منهم من قتل ، ومنهم من قبض.
    وأنّ إمام هذا الزمان هو المهدي ابن الحسن الهادي ، وأنّه الحجّة على العالمين ، وخاتم الأئمّة الطاهرين ، لا إمامة لأحد بعد إمامته ، ولا دولة بعد دولته ، وأنّه غائب عن رعيته ، غيبة اضطرار وخوف من أهل الضلال ، وللمعلوم عند اللّه تعالى في ذلك الصلاح.
    ويجوز أن يعرّف نفسه في زمن الغيبة لبعض الناس ، وأنّ اللّه عزّوجلّ سيظهره وقت مشيئته ، ويجعل له الأعوان والأصحاب ، فيمهّد الدين به ، ( و ) يطهّر الأرض على يديه ، ويهلك أهل الضلال ، ويقيم عمود الإسلام ويصير الدين كلّه للّه.
    وأنّ اللّه عزّوجلّ يظهر على يديه عند ظهوره ، الأعلام ، وتأتيه المعجزات بخرق العادات ، ويحيي له بعض الأموات ، فإذا ( أ ) قام في الناس المدّة المعلومة عند اللّه سبحانه قبضه إليه ، ثم لا يمتد بعده الزمان ، ولا تتّصل الأيام حتّى تكون شرائط الساعة ، واماتة من بقى من الناس ، ثم يكون المعاد بعد ذلك.
    ويعتقد أنّ أفضل الأئمّة ( عليهم السلام ) أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب ، وأنّه لا يجوز أن يسمّى بأميرالمؤمنين أحد سواه.
    وأنّ بقيّة الأئمّة ـ صلوات اللّه عليهم ـ ، يقال لهم : الأئمة ، والخلفاء ،
بحوث في الملل والنحل ـ الجزء السادس ::: فهرس