بحوث في الملل والنحل ـ الجزء السادس ::: 551 ـ 560
(551)
هذا الباب على مصراعيه في موسوعته « بحارالأنوار » ، حيث يورد في أوّل كل باب الآيات الواردة حوله ثمّ يفسّرها اجمالا ، وبعد الفراغ منها ، ينتقل إلى الأحاديث التي لها صلة بالباب.
    و قد قام كاتب هذه السطور بتفسير الآيات النازلة حول العقائد والمعارف وخرج منه حتّى الآن سبعة أجزاء وانتشر باسم « مفاهيم القرآن » ولقي اقبالاً واسعا ، أساله سبحانه أن يوفّقني لا تمامه.

    الشيعة والتفسير الترتيبي :
    قد تعرّفت على أنّ المنهج الراسخ بين القدماء وأكثر المتأخّرين هو التفسير الترتيبي ، وقد قام فضلاء الشيعة من صحابة الامام علي والتابعين له إلى العصر الحاضر ، بهذا النمط من التفسير إمّا بتفسير جميع سوره ، أو بعضها والغالب على التفاسير المعروفة في القرون الثلاثة الاُولى ، هو التفسير بالأثر ، ولكن انقلب النمط إلى التفسير العلمي والتحليلي من أواخر القرن الرابع. فأوّل من ألف من الشيعة على هذا المنهاج هو الشريف الرضي ( 357 ـ 406 ) مؤلّف كتاب « حقائق التأويل » في عشرين جزءاً (1) ثمّ جاء بعده أخوه الشريف المرتضى فسلك مسلكه في أماليه المعروفة بالدرر والغرر. ثمّ توالى التأليف على هذا المنهاج من عصر الشيخ الأكبر الطوسي ( 385 ـ 460 ) مؤلّف « التبيان في تفسير القرآن » في عشرة أجزاء كبار ، إلى عصر هذا.
    فقد قامت الشيعة في كل قرن بتأليف عشرات التفاسير وفق أساليب متنوّعة ،
1 ـ وللأسف لم توجد منه نسخة كاملة في عصرنا الحاضر إلاّ الجزء الخامس وهو يكشف عن عظمة هذا السفر ويدل على جلالة المؤلّف.

(552)
ولغات متعدّدة. لا يحصيها إلاّ المتوغّل في المعاجم ورفوف المكتبات.
    ولقد فهرسنا على وجه موجز أسماء مشاهير المفسّرين من الشيعة وأعلامهم في 14 قرناً ، وفصلنا كل قرن عن القرن الآخر واكتفينا بالمعروفين ، لأنّ ذكر غيرهم عسير ومحوج إلى تأليف حافل. فبلغ عددهم 122 مفسّرا. ومن أراد الالمام بذلك فعليه الرجوع إلى المقدمة التي قدّمناها لتفسير التبيان للشيخ الطوسي ولأجل ذلك نطوي الكلام في المقام.

    7 ـ قدماء الشيعة وعلم الحديث :
    إنّ السنّة هو المصدر الثاني للثقافة الإسلامية بجميع مجالاتها ولم يكن شيء أوجب بعد كتابة القرآن وتدوينه وصيانته من نقص وزيادة ، من كتابة حديث الرسول وتدوينه وصيانته من الدس والدجل وقد أمر به الرسول غير مرة ، روى الامام أحمد عن عمر بن شعيب عن أبيه عن جدّه انّه قال للنبي : يا رسول اللّه أكتب كل ما أسمع منك ؟ قال : نعم. قلت : في الرضا والسخط ؟ قال ( صلّى اللّه عليه وآله وسلّم ) : نعم فانّه لا ينبغي لي أن أقول في ذلك إلاّ حقّا (1).
    إنّ اللّه سبحانه أمر بكتابة الدَّين حفظاً له ، واحتياطاً عليه واشفاقاً من دخول الريب فيه فالعلم الذي حفظه أصعب من حفظ الدَّين أحرى بأن يكتب ويحفظ من دخول الريب والشك فيه (2).
    فإذا كان النبي ( صلّى اللّه عليه وآله وسلّم ) لا ينطق عن الهوى وانّما ينطق عن
1 ـ مسند أحمد 2 / 207.
2 ـ الخطيب البغدادي : تقييد العلم 70.


(553)
الوحي الذي يوحى إليه (1) فيجب حفظ كلمه وأفعاله وتقريره. حتّى تصدر الاُمة عنها ويستغني المسلم عن المقاييس الظنّية والاستنباطات الذوقية.
    وبالرغم من وضوح الأمر وانّه كان من واجب ووظيفة المسلمين الاهتمام بدراسة سنّة النبيّ ( صلّى اللّه عليه وآله وسلّم ) وتدوينها. حالت الخلافة دون ذلك فأصبحت كتابة السنّة جريمة لا تغتفر حتّى انّ الخليفة الثاني قال لأبي ذرّ وعبداللّه بن مسعود وأبي الدرداء : « ما هذا الحديث الذي تفشون عن محمّد ؟ » (2).
    ولقد أضحى عمل الخليفة سنّة فاتّبعه عثمان ومشى على خطاه معاوية ، فأصبح ترك كتابة الحديث سنّة إسلامية وعُدّت الكتابة شيئاً منكراً مخالفاً لها.
    إنّ الرزيّة الكبرى هي المنع عن التحدّث بحديث رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه وآله وسلّم ) وكتابته وتدوينه ، وفسح المجال في نفس الوقت للرهبان والأحبار للتحدّث بما عندهم من صحيح وباطل ، ولقد أذن عمر لتميم الداري النصراني الذي استسلم في عام 9 من الهجرة أن يقص (3).
    ولمّا تسنّم عمر بن عبدالعزيز منصب الخلافة ، أدرك ضرورة تدوين الحديث فكتب إلى أبي بكر بن حزم في المدينة ، أن يقوم بتدوين الحديث قائلا : إنّ العلم لا يهلك حتّى يكون سرّا (4).
    ومع ذلك فلم يقدر ابن حزم على القيام بما أمر به الخليفة. لأنّ رواسب الحظر
1 ـ اقتباس عن قوله سبحانه : ( ما ضَلَّ صاحبُكُم وما غوى * وما ينطقُ عن الهوى * إنْ هو إلاّ وحيٌ يُوحى ) ـ النجم / 2 ـ 4.
2 ـ كنز العمال 10 / 293 برقم 29479. وفيه : ما هذه الأحاديث التي قد أفشيتم عن رسول اللّه الآفاق ؟
3 ـ كنز العمال 10 / 281.
4 ـ صحيح البخاري 1 / 27.


(554)
السابق المؤكد من قبل الخلفاء ، حالت دون اُمنيته إلى أن زالت دولة الاُمويين وجاءت دولة العباسيين. فقام المسلمون بتدوين الحديث في عصر أبي جعفر المنصور سنة 143. وأنت تعلم انّ الخسارة التي لحقت بالتراث الاسلامي من منع تدوين السنّة لا تجبر بتدوينه بعد مضي قرن ونيّف ، وبعد موت الصحابة وكثير من التابعين الذين رأوا النور وسمعوا منه الحديث. ولم يحدثوا ما سمعوه إلاّ سرّاً ومن ظهر القلب إلى مثله.
    أضف إلى ذلك أنّ الأحبار والرهبان والمأجورين للبلاط الأموي نشروا كل كذب وافتراء بين المسلمين.

    اهتمام الشيعة بتدوين الحديث :
    قام الامام أميرالمؤمنين علي ( عليه السلام ) بتأليف عدة كتب في زمان النبي ، فقد أملى رسول اللّه كثيراً من الأحكام عليه وكتبها الامام واشتهر بكتاب علي وقد روى عنه البخاري في صحيحه في باب « كتابة الحديث » (1) وباب « أثم من تبرّأ من مواليه » (2) وقد تبعه ثلّة من الصحابة الذين كانوا شيعة الامام وإليك أسماء من اهتمّ بتدوين الآثار وما له صلة بالدين وإن لم يكن حديث الرسول.
    1 ـ قام أبو رافع صحابي الرسول ( صلّى اللّه عليه وآله وسلّم ) بتدوين كتاب السنن والأحكام والقضايا (3).
    2 ـ قام الصحابي الكبير سلمان الفارسي المتوفى سنة 34 بتأليف كتاب حديث
1 ـ صحيح البخاري 1 / 27 كتاب العلم.
2 ـ صحيح البخاري 8 كتاب الفرائض الباب 20 ص 154.
3 ـ النجاشي : الرجال 64 برقم 1.


(555)
الجاثليق الرومي الذي بعثه ملك الروم بعد وفاة الرسول ( صلّى اللّه عليه وآله وسلّم ) قال الشيخ الطوسي : روى سلمان حديث الجاثليق الذي بعثه ملك الروم بعد النبي ( صلّى اللّه عليه وآله وسلّم ) (1).
    3 ـ وألّف الصحابي الورع أبو ذر الغفاري المتوفّى سنة 32 كتاب الخطبة يشرح فيها الاُمور بعد رسول اللّه ـ صلّى اللّه عليه و آله وسلّم ـ (2).
    هذا ما يرجع إلى الصحابة من الشيعة وأمّا الشيعة من غير الصحابة أعني التابعين وتابعي التابعين منهم ، فقد قام لفيف منهم بتدوين السنّة إلى عصر الغيبة الكبرى ، قد تكفّل بذكرهم وتآليفهم معاجم الرجال قديماً وحديثاً وإليك عرضاً موجزاً من محدّثي الشيعة وموّلّفيهم في القرن الأوّل وبداية الثاني.

    الطبقة الاُولى :
    1 ـ الأصبغ بن نباتة المجاشعي ، كان من خاصة أميرالمؤمنين ( عليه السلام ) روى عنه ( عليه السلام ) عهد الأشتر ، ووصيته إلى ابنه محمّد (3).
    2 ـ عبيداللّه بن أبي رافع ، المدني ، مولى النبي ( صلّى اللّه عليه وآله وسلّم ) ، كان كاتب أميرالمؤمنين ( عليه السلام ) ، له كتاب قضايا أميرالمؤمنين ( عليه السلام ) وتسمية من شهد مع أميرالمؤمنين الجمل وصفين والنهروان (4).
    3 ـ ربيعة بن سميع ، له كتاب في زكاة النعم عن أميرالمؤمنين ( عليه السلام ) (5).
1 ـ الطوسي : الفهرست 8.
2 ـ الطوسي : الفهرست 54.
3 ـ النجاشي : الرجال 1 / 70 برقم 4.
4 ـ الطوسي : الفهرست 107.
5 ـ النجاشي : الرجال 1 / 67 برقم 2.


(556)
    4 ـ سليم بن قيس الهلالي : أبو صادق ، له كتاب وهو مطبوع باسم كتاب سليم بن قيس.
    5 ـ علي بن أبي رافع ، قال النجاشي : ولابن أبي رافع كتاب آخر ، وهو علي بن أبي رافع ، تابعي من خيار الشيعة ، كانت له صحبة من أميرالمؤمنين ( عليه السلام ) ، وكان كاتباً له ، حفظ كثيراً ، وجمع كتاباً في فنون من الفقه : الوضوء ، والصلاة ، وسائر الأبواب (1).
    6 ـ عبيداللّه بن الحر الجعفي ، الفارس ، الفاتك ، الشاعر ، له نسخة يرويها عن أميرالمؤمنين ( عليه السلام ) (2).
    7 ـ زيد بن وهب الجهني ، له كتاب خطب أميرالمؤمنين ( عليه السلام ) على المنابر في الجمع والأعياد وغيرها (3).

    الطبقة الثانية :
    1 ـ الامام السجاد زين العابدين ( عليه السلام ) ، له الصحيفة الكاملة ، المشتهرة بزبور آل محمّد ( عليهم السلام ).
    2 ـ جابر بن يزيد بن الحارث الجعفي ، أبو عبداللّه ، المتوفّى سنة 128 ، له كتب (4).
    3 ـ زياد بن المنذر ، الضعيف ، كان مستقيماً ثم انحرف ، له أصل ،
1 ـ النجاشي : الرجال 1 / 65 برقم 1.
2 ـ النجاشي : الرجال 1 / 71 برقم 5.
3 ـ الطوسي : الفهرست 72.
4 ـ النجاشي : الرجال 1 / 313 برقم 330.


(557)
وله كتاب التفسير (1).
    4 ـ لوط بن يحيى بن سعيد ، شيخ أصحاب الأخبار بالكوفة ، له كتب كثيرة ، أورده الشيخ في رجاله (2) في أصحاب الحسن والصادق ( عليهما السلام ).
    5 ـ جارود بن منذر الثقة ، أورده الشيخ في أصحاب الحسن والباقر والصادق ( عليهم السلام ) ، له كتب (3).

    الطبقة الثالثة :
    وهم من أصحاب السجاد والباقر ( عليهما السلام ) :
    1 ـ برد الاسكاف ، من أصحاب السجاد والصادقين ( عليهم السلام ) ، له كتاب (4).
    2 ـ ثابت بن دينار ، أبو حمزة الثمالي الأزدي ، الثقة ، المتوفّى سنة 150 روى عنهم ( عليهم السلام ) ، له كتاب ، وله النوادر والزهد ، وله تفسير القرآن (5).
    3 ـ ثابت بن هرمز ، الفارسي ، أبو المقدم العجلي ، مولاهم الكوفي ، روى نسخة عن علي بن الحسين ( عليهما السلام ) (6).
    4 ـ بسام بن عبداللّه ، الصيرفي ، مولى بني أسد ، أبو عبداللّه ، روى عن
1 ـ الطوسي : الفهرست 72.
2 ـ الطوسي : الرجال 279 من أصحاب الصادق ( عليه السلام ) ولاحظ تعليقة المحقق.
3 ـ الطوسي : الرجال 112 في أصحاب الباقر ( عليه السلام ).
4 ـ النجاشي : الرجال 1 / 284 برقم 289.
5 ـ النجاشي : الرجال 1 / 289 برقم 294.
6 ـ النجاشي : الرجال 1 / 292 برقم 296.


(558)
أبي جعفر وأبي عبداللّه ( عليهما السلام ) ، له كتاب (1).
    5 ـ محمّد بن قيس البجلي ، له كتاب قضايا أميرالمؤمنين ( عليه السلام ) (2).
    6 ـ حجر بن زائدة الحضرمي ، روى عن الباقر والصادق ( عليهما السلام ) ، له كتاب (3).
    7 ـ زكريا بن عبداللّه الفياض ، له كتاب (4).
    8 ـ ثوير بن أبي فاختة « أبو جهم الكوفي » ، واسم أبي فاختة : سعيد بن علاقة (5).
    9 ـ الحسين بن ثور بن أبي فاختة سعيد بن حمران ، له كتاب نوادر (6).
    10 ـ عبدالمؤمن بن القاسم بن قيس ، الأنصاري ، المتوفّى سنة 147 ، عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب السجّاد والصادقين ( عليهم السلام ) ، له كتاب (7).
    ولقد خصّص أبو عمرو الكشّي باباً للمحدّثين المتقدّمين من الشيعة وجعله في صدر رجاله ، وتبعه النجاشي في رجاله فخصّ الطبقة الاُولى بباب ثمّ أورد أسماء الرواة على حسب الأحرف الهجائية.
    ولقد أجاد الشيخ الطوسي في التعرّف على طبقات الشيعة بعد رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه وآله وسلّم ) إلى عصره فذكر الأئمّة الاثني عشر ، وذكر أصحاب كل إمام
1 ـ النجاشي : الرجال 1 / 282 برقم 286.
2 ـ الطوسي : الفهرست 131.
3 ـ النجاشي : الرجال 1 / 347 برقم 382.
4 ـ النجاشي : الرجال 1 / 391 برقم 452.
5 ـ النجاشي : الرجال 1 / 295 برقم 301.
6 ـ النجاشي : الرجال 1 / 166 برقم 124.
7 ـ النجاشي : الرجال 2 / 168 برقم 653.


(559)
وفق الترتيب الزمني ، ثمّ ذكر باباً آخر باسم من لم يرهم ولكن روى عنهم بالواسطة.
    وأحسن كتاب اُلّف في هذا المجال هو ما ألّفه اُستاذنا الجليل السيد النحرير المحقق البروجردي الذي أخرج رجال الشيعة في 34 طبقة ، من عصر الصحابة إلى زمانه ( 1292 ـ 1380 ) فهذا الكتاب يكشف عن سبق الشيعة في نظم الحديث وتدوينة ، وأنّهم لم يقيموا لمنع الخلفاء وزناً ولا قيمة. وبذلك حفظوا نصوص النبي الأكرم وأهل بيته وقدّموها إلى المجتمع الاسلامي ، فعلى جميع علماء المسلمين أن يتمسّكوا بهذا الحبل الذي هو أحد الثقلين.
    هذا عرض موجز لمحدّثي الشيعة إلى عصر السجاد والباقر ( عليهما السلام ) وأمّا الطبقات الاُخرى فيأتي الكلام في فصل قدماء الشيعة والفقه لأنّهم تجاوزوا عن التحديث إلى درجة الاجتهاد.

    8 ـ قدماء الشيعة والفقه الاسلامي :
    إنّ الفقه الشيعي هو الشجرة الطيّبة ، الراسخة الجذور ، المتّصلة الاُسس بالنبوّة ، امتازت بالسعة والشمولية ، والعمق ، والدقّة ، والقدرة على مسايرة العصور المختلفة ، والمستجدّات من دون أن تتخطّى عن الحدود المرسومة في الكتاب والسنّة.
    إنّ الفقه الامامي يعتمد في الدرجة الاُولى على القرآن الكريم ثمّ على السنّة المحمدية المنقولة عن النبي ( صلّى اللّه عليه وآله وسلّم ) عن طريق العترة الطاهرة ( عليهم السلام ) أو الثقات من أصحابه والتابعين لهم باحسان.
    وكما يعتمد الفقه الشيعي على الكتاب والسنّة كذلك يتّخذ من العقل مصدراً في المجال الذي له الحق في ابداء الرأي. كأبواب الملازمات العقلية أو قبح التكليف بلا بيان أو لزوم البراءة اليقينية عند الاشتغال اليقيني.


(560)
    ولا يكتفي بذلك بل يستفيد من الاجماع في الاستنباط ولكن الاجماع المفيد هو الكاشف عن وجود النص في المسألة أو موافقة الامام المعصوم مع المجمعين في عصر الحضور.
    إنّ الشيعة الامامية قدّمت في ظلّ هذه الاُسس الأربعة فقهاً يتناسب مع المستجدّات ، جامعاً لما تحتاج إليه الاُمّة ولم يقفل باب الاجتهاد ، منذ رحلة النبي إلى يومنا هذا. بل فتح بابه طيلة القرون فأنتج عبر العصور فقهاءً عظاماً ، وموسوعات كبارا. لم يشهد التاريخ لها ولهم مثيلاً وإليك عرضاً موجزاً لمشاهير فقهائهم والايعاز إلى بعض كتبهم في القرون الأولى.

    فقهاء الشيعة في القرنين الأوّلين :
    تخرّجت من مدرسة أهل البيت وعلى أيدي أئمة الهدى عدة من الفقهاء العظام لا يستهان بهم فبلغوا الذروة في الاجتهاد كزرارة بن أعين ، ومحمّد بن مسلم الطائفي ، وبريد بن معاوية ، والفضيل بن يسار ، وكلّهم من أفاضل خريجي مدرسة أبي جعفر الباقر وولده الصادق ( عليهما السلام ). فأجمعت العصابة على تصديق هؤلاء وانقادت لهم في الفقه والفقاهة.
    ويليهم في الفضل لفيف آخر ، هم أحداث خريجي مدرسة أبي عبداللّه الصادق نظراء جميل بن دراج ، وعبداللّه بن مسكان ، وعبداللّه بن بكير ، وحماد بن عثمان ، وحماد بن عيسى ، وأبان بن عثمان.
    وهناك ثلة اُخرى يعدّون من تلاميذ مدرسة الامام موسى الكاظم وابنه أبي الحسن الرضا ( عليهما السلام ) نظراء يونس بن عبدالرحمان ، ومحمّد بن أبي عمير ، وعبداللّه بن المغيرة ، والحسن بن محبوب ، والحسين بن علي بن فضال ، وفضالة
بحوث في الملل والنحل ـ الجزء السادس ::: فهرس