بحوث في الملل والنحل ـ جلد السابع ::: 61 ـ 70
(61)
سنة اثنتين وعشرين ومائة (1).
    6 ـ وقال الصفدي : وكانوا قد صلبوه بالكناسة سنة إحدى واثنتين أو ثلاث وعشرين ومائة ، وله اثنتان أو أربع وأربعون سنة ثم حرقوه بالنار ، فسمّي زيد النار ، ولم يزل مصلوباً إلى سنة ست وعشرين ثم أُنزل بعد أربع سنين من صلبه (2).
    7 ـ وروى السياغي عن الاِمام المرشـد باللّه في أماليـه أنّه ولـد سنة 75 واستشهد سنة 122هـ (3).
    وسيوافيك عن الطبري والجزري في الفصل المختص بثورته أنّهما ذكرا تاريخ خروجه واستشهاده عام 122هـ.

القول الحق في ميلاده :
    ولكن هنا احتمالاً آخر لا يتفق مع جميع الاَقوال لكن توَيده القرائن والروايات وهي أنّ أُم زيد كما تقدم ـ كانت أمة أهداها المختار إلى الاِمام زين العابدين ( عليه السلام ) ـ وقد خرج المختار عام 66 وقتل عام 67هـ ، وطبع الحال يقتضي أنّه أهداها إلى الاِمام في أحد العامين ، ولا يمكن تأخره عنهما ، وبما أنّ زيداً كان أوّل ولدٍ أنجبت فلا محيص عن القول بأنّ زيداً من مواليد سنة 67هـ أو بعدها ، ولو قلنا بتأخر ولادة زيد إلى عام 75هـ وما بعده فلازم ذلك أن لا يمسّها الاِمام إلى ذلك العام أو كانت لا تلد إلى تلك السنة أو أولدت ولكن لم يكن له حظ من البقاء والكل بعيد. وعلى ضوء ذلك يحتمل قوياً أنّ يكون ميلاد زيد هو
    1 ـ الذهبي : تاريخ الاِسلام ووفيات المشاهير والاَعلام : 107 ـ 108 (حوادث سنة 121 ـ 140هـ).
    2 ـ الصفدي : الوافي بالوفيات : 15/34. (إنّ « زيد النار » لقب زيد بن موسى بن جعفر الذي خرج في عصر « المأمون » وأحرق بيوت بني العباس : والظاهر أنّ الصفدي قد سها في تسمية زيد بن علي به).
    3 ـ السياغي : الروض النضير : 1/96.


(62)
عام قتل المختار ، أعني : 67هـ ، أو عام بعده ، فلو أخذ في مقتله بالقول المشهور ، وأنّه استشهد عام 122هـ ، يكون عمره عند ذاك حوالي 55 سنة.
    هذا وتوَيد ذلك روايات تنصّ على أنّ أُمّه حملت زيداً عام الاَهداء وإليك نصّها :
    1 ـ روى الشيخ أبو القاسم فرات بن إبراهيم الكوفي ـ من أعلام أوائل القرن الرابع ـ في تفسيره عن الجعفي عن أبيه ، قال : كنت أُدمن الحجّ فأمرّ على علي ابن الحسين ( عليهما السلام ) فأُسلِّمُ عليه ففي بعض حججي غدا علينا علي بن الحسين ( عليهما السلام ) ووجهه مشرق فقال : « جاءني رسول اللّه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) في ليلتي هذه حتى أخذ بيدي فأدخلني الجنّة ، فزوّجني حوراء فواقعتها فعلقته ، فصاح بي رسول اللّه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : يا علي بن الحسين سمِّ المولود منها زيداً ».
    قال : فما قمنا من مجلس عليّ بن الحسين ذلك اليوم ، وعلي بن الحسين ( عليهما السلام ) يقصّ الروَيا حتى أرسل المختار بن أبي عبيدة بأُم زيد أرسل بها إليه المختار ابن أبي عبيدة هدية إلى علي بن الحسين ( عليهما السلام ) شراها بثلاثين ألفاً ، فلما رأينا إشغافه بها تفرّقنا من المجلس ، فلما كان من قابل حججت ومررت على علي بن الحسين ( ( عليهما السلام ).أ) لاَُسلِّم عليه فأخرج بزيد على كتفه الاَيسر وله ثلاثة أشهر وهو يتلو هذه الآية ويومىَ بيده إلى زيد وهو يقول : « هذا تَأوِيلُ رُوَيايَ مِن قَبلُ قَدْ جَعَلَها رَبِّي حَقّاً » (1).
    2 ـ روى أبو إسحاق إبراهيم بن محمد الثقفي وقال : وعن أبي حمزة الثمالي قال : كنت أزور علي بن الحسين ( عليهما السلام ) في كل سنة مرّة في وقت الحجّ ، فأتيته سنة وإذا على فخذه صبيّ ، فقام الصبي فوقع على عتبة الباب فانشجّ رأسه ، فوثب إليه علي بن الحسين ( عليهما السلام ) مُهَروِلاً فجعل ينشف دمه بثوبه
    1 ـ فرات بن إبراهيم : التفسير : 200 ، تحقيق محمد الكاظم.والآية 100 من سورة يوسف.

(63)
ويقول له : « يابني أُعيذك باللّه أن تكون المصلوب في الكناسة! » قلت : بأبي أنت وأُمي أيّ كناسة؟ قال : « كناسة الكوفة ». قلت : جعلت فداك ويكون ذلك ؟ قال : « أي واللّه إن عشت بعدي لترينّ هذا الغلام في ناحية من نواحي الكوفة مقتولاً مدفوناً منبوشاً مسلوباً مسحوباً مصلوباً في الكناسة ثم ينزل فيحرق ويدق ويذرى في البر ».
    قلت : جعلت فداك وما اسم هذا الغلام؟ قال : « زيد ». ثم دمعت عيناه ، ثم قال : « ألا أُحدثك بحديث ابني هذا ، بينما أنا ليلة ساجد وراكع ، ذهب بي النوم فرأيت كأنّي في الجنة ، وكأنّ رسول اللّه وعلياً وفاطمة والحسن والحسين ـ صلوات اللّه عليهم أجمعين ـ قد زوّجوني جارية من الحور العين ، فواقعتها واغتسلت عند سدرة المنتهى وَوَلِّيت ، وهاتف يهتف بي : لِيُهنَّك زيد ، ليهنّك زيد ، ليهنّك زيد. فاستيقظت فأصبت جنابة ، فقمت فتطهرت وصليت صلاة الفجر ، فدقّ الباب وقيل لي : على الباب رجل يطلبك. فخرجت فإذا أنا برجل معه جارية ملفوف كمها على يده ، مخمرة بخمار ، فقلت : ما حاجتك؟ فقال : أُريد علي بن الحسين. فقلت : أنا علي بن الحسين. قال : أنا رسول المختار بن أبي عبيدة الثقفي وهو يقرئك السلام ويقول : وقعت هذه الجارية في ناحيتنا فاشتريتها بستمائة دينار وهذه ستمائة دينار فاستعن بها على دهرك (1) ودفع إليّ كتاباً ، فأدخلت الرجل والجارية وكتبت له جواب كتابه ، وقلت للجارية : ما اسمك ؟ قالت : حوراء. فهيّوَوها لي وبتُّ بها عروساً فعلقت بهذا الغلام فسمّيته زيداً ، وهو هذا ، وسرّي ما قلت لك ».
    1 ـ روى ابن الاَثير : أنّ المختار وجد في بيت المال تسعة آلاف ألف فقسّمها بين أصحابه (الكامل : 4/226) ولعله عند ذاك بعث بهذه الدنانير إلى علي بن الحسين ( عليهما السلام ) ، فيكون عام الاِهداء هو عام الخروج.

(64)
    قال أبو حمزة : فما لبثت إلاّ برهة حتى رأيت زيداً بالكوفة في دار معاوية بن إسحاق فسلّمت عليه. ثم قلت : جعلت فداك ما أقدمك هذا البلد؟ قال : الاَمر بالمعروف والنهي عن المنكر. فكنت أختلفُ إليه فجئته ليلة النصف من شعبان فسلمت عليه وجلست عنده. فقال : يا أبا حمزة تقوم حتى تزور قبر أمير الموَمنين علي ( عليه السلام ) ؟ ـ قلت : نعم جعلت فداك.
    ثم ساق أبو حمزة الحديث حتى قال :
    أتينا الذكوات البيض فقال : هذا قبر علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) ثم رجعنا فكان من أمره ما كان. فواللّه لقد رأيته مقتولاً مدفوناً منبوشاً مسلوباً مسحوباً مصلوباً بالكناسة ثم أُحرق ودق وذُري في الهواء (1).
    3 ـ ما رواه أبو القاسم علي الخزاز قال : عن زيد بن علي ( عليه السلام ) قال : كنت عند أبي علي بن الحسين ( عليه السلام ) إذ دخل عليه جابر بن عبد اللّه الاَنصاري ، (م78هـ) فبينما هو يحدثه إذ خرج أخي محمد من بعض الحجر ، فأشخص جابر ببصره نحوه ثم قام إليه فقال : يا غلام أقبل ، فأقبل ، ثم قال : أدبر ، فأدبر ، فقال : شمائل كشمائل رسول اللّه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ما اسمك يا غلام؟ قال : « محمد ». قال : ابن من؟ قال : « ابن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب » ، قال : أنت إذاً الباقر. قال : فأبكى (فانكبّ) عليه وقبّل رأسه ويديه ثم قال : يا محمد إنّ رسول اللّه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يقرئك السلام. قال : « على رسول اللّه أفضل السلام وعليك يا جابر بما أبلغت السلام ».
    ثم عاد إلى مصلاّه ، فأقبل يحدث أبي ويقول : إنّ رسول اللّه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قال لي يوماً : يا جابر إذا أدركت ولدي الباقر فاقرأه مني السلام فإنّه سميّي وأشبه الناس بي ، علمه علمي وحكمه حكمي ، سبعة من ولده أُمناء
    1 ـ الثقفي : الغارات : 2/860 ـ 861؛ وابن طاووس : فرحة الغريّ : 51 ، المطبوع في ذيل مكارم الاَخلاق.

(65)
معصومون أئمة أبرار ، والسابع مهديهم الذي يملاَ الدنيا قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً. ثمّ تلا رسول اللّه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : « وَجَعَلناهُمْ أئمّةً يَهدُونَ بِأَمرنا وأوْحَيْنا إلَيْهِم فِعْلَ الخَيْراتِ وإقَامِ الصَّلاةِ وإيتَاءَ الزَّكاةِ وكَانُوا لَنا عابِدِينَ » (1).
    المشهور أنّ جابر ، توفي بين السبعين والثمانين من الهجرة (2).
    وهذه الروايات المسندة ، التي رواها الاَثبات من العلماء ، مع ما ذكرنا من القرينة يدفع جميع الاَقوال ويثبت أنّ ميلاده كان متقدماً على عقد السبعين كما عرفت.
    إكمال :
    ولعل ما يرويه الكليني في كافيه من تعبير عبد الملك تزويج الاِمام السجاد ، أمته راجع إلى أُم زيد التي كانت أمة وتزوجها الاِمام بعد الاعتاق ، وإليك النص :
    كان لعبد الملك بن مروان عين بالمدينة يكتب إليه بأخبار ما يحدث فيها ، وإن عليّ بن الحسين ( عليه السلام ) أعتق جارية له ثم تزوّجها ، فكتب العين إلى عبدالملك.
    ثم كتب عبد الملك إلى علي بن الحسين ( عليه السلام ) : « أمّا بعد : فقد بلغني تزويجك مولاتك ، وقد علمت أنّه كان في أكفّائك من قريش من تُمجّد به في الصهر ، وتستنجبه في الولد ، فلا لنفسك نظرت ، ولا على ولدك أبقيت والسلام.
    فكتب إليه علي بن الحسين ( عليه السلام ) : « أمّا بعد : فقد بلغني كتابك تعنّفني بتزويجي مولاتي وتزعم أنّه قد كان في نساء قريش من أتمجّد به في
    1 ـ الخزاز : كفاية الاَثر في النص على الاَئمة الاثني عشر : 298.والآية 73 من سورة الاَنبياء.
    2 ـ قال الشيخ الطوسي في رجاله : أنّه توفي عام 78 ، وبه قال ابن قتيبة في معارفه ، والطبري في ذيوله لاحظ : قاموس الرجال لشيخنا التستري : 2/519.


(66)
الصهر ، واستنجبه في الولد ، وأنّه ليس فوق رسول اللّه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) مرتقاً في مجد ، ولا مستزاد في كرم. وإنّما كانت ملك يميني خرجت منّي ، أراد اللّه عزّ وجلّ منّي بأمر التمس به ثوابه ، ثم ارتجعتها على سنة ، ومن كان زكياً في دين اللّه فليس يخل به شيء من أمره ، وقد رفع اللّه بالاِسلام الخسيسة ، وتمّم به النقيصة ، وأذهب اللوَم ، فلا لوَم على أمرىَ مسلم إنّما اللوَم لوَم الجاهلية والسلام ».
    فلمّا قرأ ، الكتاب رمى به إلى ابنه سليمان فقرأه ، فقال : يا أمير الموَمنين لشدّ ما فخر عليك علي بن الحسين!! فقال : يا بني لا تقل ذلك فإنّها ألسُن بني هاشم التي تفلق الصخر ، وتغرف من بحر ، أنّ علي بن الحسين ( عليه السلام ) يا بني يرتفع من حيث يتّضع الناس (1).

مواصفاته الخلقية :
    نقل السياغي عن الشيخ أبي محمد يحيى بن يوسف بن محمد الحجوري الشافعي : أنَّ زيداً كان أبيض اللون ، أعين ، مقرون الحاجبين ، تام الخلق ، طويل القامة ، كث اللحية ، عريض الصدر ، أقنى الاَنف ، أسود الرأس واللحية ، إلاّ أنّه خالطه الشيب في عارضيه.
    كان مثل جده ( عليه السلام ) في شجاعته وسخاوته وفصاحته وبلاغته وعلمه وحلمه ـ إلى أن قال : ـ وما أشبه حاله بقول من قال :
فما إن براه اللّه إلاّ لاَربع إمامٌ لاَخيارٍ ، وقلبٌ لجحفلٍ يقرّ له القاصي بهنّ مع الداني وفارسُ ميدانٍ وصدرٌ لاِيوانِ

    1 ـ الكليني : الكافي : 5/344.

(67)
    إلى أن قال : ونحن نعلم بأنّ من بني أُمية من خطب له في ثمانين ألف منبر ، فإذا مات ، مات ذكره معه ، وكان من بني العباس من كانت دولته خمسين سنة وملك أقطار الاَرض من شرق وغرب فما كان ذكرهم إلاّ مدّة حياتهم (1).
    روى أبو الفرج عن مولى آل الزبير ، قال : كنّا عند علي بن الحسين ( عليه السلام ) فدعا ابناً له يقال له : زيد ، فكبا لوجهه ، وجعل يمسح الدم عن وجهه ويقول : « أُعيذك باللّه أن تكون زيداً المصلوب بالكناسة من نظر إلى عورته متعمداً أصلى اللّه وجهه النار » (2).
    وعن أبي خالد الواسطي وأبي حمزة الثمالي عن أبي جعفر ( عليه السلام ) أنّه قال لهما : « يا أبا خالد ، وأنت يا أبا حمزة إنّ أبي دعا زيداً فاستقرأه القرآن ، فقرأ عليه ، فسأله عن المعضلات ثم دعا له وقبّل بين عينيه » ، ثم قال أبو جعفر ( عليه السلام ) : « يا أبا حمزة إنّ زيداً أُعطي من العلم علينا بسطة » (3).
    والظاهر أنّ الراوي صحّف كلمة الاِمام وأضاف لفظة « علينا » وأنّ أبا جعفر قال : إنّ زيداً أُعطي من العلم بسطة مشيراً إلى قوله سبحانه : « وزادَهُ بَسْطَةً في العِلْمِ والجِسْم » (البقرة ـ 247).
    ولو صحّ ما ذكره السياغي فيرجع كونه ذا قراءة خاصة إلى عصره والده السجاد ( عليه السلام ) : فقال أبو سعيد الحميري أنّه ضليع بعدّة علوم منها علم القرآن ، ووجوه القراءات وله قراءة خاصة مفردة مروية عنه (4).
    ونقل الشيخ الطوسي في الفهرست أنّ قراءته هي عين قراءة جده الاِمام
    1 ـ السياغي : الروض النضير : 1/97 ، حميد بن أحمد المحلي : الحدائق الوردية : 138.
    2 ـ أبو الفرج : مقاتل الطالبيين : 89.
    3 ـ السياغي : الروض النضير : 1/102 ، حميد بن أحمد المحلي : الحدائق الوردية : 142.
    4 ـ الحور العين : 186.


(68)
علي ابن أبي طالب ( عليه السلام ) (1).
    قال محقّق تفسيره في مقدمته : « ولعلّ أوّل من جمع قراءته بكتاب مستقل عمر بن موسى الوجيهي الذي كان معاصراً لزيد فقال عنها : « إنّ هذه القراءة سمعتها عن زيد بن علي ( عليه السلام ) » وكان هذا الكتاب موجوداً بعد سنة إحدى وستين ومائتين فقد استنسخها إبراهيم بن مسكين في السنة ذاتها ونقل عنه بعد ذلك يحيى بن كهمش.
    وقد جمع قراءته أيضاً الحسن بن علي الاَهوازي. ولعل أبا حيان قد اطّلع عليها أو على قسم منها على الاَقل ، فقد استشهد منها في كتابه البحر المحيط فذكر « أنّ الاَهوازي ... في قراءة زيد بن علي أنّه قرأ ربّ العالمينَ الرحمنَ الرحيمَ بنصب الثلاثة ».
    وجمعها أيضاً أبو حيان في كتاب سمّاه : « النير الجلي في قراءة زيد بن علي ».
    ووردت قراءة زيد أيضاً كاملة في كتب القراءة والتفسير لكنها مقرونة بغيرها من القراءات حسب ورود كل منها على الآية القرآنية الكريمة.
    فقد جاءت بهذه الطريقة في كتب القراءات كما في كتاب « شواذ القراءة » للكرماني ، وأيضاً في كتاب « معجم القراءات القرآنية ».
    وكذلك وردت كاملة في كتب التفسير كما في كتاب « البحر المحيط » لاَبي حيان وكذلك ضمها الآلوسي لكتابه في التفسير المسمّى « روح المعاني » (2).
    وقال الكاتب الچلبي : كتاب « النير الجلي في قراءة زيد » لاَبي علي الاَهوازي المقري (3).
    1 ـ الطوسي : الفهرست : 140.
    2 ـ الدكتور حسن محمد تقي الحكيم : تفسير الشهيد زيد بن علي : 37 ، المقدمة.
    3 ـ الكاتب الچلبي : كشف الظنون : 2/624.


(69)
وفي الختام :
    نقل المقريزي عن عاصم بن عبيد اللّه أنّه قال : لقد أُصيب عندكم رجل ماكان في زمانكم مثله ، ولا أراه يكون بعده مثله (زيد بن علي) لقد رأيته وهو غلام حدث ، وأنّه ليسمع الشيء من ذكر اللّه فيغشى عليه ، حتى يقول القائل ما هو بعائد إلى الدنيا ... (1).

حياته في عصر الاِمام الباقر ( عليه السلام ) :
    التحق الاِمام زيد العابدين ( عليه السلام ) بالرفيق الاَعلى ، ونصّ على إمامة ولده البارّ ، أبي جعفر محمد الباقر ( عليه السلام ) الذي دان بفضله وعلمه وورعه الداني والقاصي ، والموَالف والمخالف قال ابن حجر : سمّي الاِمام باقراً ، لاَنّه من بقر الاَرض أي شقّها وإثارة مخبآتها ومكامنها ، فكذلك هو أظهر من مخبآت كنوز المعارف وحقائق الاَحكام والحكم واللطائف ما لا يخفى إلاّ على منطمس البصيرة أو فاسد الطويّة والسريرة ، ومن ثم قيل هو باقر العلم وشاهر علمه ورافعه (2).
    لقد استنارت بقية الصحابة ووجوه التابعين ، من نوره ، وارتووا من منهل علمه ، فكان الاحتفال بمجالسه أكبر احتفال ، يوم ذاك. توفي الاِمام زين العابدين ( عليه السلام ) ، وزيد بن علي في أوان حلُمه ، أو بعده بقليل فضّمه الاِمام الباقر إلى أولاده فكان يعطف عليه ويحنو إليه كالوالد الروَوف بالنسبة إلى أولاده إلى أن شبّ وترعرع ، وبلغ في العلم والعمل ما بلغ ، وقد نصّ بذلك أكثر من كتب عن زيد :
    1 ـ السياغي : الروض النضير : 1/ 98 ، لاحظ الخطط للمقريزي : 2/419.
    2 ـ ابن حجر : الصواعق المحرقة : 200 ، ط2 ، مكتبة القاهرة (1385هـ ـ 1965م).


(70)
    1 ـ قال الشيخ في فصل أصحاب الاِمام الباقر ( عليه السلام ) : « زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب أبو الحسن ، أخوه ( عليه السلام ) ، ذكره أيضاً في أصحاب أبيه زين العابدين ( عليه السلام ) (1).
    2 ـ قال المزي : روى عن : أبان بن عثمان ، وعبيد اللّه بن أبي رافع ، وعروة بن الزبير وأبيه علي بن الحسين وأخيه أبي جعفر محمد بن علي الباقر (2).
    3 ـ وذكره بهذا النصّ ابن حجر في تهذيب التهذيب (3).
    4 ـ وقال الذهبي : زيد بن علي بن الحسين ... الهاشمي العلوي أخو أبي جعفر ... روى عن : أبيه وأخيه أبي جعفر وعروة وكان أحد العلماء الصلحاء بدت منه هفوة (4) فاستشهد فكانت سبباً لرفع درجته في آخرته (5).
    لقد عاش زيد تحت رعاية أخيه الكبير البار الحنون فتلقى منه الحديث والتفسير والاَُصول والمعارف حتى فاق وبرع أقرانه.
    قال ابن زهرة : وقد مات أبوه (زيد) عام 94هـ أي وهو في الرابعة عشرة من عمره فتلقى الرواية عن أخيه محمد الباقر ( عليه السلام ) الذي يكبره بسن تسمح بأن يكون له أباً إذ إنّ الاِمام جعفر الصادق بن الاِمام محمد الباقر ( عليهما السلام ) ، كان مثل سن الاِمام زيد رضي اللّه عنهم أجمعين.
    1 ـ الشيخ الطوسي : الرجال : باب الزاي : 89 ـ 122.
    2 ـ جمال الدين المزّي : تهذيب الكمال : 10/96.
    3 ـ ابن حجر العسقلاني : تهذيب التهذيب : 3/419.
    4 ـ أُنظر إلى كلام الرجل ، وتسميته الخروج على الظلم والعدوان هفوة والمداراة مع الظالمين ثباتاً على الدين. ولا عتب لاَنّه من الذين رأوا الخروج على الظالمين حراماً ، على خلاف قول رسول اللّه من رأى سلطاناً جائراً مستحلاً حرم اللّه ، ناكثاً لعهد اللّه ، مخالفاً لسنّة رسول اللّه ، يعمل في عباده بالاِثم والعدوان ، فلم يُغير عليه بفعل أو قول كان حقاً على اللّه أن يدخله مدخله (الطبري : التاريخ : 4/304) وسيوافيك الكلام في هذا المجال في المستقبل.
    5 ـ الذهبي : تاريخ الاِسلام : 105 (حوادث سنة 121 ـ 140هـ).
بحوث في الملل والنحل ـ جلد السابع ::: فهرس