بحوث في الملل والنحل ـ جلد السابع ::: 91 ـ 100
(91)
ومن أبى إلاّ عتوّاً وعناداً فأنت تعاقبه على عتوّه وعناده.
    فاللّه اللّه عباد اللّه أجيبوا إلى كتاب اللّه ، وسارعوا إليه ، واتخذوه حكماً فيما شجر بينكم ، وعدلاً فيما فيه اختلفنا ، وإماماً فيما فيه تنازعنا ، فإنّا به راضون ، وإليه منتهون ، ولما فيه مسلمون ، لنا وعلينا. لانريد بذلك سلطاناً في الدنيا ، إلاّ سلطانك ، ولانلتمس بذلك أثرة على موَمن ، ولا موَمنة ، ولاحر ، ولا عبد.
    عباد اللّه فأجيبونا إجابة حسنة تكن لكم البشرى.
    يقول اللّه عزّ وجلّ في كتابه : « فَبَشِّـرْ عِبَادِ * الّذِينَ يَسْتَمِعُونَ القَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أحْسَنَهُ » (1).
    ويقول : « وَمَنْ أحْسَنُ قَوْلاً مِـمَّن دَعَا إِلى اللّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقالَ إِنّنِي مِنَ المُسْلِمِينَ » (2).
    [مكانة أهل البيت ( عليهم السلام )]
    عباد اللّه فاسرعوا بالاِنابة وأبذلوا النصيحة ، فنحن أعلم الاَُمّة باللّه ، وأوعى الخلق للحكمة ، وعلينا نزل « القرآن » ، وفينا كان يهبط « جبريل » ( عليه السلام ) ، ومن عندنا اقتبس الخير. فمن علم خيراً فمنّا اقتبسه ، ومن قال خيراً فنحن أصله ، ونحن أهل المعروف ، ونحن الناهون عن المنكر ، ونحن الحافظون لحدود اللّه.
    عباد اللّه فأعينونا على من استعبد أُمّتنا ، وأخرب أمانتنا ، وعطّل كتابنا ، وتشرف بفضل شرفنا. وقد وثقنا من نفوسنا بالمضي على أُمورنا ، والجهاد في سبيل خالقنا ، وشريعة نبينا ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، صابرين على الحق ، لا نجزع من نائبة من ظلمنا ، ولا نرهب الموت إذا سلم لنا ديننا.
    1 ـ الزمر : 17 ـ 18.
    2 ـ فصلت : 33.


(92)
    فتعاونوا ، وانصروا ، يقول اللّه عزّ وجلّ في كتابه : « يَا أَيُّها الّذِينَ آمَنُوا إنْ تَنْصُـرُوا اللّهَ يَنْصُـرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أقدامَكُمْ » (1).
    ويقول اللّه عزّ وجلّ : « وَليَنْصُرَنَّ اللّه مَنْ يَنْصُـرُهُ إنَّ اللّه لَقَويٌّ عَزيزٌ * الّذِينَ إنْ مَكّنَّاهُمْ فِي الاَرضِ أقامُوا الصّّلاةَ وآتَوُا الزّكاةَ وَأَمَرُوا بِالمعَرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ المُنْكَرِ وللّهِ عاقِبَةُ الاَُمورِ » (2).
    عباد اللّه فالتمكين قد ثبت بإثبات الشريعة ، وبإكمال الدين يقول اللّه عزّ وجلّ : « فَتَوَلَّ عَنْهُمْ فَما أنْتَ بِمَلُوم » (3).
    وقال اللّه عزّ وجلّ فيما احتج به عليكم : « اليَوْمَ أكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الاِسلامَ دِيناً » (4).
    عباد اللّه فقد أكمل اللّه تعالى الدين ، وأتم النعمة ، فلا تنقصوا دين اللّه من كماله ، ولا تبدّلوا نعمة اللّه كفراً فيحل بكم بأسه وعقابه.
    عباد اللّه إنّ الظالمين قد استحلّوا دماءنا ، وأخافونا في ديارنا ، وقد اتّخذوا خذلانكم حجة علينا فيما كرهوه من دعوتنا ، وفيما سفهوه من حقّنا ، وفيما أنكروه من فضلنا عناداً للّه ، فأنتم شركاوَهم في دمائنا ، وأعوانهم في ظلمنا ، فكل مال للّه أنفقوه ، وكل جمع جمعوه ، وكل سيف شحذوه (5) ، وكل عدل تركوه ، وكل جور ركبوه ، وكل ذمة للّه تعالى أخفروها (6) وكل مسلم أذلّوه ، وكل كتاب نبذوه ، وكل
    1 ـ محمد : 7.
    2 ـ الحج : 40ـ 41.
    3 ـ الذاريات : 54.
    4 ـ المائدة : 3.
    5 ـ شحذوه : أحدّوه.
    6 ـ أخفره : نقض عهده.


(93)
حكم للّه تعالى عطّلوه ، وكل عهد للّه تعالى نقضوه ، فأنتم المعينون لهم على ذلك بالسكوت عن نهيهم عن السوء.
    عباد اللّه إنّ الاَحبار والرهبان من كل أُمّة مسوَولون عما استحفظوا عليه ، فأعدّوا جواباً للّه عزّ وجلّ على سوَاله.
    اللهم إنّي أسألك بنبيّنا محمّد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) تثبّتاً منك على الحقّ الذي ندعو إليه وأنت الشهيد فيما بيننا ، الفاصل بالحقّ فيما فيه اختلفنا ، ولاتستوي الحسنة ولا السيئة.
    والسلام على من أجاب الحقّ ، وكان عوناً من أعوانه الدالّين عليه.
    تمّ ذلك بحمد اللّه ومنّه.

مناظراته :
    إنّ لزيد الشهيد مناظرات جرت بينه وبين هشام وأُناس أُخر وفيها دلالة واضحة على قوة منطقه ، ونضاجة فكره وبالاَخص على حضور بديهته نقتطف ما يلي :
    1 ـ روى موفق الدين عن معمر بن خيثم : قال لي زيد بن علي : كنت أُباري هشام بن عبد الملك وأُكايده في الكلام ، فدخلت عليه يوماً فذكر بني أُمية ، فقال : واللّه هم أشدّ قريش أركاناً ، وأشدّ قريش مكاناً ، وأشدّ قريش سلطاناً ، وأكثر قريش أعواناً ، كانوا روَوس قريش في جاهليّتها ، وملوكهم في إسلامها فقلت له : على من تفخر؟ أعلى بني هاشم ، أوّل من أطعم الطعامَ وضرب الهامَ وخضعت لها قريش بإرغام ، أم على بني المطلب سيد مُضر جميعاً ، وإن قلت معد كلّها صدَقت ، إذا ركب مشوا ، وإذا انتعل احتفوا ، وإذا تكلّم سكتوا ، وكان يطعم الوحوش في روَوس


(94)
الجبال والطير ، والسباع والاِنس في السهل ، حافر زمزم ، وساقي الحجيج ، أم على بنيه أشرف رجال ، أم على نبي اللّه ورسوله حمله اللّه على البراق ، وجعل الجنة عن يمينه ، والنار عن شماله فمن تبعه دخل الجنة ، ومن تأخّر عنه دخل النار ، أم على أمير الموَمنين وسيد الوصيين علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) أخي رسول اللّه وابن عمه المفرِّج الكرب عنه وأوّل من قال لا إله إلاّ اللّه بعد رسول اللّه لم يبارزه فارس قط إلاّ قتله ، وقال فيه رسول اللّه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) مالم يقله في أحد من أصحابه ولا لاَحد من أهل بيته ، قال : فاحمر وجهه (1).
    2 ـ دخل زيد على هشام بن عبد الملك ، وقد جمع له هشام أهل الشام وأمر أن يتضايقوا في المجلس حتى لا يتمكن من الوصول إلى قربه ، فقال له زيد : إنّه ليس من عباد اللّه أحد فوق أن يوصى بتقوى اللّه ، ولا من عباد اللّه أحد دون أن يوصى بتقوى اللّه ، وأنا أُوصيك بتقوى اللّه يا أمير الموَمنين فاتقه ، فقال له هشام : أنت الموَهل نفسك للخلافة ، الراجي لها؟ وما أنت وذاك لا أُمّ لك وإنّما أنت ابن أمة ، فقال له زيد : إنّي لا أعلم أحداً أعظم منزلة عند اللّه من نبيّ بعثه وهو ابن أمة ، فلو كان ذلك يقصر عن منتهى غاية ، لم يبعث ، وهو إسماعيل بن إبراهيم ( عليهما السلام ) فالنبوة أعظم منزلة عند اللّه أم الخلافة يا هشام؟ وبعد فما يقصر برجل أبوه رسول اللّه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وهو ابن علي بن أبي طالب ، فوثب هشام عن مجلسه (وزيد في عمدة الطالب ووثب الشاميون) ودعا قهرمانه فقال : لا يبيتن هذا في عسكري (الليلة) فخرج زيد وهو يقول : إنّه لم يكره قط أحد حد السيوف إلاّ ذلّوا (2).
    3 ـ قد وشي بزيد إلى هشام ، فسأله عن ذلك فقال : أحلف لك. قال هشام : فإذا حلفت أفأُصدقك؟! قال : إتق اللّه. قال هشام : أومثلك يا زيد يأمر مثلي بتقوى
    1 ـ موفق الدين الخوارزمي : مقتل الحسين : 2 / 117.
    2 ـ المفيد : الاِرشاد : 268 ، طبعة النجف الاَشرف.


(95)
اللّه ، قال : لا أحد فوق أن يوصى بتقوى اللّه ، ولا أحد دون أن يوصى بتقوى اللّه. قال هشام : بلغني أنّك تريد الخلافة وأنت لا تصلح لها لاَنّك ابن أمة قال : قد كان إسماعيل بن إبراهيم ابن أمة وإسحق ابن حرة ، فأخرج اللّه من صلب إسماعيل النبيّ الكريم ، فعندها قال له هشام : قم ، قال : إذاً لا تراني إلاّ حيث تكره (1).
    4 ـ روى خالد بن صفوان اليمامي ، قال : أتينا زيـد بن علي وهو يومئذ بالرصافة ، رصافة هشام بن عبد الملك ، فدخلنا عليه في نفر من أهل الشام وعلمائهم وجاءُوا معهم برجل انقاد له أهل الشام في البلاغة ، والبصر بالحجج ، وكلّمنا زيد بن علي في الجماعة وقلنا : إنّ اللّه مع الجماعة وأنّ أهل الجماعة حجّة اللّه على خلقه ، وأنّ أهل القلّة هم أهل البدعة والضلالة ، قال : فحمد اللّه وأثنى عليه وصلّـى على محمد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ثم تكلّم بكلام ما سمعت قرشيّاً ولا عربيّاً أبلغ موعظة ، ولا أظهر حجّة ولا أفصح لهجة منه ، قال : ثم أخرج إلينا كتاباً قاله في الجماعة والقلة ، ذكر من كتاب اللّه فلم يذكر كثيراً إلاّ ذمّه ولم يذكر قليلاً إلاّ مدحه ، والقليل في الطاعة هم أهل الجماعة ، والكثير في المعصية هم أهل البدع. قال خالد بن صفوان : فيئس الشامي فما أحلى ولا أمر (كذا) وسكت الشاميون فما يجيبون بقليل ولا كثير ، ثم قاموا من عنده فخرجوا وقالوا لصاحبهم : فعل اللّه بك وفعل ، غررتنا وفعلت ، زعمت أنّك لا تدع له حجّة إلاّ كسرتها فخرست ، فلم تنطق ، فقال لهم : ويلكم كيف أكلّم رجلاً إنّما حاجّني بكتاب اللّه أفأستطيع أن أرد كلام اللّه؟! فكان خالد بن صفوان يقول بعد ذلك : ما رأيت في الدنيا رجلاً قرشياً ولا عربياً يزيد في العقل والحجج غير زيد بن علي ( عليهما السلام ) (2).
    1 ـ مختار البيان والتبيين كما في زيد الشهيد للاَمين : 48 ـ 49.
    2 ـ حميد المحلي : الحدائق الوردية : 142 ـ 143؛ السياغي : الروض النضير : 1/100.


(96)
أشعاره :
    هذه نتف من مناظراته وفيها غنى وكفاية ، فلنعطف عنان البحث إلى ما جادت به قريحته في مواقف مختلفة ويبدو أنّه لا ينظم الشعر إلاّ في مجالات قليلة ، يصبّ ما في نفسه من جوى وشكوى ، وحماس في قالب النظم وإليك بعض ما وقفنا عليه :
    1 ـ روى أبو الفرج عن زكريا قال : أردت الخروج إلى الحجّ فمررت بالمدينة ، فقلت : لو دخلت على زيد بن علي ، فدخلت فسلمت عليه فسمعته يتمثّل :
ومن يطلب المال الممنّع بالقنا متى تجمع القلب الذكي وصارماً وكنت إذا قوم غزوني غزوتهم يعش ماجداً أو تخترمه المخارم وأنفاً حمياً تجتنبك المظالم فهل أنا في ذا يالهمدان ظالم
    يقول : فخرجت من عنده وظننت أنّ في نفسه شيئاً وكان من أمره ما كان (1).
    2 ـ روى الخزاز عن ابن بكير أنّه قال لزيد : يابن رسول اللّه هل عهد إليكم رسول اللّه متى يقوم قائمكم؟ قال : يا بن بكير ، إنّك لن تلحقه ، وإن هذا الاَمر يليه ستة أوصياء بعد هذا ، ثم يجعل اللّه خروج قائمنا فيملاَها قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً ، قلت يا بن رسول اللّه ألست صاحب هذا الاَمر؟ فقال : أنا من العترة ، فعدت فعاد إليّ ، فقلت : يا بن رسول اللّه هذا الذي قلته عنك أو عن رسول اللّه؟ فقال : لو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير ، لا ولكن عهد ، عهِدَه إلينا رسول اللّه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ثم أنشأ يقول :
    1 ـ أبوالفرج : مقاتل الطالبيين : 89.

(97)
    
نحن سادات قريش نحن الاَنوار التي من نحن منّا المصطفى ال فبنا قد عرف اللّه سوف يصلاه سعيراً وقوام الحقّ فينا قبل كون الخلق كنّا ـمختار والمهدي منّا وبالحق أقمنا من تولى اليوم عنّا (1)
    3 ـ روى ابن شهر آشوب في المناقب أنّه رثى الاِمام الباقر ( عليه السلام ) بأبيات وقال :
    
ثوى باقر العلم في ملحد فمن لي سوى جعفر بعده أبا جعفر الخير أنت الاِمام إمام الورى طيب المولد إمام الورى الاَوحد الاَمجد وأنت المرجى لبلوى غد (2)
    4 ـ اجتمع مع هشام فأهانه ، فخرج عن مجلسه وهو يقول : « من أحب الحياة ذل » ثم أنشأ يقول :
مهلاً بني عمنا عن نحت أثلتنا لاتطمعوا أن تهينونا ونكرمكم واللّه يعلم أنّا لا نحبّكم كلّ امرىءٍ مولعٌ في بغض صاحبه سيروا رويداً كما كنتم تسيرونا وان نكفّ الاَذى عنكم وتوَذونا ولانلومكم أن لا تحبّونا فنحمد اللّه نقلوكم وتقلونا (3)
    1 ـ الخزاز القمي : كفاية الاَثر : 296 ـ 297.
    2 ـ ابن شهر آشوب : المناقب : 4/197 ، طبعة دار الاَضواء ، بيروت.
    3 ـ ابن منظور : مختصر تاريخ دمشق : 9/156.

(98)
    5 ـ روى ابن الاَثير لما أهانه هشام ، وقال : أُخرج ، قال : أخرج ثم لا أكون إلاّ حيث تكره ، فقال له سالم : يا أبا الحسين لا يظهرن هذا منك ، فخرج من عنده وسار إلى الكوفة ولمّا خرج من مجلس هشام أنشد :
شرّده الخـوف وأزرى به منخرق النعلين يشكو الوجى قد كان في الموت له راحة إن يحدث اللّه له دولة كذاك من يكره حرّ الجلاد تنكثه أطراف مرو حداد والموت حتم في رقاب العباد تترك آثار العدا كالرماد (1)
    6 ـ روى السيد محسن الاَمين في أعيان الشيعة نقلاً عن الخوارزمي في مقتله : إنّ أبا الحسين لما رأى الاَرض قد طوقت جوراً ورأى قلة الاَعوان ، وتخاذل الناس ، كانت الشهادة أحب الميتات إليه فخرج وهو يتمثل بهذين البيتين :
إن المحكم ما لم يرتقب حسداً من عاذ بالسيف لاقى فرجة عجباً لو لم يرهب السيف أو وخز القنا صفا موتاً على عجل أو عاش فانتصفا (2)
    7 ـ روى ابن الاَثير ، قال محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب لزيد : أذكرك اللّه يا زيد ، لما لحقت بأهلك ولا تأتي أهل الكوفة ، فإنّهم لا يفون لك ، فلم يقبل ، فقال له : خُرِجَ بنا أُسراء على غير ذنب من الحجاز ، إلى الشام ثم إلى الجزيرة ثم إلى العراق ، إلى قيس ثقيف يلعب بنا ثم قال :
    1 ـ المسعودي : مروج الذهب : 3/206.
    2 ـ الاَمين : أعيان الشيعة : 7/116.


(99)
    
بكرت تخوّفني الحتوف كأنّني فأجبتها إنّ المنية منهل إنّ المنية لو تُمثَّل مُثّلتْ فاقني حياءك لا أبا لُكِ وأعلمي أصبحت عن عرض الحياة بمعزل لا بد أن أُسقى بكأس المنهل مثلي (كذا) إذا نزلوا بضيق المنزل إنّي امروَ سأموت إن لم أُقتل (1)
    8 ـ روى المرتضى في الفصول المختارة عن الحسين بن زيد ، قال : حدثني مولاي قال : كنت مع زيد بن علي ( عليه السلام ) بواسط فذكر قوم الشيخين وعلياً فقدّموهما عليه ، فلمّا قاموا قال لي زيد : قد سمعت كلام هوَلاء وقد قلت أبياتاً فادفعها إليهم وهي :
من شرّف الاَقوام يوماً برأيه وقول رسول اللّه والحقّ قوله بأنّك منّي ياعلي معالنا دعاه ببدر فاستجاب لاَمره فما زال يعلوهم به وكأنّه فإنّ علياً شرّفته المناقبُ وإن رغمت منهم أُنوف كواذب كهارون من موسى أخ لي وصاحب وما زال في ذات الاِله يضارب شهاب تلقاه القوابس ثاقب (2)
    9 ـ قال السيد الاَمين : وممّا نسب إليه قوله :
لو يعلم الناس ما في العرف من شرف وبادروا بالذي تحوي أكفهم لشرفوا العرف في الدنيا على الشرف من الخطير ولو أشفوا على التلف (3)

    1 ـ ابن الاَثير : الكامل : 5/233 ، طبعة دار صادر.
    2 ـ المرتضى ، الفصول المختارة من العيون والمحاسن : 25.
    3 ـ تاريخ ابن عساكر : 6/20.


(100)
    10 ـ روى عن نسمة السحر أنّ هذين البيتين له :
يقولون زيداً لا يزكى بما له إذا حال حول لم يكن في أكفنا وكيف يزكي المال من هو باذله من المال إلاّ رسمه وفواضله (1)
    11 ـ روى الديلمي : أنّه لما جرى بينه وبين هشام كلام خرج ( عليه السلام ) وهو يقول :
حكم الكتاب وطاعة الرحمن كيف النجاة لاَُمّة قد بدلت فالمسرعون إلى فرائض ربّهم والكافرون بحكمه وبفرضه لكل أُناس مقبر بفنائهم فما إن تزال دار حيٍّ قد أُخربت هم جيرة الاَحياء أمّا مزارهم فرضا جهاد الجائر الخوان ما جاء في الفرقان والقرآن برئوا من الآثام والعدوان كالساجدين لصورة الاَوثان (2) فهم ينقصون والقبور تزيد وقبرٌ بأفناء البيوت جديد فدانٍ وأمّا الملتقى فبعيد (3)
    12 ـ تمثل زيد بالاَبيات التالية وقد تمثل بها علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) يوم صفين والحسين بن علي ( عليهما السلام ) يوم قتل وهي لضرار بن الخطاب الفهري :
    1 ـ الاَمين العاملي : زيد الشهيد : 94 ، نقلاً عن نسمة السحر فيمن تشيع وشعر.
    2 ـ السياغي ، الروض النضير : 1/107.
    3 ـ ابن عبد ربّه : العقد الفريد : 3/236.
بحوث في الملل والنحل ـ جلد السابع ::: فهرس