بحوث في الملل والنحل ـ جلد السابع ::: 351 ـ 360
(351)
أصحاب الانتفاضة
3
محمد بن عبد اللّه بن الحسن
ابن الحسن بن علي بن أبي طالب
النفس الزكية
(100 ـ 145 هـ)
    محمد بن عبد اللّه المعروف بالنفس الزكية المقتول عام 145هـ في أيّام أبي جعفر المنصور ، هو الثائر الثاني ، وقد ذكر الشهرستاني أنّ يحيى بن زيد أوصى إليه ، ولذلك يعد إماماً ثانياً بعده.
    وتقدّم أنّ أباه عبد اللّه من أكابر بني هاشم وكان الجميع يكِّن له الاحترام ، وكان أكبر سناً من الاِمام الصادق ( عليه السلام ) كما تقدم ـ ومع ذلك كان يدعو الناس لبيعة ولده محمد ، وهذا وما سبق من قبول دعوة أبي سلمة الخلال يكشفان عن روح ثوريّة أوّلاً ، وسذاجة في الاَُمور السياسية ثانياً.
    ولما قتل الوليد بن يزيد بن عبد الملك إثر خلاعته ومجانته عام 126 هـ تهيّأت الظروف المناسبة للدعوة إلى بني هاشم ، ففي هذا الظرف الهادىء جمع عبد اللّه بن الحسن ، بني هاشم وألقى فيهم خطبة نقلها أبو الفرج الاَصفهاني في كتابه وقال : إنّكم أهل البيت قد فضّلكم اللّه بالرسالة واختاركم لها وأكثركم بركة ياذرية محمد بن عبد اللّه بنو عمه وعترته ، وأولى الناس بالفزع في أمر اللّه ، من


(352)
وضعه اللّه موضعكم من نبيّه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وقد ترون كتاب اللّه معطلاً ، وسنّة نبيه متروكة ، والباطل حياً ، والحقّ ميتاً ، قاتلوا للّه في الطلب لرضاه بما هو أهله قبل أن ينزع منكم اسمكم وتهونوا عليه كما هانت بنو إسرائيل وكانوا أحب خلقه إليه ، وقد علمتهم أنّا لم نزل نسمع أنّ هوَلاء القوم إذا قتل بعضهم بعضاً خرج الاَمر من أيديهم ، فقد قتلوا صاحبهم ـ يعني الوليد بن يزيد ـ ، فهلم نبايع محمداً ، فقد علمتم أنّه المهدي.
    فقالوا : لم يجتمع أصحابنا بعد ، ولو اجتمعوا فعلنا ، ولسنا نرى أبا عبد اللّه جعفر بن محمد.
    وبعد محاولات حضر الاِمام الصادق ( عليه السلام ) مجلس القوم فاطلع على أمر القوم وأنّهم يريدون بيعة محمد بن إبراهيم ، فقالوا : قد علمت ماصنعوا بنا بنو أُمية وقد رأينا أنّ نبايع لهذا الفتى.
    فقال : لاتفعلوا فإنّ الاَمر لم يأت بعد ، فغضب عبد اللّه وقال : لقد علمت خلاف ما تقول ، ولكنه يحملك على ذلك الحسد لابني ، فقال : لا واللّه ، ما ذاك يحملني ، ولكن هذا وإخوته وأبناوَهم دونكم و ضرب يده على ظهر أبي العباس (السفاح) ثم نهض واتبعه عبد الصمد وأبو جعفر المنصور فقالا : يا أبا عبد اللّه أتقول ذلك؟ قال : « نعم واللّه أقوله وأعلمه ».
    وفي رواية قال لعبد اللّه بن الحسن : « إنّها واللّه ما هي إليك ولا إلى ابنيك ولكنّها لهوَلاء وإنّ ابنيك لمقتولان » فتفرق أهل المجلس ولم يجتمعوا بعدها.
    وقال عبد اللّه بن جعفر بن المسوّر ، فخرج جعفر بن محمد يتوكأ على يدي فقال لي : « أرأيت صاحب الرداء الاَصفر؟ » يعني أبا جعفر المنصور ، قلت : نعم ، قال : « فإنّا واللّه نجده يقتل محمداً » ، قلت : أو يقتل محمداً ؟! قال : « نعم » فقلت في نفسي : حسده وربّ الكعبة. ثم ما خرجت واللّه من الدنيا حتى رأيته قتله (1)
    1 ـ أبو الفرج الاَصفهاني : مقاتل الطالبيين : 171 ـ 172.

(353)
حكى ابن عنبة أنّ محمد بن عبد اللّه بن الحسن ولد سنة 100هـ بلا خلاف ، وقيل مات سنة 145هـ في رمضان ، وقيل في الخامس والعشرين من رجب ، وقال البخاري : وهو ابن خمس وأربعين سنة وأشهراً ، وكان المنصور قد بايع له ولاَخيه إبراهيم مع جماعة من بني هاشم ، فلمّا بويع لبني العباس اختفى محمد وإبراهيم مدّة خلافة السفاح فلما ملك المنصـور (136 هـ) وعلـم أنّهما على عزم الخروج جدّ في طلبهما وقبض على أبيهما وجماعة من أهلهما فيحكى أنّهما أتيا أباهما وهو في السجن وقالا له : يقتل رجلان من آل محمد خير من أن يقتل ثمانية ، فقال لهما : إن منعكما أبو جعفر أن تعيشا كريمين فلا يمنعكما أن تموتا كريمين.
    ولما عزم « محمد » على الخروج واعد أخاه إبراهيم على الظهور في يوم واحد ، وذهب محمد إلى المدينة وإبراهيم إلى البصرة ، فاتفق أنّ إبراهيم مرض فخرج أخوه بالمدينة وهو مريض بالبصرة ، ولما خلص من مرضه وظهر أتاه خبر أخيه أنّه قتل وهو على المنبر يخطب.
    ومن عجيب ما يروى عن محمد بن عبد اللّه أنّه لما أحس بالخذلان دخل داره وأمر بالتنور فسجّر ثم عمد إلى الدفتر الذي أثبت فيه أسماء الذين بايعوه فألقاه في التنور فاحترق ، ثم خرج فقاتل حتى قتل بأحجار الزيت ، قريباً من المدينة.
    وكان مالك بن أنس الفقيه قد أفتى بالخروج مع محمد وبايعه ولذلك تغير المنصور عليه فقال : إنّه خلع أكتافه (1).
    وقد ذكر الموَرخون دعوته وشهادته بين موجز في القول ومعتدل في البيان ومفصل في القصة وبما أنّ في كلامهم ما يلقي الضوء على حياة القائد ، نذكر بعض نصوصهم.
    1 ـ النسابة ابن عنبة : عمدة الطالب في أنساب آل أبي طالب : 104 ـ 105.

(354)
    وممّن أوجز فيه الكلام أبو حنيفة الدينوري (ت 282هـ) في « الاَخبار الطوال » قال : وفي ذلك العام (145هـ) خرج على المنصور ، محمد بن عبد اللّه بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) الملقب بالنفس الزكية فوجّه إليه أبو جعفر ـ المنصور ـ عيسى بن موسى بن علي في خيل فقتل رحمه اللّه ، وخرج أخوه إبراهيم بن عبد اللّه بن الحسن بن الحسن فقتل رضوان اللّه عليه (1).
    وقال اليعقوبي : « وظهر محمد بن عبد اللّه بن الحسن بن الحسن بالمدينة مستهل رجب سنة 145هـ ، فاجتمع معه خلق عظيم وأتته كتب أهل البلدان ووفودهم ، فأخذ رياح بن عثمان بن حيّان المري عامل أبي جعفر ، فأوثقه بالحديد وحبسه ، وتوجه (أخوه) إبراهيم بن عبد اللّه بن الحسن بن الحسن إلى البصرة وقد اجتمع جماعة فأقام مستتراً ، وهو يكاتب الناس ويدعوهم إلى طاعته ، فلما بلغ أبا جعفر أراد الخروج إلى المدينة ثم خاف أن يدع العراق مع ما بلغه من أمر إبراهيم ، فوجّه عيسى بن موسى الهاشمي ، ومعه حميد بن قحطبة الطائي في جيش عظيم فصار إلى المدينة ، وخرج محمد إليه في أصحابه فقاتلهم في شهر رمضان ومضى أصحابه إلى الحبس فقتل رياح بن عثمان وكانت أسماء ابنة عبد اللّه بن عبيد اللّه بن العباس بالمدينة وكانت معادية لمحمد بن عبد اللّه ، فوجهت بخمار أسود قد جعلته مع مولى لها حتى نصبه على مأذنة المسجد ، ووجّهت بمولى لها يقال له : مجيب العامري إلى عسكر محمد ، صاح : الهزيمة الهزيمة قد دخل المسوّدة المدينة ، فلمّا رأى الناس العلم الاَسود انهزموا وأقام محمد يقاتل حتى قتل ، فلمّا قتل محمد بن عبد اللّه بن الحسن ، وجه عيسى بن موسى ، كثير بن الحصين العبدي إلى المدينة فدخلها ، فتتبع أصحاب محمد فقتلهم وانصرف إلى العراق (2)
    1 ـ الدينوري الاَخبار الطوال : 385 ، طبع مصر ، الحلبي ، وممّن أوجز الكلام فيه النسابة العلوي العمري صاحب المجدي : 37.
    2 ـ ابن واضح الاِخباري : تاريخ اليعقوبي : 2/376.


(355)
وقال المسعودي : وفي سنة خمس وأربعين ومائة كان ظهور محمد بن عبد اللّه ابن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب رضي اللّه عنهم بالمدينة ، وكان قد بُويع له من كثير من الاَنصار وكان يدعى بالنفس الزكية لزهده ونسكه ، وكان مستخفياً من المنصور ولم يظهر حتى قبض المنصور على أبيه عبد اللّه بن الحسن وعمومته ، وكثير من أهله وعدتهم ، ولما ظهر محمد بن عبد اللّه بالمدينة ، استشار إسحاق بن مسلم العقيلي وكان شيخاً ذا رأي وتجربة فأشار إلى ما لم يستحسنه أبو جعفر وبينما كان يتفكر في كيفية المقابلة مع محمد بن إبراهيم بلغه أنّ إبراهيم أخا محمد خرج بالبصرة يدعو إلى أخيه ، فبعث عيسى بن موسى في أربعة آلاف فارس وألفي راجل وأتبعه محمد بن قحطبة في جيش كثيف فقاتلوا محمداً بالمدينة حتى قتل وهو ابن خمس وأربعين سنة ولما اتصل بإبراهيم قتل أخيه ، محمد بن عبد اللّه وهو بالبصرة صعد المنبر فنعاه وتمثّل :
أبالمنازل ياخير الفوارس من اللّه يعلم أنّي لو خشيتُهم لم يقتلوه ولم أسلم أخيَّ لهم يفجع بمثلك في الدنيا فقد فجعا وأوجس القلب من خوف لهم فزعا حتى نموت جميعاً أو نعيش معا

    تفرّق إخوة محمد في البلاد :
    وقد كان تفرّق أخوة محمد وولده في البلدان يدعون إلى إمامته فكان فيمن توجه ابنه ، علي بن محمد إلى مصر فقتل بها ، وسار ابنه عبد اللّه إلى خراسان فهرب لما طُلب ، إلى السند فقتل هناك ، وسار ابنه الحسن إلى اليمن فحبس فمات في الحبس ، وسار أخوه موسى إلى الجزيرة ، ومضى أخوه يحيى إلى الري ، ثم إلى طبرستان ، ومضى أخوه إدريس بن عبد اللّه إلى المغرب فأجابه خلق من الناس


(356)
فبعث المنصور من اغتاله بالسم وقام ولده إدريس بن إدريس بن عبد اللّه بن الحسن بن الحسن مقامه (1).
    هوَلاء من الموَرخين قد أوجزوا الكلام في دعوته وشهادته ، وقد فصّل أبو الفرج الاَصفهاني (2) في المقامين وابن الاثير في الكامل وقد ذكر كتاب المنصور إلى محمد بن إبراهيم ، كما ذكر جوابه إليه (3)
    1 ـ المسعودي : مروج الذهب : 3/294 ـ 296 ، وسيوافيك ذيل هذا النص في البحث عن تأسيس دولة زيدية في المغرب باسم الاَدارسة.
    2 ـ راجع : مقاتل الطالبيين : 176 ـ 200.
    3 ـ ابن الاَثير : الكامل : 5/522 ـ 554 ، وفيه لما قتل محمد صادر عيسى أموال بني الحسن وحتى أموال الاِمام الصادق ، لاحظ ص 553.


(357)
أصحاب الانتفاضة
4
إبراهيم بن عبد اللّه بن الحسن بن الحسن
(103 ـ 145 هـ)
إبراهيم بن عبد اللّه بن الحسن أخو محمد ذو النفس الزكية الثائر الثالث بعد يحيى بن زيد والنفس الزكية ، وقد تقدم اتفاق الاَخوين على الثورة في يوم واحد في قطرين مختلفين ، وقد عرفت تأخّر إبراهيم عن أخيه في الخروج.
    قال المسعودي : مضى إبراهيم أخوه إلى البصرة وظهر بها ، فأجابه أهل فارس والاَهواز وغيرهما من الاَمصار وسار من البصرة في عساكر كثيرة من الزيدية وجماعة ممن يذهب إلى قول البغداديين من المعتزلة وغيرهم ، ومعه عيسى بن زيد بن علي ابن الحسن بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب فسيّر إليه المنصور عيسى بن موسى وسعيد بن سلم في العساكر ، فحارب حتى قتل في الموضع المعروف بـ « باخمرى » وذلك على ستة عشر فرسخاً من الكوفة من أرض الطف ، وهو الموضع الذي ذكرته الشعراء ممن رثى إبراهيم. فممّن ذكر ذلك :
    دعبل بن علي الخزاعي ، في قصيدته الرائعة التائية التي نقل قسم منها عند ذكر شهادة أخيه محمد النفس الزكية وفيها قوله :
قبور بكوفان وأُخرى بطيبة وأُخرى بأرض الجوزجان محلها وأُخرى بفخّ نالها صلوات وقبر بباخمرى لدى الغربات


(358)
    وقتل معه من الزيدية من شيعته أربعمائة رجل ، وقيل : خمسمائة رجل (1).
    وقال صاحب المجدي : وكان إبراهيم يكنى أبا الحسن ، قتل بأرض « باخمرى » وهي قرية تقارب الكوفة وظَهَر ليلة الاِثنين غرة شهر رمضان سنة 145هـ وذلك بالبصرة وكان مقتله بعد مقتل أخيه محمد (رضي اللّه عنهما) في ذي الحجّة من السنة المذكورة.
    وبايع إبراهيم وجوه المسلمين منهم بشير الرحال ، وأبو حنيفة الفقيه ، والاَعمش ، وعباد بن المنصور القاضي صاحب مسجد عباد بالبصرة ، والمفضل بن محمد وشعبة الحافظ إلى نظائرهم (2).
    وقال النسابة ابن عنبة : كان إبرهيم من كبار العلماء في فنون كثيرة ، يقال إنّه كان أيام اختفائه في البصرة قد اختفى عند المفضل بن محمد الضبي ، فطلب منه دواوين العرب ليطالعها فأتاه بما قدر عليه فأعلم إبراهيم على ثمانين قصيدة. فلمّا قتل إبراهيم استخرجها المفضل وسماها بـ (المفضليات) وقرئت بعده على الاَصمعي فزاد بها ، وظهر إبراهيم ليلة الاِثنين غرة شهر رمضان سنة خمس وأربعين ومائة بالبصرة وبايعه وجوه الناس ـ إلى أن قال : ـ ويقال : إنّ أبا حنيفة الفقيه بايعه أيضاً وكان قد أفتى الناس بالخروج معه ، فيحكى أنّ امرأة أتته فقالت : إنّك أفتيت ابني بالخروج مع إبراهيم فخرج فقتل. فقال لها : ليتني كنتُ مكانَ ابنك. وكتب إليه أبو حنيفة : أما بعد : فإنّي قد جهزت إليك أربعة آلاف درهم ولم يكن عندي غيرها ، ولولا أمانات الناس عندي للحقت بك ، فإذا لقيت القوم وظفرت بهم فافعل كما فعل أبوك في أهل صفين ، أُقتل مدبرهم وأجهز على جريحهم ، ولا تفعل كما فعل أبوك في أهل الجمل فإنّ القوم لهم فئة. ويقال : إنّ
    1 ـ المسعودي : مروج الذهب : 3/296 ـ 297.
    2 ـ النسابة العلوي العمري : المجدي في أنساب الطالبيين : 42.


(359)
هذا الكتاب وقع إلى الدوانيقي وكان سبب تغيّره على أبي حنيفة ـ إلى أن قال : ـ وجيء برأس إبراهيم فوضعه في طشت بين يديه والحسن بن زيد بن الحسن بن علي واقف على رأسه عليه السواد فخنقته العبرة والتفت إليه المنصور وقال : أتعرف رأس من هذا؟ فقال : نعم :
فتى كان تحميه من الضيم نفسه وينجيــه من دار الهـوان اجتنابها
    فقال المنصور : صدقت ولكن أراد رأسي فكان رأسه أهون عليَّ ولوددت أنّه فاء إلى طاعتي ، ويقول أيضاً : وحمل ابن أبي الكلام الجعفري رأسه إلى مصر (1).
    1 ـ ابن المهنا : عمدة الطالب في أنساب آل أبي طالب : 109ـ 110 ، ولعله دفنه في المحل المعروف برأس الحسين ( عليه السلام ).

(360)
أصحاب الانتفاضة
5
عيسى بن زيد الثائر
( ... ـ 168 هـ)
    أحد أولاد زيد الثائر المعروف بـ « موتم الاَشبال » ، وكان وصي إبراهيم ـ قتيل باخمرى ـ بن عبد اللّه المحض وحامل رايته ، فلمّا قتل إبراهيم اختفى عيسى إلى أن مات ، وكان أبو جعفر المنصور قد بذل له الاَمان وأكده وكان شديد الخوف منه لم يأمن وثوبه عليه ، فقيل لعيسى في ذلك فقال : واللّه لئن يبيتنَّ ليلة واحدة خائفاً منّي أحبّ إليّ مما طلعت عليه الشمس. وإنّما يسمّى موتم الاَشبال لاَنّه قتل أسداً له أشبال فسمّي موتم الاَشبال. فخرج عيسى مع محمد بن عبد اللّه النفس الزكية ثم مع أخيه إبراهيم ، وكان إبراهيم قد جعل له الاَمر بعده وكان حامل رايته فلمّا قتل إبراهيم استتر ولم يتم له الخروج فبقي مستتراً أيام المنصور وأيّام المهدي وأيام الهادي وصلّى عليه الحسن بن صالح سراً ودفنه.
    وقد ذكر النسابة ابن عنبة من حياته شيئاً كثيراً يوَجّج الفوَاد ومما ذكره أنّه كان في أيّام اختفائه يستقي الماء على جمل ، وقال : حكى لي الشيخ النقيب تاج الدين بإسناده عن محمد بن زيد الشهيد : قال محمد بن محمد : قلت لاَبي محمد بن زيد : أُريد أن أرى عمي عيسى ، فقال : اذهب إلى الكوفة فإذا وصلتها اذهب إلى الشارع الفلاني واجلس هناك فإنّه سيمر عليك رجل آدم طويل ، له سجادة بين عينيه ، يسوق جملاً عليه مزادتان ، كلّما خطا خطوة كبّر اللّه سبحانه ، وسبّحه وهلّله
بحوث في الملل والنحل ـ جلد السابع ::: فهرس