بحوث في الملل والنحل ـ جلد السابع ::: 401 ـ 410
(401)
    وقال الاِمام أبو طالب : وكان يحث الناس على نصرة الهادي يحيى بن الحسين (1) ويقول من يمكنه أن ينصره وقرب منه فنصرته واجبة عليه. ومن تمكن من نصرتي وقرب مني فلينصرني. كان طويل القامة يضرب إلى الاَُدمة ، به طرش من ضربة.

أولاده:
    أبو الحسن الاَديب الشاعر ، وأبو القاسم جعفر وأبي الحسين أحمد وقد أشار ، موَلف التحف إلى تعاصر الاِمامين : الهادي والناصر في قطرين بقوله :
وعاصره في الجيـل أفضـل قائـم وأبسل من يدعى إذا انحاز هالع (2)
    
    1 ـ في المصدر الحسن وهو مصحف الحسين.
    2 ـ الموَيدي : التحف شرح الزلف : 70 ـ 73.الهالع : الجبان

(402)
5
الاِمام المرتضى أبو القاسم محمد بن يحيى
(278 ـ 313هـ)
    هو ابن الاِمام الهادي بايعه الناس بعد وفاة والده سنة 299هـ ، وأقام بصعدة وفي يده بلاد همدان ونجران وخولان ، وسيّر جنوده لقتال القرامطة ، فقتلوا في كل فج واستقامت له الاَُمور ، وبويع يوم الخميس لاِحدى وعشرين ليلة مضت من ذي القعدة من سنة 299هـ وكان ورعاً متقللاً من المعاش كثير العبادة موَثراً للعلم والعمل وقد تخلّـى عن الحكم بعد سنتين لاَخيه الناصر بعد أن رأى أشياء ساءته من عشيرته وله من العمر 32 سنة.
    موَلفاته :
    1 ـ الاَُصول في العدل والتوحيد 2 ـ تفسير القرآن 7 أجزاء 3 ـ جواب ابن فضل القرمطي 4 ـ جواب مسائـل ابن مهـدي 4 أجــزاء 5 ـ رسالة الاِمام المرتضى إلى أهل طبرستان 6 ـ الرسائـل السبع المنتقاة 7 ـ الرد على الروافض 8 ـ الرد على القرامطة أتباع علي بن فضل 9 ـ الشرح والبيان في تفسير القرآن.
    وله شعر جيد ، وله قصيدة مطلعها :
ياحي همدان انّ اللّه فضلكم بنصر آل رسول اللّه في الكتب (1)
    ولما تنازل ورثه في الحكم أخوه الآتي :
    1 ـ حسام الدين المحلي : الحدائق الوردية : 2/ 41ـ 46 ، الحبشي : حكام اليمن : 46.
(403)
6
الناصر لدين اللّه أحمد بن يحيى ابن الحسين
ولد الاِمام الهادي
( ... ـ 320هـ)
    ذكر حسام الدين المحلي طرفاً من مناقبه وشعره وظهوره وأجمل الكلام في سبب تنازل أخيه الاِمام المرتضى عن الحكم لصالحه ، وقد كانت بيعته سنة 301 هـ ، يقول : وبويع له بالخلافة يوم الجمعة في مسجد الهادي إلى الحقّ (والده) واجتمع إليه خلق كثير من الناس ، ثم أقبلت نجران وأهل همدان فبايعوه على الطاعة ، فأرسل قواده واعماله إلى جميع مخالفيه وساس الاَُمور أحسن سياسة ، وكانت أكثر حروبه مع الباطنية ، إلى أن وافته المنية سنة 320هـ وكانت مدّة ظهوره نحو عشرين سنة ودفن بصعده إلى جنب أخيه وأبيه ومشاهدهم معروفة مزورة (1).
    1 ـ حسام الدين المحلي : الحدائق الوردية : 2/46 ـ 53 ، وحكام اليمن للحبشي : 54 وفيه أنّه توفي عام 325 هـ.

(404)
7
الاِمام السيد الموَيد أبو الحسين أحمد بن الحسين بن هارون
(333 ـ 411هـ)
    من أئمة الزيدية في أواخر القرن الرابع وأوائل الخامس ، ترجمه حسام الدين المحلي في الحدائق الوردية وقال : نسب تعنو له الاَنوار ، وتغض من شعاعها الشموس والاَقمار ، ينتهي إلى جوهر النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) جواهره ، ونمت إلى عنصره الكريم عناصره ، وهذا هو الفضل الرائق ، والحسب الفائق.
    كان وحيد عصره وفريد دهره ، والحافظ لعلوم العترة ( عليهم السلام ) والناصر لفقه الذرية الكرام فَأُخذ عنه مذهب الزيدية ، وقرِىَ عليه الكلام على طريقة البغدادية وكان في الاَصل إمامياً فوضح له الحقّ فانقاد له أحسن انقياد واختلف أيضاً إلى أبي الحسين علي بن إسماعيل بن إدريس. وقُرأ عليه فقه الزيدية والحنفية وروى عنه الحديث عن الناصر للحق ( عليه السلام ).
    وكان أبو الحسين هذا من أجلة أهل طبرستان رئاسة وستراً وفضلاً وعلماً ، قال مصنف سيرته : وكان ( عليه السلام ) في الورع والتقشف والاحتياط والتفرد إلى حد يقصر العبارَة عنه ، والفهم عن الاِحاطة وتصوّف في عنفوان شبابه حتى بلغ في علومهم مبلغاً منيعاً وحلّ التصوف والزهد محلاّ ً رفيعاً وصنف سياسة المريدين.
    وكان يحمل السمك من السوق إلى داره ، وكانت الشيعة يتشبثون ويتبركون بحمله فلا يمكن أحداً من حمله ، ويقول : أنا أحمله قسراً للهوى وتركاً للتكبر لا لاعواز من يحمله.


(405)
    وكان قدس اللّه روحه يجالس الفقراء وأهل المسكنة ويكابر أهل السير والعفة ويميل إليهم ، وكان يرد الهدايا والوصايا إلى بيت المال وكان يكثر ذكر الصالحين وإذا خلى بنفسه يتلو القرآن بصوت حزين إلى آخر ما ذكره (1).
    وقال الزركلي : أحمد بن الحسين بن هارون الاَقطع ، من أبناء زيد بن الحسن العلوي الطالبي القرشي ، أبو الحسين : إمام زيدي ، من أهل طبرستان. مولده بها في آمل ، ودعوته الاَُولى سنة 380 بويع له بالديلم ولقب بالسيد « الموَيد باللّه » ومدة ملكه عشرون سنة. وكان غزير العلم ، له مصنفات في الفقه والكلام ، منها « الاَمالي » و « التجريد » في علم الاَثر ، و « شرحه » في أربعة مجلدات (2).
    أقول : له ترجمة ضافية في مقدمة الجزء الاَوّل من كتابه « شرح التجريد في فقه الزيدية ».
    وما ذكره حسام الدين المحلي من أنه كان إمامياً ، ثم صار زيدياً ، حقّ ، وقد نبه بذلك الشيخ الطوسي في أوائل كتاب التهذيب ناقلاً عن الشيخ المفيد أنّه قال : إنّ أبا الحسين الهاروني العلوي كان يعتقد الحقّ ويدين بالاِمامة فرجع عنها لما التبس عليه الاَمر في اختلاف الاَحاديث وترك المذهب ، ودان بغيره لما لم يتبين له وجوه المعاني فيها. وهذا يدل على أنّه دخل فيه على غير بصيرة واعتقد المذهب من جهة التقليد ، لاَنّ الاختلاف في الفروع لا يوجب ترك ما ثبت بالاَدلة من الاَُصول (3).
    أقول : قد ذكرنا علل اختلاف الاَخبار المروية عن أئمة أهل البيت وذكرنا أسبابها المختلفة ، مقرونا بالشواهد في محاضراتنا في الاَُصول (4) وكان الشيخ أبا
    1 ـ حسام الدين المحلى : الحدائق الوردية : 2/65ـ 66.
    2 ـ الزركلي ، الاَعلام : 1/116.
    3 ـ الطوسي : التهذيب : 1/2ـ3.
    4 ـ المحصول : 4/429 ـ 437.


(406)
الحسين لم يكن واقفاً عليها عن كثب ، وإلاّ لما ترك المذهب ، وقد وصل إلينا من كتبه ، كتابه « شرح التجريد في فقه الزيدية » في ثلاثة أجزاء كبار ـ على القطع الرحلي ، نشرته مكتب عنبر بدمشق عام 1405 والكتاب شرح لفتاوى الاِمامين : القاسم بن إبراهيم الرسي ، والهادي يحيى بن الحسين بوجه مبّسط ، وقد تجلّـى فيه تبحره في الفقه الزيدي بعيداً عن الفقه الحنفي كما هو ظاهر لمن طالع الكتاب بالاِمعان والدقة ولاَبي الحسين الهاروني ، شعر رائق منه ما يمدح به الصاحب بن عباد نقتبس منه ما يلي :
سقى عهدها ، صوب من المزن الهاطل منازل نجم الوصل فيهن طالع يحيّى بها تلك الربا والمنازل يضىء ونجم الهجر فيهن آفل
    إلى أن يقول :
ألا أيّها ذا الصاحب الماجد الذي أنامل لو كنت تشير إلى الصفا إليك عميد المجد سارت ركابهم وأسعدتهم والنحس لولاك ناجم فكل زمان لم تزينه عاطل أنا مله العليا غيوث هواطل تفجر للعافين منها جداول وليس لهم إلاّ علاك وسايل وأعذرتهم والذل لولاك شامل وكل مديح غير مدحك باطل (1)

    1 ـ شرح التجريد : قسم المقدمة : بقلم يوسف بن السيد محمد الموَيد الحسن : 71 ـ 72.

(407)
8
الحاكم الجشمي
(413 ـ 494هـ)
    المحسـن بن محمد بن كرامة الجشمـي البيهقـي ، المعروف بـ « الحـاكم الجشمي » ، أحد المفسرين العظام المتبحرين في علام الكلام ، شيخ الزمخشري. قرأ بنيسابور وغيرها. واشتهر بصنعاء « اليمن » وتوفي مقتولاً بمكة. له تآليف يبلغ إلى اثنين وأربعين ، وإليك بعضها :
    1 ـ « التهذيب » في تفسير القرآن ، في ثمانية أجزاء ، ويوجد منها الجزء 4 ، 6 ، 8 في مكتبة الفاتيكان تاريخ كتابتها سنة 565هـ.
    2 ـ شرح عيون المسائل في علم الكلام.
    3 ـ التأثير والموَثر في الكلام.
    4 ـ المنتخب في فقه الزيدية .
    5 ـ السفينة في التاريخ إلى زمانه في أربعة أجزاء.
    6 ـ تحكيم العقول في الاَُصول.
    7 ـ الاِمامة على مذهب الزيدية.
    8 ـ الرسالة التامة في نصيحة العامة.
    9 ـ جلاء الاَبصار في علم الحديث.
    10ـ « تفسيران » بالفارسية ، مبسوط وموجز (1).
    إنّ الكعبي المعتزلي ألف كتاباً باسم « ذكر المعتزلة » وأكمله عبد الجبار القاضي المعتزلي بكتاب أسماه « فضل الاعتزال وطبقات المعتزلة » وقد استدركه الحاكم الجشمي بطبقتين من طبقات المعتزلة : الحادية عشرة ، والثانية عشرة ، وقد طبعه فوَاد السيد ، أمين المخطوطات بدار الكتب المصرية عام 1406هـ (2)
    1 ـ الزركلي ، الاَعلام : 5/289.
    2 ـ لاحظ : بحوث في الملل والنحل : 3/408 ـ 409.


(408)
9
أبو سعيد نشوان بن سعيد الحميري
( ... ـ 573هـ)
    كان أوحد أهل عصره ، وأعلم أهل زمانه في اللغة والنحو والاِنسان والتواريخ وسائر ما يتصل بفنون الاَدب ، شاعراً ، كاتباً خطيباً مفوها. وكانت له في الفرائض اليد الطولى.
    قال السيوطي : الفقيه العلاّمة المعتزلي النحوي اللغوي ، كذا ذكره الخزرجي ، وقال : كان أوحد أهل عصره ، وأعلم أهل دهره ، فقيهاً نبيلاً ، عالماً متفنّناً ، عارفاً بالنحو واللغة والاَُصول والفروع والاَنساب والتواريخ وسائر فنون الاَدب ، شاعراً فصيحاً بليغاً مفوهاً.
    صنف : شمس العلوم في اللغة ، ثمانية أجزاء.
    قال في البلغة : سلك فيها مسلكاً غريباً ، يذكر الكلمة من اللغة ، فإن كان لها نفع من جهة الطلب ذكره ، فاختصره ولده في جزأين وسمّاه « ضياء الحلوم ».
    وقال ياقوت : استولى نشوان على تلاع وحصون وقدّمه أهل جبل صَبِـر ، حتى صار ملكاً.
    وقال غيره : مات بعد عصر يوم الجمعة رابع عشر ذي الحجّة سنة ثلاث وسبعين وخمسمائة (1).
    وكان نشوان ذا نفس وثّابة ، طموحة إلى المعالي ، لاترضى إلاّ بالوصول إلى قمة المجد والجمع بين شرف العلم وشرف الملك.
    1 ـ بغية الوعاة : 2/312 برقم 2057.

(409)
موَلفاته :
    1 ـ شمس العلوم ودواء كلام العرب من العلوم ، وهـو من كتب الاَدب الهامة ألّفه في ثمانية أجزاء ورتبه على حروف المعجم ، وهو أشبه بدائرة المعارف الرائجة في عصرنا ، وقد اختصر هذا الكتاب ابنه في جزأين وسمّاه « ضياء الحلوم » كما مرّ وقد نشرت منتخبات منه في أخبار اليمن بعناية عظيم الدين أحمد مطبوعة في مطبعة بريد في مدينة ليدن في سنة 1916م.
    2 ـ القصيـدة الحميريـة أو النشوانية ، وهي خلاصــة السيرة لملوك حمير ، والاِذواء والاِقبال ، مطلعها.
الاَمر جـد وهـو غـير مزاح فاعمل لنفسك صالحاً ياصاح
    3 ـ كتاب القوافي
    4 ـ التبيان في تفسير القرآن
    5 ـ أحكام صنعاء وزبيد
    6 ـ ارجوزة في الشهور الرومية
    7 ـ رسالة على التصريف
    آخرها رسالة « الحور العين وتنبيه السامعين ».وقد طبعت عام 1367هـ بتحقيق كمال مصطفى وذكر ترجمة الموَلف في أوّله شكر اللّه مساعيه. وقدّم له المحقق محمد زاهد الكوثري. ومن قرأ الكتاب يقف على أنّه كان زيدياً ، ومع ذلك ربما لا يصرح بمذهبه.
    ومن ذلك ما يذكره في باب الاِمامة عدّة نظريات ، منها : نظرية إبراهيم بن سيار النظام ، وهي إمامة أكرم الخلق وخيرهم عند اللّه ، فمن كان أتقى الناس للّه ،


(410)
وأكرمهم عند اللّه ، وأعلمهم باللّه ، وأعملهم بطاعته ، كان أولاهم بالاِمامة ، والقيام في خلقه ، كائناً من كان منهم ، عربياً كان أو أعجمياً ، ثم يقول : قال مصنف الكتاب : وهذا المذهب الذي ذهب إليه النظام هو أقرب الوجوه إلى العدل وأبعدها عن المحاباة (1).
    ومن المعلوم أنّ الضابط الذي أعطاه النظام وقبله الموَلف لا ينطبق إلاّ على علي ( عليه السلام ) ، مع ذلك لم يصرّح الموَلف بالاسم.
    وقد خص فصلاً لفضل زيد (2) وذكر خروجه : ويظهر منه أنّ باليمن في عصره كان فرقتين فقط :
    الجارودية من الزيدية ، والمباركية من الاِسماعيلية (3).
    وفي الكتاب بحوث واسعة حول الفرق الاِسلامية ، ولاَجل ذلك صار الكتاب ممتعاً.
    وقد ترجمه الزركلي (4) ولم يزد شيئاً عما جاء في مقدمة ذلك الكتاب.
    1 ـ الحور العين : 252.
    2 ـ الحور العين : 188.
    3 ـ نفس المصدر : 156.
    4 ـ الاَعلام : 8/20.
بحوث في الملل والنحل ـ جلد السابع ::: فهرس