كتاب بحوث في الملل والنحل ـ جلد الثامن ::: 401 ـ 410
(401)
أصحاب الحسن بن علي بن محمد بن الرضا ، فلمّا مات ادّعى وكالة لابن الحسن الذي تقول الاِمامية بإمامته ففضحه اللّه تعالى بما أظهره من الاِلحاد والغلو ، والقول بالتناسخ ، ثمّادّعى أنّه رسول ونبي من قبل اللّه تعالى ، وأنّه أرسله علي بن محمد ابن الرضا ، وجحد إمامة الحسن العسكري وإمامة ابنه ، وادّعى بعد ذلك الربوبية وقال بإباحة المحارم. (1)
    9 ـ وقد بسط الكلام الشهرستاني (479 ـ 548 هـ) في النصيرية والاِسحاقية وعدّهم من جملة غلاة الشيعة وقال : لهم جماعة ينصرون مذهبهم ويذبّون عن أصحاب مقالاتهم ، وبينهم خلاف في كيفية إطلاق اسم الاِلهية على الاَئمة من أهل البيت ـ إلى أن قال ـ : « قالوا ولم يكن بعد رسول اللّه (صلّى الله عليه وآله وسلّم) شخص أفضل من علي (رضي اللّه عنه) ، وبعده أولاده المعصومون وهم خير البرية ، فظهر الحقّ بصورتهم ونطق بلسانهم وأخذ بأيديهم ، فعن هذا أطلقنا اسم الاِلهية عليهم.
    وإنّما أثبتنا هذا الاختصاص « لعلي » رضي اللّه عنه دون غيره لاَنّه كان مخصوصاً بتأييد إلهي من عند اللّه تعالى ، فيما يتعلق بباطن الاَسرار. قال النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم : « أنا أحكم بالظاهر ، واللّه يتولّ ـ ى السرائر » وعن هذا كان قتال المشركين إلى النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وقتال المنافقين إلى علي رضي اللّه عنه.
    وعن هذا شبهه بعيسى بن مريم (عليه السّلام) ، فقال (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : « لولا أن يقول الناس فيك ما قالوا في عيسى بن مريم (عليه السّلام) ، لقلت فيك مقالاً ». (2)
    10.وقال العلاّمة الحلّي (648 ـ 726 هـ) : محمد بن الحصين الفهري من أصحاب أبي الحسن الثالث الهادي (عليه السّلام) كان ضعيفاً ملعوناً. (3)
    1 ـ شرح نهج البلاغة : 8/122 ، ولا يخفى أنّ ابن أبي الحديد تفرّد بإنكار النميري إمامة الحسن العسكري (عليه السّلام) وإمامة ابنه مع أنّه كان يدّعي البابية لابن العسكري سلام اللّه عليهم.
    2 ـ الملل والنحل : 1/168 ـ 169.
    3 ـ الخلاصة : 2/252 برقم 22.


(402)
    والعجب أنّه عنونه تارة أُخرى ، وقال : محمد بن نصير بالنون المضمومة والصاد المهملة ، قال ابن الغضائري : قال لي أبو محمد بن طلحة بن علي بن عبد اللّه بن غلاله ، قال لنا أبو بكر بن الجعابي : كان محمد بن نصير من أفاضل أهل البصرة علماً وكان ضعيفاً بدو النصيرية وإليه ينسبون. (1)
    ولعلهما شخصان مختلفان.
    11 ـ وقال الجرجاني المتوفّى (816 هـ) : النصيرية الذين قالوا إنّ اللّه حلّ في علي (رض). (2)
    والباحث في كتب الرجال لاَصحابنا يجد أنّ ـ ها تعج بما رواه الشيخ في كتاب الغيبة ، والكشي في رجاله. (3)

النصيرية فرقة بائدة
    إذا كانت النصيرية هي التي عرّفها أصحاب المعاجم وغيرهم ، فهذه الفرقة قد بادت لا تجد أحداً يتبنّى أفكارها بين المسلمين ، إلاّ إذا كان مغفّلاً أو مغرضاً ، وربّما تكون بعض هذه النسب ممّا لا أصل له في الواقع ، وإنّما اتهمت بها بعض فرق الشيعة من قبل أعدائهم ، فإنّ خصومهم من العباسيين شنّوا حملة شعواء ودعايات مزيفة ومضلّلة ضدهم ، حتى يجد الباحث أنّالكتّاب والموَلّفين المدعومين من قبل السلطات لا يألون جهداً في اتهامهم بأرخص التهم في العقيدة والعمل حتى صارت حقائق راهنة في حقّ هوَلاء ، وتبعهم غير واحد من أصحابنا لحسن ظنّهم بما كتب حولهم.
    1 ـ الخلاصة : 2/257 برقم 61.
    2 ـ التعريفات : 106.
    3 ـ انظر تنقيح المقال : 3/195.


(403)
محمد بن نصير النميري شخصيّة قلقة
    الحقّ أن يقال إنّ ابن نصير شخصية قلقة ، يكتنفها كثير من الغموض ، فتارة يعدّونه من أفاضل أهل البصرة علماً وأنّه ضعيف (1) وأُخرى من أصحاب الاِمام الجواد (عليه السّلام) (2) وأُخرى أنّه من أصحاب الاِمام العسكري (عليه السّلام) وأنّه غال (3) وطوراً عدّوه فهرياً بصرياً مع أنّ هذين لا يجتمعان. (4)
    وأخيراً تحيّروا في أمر هذا الرجل ووضعوا اسمه في قائمة المشتركات. (5)
    ثمّ إنّ كتّاب الفرق ذكروا رجالاً كان لهم دور في حياة ذلك الرجل ، منهم :
    الشريعي أبو محمد ، وقد عرفت ما قيل حوله؛ وابن فرات ، وهو الذي ذكر النوبختي أنّه كان يقوي عضد محمد بن نصير ، ومن الموَكد أنّ هذا الرجل ينتمي إلى أُسرة شيعية عريقة كان لها مركز ونفوذ في البلاط العباسي.وتقلّد جمع منهم الوزارة ، منهم :
    1 ـ أبو الحسن علي بن محمد بن الفرات تسنّم عرش الوزارة ثلاث مرّات ، خلع وحبس خلالها ، فقد تسلم الوزارة بين سنة 296و299 هـ ، ثمّ في سنة 304 ، وثالثة في سن ـ ة 311 ـ 313 هـ وقد اتّهموه بموَازرة الاَعراب البوادي الذين نهبوا بغداد ، وكذلك اتهم بالزندقة وصودرت أمواله وذلك أيّام المقتدي باللّه
    1 ـ المامقاني : تنقيح المقال : 3/195.
    2 ـ الطوسي : الرجال : أصحاب الاِمام الجواد برقم 10 و 26.
    3 ـ الطوسي : الرجال : أصحاب الاِمام العسكري (عليه السّلام) برقم 20.
    4 ـ الكشي : الرجال : برقم 383.
    5 ـ المامقاني : تنقيح المقال : 3/196.


(404)
العباسي. (1)
    2 ـ أبو الفتح الفضل بن جعفر بن محمد بن الفرات وزير الراضي باللّه العباسي.
    3 ـ أبو أحمد المحسن بن الوزير أبي الحسن.
    4 ـ جعفر بن محمد أخو الوزير علي بن محمد. (2)
    هذه هي النصيرية وهذه هي كلمات أصحاب المعاجم في حقّها ونحن على شكّ في صدق هذه النسب ، لاَنّ أكثر من كتب عنهم يعدّون خصوماً لهم ، ومن كتب عنهم من غير خصومهم لم يعتمد على أصل صحيح ، فلا يبعد أن تكون هذه الفرقة على فرض وجودها في عصرها من الفرق البائدة التي عبث بها الزمان.

العلويون وأصل التسمية بالنصيرية
    إنّ هناك أقلاماً مغرضة حاولت أن تنسب العلويين المنتشرين في الشام والعراق وتركيا وإيران إلى فرقة النصيرية البائدة اعتماداً على أُمور ينكرها العلويون اليوم قاطبة.
    وأظن أنّ السبب في ذلك هو جور السلطات الظالمة التي أخذت تشوّه صحيفة العلويين وتسودّها ، فأقامت فيهم السيف والقتل والفتك والتشريد ، ولم تكتفِ بل أخذت بالافتراء عليهم لتنفّر الناس من الاختلاط بهم ، وأنّهم زمرة وحشية هجمية ، ممّا زاد في انكماش هذه الطائفة على نفسها ، لذا نجد من المناسب الكتابة عنهم حسب ما كتبوه عن أنفسهم.
    أمّا سبب تسمية العلويين بالنصيرية لاَنّه لما فتحت جهات بعلبك وحمص استمد أبو عبيدة الجراح نجدة ، فأتاه من العراق خالد بن الوليد ، ومن مصر عمرو
    1 ـ الصابي : كتاب الوزراء : 247.
    2 ـ الصابي : كتاب الوزراء : 247.


(405)
ابن العاص ، وأتاه من المدينة جماعة من أتباع علي (عليه السّلام) وهم ممّن حضروا بيعة غدير خم ، وهم من الاَنصار ، وعددهم يزيد عن أربعمائة وخمسين ، فسمّيت هذه القوة الصغيرة ، نصيرية ، إذ كان من قواعد الجهاد تمليك الاَرض التي يفتحها الجيش لذلك الجيش نفسه ، فقد سميت الاَراضي التي امتلكها جماعة النصيرية : جبل النصيرية ، وهو عبارة عن جهات جبل الحلو وبعض قضاء العمرانية المعروف الآن ثمّ أصبح هذا الاسم علماً خاصاً لكلّ جبال العلويين من جبل لبنان إلى أنطاكية. (1)
    وهذا الرأي أقرب إلى الصواب ، ذلك أنّ الموَرّخين الصليبيّين أطلقوا على هذا الجبل اسم « النصيرة » ويبدو انّ هذا الاسم قد حرّف إلى نصيرية و الذي يعزز القناعة بصحة هذا الرأي هو أنّإطلاق اسم نصيرية على هذا الجبل ، لم يظهر إلاّ أثناء الحملات الصليبية ، أي بعد عام 498 هـ ، وإذا كان معنى ذلك أنّ اسم نصيرية قد تغلّب على اسم الجبل في زمن الشهرستاني.
    وثمة آراء أُخرى قليلة ترى أنّ تسمية نصيرية نسبة إلى نصير غلام الاِمام عليّ بن أبي طالب (عليه السّلام).ويبدو لنا خطل هذه الآراء ، خاصة وأنّ التاريخ لم يذكر أنّ للاِمام علي غلاماً يدعى نصيراً. (2)

أهم عقائدهم
    حسب المصادر المطّلعة على حالهم ، فإنّ عقائد العلويين لا تختلف عن عقائد الشيعة الاثنا عشرية الاِمامية ، وهي معروفة مسجّلة. (3)
    1 ـ محمد أمين غالب الطويل : تاريخ العلويين : 87 ـ 88.
    2 ـ هاشم عثمان : العلويون بين الاَُسطورة والحقيقة : 35 ـ 36.
    3 ـ علي عزيز آل إبراهيم : العلويون والتشيع : 91 ـ 97 ، الدار الاِسلامية ، بيروت ، 1403 هـ /1992م؛ وراجع العلويون بين الاَُسطورة والحقيقة لهاشم عثمان ، وعقيدتنا وواقعنا لعبد الرحمان الخير.


(406)
    وما يوجب السكون والاطمئنان في ذلك أنّ جميع الموَلفين وأرباب كتب الفرق و المذاهب عدّوهم من الشيعة الاِمامية الاثنا عشرية على الرغم ممّا نسبوا إليهم ورموهم بالغلو والتطرّف والباطنية وأمثال ذلك ممّا ستأتي الاِشارة إليه.
    فالعلويون يوَمنون برسالة محمد بن عبد اللّه (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ولا يشكّون بإمامة ابن عمه علي بن أبي طالب والاَئمة الاَحد عشر من صلبه (عليهم السّلام) وينطقون بالشهادتين عن إيمان فحصنهم شهادة أنْ لا إله إلاّ اللّه محمد رسول اللّه (صلّى الله عليه وآله وسلّم) والموالاة لآل بيته والصلاة والصوم والحج والزكاة والجهاد في سبيل اللّه والمعاد في اليوم الآخر ، وكتابهم القرآن ، ما زاغوا عن هواه ولانهجوا منهجاً غير شريعته ، ولهم مراجع دينية عرفوا بتمسّكهم بالدين وإقامة شعائرهم الدينية الاِسلامية ، ويطرحون كلَّ حديث لم يشر إليه القرآن وجاء مخالفاً له ، كما وأنّهم لا يوَيّدون قول من يقول بصحّة تأويل الآيات التي بحق محمد وآل محمد (عليهم السّلام) ، ويحترمون كل الشرائع السماوية ، ويقدّسون كلَّ الاَنبياء ، ولا يشكّون بصحّة ما أُنزل على إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والاَسباط ، وما أُوتي موسى وعيسى والنبيون من ربّهم ، وهم للّه مسلمون ، ولم يعصوا الرسول في عمل ولم يخالفوه في قول ، ويحصرون كلمة العلم الكاملة بأهل البيت ، ويعتمدون على جعفر بن محمد الصادق (عليه السّلام) في أبحاثهم الدينية وتأويل القرآن والفقه والفتوى ، فلا شافعي ولا حنبلي ولا مالكي ولا حنفي عندهم ، وكلّهم للّه حنفاء متّبعون ملّة أبيهم إبراهيم ، وهو الذي سمّاهم المسلمين ويعبدون اللّه تعالى لا يشركون في عبادته حداً. (1)
    ونترك الحديث إلى أحد كتابهم وهو الشيخ عبد الرحمان الخير يتحدث عن عقيدتهم في أُصول الدين وفروعه ، حيث يقول :
    أُصول الدين خمسة ، وهي :
    التوحيد و العدل والنبوّة والاِمامة والمعاد.
    1 ـ أحمد زكي تفاحة : أصل العلويين وعقيدتهم : 47 ـ 48.

(407)
    التوحيد : نعتقد بوجود إله واحد خالق للعالم المرئي وغير المرئي ، لا شريك له في الملك متصف بصفات الكمال ، منزّه عن صفات النقص والمحال : « لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيءٌ وَهُوَ الْسَمِيعُ الْبَصِير » (الشورى/11).
    العدل : نعتقد بأنّ اللّه تعالى عادل منزّه عن الظلم ، وعن فعل القبيح والعبث ، لا يكلّف البشر غير ما هو في وسعهم وطاقتهم ولا يأمرهم إلاّ بما فيه صلاحهم ولا ينهاهم إلاّ عمّا فيه فسادهم ولو جهل كثير من العباد وجه الصلاح والفساد في أمره ونهيه سبحانه.
    النبوّة : نعتقد بأنّ اللّه سبحانه يصطفي من خيرة عباده الصالحين رسلاً لاِبلاغ رسالاته إلى الناس ، ليرشدهم إلى ما فيه صلاحهم ويحذّروهم عمّا فيه فسادهم في الدنيا والآخرة.
    ونعتقد بأنّ الاَنبياء كثيرون ، ذكر منهم في القرآن الكريم خمسة وعشرون نبياً ورسولاً ، أوّلهم سيدنا آدم (عليه السّلام) وآخرهم سيدنا محمد بن عبد اللّه (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وشريعته هي آخر الشرائع الاِلهية وأكملها ، ونعتقد بأنّها صالحة لكلّ زمان و مكان.
    ونعتقد بعصمة جميع الاَنبياء من السهو والنسيان ، وارتكاب الذنوب عمداً وخطأ قبل البعثة ، وبعدها ، وأنّهم منزّهون عن جميع العيوب والنقائص ، وأنّهم أكمل أهل زمانهم وأفضلهم وأجمعهم للصفات الحميدة ، صلوات اللّه وسلامه عليهم أجمعين.
    الاِمامة : نعتقد بأنّ الاِمامة منصب تقتضيه الحكمة الاِلهية لمصلحة البشر في موَازرة الاَنبياء بنشر الدعوة الاِلهية ، وفي القيام بعدهم بالمحافظة على تطبيق أحكامها بين الناس وبصون التشريع من التغيير والتحريف والتفسيرات الخاطئة.
    ولذلك نعتقد اقتضاء اللطف الاِلهي بأن يكون الاِمام معيّناً بنص إلهي وأن يكون معصوماً مثل النبي سواء بسواء ليطمئن الموَمنون إلى الاقتداء به في جميع أعماله وأقواله.


(408)
    ونعتقد بأنّ الاِمام بعد نبينا محمد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) هو سيدنا الاِمام علي بن أبي طالب عليه السّلام ، ومن بعده ابناه الحسن والحسين ، ثمّتسعة من ذرية الحسين (عليه السّلام) ، آخرهم المهدي عجّل اللّه فرجه ، وعجل به فرج الموَمنين.
    المعاد : نعتقد بأنّ اللّه سبحانه يعيد الناس بعد الموت للحساب ، فيجزي المحسن بإحسانه والمسيء بإساءته.
    كما ونوَمن بكل ما جاء في القرآن الكريم ، وبما حدّث به النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) من أخبار يوم البعث و النشور والجنّة والنار والعذاب والنعيم والصراط والميزان وغير ذلك ممّا أثبته كتاب اللّه وحديث رسوله الصحيح.
    وأمّا فروع الدين : فكثيرة أهمّها الصلاة والصيام والزكاة والحج والجهاد. (1)

الجبر والاختيار والتفويض
    يقول أحد كتّابهم في هذا الصدد :
    عقيدة المسلمين العلويين في هذه المسألة هي طبق ما جاء عن الاِمام أمير الموَمنين علي بن أبي طالب (عليه السّلام) وهو ينفي الجبر والاِهمال ، وقد منح اللّه العباد القوّة على أفعالهم وأوكلهم فيها إلى نفوسهم فعلاً وتركاً بعد الوعد والوعيد ، قال (عليه السّلام) في نهج البلاغة : « إنّ اللّه سبحانه أمر عباده تخييراً ونهاهم تحذيراً ، وكلّف يسيراً ولم يكلف عسيراً ، وأعطى على القليل كثيراً ، ولم يعص مغلوباً ولم يطع مكرهاً ، ولم يرسل الاَنبياء لعباً ولم ينزل الكتاب عبثاً ، ولا خلق السماوات والاَرض وما بينهما باطلاً ، ذلك ظن الذين كفروا فويل للذين كفروا من النار ».
    وقد شنع الاَمير الشاعر المكزون السنجاري على القائلين بالجبر ووصفهم بأنّ عبيد اللات خير منهم قال :
    1 ـ عبد اللّه الخير : عقيدتنا وواقعنا نحن المسلمين العلويين : 20 ـ 23 ، نقل بتلخيص.

(409)
عبيد اللات فيما جاء عنهم وأما المجبرون فعن يقين يسبّون الاِله بغير علم يسبّون الاِله بكل ظلم
    ويقول أيضاً :
إذا كان فعلي له مرادا ولم دعاني إلى أُمور فلم بما قد أراد يعصى مني لها الخلف ليس يحصى
    ومن احتجاجه على القائلين بالجبر قوله :
قل لمن قال إنّ باري البرايا من ترى ان أراد بالعبد سوءاً اتقوا اللّه ذاك أمر محال وإذا لم يكن فقد ثبت القو ليس في خلقه مريد سواه راح في العبد كارهاً ما قضاه أن يرى ساخطاً رضاه رضاه ل لعبد ومان في مدعاه. (1)
    ما حيك حولهم
    وفي غياب المصادر الموثوقة ، نسب مناوئوهم عقائد وآراء شتى إلى العلويين نشير في ما يلي إلى بعضها :
    1 ـ الاعتقاد بالحلول والغلو في حقّ الاَئمّة سيّما الاِمام علي بن أبي طالب عليه السّلام. (2)
    2 ـ التناسخ. (3)
    3 ـ نبوّة النميري محمد بن نصير. (4)
    1 ـ علي عزيز الاِبراهيم : العلويون والتشيع : 76 ـ 83.
    2 ـ الشهرستاني : الملل والنحل : 2/25 ، 26 ، سليمان الاذنى : الباكورة السليمانية : 87.
    3 ـ النوبختي : فرق الشيعة : 93 ـ 94.
    4 ـ نفس المصدر.


(410)
    4 ـ شركة الاِمام علي مع رسول اللّه في نبوته. (1)
    5 ـ إباحة المحارم وتحليل نكاح الرجال بعضهم بعضاً. (2)
    6 ـ افتراقهم إلى ثلاث فرق في خلافة محمد بن نصير النميري. (3)
    7 ـ عبادة السماء والشمس والقمر على تقاليد الفينيقيين والاعتقاد بوجود الاَئمّة (عليهم السّلام) فيها. (4)
    وهذه الافتراءات والتهم إنّما تهدف إلى شيء واحد وهو تأليب الناس عليهم دون أن تستند إلى مصدر أو مستند أو وثيقة. ودون أن يتجشّم الموَلّفون لتحقيقها ، فإنّ موَلّفي الفرق والملل والنحل كان همّ أكثرهم توسيع رقعة الخلاف ، وخلق أكبر عدد ممكن من الفرق وطرح أشياء غريبة عجيبة وغير معقولة ولا مشروعة.

رميهم بالغلو والتطرّف
    أُمُّ الاتهامات ضدّهم هي تهمة الغلو وتأليه الاِمام علي (عليه السّلام) حيث يكرره الموَلفون من قديم وجديد. (5)
    ويترآى أنّ رميهم بالغلو والتطرف كان ردّ فعل من مناوئيهم حيث كان يرميهم هوَلاء بالتقصير في حقّ علي بن أبي طالب (عليه السّلام) أو عدم الاِيمان بفضائله وأفضليته من سائر الصحابة ، حتى عدائهم له بتحريض من خلفاء الاَُمويين ،
    1 ـ المصدر نفسه.
    2 ـ الشهرستاني : الملل والنحل : 2/25 ـ 26.
    3 ـ النوبختي : فرق الشيعة : 115 ـ 116 ، الرازي فخر الدين : اعتقادات فرق المسلمين والمشركين : 61.
    4 ـ النوبختي : فرق الشيعة : 115 ـ 116 ، وراجع : القلقشندي : صبح الاَعشى : 13/222 ـ 253.
    5 ـ الدكتور عبد الرحمان بدوي : مذاهب الاِسلاميين : 2/425 ، دار العلم للملايين ، بيروت ـ 1973م.
بحوث في الملل والنحل ـ جلد الثامن ::: فهرس