حديث الغدير ::: 16 ـ 30
(16)
الفضل والفضيلة والاطّلاع ، خاصّةً على مثل حديث الغدير ، هذا الحديث المهم الذي اهتمّ به الكل من مخالفين وموافقين.
    إنّه ليس عندي شيء جديد أُبيّنه لكم في هذه الليلة حول حديث الغدير ، والليلة الواحدة لا تكفي بل الليلتان أيضاً ، لكنّي أذكر لكم رؤوس المطالب والنقاط المهمّة التي سجّلتها مع شيء من التوضيح وإبداء بعض الملاحظات فقط.
    نحن عندما نريد أن نجعل لبحثنا منهجاً فلابدّ وأن يكون المنهج على الشكل التالي ، أنْ نبحث عن حديث الغدير في جهتين.
    الجهة الاُولى في الجهود التي بذلت في سبيل هذا الحديث إثباتاً وروايةً وتصحيحاً ونشراً ، وإلى آخره.
    والجهة الثانية : الجهود التي بذلت في سبيل إبطال هذا الحديث ، في سبيل ردّ هذا الحديث ، وكتم هذا الحديث والتعتيم عليه ، وتحريفه بأيّ شكل من الاشكال.


(17)
    وهذه الجهة تشتمل على نقاط :
    النقطة الاُولى :

    لقد نزلت في قضية الغدير ، وفي يوم الغدير ، آيات من القرآن الكريم ، نزلت آية قبل خطبة الغدير هي قوله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الرَّسُوْلُ بَلِّغْ ... ) إلى آخر الاية ، ونزلت آية بعد خطبة الغدير هي قوله تعالى : ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُم دينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الاِْسْلاَمَ دِيناً ) (1) ونزل قوله تعالى : ( سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَاب وَاقِع ) (2) عندما اعترض ذلك الاعرابي على ما قاله
1 ـ سورة المائدة : 3.
2 ـ سورة المعارج : 1.


(18)
رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، سائلاً النبي بأنّك أمرتنا بالصلاة فصلّينا ، أمرتنا بالزكاة فأدّينا ، وإلى آخره ، واليوم جئت وأخذت بعضد ابن عمّك ونصبته علينا وليّاً ، أهذا أمر من الله أو شيء من عندك ؟ تقريباً بهذا اللفظ ، فنزل قوله تعالى : ( سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَاب وَاقِع ) إلى آخره.
    فهذه آيات متعلّقة بقضية الغدير ، ولكلّ آية بحث مستقل ، أي لو أردنا أنْ نذكر الروايات في شأن نزول هذه الايات لاحتجنا إلى مجال أكثر ، وكما أشرت من قبل ، فالليلة الواحدة لا تكفي للاحاطة بجميع جوانب قضية الغدير.
    إذن ، نكتفي بهذا المقدار ، وعليكم أن تراجعوا المصادر.
    النقطة الثانية :
    الرواة لحديث الغدير من الصحابة ، يبلغ عددهم أكثر من مائة وعشرين رجل وامرأة ، هؤلاء يروون حديث الغدير ، وطرق أهل السنّة إلى هؤلاء الصحابة موجودة في الكتب ، والروايات الواردة عن هؤلاء أو الرواية الواردة عن كلّ واحد من هؤلاء تلك الرواية موجودة في الكتب المعنيّة بحديث الغدير.
    واختلف القوم في عدد الحاضرين في يوم الغدير عند خطبة رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، وهناك قول بأنّهم كانوا مائة وعشرين ألف شخص ، فإذا كان كذلك فقد وصلنا حديث الغدير من 1/1000 من الحاضرين.


(19)
    النقطة الثالثة :
    الرواة لحديث الغدير من التابعين عددهم أضعاف عدد الصحابة ، وهذا واضح ، لانّ كلاًّ من الصحابة قد سمع الحديث منه أكثر من تابعي ، والتابعون أيضاً نقلوا الحديث إلى أصحابهم وهكذا.
    فكان العلماء الرواة لحديث الغدير من أعلام السنّة في القرون المختلفة يبلغ عددهم المئات.
    النقطة الرابعة :
    الاسانيد التي نروي بها حديث الغدير لا تحصى كثرة ، وهي فوق حد التواتر بكثير ، ويشهد بذلك :
    أوّلاً :
    كثرة الكتب المؤلفة في جمع طرق حديث الغدير وأسانيده ، وهذا لو أردنا أن نشرحه لاحتاج إلى وقت إضافي ، أي أسامي المؤلفين في حديث الغدير من كبار العلماء السابقين.
    ثانياً :
    ذكر حديث الغدير في الكتب المختصة بجمع الاحاديث المتواترة :
    فللسيوطي أكثر من كتاب ألّفه في الاحاديث المتواترة وأدرج فيها حديث الغدير.
    والزبيدي صاحب تاج العروس له كتاب خاص بالاحاديث


(20)
المتواترة وفيه حديث الغدير.
    والكتّاني له كتاب في الاحاديث المتواترة وحديث الغدير موجود فيه.
    والشيخ علي المتقي الهندي صاحب كنز العمّال له كتاب خاص بالاحاديث المتواترة وفيه حديث الغدير.
    والشيخ علي القاري الهروي له أيضاً كتاب في الاحاديث المتواترة وحديث الغدير موجود فيه.
    فالكتب المختصة بالاحاديث المتواترة مشتملة على حديث الغدير.
    ثالثاً :
    وجدنا تنصيص عدّة كبيرة من أعلام الحفّاظ والمحدّثين على تواتر هذا الحديث :
    كالذهبي مثلاً يقول هذا الحديث متواتر أتيقّن أنّ رسول الله قاله. والقائل من ؟ الذهبي ، والذهبي متشدّد ومتعصّب.
    وممّن يعترف بتواتر حديث الغدير : ابن كثير الدمشقي (1).
    وممّن يعترف بتواتر حديث الغدير : ابن الجزري شمس الدين (2) ، وهذا حافظ كبير من حفّاظهم.
1 ـ البداية والنهاية 5 / 213.
2 ـ أسنى المطالب في مناقب علي بن أبي طالب : 3 ـ 4.


(21)
    فهذه نقاط ، وكلّ نقطة ، وكلّ واحدة من هذه الاُمور تحتاج إلى بحث مستقل ، ونحن ليس عندنا ذلك المجال الكافي للتفصيل في هذه الامور.

    رواة حديث الغدير
    ولا بأس الان بأنْ نذكر أسامي أشهر مشاهير رواة حديث الغدير في القرون المختلفة ، فأشهر مشاهيرهم في القرون المختلفة هم :
    1 ـ محمّد بن إسحاق ، صاحب السيرة.
    2 ـ معمر بن راشد.
    3 ـ محمّد بن إدريس الشافعي ، إمام الشافعية.
    4 ـ عبد الرزاق بن همّام الصنعاني ، شيخ البخاري.
    5 ـ سعيد بن منصور ، صاحب المسند.
    6 ـ أحمد بن حنبل ، إمام الحنابلة ، صاحب المسند.
    7 ـ ابن ماجة القزويني ، صاحب أحد الصحاح الستة.
    8 ـ الترمذي ، صاحب الصحيح.
    9 ـ أبو بكر البزّار ، صاحب المسند.
    10 ـ النسائي ، صاحب الصحيح.


(22)
    11 ـ أبو يعلى الموصلي ، صاحب المسند.
    12 ـ محمّد بن جرير الطبري ، صاحب التفسير والتاريخ المشهورين المعروفين.
    13 ـ أبو حاتم ابن حبّان ، صاحب الصحيح.
    14 ـ أبو القاسم الطبراني ، صاحب المعاجم الثلاثة.
    15 ـ الحافظ أبو الحسن الدارقطني ، الذي كان إمام وقته في بغداد ، ويلقّبونه بأمير المؤمنين في الحديث.
    16 ـ الحاكم النيسابوري ، صاحب المستدرك.
    17 ـ ابن عبد البر ، صاحب الاستيعاب.
    18 ـ الخطيب البغدادي ، صاحب تاريخ بغداد.
    19 ـ أبو نعيم الاصفهاني ، صاحب حلية الاولياء ودلائل النبوة وغيرهما من الكتب.
    20 ـ أبو بكر البيهقي ، صاحب السنن الكبرى.
    21 ـ البغوي ، صاحب مصابيح السنّة.
    22 ـ جار الله الزمخشري ، صاحب الكشّاف في التفسير.
    23 ـ ابن عساكر الدمشقي ، صاحب تاريخ دمشق.
    24 ـ الفخر الرازي ، صاحب التفسير المعروف.
    25 ـ الضياء المقدسي ، صاحب المختارة.


(23)
    26 ـ ابن الاثير الجزري ، صاحب أُسد الغابة.
    27 ـ أبو بكر الهيثمي ، الحافظ الكبير ، صاحب مجمع الزوائد.
    28 ـ الحافظ المزّي ، صاحب كتاب تهذيب الكمال ، وهو حافظ كبير من حفّاظهم.
    29 ـ الحافظ الذهبي ، صاحب تلخيص المستدرك وغيره من الكتب.
    30 ـ الحافظ الخطيب التبريزي ، صاحب مشكاة المصابيح.
    31 ـ نظام الدين النيسابوري ، صاحب التفسير المعروف.
    32 ـ ابن كثير الدمشقي ، صاحب التاريخ والتفسير.
    33 ـ الحافظ ابن حجر العسقلاني ، يلقّبونه بشيخ الاسلام ، وهو إنصافاً عالم من علمائهم ، يعتمد عليه في النقل وينظر إلى كلماته ككلمات عالم ، أنا بنظري إنّ ابن حجر العسقلاني عالم محترم ، هذا صاحب فتح الباري في شرح البخاري وغيره من الكتب.
    34 ـ العيني الحنفي ، صاحب عمدة القاري في شرح صحيح البخاري.
    35 ـ الحافظ جلال الدين السيوطي ، صاحب المؤلفات الكثيرة المعروفة.


(24)
    36 ـ ابن حجر المكّي ، صاحب الصواعق المحرقة في الردّ على الشيعة.
    37 ـ الشيخ علي المتقي الهندي ، صاحب كنز العمّال.
    38 ـ الشيخ نور الدين الحلبي ، صاحب السيرة الحلبية.
    39 ـ شاه ولي الله الدهلوي ، صاحب المؤلفات الكثيرة ، هذا يسمّونه بعلاّمة الهند ، ويعتمدون على مؤلّفاته وينقلون عنها.
    40 ـ شهاب الدين الخفاجي ، رجل محقق محدّث أديب ، له شرح على الشفاء للقاضي عياض وله تعليقة على تفسير البيضاوي أيضاً وهما كتابان معتبران.
    41 ـ الزبيدي ، صاحب تاج العروس.
    42 ـ أحمد زيني دحلان ، صاحب السيرة الدحلانيّة المعروفة.
    43 ـ الشيخ محمّد عبده المصري ، صاحب التفسير وشرح نهج البلاغة والاثار الاُخرى.
    هؤلاء أشهر مشاهير رواة حديث الغدير في القرون المختلفة.

    دواعي عدم نقل الحديث
    وهنا فصلٌ لابدّ من التعرّض له بإيجاز ، وذلك أنّه لو يراجع


(25)
الباحث الحر المنصف أسانيد حديث الغدير وألفاظه ، ومتون هذا الحديث ، لوجد في متون الحديث قرائن كثيرة تدلّ على أنّ الدواعي إلى عدم نقله أو الموانع عن نقله كثيرة ، فمثلاً :
    يقول الراوي : رأيت ابن أبي أوفى وهو في دهليز له بعد ما ذهب بصره ، فسألته عن حديث ، فقال : إنّكم يا أهل الكوفة فيكم ما فيكم ، قلت : أصلحك الله إنّي لست منهم ، ليس عليك منّي عار ، فلمّا اطمأنّ بي قال : أيّ حديث تريد ؟ قال : قلت : حديث علي في غدير خم (1). هذا من الصحابة.
    ويقول الراوي : أتيت زيد بن أرقم فقلت له : إنّ خَتَناً لي [ أي صهراً ] حدّثني عنك بحديث في شأن علي يوم غدير خم ، فأنا أُحبّ أنْ أسمعه منك ، فقال : إنّكم معاشر أهل العراق فيكم ما فيكم ، فقلت له : ليس عليك منّي بأس ، فقال : نعم ، عندما اطمأنّ قال : نعم كنّا بالجحفة ... إلى آخر الحديث ، قال : فقلت له : هل قال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) : اللهمّ وال من والاه وعاد من عاداه ؟ قال : إنّما أُخبرك بما سمعت. هذا الحديث في المسند (2).
    قارنوا هذا الحديث الوارد في المسند عن زيد بن أرقم ، مع
1 ـ مناقب علي بن أبي طالب لابن المغازلي : 16.
2 ـ مسند أحمد 4 / 368.


(26)
الحديث الذي قرأناه في أوّل البحث عن زيد بن أرقم ، إنّه لم يرو هنا هذه القطعة في ذيل الحديث ، لكنْ هناك قال : نزلنا مع رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) بواد يقال له غدير خم ... إلى آخره ، قال : « فمن كنت مولاه ، فإنّ عليّاً مولاه ، اللهمّ عاد من عاداه ووال من والاه ». وهذا أيضاً في المسند (1).
    فأحمد يروي الحديثين بفاصل أوراق معدودة ، في أحدهما لا يذكر زيد بن أرقم هذه القطعة الاخيرة من الحديث لهذا الشخص ، لكنْ هناك للشخص الاخر يروي هذه الجملة أيضاً.
    وسأقرأ لكم حديثاً آخر عن المعجم الكبير للطبراني ، سترون أنّ زيد بن أرقم يروي هذه القطعة أيضاً لذلك الراوي الاخر.
    يقول الراوي أيضاً : قلت لسعد بن أبي وقّاص ـ الذي هو من رواة حديث الغدير ، ومن كبار الصحابة ، وأحد العشرة المبشرة كما يقولون ـ : إنّي أُريد أنْ أسألك عن شيء ، وإنّي أتّقيك ـ يظهر التقيّة موجودة بينهم حتّى من أنفسهم هم ـ قال : سل عمّا بدا لك فإنّما أنا عمّك ، قال : قلت مقام رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) فيكم يوم غدير خم ، فجعل سعد يحدّثه بالحديث (2).
1 ـ مسند أحمد 4 / 372.
2 ـ كفاية الطالب في مناقب علي بن أبي طالب : 620.


(27)
    لكنّ الراوي عندما يريد أن يسأله يقول : اُريد أن أسألك عن شيء وإنّي أتّقيك.
    أُنظر إلى الظروف المحيطة بقضيّة حديث الغدير ، وكيف كانوا يريدون التوصّل إلى هذا الحديث بهذه الاساليب.
    يقول الراوي عندما وقف شخص على حلقة فيها زيد بن أرقم قال : أفي القوم زيد ؟ قالوا : نعم هذا زيد ، فقال : أُنشدك بالله الذي لا إله إلاّ هو يا زيد ، أسمعت رسول الله يقول لعلي : من كنت مولاه فعلي مولاه اللهمّ وال من والاه وعاد من عاداه ؟ قال : نعم ، فانصرف الرجل.
    وكأنّه عندما يريد أن يسأل زيداً لابدّ وأنْ يحلّفه حتّى يحكي له الواقع كما سمع من رسول الله. هذا الحديث في المعجم الكبير للطبراني.
    فإلى هنا انتهينا ممّا يتعلّق بسند حديث الغدير ومتن حديث الغدير.

    إثبات التواتر اللفظي لحديث الغدير
    ورأينا أنّ هذا الحديث حديث متواتر ، بل لقد تجاوز حدّ التواتر بأضعاف مضاعفة ، والتواتر كما تعلمون على أقسام :


(28)
    تارة التواتر لفظي.
    وتارة التواتر إجمالي.
    وتارة التواتر معنوي.
    وبقرينة ذكر القوم هذا الحديث في كتبهم المتعلّقة بالاحاديث المتواترة يظهر أنّ هذا الحديث بهذا اللفظ متواتر ، وهذا شيء مهم ، لانّهم في كتب الحديث وعلم دراية الحديث ـ إذا راجعتم ـ يقولون بأنّ التواتر اللفظي قليل جدّاً ، حتّى أنّهم يحصرون التواتر اللفظي بحديث إنّما الاعمال بالنيّات فقط ، وربّما أضافوا إلى هذا الحديث حديثاً آخر ، هكذا يدّعون ، ويقولون بأنّ الاحاديث الواصلة إلينا من رسول الله هي وإن كانت متواترة إلاّ أنّها متواترة معنى أو إجمالاً ، هذا في أكثر الاحاديث الواصلة إلينا التي يمكننا أن ننسبها إليه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بالقطع واليقين.
    إلاّ أنّ حديث الغدير بهذا اللفظ متواتر ، وهذا شيء له أهميّته ، ولابدّ من الدقّة في هذه النقطة فإنّها أمر مهم.
    فانتهينا إذن ، من لفظ الحديث ومتنه ، وانتهينا من سنده ، وأنّه متواتر قطعاً.
    وقد نصّ الشيخ عبد العزيز الدهلوي صاحب كتاب التحفة الاثنا عشرية.


(29)
    هذا الكتاب الذي طبع مختصره بالعربية بقلم الالوسي البغدادي ، ونشره بعض أعداء الدين مع تعاليق شحنها بالسباب والشتائم وبالشحناء والبغضاء لاهل البيت ولشيعتهم.
    يقول المولوي عبد العزيز الدهلوي في كتابه التحفة الاثنا عشرية : إنّ الحديث إذا وصل حدّ التواتر وأصبح قطعي الصدور عن رسول الله ، كان بمنزلة آية قرآنيّة ، فكما أنّ القرآن الكريم مقطوع الصدور من الله سبحانه وتعالى ، ولا ريب في أنّ هذا القرآن مقطوع الصدور من الله سبحانه وتعالى ، ولا ريب في هذا القرآن وفي ألفاظه ووصول القرآن الكريم إلينا بالتواتر القطعي ، فكلّ حديث يروى عن رسول الله ويصل إلينا بأسانيد تفيد القطع واليقين يكون هذا الحديث بحكم الاية القرآنيّة وبمثابة القرآن الكريم.
    إذن أصبح قوله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : « من كنت مولاه فهذا علي مولاه » بمثابة آية في القرآن الكريم من حيث أنّه مقطوع الصدور.

    دلالة حديث الغدير على إمامة أمير المؤمنين ( عليه السلام )
    حينئذ ، لابدّ من بيان وجه الاستدلال بهذا الحديث المتواتر قطعاً على إمامة أمير المؤمنين ( عليه السلام ).
    وجه الاستدلال بهذا الحديث يتلخّص في أنّه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بعد أنْ


(30)
أخذ منهم الاقرار وأشهدهم على أنّه أولى بهم من أنفسهم ، مشيراً إلى قوله تعالى : ( النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ ) (1) ، مقتضى هذه الاية المباركة كون النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم في كلّ مالهم الولاية عليه ، فأخذ منهم الاقرار على هذا المعنى ، ثمّ فرّع على ذلك بقوله : « فمن كنت وليّه » ويوجد في بعض الالفاظ « فمن كنت أميره » « فعليّ مولاه » « فعليّ وليّه » « فعليّ أميره » إلى آخره ، فأثبت رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) لعلي ما ثبت له من الاولويّة بالناس من الناس ، أي من أنفسهم ، ثمّ إنّهم جميعاً بايعوه على هذا وسلّموا عليه بإمرة المؤمنين ، وهنّأوه ، ونظمت فيه الاشعار.
    ومحور الاستدلال بحديث الغدير كلمة « مولى » ، ومجيء هذه الكلمة بمعنى « الاولى » ، وذلك موجود في القرآن الكريم في سورة الحديد ، موجود في الاحاديث النبوية المعتبرة حتّى في الصحيحين ، موجود في الاشعار العربية والاستعمالات الفصيحة.
    وحينئذ ، يتمّ الاستدلال على ضوء الكتاب والسنّة والاستعمالات العربية الصحيحة الفصيحة.
1 ـ سورة الاحزاب : 6.
حديث الغدير ::: فهرس