المجالس العاشورية في المآتم الحسينية ::: 16 ـ 30
(16)
ثبتت قدمه على الصراط يوم تزلّ فيه الأقدام.
    ولله درّ الشيخ عبدالحسين شكر عليه الرحمة إذ يقول في رثاء الإمام الحسن ( عليه السلام ) :
من مبلغُ المصطفى والطهرِ فاطمة يدعوه يا عضدي في كلِّ نائبة قد كنتَ لي من بني العليا بقيَّتَهم فاليومَ بعدَك أضحت وهي ليِّنةٌ لهفي لزينبَ تدعوه ومقلتُها أن الحسينَ دماً يبكي على الحَسَنِ ومُسْعِدي إن رماني الدهرُ بالوَهَنِ وللعدوِّ قناتي فيك لم تَلِنِ لغامز وهنيُّ العيشِ غيرُ هني عبرى وأدمعُها كالعارضِ الهَتِنِ (1)
    تتمة الحديث قال ( صلى الله عليه وآله ) : وأمَّا الحسين فإنه مني  ، وهو ابني وولدي  ، وخير الخلق بعد أخيه  ، وهو إمام المسلمين  ، ومولى المؤمنين  ، وخليفة ربّ العالمين  ، وغياث المستغيثين  ، وكهف المستجيرين  ، وحجة الله على خلقه أجمعين  ، وهو سيد شباب أهل الجنة  ، وباب نجاة الأمة  ، أمره أمري  ، وطاعته طاعتي  ، من تبعه فإنه مني  ، ومن عصاه فليس مني  ، وإني لما رأيته تذكَّرت ما يصنع به بعدي  ، كأني به وقد استجار بحرمي وقبري فلا يجار  ، فأضمُّه في منامه إلى صدري  ، وآمره بالرحلة عن دار هجرتي  ، وأبشِّره بالشهادة  ، فيرتحل عنها إلى أرض مقتله وموضع مصرعه  ، أرض كرب وبلاء وقتل وفناء  ، تنصره عصابة من المسلمين  ، أولئك من سادة شهداء أمتي يوم القيامة  ، كأني أنظر إليه وقد رمي بسهم فخرَّ عن فرسه صريعاً  ، ثم يذبح كما يذبح الكبش مظلوماً.
    ثم بكى رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وبكى من حوله  ، وارتفعت أصواتهم بالضجيج  ، ثمَّ قام ( صلى الله عليه وآله )   ، وهو يقول : اللهم إني أشكو إليك ما يلقى أهل بيتي بعدي  ، ثم دخل منزله (2)
1 ـ رياض المدح والرثاء  ، القديحي : 318.
2 ـ الأمالي  ، الشيخ الصدوق : 174 ـ 177 ح 2.


(17)
    ولله درّ الحجة الشيخ حسن علي البدر عليه الرحمة إذ يقول :
ألم تر آلَ اللهِ كيف تراكمت أما شرقت بنتُ النبىِّ بريقِها أما قُتِلَ الكرَّارُ بغياً بسيفِ مَنْ عدوِّ إلهِ العالمين ابنِ مُلجم ألم يَعُدِ الزاكي ابنُه وهو مُلْجأٌ أما هجموا فسطاطَه وتناهبوا أما دسَّت الأعدا له السمَّ غيلةً أما رشقوه النبلَ وهو جنازةٌ وإنْ أنس لا أنسى الحسينَ وقد غدا قضى بعدما ضاقت به سِعَةُ الفضا قضى وهو حرَّانُ الفؤادِ من الظما فما لنزار لا تقومُ بثارِها وتملأُها خيلا تسابقُ طرفَها فتوطىءُ هاتيك السنابك هامَهم عليهم صروفُ الدهرِ أيَّ تراكمِ وجرَّعها الأعداءُ طَعْمَ العلاقمِ بغى وطغى فيما أتى من مآثم وأشقى جميعِ الناسِ من دورِ آدم إلى سِلْمِ حرب وهو غيرُ مُسَالِمِ به رَحْلَه نَهْبَ الغُزاةِ الغنائمِ فألقى به في الطشتِ قَلْبَ المكارم على النعشِ لا بل فوقَ هامِ النعائمِ على رَغْمِ أنفِ الدينِ نَهْبَ الصوارم فضاق له شجواً فضاءُ العوالم على غُصَص فيها قضى كلُّ هاشمي فترضع حرباً من ضروعِ اللهاذم على آلِ حرب تحت أُسْد ضراغمِ كما أوطأوها صَدْرَ سيِّدِ هاشمِ (1)
    روى الراوندي عليه الرحمة أن النبي ( صلى الله عليه وآله ) كان يوماً جالساً وحوله علي وفاطمة والحسن والحسين ( عليهم السلام ) فقال لهم : كيف بكم إذا كنتم صرعى  ، وقبوركم شتى ؟ فقال الحسن ( عليه السلام ) : أنموت موتاً أو نُقتل قتلا ؟ فقال : يا بني  ، بل تقتل بالسم ظلماً ويقتل أخوك ظمأ  ، ويُقتل أبوك ظلماً  ، وتُشرَّد ذراريكم في الأرض.
    فقال الحسين ( عليه السلام ) : ومن يقتلنا ؟ قال : شرار الناس. قال : فهل يزورنا أحد ؟ قال : نعم  ، طائفة من أمتي يريدون بزيارتكم برّي وصلتي  ، فإذا كان يوم القيامة
1 ـ شعراء القطيف  ، الشيخ علي المرهون  ، القسم الأول : 171 ـ 172.

(18)
جئتهم وأخلصهم من أهواله (1).
    وجاء في تفسير الإمام العسكري ( عليه السلام ) أنه قال في قوله تعالى : « وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ ـ الى قوله تعالى : ـ فَلاَ يُخَفَّفُ عَنْهُمْ الْعَذَابُ وَلاَ هُمْ يُنصَرُونَ » (2) قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ـ لما نزلت هذه الإية في اليهود  ، هؤلاء اليهود الذين نقضوا عهد الله  ، وكذَّبوا رسل الله  ، وقتلوا أولياء الله ـ : أفلا أنبِّئكم بمن يضاهيهم من يهود هذه الأمة ؟ قالوا : بلى يا رسول الله. قال : قوم من أمتي ينتحلون أنهم من أهل ملتي  ، يقتلون أفاضل ذرّيّتي وأطائب أرومتي  ، ويبدّلون شريعتي وسنتي  ، ويقتلون ولديَّ الحسن والحسين كما قتل أسلاف هؤلاء اليهود زكريا ويحيى  ، ألا وإن الله يلعنهم كما لعنهم  ، ويبعث على بقايا ذراريهم قبل يوم القيامة هادياً مهدياً من ولد الحسين المظلوم  ، يحرفهم بسيوف أوليائه إلى نار جهنم (3).
    ولله درّ السيد الرضيّ عليه الرحمة إذ يقول :
يا رسولَ اللهِ لو عاينتهم لرأت عيناك منهم منظراً وَهُمُ ما بين قتل وسبا للحشا شجواً وللعينِ قذى
    قال العلامة المجلسي عليه الرحمة : وجدت بخط الشيخ محمد بن علي الجبعي  ، نقلا من خطّ الشهيد رفع الله درجته  ، نقلا من مصباح الشيخ أبي منصور طاب ثراه  ، قال : روي أنه دخل النبي ( صلى الله عليه وآله ) يوماً إلى فاطمة ( عليها السلام ) فهيَّأت له طعاماً من تمر وقرص وسمن  ، فاجتمعوا على الأكل هو وعلي وفاطمة والحسن والحسين ( عليهم السلام ) ، فلمَّا أكلوا سجد رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وأطال سجوده  ، ثمَّ بكى  ، ثم ضحك  ، ثم جلس  ، وكان أجرأهم في الكلام علي ( عليه السلام ) فقال : يا رسول الله  ، رأينا
1 ـ الخرائج والجرائح  ، الراوندي : 2/491 ح 4  ، الإرشاد  ، المفيد : 2/131  ، روضة الواعظين  ، النيسابوري : 75.
2 ـ سورة البقرة  ، الآية : 84 ـ 86.
3 ـ تفسير الإمام العسكري ( عليه السلام ) : 368 ـ 369 ح 258 تأويل الآيات  ، الحسيني : 1/75 ح 52.


(19)
منك اليوم ما لم نره قبل ذلك ؟
    فقال ( صلى الله عليه وآله ) : إني لما أكلت معكم فرحت وسررت بسلامتكم واجتماعكم  ، فسجدت لله تعالى شكراً  ، فهبط جبرئيل ( عليه السلام ) يقول : سجدت شكراً لفرحك بأهلك ؟ فقلت : نعم  ، فقال : ألا أخبرك بما يجري عليهم بعدك ؟ فقلت : بلى يا أخي يا جبرئيل  ، فقال : أما ابنتك فهي أول أهلك لحاقاً بك بعد أن تظلم  ، ويؤخذ حقها وتمنع إرثها ويظلم بعلها ويكسر ضلعها.
    وأما ابن عمك فيظلم ويمنع حقه ويقتل  ، وأما الحسن فإنه يظلم ويمنع حقه ويقتل بالسم  ، وأما الحسين فإنه يظلم ويمنع حقه وتقتل عترته  ، وتطؤه الخيول  ، وينهب رحله  ، وتسبى نساؤه وذراريه  ، ويدفن مرمّلا بدمه  ، ويدفنه الغرباء  ، فبكيت وقلت : وهل يزوره أحد ؟ قال : يزوره الغرباء  ، قلت : فما لمن زاره من الثواب ؟ قال : يكتب له ثواب ألف حجة  ، وألف عمرة كلها معك فضحكت (1).
    وروى الشيخ الصدوق عليه الرحمة في مرض النّبي ( صلى الله عليه وآله ) أن النبي ( صلى الله عليه وآله ) لما أغمي عليه جاء الحسن والحسين ( عليهما السلام ) يصيحان ويبكيان حتى وقعا على رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فأراد علي ( عليه السلام ) أن ينحّيهما عنه  ، فأفاق رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ثم قال : يا علي  ، دعني أشمّهما ويشماني  ، وأتزوّد منهما ويتزوّدان مني  ، أما إنهما سيظلمان بعدي ويقتلان ظلماً  ، فلعنة الله على من يظلمهما  ، يقول ذلك ثلاثاً (2).
    وفي رواية الأربلي : عن جابر بن عبدالله الأنصاري قال : دخلت فاطمة ( عليها السلام ) على رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وهو في سكرات الموت فانكبّت عليه تبكي  ، ففتح عينه وأفاق  ، ثمّ قال : يا بنيّة  ، أنت المظلومة بعدي  ، وأنت المستضعفة بعدي  ، فمن آذاك فقد آذاني  ، ومن غاضك فقد غاظني  ، ومن سرّك فقد سرّني  ، ومن برّك فقد برّني  ،
1 ـ بحار الأنوار المجلسي : 98/44 ح 84.
2 ـ الأمالي الشيخ الصدوق : 736.


(20)
ومن جفاك فقد جفاني  ، ومن وصلك فقد وصلني  ، ومن قطعك فقد قطعني  ، ومن أنصفك فقد أنصفني  ، ومن ظلمك فقد ظلمني  ، لأنك منّي وأنا منك  ، وأنت بضعة منّي وروحي الّتي بين جنبيّ  ، ثمّ قال ( صلى الله عليه وآله ) : إلى الله أشكو ظالميك من أمّتي. ولله در الشيخ الأزري عليه الرحمة إذ يقول :
وهي العروةُ التي ليس ينجو لم يرَ اللهُ للرسالةِ أجراً فمضت وهي أعظمُ الناسِ وجداً لأيِّ الأُمور تُدفن سُراً وثوت لا يرى لها الناسُ مثوىً غيرُ مستعصم بحبلِ وِلاها غيرَ حفظِ الزهراءِ في قرباها في فَم الدهرِ غصّةٌ من جَوَاها بضعةُ المصطفى ويُعفى ثراها أيَّ قدس يضمُّه مثواها (1)
    ثمّ دخل الحسن والحسين ( عليهما السلام ) فانكَّبا على رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وهما يبكيان ويقولان : أنفسنا لنفسك الفداء يا رسول الله  ، فذهب عليّ ( عليه السلام ) لينحّيهما عنه فرفع رأسه إليه  ، ثمّ قال : دعهما ـ يا أخي ـ يشمّاني وأشمّهما  ، ويتزوّدان منّي وأتزودّ منهما  ، فإنهما مقتولان بعدي ظلماً وعدواناً  ، فلعنة الله على من يقتلهما  ، ثمّ قال : يا عليّ  ، أنت المظلوم بعدي  ، وأنا خصم لمن أنت خصمه يوم القيامة (2)
    ولله درّ من قال من شعراء الحسين ( عليه السلام ) :
جاشت على آلِهِ ما ارتاح واحدُهم قضى أخوه خضيبَ الرأس وابنتُه من قهر أعداه حتى مات مقهورا غضبى وسبطاه مسموماً ومنحورا (3)
    ولله درُّ شاعر أهل البيت ( عليهم السلام ) ابن حماد ( رحمه الله ) تعالى إذ يقول :
لا زلتُ أبكي دماً ينهلُّ منسجماً للسيدينِ القتيلينِ الشهيدينِ

1 ـ الأزرية  ، الشيخ الأزري : 143.
2 ـ كشف الغمة الأربلي : 2/119 ـ 120  ، بحار الأنوار المجلسي : 28/76 ح 34.
3 ـ المجالس السنية  ، السيد محسن الأمين : 1 / 13.


(21)
السيدين الشريفين اللذين هما الضارعين إلى الله المنيبين نورين كانا قديماً في الظلالِ كما تُفاحتي أحمدَ الهادي وقد جُعلا صلَّى الإلهُ على روحيهما وسقى خيرُ الورى أبوي مجد وجدّينِ المسرعين إلى الحقِّ الشفيعين قال النبيُّ لعرشِ اللهِ قُرْطَينِ لفاطم وعليَّ الطهرِ نسلين قبريهما أبداً نوءُ السماكين (1)
    روي أن أمير المؤمنين ( عليه السلام ) لما ضربه ابن ملجم لعنه الله بالسيف على رأسه الشريف وخرَّ ( عليه السلام ) في محرابه هبَّت ريح سوداء مظلمة  ، والملائكة تنعاه في السماء وأقبل الحسن والحسين ومحمد بن الحنفية وبقية أولاده فوجدوه مشقوق الرأس  ، وقد علته الصفرة من انبعاث الدم وشدة السم  ، والناس من حوله في النياحة والعويل والبكاء المحرق للأكباد  ، فأخذ الحسن رأسه ووضعه في حجره  ، فأفاق وقال : هذا ما وعد الله ورسوله  ، ولا حول ولا قوة إلاّ بالله العليّ العظيم  ، ثمَّ نظر إلى أولاده فرآهم تكاد أنفسهم تزهق من النوح والبكاء  ، فجرت دموعه على خدّيه ممزوجة بدمه  ، قال ( عليه السلام ) : أتبكيا عليَّ ؟ ابكيا كثيراً واضحكا قليلا  ، أمَّا أنت يا أبا محمد ستقتل مسموماً مظلوماً مضطهداً  ، وأمَّا أنت يا أبا عبدالله فشهيد هذه الأمة  ، وسوف تذبح ذبح الشاة من قفاك  ، وترضُّ أعضاؤك بحوافر الخيل  ، ويُطاف برأسك في مماليك بني أمية  ، وحريم رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) تسبى  ، وإن لي ولهم موقفاً يوم القيامة (2).
    وروي أيضاً أن أمير المؤمنين ( عليه السلام ) قال للحسن والحسين ( عليهما السلام ) ليلة وفاته بعدما أوصاهما بوصاياه الشريفة : يا أبا محمد ويا أبا عبدالله  ، كأني بكما وقد خرجت عليكما الفتن من ها هنا وها هنا  ، فاصبرا حتى يحكم الله وهو خير
1 ـ الغدير  ، الشيخ الأميني : 4 / 162.
2 ـ وفيات الأئمة ( عليهم السلام )  ، مجموعة من علماء البحرين والقطيف : 57.


(22)
الحاكمين.
    ثمَّ قال : أمَّا أنت يا أبا محمد ستقتل مسموماً مضطهداً  ، وأمّا أنت يا أبا عبدالله فشهيد هذه الأمة  ، فعليك بتقوى الله والصبر الجميل (1).
    ويقول العلاّمة الشيخ علي المرهون في استنهاض الإمام الحجّة عجَّل الله فرجه الشريف :
فمتى تنهضنْ فداؤُك نفسي جدُّك المصطفى قضى بسموم وأبوك الوصيُّ أضحى قتيلا وبأرضِ الطفوفِ أمسى حسينٌ حوله صحُبُه وأبناؤه الغرُّ وعلى النيبِ نسوةٌ حاسراتٌ كلُّ قلب لما جرى مألومُ أمُّك الطهرُ خدُّها ملطوم وفؤادُ ابنِهِ عَرَتْه سموم عافراً والفؤادُ منه كلوم ضحايا وصبيةٌ وفطيم وعليلٌ مما عراه سقيم (2)

    اعلموا أيّها المؤمنون أحسن الله لكم العزاء في مصاب سيِّد شباب أهل الجنة أن مواساة الزهراء البتول ( عليها السلام ) في ابنها المقتول قرّة عينها سبط الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) حق لها علينا يقتضيها فرض الموالاة والمحبة التي أمر الله بها في محكم كتابه إذ يقول تعالى : « قُلْ لاَ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى » ولكنّ هذه الأمة لم ترع حرمة الرسول ( صلى الله عليه وآله ) في ذرّيّته الطاهرة  ، فبقتل الحسين ( عليه السلام ) فُجع الدين  ، وضيِّعت
1 ـ وفيات الأئمة ( عليهم السلام ) ، مجموعة من علماء البحرين والقطيف : 64.
2 ـ شعراء القطيف الشيخ علي المرهون القسم الأول : 171 ـ 172.


(23)
فيه وصية سيِّد المرسلين  ، فإنّا لله وإنّا إليه راجعون  ، ولا حول ولا قوة إلاَّ بالله العليِّ العظيم.
    روي عن سيِّد العابدين علي بن الحسين ( عليهما السلام ) أنه قال : ولا يوم كيوم الحسين ( عليه السلام )   ، ازدلف إليه ثلاثون ألف رجل  ، يزعمون أنهم من هذه الأمة  ، كل يتقرَّب إلى الله عزَّ وجلَّ بدمه  ، وهو بالله يذكِّرهم فلا يتعظون  ، حتى قتلوه بغياً وظلماً وعدواناً.. (1) ولله درّ الشيخ عبدالكريم الفرج عليه الرحمة إذ يقول :
ما للبسيطةِ زُلزلت أقطارُها وعلا الضجيجُ من العوالمِ كلِّها قد أُبدلت بعد السرورِ مآتماً أفهل دهى الأكوانَ خطبٌ مهلكٌ قالوا أما ترنو هلالَ محرَّم فالبس ثيابَ الحزنِ واجلسْ للعزا متفكِراً فيما جرى فيه على ظنَّت علوجُ أمية من جهلِها خابت وخاب رجاؤُها الخاطي وقد والشمس قد خُسفت بها أموارُها وكذا المجالسُ سُوِّدت أستارُها والخلقُ حُزناً أُقرحت أبصارُها فأزيل من عَطَب بها استقرارُها قد هلَّ فانهلَّت له أنظارها فالحزنُ للأطهارِ فيه شعارُها آلِ الرسولِ وما جنت أشرارُها أن العبيدَ تُطيعُهم أحرارُها فَشِلَت وبان إلى البريَّة عارُها
    روى الشيخ الصدوق عليه الرحمة عن الإمام علي بن موسى الرضا  ، عن آبائه ( عليهم السلام ) قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : تحشر ابنتي فاطمة ( عليها السلام ) يوم القيامة ومعها ثياب مصبوغة بالدماء  ، تتعلَّق بقائمة من قوائم العرش  ، تقول : يا عدل  ، احكم بيني وبين قاتل ولدي  ، قال علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : ويحكم الله لابنتي وربِّ الكعبة (2)
1 ـ الأمالي الشيخ الصدوق : 547 ح 10.
2 ـ بحار الأنوار  ، العلامة المجلسي : 43/220.


(24)
    وروى الصدوق عليه الرحمة عن أبان بن عثمان  ، عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) قال : إذا كان يوم القيامة جمع الله الأولين والآخرين في صعيد واحد  ، فينادي مناد : غضّوا أبصاركم ونكِّسوا رؤوسكم حتى تجوز فاطمة بنت محمد ( صلى الله عليه وآله ) الصراط. قال : فتغضّ الخلائق أبصارهم  ، فتأتي فاطمة ( عليها السلام ) على نجيب من نجب الجنة  ، يشيّعُها سبعون ألف ملك  ، فتقف موقفاً شريفاً من مواقف القيامة  ، ثم تنزل عن نجيبها فتأخذ قميص الحسين بن علي ( عليه السلام ) بيدها مضمَّخاً بدمه  ، وتقول : يا رب  ، هذا قميص ولدي وقد علمت ما صنع به  ، فيأتيها النداء من قبل الله عزَّ وجلَّ : يا فاطمة  ، لك عندي الرضا  ، فتقول : يا ربّ  ، انتصر لي من قاتله  ، فيأمر الله تعالى عنقاً من النار فتخرج من جهنم فتلتقط قتلة الحسين بن علي ( عليه السلام ) كما يلتقط الطير الحبَّ  ، ثم يعود العنق بهم إلى النار  ، فيعذَّبون فيها بأنواع العذاب  ، ثم تركب فاطمة ( عليها السلام ) نجيبها حتى تدخل الجنة ومعها الملائكة المشيِّعون لها  ، وذريتها بين يديها  ، وأولياؤهم من الناس عن يمينها وشمالها (1) ولله در الحجة الشيخ علي الجشي عليه الرحمة إذ يقول :
ليت شعري أَوَ تسلو فاطمٌ أَوَ قَبْلَ الحملِ تبكي جزعاً كيف تسلو وهي شجواً خضَّبت رُزءَ مَنْ كان لها قرَّةَ عينْ ولها السلوانُ يرجى بعد حينْ شعرَها من دمِ أوداجِ الحسينْ (2)
    وروي عن الإمام الصادق ( عليه السلام ) أنَّه قال : إذا كان يوم القيامة ينصب الله سرادقاً من نور بين يدي رسول الله ( صلى الله عليه وآله )   ، والخلائق كلّهم حاضرون  ، ثمَّ ينادي مناد : يا معشر الناس  ، غضّوا أبصاركم  ، فإن فاطمة الزهراء بنت محمد المصطفى تريد أن تجوز السرادق  ، فيغضّو أبصارهم  ، فإذا هي مقبلة  ، فإذا وضعت رجلها في السرادق نوديت : يا فاطمة  ، فتلتفت فترى ولدها الحسين واقفاً بجانبها من غير

1 ـ بحار الأنوار  ، المجلسي : 43/224.
2 ـ الشواهد المنبرية  ، الشيخ علي الجشي : 50.


(25)
رأس  ، فتصرخ صرخة لا يبقى ملك مقرَّب  ، ولا نبيّ مرسل إلاَّ جثى على ركبتيه وخرّ مغشياً عليه  ، ثم إنها تفيق من غشيتها فتجد الحسين يمسح وجهها بيديه  ، ورأسه قد عادت إليه  ، فعند ذلك تدعو على قاتله ومن أعانه  ، فيؤمر بهم إلى جهنم ولا شفيع لهم (1).
    وروي عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) أنه قال : إذا كان يوم القيامة تقبل فاطمة على ناقة من نياق الجنة وبيدها قميص الحسين ملطَّخ بدمه  ، فتصرخ وتزجّ نفسها عن الناقة  ، وتخرّ ساجدة لله عز وجل  ، وتقول : إلهي وسيدي ومولاي  ، احكم بيني وبين من قتل ولدي الحسين  ، فيأتيها النداء من قبل الله عزَّ وجلَّ : يا حبيبتي وابنة حبيبي  ، ارفعي رأسك  ، فوعزتي وجلالي لأنتقمن اليوم ممن ظلمك وظلم ولدك  ، ثم يأمر بجميع من حضر قتل الحسين ومن شارك في قتله إلى النار (2).
    وروي عن النبي ( صلى الله عليه وآله ) أنه قال : إذا كان يوم القيامة جاءت فاطمة ( عليها السلام ) في جماعة من نسائها  ، فيقال لها : ادخلي الجنة  ، فتقول : لا أدخل حتى أعلم ما صنع ولدي الحسين  ، فيقال لها : انظري عن يمينك  ، فتلتفت فإذا الحسين قائم وليس عليه رأس  ، فتصرح صرخة  ، فتصرخ النساء لصراخها والملائكة أيضاً  ، ثم تنادي : واولداه  ، واثمرة فؤاداه  ، فعند ذلك يغضب الله ويأمر ناراً قد أوقد عليها ألف عام حتى اسوّدت ولا تدخلها ريح ولا يخرج منها أبداً  ، فيقال لها : التقطي من حضر قتل الحسين  ، فتلقطهم  ، فإذا صاروا في جوفها صهلت بهم وصهلوا بها  ، وشهقت بهم وشهقوا بها  ، وزفرت بهم وزفروا بها  ، ثم ينطقون بألسنة ذلقة ناطقة : يا ربَّنا  ، لم أوجبت لنا النار قبل عبدة الأوثان ؟ فيأتيهم الجواب عن الله أن من عَلِم ليس كمن لا يعلم (3).
1 ـ بحار الأنوار  ، المجلسي : 43/224  ، نور العين في مشهد الحسين ( عليه السلام )   ، الاسفرايني : 81.
2 ـ نور العين في مشهد الحسين ( عليه السلام ) الإسفرايني : 82.
3 ـ نور العين في مشهد الحسين ( عليه السلام )   ، الإسفرايني : 82.


(26)
    وروي عن آل البيت ( عليهم السلام ) عن النبي ( صلى الله عليه وآله ) أنه قال : إذا كان يوم القيامة تأتي فاطمة الزهراء ( عليها السلام ) على ناقة من نياق الجنة  ، خطامها من لؤلؤ رطب  ، وقوائمها من زمرد أخضر  ، وذنبها من مسك أذفر  ، وعيناها من ياقوت أحمر  ، وعليها قبّة من النور  ، يرى باطنها من ظاهرها  ، داخلها عفو الله  ، وخارجها رحمة الله  ، وعلى رأسها تاج من النور  ، وله سبعون ركناً  ، كل ركن مرصَّع بالدر والياقوت  ، يضيء كما يضيء الكوكب في أفق السماء  ، وعن يمينها سبعون ألف ملك  ، وعن يسارها مثلهم  ، وجبرئيل آخذ بخطام الناقة وهو ينادي بأعلى صوته : غضّوا أبصاركم حتى تجوز فاطمة  ، فيغضّون أبصارهم حتى تجاوز عرش ربها وتزجّ نفسها عن ناقتها  ، وتقول : إلهي وسيِّدي ومولاي  ، احكم بيني وبين من ظلمني وقتل ولدي  ، فإذا النداء من قبل الله تعالى : يا حبيبتي وابنة حبيبتي  ، سليني تعطي واشفعي تشعفي  ، فوعزّتي وجلالي لا يجاوزني ظلم ظالم  ، فتقول : إلهي وسيّدي ومولاي  ، ذريّتي وشيعتي وشيعة ذريّتّي  ، فإذا النداء من قبل الله تعالى : أين ذرية فاطمة وشيعتها وشيعة ذريتها ومحبّوها ومحبّو ذرّيّتها ؟
    فيقولون ـ وقد أحاطت بهم ملائكة الرحمن ـ : ها نحن يا ربَّنا  ، فتقودهم فاطمة حتى تدخلهم الجنة  ، وهي آخذة بقميص الحسين  ، وهو ملطَّخ بالدم  ، وقد تعلَّقت بقوائم العرش وهي تقول : يا رب  ، احكم بيني وبين قاتل ولدي الحسين  ، فيؤخذ لها بحقِّها كما قال القائل :
ويلٌ لمن شفعاؤُه خصماؤُه لابدَّ أن تَرِدَ القيامةَ فاطمٌ فتقولُ ربِّي إنني لك أشتكي واللهُ يأمرُ بالجميعِ لنارِهِ والصورُ في بَعْثِ الخلائقِ يُنْفَخُ وقميصُها بدمِ الحسينِ ملطَّخُ قَتْلَ الحسينِ ابني وها أنا أصرخُ ويلٌ لمن قتلوا الحسينَ يؤرَّخُ (1)

1 ـ نور العين في مشهد الحسين ( عليه السلام )   ، أبو إسحاق الإسفرايني : 82 ـ 83.

(27)
    وسئل سبط ابن الجوزي في يوم عاشوراء زمن الملك الناصر صاحب حلب أن يذكر للناس شيئاً من مقتل الحسين ( عليه السلام )   ، فصعد المنبر وجلس طويلا لا يتكلَّم  ، ثمَّ وضع المنديل على وجهه وبكى شديداً  ، ثمَّ أنشأ يقول وهو يبكي :
ويلٌ لمن شفعاؤُه خصماؤُه لابدَّ أن تَرِدَ القيامةَ فاطمٌ والصورُ في نشرِ الخلائقِ ينفخُ وقميصها بدم الحسينِ ملطَّخُ
    ثمَّ نزل عن المنبر وهو يبكي  ، وصعد إلى الصالحية وهو كذلك (1).
    ولله درّ ابن العرندس عليه الرحمة إذ يقول :
فويلَ يزيد من عذابِ جهنم ملابسُها ثوبٌ من السمِّ أسودٌ تنادي وأبصارُ الأنامِ شواخصٌ وتشكو إلى اللهِ العليِّ وصوتُها فلا ينطقُ الطاغي يزيدُ بما جنى فيؤخذُ منه بالقصاصِ فيحرمُ الـ ويشدو له الشادي فيطربُهُ الغنا فذاك الغنا في البعثِ تصحيفُهُ العنا أيقرُع جهلا ثغرَ سبطِ محمد إذا أقبلت في الحشرِ فاطمةُ الطهرُ وآخرُ قان من دمِ السبطِ محمَرُّ وفي كلِّ قلب من مَهَابتِها ذُعْرُ عليٌّ ومولانا عليٌّ لها ظَهْرُ وأنّى له عذرٌ ومن شأنِهِ الغدرُ نعيمَ ويُخلىَّ في الجحيمِ له قصرُ ويُسْكَبُ في الكأسِ النضارِ له خمرُ وتصحيفُ ذاك الخمرِ في قلبِهِ الجمرُ وصاحبُ ذاك الثِغريُحمى به الثغر (2)

1 ـ البداية والنهاية  ، ابن كثير : 13/227.
2 ـ الغدير  ، الأميني : 17/7.


(28)
    روي عن سيِّد العابدين علي بن الحسين ( عليهما السلام ) قال : ولا يوم كيوم الحسين ( عليه السلام )   ، ازدلف إليه ثلاثون ألف رجل  ، يزعمون أنهم من هذه الأمة  ، كل يتقرَّب إلى الله عزَّ وجلَّ بدمه  ، وهو بالله يذكِّرهم فلا يتعظون  ، حتى قتلوه بغياً وظلماً وعدواناً.. (1).
فلهفي عليهم ما قضى حَتْفَ أنفِهِ تجنَّت عليهم آلُ حرب تجرُّماً فكم جَزَروا بالطفِّ منهم أماجداً كريمٌ لهم إلاَّ بسمٍّ وصارمِ وجالت عليهم باحتباءِ الجرائم على ظمأ بالبيضِ جَزْرَ السوائم (2)
    روى الشيخ الصدوق عليه الرحمة عن الإمام الرضا  ، عن آبائه  ، عن علي بن الحسين ( عليهم السلام ) قال : حدَّثتني أسماء بنت عميس الخثعمية  ، قالت : قبلت جدَّتك فاطمة بنت رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) بالحسن والحسين  ، قالت : فلمَّا ولدت الحسن جاء النبي ( صلى الله عليه وآله ) فقال : يا أسماء  ، هاتي ابني  ، قالت : فدفعته إليه في خرقة صفراء  ، فرمى بها وقال : ألم أعهد إليكم أن لا تلفّوا المولود في خرقة صفراء  ، ودعا بخرقة بيضاء فلفَّه بها  ، ثم أذَّن في أذنه اليمنى  ، وأقام في أذنه اليسرى  ، وقال لعلي ( عليه السلام ) : بم سمَّيت ابني هذا ؟ قال : ما كنت لأسبقك باسمه يا رسول الله  ، قال : وأنا ما كنت لأسبق ربي عزَّ وجلَّ  ، قال : فهبط جبرئيل فقال : إن الله يقرأ عليك السلام ويقول لك : يا محمد  ، علي منك بمنزلة هارون من موسى إلاَّ أنه لا نبيَّ بعدك  ، فسمِّ ابنك باسم ابن
1 ـ الأمالي  ، الشيخ الصدوق : 547 ح 10.
2 ـ مثير الأحزان  ، الجواهري : 155.


(29)
هارون  ، قال النبي ( صلى الله عليه وآله ) : وما اسم بن هارون ؟ قال جبرئيل : شبَّر  ، قال : وما شبَّر ؟ قال : الحسن  ، قالت أسماء : فسمَّاه الحسن.
    قالت أسماء : فلمَّا ولدت فاطمة الحسين ( عليه السلام ) نفستها به  ، فجاءني النبيّ ( صلى الله عليه وآله ) فقال : هلمي ابني يا أسماء  ، فدفعته إليه في خرقة بيضاء  ، ففعل به كما فعل بالحسن قالت : وبكى رسول الله ثمَّ قال : إنه سيكون لك حديث! اللهم العن قاتله  ، لا تعلمي فاطمة بذلك.
    قالت أسماء : فلمَّا كان يوم سابعه جاءني النبيّ ( صلى الله عليه وآله ) فقال : هلمّي ابني  ، فأتيته به ففعل به كما فعل بالحسن  ، وعقَّ عنه كما عقَّ عن الحسن كبشاً أملح  ، وأعطى القابلة الورك ورجلا  ، وحلق رأسه  ، وتصدَّق بوزن الشعر ورقاً  ، وخلق رأسه بالخلوق وقال : إن الدم من فعل الجاهلية  ، قالت : ثمَّ وضعه في حجره  ، ثم قال : يا أبا عبدالله  ، عزيز عليَّ  ، ثمَّ بكى.
    فقلت : بأبي أنت وأمي  ، فعلت في هذا اليوم وفي اليوم الأول فما هو ؟ قال : أبكي على ابني هذا  ، تقتله فئة باغية كافرة من بني أمية لعنهم الله  ، لا أنالهم الله شفاعتي يوم القيامة  ، يقتله رجل يثلم الدين ويكفر بالله العظيم  ، ثمَّ قال : اللهم إني أسألك فيهما ما سألك إبراهيم في ذريّته  ، اللهم أحبَّهما وأحبَّ من يحبُّهما  ، والعن من يبغضهما ملء السماء والأرض (1) ولله درّ الحجّة العظيم الشيخ محمد جواد البلاغي عليه الرحمة إذ يقول :
وارتاح بالسبطِ قلبُ المصطفى فرحاً رآه خيرَ وليد يُستجارُ به إنْ تبتهجْ فاطمٌ في يومِ مولدِهِ أو ينتعشْ قَلْبُها من نورِ طلعتِهِ لولم يَرُعْهُ بذكرِ الطفِّ ناعيه وخيرَ مستشهد في الدينِ يحميه فليلةَ الطفِّ أمست من بواكيه فقد أُديلَ بقاني الدَّمْعِ جاريه

1 ـ بحار الأنوار  ، العلامة المجلسي : 44/250 ح 1.

(30)
فقلبُها لم تَطُلْ فيه مسرَّتُهُ يا شمسَ أوجِ العلى ما خلتُ عن كثب فيالجسم على صدرِ النبيِّ رَبَى ويا لرأس جلالُ اللهِ توَّجه وصدرِ قُدْس حوى أسرارَ بارئِهِ ومنحر كان للهادي مُقَبَّلَهُ يا ثائراً للهدى والدينِ منتصراً أنَّى وشيخُكَ ساقي الحوضِ حيدرةٌ حتى تنازعَ تبريحُ الهوى فيه تُمسي وأنت عفيرُ الجسمِ ثاويه توزَّعته المواضي من أعاديه به ينوءُ من الميَّادِ عاليه يكونُ للرجسِ شِمْر من مراقيه أضحى يقبِّلُهُ شِمْرٌ بماضيه أمست أميَّةُ نالت ثارَها فيه تقضي وأنت لهيفُ القلبِ ضاميه (1)
    روى ابن قولويه عليه الرحمة  ، عن أبي جعفر ( عليه السلام ) قال : كان رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) إذا دخل الحسين ( عليه السلام ) اجتذبه إليه  ، ثمَّ يقول لأمير المؤمنين ( عليه السلام ) : أمسكه  ، ثم يقع عليه فيقبِّله ويبكي  ، فيقول : يا أبه  ، لم تبكي ؟ فيقول : يا بنيَّ  ، أقبِّل موضع السيوف منك وأبكي  ، قال : يا أبه  ، وأقتل ؟ قال : إي والله وأبوك وأخوك وأنت  ، قال : يا أبه  ، فمصارعُنا شتى ؟ قال : نعم يا بني  ، قال : فمن يزورنا من أمتك ؟ قال : لا يزورني ويزور أباك وأخاك وأنت إلاَّ الصدّيقون من أمتي (2).
    وروى ابن نما عليه الرحمة في مثير الأحزان  ، عن ابن عباس قال : لما اشتد برسول الله ( صلى الله عليه وآله ) مرضه الذي مات فيه  ، ضم الحسين ( عليه السلام ) إلى صدره يسيل من عرقه عليه وهو يجود بنفسه  ، ويقول : مالي وليزيد لا بارك الله فيه اللهم العن يزيد ثم غشي عليه طويلاً وأفاق وجعل يقبل الحسين وعيناه تذرفان  ، ويقول : أما إن لي ولقاتلك مقاماً بين يدي الله عز وجل (3).
1 ـ شعراء الغري  ، الخاقاني : 2/457 ـ 458.
2 ـ بحار الأنوار  ، المجلسي : 44/261 ح 14.
3 ـ مثير الأحزان  ، ابن نما الحلي : 12  ، بحار الأنوار  ، المجلسي : 44/266 ح 24.
المجالس العاشورية في المآتم الحسينية ::: فهرس