المجالس العاشورية في المآتم الحسينية ::: 211 ـ 225
(211)
حبيب بن مظاهر رضي الله تعالى عنه كان ذات يوم واقفاً في سوق الكوفة عند عطار يشتري صبغاً لكريمته  ، فمرَّ عليه مسلم بن عوسجة  ، فالتفت إليه حبيب وقال : يا أخي يا مسلم  ، إني أرى أهل الكوفة يجمعون الخيل والأسلحة  ، فبكى مسلم وقال : يا أخي  ، إن أهل الكوفة صمَّموا على قتال ابن بنت رسول الله ( صلى الله عليه وآله )   ، فبكى حبيب ورمى الصبغ من يده وقال : والله لا تصبغ هذه إلاَّ من دم منحري دون الحسين ( عليه السلام ).
    فبينما الحسين ( عليه السلام ) يسير من مكة إلى الكوفة كتب كتاباً إلى حبيب  ، نسخته هذه : من الحسين بن علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) إلى الرجل الفقيه حبيب بن مظاهر  ، أمّا بعد يا حبيب  ، فأنت تعلم قرابتنا من رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وأنت أعرف بنا من غيرك  ، وأنت ذو شيمة وغيرة  ، فلا تبخل علينا بنفسك  ، يجازيك جدّي رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يوم القيامة.
    ثم أرسله إلى حبيب  ، وكان حبيب جالساً مع زوجته  ، وبين أيديهما طعام يأكلان  ، إذ غصَّت زوجته فقالت : الله أكبر يا حبيب! الساعة يرد علينا كتاب كريم من رجل كريم  ، فبينما هم في الكلام وإذا بطارق يطرق الباب  ، فخرج إليه حبيب وقال : من الطارق ؟ قال : أنا رسول الحسين ( عليه السلام ) إليك  ، فقال حبيب : الله أكبر! صدقت الحرَّة بما قالت  ، ثم ناوله الكتاب  ، ففضَّه وقرأه  ، فسألته زوجته عن الخبر فأخبرها فبكت وقالت : بالله عليك يا حبيب لا تُقصّر عن نصرة ابن بنت رسول الله ( صلى الله عليه وآله )   ، فقال : أجل  ، حتى أُقتل بين يديه وتصبغ شيبتي من دم نحري  ، وكان حبيب يريد أن يكتم أمره على عشيرته وبني عمه لئلا يعلم به أحد خوفاً من ابن زياد  ، فبينما حبيب ينظر في أموره وحوائجه واللحوق بالحسين ( عليه السلام ) إذ أقبل بنو عمِّه إليه وقالوا : يا حبيب  ، بلغنا أنّك تريد أن تخرج لنصرة الحسين ( عليه السلام ) ونحن لا نخلّيك  ، فقال لهم : مالنا والدخول بين السلاطين  ، فأخفى حبيب ذلك وأنكر


(212)
عليهم  ، فرجعوا عنه.
    وسمعت زوجته فقالت : يا حبيب  ، كأنك كاره للخروج لنصرة الحسين ( عليه السلام ) فأراد أن يختبر حالها فقال : نعم  ، فبكت وقالت : يا حبيب  ، أنسيت كلام جدّه ( صلى الله عليه وآله ) في حقّه  ، وأخيه الحسن ( عليه السلام ) حيث يقول : ولداي هذان سيّدا شباب أهل الجنة  ، وهما إمامان قاما أو قعدا  ، وهذا رسوله وكتابه أتى إليك يستعين بك وأنت لم تجبه ؟ فقال حبيب : أخاف على أطفالي من اليتم  ، وأخشى أن ترمَّلي بعدي  ، فقالت : ولنا التأسّي بالهاشميّات والبنيّات والأيتام من آل رسول الله ( صلى الله عليه وآله )   ، والله تعالى كفيلنا  ، وهو حسبنا ونعم الوكيل.
    فلمّا عرف حبيب منها حقيقة الأمر دعا لها وجزّاها خيراً  ، وأخبرها بما هو في نفسه  ، وأنه عازم على المسير والرواح  ، فقالت : لي إليك حاجة  ، فقال : وما هي ؟ قالت : بالله عليك يا حبيب إذا قدمت على الحسين ( عليه السلام ) قبِّل يديه ورجليه نيابة عني  ، واقرأه عني السلام  ، فقال : حباً وكرامة.
    ثمَّ أقبل حبيب على جواده وشدّه شداً وثيقاً  ، وقال لعبده : خذ فرسي وامض به  ، ولا يعلم بك أحد  ، وانتظرني في المكان الفلاني  ، فأخذه العبد ومضى به  ، وبقي ينتظر قدوم سيّده.
    ثم إن حبيب ( عليه السلام ) ودَّع زوجته وأولاده  ، وخرج مختفياً كأنه ماض إلى ضيعة له خوفاً من أهل الكوفة  ، فاستبطأه الغلام وأقبل على الفرس ـ وكان قدّامه علف يأكل منه ـ فجعل الغلام يخاطبه ويقول له : يا جواد  ، إن لم يأت صاحبك لأعلونّ ظهرك  ، وأمضي بك إلى نصرة الحسين ( عليه السلام )   ، فلمَّا سمع الجواد خطاب الغلام له جعل يبكي  ، ودموعه تجري على خديه  ، وامتنع عن الأكل  ، فبينما هو كذلك فإذا بحبيب قد أقبل  ، فسمع خطاب الغلام  ، فصفَّق بإحدى يديه على الأخرى وقال : بأبي أنت وأمي يا ابن رسول الله  ، العبيد يتمنّون نصرتك فكيف بالأحرار ؟ ثم قال لعبده :


(213)
يا غلام  ، أنت حرٌّ لوجه الله.
    فبكى الغلام وقال : سيِّدي  ، والله لا تركتك حتى أمضي معك وأنصر الحسين ( عليه السلام ) ابن بنت رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وأُقتل بين يديه  ، فجزّاه خيراً فسار.
    وكان الحسين ( عليه السلام ) نزل في طريقه بأرض  ، وقد عقد اثني عشر راية  ، وقد قسم راياته بين أصحابه  ، وبقيت راية  ، فقال له بعض أصحابه : مُنَّ عليَّ بحملها  ، فقال ( عليه السلام ) : يأتي إليها صاحبها  ، وقالوا : يابن رسول الله  ، دعنا نرتحل من هذه الأرض  ، فقال لهم : صبراً حتى يأتي إلينا من يحمل هذه الراية الأخرى  ، فبينما الحسين ( عليه السلام ) وأصحابه في الكلام وإذا هم بغبرة ثائرة  ، فالتفت الإمام ( عليه السلام ) وقال لهم : إن صاحب هذه الراية قد أقبل  ، فلمَّا صار حبيب قريباً من الإمام المظلوم ترجَّل عن جواده  ، وجعل يقبَّل الأرض بين يديه وهو يبكي  ، فسلَّم على الإمام وأصحابه فردَّوا عليه السلامَ  ، فسمعت زينب بنت أمير المؤمنين ( عليه السلام ) فقالت : من هذا الرجل الذي قد أقبل ؟
    فقال لها : حبيب بن مظاهر  ، فقالت : اقرأوه عني السلام  ، فلمَّا بلَّغوه سلامها لطم حبيب على وجهه وحثا التراب على رأسه  ، وقال : من أنا ومن أكون حتى تسلِّم عليَّ بنت أمير المؤمنين ( عليه السلام ) (1) ؟
    ويقول الشاعر النبيل الحاج حسين الجامع جزاه الله تعالى خيراً في حبيب بن مظاهر شيخ الأنصار :
وشيخٌ عليه بَهَاءُ المشيبِ حبيبٌ وأَعْظِمْ بإيمانِهِ لَقَدْ لازم المرتضى فَاغْتَدَى حَبَاه الوصيُّ بِعِلْمِ الغُيُوبِ وخاض الحُرُوبَ فأبلى بها لِنَصْرِ عميدِ الهُدَى يمَّما نَمَتْهُ الكِرَامُ لها فَانْتَمَى بِمَا نال من عِلْمِهِ عَيْلَما فَقَدْ كان في جَنْبِهِ مُكْرَمَا وكان بها الفَارِسَ الضيغما

1 ـ معالي السبطين  ، الحائري : 370 ـ 372.

(214)
وبُشِّر بالقَتْلِ دون الحسينِ إلى أَنْ أتاه رَسُولُ الشهيدِ فلبَّى نِدَا كَعْبَةِ الوافدينَ وَمُذْ حَلَّ في تَلَعَاتِ الطفوفِ فصال بها في صُفُوفِ العدى وَسَرَّ فُؤَادَ ابنةِ الطاهرينَ فكان بهذا اللِّقَا مُغْرَما أَنِ اقْدِمْ فَقَدْ آن أَنْ تَغْنَما وجاء إلى كربلا مُحْرِمَا لَهُ السِّبْطُ رَايَتَه سلَّما وَضَرَّجَ صَارِمَه بالدِّما كَمَا سَرَّ سيِّدَه الأَعْظَمَا (1)
    وفي يوم العاشر أبدى حبيب بن مظاهر شجاعته الفائقة في نصرة الغريب العطشان  ، وهو يرى الحسين ( عليه السلام ) بين الأعداء  ، وقد أحاطوا به  ، والسهام تترى عليه كرشّ المطر  ، وقد دنا وقت الصلاة  ، جاء في تاريخ الطبري قال : فقال له أبو ثمامة الصائدي رضوان الله تعالى عليه : يا أبا عبدالله  ، نفسي لك الفداء  ، إني أرى هؤلاء قد اقتربوا منك  ، ولا والله لا تقتل حتى أقتل دونك إن شاء الله  ، وأحبُّ أن ألقى ربي وقد صلّيت هذه الصلاة التي قد دنا وقتها.
    قال : فرفع الحسين ( عليه السلام ) رأسه ثم قال : ذكرت الصلاة  ، جعلك الله من المصلين الذاكرين  ، نعم هذا أول وقتها  ، ثم قال : سلوهم أن يكفّوا عنا حتى نصلّي  ، فقال لهم الحصين بن تميم : إنها لا تُقبل  ، فقال له حبيب بن مظاهر : لا تُقبل زعمت الصلاة من آل رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) لا تقبل وتقبل منك يا حمار.
    قال : فحمل عليهم حصين بن تميم وخرج إليه حبيب بن مظاهر فضرب وجه فرسه بالسيف  ، فشبَّ ووقع عنه  ، وحمله أصحابه فاستنقذوه  ، وأخذ حبيب يقول :
أُقْسِمُ لو كنَّا لكم أعدادا أو شَطْرَكم وَلَّيْتُمُ أكتادا
يا شرَّ قوم حَسَباً وآدا

1 ـ مهراق الدموع : 146  ، وهذه القصيدة جاءت بطلب منّا من الشاعر المذكور جزاه الله خير الجزاء وذلك قبل عدّة سنوات.

(215)
    قال وجعل يقول يومئذ :
أنا حبيبٌ وأبي مُظَاهِرُ أنتم أعَدُّ عُدَّةً وأكثرُ ونحن أعلى حجَّةً وأظهرُ فَارِسُ هيجاء وَحَرْب تَسْعَرُ ونحن أوفى مِنْكُمُ وأصبرُ حقّاً وأتقى منكُمُ وأَعْذَرُ
    وجاء في رواية ابن شهر آشوب عليه الرحمة قال : فقتل اثنين وستين رجلا (1) وقال أبو مخنف : وقاتل قتالا شديداً  ، فحمل عليه رجل من بني تميم فضربه بالسيف على رأسه فقتله  ، وكان يقال له : بديل بن صريم من بني عقفان  ، وحمل عليه آخر من بني تميم فطعنه  ، فوقع فذهب ليقوم فضربه الحصين بن تميم على رأسه بالسيف فوقع  ، ونزل إليه التميمي فاحتزّ رأسه.
    قال أبو مخنف : حدَّثني محمد بن قيس  ، قال : لما قُتل حبيب بن مظاهر هدَّ ذلك حسيناً ( عليه السلام )   ، وقال : عند الله أحتسب نفسي وحماة أصحابي.
    وفي رواية قال بعض الرواة : ولم يزل حبيب يقاتل حتى قتل منهم خلقاً كثيراً  ، ثم قُتل  ، وقال الحسين ( عليه السلام ) : يرحمك الله يا حبيب  ، لقد كنت تختم القرآن في ليلة واحدة  ، وأنت فاضل (2).
    وفي ذلك يقول الأديب الفاضل الشيخ محمّد السماوي عليه الرحمة :
إنْ يَهُدَّ الحسينَ قَتْلُ حبيب بَطَلٌ قد لَقِي جِبَالَ الأعادي لا يُبَالي بالجمعِ حيث توخَّى أَخَذَ الثارَ قَبْلَ أَنْ يقتلوه فلقد هَدَّ قَتْلُهُ كُلَّ رُكْنِ من حديد فردَّها كَالعِهْنِ فهو ينصَبُّ كانصبابِ المُزْنِ سلفاً مِنْ منيَّة دونَ مَنِّ

1 ـ مناقب آل أبي طالب   ، ابن شهر آشوب : 3/252.
2 ـ ينابيع المودة  ، القندوزي : 3/71.


(216)
قتلوا منه للحسينِ حبيباً جامعاً في فِعَالِهِ كلَّ حُسْنِ (1)
    وتنازع الحصين مع التميمي لعنهما الله في قتل حبيب ( عليه السلام )   ، فقال له : إني لشريكك في قتله  ، فقال الآخر : والله ما قتله غيري  ، فقال الحصين : أعطنيه أعلّقه في عنق فرسي كيما يرى الناس ويعلموا أني شركت في قتله  ، ثمَّ خذه أنت بَعْدُ فامض به إلى عبيدالله ابن زياد  ، فلا حاجة لي فيما تعطاه على قتلك إياه.
    قال : فأبى عليه  ، فأصلح قومه فيما بينهما على هذا  ، فدفع إليه رأس حبيب بن مظاهر  ، فجال به في العسكر قد علَّقه في عنق فرسه  ، ثمَّ دفعه بعد ذلك إليه  ، فلما رجعوا إلى الكوفة أخذ الآخر رأس حبيب فعلّقه في لبان فرسه  ، ثم أقبل به إلى ابن زياد في القصر  ، فبصر به ابنه القاسم بن حبيب وهو يومئذ قد راهق  ، فأقبل مع الفارس لا يفارقه  ، كلَّما دخل القصر دخل معه  ، وإذا خرج خرج معه  ، فارتاب به فقال : مالك يا بني تتبعُني ؟ قال : لا شيء  ، قال : بلى يا بنيّ  ، أخبرني.
    قال له : إن هذا الرأس الذي معك رأس أبي  ، أفتعطينيه حتى أدفنه ؟ قال : يا بنيّ  ، لا يرضى الأمير أن يدفن  ، وأنا أريد أن يثيبني الأمير على قتله ثواباً حسناً. قال له الغلام : لكنّ الله لا يثيبك على ذلك إلاّ أسوأ الثواب  ، أما والله لقد قتلته خيراً منك  ، وبكى.
    فمكث الغلام حتى إذا أدرك لم يكن له همّة إلاَّ اتباع أثر قاتل أبيه  ، ليجد منه غرّة فيقتله بأبيه  ، فلما كان زمان مصعب بن الزبير وغزا مصعب باجميرا دخل عسكر مصعب فإذا قاتل أبيه في فسطاطه  ، فأقبل يختلف في طلبه والتماس غرّته  ، فدخل عليه وهو قائل نصف النهار فضربه بسيفه حتى برد (2).
1 ـ معالي السبطين  ، الحائري : 376.
2 ـ تاريخ الطبري : 4/334 ـ 336.


(217)
    روي أن حبيب بن مظاهر الأسدي ( عليه السلام ) خاطب معسكر ابن سعد قائلا : أما والله لبئس القوم يقدمون غداً على الله عزّ وجلّ  ، وعلى رسوله محمد ( صلى الله عليه وآله )   ، وقد قتلوا ذرّيّته  ، وأهل بيته المتهجِّدين في الأسحار  ، الذاكرين الله كثيراً بالليل والنهار  ، وشيعته الأتقياء الأبرار (1).
    ومن كلام برير بن خضير لهم أيضاً  ، قال : والله لا ينال شفاعة محمد ( صلى الله عليه وآله ) قوم أراقوا دماء ذرّيّته وأهل بيته  ، وقال لهم أيضاً : يا هؤلاء  ، اتقوا الله فإن نسل محمد ( صلى الله عليه وآله ) قد أصبح بين أظهركم  ، وهؤلاء ذرّيّته وعترته وبناته وحريمه  ، فهاتوا ما الذي عندكم ؟ وما تريدون أن تصنعوا بهم (2) ؟
    وذكر ابن أبي الدنيا أنه لما بلغ أم سلمة قتل الحسين ( عليه السلام ) قالت : أوفعلوا ؟ ملأ الله قبورهم وبيوتهم ناراً  ، ثمَّ وقعت مغشيّاً عليها (3).
    وعن شهر بن حوشب قال : سمعت أم سلمة حين جاء نعي الحسين بن علي ( عليه السلام ) لعنت أهل العراق  ، وقالت : قتلوه قتلهم الله عزّ وجلّ  ، غرَّوه وذلّوه لعنهم الله  ، ثمَّ بكت حتى أغشي عليها (4) وذكر ابن سعد عن أم سلمة أنها لما سمعت قتل
1 ـ كتاب الفتوح  ، ابن أعثم : 5/177.
2 ـ كتاب الفتوح  ، ابن أعثم : 5/180 و182.
3 ـ الرد على المتعصب العنيد  ، ابن الجوزي : 51 ـ 52  ، الطبقات الكبرى  ، ابن سعد : 8 ح 111  ، تاريخ دمشق  ، ابن عساكر : 13/264 ح 330 شواهد التنزيل  ، الحسكاني : 2/73.
4 ـ مجمع الزوائد  ، الهيثمي : 9/194  ، سير أعلام النبلاء  ، الذهبي : 3/318.


(218)
الحسين ( عليه السلام ) قالت : أو قد فعلوها ؟! ملأ الله بيوت القاتلين وقبورهم ناراً  ، ثمَّ بكت حتى غشي عليها (1).
    وعن منذر الثوري قال : كنا إذا ذكرنا حسيناً ومن قتل معه قال محمد بن الحنيفة : قتل معه سبعة عشر كلهم ارتكض في رحم فاطمة ( عليها السلام ) (2).
    وعن أبي مخنف  ، عن عبدالرحمن بن عبيد أبي الكنود قال : لما بلغ عبدالله بن جعفر بن أبي طالب مقتل ابنيه مع الحسين ( عليه السلام ) دخل عليه بعض مواليه والناس يعزّونه  ، قال : ولا أظنّ مولاه ذلك إلاَّ أبا اللسلاس فقال : هذا ما لقينا ودخل علينا من الحسين  ، قال : فحذفه عبدالله بن جعفر بنعله  ، ثم قال : يا بن اللخناء أللحسين تقول هذا ؟ والله لو شهدته لأحببت ألا أفارقه حتى أقتل معه  ، والله إنه لمما يسخي بنفسي عنهما ويهوِّن عليَّ المصاب بهما أنهما أصيبا مع أخي وابن عمّي مواسيين له  ، صابرين معه ثم أقبل على جلسائه فقال : الحمد لله عزّ وجلّ على مصرع الحسين  ، إلا تكن آست حسيناً يدي فقد آساه ولدي (3).
    وفي رواية قال عبدالله بن جعفر : لو شهدته لأحببت أن أقتل معه  ، ثم قال : عزَّ عليَّ بمصرع الحسين ( عليه السلام ) (4).
    وروى الطبراني عن أبان بن الوليد قال : كتب عبدالله بن الزبير إلى ابن عباس في البيعة فأبى أن يبايعه  ، فظنَّ يزيد بن معاوية أنَّه إنما امتنع عليه لمكانه  ، فكتب يزيد بن معاوية إلى ابن عباس : أمَّا بعد فقد بلغني أن الملحد ابن الزبير دعاك إلى بيعته ليدخلك في طاعته  ، فتكون على الباطل ظهيراً  ، وفي المأثم شريكاً  ،
1 ـ ينابيع المودة  ، القندوزي : 3/48.
2 ـ مجمع الزوائد : 9/198 وقال : ورواه الطبراني ( في المعجم : 3/119 ) بإسنادين  ، ورجال أحدهما رجال الصحيح.
3 ـ تاريخ الطبري : 4/357.
4 ـ ترجمة الإمام الحسين ( عليه السلام )   ، ابن عساكر ( الهامش ) : 340.


(219)
فامتنعت عليه وانقبضت لما عرَّفك الله في نفسك من حقّنا أهل البيت  ، فجزاك الله أفضل ما يجزي الواصلين عن أرحامهم  ، الموفين بعهودهم  ، فمهما أنس من الأشياء فلست ( أنسى ) برَّك وصلتك  ، وحسن جائزتك بالذي أنت أهله منّا في الطاعة والشرف والقرابة لرسول الله ( صلى الله عليه وآله )   ، فانظر مَنْ قبلك من قومك وَمَنْ يطرأ عليك من أهل الآفاق ممن يسحره ابن الزبير بلسانه وزخرف قوله  ، فخذِّلهم عنه فإنهم لك أطوع  ، ومنك أسمع منهم للملحد الخارب المارق  ، والسلام.
    فكتب ابن عباس إليه : أمّا بعد  ، فقد جاءني كتابك تذكر دعاء ابن الزبير إياي الذي دعاني إليه  ، وإني امتنعت معرفة لحقّك  ، فإن يكن ذلك كذلك فلست برَّك أرجو بذلك  ، ولكن الله بما أنوي به عليم.
    وكتبت إليَّ أن أحثَّ الناس عليك  ، وأخذِّلهم عن ابن الزبير  ، فلا سروراً ولا حبوراً  ، بفيك الكثكث  ، ولك الأثلب  ، إنك لعازب إن منَّتك نفسك  ، وإنك لأنت المنفرد المثبور.
    وكتبت إليَّ تذكر تعجيل برّي وصلتي فاحبس ـ أيُّها الإنسان ـ عنّي برَّك وصلتك  ، فإني حابس عنك ودّي ونصرتي  ، ولعمري ما تعطينا مما في يديك لنا إلاَّ القليل  ، وتحبس منه العريض الطويل  ، لا أباً لك.
    أتراني أنسى قتلك حسيناً وفتيان بني عبدالمطلب  ، مصابيح الدجى ونجوم الأعلام  ، غادرتهم جنودك بأمرك فأصبحوا مصرَّعين في صعيد واحد  ، مزمَّلين في الدماء  ، مسلوبين بالعراء  ، لا مكفَّنين ولا موسَّدين  ، تسفيهم الرياح  ، وتغزوهم الذئاب  ، وتنتابهم عرج الضباع  ، حتى أتاح الله لهم قوماً لم يشركوا في دمائهم  ، فكفَّنوهم وأجنوهم  ، وبهم والله وبي منَّ الله عليك فجلست في مجلسك الذي أنت فيه.
    ومهما أنس من الأشياء فلست أنسى تسليطك عليهم الدعيَّ ابن الدعيِّ


(220)
للعاهرة الفاجرة  ، البعيد رحماً  ، اللئيم أباً وأماً  ، والذي اكتسب أبوك في ادّعائه لنفسه العار والمأثم والمذلّة والخزي في الدنيا والآخرة  ، لأن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) قال : الولد للفراش وللعاهر الحجر  ، وإن أباك زعم أن الولد لغير الفراش ولا يضرّ العاهر  ، ويلحق به ولده كما يلحق ولد البغي المرشد  ، ولقد أمات أبوك السنة جهلا  ، وأحيى الأحداث المضلة عمداً.
    ومهما أنس من الأشياء فلست أنسى تسييرك حسيناً من حرم رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) إلى حرم الله  ، وتسييرك إليهم الرجال  ، وإدساسك إليهم أن هو نذر بكم فعاجلوه  ، فما زلت بذلك حتى أشخصته من مكة إلى أرض الكوفة  ، تزأر إليه خيلك وجنودك زئير الأسد  ، عداوة منك لله ولرسوله ( صلى الله عليه وآله ) ولأهل بيته  ، ثمَّ كتبت إلى ابن مرجانة يستقبله بالخيل والرجال والأسنّة والسيوف  ، ثمَّ كتبت إليه بمعاجلته وترك مطاولته حتى قتلته ومن معه من فتيان بني عبدالمطلب  ، أهل البيت الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهَّرهم تطهيراً  ، نحن أولئك لا كآبائك الأجلاف الجفاة أكباد الحمير.
    ولقد علمت أنه كان أعزّ أهل البطحاء بالبطحاء قديماً  ، وأعزَّه بها حديثاً لو ثوى بالحرمين مقاماً  ، واستحلّ بها قتالا  ، ولكنَّه كره أن يكون هو الذي يستحلّ به حرم الله وحرم رسوله ( صلى الله عليه وآله ) وحرمة البيت الحرام  ، فطلب إليكم الحسين الموادعة  ، وسألكم الرجعة  ، فاغتنمتم قلّة أنصاره واستئصال أهل بيته  ، كأنكم تقتلون أهل بيت من الترك أو كابل  ، فكيف تحدوني على ودّك  ، وتطلب نصرتي وقد قتلت بني أبي  ، وسيفك يقطر من دمي وأنت آخذ ثأري ؟ فإن يشأ الله لا يطلّ لديك دمي  ، ولا تسبقني بثأري  ، وإن تسبقنا به فقبلنا ما قبلت النبيون وآل النبيين  ، فطلَّت دماؤهم في الدنيا  ، وكان الموعد الله  ، فكفى بالله للمظلومين ناصراً  ، ومن الظالمين منتقماً.
    والعجب كل العجب ـ وما عشت يريك الدهر العجب ـ حملك بنات


(221)
عبدالمطلب  ، وحملك أبناءهم أغيلمة صغاراً إليك بالشام  ، تري الناس أنك قد قهرتنا  ، وأنك تذلّنا  ، وبهم والله وبي منَّ الله عليك وعلى أبيك وأمك من النساء  ، وأيم الله إنك لتمسي وتصبح أمناً لجراح يدي  ، وليعظمن جرحك بلساني ونقضي وإبرامي  ، فلا يستفزّنك الجدل  ، فلن يمهلك الله بعد قتلك عترة رسوله إلاّ قليلا حتى يأخذك أخذاً أليماً  ، ويخرجك من الدنيا آثماً مذموماً  ، فعش لا أباً لك ما شئت فقد أرداك عند الله ما اقترفت.
    فلما قرأ يزيد الرسالة قال : لقد كان ابن عباس مضياً على الشر (1).
    وذكر ابن الأثير أنه لما رأى زيد بن أرقم رأس الحسين ( عليه السلام ) بين يدي ابن زياد ـ وهو يضرب الرأس الشريف بمخصرته ـ خرج وهو يقول : أنتم ـ يا معشر العرب ـ العبيد بعد اليوم  ، قتلتم الحسين بن فاطمة ( عليها السلام )   ، وأمَّرتم ابن مرجانة  ، فهو يقتل خياركم ويستعبد شراركم (2).
    ولما رجع كعب بن جابر قالت له امرأته أو أخته النوار بنت جابر : أعنت على ابن فاطمة  ، وقتلت سيِّد القرّاء  ، لقد أتيت عظيماً من الأمر  ، والله لا أكلِّمك من رأسي كلمة أبداً (3).
    وقال سليمان بن قتة يرثي الحسين ( عليه السلام ) :
وإنّ قتيلَ الطفِّ من آلِ هاشم أذلَّ رِقَابَ المسلمينَ فذلَّتِ (4)
    وروى ابن أبي شيبة  ، عن عمرو بن بعجة قال : إن أول ذلّ دخل على العرب
1 ـ المعجم الكبير  ، الطبراني : 10/241 ـ 242 ح 10590  ، ومجمع الزوائد  ، الهيثمي : 7/251  ، تأريخ اليعقوبي : 2/248 ـ 250.
2 ـ أسد الغابة  ، ابن الأثير : 2/21.
3 ـ تاريخ الطبري : 4/329.
4 ـ مقاتل الطالبيين  ، الأصبهاني : 81  ، معجم البلدان  ، الحموي : 4/36.


(222)
قتل الحسين بن علي ( عليه السلام )   ، وادّعاء زياد (1).
    وعن أبي مخنف  ، عن عبد الملك بن نوفل قال : حدَّثني أبي  ، قال : لما قتل الحسين ( عليه السلام ) قام ابن الزبير في أهل مكة  ، وعظَّم مقتله وعاب على أهل الكوفة خاصة  ، ولام أهل العراق عامة  ، فقال ـ بعد أن حمد الله وأثنى عليه وصلّى على محمد ( صلى الله عليه وآله ) ـ : إن أهل العراق غدر فجر إلاّ قليلا  ، وإن أهل الكوفة شرار أهل العراق  ، وإنهم دعوا حسيناً لينصروه عليهم فلمّا قدم عليهم ثاروا إليه فقالوا له : إما أن تضع يدك في أيدينا فنبعث بك إلى ابن زياد بن سمية سلماً فيمضي فيك حكمه  ، وإما أن تحارب  ، فرأى والله أنه هو وأصحابه قليل في كثير أنه مقتول  ، ولكنه اختار الميتة الكريمة على الحياة الذميمة  ، فرحم الله حسيناً وأخزى قاتل حسين ( عليه السلام ).
    لعمري لقد كان من خلافهم إياه وعصيانهم ما كان في مثله واعظ وناه عنهم  ، أما والله لقد قتلوه طويلا بالليل قيامه  ، كثيراً في النهار صيامه  ، أحق بما هم فيه منهم  ، وأولى به في الدين والفضل (2).
    وقال الوليد لمروان بن الحكم لمّا أشار عليه بقتل الحسين ( عليه السلام ) : وبِّخ غيرك يا مروان  ، إنك اخترت لي التي فيها هلاك ديني  ، والله ما أحبّ أن لي ما طلعت عليه الشمس وغربت عنه من مال الدنيا وملكها وأني قتلت حسيناً  ، سبحان الله! أقتل حسيناً أن قال : لا أبايع ؟ والله إني لأظنّ امرأً يُحاسب بدم حسين لخفيف الميزان عند الله يوم القيامة (3).
    وقال الطبري : دعا ابن زياد عمر بن سعد فقال : سر إلى الحسين  ، فإذا فرغنا مما بيننا وبينه سرت إلى عملك  ، فقال له عمر بن سعد : إن رأيت أن تعفيني فافعل  ،
1 ـ المصنف  ، ابن أبي شيبة : 7/258 ح 35860  ، المعجم الكبير  ، الطبراني : 3/123 ح 2870  ، ورواه الهيثمي في مجمع الزوائد : 9/196  ، وقال : رواه الطبراني ورجاله ثقات.
2 ـ تاريخ الطبري : 4/364.
3 ـ تاريخ الطبري : 4/309.


(223)
قال له عبيدالله : نعم على أن تردَّ لنا عهدنا  ، قال : فلمَّا قال له ذلك قال عمر بن سعد : أمهلني اليوم حتى أنظر  ، قال : فانصرف عمر يستشير فلم يكن يستشير أحداً إلاَّ نهاه.
    قال : وجاء حمزة بن المغيرة بن شعبة ـ وهو ابن أخته ـ فقال : أنشدك الله يا خال أن تسير إلى الحسين فتأثم بربك وتقطع رحمك  ، فوالله لأن تخرج من دنياك وما لك سلطان الأرض كلها لو كان لك خير لك من أن تلقى الله بدم الحسين ( عليه السلام )   ، فقال له عمر بن سعد : فإني أفعل إن شاء الله (1).
    وعن الحسن ـ يعني البصري ـ قال : قتل مع الحسين بن علي ( عليه السلام ) ستة عشر رجلا من أهل بيته  ، والله ما على ظهر الأرض يومئذ أهل بيت يشبهونهم  ، قال : سفيان ومن يشك في هذا (2).
    وروى المسعودي في قتل الأمويين لآل البيت ( عليهم السلام ) أن بنات مروان بن محمد آخر خلفاء بني أمية دخلن على صالح بن علي العباسي فطلبن العفو منه  ، فقالت له كبرى بنات مروان : فليسعنا من عفوكم ما وسعكم من جورنا  ، فقال صالح : إنا لن نستبقي منكم أحداً رجلا ولا امراةً  ، ألم يقتل أبوكن بالأمس ابن أخي إبراهيم بن محمد بن علي بن عبدالله بن العباس في محبسه في حران ؟
    ألم يقتل هشام بن عبدالملك زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) وصلبه في كناسة الكوفة  ، وقتل امرأة زيد بالحيرة  ، على يدي يوسف بن عمر الثقفي ؟ ألم يقتل الوليد بن يزيد بن عبدالملك  ، يحيى بن زيد  ، وصلبه في خراسان ؟ ألم يقتل عبيدالله بن زياد الدعيّ  ، مسلم بن عقيل بن أبي طالب بالكوفة ؟
    ألم يقتل يزيد بن معاوية الحسين بن علي ( عليهما السلام )   ، على يدي عمر بن سعد مع
1 ـ تاريخ الطبري 3/310  ، تاريخ مدينة دمشق  ، ابن عساكر : 45/50.
2 ـ المعجم الكبير  ، الطبراني : 3/118  ، مجمع الزوائد  ، الهيثمي : 9/198.


(224)
من قتل بين يديه من أهل بيته ( عليهم السلام ) ؟ ألم يخرج بحرم رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) سبايا حتى ورد بهن على يزيد بن معاوية  ، وقبل مقدمهن بعث إليه برأس الحسين بن علي ( عليهما السلام ) قد ثقب دماغه  ، على رأس رمح يُطاف به كور الشام ومدائنها حتى قدموا به على يزيد بدمشق  ، كأنما بعث إليه برأس رجل من أهل الشرك ؟ ثم أوقف حرم رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) موقف السبي يتصفَّحهن جنود أهل الشام الجفاة الطغام  ، ويطلبون منه أن يهب لهم حرم رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) استخفافاً بحقه ( صلى الله عليه وآله )   ، وجرأة على الله عزَّ وجلَّ  ، وكفراً لأنعمه  ، فما الذي استبقيتم منّا أهل البيت  ، لو عدلتم فيه علينا ؟ (1)
    وجاء في رواية الآبي في نثر الدرّ أيضاً  ، قال : ودخلت ابنة مروان على عبدالله بن علي فقالت : السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته  ، فقال : لست به  ، فقالت : السلام عليك أيّها الأمير  ، قال : وعليك السلام  ، فقالت : ليسعنا عدلكم  ، فقال : إذاً لا يبقى على الأرض منكم أحد; لأنكم حاربتم علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) ودفعتم حقَّه  ، وسممتم الحسن ( عليه السلام ) ونقضتم شرطه  ، وقتلتم الحسين ( عليه السلام )   ، وسيَّرتم رأسه  ، وقتلتم زيداً وصلبتم جسده  ، وقتلتم يحيى بن زيد ومثَّلتم به  ، ولعنتم علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) على منابركم  ، وضربتم علي بن عبدالله ظلماً بسياطكم  ، وحبستم الإمام في حبسكم  ، فعدلنا ألا نبقي أحداً منكم ؟
    قالت : فليسعنا عفوكم  ، قال : أمّا هذه فنعم  ، ثمَّ أمر بردّ أموالها عليها  ، ثم قال :
سننتُمْ علينا القَتْلَ لا تُنْكِرُونه فذوقوا كما ذُقْنا عَلَى سَالِفِ الدَّهْرِ (2)

1 ـ مروج الذهب  ، المسعودي : 3/247  ، السيّدة فاطمة الزهراء ( عليها السلام ) ، محمد بيومي : 91.
2 ـ نثر الدّر  ، الآبي : 1/440.


(225)
    روي أن آدم لمّا هبط إلى الأرض لم ير حوَّاء  ، فصار يطوف الأرض في طلبها فمرَّ بكربلاء فاغتمَّ  ، وضاق صدره من غير سبب  ، وعثر في الموضع الذي قتل فيه الحسين ( عليه السلام )   ، حتى سال الدم من رجله  ، فرفع رأسه إلى السماء وقال : إلهي  ، هل حدث مني ذنب آخر فعاقبتني به ؟ فإني طفت جميع الأرض  ، وما أصابني سوء مثل ما أصابني في هذه الأرض. فأوحى الله إليه : يا آدم  ، ما حدث منك ذنب  ، ولكن يُقتل في هذه الأرض ولدك الحسين ظلماً  ، فسال دمك موافقة لدمه  ، فقال آدم : يا رب  ، أيكون الحسين نبياً ؟ قال : لا  ، ولكنّه سبط النبيِّ محمد ( صلى الله عليه وآله )   ، فقال : ومن القاتل له ؟ قال : قاتله يزيد لعين أهل السماوات والأرض  ، فقال آدم : فأيَّ شيء أصنع يا جبرئيل ؟ فقال : العنه يا آدم  ، فلعنه أربع مرّات  ، ومشى خطوات إلى جبل عرفات فوجد حوَّاء هناك.
    وروي أن نوحاً لما ركب في السفينة طافت به جميع الدنيا  ، فلمّا مرَّت بكربلا أخذته الأرض  ، وخاف نوح الغرق  ، فدعا ربَّه وقال : إلهي  ، طفت جميع الدنيا وما أصابني فزع مثل ما أصابني في هذه الأرض  ، فنزل جبرئيل وقال : يا نوح  ، في هذا الموضع يقتل الحسين سبط محمد خاتم الأنبياء  ، وابن خاتم الأوصياء  ، فقال : ومن القاتل له يا جبرئيل ؟ قال : قاتله لعين أهل سبع سماوات وسبع أرضين  ، فلعنه نوح أربع مرّات  ، فسارت السفينة حتى بلغت الجوديّ واستقرّت عليه.
    وروي أن إبراهيم ( عليه السلام ) مرَّ في أرض كربلا وهو راكب فرساً  ، فعثرت به وسقط إبراهيم  ، وشُجَّ رأسه وسال دمه  ، فأخذ في الاستغفار وقال : إلهي  ، أيُّ شيء
المجالس العاشورية في المآتم الحسينية ::: فهرس