|
||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
(241)
المواقف ، التي حضروا لنصرتكم ، والله وليِّي يبلِّغكم منّي السلام (1).
روي عن ثابت ابن أبي صفية قال : نظر علي بن الحسين سيِّد العابدين ( عليه السلام ) إلى عبيدالله بن العباس بن علي بن أبي طالب ( عليهم السلام ) فاستعبر ، ثمَّ قال : ما من يوم أشدّ على رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) من يوم أحد ، قُتل فيه عمّه حمزة بن عبد المطلب أسد الله وأسد رسوله ، وبعده يوم مؤتة ، قُتل فيه ابن عمِّه جعفر بن أبي طالب. ثمَّ قال ( عليه السلام ) : ولا يوم كيوم الحسين ( عليه السلام ) ، ازدلف إليه ثلاثون ألف رجل ، يزعمون أنهم من هذه الأمّة ، كلٌّ يتقرَّب إلى الله عزَّ وجلَّ بدمه ، وهو بالله يذكّرهم فلا يتعظون ، حتى قتلوه بغياً وظلماً وعدواناً. ثمَّ قال ( عليه السلام ) : رحم الله العباس ، فلقد آثر وأبلى ، وفدى أخاه بنفسه حتى قُطعت يداه ، فأبدل الله عزَّ وجلَّ بهما جناحين يطير بهما مع الملائكة في الجنة ، كما جعل لجعفر بن أبي طالب ( عليه السلام ) وإن للعباس عند الله عزَّ وجل منزلة يغبطه بها جميع الشهداء يوم القيامة (2). وقال أبو الفرج في مقاتل الطالبيين : عن القاسم بن أصبغ بن نباتة قال : رأيت رجلا من بني أبان بن دارم أسود الوجه ، وكنت أعرفه جميلا شديد البياض ، فقلت له : ما كدت أعرفك ، قال : إني قتلت شاباً أمرد مع الحسين ( عليه السلام ) ، بين عينيه أثر السجود ، فما نمت ليلة منذ قتلته إلاَّ أتاني ، فيأخذ بتلابيبي حتى يأتي جهنم فيدفعني فيها فأصيح ، فما يبقى أحد في الحيّ إلاَّ سمع صياحي ، قال : والمقتول العباس بن علي ( عليه السلام ) (3). ورواها الشيخ الصدوق عليه الرحمة أيضاً : عن القاسم بن الأصبغ بن نباتة 1 ـ المزار ، محمد بن المشهدي : 299. 2 ـ الأمالي ، الصدوق : 547 ـ 548 ح 10. 3 ـ مقاتل الطالبيين ، أبو الفرج الإصفهاني : 86 ، وقد ذكر القصة ابن شهر آشوب في المناقب : 4/58 بغير هذا اللفظ ، وزاد : قال : فسمعت بذلك جارة له فقالت : ما يدعنا ننام الليل من صياحه. (242)
قال : قدم علينا رجل من بني دارم ممن شهد قتل الحسين ( عليه السلام ) مسودّ الوجه ، وكان رجلا جميلا شديد البياض ، فقلت له : ما كدت أعرفك لتغيُّر لونك ، فقال : قتلت رجلا من أصحاب الحسين ( عليه السلام ) ، يُبصر بين عينيه أثر السجود ، وجئت برأسه ، فقال القاسم : لقد رأيته على فرس له مَرِحاً ، وقد علَّق الرأس بلبانها ، وهو يصيب ركبتها.
قال : فقلت لأبي : لو أنّه رفع الرأس قليلا ، أما ترى ما تصنع به الفرس بيديها ؟ فقال لي : يا بنيّ ، ما يصنع بي أشدّ ، لقد حدَّثني ، قال : ما نمت ليلة منذ قتلته إلاَّ أتاني في منامي حتى يأخذ بكتفي فيقودني ، ويقول : انطلق ، فينطلق بي إلى جهنم فيقذف بي فأصيح ، قال : فسمعت بذلك جارة له فقالت : ما يدعنا ننام شيئاً من الليل من صياحه ، قال : فقمت في شباب من الحيّ ، فأتينا امرأته فسألناها ، فقالت : قد أبدى على نفسه ، قد صدقكم (1). قال الشيخ جعفر النقدي عليه الرحمة : وأمّا العباس بن علي ( عليه السلام ) وإخوته جعفر وعثمان وعبدالله أولاد أم البنين ابنة حزام بن خالد الكلابية : قال أحمد بن مهنا في كتابه عمدة الطالب : ويُكنّى أبا الفضل ، ويلقَّب السقَّا; لأنه استسقى الماء لأخيه الحسين ( عليه السلام ) يوم الطف ، وقُتل دون أن يبلِّغه إياه ـ أي في الدفعة الأخيرة ـ وإلاَّ فقد جاء بالماء مراراً كما هو مذكور (2). ولله درّ الشيخ محسن أبو الحب إذ يقول عليه الرحمة على لسان الحسين ( عليه السلام ) :
1 ـ ثواب الأعمال ، الشيخ الصدوق : 218 ـ 219. 2 ـ الأنوار العلوية ، الشيخ جعفر النقدي : 441. (243)
يُكنَّى أبا الفضل ، وأمُّه أم البنين أيضاً ، وهو أكبر ولدها ، وهو آخر من قتل من إخوته لأبيه وأمه ، وفي العباس بن علي ( عليه السلام ) يقول الشاعر :
قال : وعن جعفر بن محمد ( عليه السلام ) قال : عبَّأ الحسين بن علي ( عليه السلام ) أصحابه ، فأعطى رايته أخاه العباس ، حدَّثني أحمد بن عيسى ، عن حسين بن نصر ، عن أبيه ، عن عمرو بن شمر ، عن جابر ، عن أبي جعفر ( عليه السلام ) أن زيد بن رقاد وحكيم بن الطفيل الطائي قتلا العباس بن علي ( عليه السلام ) ، وكانت أم البنين ـ أم هؤلاء الأربعة الإخوة القتلى ـ تخرج إلى البقيع فتندب بنيها أشجى ندبة وأحرقها ، فيجتمع الناس إليها يسمعون منها ، فكان مروان يجيء فيمن يجيء لذلك ، فلا يزال يسمع ندبتها ويبكي. ذكر ذلك محمد بن علي بن حمزة ، عن النوفلي ، عن حماد بن عيسى الجهني ، عن معاوية بن عمار ، عن جعفر بن محمد ( عليهما السلام ) (1). قالوا : وكان العباس ( عليه السلام ) السقّاء قمر بني هاشم صاحب لواء الحسين ( عليه السلام ) وهو أكبر الإخوان ، مضى يطلب الماء فحملوا عليه وحمل عليهم ، وجعل يقول :
1 ـ مقاتل الطالبيين ، أبو الفرج الإصفهاني : 55 ـ 56. (244)
ولا أخافُ الشرَّ يومَ الملتقى
ففرَّقهم فكمن له زيد بن ورقاء من وراء نخلة ، وعاونه حكيم بن الطفيل السنبسي ، فضربه على يمينه ، فأخذ السيف بشماله وحمل وهو يرتجز :
فأَصْلِهِم يا ربِّ حَرَّ النارِ
فضربه ملعون بعمود من حديد فقتله ، فلمّا رآه الحسين ( عليه السلام ) صريعاً على شاطىء الفرات بكى وأنشأ يقول :
(245)
فقال الحسين ( عليه السلام ) : فاطلب لهؤلاء الأطفال قليلا من الماء ، فذهب العباس ووعظهم وحذَّرهم فلم ينفعهم ، فرجع إلى أخيه فأخبره ، فسمع الأطفال ينادون : العطش العطش ، فركب فرسه وأخذ رمحه والقربة ، وقصد نحو الفرات ، فأحاط به أربعة آلاف ممن كانوا موكَّلين بالفرات ، ورموه بالنبال ، فكشفهم وقتل منهم ـ على ما روي ـ ثمانين رجلا حتى دخل الماء.
فلمّا أراد أن يشرب غرفة من الماء ذكر عطش الحسين ( عليه السلام ) وأهل بيته ، فرمى الماء وملأ القربة ، وقال على ما روي :
تاللهِ ما هذا فِعَالُ ديني
وحملها على كتفه الأيمن ، وتوجَّه نحو الخيمة ، فقطعوا عليه الطريق ، وأحاطوا به من كل جانب ، فحاربهم حتى ضربه نوفل الأزرق على يده اليمنى فقطعها ، فحمل القربة على كتفه الأيسر ، فضربه نوفل فقطع يده اليسرى من الزند ، فحمل القربة بأسنانه ، فجاءه سهم فأصاب القربة وأريق ماؤها.
1 ـ الشواهد المنبرية ، الشيخ علي الجشي : 58. 2 ـ بحار الأنوار ، المجلسي : 45/42. (246)
1 ـ الشيخ اليعقوبي دراسة نقدية في شعره ، الدكتور عبد الصاحب الموسوي : 348 ـ 349. (247)
نظر إليه علي بن الحسين ( عليهما السلام ) أراد النهوض فلم يتمكَّن من شدّة المرض ، فقال لعمَّته : سنديني إلى صدرك ، فهذا ابن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) قد أقبل ، فجلست زينب خلفه وأسندته إلى صدرها ، فجعل الحسين ( عليه السلام ) يسأل ولده عن مرضه ، وهو يحمد الله تعالى ، ثم قال : يا أبتاه ، ما صنعت اليوم مع هؤلاء المنافقين ؟ فقال له الحسين ( عليه السلام ) : يا ولدي ، قد استحوذ عليهم الشيطان فأنساهم ذكر الله ، وقد شبَّ الحرب بيننا وبينهم ـ لعنهم الله ـ حتى فاضت الأرض بالدم منّا ومنهم.
فقال علي ( عليه السلام ) : يا أبتاه ، أين عمّي العباس ؟ ، فلمَّا سأل عن عمِّه اختنقت زينب بعبرتها ، وجعلت تنظر إلى أخيها كيف يجيبه ، لأنه لم يخبره بشهادة عمه العباس خوفاً من أن يشتدَّ مرضه ، فقال ( عليه السلام ) : يا بنيَّ ، إن عمَّك قد قُتل ، وقطعوا يديه على شاطىء الفرات ، فبكى علي بن الحسين ( عليه السلام ) بكاء شديداً حتى غشي عليه (1). ولله درّ الشيخ حسن الحلي عليه الرحمة إذ يقول على لسان الإمام الحسين ( عليه السلام ) يندب أخاه العباس :
1 ـ الدمعة الساكبة ، البهبهاني : 4/351 ، معالي السبطين ، الحائري : 2/22. 2 ـ العباس ( عليه السلام ) ، للمقرم : 367 ـ 368. (248)
يقول الحجّة المقدّس الشيخ عبدالله بن معتوق عليه الرحمة في شجاعة العباس بن أمير المؤمنين ( عليه السلام ) وتضحيته :
منها أنه ( عليه السلام ) كان صاحب لواء الحسين ( عليه السلام ) ، واللواء هو العلم الأكبر ، ولا يحمله إلاّ الشجاع الشريف في المعسكر. ومنها أنه كان قوياً شجاعاً ، وفارساً وسيماً جسيماً ، يركب الفرس المطهَّم (249)
ورجلاه تخطّان في الأرض.
ومنها أنه لما جمع الحسين ( عليه السلام ) أهل بيته وأصحابه ليلة العاشر من المحرم وخطبهم فقال في خطبته : أمَّا بعد فإني لا أعلم أصحاباً أوفى ولا خيراً من أصحابي ، ولا أهل بيت أبرَّ ولا أوصل من أهل بيتي ، وهذا الليل قد غشيكم فاتخذوه جملا ، وليأخذ كل واحد منكم بيد رجل من أهل بيتي ، وتفرَّقوا في سواد هذا الليل ، وذروني وهؤلاء القوم ، فإنهم لا يريدون غيري ، قام إليه العباس ( عليه السلام ) فقال : ولم نفعل ذلك ؟ لنبقى بعدك ؟ لا أرانا الله ذلك أبداً ، ثم تكلَّم أهل بيته وأصحابه بمثل هذا ونحوه. ومنها أنه ـ لما ـ نادى شمر : أين بنو أختنا ؟ أين العباس وإخوته ؟ فلم يجبه أحد ، فقال لهم الحسين ( عليه السلام ) : أجيبوه وإن كان فاسقاً ، فإنه بعض أخوالكم ، قال له العباس ( عليه السلام ) : ما تريد ؟ فقال : أنتم يا بني أختي آمنون ، فقال له العباس ( عليه السلام ) : لعنك الله ولعن أمانك ، أتؤمننا وابن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) لا أمان له ؟ وتكلَّم إخوته بنحو كلامه ثم رجعوا. ومنها أنه لما أخذ عبدالله بن حزام ابن خال العباس ( عليه السلام ) أماناً من ابن زياد للعباس وإخوته من أمه قالوا : لا حاجة لنا في الأمان ، أمان الله خير من أمان ابن سمية. ومنها أنه لما اشتدَّ العطش بالحسين ( عليه السلام ) وأصحابه أمر أخاه العباس ( عليه السلام ) ، فسار في عشرين راجلا يحملون القرب وثلاثين فارساً ، فجاؤوا ليلا حتى دنوا من الماء ، وأمامهم نافع بن هلال الجملي يحمل اللواء ، فقال عمرو بن الحجاج : من الرجل ؟ قال : نافع ، قال : ما جاء بك ؟ قال : جئنا نشرب من هذا الماء الذي حلاَّتمونا عنه ، قال : فاشرب هنيئاً ، قال : لا والله لا أشرب منه قطرة والحسين ( عليه السلام ) عطشان هو وأصحابه ، فقالوا : لا سبيل إلى سقي هؤلاء ، إنما وضعنا في هذا المكان (250)
لنمنعهم الماء.
فقال نافع لرجاله : املأوا قربكم فملأوها ، وثار إليهم عمرو بن الحجاج وأصحابه فحمل عليهم العباس ( عليه السلام ) ونافع بن هلال فكشفوهم وأقبلوا بالماء ، ثمّ عاد عمرو بن الحجاج وأصحابه وأرادوا أن يقطعوا عليهم الطريق ، فقاتلهم العباس ( عليه السلام ) وأصحابه حتى ردّوهم وجاؤوا بالماء إلى الحسين ( عليه السلام ). ومنها أنه لما نشبت الحرب تقدَّم أربعة من أصحاب الحسين ( عليه السلام ) ، وهم الذين جاؤوا من الكوفة ومعهم فرس نافع بن هلال ، فشدّوا على الناس بأسيافهم ، فلما أوغلوا فيها عطف عليهم الناس واقتطعوهم عن أصحابهم ، فندب الحسين ( عليه السلام ) لهم أخاه العباس ( عليه السلام ) ، فحمل على القوم وحده ، فضرب فيهم بسيفه حتى فرَّقهم عن أصحابه ، ووصل إليهم فسلَّموا عليه وأتى بهم ، ولكنهم كانوا جرحى فأبوا عليه أن يستنقذهم سالمين ، فعادوا إلى القتال وهو يدفع عنهم حتى قُتلوا في مكان واحد ، فعاد العباس ( عليه السلام ) إلى أخيه وأخبره بخبرهم. ومنها أنه شبه عمه جعفر الطيار ( عليه السلام ) الذي قطعت يمينه ويساره في حرب مؤتة مجاهداً في سبيل الله ، وكذلك العباس ( عليه السلام ) قطعت يمينه ويساره مجاهداً في سبيل الله في نصرة أخيه الحسين ( عليه السلام ) يوم عاشوراء :
1 ـ المجالس السنية ، السيد محسن الأمين : 1/110 ـ 112. (251)
المجلس الرابع ، من اليوم السابع
روي أن الإمام زين العابدين ( عليه السلام ) لما جاء من الأسر ودخل المدينة خطب في الناس وقال ( عليه السلام ) : أيها القوم ، إن الله ـ وله الحمد ـ ابتلانا بمصيبة جليلة ، وثلمة في الإسلام عظيمة ، قُتل أبو عبدالله وعترته ، وسبي نساؤه وصبيته ، وداروا برأسه في البلدان ، من فوق عالي السنان ، أيها الناس ، فأيُّ رجالات يسرّون منكم بعد قتله ؟ أم أيَّةُ عين تحبس دمعها وتضنّ عن انهمالها ؟ فلقد بكت السبع الشداد لقتله ، وبكت البحار والسماوات والأرض والأشجار والحيتان ، والملائكة المقرَّبون ، وأهل السماوات أجمعون ، أيها الناس ، أيُّ قلب لا ينصدع لقتله ؟ أم أيُّ فؤاد لا يحنّ إليه ؟ أم أيُّ سمع يسمع هذه الثلمة التي ثلم في الإسلام ؟ أيُّها الناس ، أصبحنا مطرودين مشرَّدين مذودين شاسعين ، كأنا أولاد ترك أو كابل ، من غير جرم اجترمناه ، ولا مكروه ارتكبناه ، ما سمعنا بهذا في آبائنا الأولين ، إن هذا إلاَّ اختلاق ، والله لو أن النبيَّ ( صلى الله عليه وآله ) تقدَّم إليهم في قتالنا كما تقدَّم إليهم في الوصاة بنا لما زادوا على ما فعلوه ، فإنّا لله وإنّا إليه راجعون (2).
واعية بني هاشم وأهل المدينة وبكاؤهم على الإمام الحسين ( عليه السلام ) وبكاء أم البنين على العباس ( عليه السلام )
1 ـ الشواهد المنبرية ، الشيخ علي الجشي : 58. 2 ـ مثير الأحزان ، ابن نما : 90 ـ 91. (252)
قال عوانة بن الحكم : لما قتل الحسين بن علي ( عليه السلام ) دعا عبيد الله بن زياد عبدالملك ابن أبي الحرث السلمي ، وبعثه إلى المدينة ليبشِّر عمرو بن سعيد ، فدخل السلمي على عمرو فقال : ما وراءك ؟ فقال : ما سرَّ الأمير ، قُتل الحسين بن علي ( عليه السلام ) ، فقال : نادِ بقتله ، فناديت بقتله ، فلم أسمع والله واعية قطّ مثل واعية نساء بني هاشم في دورهم على الحسين ( عليه السلام ) ، فقال عمرو وضحك :
وفي كتاب المثالب لأبي عبيدة ، قال : ثم أومأ إلى القبر الشريف وقال : يا محمد! يوم بيوم بدر ، فأنكر عليه قوم من الأنصار (2). ولله درّ السيد محمد حسين القزويني عليه الرحمة إذ يقول :
1 ـ تاريخ الطبري : 4/356 ـ 357 ، حوادث سنة 61 ، الكامل ، ابن الأثير : 4/39. 2 ـ شرح نهج البلاغة ، ابن أبي الحديد : 4/72. 3 ـ مثير الأحزان ، الجواهري : 114. 4 ـ البداية والنهاية ، ابن كثير : 8/213. (253)
وروى البرقي عليه الرحمة ، عن عمر بن علي بن الحسين ( عليهما السلام ) قال : لما قتل الحسين بن علي ( عليه السلام ) لبسن نساء بني هاشم السواد والمسوح (1) ، وكنَّ لا يشتكين من حرّ ولا برد ، وكان علي بن الحسين ( عليه السلام ) يعمل لهن الطعام للمأتم (2).
وروى الكليني عليه الرحمة ، عن مصقلة الطحان قال : سمعت أبا عبدالله ( عليه السلام ) يقول : لما قتل الحسين ( عليه السلام ) أقامت امرأته الكلبية (3) عليه مأتماً ، وبكت وبكين النساء والخدم حتى جفّت دموعهن وذهبت ، فبينا هي كذلك إذ رأت جارية من جواريها تبكي ودموعها تسيل ، فدعتها فقالت لها : مالك أنت من بيننا تسيل دموعكِ ؟ قالت : إني لما أصابني الجهد شربت شربة سويق ، قال : فأمرت بالطعام والأسوقة فأكلت وشربت وأطعمت وسقت ، وقالت : إنما نريد بذلك أن نتقوّى على البكاء على الحسين ( عليه السلام ). قال : وأهدي إلى الكلبية جؤناً (4) لتستعين بها على مأتم الحسين ( عليه السلام ) ، فلما رأت الجؤن قالت : ما هذه ؟ قالوا : هدية أهداها فلان لتستعيني على مأتم الحسين ، فقالت : لسنا في عرس ، فما نصنع بها ؟ ثم أمرت بهن فأخرجهن من الدار ، فلما أخرجن من الدار لم يحسَّ لها حسٌّ كأنما طرن بين السماء والأرض ، ولم ير لهن بها بعد خروجهن من الدار أثر (5). وروي عن الإمام جعفر بن محمد ( عليه السلام ) أنه قال : نيح على الحسين بن 1 ـ المسوح ـ بالضمّ ـ جمع المسح ـ بالكسر ـ وهو اللباس ، وكن لا يشتكين أي لا يشكون ولا يبالين لشدّة المصيبة من إصابة الحرّ والبرد. 2 ـ المحاسن ، البرقي : 2/420 ح 195 ، بحار الأنوار ، المجلسي : 45/188 ح 33. 3 ـ هي بنت امرىء القيس الكلبي ، أم سكينة بنت الحسين ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، وبنو كلب حي من قضاعة. شرح أصول الكافي ، المازندراني : 7/235. 4 ـ جاء في هامش الثاقب في المناقب ، ابن حمزة الطوسي : 334 : في بعض النسخ والكافي : جواري. 5 ـ الكافي ، الكليني : 1/466 ح 9. (254)
علي ( عليهما السلام ) سنة في كل يوم وليلة ، وثلاث سنين من اليوم الذي أصيب فيه ، وكان المسور بن مخرمة وجماعة من أصحاب رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يأتون مستترين متقنّعين فيستمعون ويبكون (1).
وقال اليعقوبي : وكان أول صارخة صرخت في المدينة أم سلمة زوج رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، كان دفع إليها قارورة فيها تربة ، وقال لها : إن جبرئيل أعلمني أن أمتي تقتل الحسين ، وأعطاني هذه التربة ، وقال لي : إذا صارت دماً عبيطاً فاعلمي أن الحسين قد قتل ، وكانت عندها ، فلمّا حضر ذلك الوقت جعلت تنظر إلى القارورة في كل ساعة ، فلمّا رأتها قد صارت دماً صاحت : واحسيناه! وا بن رسول الله! وتصارخت النساء من كل ناحية ، حتى ارتفعت المدينة بالرَّجة التي ما سمع بمثلها قط (2). وذكر ابن أبي الدنيا أنه لما بلغ أم سلمة قتل الحسين ( عليه السلام ) قالت : أوفعلوا ؟ ملأ الله قبورهم وبيوتهم ناراً ، ثم وقعت مغشياً عليها (3). ولله درّ الشيخ صالح الكواز عليه الرحمة إذ يقول :
1 ـ بحار الأنوار ، المجلسي 79/102 ح 1. 2 ـ تاريخ اليعقوبي : 2/245 ـ 246. 3 ـ الرد على المتعصب العنيد ، ابن الجوزي : 51 ـ 52 ، تاريخ دمشق ، ابن عساكر : 14/238. 4 ـ رياض المدح والرثاء ، الشيخ حسين القديحي : 150. (255)
قال بعض الرواة : وبكته الرباب بنت امرىء القيس الكلبية رضوان الله عليها زوجة الإمام الحسين ( عليه السلام ) ، وهي التي يقول فيها الحسين ( عليه السلام ) :
وقد نعت الحسين ( عليه السلام ) ورثته بتفجُّع وألم شديد وحرقة لا تنطفي ، قالت رضوان الله عليها :
1 ـ تاريخ مدينة دمشق ، ابن عساكر : 69/119 ـ 120 ، الإصابة ، ابن حجر : 1/355 ، المنتظم في تاريخ الملوك والأمم ، ابن الجوزي : 6/9. 2 ـ الحسن والحسين ( عليهما السلام ) ، محمد رضا : 154. 3 ـ الجوهرة في نسب الإمام علي وآله ، البري : 46 ـ 47. |
||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|