المجالس العاشورية في المآتم الحسينية ::: 271 ـ 285
(271)
فاستقبلته بصدورها  ، وجرحته بحوافرها  ، ووطأته حتى مات.
    فانجلت الغبرة فإذا بالحسين ( عليه السلام ) قائم على رأس الغلام  ، وهو يفحص برجله  ، فقال الحسين ( عليه السلام ) : يعزّ والله على عمك أن تدعوه فلا يجيبك  ، أو يجيبك فلا يعينك  ، أو يعينك فلا يغني عنك  ، بعداً لقوم قتلوك  ، ثمَّ احتمله  ، فكأني أنظر إلى رجلي الغلام يخطّان في الأرض  ، وقد وضع صدره على صدره  ، فقلت في نفسي : ما يصنع ؟ فجاء حتى ألقاه بين القتلى من أهل بيته.
    ثم قال : اللهم أحصهم عدداً  ، واقتلهم بدداً  ، ولا تغادر منهم أحداً  ، ولا تغفر لهم أبداً  ، صبراً يا بني عمومتي  ، صبراً يا أهل بيتي  ، ولا رأيتم هواناً بعد هذا اليوم أبداً (1).
    وفي رواية عن حميد بن مسلم أيضاً قال : قال الحسين ( عليه السلام ) : بعداً لقوم قتلوك  ، خصمهم فيك يوم القيامة رسول الله ( صلى الله عليه وآله )   ، ثمَّ قال : عزَّ على عمك أن تدعوه فلا يجيبك  ، أو يجيبك ثم لا تنفعك إجابته  ، يوم كثر واتره  ، وقلَّ ناصره  ، ثمَّ احتمله على صدره  ، وكأني أنظر إلى رجلي الغلام تخطّان في الأرض حتى ألقاه مع ابنه علي ابن الحسين ( عليه السلام )   ، فسألت عن الغلام فقالوا : هو القاسم بن الحسن بن علي بن أبي طالب صلوات الله عليهم أجمعين (2).
    وروي عن الإمام الصادق ( عليه السلام ) أنه قال : كان الحسين بن علي ( عليهما السلام ) يضع قتلاه بعضهم على بعض  ، ثم يقول : قتلانا قتلى النبيين وآل النبيين (3).
    ولله درّ الشيخ عبد الكريم الفرج رحمه الله تعالى إذ يقول :
واللهِ لا أنسى الحسينَ مُيَمِّماً أَرْضَ العراقِ تحفُّه أطهارُها

1 ـ بحار الأنوار  ، المجلسي : 45/34 ـ 36.
2 ـ مقاتل الطالبيين  ، أبو الفرج الإصفهاني : 58.
3 ـ الغيبة  ، النعماني : 211  ، بحار الأنوار  ، المجلسي : 80/45 ح 5.


(272)
أقمارُ تَمٍّ من ذُؤَابةِ هَاشِم كالبدرِ قد حَاطَتْهُ هَالَةُ أَنْجُم هي كالأسودِ بل الأُسُودُ تَهَابُها أفعالُها طَابَتْ فطاب أريجُها وَقَفُوا بيومِ الطفِّ أَكْرَمَ موقف قد أوضحوا طُرُقَ الشريعةِ فاغتدى خَطُّوا لأهلِ الحقِّ منهاجَ الإِبَا هَدَمُوا حُصُونَ البغي قسراً عندما قد ذكَّروا أعداءَهم بدراً وما سَدُّوا رِحَابَ الطفِّ من أشلائِهِمْ لم يَبْرَحُوا الهيجاءَ حتى صُرِّعوا نفسي الفِدَاءُ لسبطِ أحمدَ مُفْرَداً أفديه فرداً لم يَجِدْ عوناً وقد سُبَّاقُ فَضْل للعلى مِضْمَارُها والشمسِ قَدْ حَفَّت بها أقمارُها تخشى الأسودُ فأين منه نجارُها وتعطَّرَتْ من عِطْرِه أقطارُها فيه عُيُونُ المجدِ قرَّ قرارُها متجلِّياً للسالكين مَنَارُها وبُني بفعلِهِمُ لهم أسوارُها نهضوا فأمسى مُرْغَماً جَبَّارُها فَتَكَتْ بِأُوْلاَهُمْ هُنَاكَ شِفَارُها والخيلُ صار على الجُسُومِ مَغَارُها فوقَ الرغامِ ووِسَادُهُمْ أحجارُها دارت عليه لدى الوغى فُجَّارُها سُدَّتْ عليه من العداةِ قِفَارُها (1)

تحوطه من بني عدنان أغلمةٌ وكل ذي طلعة غراء مشرقة يلقى السيوف بوجه شان طلعته بيض الوجوه كِرامٌ سادة رؤسا من نور طلعته بدر السما اقتبسا وقع السيوف ونحر بالقنا غرسا (2)

1 ـ شعراء القطيف  ، الشيخ علي المرهون : 256 ـ 257.
2 ـ المجالس السنية  ، السيد محسن الأمين : 1/110.


(273)
    قال الشيخ المفيد عليه الرحمة في الإرشاد في عدد أولاد الإمام الحسن المجتبى ( عليه السلام ) أنّهم : خمسة عشر ذكراً وأنثى : زيد بن الحسن  ، وأختاه أم الحسن وأم الحسين  ، أمهم أم بشير بنت أبي مسعود بن عقبة بن عمرو بن ثعلبة الخزرجيّة  ، والحسن بن الحسن  ، أمّه خولة بنت منظور الفزارية  ، وعمرو بن الحسن وأخواه القاسم وعبدالله ابنا الحسن  ، أمهم أم ولد  ، وعبدالرحمن بن الحسن  ، أمُّه أم ولد  ، والحسين بن الحسن الملقَّب بالأثرم  ، وأخوة طلحة بن الحسن  ، وأختهما فاطمة بنت الحسن  ، أمهم أم إسحاق بنت طلحة بن عبيدالله التيمي  ، وأم عبدالله  ، وفاطمة الصغرى  ، وأم سلمة  ، ورقية بنات الحسن  ، لأمهات شتى (1).
    فأما عبد الرحمن فإنه خرج مع عمّه الحسين ( عليه السلام ) إلى الحجّ  ، وتوفيِّ بالأبواء وهو محرم  ، وأما الحسين بن الحسن المعروف بالأثرم كان له فضل وعبادة  ، ولا بقية له  ، وطلحة بن الحسن كان جواداً كثير العطاء والصدقات  ، وأما عمرو بن الحسن فكان مع الحسين بكربلاء واستشهد.
    وأمّا الحسن بن الحسن ( عليه السلام ) فإنه كان مع عمّه الحسين ( عليه السلام ) بكربلاء  ، فجاهد معه جهاد الأسد الباسل  ، وبالغ معه على احتمال الخطب النازل  ، حتى أُثخن بالجراح  ، وبقي ملقىً لم يكن به حراك  ، إلى أن قُتل عمُّه الحسين  ، وأتى أعداء الله للتجهيز على الجرحى  ، فوجدوا الحسن بن الحسن ملقىً بين القتلى وبه نفس  ، فأرادوا أن يجهزوا عليه  ، فعرفه أسماء بن خارجة وكان بينه وبين خولة قرابة  ، فمنعهم عنه  ، وقال : والله لا أدعكم تُجهزون على ابن خولة أبداً.
    وكانت أم الحسن بن الحسن ( عليه السلام ) خولة الفزارية  ، أمّها مليكة أخت أسماء بن خارجة  ، فقال عمر بن سعد : اتركوه لأبي حسّان ابن أخته  ، فترك  ، فأخذه أسماء بن خارجة وحمله إلى منزله  ، فبقي يعالج جراحاته حتى برىء ورجع إلى المدينة.
1 ـ الإرشاد  ، المفيد : 2/20  ، بحار الأنوار  ، المجلسي : 44/163.

(274)
    وكان الحسن بن الحسن ( عليه السلام ) جليلا  ، فاضلا  ، ورعاً  ، عالماً  ، وكان يلي صدقات رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) بإجازة علي بن الحسين زين العابدين ( عليه السلام ) وله مع الحجّاج خبر رواه الزبير بن بكار  ، قال : وكان الحسن بن الحسن والياً على صدقات رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) في عصره.
    وروي أن الحسن بن الحسن خطب إلى عمّه الحسين ( عليه السلام ) إحدى ابنتيه  ، فقال له الحسين ( عليه السلام ) : اختر أيهما شئت  ، فاستحى الحسن ولم يردَّ جواباً  ، فقال له الحسين : يا بنيّ  ، إني اخترت لك ابنتي فاطمة  ، فهي أكثر شبهاً بأمي فاطمة بنت محمد  ، فزوَّجه بها  ، وقبض الحسن بن الحسن وله خمس وثلاثون سنة  ، ولما مات رحمه الله ضربت فاطمة بنت الحسين ( عليه السلام ) فسطاطاً تقرأ عنده القرآن  ، وكانت تصوم النهار وتقوم الليل.
    وأما زيد بن الحسن  ، فإنه كان مع عمه الحسين بكربلاء  ، وكان صغيراً لم يراهق ولم يقاتل  ، وأخذ أسيراً مع الأسارى  ، وسير به مع علي بن الحسين ( عليهما السلام ) وباقي الحرم والأطفال إلى الشام  ، وأدخلوا على يزيد في أسوأ حال ومقام.
    روي أنه كان ذات يوم جالساً بين يدي يزيد بن معاوية  ، وكان ولده خالد جالساً معه  ، فقال يزيد لزيد بن الحسن ( عليه السلام ) : أتصارع ابني خالداً ؟ فقال : لا  ، ولكن أعطه سكيناً وأعطني سكيناً وأقاتله  ، فقال يزيد بن معاوية : شنشنة أعرفها من أخزم  ، هل تلد الحيّة إلاَّ حية ؟ يريد أن يقتل ابني بمحضري.
    ثم إن زيد رجع إلى المدينة مع علي بن الحسين وحرم الحسين وأقام بها  ، وكان زيد جليل القدر  ، كريم الطبع  ، ظريف النفس  ، كثير البرّ  ، وكان يتولَّى صدقات رسول الله ( صلى الله عليه وآله )   ، ومدحه الشعراء  ، وقصده الناس من الآفاق لطلب فضله  ، وأسنّ زيد حتى بلغ تسعين سنة (1)
1 ـ وفيات الأئمة ( عليهم السلام )  ، مجموعة من علماء البحرين والقطيف : 131 ـ 132.

(275)
    وعبدالله بن الحسن كان مع عمّه الحسين ( عليه السلام )   ، وكان صغيراً لم يراهق  ، ابن إحدى عشرة سنة  ، فلمَّا فني أنصار الحسين ( عليه السلام ) وعزم على لقاء الأعداء بنفسه أتى مودِّعاً لنسائه  ، فسمع عبدالله وداع عمّه الحسين ( عليه السلام ) والوصيَّة به  ، فلمَّا خرج الحسين من الخيمة لحقه عبدالله فصاح الحسين بالنساء  ، أمسكنه  ، فخرجن النساء ليرددنه.
    فقال : اتركوني  ، فوالله لا فارق عمّي أو أموت دونه  ، فانفلت من أيدي النساء ولحق عمَّه  ، فرأى عبدُ الله مرَّةَ بن فضيل الأزدي وهو هاو إلى الحسين ( عليه السلام ) بسيفه  ، فنادى : يا ابن الزانية  ، أتقتل عمّي ؟ فالتفت إليه مرة وضربه بسيفه  ، فاتّقاها الغلام بيده فأطنَّها إلى الساعد  ، فصاح عبدالله : يا عمَّاه أدركني  ، فحلَّ عليه الحسين كما يحلّ الصقر على فريسته  ، فأتاه وقتل مرة  ، ثم وقف ( عليه السلام ) على الغلام وهو يفحص برجليه  ، فقال : عزيز على عمك أن تدعوه فلا يجيبك  ، أو يجيبك فلا ينفعك  ، صوت كثر والله واتره وقلَّ ناصره  ، ولكن هوَّن عليَّ ما نزل بي أنه بعين الله (1).
    وفي رواية الشيخ المفيد والسيد ابن طاووس عليهما الرحمة قالا : فخرج عبدالله بن الحسن بن علي ( عليهم السلام ) ـ وهو غلام لم يراهق ـ من عند النساء يشتدّ  ، حتى وقف إلى جنب الحسين ( عليه السلام )   ، فلحقته زينب بنت علي ( عليه السلام ) لتحبسه  ، فقال الحسين ( عليه السلام ) : احبسيه يا أختي  ، فأبى وامتنع امتناعاً شديداً  ، وقال : لا والله لا أفارق عمي  ، وأهوى أبجر بن كعب ـ وقيل : حرملة بن كاهل ـ إلى الحسين ( عليه السلام ) بالسيف  ، فقال له الغلام : ويلك يا ابن الخبيثة  ، أتقتل عمي ؟ فضربه بالسيف  ، فاتّقاه الغلام بيده فأطنَّها إلى الجلد فإذا هي معلَّقة  ، فنادى الغلام : يا أُمَّاه  ، فأخذه الحسين ( عليه السلام ) فضمَّه إليه وقال : يابن أخي  ، اصبر على ما نزل بك  ، واحتسب في ذلك
1 ـ وفيات الأئمة ( عليهم السلام ) ، مجموعة من علماء البحرين والقطيف : 127.

(276)
الخير  ، فإن الله يلحقك بآبائك الصالحين  ، قال السيد ابن طاووس عليه الرحمة : فرماه حرملة بن كاهل بسهم فذبحه وهو في حجر عمه الحسين ( عليه السلام ) (1).
    أقول : يعزّ على سيد شباب أهل الجنة ( عليه السلام ) أن يرى أهل بيته وهؤلاء الفتية من أولاد أخيه الإمام الحسن ( عليه السلام ) صرعى مخضَّبين بدمائهم  ، وهم لم يبلغوا الحلم ولله درّ الشيخ صالح الكواز الحلي عليه الرحمة إذ يقول :
تلك الوُجُوهُ المُشْرِقاتُ كأنها الـ رَقَدُوا وما مرَّتْ بهم سِنَةُ الكَرَى متوسِّدين من الصعيدِ صُخُورَه مُدّثِّرينَ بكربلا سَلْبَ القَنَا خَضَبوا وَمَا شابوا وكان خِضَابُهُمْ أطفالُهُمْ بَلَغوا الحُلُومَ بِقُرْبِهِمْ وَمُغَسَّلين وَلاَ مِيَاهَ لهم سوى أقمارُ تَسْبَحُ في غديرِ دماءِ وَغَفَتْ جُفُونُهُمُ بلا إغفاءِ متمهِّدين حَرَارَةَ الرَّمْضَاءِ مُزَّمِّلينَ على الرُّبَى بدِمَاءِ بدم من الأوداجِ لا الحنَّاءِ شوقاً إلى الهيجاءِ لا الحَسَناءِ عَبَراتِ ثكلى حَرَّةِ الأحشاءِ (2)

    جاء في كتاب شجرة طوبى : روي في بعض الكتب أنه لما اشتدَّ غضب الرشيد على العلويين جعل يقطع الأيدي من أولاد فاطمة ( عليها السلام )   ، ويسمل الأعين  ، وبنى عليهم الاسطوانات حتى شرَّدهم في البلدان  ، ومن جملتهم القاسم ابن الإمام موسى بن جعفر  ، وقد أخذ جانب الشرق لعلمه أن هناك ـ قبر ـ جدّه أمير المؤمنين ( عليه السلام )  ، وجعل
1 ـ بحار الأنوار  ، المجلسي : 45/53.
2 ـ رياض المدح والرثاء : 161 ـ 162.


(277)
يتمشَّى على شاطىء الفرات وإذا هو ببنتين تلعبان في التراب  ، إحداهما تقول للأخرى : لا وحقّ الأمير  ، صاحب بيعة يوم الغدير  ، ما كان الأمر كذا وكذا  ، وتعتذر من الأخرى  ، فلمَّا رأى عذوبة منطقها قال لها : من تعنين بهذا الكلام ؟ قالت : أعني الضارب بالسيفين  ، والطاعن بالرمحين  ، أبا الحسن والحسين  ، علي بن أبي طالب ( عليه السلام )   ، قال لها : يا بنيَّة  ، هل لك أن ترشديني إلى رئيس هذا الحيِّ ؟ قالت : نعم  ، إن أبي كبيرهم  ، فمشت ومشى القاسم خلفها حتى أتت إلى بيتهم  ، فبقي القاسم ثلاثة أيام بعزّ واحترام  ، فلمّا كان اليوم الرابع دنا القاسم من الشيخ وقال له : يا شيخ  ، أنا سمعت ممن سمع من رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) أن الضيف له ثلاثة وما زاد على ذلك فما يأكل به صدقة  ، وإني أكره أن آكل الصدقة  ، وإني أريد أن تختار لي عملا اشتغل به لئلا يكون ما آكله صدقة.
    فقال الشيخ : اختر لك عملا  ، فقال له القاسم : اجعلني أسقي الماء في مجلسك  ، فبقي القاسم على هذا إلى أن كانت ذات ليلة وخرج الشيخ في نصف الليل في قضاء حاجة له  ، فرأى القاسم صافّاً قدميه وهو قائم وقاعد وراكع وساجد  ، فعظُم في نفسه  ، وجعل الله محبَّة القاسم في قلب الشيخ  ، فلمّا أصبح الصباح جمع عشيرته وقال لهم : أريد أن أزوِّج ابنتي من هذا العبد الصالح  ، فما تقولون ؟ قالوا : نعم ما رأيت  ، فزوَّجه من ابنته  ، فبقي القاسم عندهم مدّة من الزمان حتى رزقه الله منها ابنة  ، وصار لها من العمر ثلاث سنين  ، ومرض القاسم مرضاً شديداً حتى دنا أجله  ، وتصرَّمت أيامه  ، فجلس الشيخ عند رأسه يسأله عن نسبه  ، وقال : ولدي  ، لعلّك هاشمي ؟ قال له : نعم  ، أنا ابن الإمام موسى بن جعفر ( عليه السلام ) فجعل الشيخ يلطم على رأسه وهو يقول : واحيائي من أبيك موسى بن جعفر ( عليه السلام )   ، قال له : لا بأس عليك يا عم  ، إنك أكرمتني  ، وإنك معنا في الجنة  ، يا عم فإذا أنا متُّ فغسِّلني وحنِّطني وكفِّني وادفني  ، وإذا صار وقت الموسم حُجَّ أنت وابنتك وابنتي هذه  ، فإذا


(278)
فرغت من مناسك الحج فاجعل طريقك على المدينة  ، فإذا أتيت المدينة فأنزل ابنتي على بابها فستدرج وتمشي  ، فامش أنت وزوجتي خلفها حتى تقف على باب دار عالية  ، فتلك الدار دارنا  ، فتدخل البيت وليس فيها إلاّ نساء وكلّهن أرامل.
    ثمَّ قضى ( عليه السلام ) نحبه فغسَّله وحنَّطه وكفَّنه ودفنه  ، ولله درّ الحجة الشيخ علي الجشي عليه الرحمة إذ يقول :
وَقَضَى غريباً نازحاً عن دَارِهِ يا ميِّتاً من هاشم مَا سَارَ مِنْ يا ثاوياً في أَرْضِ بَاخمرا سَقَى ويتيمةُ النائي المشرَّدِ يَثْرِباً أَتُسَرُّ فاقدةٌ تَؤُمُّ فَوَاقِداً مَحْنِيَّةُ الأضلاعِ داميةُ الحَشَى وبأَدْمُع حُمْر بكت لمعالم لهفي على تلك المَعَالِمِ غُلِّقَتْ وَسَفَى على أَعْتَابِها السافي وَقَدْ عَنْها نَأَتْ تلك الكِرَامُ فَمَا بِها نفسي فِدَا النَّائي الغريبِ القَاسِمِ خَلْفِ السريرِ له يشيِّعُ هَاشِمي تلك المَرَابِعَ فيك صَوْبُ غَمَائِمِ قَدِمَتْ ولكنْ لا ببهجةِ قَادِمِ مِنْ بَعْدِ عزٍّ لم تَجِدْ مِنْ رَاحِمِ تسعى كعالمة لِدَارِ الكاظمِ مهجورة بينَ الديارِ قَوَاتِمِ أبوابُها وبها غَنَاءُ الْعَادِمِ كانت تُقَبِّلُها شِفَاهُ اللاَّثِمِ إلاَّ أَرَامِلُ أو يتامى هاشمي (1)
    قال : فلما صار وقت الحج حجَّ هو وابنته وابنة القاسم  ، فلمَّا قضوا مناسكهم جعلوا طريقهم على المدينة  ، فلمَّا وصلوا إلى المدينة أنزلوا البنت عند بابها على الأرض  ، فجعلت تدرج والشيخ يمشي خلفها إلى أن وصلت إلى باب الدار فدخلت  ، فبقي الشيخ وابنته واقفين خلف الباب  ، وخرجن النساء إليها واجتمعن حولها  ، وقلن : من تكونين ؟ وابنة من ؟ فلمَّا قلن لها النساء : ابنة من تكونين ؟ لم تجبهم إلاَّ بالبكاء والنحيب  ، فعند ذلك خرجت أم القاسم  ، فلمَّا نظرت إلى شمائلها
1 ـ ديوان العلامة الجشي : 368 ـ 369.

(279)
جعلت تبكي وتنادي  ، وا ولداه  ، وا قاسماه  ، والله هذه يتيمة ولدي القاسم  ، فقلن لها : من أين تعرفينها أنها ابنة القاسم ؟ قالت : نظرت إلى شمائلها لأنها تشبه شمائل ولدي القاسم  ، ثم أخبرتهم البنت بوقوف جدّها وأمّها على الباب  ، وقيل : إنها مرضت لما علمت بموت ولدها  ، فلم تمكث إلاَّ ثلاثة أيام حتى ماتت.
لهفي لأمِّ القاسمِ الثكلى وَقَدْ تَرْعَى النُّجُومَ أَسَىً بطرف سَاهِر محنيَّةُ الأضلاعِ بينَ ضُلُوعِها وتقولُ هل لحبيبِ قلبيَ أَوْبَةٌ أَو يَطْرُقُ الجَفْنَ الكرى في مَضْجَعي يا نازحاً وعليَّ عَزَّ فِرَاقُهُ فَأَصمَّ مَسْمَعَها نعاءُ حزينة تدعو بصوت منه ينصدعُ الصَّفَا فكأنَّ ذاك النَعْيَ سَهْمُ منيَّة ناحت شَجَىً إذْ غَابَ نَوْحَ حَمَائِمِ في فِكْرَة طالت وَوَجْد دَائِمِ نارٌ وَأَدْمُعُها كغيث سَاجِمِ فَأَقُول أهلا بالحبيبِ القَادِمِ فأرى الحبيبَ ولو برؤيةِ نَائِمِ خَلَّفْتَ قلبي كالحَمَامِ الحَائِمِ تحكي شَمَائِلُها شَمَائِلَ قَاسِمِ أبتاه وَجْدُك ما حييتُ ملازمي فَقَضَتْ به لهفي لأمِّ القَاسِمِ (1)
    سمعت بموت ولدها فمرضت وقضت نحبها  ، فما حال رملة لما نظرت إلى ولدها وهو مشقوق الرأس مقطَّعاً بالسيوف إرباً إرباً (2) فساعد الله قلبها وهي تراه مخضَّباً بدمه  ، قد شقَّ السيف رأسه  ، ويعزّ على سيد شباب أهل الجنة ( عليه السلام ) أن يرى هؤلاء الفتية على البوغاء مصرَّعين مجدَّلين  ، وبقي بعدهم وحيداً لا ناصر له ولا معين  ، ولله درّ السيد جعفر الحلي عليه الرحمة إذ يقول :
ولمَّا دنت آجالُهُم رحَّبوا بها فَمَاتُوا وهم أزكى الأنامِ نقيبةً كأنَّ لهم بالموتِ بُلْغَةَ آمِلِ وَأَكْرَمُ مَنْ يُبْكَى له بالَمحَافِلِ

1 ـ ديوان العلامة الجشي : 369 ـ 370.
2 ـ شجرة طوبى  ، الشيخ محمد مهدي الحائري : 1/171.


(280)
عطاشى بجَنْبِ النَّهْرِ والماءُ حَوْلَهُمْ أبَا حَسَن إنَّ الذين عَهِدْتَهُمْ أُعَزّيكَ فيهم يَالَكَ الخيرُ إنَّهم أرادت بنو سُفْيَانَ فيهم مَذَلَّةً متى ذَلَّ قومٌ أنت خَلَّفْتَ فيهِمُ نَعِمْتَ بهم عيناً فَقَدْ سَار ذِكْرُهُمْ أعادوك يَوْمَ الطفِّ حيّاً وَجَدَّدوا فلم تَفْجَعِ الأيَّامُ من قَبْلِ يَوْمِهِمْ يُبَاحُ إلى الوُرَّادِ عَذْبُ المَنَاهِلِ ثِقَالَ الخُطَى إلاَّ لِكَسْبِ الفَضَائِلِ مَشَوا لِوُرُودِ الموتِ مِشْيَةَ عَاجِلِ وذلك من أبناك صَعْبُ التناولِ إباءً به يندقُّ أَنْفُ الُمجَادِلِ كما قَدْ فَشَا معروفُهُمْ في القَبَائِلِ لِعَلْيَاكَ ذِكْراً قَبْلَ ذا غَيْرَ خَامِلِ بأَكْرَمِ مقتول لألأَمِ قَاتِلِ (1)

    جاء في بعض زيارات أئمة أهل البيت ( عليهم السلام ) : يا مواليَّ  ، فلو عاينكم المصطفى  ، وسهام الأمة معرقة في أكبادكم  ، ورماحهم مشرعة في نحوركم  ، وسيوفها مولغة في دمائكم  ، يشفي أبناء العواهر غليل الفسق من ورعكم  ، وغيظ الكفر من إيمانكم  ، وأنتم بين صريع في المحراب قد فلق السيف هامته  ، وشهيد فوق الجنازة قد شُكَّت بالسهام أكفانه  ، وقتيل بالعراء قد رُفع فوق القناة رأسُه  ، ومكبَّل في السجن رُضَّت بالحديد أعضاؤه  ، ومسموم قد قُطِّعت بجرع السمِّ أمعاؤه  ، فإنّا لله وإنّا إليه راجعون  ، ولا حول ولا قوَّة إلاَّ بالله العلي العظيم.
    فقد أوصى المصطفى ( صلى الله عليه وآله ) هذه الأمة بحفظ عترتة وأهل بيته ( عليهم السلام ) ، ولكن
1 ـ رياض المدح والرثاء  ، الشيخ حسين القديحي : 229.

(281)
هذه الأمة لم ترع حقَّ رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) في عترته  ، فانظر ماذا فعلوا بهم  ، وما جرى عليهم من قتلهم  ، وسفك دمائهم  ، وتشريدهم عن أوطانهم  ، وحبسهم في المطامير  ، وغير ذلك مما جرى عليهم من ألوان العذاب  ، من ولاة الجور والظلمة  ، فتناسوا كل وصايا النبي ( صلى الله عليه وآله ) وكأنهم لم يسمعوا شيئاً من ذلك في حقّ عترته وأبنائه الطاهرين ( عليهم السلام ) ولله درّ الشيخ عبدالحسين العاملي عليه الرحمة إذ يقول :
حَجْرٌ على عيني يمرُّ بها الكرى أقمارُ تَمٍّ غالها خَسْفُ الرَّدَى شتَّى مصائِبُهُمْ فبين مُكابد سَلْ كربلا كم من حشاً لمحمَّد ولكم دم زاك أريق بها وكم من بَعْدِ نازلة بعترةِ أحمدِ واغتالها بصُرُوفِهِ الزمنُ الرَّدي سمّاً ومنحور وبين مُصَفَّدِ نُهِبَتْ بها وكم استُجِذَّت من يدِ جُثَْمانِ قُدْس بالسيوفِ مبدَّدِ (1)
    قال أبو الحسن داود البكري : سمعت علي بن دعبل بن علي الخزاعي يحدّث عن أبيه : أنه رآه في النوم وقال له : لقيت رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وعليه ثياب بيض وقلنسوة بيضاء  ، فقال لي : أنت دعبل ؟ قلت : نعم يا رسول الله  ، قال : فأنشدني قولك في أولادي  ، فأنشدته قولي :
لا أضحك اللهُ سِنَّ الدهرِ إنْ ضَحِكَتْ مُشَرَّدون نُفُوا عن عقرِ دَارِهِمُ وآلُ أحمدَ مظلومونَ قد قُهِرُوا كأنَّهم قد جَنَوا ما ليس يُغْتَفَرُ
    قال : فقال لي : أحسنت  ، وشفع فيَّ  ، وأعطاني ثيابه  ، وها هي وأشار إلى ثياب بدنه (2).
    وجاء عن ابن عباس ( رضي الله عنه ) ، في قوله تعالى : « وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحاً » (3) قال :
1 ـ رياض المدح والرثاء : 120.
2 ـ عيون أخبار الإمام الرضا ( عليه السلام )   ، الصدوق : 1/297 ـ 298.
3 ـ سورة الكهف  ، الآية : 82.


(282)
حُفظا لصلاح أبيهما  ، وما ذكر عنهما صلاحاً (1).
    وروي عن ابن عباس وجابر وأبي عبدالله الصادق ( عليه السلام ) أن الله يصلح بصلاح الرجل ولده وولد ولده  ، ويحفظه في ذريته  ، وكان السابع من آبائهما (2).
    قال المقريزي : فإذا صحَّ أن الله سبحانه قد حفظ غلامين لصلاح أبيهما فيكون قد حفظ الأعقاب برعاية الأسلاف  ، وإن طالت الأحقاب  ، ومن ذلك ما جاء في الأثر أن حمام الحرم من حمامتين عشَّشتا على فم الغار الذي اختفى فيه رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) (3) فلذلك حرم حمام الحرم  ، وإذا كان كذلك فمحمد ( صلى الله عليه وآله ) أحرى وأولى وأحقّ  ، وأجدر أن يحفظ الله تعالى ذرّيّته  ، فإنه إمام الصلحاء  ، وما أصلح الله فساد خلقه إلاَّ به (4).
    وروي عن الإمام الحسن ( عليه السلام ) أنه قال لبعض الخوارج : بمَ حفظ الله مال الغلامين ؟ قال : بصلاح أبيهما  ، قال : فأبي وجدي خير منه!! (5) وروي عن الإمام علي بن الحسين ( عليهما السلام ) : ألا إن الله ذكر أقواماً بآبائهم فحفظ الأبناء للآباء  ، قال تعالى : « وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحاً » ولقد حدَّثني أبي عن آبائه أنه التاسع من ولده  ، ونحن عترة رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) احفظوها لرسول الله ( صلى الله عليه وآله ) (6).
    وروي عن الإمام الصادق جعفر بن محمد ( عليهما السلام ) قال : احفظوا فينا ما حفظ العبد الصالح في اليتيمين (7).
    قال الكاتب عبدالحليم الجندي : فليس في تاريخ البشرية كلِّها أسرة شُرِّدت
1 ـ المستدرك  ، الحاكم : 2/369.
2 ـ راجع : الدرّ المنثور  ، السيوطي : 4/235  ، فتح القدير  ، الشوكاني : 3/306  ، وص 304.
3 ـ راجع : الصواعق المحرقة ، ابن حجر : 242 ط. مصر ، و 361 ط. بيروت ـ خاتمة في ذكر أمور مهمة.
4 ـ فضل آل البيت ( عليهم السلام ) ، المقريزي : 110.
5 ـ تفسير الرازي : 21/162 مورد الآية.
6 ـ رشفة الصادي : 91 باب 9.
7 ـ أخرجه ابن الأخضر في معالم العترة  ، الصواعق المحرقة  ، ابن حجر : 175 ط مصر  ، 266 ط بيروت  ، المقصد الثالث من الآية الرابعة  ، رشفة الصادي : 91 باب 9  ، فضل آل البيت ( عليهم السلام ) ، المقريزي : 109.


(283)
وجرِّدت  ، وذاقت العذاب والاسترهاب  ، مثل أهل بيت النبي ( صلى الله عليه وآله )   ، بدأ بهم تاريخ الإسلام مجده  ، واستمرَّ فيهم بعبرته وعظمته  ، قدَّم أبوهم للبشرية أسباب خلاصها بكتاب الله وسنَّة الرسول ( صلى الله عليه وآله )   ، وقدَّم أهل بيته أرواحهم في سبيل القيم التي نزل بها القرآن  ، وجاءت بها السنة  ، كانت مصابيحهم تتحطَّم لكن شعلتهم لا تنطفىء  ، لتُخلِّد الجهاد والاستشهاد والإرشاد  ، بالمثل العالي الذي كانوه  ، والضوء الذي لم تمنع الموانع من انتشاره  ، وعلَّم فيه أبناء النبي ( صلى الله عليه وآله ) أمته بعض علومه : أن الاستشهاد حياة للمستشهدين وللأحياء جميعا (1).
    وناهيك أيها الموالي لو سمعت كلمات أهل البيت ( عليهم السلام ) فيما جرى عليهم من الجور والعدوان  ، والظلم والإستبداد  ، فإليك بعض الكلمات التي خرجت من صدور أهل بيت الوحي ( عليهم السلام ) ، من صدور مكلومة بالألم  ، طفح بها الكيل مما عانته من ولاة الجور وملؤها حسرةً وألماً  ، فأصبحوا في الأمة التي خلَّفهم فيها رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) بمنزلة بني إسرائيل في آل فرعون.
    روى الكليني عليه الرحمة  ، عن الحسين بن مصعب  ، عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) قال : قال أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : كنت أبايع لرسول الله ( صلى الله عليه وآله ) على العسر واليسر والبسط والكره إلى أن كثر الإسلام وكثف  ، قال : وأخذ عليهم علي ( عليه السلام ) أن يمنعوا محمداً وذرّيّته مما يمنعون منه أنفسهم وذراريهم  ، فأخذتها عليهم  ، نجا من نجا  ، وهلك من هلك (2).
    وعن زيد بن علي بن الحسين  ، عن أبيه  ، عن جدّه ( عليهم السلام ) ، قال : قال علي ( عليه السلام ) : كنت مع الأنصار لرسول الله ( صلى الله عليه وآله ) على السمع والطاعة له في المحبوب والمكروه  ، فلمّا عزَّ الإسلام  ، وكثر أهله قال ( صلى الله عليه وآله ) : يا علي  ، زد فيها : على أن تمنعوا
1 ـ الإمام جعفر الصادق ( عليه السلام )   ، عبد الحليم الجندي : 111.
2 ـ الكافي  ، الشيخ الكليني : 8/261 ح 374.


(284)
رسول الله وأهل بيته مما تمنعون منه أنفسكم وذراريكم  ، قال : فحملها على ظهور القوم  ، فوفى بها من وفى  ، وهلك من هلك (1).
    وروي أنه قيل لعلي بن الحسين ( عليه السلام ) : كيف أصبحت ؟ فقال ( عليه السلام ) : أصبحنا خائفين برسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وأصبح جميع أهل الإسلام آمنين به (2).
    وروي عنه ( عليه السلام ) هذه الأبيات الشريفة :
نحن بنو المصطفى ذوو غُصَص عظيمةٌ في الأنامِ محنتُنا يَفْرَحُ هذا الورى بعيدِهِمُ الناسُ في الأَمْنِ والسرورِ ولا يَجْرَعُها في الأنامِ كاظمُنا أوَّلُنا مبتلى وآخِرُنا ونحن أعيادُنا مآتمُنا يَأْمَنُ طولَ الحَيَاةِ خائفُنا (3)
    وروى القندوزي الحنفي من مقتل أبي مخنف أن الإمام زين العابدين ( عليه السلام ) لما وصل من الأسر إلى المدينة خطب في أهل المدينة  ، وقال ( عليه السلام ) في خطبته : أيها الناس  ، أصبحنا مشرَّدين مطرودين مذودين شاسعين عن الأوطان  ، من غير جرم اجترمناه  ، ولا مكروه ارتكبناه  ، ولا ثلمة في الإسلام ثلمناها  ، ولا فاحشة فعلناها  ، فوالله لو أن النبيَّ ( صلى الله عليه وآله ) أوصى إليهم في قتالنا لما زادوا على ما فعلوا بنا  ، فإنّا لله وإنّا إليه راجعون (4).
    وقال الناشىء الصغير من قصيدة له وهي بضعة عشر بيتاً  ، ذكر منها الحموي قوله :
عجب لكم تفنون قتلا بسيفِكُمْ ويسطوا عليكم مَنْ لكم كان يَخْضَعُ

1 ـ شرح نهج البلاغة  ، ابن أبي الحديد : 6/44 ـ 45.
2 ـ التذكرة الحمدونية  ، ابن حمدون : 9/224 رقم : 443  ، بحار الأنوار  ، المجلسي : 75/159.
3 ـ شجرة طوبى  ، الحائري : 1/6  ، وأوردها الذهبي في سير أعلام النبلاء : 15/167 ونسبها لغير الإمام ( عليه السلام )   ، ينابيع المودة لذوي القربى  ، القندوزي : 3/93.
4 ـ ينابيع المودة  ، القندوزي : 3/93.


(285)
فَمَا بقعةٌ في الأرضِ شرقاً ومغرباً ظُلِمْتم وقُتِّلتم وقُسِّم فيئُكُمْ كأنَّ رسولَ اللهِ أوصى بقتلِكم وليس لكم فيها قتيلٌ وَمَصْرَعُ وضاقت بكم أَرْضٌ فلم يَحْمِ موضعُ وأجسامُكُمْ في كلِّ أرض توزَّعُ (1)
    وقال السيد صالح النجفي القزويني عليه الرحمة (2) :
فطوسٌ لكم والكرخُ شجواً وكربلا وكم قد تعطَّفْتُم عليهم ترحُّماً فَلاَ رَبِحَتْ آل الطليقِ تجارةً فما منكُمُ قد حَرَّمَ اللهُ حلَّلوا وجدُّهُمُ لو كان أوصى بقتلِهِمْ فَصَمْتُم من الدينِ الحنيفيِّ حَبْلَه وكوفانُ تبكي والبقيعُ وزمزمُ فلم يعطفوا يوماً عليكم ويرحموا ولا بَرِحَتْ هوناً تسامُ وتُرْغَمُ وما لكُمُ قد حلَّل اللهُ حرَّموا إليكم لما زِدْتُم على ما فعلتُمُ وَعُرْوَتَهُ الوثقى التي ليس تُفْصَمُ (3)
    وعن المنهال بن عمرو قال : دخلت على علي بن الحسين ( عليه السلام ) فقلت : كيف أصبحت أصلحك الله ؟ فقال ( عليه السلام ) : ما كنت أرى شيخاً من أهل المصر مثلك لا يدري كيف أصبحنا  ، فأما إذ لم تدر أو تعلم فسأخبرك  ، أصبحنا في قومنا بمنزلة بني إسرائيل في آل فرعون  ، إذ كانوا يذبِّحون أبناءهم  ، ويستحيون نساءهم  ، وأصبح شيخنا وسيِّدنا يُتَقَرَّبُ إلى عدوِّنا بشتمه أو سبِّه على المنابر  ، وأصبحت قريش تعدّ أن لها الفضل على العرب; لأن محمداً ( صلى الله عليه وآله ) منها  ، لا يعدّ لها فضل إلاَّ به  ، وأصحبت العرب مقرّة لهم بذلك  ، وأصبحت العرب تعدّ أن لها الفضل على العجم; لأن محمداً ( صلى الله عليه وآله ) منها  ، لا يعدّ لها فضل إلاّ به  ، وأصبحت العجم مقرّة لهم بذلك  ، فلئن كانت العرب صدَّقت أن لها الفضل على العجم  ، وصدَّقت قريش أن لها الفضل على العرب لأن محمداً ( صلى الله عليه وآله ) ( منها ) إن لنا أهل البيت الفضل على قريش لأن محمداً ( صلى الله عليه وآله )
1 ـ معجم الأدباء  ، الحموي : 13/292 ـ 293  ، لسان الميزان  ، ابن حجر : 4/239 ـ 240.
2 ـ المتوفَّى سنة ( 1306 هـ ).
3 ـ الإمام محمد الجواد ( عليه السلام )   ، الحاج حسين الشاكري : 489.
المجالس العاشورية في المآتم الحسينية ::: فهرس