|
||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
(286)
منّا ، فأصبحوا يأخذون بحقّنا ، ولا يعرفون لنا حقا ، فهكذا أصبحنا إذ لم تعلم كيف أصبحنا ، قال : فظننت أنه أراد أن يسمع من في البيت (1).
وفي رواية السيّد ابن طاووس عليه الرحمة قال : خرج زين العابدين ( عليه السلام ) يوماً يمشي في أسواق دمشق فاستقبله المنهال بن عمرو ، فقال له : كيف أمسيت يا ابن رسول الله ؟ قال : أمسينا كمثل بني إسرائيل في آل فرعون ، يذبِّحون أبناءهم ويستحيون نساءهم ، يا منهال ، أمست العرب تفتخر على العجم بأن محمداً عربي ، وأمست قريش تفتخر على سائر العرب بأن محمداً منها ، وأمسينا معشر أهل بيته ونحن مغصوبون مقتولون مشرَّدون ، فإنّا لله وإنّا إليه راجعون مما أمسينا فيه يا منهال ، ولله درّ مهيار الديلمي عليه الرحمة حيث يقول :
1 ـ الطبقات الكبرى ، ابن سعد : 5/219 ، تاريخ مدينة دمشق ، ابن عساكر : 41/396. 2 ـ اللهوف في قتلى الطفوف ، ابن طاووس : 112. 3 ـ كتاب الإمام ، الإسكندراني : 5/301 ، ينابيع المودة ، القندوزي : 3/42. ورواها أيضاً ابن عقيل في العتب الجميل ، وروى البيت الثاني هكذا :
(287)
وروي عن الإمام جعفر بن محمد الصادق ( عليهما السلام ) أنه قال : احفظوا فينا ما حفظ العبد الصالح في اليتيمين لأبيهما الصالح ، وكان الجدَّ السابع ، وقد ضيَّعت هذه الأمة حقَّ رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) بقتل أولاده (1).
ويروى أنه وقف الإمام الصادق ( عليه السلام ) مستتراً في خفية ، يشاهد المحامل التي حمل عليها عبدالله بن الحسن وأهله في القيود والحديد من المدينة إلى العراق ، فلمَّا مرّوا به بكى ، وقال ( عليه السلام ) : ما وفت الأنصار ولا أبناء الأنصار لرسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، بايعهم على أن يمعنوا محمداً وأبناءه وأهله وذرّيّته مما يمنعون منه أنفسهم وأبناءهم وأهلهم وذراريهم فلم يفوا ، اللهم اشدد وطأتك على الأنصار (2). وقال منصور النمري في ظلامة أهل البيت ( عليهم السلام ) :
1 ـ مقتل الحسين ( عليه السلام ) ، الخوارزمي : 2/115 ح 47. 2 ـ شرح نهج البلاغة ، ابن أبي الحديد : 6/44 ـ 45 ، عن مقاتل الطالبيين ، الإصبهاني : 149. 3 ـ زهر الآداب وثمر الألباب ، القيرواني : 2/6. 4 ـ زهر الآداب هامش المستطرف : 1/2 ، الشعر والشعراء : 547 ، طبقات الشعراء : 246. (288)
فأحرقته بالنار! (1).
وروى ابن أبي الحديد المعتزلي أيضاً قال : لما ولي خالد بن عبدالله القسري مكة ـ وكان إذا خطب بها لعن علياً والحسن والحسين ( عليهم السلام ) ـ فقال عبيدالله بن كثير السهمي وقد أخذ بأستار الكعبة :
1 ـ طبقات الشعراء : 244. 2 ـ شرح النهج ، ابن أبي الحديد : 15/256 ، العتب الجميل ، ابن عقيل : 147 ، كتاب الحيوان ، الجاحظ : 3/194. 3 ـ البيان والتبيين ، الجاحظ : 3/359. (289)
ينصح لغيره من يغشّ نفسه ؟ أم كيف تجب الطاعة لمن لم تثبت له عند الله عدالته ؟ وإن قلتم : خذوا الحكمة من حيث وجدتموها ، واقبلوا العظة ممن سمعتموها ، فعلام ولَّيناكم أمرنا ، وحكَّمناكم في دمائنا وأموالنا ؟
أما علمتم أن فينا من هو أنطق منكم باللغات ، وأفصح بالعظات ، فتحلحلوا عنها أولا ، فأطلقوا عقالها ، وخلّوا سبيلها ، يبتدر إليها (1) آل الرسول ( عليهم السلام ) ، الذين شرَّدتموهم في البلاد ، وفرّقتموهم في كل واد ، بل تثبت في أيديكم لانقضاء المدّة ، وبلوغ المهلة ، وعظم المحنة ، إن لكل قائم قدراً لا يعدوه ، ويوماً لا يخطوه ، وكتاباً بعده يتلوه « لاَ يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلاَ كَبِيرَةً إِلاَّ أَحْصَاهَا » (2) « وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَىَّ مُنقَلَب يَنقَلِبُونَ » (3) قال : ثم أجلس الرجل فطلب فلم يوجد (4). وقال ابن الرومي عليه الرحمة في ظلامة أهل البيت ( عليهم السلام ) :
1 ـ في نهاية الإرب : ينتدب إليها. 2 ـ سورة الكهف ، الآية : 49. 3 ـ سورة الشعراء ، الآية : 227. 4 ـ نثر الدّر ، الآبي : 5/203 ـ 204 ، نهاية الإرب النويري : 7/249 ، ورواها أيضاً الشيخ المفيد عليه الرحمة في كتابه الأمالي : 280. 5 ـ مقاتل الطالبيين ، أبو الفرج الإصبهاني : 646. (290)
معه :
1 ـ مقاتل الطالبيين ، أبو الفرج الإصبهاني : 306 ـ 307. 2 ـ أدب الشيعة ، الدكتور عبد الحسيب حميدة : 259. (291)
قال ابن شهر آشوب عليه الرحمة في المناقب : اشتهر في الصحاح بالأسانيد المعتبرة أن أبا بكر وعمر خطبا إلى النبي ( صلى الله عليه وآله ) فاطمة ( عليها السلام ) مرّة بعد أخرى فردَّهما ، وقال : إنّها صغيرة ، فأقبلا إلى علي ( عليه السلام ) وقالا : يا أبا الحسن ، لو أتيت رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فذكرت له فاطمة ( عليها السلام ) فأقبل علي ( عليه السلام ) حتى دخل على رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، فلما خطبها هشَّ وبشَّ النبيّ ( صلى الله عليه وآله ) في وجهه ، وقال : مرحباً وأهلا ، فقيل لعلي ( عليه السلام ) : يكفيك من رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) إحداهما : أعطاك الأهل وأعطاك الرحب ، ثمَّ قال : يا علي ، ألك شيء أزوّجك منها ؟ فقال : لا يخفى عليك حالي ، إن لي فرساً وبغلا وسيفاً ودرعاً ، فقال ( صلى الله عليه وآله ) : بع الدرع ، ثمَّ قال : أبشر يا علي ، فإن الله قد زوَّجك بها في السماء قبل أن أزوِّجكها في الأرض ، ولقد أتاني ملك وقال : أبشر يا محمد باجتماع الشمل وطهارة النسل ، قلت : وما اسمك ؟ قال : نسطائيل ، من موكّلي قوائم العرش ، سألت الله هذه البشارة ، وجبرئيل على أثري. وفي رواية أخرى قال ( صلى الله عليه وآله ) : بينما أنا جالس إذ هبط عليَّ ملك ـ إلى أن قال : فقال : أنا محمود بعثني الله أن أزوِّج النور من النور قلت : من بمن ؟ قال : فاطمة من 1 ـ النزاع والتخاصم ، المقريزي : 144. 2 ـ أدب الشيعة ، الدكتور عبدالحسيب حميدة : 259. (292)
علي ، فلمّا ولى المَلَك إذا بين كتفيه ( محمَّد رسول الله ، عليٌّ وصيّه ) فقلت : مُذ كم كُتب هذا بين كتفيك ؟ قال : من قبل أن يخلق الله آدم باثنين وعشرين ألف عام ، يا علي فبينما أنا جالس إذ هبط الأمين جبرئيل ومعه من سنبل الجنة وقرنفلها فتناولتهما وأخذتهما وشممتهما فقلت : ما سبب هذا السنبل والقرنفل ؟ قال : إن الله أمر سكان الجنة من الملائكة ومن فيها أن يزيِّنوا الجنان كلَّها بمغارسها وأشجارها وثمارها وقصورها ، وأمر ريحها فهبَّت بأنواع العطر والطيب ، وأمر حور عينها بالقراءة فيها بسورة ( طه ويس وطواسين وحم وعسق ) ثم نادى مناد من تحت العرش : ألا إن اليوم يوم وليمة علي ، ألا إني أشهدكم أني قد زوَّجت فاطمة من عليّ رضىً منّي بعضهما لبعض ، فأشهد على تزويجها أربعين ألف ملك ، وكان الولي الله ، والخطيب جبرئيل ، والمنادي ميكائيل ، والداعي إسرافيل ، والناثر عزرائيل ، والشهود الملائكة.
قال الحميدي :
(293)
الملحدين ، ثم قال بعد كلام : اختار الملك الجبار صفوة كرمه ، وعبد عظمته ، لأمته سيِّدة النساء ، بنت خير النبيين ، وسيِّد المرسلين ، وإمام المتقين ، فوصل حبله بحبل رجل من أهله ، المصدِّق دعوته ، المبادر إلى كلمته ، علي الوصول ، بفاطمة البتول ، ابنة الرسول ( صلى الله عليه وآله ) ، ثم قال الله تبارك وتعالى : الحمد ردائي ، والعظمة كبريائي ، والخلق كلهم عبيدي وإمائي ، زوَّجت فاطمة أمتي من علي صفوتي ، اشهدوا ملائكتي.
قال الحميدي :
ثمّ أمر الله تعالى رضوان خازن الجنان فهزَّ شجرة طوبى ، فحملت رقاعاً ـ يعني صكاكاً ـ بعدد محبي أهل البيت ، وأنشأ من تحتها ملائكة من نور ، ودفع إلى كل ملك صكاً براءة من النار ، فإذا استوت القيامة بأهلها نادت الملائكة في الخلائق : ألا فمن كان محباً لفاطمة ( عليها السلام ) فليبادر ، وليأخذ من نثار زفاف فاطمة ، فلا يبقى محبّ إلاَّ ودفع إليه المَلَك صكاً فيه فكاكه من النار ، ثم أرسل سحابة بيضاء (294)
فقطرت على أهل الجنان من اللؤلؤ والياقوت والزبرجد والمرجان ، فابتدرن الحور العين فالتقطن في أطباق الدرّ والياقوت ، وهن يتهادين بينهن إلى يوم القيامة ، ويتفاخرن ويقلن : هذا من نثار زفاف فاطمة سيّدة النساء ( عليها السلام ).
قال بعض العلماء : ولقد وجد في زمان والد شيخنا البهائي درّة في ظهر الكوفة مكتوب عليها هذان البيتان :
فقال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : قد زوَّجتك ابنتي فاطمة على ما زوَّجك الرحمن ، وقد رضيت بما رضي الله لها ، فدونك أهلك ، فإنك أحقّ بها مني ، فنعم الأخ أنت ، ونعم الختن أنت ، ونعم الصاحب أنت ، وكفاك برضى الله رضاً ، فخرَّ علي ( عليه السلام ) ساجداً شكراً لله ، وهو يقول : « رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ » الآية ، قال ( عليه السلام ) : ثم أتاني وأخذ بيدي فقال : قم وقل : بسم الله وعلى بركة الله ، وما شاء الله ، ولا حول ولا قوّة إلاَّ بالله ، توكَّلت على الله ، ثمَّ جاء بي حتى أقعدني عندها ، وقال : اللهم إنهما أحبُّ خلقك إليَّ ، فأحبَّهما وبارك في ذريتهما ، واجعل عليها منك حافظاً ، وإني أعيذهما بك وذريتهما من الشيطان الرجيم ، ثمَّ أمر النبي ( صلى الله عليه وآله ) بطبق بسر ، وأمر بنهبه.. قال علي ( عليه السلام ) : فأقمت بعد ذلك شهراً أصلّي مع رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، وأرجع إلى (295)
منزلي ، ولا أذكر شيئاً من أمر فاطمة ( عليها السلام ) ، ثم قلن أزواج رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : ألا نطلب لك من رسول الله دخول فاطمة عليك ، فقلت : افعلن ، فدخلن عليه فقالت أم أيمن : يا رسول الله ، لو أن خديجة باقية لقرَّت عينها بزفاف فاطمة ، وإن علياً يريد أهله فقرَّ عين فاطمة ببعلها ، واجمع شملها ، وقرَّ عيوننا بذلك ، فقال : فما بال علي لا يطلب مني زوجته ؟ فقد كنا نتوقَّع ذلك منه.
قال علي ( عليه السلام ) : فقلت : الحياءُ يمنعني يا رسول الله ، فالتفت ( صلى الله عليه وآله ) إلى النساء فقال : مَنْ ها هنا ؟ فقالت أم سلمة : أنا أم سلمة ، وهذه زينب ، وهذه فلانة ، فقال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : هيِّئوا لابنتي وابن عمي في بيتي حجرة ، فقالت أم سلمة : في أي حجرة يا رسول الله ؟ فقال ( صلى الله عليه وآله ) : في حجرتك ، فأمر النبي أن يهيِّئوا طعام العرس ، وأمر بطحن البر وخبزه ، وأمر علياً ( عليه السلام ) بذبح البقر والغنم ، فكان النبي ( صلى الله عليه وآله ) يفصل ولم يُر على يده أثر دم ، فلمّا فرغوا من الطبخ أمر النبي ( صلى الله عليه وآله ) أن يُنادى على رأس داره : أجيبوا رسول الله ، وذلك لقوله تعالى : « وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ » فأجابوا من النخلات والزروع ، فبسط النطوع في المسجد ، وصدر الناس وهم أكثر من أربعة آلاف رجل وسائر نساء المدينة ، ورفعوا منها ما أرادوا ، ولم ينقص من الطعام شيء ، ثمَّ عادوا في اليوم الثاني فأكلوا ، وفي اليوم الثالث فأكلوا ، ثم دعا رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) بالصحاف فملئت ، ووجَّه إلى منازل أزواجه ، ثم أخذ صحفة وقال : هذه لفاطمة وبعلها ، وأمر نساءه أن يزينّها ويصلحن من شأنها. قالت أم سلمة : فسألت فاطمة : هل عندك طيب ادّخرتيه لنفسك ؟ قالت : نعم ، فأتت بقارورة ، فسألت عنها فقالت : كان دحية الكلبي يدخل على رسول الله فيقول لي : يا فاطمة ، ها الوسادة فاطرحيها لعمِّك ، فإذا نهض سقط من بين ثيابه شيء فيأمرني بجمعه فسئل رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) عن ذلك فقال : هو عنبر يسقط من أجنحة جبرئيل ، وأتت بماء ورد. قالت أم سلمة : فسألت عنه فقالت : هذا عرق (296)
رسول الله ، كنت آخذه عند قيلولة النبي ( صلى الله عليه وآله ) عندي.
ثم إن جبرئيل أتى بحلّة قيمتها الدنيا ، فلما لبستها تحيرت نسوة قريش منها ، وقلن : من أين لك هذا ؟ قالت : من عند الله ، فلمَّا كانت ليلة الزفاف أتى النبي ببغلته الشهباء ، وثنى عليها قطيفة ، وقال لفاطمة : اركبي ، وأمر سلمان أن يقودها ، والنبي ( صلى الله عليه وآله ) يسوقها ، فبينما هو في بعض الطريق إذ سمع النبي وجبة ، فإذا هو جبرئيل في سبعين ألف ملك ، وميكائيل في سبعين ألف ملك ، فقال النبي ( صلى الله عليه وآله ) : ما أهبطكم إلى الأرض ؟ قالوا : جئنا نزفّ فاطمة إلى علي بن أبي طالب ، فكبَّر جبرئيل ، وكبَّر ميكائيل ، وكبَّرت الملائكة ، وكبَّر النبي ، فوقع التكبير على العرائس من تلك الليلة. وكان النبي ( صلى الله عليه وآله ) أمامها ، وجبرئيل عن يمينها ، وميكائيل عن يسارها ، وسبعون ألف ملك من خلفها يسبِّحون الله ويقدّسونه حتى طلع الفجر ، وحولها سبعون حوراء ، وحمزة وعقيل وجعفر وأهل البيت يمشون خلفها ، وأمر النبي ( صلى الله عليه وآله ) بنات عبدالمطلب ونساء المهاجرين والأنصار أن يمضين في صحبة فاطمة ، ويفرحن ويرجزن ، ويكبِّرن ويحمدن ، وأنشأت أم سلمة تقول :
(297)
أقول : ومن شأن الوديعة أن تُردَّ إلى أهلها سالمة وردَّت وديعة رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وضلعها مكسور. (298)
قال الراوي : ثمَّ خرج من عندهما فأخذ بعضادتي الباب فقال : طهَّركما الله وطهَّر نسلكما ، أنا سلم لمن سالمكما ، وحرب لمن حاربكما ، أستودعكما الله وأستخلفه عليكم ، ولما كانت صبيحة العرس دخل رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) عليهما بقدح من لبن ، فقال لفاطمة ( عليها السلام ) : اشربي فداك أبوك ، ثمَّ قال لعلي ( عليه السلام ) : اشرب فداك ابن عمك.
وروي عن أسماء بنت عميس قالت : سمعت سيدتي فاطمة تقول : ليلة دخل بي علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) أفزعني من فراشي ، فقلت : أفزعت يا سيدة نساء العالمين ؟ قالت : نعم ، سمعت الأرض تحدِّثه ويحدِّثها ، فأصبحت وأنا فزعة ، فأخبرت والدي ( صلى الله عليه وآله ) فسجد سجدة طويلة ، ثمَّ رفع رأسه وقال : يا فاطمة ، أبشري بطيب النسل ، فإن الله فضَّل بعلك على سائر خلقه ، وأمر الأرض أن تحدِّثه بأخبارها وما يجري على وجهها من شرق الأرض إلى غربها. أقول : ليت شعري هل أخبرته الأرض بأنهم سوف يحرقون باب داره ، ويجعلون الحبل في عنقه ، ويعصرون الزهراء البتول ( عليها السلام ) ، وهل أخبرته بقتل أبنائه سماً وقتلا ، وتساق بناته من كربلاء إلى الكوفة ، ومن الكوفة إلى الشام (1). ولله درّ الشيخ صالح الكواز الحلي عليه الرحمة إذ يقول :
1 ـ شجرة طوبى ، الحائري : 2/249 ـ 255. (299)
جاء في بعض الزيارات الشريفة : يا سادتي ، يا آل رسول الله ، إني بكم أتقرَّب إلى الله جلَّ وعلا ، بالخلاف على الذين غدروا بكم ، ونكثوا بيعتكم ، وجحدوا ولايتكم ، وأنكروا منزلتكم ، وخلعوا ربقة طاعتكم ، وهجروا أسباب مودّتكم ، وتقرَّبوا إلى فراعنتهم بالبراءة منكم ، والإعراض عنكم ، ومنعوكم من إقامة الحدود ، واستئصال الجحود ، وشعب الصدع ، ولمِّ الشَعَث ، وسدِّ الخلل ، وتثقيف الأود ، وإمضاء الأحكام ، وتهذيب الإسلام ، وقمع الآثام ، وأرهجوا عليكم نقع الحروب والفتن ، وأنحوا عليكم سيوف الأحقاد ، وهتكوا منكم الستور ، وابتاعوا بخمسكم الخمور ، وصرفوا صدقات المساكين إلى المضحكين والساخرين (2). روي عن عبد الملك عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) في حديث له قال : تاسوعا يومٌ حوصر فيه الحسين ( عليه السلام ) وأصحابه رضي الله عنهم بكربلاء واجتمع عليه خيل أهل الشام وأناخوا عليه ، وفرح ابن مرجانة وعمر بن سعد بتوافر الخيل وكثرتها ، واستضعفوا فيه الحسين صلوات الله عليه وأصحابه رضي الله عنهم ، وأيقنوا أن لا يأتي الحسين ( عليه السلام ) ناصر ولا يمده أهل العراق ـ بأبي المستضعف الغريب ـ (3). ولله درّ السيد محمد حسين القزويني عليه الرحمة إذ يقول : 1 ـ رياض المدح والرثاء ، الشيخ حسين القديحي : 152 ـ 153. 2 ـ المزار ، محمد بن المشهدي : 295 ـ 296. 3 ـ الكافي ، الكليني : 4/147 ح 7. (300)
وروى الشيخ الكليني عليه الرحمة ، عن عبدالرحمن بن محمد العزرمي قال : استعمل معاوية مروان بن الحكم على المدينة ، وأمره أن يفرض لشباب قريش ، ففرض لهم ، فقال علي بن الحسين ( عليهما السلام ) : فأتيته فقال : ما اسمك ؟ فقلت : علي بن الحسين ، فقال : ما اسم أخيك ؟ فقلت : علي ، قال : علي وعلي ؟! ما يريد أبوك أن يدع أحداً من ولده إلاَّ سمَّاه علياً ؟ ثم فرض لي ، فرجعت إلى أبي فأخبرته ، فقال : ويلي على ابن الزرقاء دبَّاغة الأدم ، لو ولد لي مائة لأحببت أن لا أسمّي أحداً منهم إلاّ علياً (4). وقد اختلف الرواة في عمره الشريف ، فقال ابن شهر آشوب ومحمد بن أبي 1 ـ مثير الأحزان ، الجواهري : 116. 2 ـ قال الطبري : وأما علي بن الحسين الأكبر ( عليه السلام ) فقتل مع أبيه بنهر كربلاء ، وشهد علي بن الحسين الأصغر مع أبيه كربلاء وهو ابن ثلاث وعشرين سنة ، وكان مريضاً نائماً على فراش ( المنتخب من ذيل المذيل ، الطبري : 119 ). 3 ـ معالي السبطين ، الحائري : 1/422. 4 ـ الكافي ، الكليني : 6/19 ح 7. |
||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|