|
||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
(511)
1 ـ الغدير ، الأميني : 11/11 ، درر السمط في خبر السبط ، ابن الأبار : 90 ، مروج الذهب ، المسعودي : 3/6. 2 ـ روضة الواعظين ، الفتال النيسابوري : 169. 3 ـ مناقب آل أبي طالب ، ابن شهر آشوب : 2/52. (512)
وقال آخر :
فعلى الأطائب من أهل بيت محمّد وعلي صلَّى الله عليهما وآلهما فليبك الباكون ، وإيَّاهم فليندب النادبون ، ولمثلهم فلتذرف الدموع ، وليصرخ الصارخون ، ويضجَّ الضاجون ، ويعجَّ العاجون ، أين الحسن وأين الحسين ، أين أبناء الحسين ، صالح بعد صالح ، وصادق بعد صادق ، أين السبيل بعد السبيل ، أين الخيرة بعد الخيرة ، أين الشموس الطالعة ، أين الأقمار المنيرة ، أين الأنجم الزاهرة ، أين أعلام الدين وقواعد العلم (2). فلم ترعَ هذه الأمّة حقّاً لرسول الله ( صلى الله عليه وآله ) في حفظ عترته وأهل بيته ( عليهم السلام ) ، وما فعلته هذه الأمّة في حقّ أبناء وذرّيّة رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) لم تفعله أيُّ أمّة من الأمم السالفة ، فقد كان أولاد الأنبياء وذراريهم عند الأمم السالفة معزَّزين مكرَّمين ، وأمَّا ذرّيّة رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فتركتهم هذه الأمّة بين قتيل ومسموم ومقهور قد شرِّد 1 ـ شعراء القطيف ، الشيخ علي المرهون ، القسم الأول : 39 ، وقد نسبها الحجّة الشيخ فرج العمران عليه الرحمة في الروضة الندية : 71 للشيخ عبد النبي بن مانع رحمه الله تعالى. 2 ـ المزار ، محمد بن المشهدي : 578. (513)
عن بلده.
روى القندوزي الحنفي من مقتل أبي مخنف أن الإمام زين العابدين ( عليه السلام ) لمَّا وصل من الأسر إلى المدينة خطب في أهل المدينة ، وقال ( عليه السلام ) في خطبته : أيُّها الناس ، أصبحنا مشرَّدين مطرودين مذودين شاسعين عن الأوطان ، من غير جرم اجتمرناه ، ولا مكروه ارتكبناه ، ولا ثلمة في الإسلام ثلمناها ، ولا فاحشة فعلناها ، فوالله لو أن النبيَّ ( صلى الله عليه وآله ) أوصى إليهم في قتالنا لما زادوا على ما فعلوا بنا ، فإنّا لله وإنّا إليه راجعون (1).
1 ـ ينابيع المودة لذوي القربى ، القندوزي : 3/93. 2 ـ المجالس السنية ، السيد محسن الأمين : 19. 3 ـ ديوان السيد الحميري : 208. (514)
موسى ، وإن النصارى يسجدون للصليب لاعتقادهم فيه أنه من جنس العود الذي صلب عليه عيسى ، وإن المجوس يعظِّمون النار لاعتقادهم فيها أنها صارت برداً وسلاماً على إبراهيم بنفسها ، وهذه الأمّة قد قتلت أبناء نبيِّها ، وقد أوصى الله تعالى بمودَّتهم وموالاتهم ، فقال عزَّ من قائل : « قُلْ لاَ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى » (1) (2).
وذكر ابن حبان في كتاب الثقات أنه لمَّا مروا بالأسارى من أهل البيت ( عليهم السلام ) على الديراني النصراني في طريقهم إلى الشام ، ورأى رأس الحسين الشريف ( عليه السلام ) ، ورأى السبايا في الأسر ، سألهم : رأس من هذا ؟ فقالوا : رأس الحسين بن علي ( عليه السلام ) ، فقال لهم : بئس القوم أنتم ، لو كان لعيسى ولد لأدخلناه أحداقنا (3). وقال ابن حجر : ولمَّا فعل يزيد برأس الحسين ( عليه السلام ) ما مرَّ كان عنده رسول قيصر ، فقال متعجِّباً : إن عندنا في بعض الجزائر في دير حافر حمار عيسى ( على نبيِّنا وآله وعليه الصلاة والسلام ) فنحن نحجُّ إليه كلَّ عام من الأقطار ، وننذر النذور ونعظِّمه كما تعظِّمون كعبتكم ، فأشهد أنكم على باطل (4). وقال الشفهيني عليه الرحمة في ذلك :
1 ـ سورة الشورى ، الآية : 23. 2 ـ مقتل الحسين ( عليه السلام ) ، الخوارزمي : 2/114 ـ 115 ح 46. 3 ـ كتاب الثقات ، ابن حبان : 2/313 ـ 314 ، الصواعق المحرقة ، ابن حجر : 302. 4 ـ الصواعق المحرقة ، ابن حجر : 301 ـ 302. (515)
قال بعض الشعراء :
1 ـ راجع : الغدير ، الشيخ الأميني : 6/380 ـ 381. 2 ـ كتاب الفتوح ، ابن أعثم : 5/132. 3 ـ النزاع والتخاصم ، المقريزي : 62. (516)
حفظي ، وإنه ليس بينكم وبين نبيِّكم ( صلى الله عليه وآله ) إلاَّ أب واحد ، قتلتم ابنه (1).
وقال ابن حجر : قال ذمّيٌّ : بيني وبين داود ( على نبيِّنا وآله وعليه الصلاة والسلام ) سبعون أباً ، وإن اليهود تعظِّمني وتحترمني ، وأنتم قتلتم ابن نبيِّكم ( صلى الله عليه وآله ) ؟ (2). ويقول دعبل الخزاعي رحمه الله تعالى في ظلامة أهل البيت ( عليهم السلام ) :
1 ـ العقد الفريد ، الأندلسي : 5/132 ، الطبقات الكبرى ، ابن سعد : 8/68 ، عيون الأخبار ، ابن قتيبة : 1/212. 2 ـ الصواعق المحرقة ، ابن حجر : 302. 3 ـ الغدير ، الشيخ الأميني : 2/375 ـ 376. (517)
المظلوم ، أنا العطشان ، وسكت ، فوضع الراهب وجهه على وجهه ، فقال : لا أرفع وجهي عن وجهك حتى تقول : أنا شفيعك يوم القيامة ، فتكلَّم الرأس وقال : ارجع إلى دين جدّي محمّد ، فقال الراهب : أشهد أن لا إله إلاَّ الله ، وأشهد أن محمداً رسول الله ، فقبل له الشفاعة ، فلمَّا أصبحوا أخذوا منه الرأس والدراهم ، فلمَّا بلغوا الوادي نظروا الدراهم قد صارت حجارة (1) ولله درّ بعض الشعراء إذ يقول :
روى القدَّاح ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ( عليهما السلام ) قال : مرَّ عليٌّ بكربلاء في اثنين من أصحابه ، قال : فلمَّا مرَّ بها ترقرقت عيناه للبكاء ، ثمَّ قال : هذا مناخ ركابهم ، وهذا ملقى رحالهم ، وههنا تهراق دماؤهم ، طوبى لك من تربة ، عليك تهراق دماء الأحبّة (2). وروى الشيخ الصدوق عليه الرحمة ، عن ابن عباس قال : كنت مع أمير المؤمنين ( عليه السلام ) في خرجته إلى صفّين ، فلمَّا نزل بنينوى وهو بشط الفرات قال بأعلى 1 ـ بحار الأنوار ، العلامة المجلسي : 45/303. 2 ـ بحار الأنوار ، العلامة المجلسي : 44/258. (518)
صوته : يا ابن عباس ، أتعرف هذا الموضع ؟ قلت له : ما أعرفه يا أمير المؤمنين ، فقال ( عليه السلام ) : لو عرفته كمعرفتي لم تكن تجوزه حتى تبكي كبكائي. قال : فبكى طويلا حتى اخضلَّت لحيته ، وسالت الدموع على صدره ، وبكينا معاً ، وهو يقول : أوه أوه ، مالي ولآل أبي سفيان ؟ مالي ولآل حرب حزب الشيطان وأولياء الكفر ؟ صبراً يا أبا عبدالله ، فقد لقي أبوك مثل الذي تلقى منهم (1).
قال العلامة المجلسي عليه الرحمة : وروي في بعض الكتب المعتبرة عن عبدالله بن قيس قال : كنت مع من غزا مع أمير المؤمنين ( عليه السلام ) في صفّين ، وقد أخذ أبو أيوب الأعور السلمي الماء وحرزه عن الناس ، فشكا المسلمون العطش ، فأرسل فوارس على كشفه فانحرفوا خائبين ، فضاق صدره ، فقاله له ولده الحسين ( عليه السلام ) : أمضي إليه يا أبتاه ؟ فقال : امض يا ولدي ، فمضى مع فوارس فهزم أبا أيوب عن الماء ، وبنى خيمته ، وحطَّ فوارسه ، وأتى إلى أبيه وأخبره ، فبكى علي ( عليه السلام ) ، فقيل له : ما يبكيك يا أمير المؤمنين وهذا أول فتح ببركة الحسين ( عليه السلام ) ؟ فقال : ذكرت أنه سيقتل عطشاناً بطفِّ كربلا ، حتى ينفر فرسه ويحمحم ويقول : الظليمة الظليمة لأمة قتلت ابن بنت نبيِّها (2) ولله درّ الشفهيني عليه الرحمة إذ يقول :
1 ـ الأمالي ، الصدوق : 694 ح 5 ، بحار الأنوار ، المجلسي : 44/252 ح 2. 2 ـ بحار الأنوار ، العلامة المجلسي : 44/266 ح 23. (519)
قال : فطالت ليلتي حتى برق الفجر ، فجئت باب ابن الصيفي فطرقت بابه ، فخرج إليَّ حاسراً حافي القدمين ، وقال : ما الذي جاء بك هذه الساعة ؟ فقصصت عليه قصتي ، فأجهش بالبكاء وقال : والله ما قلتها إلاَّ ليلتي هذه ، ولم يسمعها بشر منّي ، ثمَّ أنشدني :
1 ـ الغدير ، الشيخ الأميني : 6/388 ـ 389. (520)
1 ـ وفيات الأعيان ، ابن خلكان : 11/206 في ترجمة أبي الفوارس ابن الصيفي التميمي المعروف بحيص بيص ، بغية الطلب في تاريخ حلب ، الحلبي ( في ترجمة الإمام الحسين ( عليه السلام ) ) : ح 196. 2 ـ الغدير ، الشيخ الأميني : 6/381. (521)
المجلس السادس
روى الشيخ الصدوق عليه الرحمة ، عن أبي عمار المنشد ، عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) قال : قال لي : يا أبا عمارة ، أنشدني في الحسين بن علي ، قال : فأنشدته فبكى ، ثمَّ أنشدته فبكى ، قال : فو الله ما زلت أنشده ويبكي حتى سمعت البكاء من الدار.
فضل إنشاد الشعر في الإمام الحسين ( عليه السلام ) ودخول بعض الشعراء على الأئمة ( عليهم السلام ) قال : فقال : يا أبا عمارة! من أنشد في الحسين بن علي شعراً فأبكى خمسين فله الجنّة ، ومن أنشد في الحسين شعراً فأبكى ثلاثين فله الجنّة ، ومن أنشد في الحسين شعراً فأبكى عشرين فله الجنّة ، ومن أنشد في الحسين شعراً فأبكى عشرة فله الجنة ، ومن أنشد في الحسين شعراً فأبكى واحداً فله الجنّة ، ومن أنشد في الحسين شعراً فبكى فله الجنّة ، ومن أنشد في الحسين شعراً فتباكى فله الجنة (1). وروى الكشي عليه الرحمة ، عن زيد الشحام قال : كنّا عند أبي عبدالله ( عليه السلام ) ونحن جماعة من الكوفيين ، فدخل جعفر بن عفان على أبي عبدالله ( عليه السلام ) ، فقرَّبه وأدناه ، ثمَّ قال : يا جعفر! قال : لبّيك جعلني الله فداك! قال : بلغني أنك تقول الشعر في الحسين وتجيد ، فقال له : نعم جعلني الله فداك ، قال : قل ، فأنشده صلَّى الله عليه ، فبكى ومن حوله ، حتى صارت الدموع على وجهه ولحيته ، ثمَّ قال : يا جعفر ، والله لقد شهدت ملائكة الله المقرَّبون ههنا يسمعون قولك في الحسين ( عليه السلام ) ، ولقد بكوا كما بيكنا وأكثر ، ولقد أوجب الله تعالى لك ـ يا جعفر ـ في ساعتك الجنّة بأسرها ، 1 ـ الأمالي ، الصدوق : 205 ح 6 ، بحار الأنوار ، العلامة المجلسي : 44/282 ح 15. (522)
وغفر الله لك ، فقال : يا جعفر ، ألا أزيدك ؟ قال : نعم يا سيدي ، قال : ما من أحد قال في الحسين شعراً فبكى وأبكى به إلاَّ أوجب الله له الجنّة وغفر له (1).
وروى ابن قولويه عليه الرحمة : عن عبدالله بن غالب قال : دخلت على أبي عبدالله ( عليه السلام ) فأنشدته مرثيَّة الحسين بن علي ( عليهما السلام ) ، فلمَّا انتهيت إلى هذا الموضع :
وعن أبي هارون المكفوف قال : دخلت على أبي عبدالله ( عليه السلام ) فقال لي : أنشدني ، فأنشدته ، فقال : لا ، كما تنشدون ، وكما ترثيه عند قبره ، فأنشدته :
وروى الشيخ الصدوق عليه الرحمة ، عن أبي هارون المكفوف قال : قال لي أبو عبدالله ( عليه السلام ) : يا أبا هارون ، أنشدني في الحسين ( عليه السلام ) ، قال : فأنشدته ، قال : فقال 1 ـ رجال الكشي : 2/574 ح 508 ، بحار الأنوار ، العلامة المجلسي : 44/282 ح 16. 2 ـ كامل الزيارات ، ابن قولويه : 209 ـ 210 ح 3 ، بحار الأنوار ، العلامة المجلسي : 44/286 ح 24. 3 ـ كامل الزيارات ، ابن قولويه : 210 ـ 211 ح 5 ، بحار الأنوار ، العلامة المجلسي : 44/286 ح 24. (523)
لي : أنشدني كما تنشدون ـ يعني بالرقّة ـ قال : فأنشدته :
ولله درّ دعبل الخزاعي عليه الرحمة إذ يقول :
1 ـ ثواب الأعمال ، الصدوق : 83 ـ 84 ، بحار الأنوار ، العلامة المجلسي : 44/288 ح 28. 2 ـ بحار الأنوار ، المجلسي : 54/257. (524)
المجلس السابع
يا سادتي يا آل رسول الله ، إنّي بكم أتقرَّب إلى الله جلَّ وعلا ، بالخلاف على الذين غدروا بكم ، ونكثوا بيعتكم ، وجحدوا ولايتكم ، وأنكروا منزلتكم ، وخلعوا ربقة طاعتكم ، وهجروا أسباب مودّتكم ، وتقرَّبوا إلى فراعنتهم بالبراءة منكم ، والإعراض عنكم ، ومنعوكم من إقامة الحدود ، واستئصال الجحود ، وشعب الصدع ، ولمِّ الشعث ، وسدّ الخلل ، وتثقيف الأود ، وإمضاء الأحكام ، وتهذيب الإسلام ، وقمع الآثام ، وأرهجوا عليكم نقع الحروب والفتن ، وأنحوا عليكم سيوف الأحقاد ، هتكوا منكم الستور ، وابتاعوا بخمسكم الخمور ، وصرفوا صدقات المساكين إلى المضحكين والساخرين (1).
إخبار النبي ( صلى الله عليه وآله ) أمَّ سلمة بمقتل الحسين ( عليه السلام ) وإعطائها تربة من كربلاء ولله درّ السيِّد محمد حسين القزويني عليه الرحمة إذ يقول :
1 ـ المزار ، محمد بن المشهدي : 295 ـ 296. (525)
فقال النبيّ ( صلى الله عليه وآله ) : يا أمَّ سلمة ، إن هذا جبرئيل يخبرني أن هذا مقتول ، وهذه التربة التي يقتل عليها ، فضعيها عندك ، فإذا صارت دماً فقد قتل حبيبي ، فقالت أم سلمة : يا رسول الله ، سل الله أن يدفع ذلك عنه ، قال : قد فعلت ، فأوحى الله عزَّ وجلَّ إليَّ أنَّ له درجة لا ينالها أحد من المخلوقين ، وأن له شيعة يشفعون فيشفَّعون ، وأن المهديَّ من ولده فطوبى لمن كان من أولياء الحسين وشيعته ، هم ـ والله ـ الفائزون يوم القيامة (2). وعن أنس أن ملك المطر استأذن أن يأتي رسول الله ، فقال النبيُّ ( صلى الله عليه وآله ) لأمِّ سلمة : املكي علينا الباب لا يدخل علينا أحد ، فجاء الحسين ( عليه السلام ) ليدخل فمنعته ، فوثب حتّى دخل ، فجعل يثب على منكبي رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ويقعد عليهما ، فقال له المَلَك : أتحبُّه ؟ قال : نعم ، قال : فإن أمَّتك ستقتله ، وإن شئت أريتك المكان الذي يُقتل فيه ، فمدَّ يده فإذا طينة حمراء. فأخذتها أمُّ سلمة فصيَّرتها إلى طرف خمارها ، قال ثابت : فبلغنا أنه المكان الذي قتل به بكربلاء (3). وروي أن أمَّ سلمة قالت : رأيت رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) في المنام وعلى رأسه 1 ـ مثير الأحزان ، الجواهري : 113 ـ 114. 2 ـ بحار الأنوار ، المجلسي : 44/225 ح 5 عن الأمالي للصدوق : 203 ح 3. 3 ـ بحار الأنوار ، المجلسي : 44/231 ح 14. |
||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|