المكاسب ـ جلد الأول ::: 1 ـ 10
(1)
كتاب المكاسب
للشيخ الأعظم أستاذ الفقهاء والمجتهدين
الشيخ مرتضى الانصاري ( قدس سره )
1214 ـ 1281 ه‍
الجزء الاول
اعداد
لجنة تحقيق تراث الشيخ الاعظم


(2)

(3)
بسم الله الرحمان الرحيم
    الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين ولعنة الله على أعدائهم أجمعين إلى يوم الدين.


(5)
في المكاسب
    [ بعض الأخبار الواردة على سبيل الضابطة ]
    وينبغي ـ أولا ـ التيمن بذكر بعض الأخبار الواردة على سبيل الضابطة للمكاسب ، من حيث الحل والحرمة ، فنقول ـ مستعينا بالله تعالى ـ : روي في الوسائل (1) والحدائق (2) عن الحسن بن علي بن شعبة ـ في كتاب تحف العقول (3) ـ عن مولانا الصادق صلوات الله وسلامه عليه حيث سئل عن
1 ـ الوسائل 12 : 54 ، الباب 2 من أبواب ما يكتسب به ، وأورد قسما منه في الحديث الأولمن الباب الأول من أبواب الإجارة ، وقسما آخر في الحديث الأول من الباب 4 من أبواب النفقات ، وقسما ثالثا في الحديث الأول من الباب 66 من أبواب الأطعمة المحرمة.
2 ـ الحدائق 18 : 67.
3 ـ تحف العقول : 331 ، ولما كان الاختلاف بين المصادر التي نقلت الرواية كثيرا ، فلذلك لم نتعرض له إلا إذا كان مهما ، نعم سوف نذكر الاختلاف الموجودبين نسخ الكتاب. وسنتبع هذه الطريقة في سائر الروايات المنقولة في الكتاب إن شاءالله تعالى.


(6)
    [ رواية تحف العقول ]
    معايش العباد ، فقال : جميع المعايش كلها من وجوه المعاملات فيما بينهم مما يكون لهم فيه المكاسب أربع جهات ، ويكون فيها حلال من جهة وحرام من جهة :
    فأول هذه الجهات الأربع (1) الولاية ، ثم التجارة ، ثم الصناعات ، ثم الإجارات.
    والفرض من الله تعالى على العباد في هذه المعاملات الدخول في جهات الحلال ، والعمل بذلك ، واجتناب جهات الحرام منها.
    فإحدى الجهتين من الولاية : ولاية ولاة العدل الذين أمر الله بولايتهم على الناس ، والجهة الاخرى : ولاية ولاة الجور.

    [ وجه الحلال من الولاية ووجه الحرام منها ]
    فوجه الحلال من الولاية ، ولاية الوالي العادل ، وولاية ولاته بجهة ما أمر به الوالي العادل بلا زيادة ونقيصة ، فالولاية له ، والعمل معه ، ومعونته ، وتقويته ، حلال محلل.
    وأما وجه الحرام من الولاية : فولاية الوالي الجائر ، وولاية ولاته ، فالعمل (2) لهم ، والكسب لهم بجهة الولاية معهم (3) حرام محرم معذب فاعل ذلك على قليل من فعله أو كثير ، لأن كل شيء منجهة المعونة له ، معصية كبيرة من الكبائر.
    وذلك أن في ولاية الوالي الجائر دروس الحق كله ، وإحياء الباطل كله ، وإظهار الظلم والجور والفساد ، وإبطال الكتب ، وقتل الأنبياء ،
1 ـ الأربع : لم ترد في ف ، ن ، م.
2 ـ في ف ، خ ، ع ، ص : والعمل لهم.
3 ـ في خ والوسائل : والكسب معهم بجهة الولاية لهم.


(7)
وهدم المساجد ، وتبديل سنة الله وشرائعه ، فلذلك حرم العمل معهم ومعونتهم ، والكسب معهم إلا بجهة الضرورة نظير الضرورة إلى الدم والميتة.

    [ تفسير التجارات ]
    وأما تفسير التجارات في جميع البيوع ووجوه الحلال من وجه التجارات التي يجوز للبائع أن يبيع مما لا يجوز له ، وكذلك المشتري الذي يجوز له شراؤه مما لا يجوز :
    [ الحلال من البيع ]
    فكل مأمور به مما هو غذاء للعباد وقوامهم به في امورهم في وجوه الصلاح الذي لا يقيمهم غيره مما يأكلون ويشربون ويلبسون وينكحون ويملكون ويستعملون من جميع المنافع التي لا يقيمهم غيرها ، وكل شيء يكون لهم فيه الصلاح من جهة من الجهات ، فهذا كله حلال بيعه وشراؤه وإمساكه واستعماله وهبته وعاريته.

    [ الحرام من البيع ]
    وأما وجوه الحرام من البيع والشراء : فكل أمر يكون فيه الفساد مما هو منهي عنه من جهة أكله وشربه (1) أو كسبه (2) أو نكاحه أو ملكه أو إمساكه أو هبته أو عاريته أو شيء يكون فيه وجه من وجوه الفساد ـ نظير البيع بالربا أو بيع الميتة أو الدم أو لحم الخنزير أو لحوم السباع من صنوف سباع الوحش أو الطير أو جلودها أو الخمر أو شيء من وجوه النجس ـ فهذا كله حرام محرم ، لأن ذلك كله من هي عن أكله وشربه ولبسه وملكه وإمساكه والتقلب فيه ، فجميع تقلبه في
1 ـ في ف : أو شربه.
2 ـ كذا في النسخ والمصادر ، ولعل في الأصل لبسه كما استظهره الشهيدي رحمه الله أيضا.


(8)
ذلك حرام.
    وكذلك كل مبيع ملهو به ، وكل منهي عنه ـ مما يتقرب به لغير الله عزوجل ، أو يقوى به الكفر والشرك في جميع وجوه المعاصي ، أو باب يوهن به الحق ـ فهو حرام محرم بيعه وشراؤه وإمساكه وملكه وهبته وعاريته وجميع التقلب فيه ، إلا في حالت دعو الضرورة فيه إلى ذلك.

    [ تفسير الإجارات والحلال منها ]
    وأما تفسير الإجارات :
    فإجارة الإنسان نفسه أو ما يملك أويلي أمره ـ من قرابته أو دابته أو ثوبه ـ بوجه (1) الحلال من جهات الإجارات أو (2) يؤجر نفسه أو داره أو أرضه أو شيئا يملكه فيما ينتفع به من وجوه المنافع أو العمل بنفسه وولده ومملوكه وأجيره من غير أن يكون وكيلا للوالي أو واليا للوالي ، فلا بأس أن يكون أجيرا يؤجر نفسه أو ولده أو قرابته أو ملكه أو وكيله في إجارته ، لأنهم وكلاء الأجير من عنده ، ليس هم بولاة الوالي ، نظير الحمال الذي يحمل شيئا معلوما بشيء معلوم ، فيحمل (3) ذلك الشيء الذي يجوز له حمله بنفسه أو بملكه أو دابته ، أو يؤجر نفسه في عمل ، يعمل ذلك العمل [ بنفسه أو بمملوكه أو قرابته أو بأجير من قبله ، فهذه وجوه من وجوه الإجارات ] (4)
1 ـ في مصححة م : فوجه.
2 ـ في م ، ع ، ص ، ش ونسخة بدل خ : أن.
3 ـ كذا في خ وتحف العقول ، وفي سائر النسخ والحدائق والوسائل : فيجعل.
4 ـ أثبتناه من ش وهامش خ والمصدر.


(9)
حلال (1) لمن كان من الناس ملكا أو سوقة أو كافرا أو مؤمنا فحلال إجارته ، وحلال كسبه من هذه الوجوه.

    [ الحرام من الإجارة ]
    فأما وجوه الحرام من وجوه الإجارة : نظير أن يؤاجر نفسه على حمل ما يحرم أكله أو شربه ، أو يؤاجر نفسه في صنعة ذلك الشيء أو حفظه ، أو يؤاجر نفسه في هدم المساجد ضرارا ، أو قتل النفس بغير حق (2) ، أو عمل (3) التصاوير والأصنام والمزامير والبرابط والخمر والخنازير والميتة والدم ، أو شيء من وجوه الفساد الذي كان محرما عليه من غير جهة الإجارة فيه.
    وكل أمر منهي عنه من جهة من الجهات ، فمحرم على الإنسان إجارة نفسه فيه أو له أو شيء منه أو له ، إلا لمنفعة من استأجره (4) كالذي يستأجر له الأجير ليحمل الميتة ينحيها (5) عن أذاه أو أذى غيره وما أشبه ذلك ـ إلى أن قال ـ :
    وكل من آجر نفسه أو ما يملك ، أو يلي أمره من كافر أو مؤمن أو ملك أو سوقة ـ على ما فسرنا مما تجوز الإجارة فيه ـ فحلال محلل فعله وكسبه.
1 ـ في جميع النسخ الفاقدة للعبارة : حلالا ، إلا في ف.
2 ـ في المصادر : بغيرحل.
3 ـ في تحف العقول : أو حمل.
4 ـ كذا في ن والحدائق ، وفي سائر النسخوالمصادر : استأجرته.
5 ـ في خ وتحف العقول : ينجيها.


(10)
    [ تفسير الصناعات والحلال منها ]
    وأما تفسير الصناعات :
    فكل ما يتعلم العباد أو يعلمون غيرهم من أصناف الصناعات ـ مثل الكتابة والحساب والنجارة (1) والصياغة والبناء والحياكة والسراجة والقصارة والخياطة وصنعة صنوف التصاوير ما لم يكن مثل الروحاني ، وأنواع صنوف الآلات التي يحتاج إليها العباد ، منها منافعهم ، وبها قوامهم ، وفيها بلغة جميع (2) حوائجهم ـ فحلال فعله (3) وتعليمه والعمل به وفيه (4) لنفسه أو لغيره.
    وإن كانت تلك الصناعة وتلك الآلة قد يستعان بها على وجوه الفساد ووجوه المعاصي ، وتكون معونة على الحق والباطل ، فلا بأس بصناعته وتعليمه (5) نظير الكتابة التي هي (6) على وجه من وجوه الفساد تقوية ومعونة لولاة الجور. وكذلك السكين والسيف والرمح والقوس وغير ذلك منوجوه الآلات التي تصرف (7) إلى وجوه (8) الصلاح
1 ـ كذا في ف و ش ، وفي سائر النسخ وتحف العقول والحدائق : التجارة.
2 ـ جميع : ساقطة من ف ، م ، ع ، ص.
3 ـ في ش : تعلمه.
4 ـ وفيه : ساقطة من ف.
5 ـ كذا في ن ومصححة خ وتحف العقول والحدائق ، وفي سائر النسخ : تقلبه.
6 ـ هي : ساقطة من ف ، م ، ع.
7 ـ كذا في خ و ش و ف : ينصرف ، وفي ن ، ع ، ص : تتصرف ، وفي م : تنصرف.
8 ـ في مصححة خ وتحف العقول : جهات.
المكاسب ـ جلد الأول ::: فهرس