المكاسب ـ جلد الأول ::: 21 ـ 30
(21)
لقصورها ـ : بلزوم (1) تخصيص الأكثر (2).
    الثاني :

    [ جواز بيع بول الإبل ]
    بول الإبل يجوز بيعه إجماعا ـ على ما في جامع المقاصد (3) وعن إيضاح النافع (4) ـ إما لجواز شربه اختيارا ، كما يدل عليه قوله عليه السلام في رواية الجعفري : أبوال الإبل خير من ألبانها (5) وإما لأجل الإجماع المنقول ، لو قلنا بعدم جواز شربها إلا لضرورة الاستشفاء ، كما يدل عليه رواية سماعة ، قال : سألت أبا عبد الله عليه السلام عن بول الإبل والبقر والغنم ينتفع به من الوجع ، هل يجوز أن يشرب ؟ قال : نعم ،
1 ـ في ش : لزوم.
2 ـ جاء في شرح الشهيدي ( 19 ) ما يلي : إن قوله : بلزوم تخصيصا لأكثر في محل الرفع على الخبرية ل‍ الجواب ، يعني : والجواب عنه ـ مضافا إلى ما ذكر من الضعف ـ : أن فيه لزوم تخصيص الأكثر ، فلا بد من الطرح أو التأويل بما ذكرنا. هذا بناء على صحة وجود كلمة مع في قوله : مع ضعفه ، وأما بناء على مافي بعض النسخ المصححة من الضرب [ أي : الشطب ] عليها ، وعلى ما في الآخر من ح [ أي : حينئذ ] بدل مع ، فالخبر له قوله : ضعفه ، ويكون بلزوم متعلقا للقصور ، فتأمل ، فإن في العبارة ما لا يخفى على التقديرين.
3 ـ جامع المقاصد 4 : 14.
4 ـ نقله عنه في مفتاح الكرامة 4 : 23.
5 ـ الوسائل 17 : 87 ، الباب 59 من أبواب الأطعمة المباحة ، الحديث 3.


(22)
لا بأس (1). وموثقة عمار ، عن بول البقر يشربه الرجل ، قال : إن كان محتاجا إليه يتداوى بشربه فلا بأس ، وكذلك بول الإبل والغنم (2).
    [ الإشكال في الجواز بناءً على حرمة الشرب ]
    لكن الإنصاف ، أنه لوقلنا بحرمة شربه اختيارا أشكل الحكم بالجواز إن لم يكن إجماعيا (3) ، كما يظهر من مخالفة العلامة في النهاية وابن سعيد في النزهة (4).
    قال في النهاية : وكذلك البول ـ يعني يحرم بيعه ـ وإن كان طاهرا ، للاستخباث ، كأبوال البقر والإبل وإن انتفع به فيشربه للدواء ، لأنه منفعة جزئية نادرة فلا يعتد به (5) ، انتهى.
    أقول : بل لأن المنفعة المحللة للاضطرار ـ وإن كانت كلية ـ لا تسوغ البيع ، كما عرفت.
1 ـ الوسائل 17 : 88 ، الباب 59 من أبواب الأطعمة المباحة ، الحديث 7.
2 ـ الوسائل 17 : 87 ، الباب 59 من أبواب الأطعمة المباحة ، الحديث الأول.
3 ـ كذا في ع و ش ، وفي غيرهما : إجماعا.
4 ـ نزهة الناظر : 78.
5 ـ نهاية الإحكام 2 : 463.


(23)
المسألة الثانية
    [ حرمة بيع العذرة النجسة ]
    يحرم بيع العذرة النجسة (1) من كل حيوان على المشهور ، بلفي التذكرة ـ كما عن الخلاف ـ : الإجماع على تحريم بيع السرجين النجس (2).
    ويدل عليه ـ مضافا إلى ما تقدم من الأخبار ـ رواية يعقوب ابن شعيب : ثمن العذرة من السحت (3) (4).
    نعم ، في رواية محمد بن المضارب (5) : لا بأس ببيع العذرة (6).

    [ الجمع بين الروايات المانعة والمجوّزة ]
    وجمع الشيخ بينهما بحمل الأول على عذرة الإنسان ، والثاني على عذرة البهائم (7).
1 ـ النجسة : ساقطة من ش.
2 ـ التذكرة 1 : 464 ، الخلاف 3 : 185 ، كتاب البيوع ، المسألة 310.
3 ـ كذا في ش والمصدر ، وفي سائر النسخ : ثمن العذرة سحت.
4 ـ الوسائل 12 : 126 ، الباب 40 من أبواب ما يكتسب به ، الحديث الأول.
5 ـ كذا في ف ، ش والمصدر ، وفي سائر النسخ : المصادف.
6 ـ الوسائل 12 : 126 ، الباب 40 من أبواب ما يكتسب به ، الحديث 3.
7 ـ الاستبصار 3 : 56 ، ذيل الحديث 182.


(24)
    ولعله لأن الأول نص في عذرة الإنسان ظاهر في غيرها ، بعكس الخبر الثاني ، فيطرح ظاهر كل منهما بنص الآخر.
    ويقرب هذا الجمع رواية سماعة ، قال : سأل رجل أبا عبدالله عليه السلام ـ وأنا حاضر ـ عن بيع العذرة ، فقال : إني رجل أبيع العذرة ، فما تقول ؟ قال : حرام بيعها وثمنها ، وقال : لا بأس ببيع العذرة (1).
    فإن الجمع بين الحكمين في كلام واحد لمخاطب واحد يدل على أن تعارض الأولين ليس إلا من حيث الدلالة ، فلا يرجع فيه إلى المرجحات السندية أو الخارجية.
    وبه يدفع ما يقال : من أن العلاج في الخبرين المتنافيين على وجه التباين الكلي هو الرجوع إلى المرجحات الخارجية ، ثم التخيير أو التوقف ، لا إلغاء ظهور كل منهما ، ولهذا طعن على من جمع بين الأمر والنهي بحمل الأمر على الإباحة والنهي على الكراهة.
    واحتمل السبزواري حمل خبر المنع على الكراهة (2). وفيه ما لا يخفى من البعد.
    وأبعد منه ما عن المجلسي من احتمال حمل خبر المنع على بلاد لا ينتفع به ، والجواز على غيرها (3).
1 ـ الوسائل 12 : 126 ، الباب 40 من أبواب ما يكتسب به ، الحديث 2. وفي النسخ ـ عدا ش ـ : سئل أبو عبد الله.
2 ـ كفاية الأحكام : 84.
3 ـ حكاه العلامة المجلسي في ملاذ الأخيار 10 : 379 ، ذيل الحديث 202 ، عن والده العلامة المجلسي الأول قدس سرهما.


(25)
    ونحوه حمل خبر المنع (1) على التقية ، لكونه مذهب أكثر العامة (2).

    [ الأظهر من وجوه الجمع ]
    والأظهر ماذكره الشيخ رحمه الله (3) ـ لو اريد التبرع بالحمل ـ لكونه أولى من الطرح ، وإلا فرواية الجواز لا يجوز الأخذ بها من وجوه لا تخفى.

    [ وجه ثبوت الحكم في غير عذرة الإنسان ]
    ثم إن لفظ العذرة في الروايات ، إن قلنا : إنه ظاهر في عذرة الإنسان ـ كما حكي التصريح به عن بعض أهل اللغة (4) ـ فثبوت الحكم في غيرها بالأخبار العامة المتقدمة ، وبالإجماع المتقدم (5) على السرجين النجس.
    واستشكل في الكفاية (6) في الحكم تبعا للمقدس الأردبيلي رحمه الله (7) إن لم يثبت الإجماع ، وهو حسن ، إلا أن الإجماع المنقول هو الجابر لضعف سند الأخبار العامة السابقة.
    وربما يستظهر من عبارة الاستبصار القول بجواز بيع عذرة ماعدا الإنسان ، لحمله أخبار المنع على عذرة الإنسان (8). وفيه نظر.
1 ـ في بعض النسخ : النهي.
2 ـ هذا الحمل من المجلسي الأول أيضا ، حسبما حكاه عنه في ملاذ الأخيار 10 : 379.
3 ـ تقدم عنه آنفا.
4 ـ حكاه السيد العاملي في مفتاح الكرامة 4 : 21.
5 ـ تقدم عن التذكرة والخلاف في أول المسألة.
6 ـ لا يخفى أن المحقق السبزواري قدس سره استشكل في ثبوت الاتفاق واستوجه الجواز فيما ينتفع به ، ( انظر كفاية الأحكام : 84 ).
7 ـ مجمع الفائدة 8 : 40.
8 ـ الاستبصار 3 : 56 ، ذيل الحديث 182.

(26)
فرع
    [ حكم بيع الأوراث الطاهرة ]
    الأقوى جواز بيع الأرواث الطاهرة التي ينتفع بها منفعة محللة مقصودة ، وعن الخلاف : نفي الخلاف فيه (1) ، وحكي أيضا عن المرتضى رحمه الله الإجماع عليه (2).
    وعن المفيد : حرمة بيع العذرة والأبوال كلها إلا بول الإبل (3) ، وحكي عن سلار أيضا (4).
    ولا أعرف مستندا لذلك إلا دعوى أن تحريم الخبائث في قوله تعالى : ( ويحرم عليهم الخبائث ) (5) يشمل تحريم بيعها ، وقوله عليه الصلاة والسلام : إن الله إذا حرم شيئا حرم ثمنه (6) ، وما تقدم من رواية دعائم الإسلام (7) ، وغيرها.
    ويرد على الأول : أن المراد ـ بقرينة مقابلته لقوله تعالى : ( يحل لهم الطيبات ) ـ الأكل ، لا مطلق الانتفاع.
    وفي النبوي وغيره ما عرفت من أن الموجب لحرمة الثمن حرمة عين الشيء ، بحيث يدل على تحريم جميع منافعه أو المنافع المقصودة الغالبة ، ومنفعة الروث ليست هي الأكل المحرم فهو كالطين المحرم ، كما عرفت سابقا.
1 ـ الخلاف 3 : 185 ، كتاب البيوع ، المسألة 310.
2 ـ لم نقف عليه في كتب السيد ، لكن حكاه عنه العلامة في المنتهى 2 : 1008.
3 ـ المقنعة : 587.
4 ـ المراسم : 170.
5 ـ الأعراف : 157.
6 ـ عوالي اللآلي 2 : 110 ، الحديث 301.
7 ـ دعائم الإسلام 2 : 18 ، الحديث 23.


(27)
المسألة الثالثة
     [حرمة المعاوضة على الدم النجس ]
    يحرم المعاوضة على الدم بلا خلاف ، بل عن النهاية وشرح الإرشاد ـ لفخر الدين ـ والتنقيح : الإجماع عليه (1) ، ويدل عليه الأخبار السابقة (2).

فرع
    [ حكم بيع الدم الطاهر ]
    وأما الدم الطاهر إذا فرضت له منفعة محللة كالصبغ ـ لو قلنا بجوازه ـ ففي جواز بيعه وجهان ، أقواهما الجواز ، لأنها عين طاهرة ينتفع بها منفعة محللة. وأما مرفوعة الواسطي (3) المتضمنة لمرور أمير المؤمنين عليه السلام
1 ـ نهاية الإحكام 2 : 463 ، التنقيح 2 : 5 ، وأما شرح الإرشاد فلا يوجد لدينا.
2 ـ مثل قوله صلى الله عليه وآله وسلم : إن الله إذا حرم شيئا حرم ثمنه المتقدم آنفا ، وما تقدم من رواية تحف العقول ودعائم الإسلام في أول الكتاب.
3 ـ الوسائل 16 : 359 ، الباب 31 من أبواب ما يحرم من الذبيحة ، الحديث 2.


(28)
بالقصابين ونهيهم عن بيع سبعة : بيع الدم ، والغدد ، وآذان الفؤاد ، والطحال ... إلى آخرها ، فالظاهر إرادة حرمة البيع للأكل ، ولا شك في تحريمه ، لما سيجيء من أن قصد المنفعة المحرمة في المبيع موجب لحرمة البيع ، بل بطلانه. وصرح في التذكرة بعدم جوازبيع الدم الطاهر ، لاستخباثه (1) ، ولعله لعدم المنفعة الظاهرة فيه غير الأكل المحرم.
1 ـ التذكرة 1 : 464.

(29)
المسألة الرابعة
    [ حرمة بيع المنيّ ]
    لا إشكال في حرمة بيع المني ، لنجاسته ، وعدم الانتفاع بهإذا وقع في خارج الرحم ، ولو وقع فيه فكذلك لا ينتفع به المشتري ، لأن الولد نماء الام في الحيوانات عرفا ، وللأب في الإنسان شرعا.
    لكن الظاهر أن حكمهم بتبعية (1) الام متفرع على عدم تملك المني ، وإلا لكان بمنزلة البذر المملوك يتبعه الزرع.
    فالمتعين التعليل بالنجاسة ، لكن قد منع بعض (2) من نجاسته إذا دخل من (3) الباطن إلى الباطن.

    [ بيع العسيب ]
    وقد ذكر العلامة من المحرمات بيع عسيب الفحل (4) ، وهو ماؤه قبل الاستقرار في الرحم ، كما أن الملاقيح هو ماؤه بعد الاستقرار ،
1 ـ ظاهر ف : بتبعيته.
2 ـ لم نقف عليه.
3 ـ في ع ، ص : عن.
4 ـ التحرير1 : 160.


(30)
كما في جامع المقاصد (1) وعن غيره (2). وعلل في الغنية بطلان بيع ما في أصلاب الفحول بالجهالة وعدم القدرة على التسليم (3).
1 ـ حكاه في جامع المقاصد 4 : 53 ، عن الفائق.
2 ـ ونقله السيد العاملي في مفتاح الكرامة 4 : 144 عن جامع المقاصد وحواشي الشهيد قدس سره.
3 ـ الغنية ( الجوامع الفقهية ) : 524.
المكاسب ـ جلد الأول ::: فهرس