|
|||
(181)
ومرجع هذا القول بالنسبة إلى غسالة الثوب إلى أن الغسالة كالمحل بعدها ـ أي بعد
انفصالها عن المحل ـ وبالنسبة إلى الولوغ إلى أنها كهو بعد الغسل (1). كما أن مرجع
القولين بالطهارة مطلقا أو في الصورة الخاصة إلى الاخير أيضا.
وعلى المختار فهل هي كالمحل قبلها حتى إذا كانت غسالة الاولى فأصابت شيئا وجب غسلة العدد وإن كانت غسالة الثانية نقصت واحدة وهكذا ؟ أو كهو قبل الغسل حتى يجب كمال العدد مطلقا ؟ وجهان بل قولان : من أن نجاستها فرع نجاسة المحل فتخف بخفتها وهو خيرة الشهيدين (2) وغيرهما ، ومن أن نجاستها ليست إلا النجاسة التي يجب لها العدد والخفة في المحل إنما هي لنفي الحرج إذ لولاها لم يطهر ، وهو خيرة نهاية الاحكام (3). واحتمل فيها النجاسة مطلقا وكونها كالمحل بعدها حتى أن الغسالة الاخيرة طاهرة وما قبلها ينقص الواجب في المتنجس بها عن الواجب في المحل لان الماء الواحد الغير المتغير لا يختلف أحكام أجزائه طهارة ونجاسة والغسالة الاخيرة لا شبهة في طهارة الباقي منها في المحل وكذا المنفصل وعليها قياس ما قبلها. والاقرب وجوب غسل ملاقيها مرتين مطلقا لو قلنا بوجوبهما في مطلق النجاسات. وأما على الاكتفاء بالمرة فيما لم يرد التعدد فيه ـ كما هو الاشهر الاظهر ـ فالمتجه الاكتفاء بالمرة في الغسالة مطلقا ولو وجب التعدد لذي الغسالة لخصوص نجاسة ـ كالبول والولوغ مثلا ـ لصدق الامتثال وعدم تسمية الغسالة بولا ولا ولوغا ، صرح بما ذكرناه في الروضة (4). ولكن الثاني أحوط. وربما أشعر بالمختار هنا مضمرة عيص (5) لعدم التعرض فيها بغسل ما 1 ـ في نسخة ق « كهو بالنسبة إلى نفسه ». 2 ـ اللمعة الدمشقية ، والروضة البهية : كتاب الطهارة في الغسالة ج 1 ص 310. 3 ـ نهاية الاحكام : كتاب الطهارة في المستعمل في رفع الخبث ج 1 ص 244. 4 ـ الروضة البهية : كتاب الطهارة في الغسالة ج 1 ص 310. 5 ـ وسائل الشيعة : ب 9 من أبواب الماء المضاف ح 14 ج 1 ص 156. (182)
أصابته الغسالة مرتين مع التصريح فيها بكونها غسالة البول ـ وسيأتي اعتبار
المرتين فيه ـ بل اكتفى فيها باطلاق الغسل من دون تفصيل بين كونها من الاولى أو
الثانية.
( عدا ماء الاستنجاء ) للقبل والدبر ، مطلقا ـ كما عن الاكثر ـ أو من الغسلة الثانية ـ كما عن الخلاف ـ إجماعا ، للمعتبرة المستفيضة ، منها : الصحيح ، عن الرجل يقع ثوبه على الماء الذي استنجى به أينجس ذلك ثوبه ؟ قال : لا (1). وظاهره ـ كنفي البأس عنه في الصحيحين (2) والمروي في العلل في تعليله ب « أن الماء أكثر من القذر » (3) الطهارة ، كما هو أظهر القولين في المسألة ، بل عن المنتهى عليه الاجماع (4). والقول الآخر هو العفو عنه من دونها. ولا ثمرة بينهما إلا ما صرح به بعضهم : من جواز التطهير به على الاول دون الثاني. وفي المعتبر (5) والمنتهى الاجماع على عدم رفع الحدث بما تزال به النجاسة مطلقا ، فتنحصر الثمرة في جواز إزالة النجاسة به ثانيا. والاصح الجواز ، لما تقدم ، مع الاصل والعمومات ، مضافا إلى أصالة بقاء المطهرية مطلقا خرج ما خرج وبقي الباقي. ويعتبر فيه مطلقا عدم العلم بتغيره بالنجاسة ووقوعه على نجاسة اخرى خارجة ولو من السبيلين ، ووجهه واضح. 1 ـ وسائل الشيعة : ب 13 من أبواب الماء المضاف ح 5 ج 1 ص 161. 2 ـ المرويين في وسائل الشيعة : ب 13 من أبواب الماء المضاف ج 1 ص 160. 3 ـ علل الشرائع : ب 207 ح 1 ج 1 ص 287. 4 ـ كما في روض الجنان : ص 160. والموجود في المنتهى ( ص 24 ) ما نصه « عفي عن ماء الاستنجاء « من دون إشارة إلى الاجماع. 5 ـ المعتبر : كتاب الطهارة في نجاسة الغسالة ج 1 ص 90. 6 ـ منتهى المطلب : كتاب الطهارة في المنفصل من غسالة النجس ج 1 ص 24 س 22. (183)
وربما اعتبر امور اخر ، كعدم انفصال أجزاء من النجاسة متميزة مع الماء ، وعدم سبق
اليد محل النجو على الماء ، وهو أحوط.
( ولا ) يجوز أن ( يغتسل بغسالة الحمام ) وهي الجية ، وفاقا لاكثر الاصحاب ، بل عليه الاجماع في كلام بعضهم (1) ، لاصالة بقاء التكليف ، وللروايات المنجبرة ضعفها بالشهرة ، مع أن فيها الموثق المروي في العلل : إياك أن تغتسل من غسالة الحمام ! ففيها يجتمع غسالة اليهودي والنصراني والمجوسي والناصب لنا أهل البيت وهو شرهم ، فان الله تبارك وتعالى لم يخلق خلقا أنجس من الكلب وإن الناصب لنا أهل البيت لا نجس منه (2). ويستفاد منه كبواقي الروايات أن العلة في المنع عن الغسل النجاسة. ولعله لذا منع بعضهم من الاستعمال مطلقا وعليه ادعي الاجماع (3) ، وينزل عليه كلام من خص المنع عن الغسل ـ كما في المتن وغيره ـ أو التطهير ـ كما في بعض العبارات ـ بالذكر ، كما يشعر به أيضا بعضها من حيث تضمنه للتعليل الوارد في الروايات ، وبها صرح بعض متأخري الاصحاب (4). فينبغي تخصيص المنع بعدم العلم بالطهارة واحتمال تحقق الامور المذكورة ، كما يشير إليه قوله كغيره : ( إلا أن يعلم خلوها من النجاسة ) وعليه ينزل بعض العبارات المانعة من استعمالها مطلقا. وقوى جماعة من المتأخرين كالمصنف في المعتبر الطهارة (5) ، للاصل والعمومات ، وضعف الاخبار المانعة مع احتمال اختصاصها بما علم اشتماله على الغسالات المذكورة فيها ، ومنع الاجماع المدعي. وهو قوي ويؤيده المعتبرة ، 1 ـ كما في السرائر : كتاب الطهارة باب المياه وأحكامها ج 1 ص 91. 2 ـ علل الشرايع : ب 220 ح 1 ج 1 ص 292. 3 ـ الظاهر أن المراد به ابن إدريس أيضا ، تقدم في الرقم (1). 4 ـ صرح بها الفاضل الهندي ـ رحمه الله ـ في كشفه : ج 1 ص 34 س 11. 5 ـ المعتبر : كتاب الطهارة في غسالة الحمام ج 1 ص 92. (184)
ففي الصحيح ، الحمام يغتسل فيه الجنب وغيره ، يغتسل من مائه ؟ قال : نعم لا بأس أن
يغتسل منه الجنب ، ولقد اغتسلت فيه ثم جئت فغسلت رجلي وما غسلتهما إلا مما لزق بهما
من التراب (1).
وفيه : قال : رأيت أبا جعفر ـ عليه السلام ـ جائيا من الحمام وبينه وبين داره قذر ، فقال : لو لا ما بيني وبين داري ما غسلت رجلي ولا تجنبت ماء الحمام (2). وبمعناه الخبر الموثق ، وزيد فيه « لا يغسل رجله حتى يصلي » (3). وحمل الحمام فيها على الغالب يأبى عن حملها على حمام علم طهارة أرضه ، مع أنه نفى البأس عن غسالته إذا أصابت الثوب في المرسل (4) من دون استفصال. وكيف كان : فينبغي القطع بعدم جواز التطهير به مطلقا مع عدم العلم بطهارته. وأما سائر الاستعمالات فالجواز قوي ، لكن الاجتناب أحوط. ( ويكره الطهارة ) بل مطلق الاستعمال على الاصح وفاقا للنهاية (5) والمهذب (6) والجامع (7) ( بماء اسخن بالشمس ) قصدا خاصة كما هو ظاهر المتن وعن السرائر (8) والجامع (9) والخلاف (10) أو أسخنته مطلقا كما عن المبسوط (11) 1 ـ وسائل الشيعة : ب 7 من أبواب الماء المطلق ح 2 ج 1 ص 111. 2 ـ وسائل الشيعة : ب 7 من ابواب الماء المطلق ح 3 ج 1 ص 111. 3 ـ وسائل الشيعة : ب 9 من أبواب الماء المضاف ح 2 ج 1 ص 153. 4 ـ وسائل الشيعة : ب 9 من أبواب الماء المضاف ح 9 ج 1 ص 154. 5 ـ النهاية : كتاب الطهارة باب المياه وأحكامها ص 9. 6 ـ المهذب : كتاب الطهارة باب المياه وأحكامها ج 1 ص 27. 7 ـ الجامع للشرائع : كتاب الطهارة : باب المياه ص 20. 8 ـ السرائر : كتاب الطهارة باب المياه وأحكامها ج 1 ص 95. 9 ـ الجامع للشرائع : كتاب الطهارة باب المياه ص 20. 10 ـ الخلاف : كتاب الطهارة م 4 في جواز الوضوء بالماء المسخن ج 1 ص 54. 11 ـ المبسوط : كتاب الطهارة باب المياه وأحكامها ج 1 ص 9. (185)
ونهاية الاحكام (1). وهو مع تعميم الكراهة في مطلق الاستعمال أوفق بظاهر
النصوص ، للتعليل فيها بإيراثه البرص ، ولا مدخل للقصد والاستعمال الخاص فيه ، ففي
الخبر : الماء الذي تسخنه الشمس لا توضؤوا به ولا تغتسلوا به ولا تعجنوا به ، فانه
يورث البرص (2).
وفي النبوي ـ صلى الله عليه وآله ـ في الواضعة قمقمتها في الشمس لتغسل رأسها وجسدها : لا تعودي فانه يورث البرص (3). والاصل مع ضعف السند مانع عن حمل النهي على الحرمة ، مع ما عن الخلاف من دعوى الاجماع على الكراهة (4). هذا ، وفي المرسل : لا بأس بأن يتوضأ بالماء الذي يوضع في الشمس (5). وظاهر الاول الكراهة ( في الآنية ) وغيرها من الانهار والمصانع ونحوها ، إلا أنه ينبغي تخصيصها بها ، كما في المتن وعن النهاية (6) والسرائر (7) ، لما عن التذكرة (8) ونهاية الاحكام (9) من الاجماع على نفيها في غيرها. والظاهر العموم في كل بلد وآنية ، كما قطع به في التذكرة (10) أخذا بعموم النص والفتاوى. وربما خص بالبلاد الحارة والاواني المنطبعة لاعتبارات في مقابلة ما ذكرناه غير مسموعة ، سيما والمقام مقام كراهة يكتفي فيها بالاحتمالات 1 ـ نهاية الاحكام : كتاب الطهارة في الماء المطلق ج 1 ص 226. 2 ـ وسائل الشيعة : ب 6 من أبواب الماء المضاف ح 2 ج 1 ص 150. 3 ـ وسائل الشيعة : ب 6 من أبواب الماء المضاف ح 1 ج 1 ص 150. 4 ـ الخلاف : كتاب الطهارة م 4 في جواز الوضوء بالماء المسخن ج 1 ص 54. 5 ـ وسائل الشيعة : ب 6 من أبواب الماء المضاف ح 3 ج 1 ص 151. 6 ـ النهاية : كتاب الطهارة باب المياه وأحكامها ص 9. 7 ـ السرائر : كتاب الطهارة باب المياه وأحكامها ج 1 ص 95. 8 ـ تذكرة الفقهاء : كتاب الطهارة في الماء المطلق ج 1 ص 3 س 5. 9 ـ نهاية الاحكام : كتاب الطهارة في الماء المطلق ج 1 ص 226. 10 ـ تذكرة الفقهاء : كتاب الطهارة في الماء المطلق ج 1 ص 3 س 6 و 7. (186)
ولو كانت بعيدة.
وفي زوال الكراهة بزوال السخونة وجهان ، الاظهر العدم أخذا بإطلاق النص والفتوى معتضدا بالاصل والمسامحة في أدلتها ، وفاقا لمستظهر المنتهى (1) ومحتمل التذكرة (2) ومقطوع الذكرى (3). ( و ) يكره أيضا الطهارة ( بماء اسخن بالنار في غسل الاموات ) إجماعا كما عن الخلاف (4) والمنتهى (5) ، للنصوص ، منها ، الصحيح ، لا يسخن الماء للميت (6). وفي الحسن : لا يقرب الميت ماء حميما (7). إلا مع الحاجة كشدة البرد المتعذر والمتعسر معه التغسيل أو إسباغه على ما قيل ، للرضوي : ولا يسخن له ماء إلا أن يكون باردا جدا فتوقى الميت مما توقى منه نفسك (8). ورواه في الفقيه مرسلا (9). وينبغي الاقتصار في السخونة على ما تندفع به الضرورة ، ذكره المفيد (10) وبعض القدماء (11) وفي آخر الرضوي المتقدم : ولا يكون حارا شديدا وليكن فاترا. وربما يلحق بالضرورة إسخانه لتليين أعضائه وأصابعه. وروبما يستفاد من 1 ـ منتهى المطلب : كتاب الطهارة في الماء المطلق ج 1 ص 5 س 32. 2 ـ تذكرة الفقهاء : كتاب الطهارة في الماء المطلق ج 1 ص 3 س 6 و 7. 3 ـ ذكرى الشيعة : كتاب الصلاة في زوال أحد الاوصاف ص 8 س 18 ـ 20. 4 ـ الخلاف : كتاب الجنائز م 470 في كراهة ان يغسل الميت بماء مسخن ج 1 ص 692. 5 ـ منتهى المطلب : كتاب الصلاة في تغسيل الميت ج 1 ص 430 س 10. 6 و 7 ـ وسائل الشيعة : ب 10 من أبواب غسل الميت ح 1 و 2 ج 2 ص 693. 8 ـ فقه الرضا ( عليه السلام ) : ب 22 غسل الميت وتكفينه ص 167. 9 ـ من لا يحضرة الفقيه : باب غسل الميت ح 394 و 395 ج 1 ص 142. 10 ـ المقنعة : كتاب الطهارة ب 13 في تلقين المختصرين و ... ص 82. 11 ـ علي بن بابويه في رسالته ، على ما نقله الفاضل الهندي في كشفه : ج 1 ص 33 السطر ما قبل الاخير. (187)
بعض العبارات تجويزه لذلك من دونها ، لخروجه عن الغسل. وهو محجوج بإطلاق النصوص
المانعة من دون تعليق للكراهة على التغسيل ، مع ظهور التعليل في الرضوي المتقدم فيه.
وبما ذكر ظهر ما في الالحاق ، فتأمل.
( وأما الاسآر ) وهي جمع سؤر ، وهو في اللغة : البقية من كل شيء ، أو ما يبقيه المتناول من الطعام والشراب ، أو من الماء خاصة مع القلة ، فلا يقال لما يبقى في النهر أو البئر أو الحياض الكبار إذا شرب منها. والمراد به هنا ـ على ما يظهر من الفتاوى في الباب وبه صرح جمع منهم ـ ماء قليل باشره جسم حيوان. ويشهد به بعض الاخبار ، ففي موثقة عيص : عن سؤر الحائض ؟ قال : توضأ منه وتوضأ من سؤر الجنب إذا كانت مأمونة وتغسل يدها قبل أن تدخلها الاناء ، وقد كان رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ هو وعائشة يغتسلان في إناء واحد (1) فتأمل. ( فكلها طاهرة ) إجماعا كما عن الغنية (2) ، للاصل والعمومات. وإن كره بعضها كسؤر الحائض مطلقا كما عن الاسكافي (3) والمصباح (4) والمبسوط (5) ، لاطلاق النهي عنه في الخبرين ، مع ظهور القريب من الصحيح في الكافي (6) فيه ، وإن روى في التهذيبين بنحو يتوهم منه التقييد بغير 1 ـ الاستبصار : كتاب الطهارة ب 7 في استعمال فضل وضوء الحائض و ... ح 2 ج 1 ص 17 مع اختلاف يسير ، لكن في الكافي : كتاب الطهارة باب الوضوء من سؤر الحائض و ... ح 2 ج 3 ص 10 ، « لا توضأ منه ». 2 ـ غنية النزوع ( الجوامع الفقهية ) : كتاب الطهارة في النجاسات ص 489 س 24. 3 ـ كما في كشف اللثام : كتاب الطهارة في الماء المضاف ج 1 ص 31 س 16. 4 ـ كما في المعتبر : كتاب الطهارة في الاسآر ج 1 ص 99. 5 ـ المبسوط : كتاب الطهارة : باب المياه وأحكامها ج 1 ص 10. 6 ـ الكافي : كتاب الطهارة في الوضوء من سؤر الحائض و ... ح 1 ج 3 ص 10. (188)
المأمونة (1) كما في الشرائع (2) وعن المقنعة (3) والمراسم (4) والجامع (5)
والمهذب (6) ، ودل عليه الموثق : في الرجل يتوضأ بفضل وضوء الحائض ؟ فقال : إذا كانت
مأمونة فلا بأس (7).
وهذا هو الاوفق بالاصل سيما مع اعتضاده بالشهرة ، فيقيد به إطلاق الخبرين. والظاهر في الاطلاق لا يقاومه ، سيما مع اختلاف نسخه. ولكن الاول غير بعيد بالنظر إلى الاحتياط من باب المسامحة في أدلة السنن. وربما نيطت الكراهة في القواعد (8) وكذا عن النهاية (9) والوسيلة (10) والسرائر (11) بالمتهمة ، ولا إشعار به في الاخبار ، لعدم التلازم بين المتهمة وغير المأمونة ، فإن المتبادر من « المأمونة »من ظن تحفظها من النجاسات ، ونقيضها من لم يظن بها ذلك ، وهو أعم من المتهمة والمجهولة. ثم إن غاية ما يستفاد من الاخبار كراهة الوضوء لا مطلق الاستعمال ، بل المستفاد من بعضها عدم كراهة الشرب ، فالتعميم وغير واضح ، ولكن المسامحة في أدلة الكراهة يقتضي لنا ذلك بل الظاهر الانفاق عليه ، ولعله كاف ولو قلنا بعدمها. 1 ـ تهذيب الاحكام : ب 10 في المياه واحكامها ح 16 ج 1 ص 222. والاستبصار كتاب الطهارة ب 7 في استعمال فضل وضوء الحائض و ... ح 2 ج 1 ص 17. 2 ـ شرائع الاسلام : كتاب الطهارة في الاسآر ج 1 ص 16. 3 ـ المقنعة : كتاب الصيد والذبائح والاطعمة ب 2 في الذبائح والاطعمة ص 584. 4 ـ المراسم : كتاب الطهارة فيما يتطهر به وهو المياه ص 37. 5 ـ الجامع للشرائع : كتاب الطهارة باب المياه ص 20. 6 ـ المهذب : كتاب الاطعمة والاشربة باب اقسام الاطعمة والاشربة ج 2 ص 430. 7 ـ وسائل الشيعة : ب 8 من ابواب الاسئار ح 5 ج 1 ص 170. 8 ـ قواعد الاحكام : كتاب الطهارة في المضاف والاسآر ج 1 ص 99. 9 ـ النهاية : كتاب الطهارة باب المياه وأحكامها ص 4. 10 ـ الوسيلة : كتاب الصلاة في بيان أحكام المياه ص 76. 11 ـ السرائر : كتاب الطهارة باب المياه وأحكامها ج 1 ص 62. (189)
لكن عن المقنع المنع عن الوضوء والشرب من سؤرها مطلقا (1). وهو جيد لكن لا على
إطلاقه ، بل على التفصيل المتقدم لو لم ينعقد الاجماع على خلافه ، فتأمل.
وربما الحق بها كل من لا يؤمن كما عن الشيخين (2) والحلي (3) والبيان (4) والمصنف في الاطعمة (5) للاحتياط وفحوى الاخبار الناهية عن سؤرها ، وبخصوص سؤر الجنب الغير المأمون خبر عيص. وهو غير بعيد. وكسؤر الحمير والخيل والبغال على المشهور ، للموثق : هل يشرب سؤر شئ من الدواب ويتوضأ منه ؟ فقال : أما الابل والبقر والغنم فلا بأس (6). وقريب منه غيره (7). ولو لا الشهرة وتجويز المسامحة في أدلة الكراهة لكان القول بنفيها في غاية القوة ، للمعتبرة المستفيضة التي أكثرها صحاح وموثقة ، ومع ذلك صريحة الدلالة ، ففي الصحيح : عن فضل الهرة والشاة والبقرة والابل والحمار والخيل والبغال والوحش والسباع ؟ ولم أترك شيئا إلا سألته عنه ، فقال : لا بأس الحديث (8) وكسؤر الدجاجة ، كما عن الشيخ مطلقا (9) وعن المصنف المعتبر (10) في 1 ـ المقنع ( الجوامع الفقهية ) : كتاب الطهارة باب الوضوء ص 3 س 11. 2 ـ المقنعة : كتاب الصيد والذبائح والاطعمة ب 2 ص 584. والنهاية : كتاب الاطعمة والاشربة ص 589. 3 ـ السرائر : كتاب الاطعمة والاشربة باب الاطعمة المخطورة والمباحة ج 3 ص 123. 4 ـ البيان : كتاب الطهارة في المضاف والاسآر ص 46. 5 ـ شرائع الاسلام : كتاب الاطعمة والاشربة في اللواحق ج 3 ص 228. 6 ـ وسائل الشيعة : ب 5 من أبواب الاسآر ح 3 ج 1 ص 167. 7 ـ الظاهر أن المراد به الحديث 5 من الباب. 8 ـ وسائل الشيعة : ب 1 من ابواب الاسآر ح 4 ج 1 ص 163. 9 ـ المبسوط : كتاب الطهارة باب المياه وأحكامها ج 1 ص 10. 10 ـ المعتبر : كتاب الطهارة في الاسآر ج 1 ص 100. (190)
الجملة ، لعلة ضعيفة في مقابلة الاصل والمعتبرة المستفيضة ، ففي الصحيح : لا بأس
بأن يتوضأ مما يشرب منه ما يؤكل لحمه (1). وفي معناه الموثق (2).
وفي مثله : عن ماء شربت منه الدجاجة ؟ قال : إن كان في منقارها قذر لم يتوضأ منه ولم يشرب ، وإن لم تعلم أن في منقارها قذرا توضأ منه واشرب (3). وقال : كل ما يؤكل لحمه فليتوضأ منه وليشرب (4). وفي الخبر : فضل الحمامة والدجاجة لا بأس به ، والطير (5). ومع هذا فالكراهة غير بعيدة بالنظر إلى المسامحة وفحاوى المعتبرة في الحائض المتهمة ، فتأمل. ( عدا سؤر الكلب ) في الجملة ( والخنزير والكافر ) وتفصيل الكلام فيها يأتي في بحث أحكام النجاسات. ( وفي ) طهارة ( سؤر ما لا يؤكل لحمه ) أم نجاسته ( قولان ) الاشهر الاول مع الكراهة ، تمسكا في الاول بالاصل والعمومات ، والمعتبرة الواردة بطهارة كثير مما وقع فيه النزاع ، كالصحيح المتقدم في الحمول الثلاثة (6) ، والصحاح في سؤر السنور معللا في بعضها بأنها من السباع (7) وهو مشعر بالتعميم فيها ، والصحيح في سؤر الفأرة (8) والموثق : عما يشرب منه باز أو صقر أو عقاب ؟ فقال : كل شيء من الطير يتوضأ مما يشرب منه ، إلا أن ترى في منقاره دما ، فان رأيت في منقاره دما فلا توضأ منه ولا تشرب (9). 1 ـ وسائل الشيعة : ب 5 من أبواب الاسآر ح 1 ج 1 ص 167. 2 ـ وسائل الشيعة : ب 4 من أبواب الاسار ج 3 و 4 و 1 ج 1 ص 166. 3 و 4 و 5 ـ وسائل الشيعة : ب 4 من أبواب الاسار ح 3 و 4 و 1 ج 1 ص 166. 6 ـ تقدم في ص 64. 7 ـ وسائل الشيعة : ب 2 من أبواب الاسآر ح 3 ج 1 ص 164. 8 ـ وسائل الشيعة : ب 9 من أبواب الاسآر ح 2 ج 1 ص 171. 9 ـ وسائل الشيعة : ب 4 من أبواب الاسآر ح 2 ج 1 ص 166. (191)
وفي الثاني بالاحتياط ، والمرسل « إنه كان يكره سؤر كل شيء لا يؤكل لحمه « (1)
ومفهوم الموثق الآتي.
خلافا للمبسوط (2) والحلي (3) في الانسي منه ، فمنعا منه عدا ما لا يمكن التحرز عنه ـ لكن في الاول لم ينص على النجاسة بل إنما منع عن الاستعمال خاصة ، وهو أعم منها ـ للموثق : عن ماء شرب منه الحمام ؟ فقال : كل ما يؤكل لحمه يتوضأ من سؤره ويشرب منه (4). وهو مع قصوره سندا عن المقاومة لما تقدم لا دلالة له فيه إلا بالمفهوم الضعيف. ( وكذا في ) طهارة ( سؤر المسوخ ) قولان : الاشهر هنا أيضا الكراهة ، لعين ما تقدم. خلافا لمن شذ ، ودليله غيره واضح. ( وكذا ) الكلام في ( ما أكل الجيف مع خلو موضع الملاقاة عن النجاسة ) (5) والجلال. وما تقدم من الخبر في الباز والصقر والعقاب كالصريح في رفع المنع في الاول واختصاصه بوجود أثر الدم خاصة ، ومع ذلك فدليل المنع فيهما غير واضح ، فخلاف من شذ ضعيف. ( والطهارة في الكل ) لما ذكرنا ( أظهر ) وإن كره ، لما تقدم. ( وفي نجاسة الماء بما لا يدركه الطرف من الدم قولان : أحوطهما النجاسة ) تقدم الكلام في المقام في مسألة القليل الراكد ، وربما أشعر كلام المصنف بالطهارة ، وهو ضعيف. ( ولو نجس أحد الاناءين ) مثلا فاشتبه بالآخر ( ولم يتعين اجتنب 1 ـ وسائل الشيعة : ب 5 من أبواب الاسآر ح 2 ج 1 ص 167. 2 ـ المبسوط : كتاب الطهارة باب المياه وأحكامها ج 1 ص 10 3 ـ السرائر : كتاب الطهارة باب المياه وأحكامها ج 1 ص 85. 4 ـ وسائل الشيعة : ب 4 من أبواب الاسار ح 2 ج 1 ص 166 ، مع اختلاف يسير. 5 ـ في المتن المطبوع « من عين النجاسة ». (192)
ماؤهما ) إجماعا ، كما عن صريح الخلاف (1) والغنية (2) والمعتبر (3) والتذكرة (4) ونهاية الاحكام للعلامة (5) والمختلف (6) وظاهر السرائر (7) ، ولتوقف الاجتناب
عن النجس الواجب على الاجتناب عنهما ، وللموثقين : عن رجل معه إناءان فيهما ماء ، وقع
في أحدهما قذر لا يدري أيهما هو وليس يقدر على ماء غيره ؟ قال : يهريقهما ويتيمم (8).
وفي وجوب إلاراقة مطلقا كما عن الشيخين (9) لظاهر الخبرين ، أو بشرط إرادة التيمم ليتحقق فقدان الماء الموجب له كما عن ظاهر الصدوقين (10) ، أو العدم مطلقا كما هو ظاهر الاكثر ـ ومنهم الفاضلان (11) والحلي (12) ـ للاصل وقوة احتمال إرادة الكناية عن النجاسة في الخبرين ـ لورود الامر بالاراقة في كثير من المياه القليلة الراكدة بوقوع النجاسة فيها مع عدم كونه فيها للوجوب قطعا ـ أقوال. ولعل الاخير أقرب وإن كان ما عداه أحوط. ولو لاقى ماء أحدهما طاهرا فا لظاهر بقاؤه على الطهارة ، للاصل مع عدم المانع. وكونهما في حكم النجس يراد به المنع من الاستعمال خاصة ، فاندفع 1 ـ الخلاف : كتاب الطهارة م 153 في حكم الاناء المشتبه ج 1 ص 196. 2 ـ غنية النزوع ( الجوامع الفقهية ) : كتاب الطهارة في ما يحصل به الطهارة ص 490 س 29 ـ 31. 3 ـ المعتبر : كتاب الطهارة : في الشبهة المحصورة ج 1 ص 103. 4 ـ تذكرة الفقهاء : كتاب الطهارة في الشبهة المحصورة ج 1 ص 10 س 6. 5 ـ نهاية الاحكام : كتاب الطهارة في الماء المشتبه بالنجس ج 1 ص 248. 6 ـ مختلف الشيعة : كتاب الطهارة في الاناءين المشتبه أحدهما بالنجاسة ج 1 ص 16 س 1. 7 و 12 ـ السرائر : كتاب الطهارة باب المياه وأحكامها ج 1 ص 85. 8 ـ وسائل الشيعة : ب 8 من أبواب الماء المطلق ح 2 و 14 ج 1 ص 113 و 116. 9 ـ المقنعة : كتاب الطهارة ب 10 في المياه وأحكامها ص 65. والنهاية : كتاب الطهارة باب المياه وأحكامها ص 4. 10 ـ من لا يحضره الفقيه : باب المياه وطهرها ونجاستها ح 3 ج 1 ص 7. 11 ـ المعتبر : كتاب الطهارة في الشبهة المحصورة ج 1 ص 104 ومختلف الشيعة : كتاب الطهارة في الشبهة المحصورة ج 1 ص 16 س 2. (193)
القول بخلافهما من هذه الجهة.
وفي حكمه المشتبه بالمغصوب ، للدليل الثاني ، مع عدم ظهور الخلاف فيه. ولا كذلك المشتبه بالمضاف ، فيجب الطهارة بكل منهما ثم الصلاة. ومع انقلاب أحدهما يجمع بين التيمم مع الطهارة بالباقي مخيرا في تقديم أيهما شاء ، وإن كان الاحوط تقديم الطهارة ثم الاتيان بالتيمم ، كما قيل. ولو اشتبه الاناء المتيقن طهارته بأحد الاناءين المشتبهين بالنجاسة أو المغصوب اتجه المنع من استعمالها من باب المقدمة ، وفاقا للمنتهى (1). ولا كذلك لو اشتبه بالاناء المشكوك في نجاسته من حيث الشك في ملاقاته النجاسة ، لجواز الاستعمال به ، للاصل ، فاستعمال المشتبه به أولى ، ولا ريب فيما ذكرناه ، بل ولا خلاف. ولكن في ثبوت نجاسته بظن الملاقاة مطلقا أو بشرط كونه معتبرا شرعا أو العدم مطلقا ، أقوال أقواها الاخير وأحوطها الثاني وفي الاول احتياط. ( وكل ماء حكم بنجاسته ) شرعا ولو بالاشتباه بالنجس ( لم يجز استعماله ) في الطهارة مطلقا والشرب اختيارا إجماعا. والمراد بعدم الجواز بالنسبة إلى الاخير مطلقا (2) من التحريم قطعا ، وكذا بالنسبة إلى الاول مع اعتقاد حصولهما به ، لاستلزامه التشريع المحرم ، ومع عدمه فالظاهر عدمه ، بل المراد منه حينئذ عدم الاعتداد به ، إذ لا دليل للمعنى الاول هنا. ( ولو اضطر معه إلى الطهارة تيمم ) لدفع الضرورة هنا به ، بخلاف ما لو اضطر معه إلى شربه ، لعدم المندوحة عنه وعدم اندفاعها إلا به. 1 ـ منتهى المطلب : كتاب الطهارة في الاناءين المشتبهين ج 1 ص 30 س 27. 2 ـ كذا في المطبوعة وفي المخطوطتين « ظاهر من التحريم « ولا يخفى عدم سلاسة كليهما. (194)
( الركن الثاني في الطهارة المائية )
( وهي وضوء وغسل ، والوضوء يستدعي بيان امور ) : ( الاول : في موجباته ) الباعثه لخطاب المكلف بالطهارة وجوبا أو ندبا لمشروط بها فعله أو كماله أولا له وإن حدثت قبل التكليف. ( وهي خروج البول والغائط والريح من الموضع ) الطبيعي ( المعتاد ) خروجه منه لعامة الناس وإن لم يحصل الاعتياد ، بالاجماع كما عن المعتبر (1) والمنتهى (2) وغيرهما ، والصحاح المستفيضة. منها : لا ينقض الوضوء إلا ما خرج من طرفيك ، أو النوم (3) ومنها : لا يوجب الوضوء إلا غائط أو بول أو ضرطة تسمع صوتها أو فسوة تجد ريحها (4). وتقييد الريح الناقض في هذا الصحيح بأحد الامرين المذكورين محمول على صورة حصول الشك بدونهما ، وأما مع التيقن فلا ريب في عدم اعتباره وناقضيته مطلقا ، وللرضوي : فان شككت في ريح أنها خرجت منك أو لم تخرج فلا تنقض من أجلها الوضوء ، إلا أن تسمع صوتها أو تجد ريحها ، فإذا استيقنت 1 ـ المعتبر : كتاب الطهارة في موجبات الوضوء ج 1 ص 106. 2 ـ منتهى المطلب : كتاب الطهارة في موجبات الوضوء ج 1 ص 31 س 14. 3 ـ وسائل الشيعة : ب 2 من أبواب نواقض الوضوء ح 1 ج 1 ص 177. 4 ـ وسائل الشيعة : ب 1 من أبواب نواقض الوضوء ح 2 ج 1 ص 175. (195)
أنها خرجت منك فأعد الوضوء سمعت وقعها أو لم تسمع وشممت ريحها أو لم تشم (1).
وفي رواية علي بن جعفر رواها في كتابه : أنه سأل أخاه عن رجل يكون في صلاته فيعلم أن ريحا قد خرجت منه ولا يجد ريحها ولا يسمع صوتها ؟ قال : يعيد الوضوء والصلاة ولا يعتد بشئ مما صلى إذا علم ذلك يقينا (2). وفي حكمه ما لو اتفق المخرج في غيره خلقة أو انسد الطبيعي وانفتح غيره ، وعليه الاجماع في المنتهى (3) ، وظاهره عدم اعتبار الاعتياد فيه فينقض الخارج ولو مرة. وفي ناقضية الخارج من غيره مع عدم انسداده ، أقوال : أشهرها نعم مع الاعتياد ولا مع العدم. وقيل بالاول مع الخروج من تحت المعدة وبالثاني مع الخروج من فوقها مطلقا (4). والقول بالعدم مطلقا قوي ، للاصل وفقد المانع ، لعدم عموم في الاخبار ويشمل ما نحن فيه ، وضعف حجج الاقوال الاخر ، ولكن الاحتياط واضح ، بحمد الله وسبحانه. وفي اعتبار الاعتياد في نفس الخروج ـ حتى لو خرجت المقعدة ملوثة بالغائط ثم عادت ولم ينفصل لم يوجب ـ أو العدم ، إشكال ، والاصل مع فقد العموم في الاخبار وتبادر الخروج المعتاد من المطلقات يقتضي العدم ، وبه صرح بعض المحققين (5) وفاقا للذكرى (6). والمعتاد للريح هو الدبر ، فلا يوجبه الخارج منه من القبل مطلقا ، وفاقا 1 ـ فقه الرضا : ص 67. 2 ـ قرب الاسناد : ص 92 س 13. 3 ـ منتهى المطلب : كتاب الطهارة في موجبات الوضوء ج 1 ص 32 س 5 و 6. 4 ـ اختاره الشيخ في الخلاف : كتاب الطهارة م 58 ج 1 ص 115 والمبسوط : ج 1 ص 27. 5 ـ هو السيد السند ـ قدس سره ـ في مدارك الاحكام ص 22 س 1. 6 ـ ذكرى الشيعة : الاسباب الموجبة للطهارة ص 26 س 6. |
|||
|