|
|||
(271)
بالمأثور في الخبر (1).
( و ) التاسع : اسباغ ( الوضوء بمد ) باجماعنا وأكثر أهل العلم ، كما عن التذكرة (2). وعليه تدل الاخبار المستفيضة ، ففي الصحيح : كان رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ يتوضأ بمد ويغتسل بصاع (3). خلافا لبعض من أوجبه من العامة (4). ويضعفه بعد الاجماع ما تقدم من الاخبار في إجزاء مثل الدهن. وليس في استحبابه دلالة على وجوب غسل الرجلين بناء على زيادته عن ماء الوضوء مع مسحهما ـ كما توهمته العامة ـ (5) لمنعها على تقدير استحباب كل من المضمضة والاستنشاق ثلاثا وتعدد الغسلات مرتين مع غسل اليدين مرة أو مرتين ـ كما تقدم ـ فان مجموع ذلك يبلغ ثلاث عشرة كفا أو أربع عشرة ، والمد لا يزيد عن ذلك ، لكونه رطلا ونصفا بالمدني ، كما في الصحيح (6) ، بحمل الارطال فيه عليه إجماعا ، مع تأيده بكونه رطل بلد الامام ـ عليه السلام ـ المذكور فيه ، فيكون رطلين وربعا بالعراقي. والرطل مائة وثلاثون درهما على الاشهر ـ كما تقدم في بحث الكر ـ والدرهم ستة دوانيق باتفاق الخاصة والعامة ونص أهل اللغة ، والدانق ثمان حبات من أوسط حب الشعير بلا خلاف منا. والخبر الوارد بخلافه (7) مع شذوذه ضعيف بجهالة الراوي ، فيكون المد على ما قلناه وزن ربع من تبريزي واف. 1 ـ وسائل الشيعة : ب 16 من أبواب الوضوء ح 1 ج 1 ص 282. 2 ـ تذكرة الفقهاء : كتاب الطهارة في مندوبات الوضوء ج 1 ص 21 س 16. 3 ـ وسائل الشيعة : ب 50 من أبواب الوضوء ح 1 ج 1 ص 338. 4 ـ المبسوط للسرخسي : باب الوضوء والغسل ج 1 ص 45 س 7. 5 ـ لم أظفر على مأخذه. 6 ـ وسائل الشيعة : ب 50 من أبواب الوضوء ح 1 ج 1 ص 338. 7 ـ وسائل الشيعة : ب 50 من أبواب الوضوء ح 3 ج 1 ص 338. (272)
نعم : يشكل ذلك على القول بعدم استحباب الاولين أو الثالث ، وربما يؤول حينئذ
بدخول ماء الاستنجاء فيه. ولكنه بعيد وإن استشهد له ببعض الاخبار (1) ، ففيه شهادة
حينئذ على استحباب الامرين مع التثليث في كل من الاولين.
( و ) العاشر : ( السواك ) أي دلك الاسنان بعود وشبهه ، ومنه الاصبع ، كما في الخبر : السواك بالمسبحة والابهام عند الوضوء سواك (2). ولكن في الصحيح : في الرجل يستاك بيده إذا قام إلى الصلاة وهو يقدر على السواك ؟ قال : إذا خاف الصبح فلا بأس (3) ( عنده ) أي قبل الوضوء. فان لم يفعل فبعده ، للخبر : الاستياك قبل أن يتوضأ ، قال : أرأيت إن نسي حتى يتوضأ ؟ قال : يستاك ثم يتمضمض ثلاث مرات (4). ولعله مراد النفلية باستحبابه قبله وبعده (5). ويحتمل إرادة الظاهر ، لاطلاق النصوص باستحبابه لكل صلاة أو عندها إلا أن الظاهر أن المأتي به قبل وضوء كل صلاة يكون لها أو عندها ، فلا تكرار. والاولى تقديمه على غسل اليدين كما استظهره في الذكرى (6) وجعله الشيخ في بعض كتبه أفضل (7). وظاهر المتن كغيره كونه من سنن الوضوء ، كما في الخبر « السواك شطر الوضوء » (8) وليس فيما دل على استحبابه على الاطلاق 1 ـ وسائل الشيعة : ب 16 من أبواب الوضوء ح 1 ج 1 ص 282 وب 15 من أبواب الوضوء ح 8 ج 1 ص 275. 2 ـ وسائل الشيعة : ب 9 من ابواب السواك ح 4 ج 1 ص 359 ، مع تفاوت. 3 ـ وسائل الشيعة : ب 9 من أبواب السواك ح 1 ج 1 ص 358. 4 ـ وسائل الشيعة : ب 4 من أبواب السواك ح 1 ج 1 ص 354. 5 ـ النفلية : الفصل الاول في سنن المقدمات ص 93. 6 ـ ذكرى الشيعة : كتاب الصلاة في مستحبات الوضوء ص 93 س 23. 7 ـ عمل اليوم والليلة ( الرسائل العشر ) : في بيان الطهارة ص 142. 8 ـ وسائل الشيعة : ب 3 من أبواب السواك ح 3 ج 1 ص 354. (273)
حتى فيمن لم يتمكن منه منافاة لذلك. خلافا لنهاية الاحكام ، فاحتمل كونه سنة
برأسها (1) ، فتأمل.
والمستند في شرعيته مطلقا وفي خصوص المقام الاجماع والنصوص بالعموم والخصوص ، فمن الاول الصحيح النبوي « ما زال جبرئيل ـ عليه السلام ـ يوصيني بالسواك حتى خفت أن أحفى أو أدرد » (2) وهما بإهمال الحاء والدالين عبارة على إذهاب الاسنان. ومن الثاني ـ بعد ما تقدم ـ الصحيح : وعليك بالسواك عند كل وضوء (3). وظاهر كل منهما وخصوص الصحيح وغيره كالمتن وغيره استحبابه للصائم مطلقا ولو كان بالرطب. ولعله الاشهر. وربما قيل : بالكراهة له حينئذ (4) ، للمستفيضة الناهية عنه في هذه الصورة ، منها : الحسن « لا يستاك بسواك رطب » (5) ولعل مراعاته أحوط لظاهر النهي ، إلا أن يكون إجماع على الجواز ، فالاول متعين. ( ويكره الاستعانة فيه ) أي في مقدمات الوضوء ـ كصب الماء ـ لا نفسه ، لكونه تولية محرمة ـ كما تقدم ـ للخبرين ، في أحدهما : أن أمير المؤمنين ـ عليه السلام ـ كان لا يدعهم يصبون الماء على يديه ويقول : لا احب أن اشرك في صلاتي أحدا (6). والآخر يظهر منه التحريم (7). لكن لضعفه يحمل على الكراهة للاحتياط 1 ـ نهاية الاحكام : كتاب الطهارة في السواك ج 1 ص 52. 2 ـ وسائل الشيعة : ب 1 من أبواب السواك ح 1 ج 1 ص 346. 3 ـ وسائل الشيعة : ب 3 من أبواب السواك ح 1 ج 1 ص 353. 4 ـ قال الشيخ الطوسي : في الاستبصار : كتاب الصيام ب 146 السواك الصائم بالرطب واليابس ج 2 ص 92. 5 ـ وسائل الشيعة : ب 12 من أبواب السواك ح 2 ج 1 ص 360. 6 ـ وسائل الشيعة : ب 47 من أبواب الوضوء ح 2 ج 1 ص 335 ، نقلا بالمعنى. 7 ـ وسائل الشيعة : ب 47 من أبواب الوضوء ح 1 ج 1 ص 335. (274)
والمسامحة ، أو التولية المحرمة.
وتوضئة أبي عبيدة الحذاء مولانا الباقر ـ عليه السلام ـ في المشعر ـ كما في الصحيح ـ (1) محمولة على بيان الجواز أو الضرورة لو كانت من الاستعانة ، وعلى الضرورة فقط لو كانت من التولية المحرمة. وليس منها استحضار الماء وإسخانه ، للاصل ، والخروج عن الصب المرغوب عنه في الخبرين ، والشك في شمول التعليل فيهما لمثله ، مضافا إلى فعلهم ـ عليهم السلام ـ ذلك ، فتأمل. ( والتمندل منه ) أي نجفيف ماء الوضوء عن الاعضاء المغسولة بالمنديل ، للشهرة مع ما فيه من التشبه بالعامة المرغوب عنه في المعتبرة (2). واستدل لها بالخبر (3). وفيه نظر ، مع معارضته بأخبار اخر (4) هي في استحباب التمندل من الكراهة أظهر. إلا أن مداومة العامة عليه شاهد قوي على ورودها للتقية. ولعله لما ذكرنا من الاخبار قيل بعدم الكراهة فيه ، كما عن المرتضى في شرح الرسالة (5) والشيخ في أحد قوليه (6). ( الرابع : في الاحكام ) ( من تيقن الحدث وشك في الطهارة ) بعده أو ظن على الاشهر الاظهر هنا وفيما سيأتي ( أو تيقنهما وجهل المتأخر ) منهما والحالة السابقة عليهما ( تطهر ) فيهما إجماعا فتوى ونصا. فما يتعلق با لاولى منه ، الصحيح « ليس ينبغي لك أن تنقض اليقين 1 ـ وسائل الشيعة : ب 15 من أبواب الوضوء ح 8 ج 1 ص 275. 2 ـ الكافي : كتاب فضل العلم باب اختلاف الحديث ح 10 ج 1 ص 67. 3 ـ وسائل الشيعة : ب 45 من أبواب الوضوء ح 5 ج 1 ص 334. 4 ـ وسائل الشيعة : ب 45 من أبواب الوضوء ح 1 و 2 و 3 و 4 و 6 و 7 و 8 و 9 ج 1 ص 333 و 334. 5 ـ نقله عن شرح الرسالة الشهيد في الذكرى : كتاب الصلاة في مستحبات الوضوء ص 95 س 17. 6 ـ الخلاف : كتاب الطهارة م 44 في عدم البأس بالتمندل ج 1 ص 97. (275)
بالشك أبدا » (1) وبمعناه الاخبار المستفيضة ، مضافا إلى الاطلاقات والقاعدة
فيها ، وفي الثانية ، لتكافؤ الاحتمالين الموجب لتساقطهما من البين الرافع لليقين
بالطهارة الواجب للمشروط بها.
ومما يتعلق بالثانية منه ، الرضوي « وإن كنت على يقين من الوضوء والحدث ولا تدري أيهما أسبق فتوضأ » (2) وإطلاقه يعم صورتي العلم والجهل بالحالة السابقة على الامرين في الثانية ، كما هو الاشهر الاظهر. وضعفه بها قد انجبر ، مضافا إلى ما تقدم. وربما فصل هنا بتفصيلين متعاكسين في صورة العلم بالحالة السابقة على الامرين ، فيأخذ بضدها على قول ـ كما عن المصنف في المعتبرة ـ (3) بالمماثل على قول آخر ـ كما عن الفاضل في القواعد والمختلف ـ (4) لاعتبارات هينة ووجوه ضعيفة ، هي في مقابلة النص المتقدم المعتضد بالشهرة مع الاطلاقات والقاعدة غير مسموعة. ( ولو تيقن الطهارة وشك ) أو ظن ( في الحدث ) بعدها ( أو شك ) أو ظن ( في شيئ من أفعال الوضوء بعد انصرافه ) عنه وإتمامه له وإن لم يقم من محله في الاشهر (5) كما عن ثاني المحققين (6) وثاني الشهيدين (7) وغيرهما لظاهر الصحيحين الآتيين مع قوة في أحدهما ( بنى على الطهارة ) إجماعا فيهما 1 ـ وسائل الشيعة : ب 41 من أبواب النجاسات ح 1 ج 2 ص 1061. وب 37 من أبواب النجاسات ح 1 ج 2 ص 1053. وب 44 من أبواب النجاسات ح 1 ج 2 ص 1065. 2 ـ فقه الرضا ( عليه السلام ) : ( في المقدمة ) ص 67. 3 ـ المعتبر : كتاب الطهارة ج 1 ص 171. 4 ـ قواعد الاحكام : كتاب الطهارة في احكام الوضوء ج 1 ص 12 س 8. ومختلف الشيعة : كتاب الطهارة في بقايا أحكام الوضوء ج 1 ص 27 س 13. 5 ـ الموجود في المخطوطتين ، « في الاشهر الاظهر ». 6 ـ جامع المقاصد : كتاب الطهارة في أحكام الوضوء ج 1 ص 237. 7 ـ الروضة البهية : كتاب الطهارة الشك في الطهارة ج 1 ص 332. (276)
نصا وفتوى.
فمن الاول في الاول ـ بعد ما تقدم من المستفيضة الناهية عن نقض اليقين بالشك ـ الصحيح : في متطهر حرك إلى جنبه شيء ولم يعلم به ؟ قال : لا حتى يستيقن أنه قد نام حتى يجئ من ذلك أمر بين ، وإلا فانه على يقين من وضوئه ولا ينقض اليقين أبدا بالشك ولكن ينقضه بيقين آخر (1). والموثق : إذا استيقنت أنك أحدثت فتوضأ ، وإياك ! أن تحدث وضوء أبدا حتى تستيقن أنك أحدثت (2). وظاهر النهي والتحذير فيهما الحرمة ، وربما حمل على الرخصة لا عليها بناء على استحباب التجديد. وإبقائهما عليه مع تقييد إطلاقهما بقصد الوجوب لعله أظهر. إلا إذا كان الشك بخروج البلل ولم يستبرئ فيجب الاعادة بالاجماع ، كما عن الحلي (3) ومفهوم المعتبرة ، منها الصحيح ، وفيه بعد الامر بالاستبراء : ثم إن سال حتى يبلغ الساق فلا يبالي (4). ومثله الحسن ، وفيه : فان خرج بعد ذلك شيء فليس من البول ولكنه من الحبائل (5). ومن الاول في الثاني ، الصحيح : فإذا قمت من الوضوء وفرغت منه وقد صرت في حال اخرى في الصلاة أو غيرها فشككت في بعض ما سمى الله تعالى مما أوجب الله تعالى عليك فيه وضوءه لا شيء عليك (6). ومثله الآخر المضمر ، قال : قلت : الرجل يشك بعدما يتوضأ ؟ قال : هو 1 ـ وسائل الشيعة : ب 1 من أبواب نواقض الوضوء ح 1 ج 1 ص 174 نقلا بالمعنى. 2 ـ وسائل الشيعة : ب 1 من أبواب نواقض الوضوء ح 7 ج 1 ص 176. 3 ـ السرائر : كتاب الطهارة باب أحكام الاستنجاء ... ج 1 ص 97. 4 ـ وسائل الشيعة : ب 13 من أبواب نواقض الوضوء ح 2 ج 1 ص 200. 5 ـ وسائل الشيعة : ب 11 من أبواب أحكام الخلوة ح 2 ج 1 ص 225. 6 ـ وسائل الشيعة : ب 42 من أبواب الوضوء ح 1 ج 1 ص 330. (277)
حينما يتوضأ أذكر منه حين يشك (1).
ومن هذا التعليل يستفاد اتحاد الغسل مع الوضوء في حكم الشك المزبور ، مضافا إلى استلزام وجوب الرجوع على الاتيان بالمشكوك فيه بعد الانصراف الحرج المنفي آية ورواية وفتوى ، وخصوص الصحيح : عن رجل ترك بعض ذراعه أو بعض جسده من غسل الجنابة ؟ فقال : إذا شك وكانت به بلة وهو في صلاته مسح بها عليه ، وإن كان استيقن رجع فأعاد عليهما ما لم يصب بلة ، فان دخله الشك وقد دخل في صلاته فليمض في صلاته ولا شيء عليه (2). ولو كان شكه في العضو الاخير منه أو من الغسل وجب التدارك قبل الانصراف ، لعدم تحقق الاكمال ، ومنه الجلوس وإن لم يطل زمانه ، كذا قيل (3) ، فتأمل. ولا ريب أنه أحوط في الجملة. ( ولو كان ) شكه في شيء من أفعال الوضوء أو الغسل ( قبل انصرافه ) عنه ( أتى به ) أي بالمشكوك فيه ( وبما بعده ) وجوبا في الغسل مطلقا وفي الوضوء إن لم يحصل الجفاف ، ومعه فيعيد ، لما تقدم ، كما هو ظاهر الاصحاب ، للاجماع كما في المدارك (4) وغيره ، والاصل ، والصحيح : إذا كنت قاعدا على وضوئك فلم تدر أغسلت ذراعيك أم لا ، فأعد عليهما وعلى جميع ما شككت فيه أنك لم تغسله أو تمسحه مما سمى الله تعالى ما دمت في حال الوضوء ، الحديث (5) ولا ينافيه الموثق « إذا شككت في شيء من الوضوء وقد دخلت في غيره فليس شكك بشئ ، إنما الشك إذا كنت في شيء لم تجزه « (6) لاجماله 1 ـ وسائل الشيعة : ب 42 من أبواب الوضوء ح 7 ج 1 ص 331 وفيه « حين يتوضأ أذكر ... ». 2 ـ وسائل الشيعة : ب 41 من أبواب الجنابة ح 2 ج 1 ص 524. 3 ـ قاله صاحب مدارك الاحكام : كتاب الطهارة في أحكام الوضوء ص 38 س 32. 4 ـ مدارك الاحكام : كتاب الطهارة اليقين بالحدث والشك بالطهارة ص 38 س 23. 5 ـ وسائل الشيعة : ب 42 من أبواب الوضوء ح 1 ج 1 ص 330. 6 ـ وسائل الشيعة : ب 42 من أبواب الوضوء ح 2 ج 1 ص 330. (278)
باحتمال رجوع الضمير في « غيره » إلى الوضوء وما قبله ، ولا منافاة على الاول ،
بل هو معاضد للصحيح حينئذ ، فتأمل.
وبه وبالاجماع تخص أو تقيد المعتبرة الدالة على عدم العبرة بالشك مع تجاوز المحل ـ كما هو المجمع عليه في الصلاة ـ بغير المقام ، مع ظهور سياقها في ورودها فيها ، وربما خصت بها لذلك ومنع عمومها لما سوى ذلك ، وفيه تأمل ، فتأمل. وفي عموم الحكم لمن كثر شكه أيضا أم تخصيصه بمن عداه وجهان : للاول إطلاق الصحيح المتقدم. وفي شموله لمثله تأمل مع كون المواجه بالخطاب خاصا لم يعلم كونه كذلك ، ولا إجماع على التعميم ، فتأمل. وللثاني بعد التأيد بالحرج وعدم الامن من عروض الشك مفهوم التعليل في الصحيح فيمن كثر شكه في الصلاة بعد الامر له بالمضي في الشك فيها « لا تعودوا الخبيث من أنفسكم نقض الصلاة فتطمعوه ، فان الشيطان خبيث معتاد لما عود » (1) وظاهر خصوص الصبحيح : قال : ذكرت له رجلا مبتلى بالوضوء والصلاة وقلت : هو رجل عاقل ، فقال أبو عبد الله ـ عليه السلام ـ : وأي عقل له وهو يطيع الشيطان ؟ فقلت له : وكيف يطيع الشيطان ؟ فقال : اسأله هذا الذي يأتيه من أي شيء ؟ فانه يقول لك : من عمل الشيطان (2). وهو أقوى ، وفاقا لجماعة. ( ولو تيقن ترك ) غسل ( عضو ) أو بعضه أو مسحه ( أتى به على الحالين ) أي في حال الوضوء أو بعده ( وبما بعده ) إن كان ( ولو كان مسحا ) إن لم يجف البلل من الاعضاء مطلقا ولو مع عدم اعتدال الهواء على الاصح كما مر فان جف مع الاعتدال استأنف الوضوء مطلقا على الاشهر بين الاصحاب. 1 ـ وسائل الشيعة : ب 16 من أبواب الخلل ح 2 ج 5 ص 329. 2 ـ وسائل الشيعة : ب 10 من أبواب مقدمات العبادات ح 1 ج 1 ص 46. (279)
خلافا للاسكافي ، فاكتفى بغسل المتروك خاصة إن كان دون الدرهم ، وقال : أنه حديث
أمامة عن رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ وزرارة عن أبي جعفر ـ عليه السلام ـ
وأبي منصور عن زيد بن علي ـ عليه السلام ـ (1). وهو ضعيف ، وأدلة وجوب الترتيب ـ
المتقدمة في بحثه ـ من الاخبار ترده.
( ولو لم يبق على أعضائه ) الماسحة ( نداوة أخذ من لحيته ) الغير المسترسل عن حد الوجه على الاحوط ، أو مطلقا على الاقوى ـ كما عن الذكرى (2) ـ لاطلاق الروايات ، وتعين الاول منقول عن العلامة في النهاية (3) ( وأجفانه ) لا مع البقاء ، كما تقدم في مسح الرأس. ( ولو لم يبق نداوة ) أصلا ( يستأنف الوضوء ) من أوله ، لوجوب المسح وعدم صحته بغير البلة ، وللروايات المنجبر ضعفها بالشهرة ، ففي الخبر : وإن لم يكن في رأسه بلل فلينصرف وليعد الوضوء (4). وفي آخر : وإن لم يبق من بلة وضوئك شيء أعدت الوضوء (5). ومثله في آخر (6). وهو مع إمكان المسح بالبلة بالوضوء ثانيا لكثرة الماء واعتدال الهواء مقطوع به في كلام الاصحاب مدلول عليه بالروايات. وأما مع العدم : ففي وجوبه حينئذ مع استئناف ماء جديد للمسح ـ كما عن المعتبر (7) والمنتهى (8) 1 ـ مختلف الشيعة : كتاب الطهارة في بقايا احكام الوضوء ج 1 ص 27 س 6 و 11. 2 ـ ذكرى الشيعة : كتاب الصلاة في أحكام الوضوء ص 87 س 18. 3 ـ نهاية الاحكام : كتاب الطهارة في الموالاة ج 1 ص 49. 4 ـ وسائل الشيعة : ب 21 من أبواب الوضوء ح 7 ج 1 ص 288 ، وفيه : في لحيته بلل. 5 ـ وسائل الشيعة : ب 21 من أبواب الوضوء ح 8 ج 1 ص 288. 6 ـ وسائل الشيعة : ب 35 من أبواب الوضوء ح 4 ج 1 ص 317. 7 ـ المعتبر : كتاب الطهارة في وجوب الترتيب والموالاة ج 1 ص 158. 8 ـ منتهى المطلب : كتاب الطهارة في أفعال الوضوء وكيفيته ج 1 ص 70 س 33. (280)
والبيان (1) ـ للضرورة ، أو العدم والعدول إلى التيمم ـ كما عن التحرير (2)
لاطلاق ما دل على لزوم التيمم مع عدم التمكن من الوضوء ، قولان. ولعل الثاني أقوى ،
والعمل بهما أحوط.
( ويعيد الصلاة ) وجوبا ( لو ترك غسل أحد المخرجين ) وما في حكمه وصلاها في تلك الحال مطلقا على الاصح الاشهر ، للمعتبرة المستفيضة ، منها الصحاح وغيرها ، ففي الصحيح فيمن بال وتوضأ ونسي الاستنجاء : اغسل ذكرك وأعد صلاتك ولا تعد وضوءك (3). ومثله الصحيح الآخر (4) والموثق. وفي الموثق : إذا دخلت الغائط فقضيت الحاجة فلم تهرق الماء ثم توضأت ونسيت أن تستنجي فذكرت بعد ما صليت ، فعليك الاعادة ، فان كنت أهرقت الماء فنسيت أن تغسل ذكرك حتى صليت فعليك اعادة الوضوء والصلاة وغسل ذكرك ، لان البول مثل البراز (5) أو « ليس « كما في بعض نسخ الكافي. خلافا للاسكافي فحض وجوب الاعادة بالوقت استحبها في خارجه (6). وكلامه في البول خاصة ، ولا مستند له سوى الجمع بين المعتبرة والروايات الآتية النافية للاعادة بقول مطلق بحمل الاولة على الوقت والثانية على الخارج. ولا شاهد له مع عدم التكافؤ ، لاعتضاد الاولة بالكثرة وصحة سند أكثرها والشهرة التي هي العمدة في الترجيح. وللصدوق في ترك الاستنجاء من الغائط خاصة ، فلم يوجب الاعادة فيه 1 ـ البيان : كتاب الطهارة فيما يتعلق بأجزاء الوضوء ص 9 س 19. 2 ـ تحرير الاحكام : كتاب الطهارة في احكام الوضوء ج 1 ص 11 س 30. 3 ـ وسائل الشيعة : ب 18 من أبواب نواقض الوضوء ح 3 ج 1 ص 208. 4 ـ وسائل الشيعة : ب 18 من أبواب نواقض الوضوء ح 7 ج 1 ص 209. 5 ـ وسائل الشيعة : ب 10 من أبواب أحكام الخلوة ح 5 ج 1 ص 224. 6 ـ مختلف الشيعة : كتاب الطهارة في التخلي والاستنجاء ج 1 ص 19 س 35. (281)
في الفقيه مطلقا (1). ولعله للموثق : لو أن رجلا نسي أن يستنجي من الغائط حتى
يصلي لم يعد الصلاة (2).
وفي المقنع في الخارج خاصة (3) ، للموثق الآخر : في الرجل ينسى أن يغسل دبره بالماء حتى صلى إلا أنه قد تمسح بثلاثة أحجار ؟ قال : إن كان في وقت تلك الصلاة فليعد الصلاة وليعد الوضوء ، وإن كانت قد خرجت تلك الصلاة التي صلى فقد جازت صلاته وليتوضأ لما يستقبل من الصلاة (4). وهما ـ مع تعارض كل من مستندهما مع الآخر فيتساقطان ـ لا يصلحان لمقاومة ما قدمناه من المعتبرة بوجوه عديدة. وللعماني فجعل الاعادة مطلقا أولى (5). ولعله للخبرين في أحدهما : في الرجل يتوضأ وينسى أن يغسل ذكره وقد بال ؟ فقال : يغسل ذكره ولا يعيد الصلاة (6). ويرد عليهما ما تقدم ، مضافا إلى قصور سندهما واختصاصهما بالبول خاصة فلا يساعدان الاطلاق. وتتميمه بالموثق الاول للفقيه غير تام ، لمعارضة الموثق الثاني للمقنع إياه. ( ولا ) يجب أن ( يعيد الوضوء ) بترك أحد الاستنجائين مطلقا على الاشهر الاقوى الاظهر (7) ، للاصل ، والصحاح المستفيضة وغيرها من المعتبرة الصريحة ، ففي الصحيح : عن الرجل يبول فلا يغسل ذكره حتى يتوضأ وضوء الصلاة ؟ 1 ـ من لا يحضره الفقيه : باب ارتياد المكان للحدث ... ج 1 ص 31 ذيل الحديث 59. 2 ـ وسائل الشيعة : ب 10 من أبواب أحكام الخلوة ح 3 ج 1 ص 224. 3 ـ المقنع ( الجوامع الفقهية ) : باب الوضوء ص 2 السطر الاخير. 4 ـ وسائل الشيعة : ب 10 من أبواب احكام الخلوة ح 1 ج 1 ص 223 ، وفيه « وإن كان قد مضى وقت تلك الصلاة ». 5 ـ مختلف الشيعة : كتاب الطهارة في التخلي والاستنجاء ج 1 ص 20 س 13. 6 ـ وسائل الشيعة : ب 10 من أبواب أحكام الخلوة ح 2 ج 1 ص 224. 7 ـ في نسخة ق « على الاشهر الاقوى « وفي م « على الاشهر الاظهر ». (282)
قال : يغسل ذكره ولا يعيد وضوءه (1). وقد تقدم مثله أيضا. ويؤيده المعتبرة
الاخرى الآمرة باعادة الصلاة وغسل الذكر (2) من دون تعرض للامر باعادته ، مع كون
المقام مقامه بالبديهة.
خلافا للصدوق في الفقيه ، فأوجب الاعادة في نسيان الاستنجاء من البول خاصة (3) ، للمعتبرة ، منها : الصحيح ، عمن توضأ وينسى غسل ذكره ؟ قال : يغسل ذكره ثم يعيد الوضوء (4). ومثله الموثق المتقدم. وهي لقصورها عن المقاومة لما تقدم من طرق شتى يجب طرحها أو حملها على الاستحباب أو ارتكاب التأويل فيها بنحو آخر. وفي المقنع ، فأطلق الاعادة (5) حتى في نسيان الاستنجاء من الغائط ظاهرا ، للموثق المتقدم مستندا له فيما تقدم من عدم إعادة الصلاة في خارج الوقت ـ كما اختاره في هذا الكتاب ـ وهو وإن لم أقف له على معارض هنا ، إلا أن تطرق القدح إليه من الجهات المتقدمة ودلالته على عدم كفاية الاستجمار بدلا عن الماء ـ مع كونها مجمعا عليها فتوى ورواية ـ يمنع من التمسك به. مع أن ظاهر الاصحاب الاجماع على عدم إعادة الوضوء هنا. هذا ، مع احتمال حمل الوضوء فيه كالوضوء في كلامه على الاستنجاء بالماء ، فتأمل. ( ولو كان الخارج ) من السبيلين ( أحد الحدثين ) خاصة ( غسل مخرجه دون ) مخرج ( الآخر ) إجماعا كما عن المعتبر (6) والذكرى (7) ، للاصل ، والموثق : إذا بال الرجل ولم يخرج منه شيء غيره فانما عليه أن يغسل إحليله وحده 1 ـ الاستبصار : كتاب الطهارة ب 31 في وجوب الاستنجاء من الغائط والبول ح 10 ج 1 ص 53. 2 ـ وسائل الشيعة : ب 18 من أبواب نواقض الوضوء ح 7 ج 1 ص 209. 3 ـ من لا يحضره الفقيه : باب ارتياد المكان للحدث ... ج 1 ص 31 ذيل الحديث 59. 4 ـ وسائل الشيعة : ب 18 من أبواب نواقض الوضوء ح 9 ج 1 ص 209 ، نقلا بالمضمون. 5 ـ المقنع ( الجوامع الفقهية ) : كتاب الطهارة في باب الوضوء ص 2 س 30. 6 ـ المعتبر : كتاب الطهارة في أحكام الوضوء ج 1 ص 174. 7 ـ ذكرى الشيعة : كتاب الصلاة في أحكام الاستنجاء ص 21 س 19. (283)
ولا يغسل مقعدته ، وإن خرج من مقعدته شيء ولم يبل فانما عليه أن يغسل المقعدة
وحدها ولا يغسل الاحليل (1).
( وفي جواز مس كتابة المصحف للمحدث ) بالحدث الاصغر أم العدم ( قولان : أصحهما المنع ) وهو أشهرهما ، بل عن ظاهر التبيان (2) ومجمع البيان (3) إجماعنا عليه وعلى رجوع الضمير في « لا يمسه إلا المطهرون » إلى القرآن دون الكتاب لهذه الآية ، بمعونة ما ذكر تفسيرها بذلك في الخبر : المصحف لا تمسه على غير طهر ولا جنبا ولا تمس خطه ـ أو « خيطه » على الاختلاف في النسخة ـ ولا تعلقه ، إن الله تعالى يقول : « لا يمسه إلا المطهرون » (4). ومثله آخر مروي في مجمع البيان عن مولانا الباقر ـ عليه السلام ـ (5). هذا ، مضافا إلى المعتبرة المعتضدة أو المنجبرة بالشهرة والآية بمعونة التفسير الوارد عن أهل العصمة ، ففي الموثق : عمن قرأ القرآن وهو على غير وضوء ؟ قال : لا بأس ولا يمس الكتاب (6). وفي المرسل : لا تمس الكتابة ومس الورق (7). ويؤيده الصحيح : عن الرجل أيحل له أن يكتب القرآن في الالواح والصحيفة وهو على غير وضوء ؟ قال : لا (8). بناء على أن المنع من الكتابة فيه للمحدث لعله من حيث احتمال تحقق المساورة لاصل الكتابة فمنع عنها من باب المقدمة ، وإلا فلا قائل به على الظاهر. 1 ـ وسائل الشيعة : ب 28 من أبواب أحكام الخلوة ح 1 ج 1 ص 244 ، مع اختلاف يسير. 2 ـ التبيان : الآية 79 من سورة الواقعة. 3 ـ مجمع البيان : الآية 79 من سورة الواقعة. 4 ـ وسائل الشيعة : ب 12 من أبواب الوضوء ح 3 ج 1 ص 269. 5 ـ مجمع البيان : في تفسير الآية 79 من سورة الواقعة. 6 ـ وسائل الشيعة : ب 12 من أبواب الوضوء ح 1 ج 1 ص 269. 7 ـ وسائل الشيعة : ب 12 من أبواب الوضوء ح 2 ج 1 ص 269. 8 ـ وسائل الشيعة : ب 12 من أبواب الوضوء ح 4 ج 1 ص 270. (284)
خلافا للمبسوط (1) وابني براج (2) وإدريس (3) فالكراهة ، للاصل ، وضعف سند
الاخبار ودلالة الآية ، باحتمال عود الضمير فيها إلى الكتاب المكنون (4) والتطهير
التطهير من الكفر. وضعف الجميع ظاهر بما تقدم.
وليس في النهي عن التعليق ومس الخيط الذي وهو الكراهة اتفاقا من المشهور دلالة على كون النهي عن المس لها أيضا لوحدة السياق ، لمعارضته بنهي الجنب فيه عنه أيضا ، وهو للتحريم إجماعا ، كما يأتي ـ إن شاء الله ـ فيكون النهي عن المس كذلك أيضا لذلك. وتعارض السياقين يقتضي بقاء النهي عن المس على ظاهره. هذا ، مع احتمال كون المنهي عنه عن تعليق ما يمكن فيه مساورة كتابته لجسده ، ولا تصريح فيه لغيره (5) وكون « الخط » بدل « الخيط » كما في النسخة الاخرى ، فيكون حينئذ تأكيدا للنهي عن مس الكتابة أو بيانا لانواع المنهي عنه في المس ، ولا إجماع على الكراهة في شيء من ذلك ، فلا سياق يشهد على الكراهة أصلا. 1 ـ المبسوط : كتاب الطهارة في كيفية الوضوء ج 1 ص 23. 2 ـ المهذب : كتاب الطهارة باب أقسام الطهارة ج 1 ص 32. 3 ـ السرائر : كتاب الطهارة في تقسيم الطهارة إلى كبرى وصغرى و ... ج 1 ص 57. 4 ـ الواقعة : 78 « كتاب مكنون ». 5 ـ في نسخة م ، « مع احتمال كون المنهي فيه عن تعليقه ما يمكن فيه مساورة كتابته لجلده ، ولا تصريح فيه بغيره « ويخالفهما نسخة ق في بعض العبارات ، لا يهمنا نقله. (285)
( أما الغسل )
( ففيه الواجب والندب ، فالواجب منه ستة ) على الاشهر الاظهر ، كما سيأتي أن شاء الله تعالى. ( الاول )
( غسل الجنابة ، والنظر ) فيه في امور
ثلاثة : الاول ( في موجبه ) وسببه ( و ) الثاني في ( كيفيته و ) الثالث في ( أحكامه ).
( أما الموجب ) له ( فأمران ): الاول : ( إنزال المني (1) ) وخروجه إلى خارج الجسد لا مطلقا بجماع أو غيره. ( يقظة أو نوما ) رجلا كان المنزل أو امرأة ، إجماعا في الاول واشتهارا في الثاني ، بل كاد أن يكون اتفاقا كما حكي في كلام جماعة ، بل في بعضها إجماع الامة. والصحاح به مستفيضة ، كغيرها. منها : الصحيح ، في الرجل يجامع المرأة فيما دون الفرج وتنزل المرأة هل عليها غسل ؟ قال : نعم (2). وفي آخر : عن المرأة ترى في المنام ما يرى الرجل ؟ قال : إن أنزلت فعليها الغسل وإن لم تنزل فليس عليها الغسل (3). 1 ـ في المتن المطبوع « إنزال الماء ». 2 ـ وسائل الشيعة : ب 7 من أبواب الجنابة ح 3 ج 1 ص 471. 3 ـ وسائل الشيعة : ب 7 من أبواب الجنابة ح 5 ج 1 ص 472. |
|||
|