النظام الصحي ::: 61 ـ 70
(61)
    نظرية الاسلام في الطب
     واستنادا على الارتكاز العقلائي الذي امضاه الشارع المقدس ، فان الاسلام يعلن اول بنود نظامه الصحي واهمها ، وهو ان النظام الطبي والعلاجي ينبغي ان يبتنى على اساس الخدمة الانسانية لا المنفعة التجارية ، لان هدف الطب اولاًً واخيراً علاج الالام التي يعاني منها المريض ، وليس تحويل المريض الى بضاعة في مؤسسة هدفها الربح التجاري. وهذا الاختلاف في النظرة الى المؤسسة الطبية هو أهم الاختلافات بين النظام الصحي الاسلامي ونظيره الرأسمالي.
     ولا ريب ان الاسلام بحثّه على العمل ، ومباركته للجهد الانساني ، وربطه العمل الانتاجي في الارض بالثواب والاجر في الاحياة الاخرة ، اراد لكل الافراد في النظام الاجتماعي اداء ادوارهم المرسومة بكل جدية ونشاط ، لان الانسانية لا يتكامل نظامها الاجتماعي ولايتطور بناؤها الفكري والفلسفي مالم يساهم جميع الافراد بالعمل الانتاجي المؤدي الى اشباع حاجاتهم الاساسية. ونزول المرض بفرد ما ، يعطل جهده الطبيعي في تأدية الدور الاجتماعي المناط به ، مما يؤدي الى تحرك النظام الاجتماعي للتعامل مع ذلك الاستثناء حتى يتم اصلاحه وعلاجه طبياً واجتماعياً.
     فاذا كان المرض مؤقتاً ويمكن علاجه بالطرق الطبية المعروفة ، خلد المريض الى الراحة ، وتدخل النظام الاجتماعي الاسلامي لمساعدته على ثلاثة محاور. المحور الاول : العلاج ، فيقدم له كل اسباب التطبيب والعلاج


(62)
دون النظر لدخله السنوي او طبقته الاجتماعية. والمحور الثاني : المساعدة المادية له ولعائلته اذا كان فقيراً ، فيحتسب مقدار حاجته وحاجة عائلته فيدفع له ذلك المقدار حتى يحين وقت الشفاء. والمحور الثالث : تدخل النظام الاجتماعي لسد دور المريض الشاغر في الحقل العملي ، فاذا كان المريض عاملاً في شركة صناعية مثلا ، فان الشركة ملزمة باستئجار عامل اخر يحل محل العامل المريض. وهذا يتم عادة في الامراض التي يستلزم علاجها فترة زمنية قصيرة كالانفلونزا والجروح والكسور وامراض الجهاز الهضمي والبولي.
     اما اذا كان المرض مزمناً ، كالشلل التام ، وامراض السرطان ، وامراض نقص المناعة الحادة ، والامراض القلبية ، فان النظام الاجتماعي ملزم بالتدخل ايضاً لمساعدة المريضك طبياً ومالياً وايجاد من يسد دور المريض الشاغر في الحقل الاجتماعي بصورة دائمية. ولا يختلف تدخل النظام الاجتماعي فن المرض المرمن عن المرض المؤقت الاّ بفرق الزمن ، حيث يتعين على النظام الاجتماعي تخصيص معاش ثابت للمريض وعائلته يستقطع من بيت المال ، كما في الرواية المروية عن الامام أميرالمؤمنين (ع) مع الشيخ النصراني ، وتعيين برنامج علاجي مستمر للمريض. وينبغي ان يستمر هذا المعاش والعلاج حتى اخر لحظة من حياة المريض. اما النظرية الرأسمالية فتعتبر المريض في هذه الحالة عنصراً مستهلكاً ليست له القدرة على الانتاج ، بمعنى ان المريض بمرض مزمن يعتبر في النظرية الرأسمالية عنصراً ضاراً على النظام الاجتماعي لانه قادر على الاستهلاك فقط ، وليست له القابلية على العمل الانتاجي. ولكن نظرة الاسلام الشمولية واحترامها


(63)
للحياة الانسانية اوجبت اكرام الانسان المعاق جسدياً ، حتى لو كان عاجزاً عن الانتاج ، حيث ورد ان الامام علياً (ع) عندما صادف النصراني الذي كان يمديده استجداءً لعدم قدرته على العمل ولكبر سنه ، انكر على عمّاله ذلك وقال : ( استعملتموه ، حتى اذا كبر وعجز منعتموه ) ، وامران يصرف له من بيت المال (1).
     ويجعل الاسلام الولاية الشرعية مصدر المسؤوليات الاجتماعية ، فولي الاسرة مسؤول عن رعاية من يتولاهم من القاصرين ونحوهم. وفي انعدامه ، يتحمل الامام او نائبه ( اي الدولة ) مسئوولية الولاية لمن لا ولي له. وعليه ، فان القاصر عن التحصيل ـ لمرض ونحوه ـ يضمن اما من قبل الولي العام او الولي الخاص. بمعنى ان الانسان القادر على الانتاج يستطيع ان يسد حاجته الاساسية وحاجة الافراد الذين يتولاهم اصحاء كانوا ام مرضى. واذا عجز الولي بسبب المرض عن اعاشة عائلته ، وجب على الامام اعالتهم لحد الكفاية. وهذا الاسلوب يضمن تكامل النظام المعيشي لكل الافراد في المجتمع الاسلامي. وقد جاء هذا الايمان بكرامة الفرد وصيانته من الاهمال ضمن اطار المسؤولية الجماعية والاخوة الانسانية التي دعا اليها الاسلام.
     ولا ريب ان تأكيد الاسلام على ربط العمل الانتاجي في الحياة الدنيوية بالثواب الاخروي ، وحثه على التزام الصدق والثقة المتبادلة والاعتدال ونهيه عن الكذب وشهادة الزور والجشع ، وجزمه في تثبيت اسس العدالة الاجتماعية ، سهّل دور المؤسسة الصحية في تحديد ( من هو
1 ـ التهذيب : ج 2 ص 88.

(64)
المريض ؟ ). فمع تضافر هذه العوامل ، تجد من الصعوبة بمكان ان يجد المتمارضون ساحة لكسلهم ومجالاً لعيشهم عبئا على بيت المال ، لان المؤسسة الصحية تستطيع تحديد ( من هو المريض ؟ ) عن طريق علامات المرض واعراضه ، وعن طريق دراسة شخصية المريض وتاريخه والتزامه بالاخلاق الدينية وتمسكه بالصدق والنزاهة والاستعفاف.
     واغلب الامراض التي يتعرض لها الافراد في المجتمع الاسلامي تنتج من حوادث طارئة او حالات غير متوقعة كحوادث السيارات والحافلات ، وجروح العمل ، والكسور المختلفة التي تحصل لسبب من الاسباب ، او امراض التعرض لبعض الفيروسات كالزكام وغيره. والمهم ان امراض الحضارة الحديثة يفترض ان لا تجد لها مكاناً في المجتمع الاسلامي ، لان الاسلام حرم شرب الخمر ، واكل الميتة والدم والخنزير ، وهذه هي اساس امراض الكبد والجهاز الهضمي وامراض القلب. وحرم تناول كل ما يضر بالجسد ومنها التدخين المضر واستعمال المخدرات التي هي المصدر الاساس في امراض سرطان الرئة والبلعوم والاضطراب العقلي. واوصي بالاعتدال باكل اللحوم الحمراء ، خصوصاً لحوم البقر والضأن ، وهذه هي مصدر امراض القلب وتصلب الشرايين. واوصى باستعمال المسواك لتنظيف الانسان وتطهير الفم لان معالجة امراض الفم والاسنان اساسية الى درجة افراد لها الطب الحديث علماً خاصاً هو طب الاسنان ، وهو اختصاص يعادل اختصاص الطب العام من حيث الكيفية لا. ولاشك ان للدولة الاسلامية مبدأ حق التدخل للحفاظ على البيئة الطبيعية من التلوث الصناعي ، لان التلوث احد مصادر امراض السرطان وامراض الرئة


(65)
بانواعهما المختلفة. وحرم الاسلام الاجهاض والانتحار وقتل النفس البريئة فاكفى الطب الدخول في هذا الحقل الذي يستنزف طاقات المؤسسة الصحية. واوجب الاسلام التذكية الشرعية ووضع شروطاً للصيد والذباحة ، وهذا الوجوب جنّب النظام الصحي العديد من الامراض المتعلقة بالقلب وجريان الدورة الدموية. ولا ريب ان الاطمئنان النفسي والراحة الشعورية التي ينزلها النظام الاسلامي على قلوب الافراد ، من حيث محو نسبة الجرائم والاعتداءات والسرقات ، يساهم بشكل فعال في ازالة الارق والضغط النفسي والقرحة والامراض العقلية التي يعاني منها افراد الحضارة الحديثة.
     وبطبيعة الحال ، فان النظرية الاسلامية في الطب تهتم بشكل استثنائي بنظامين في غايتي الاهمية وهما : 1 ـ النظام الوقائي 2 ـ النظام الغذائي ، وسنتعرض لاحقاً بالتفصيل لهذين النظامين. ولكن لابد لنا ان نذكر هنا ، من نافلة القول ، ان صحة المتقدمين وتعميرهم تلك السنين الطويلة لم يكن نتيجةً لمعاينة طبية او فهم للنظرية الجرثومية ، اواستخدام للعقاقير الطبية ، بل ان الوقاية وتنظيم النظام الغذائي كانا من اهم اسباب العيش السليم من الامراض. وقد ورد في بعض الكتب التاريخية ان سلمان الفارسي ( رض ) عاش اكثر من ثلاثمائة سنة. ولو صحت هذه الرواية لكان الاجدر بالجهاز الطبي دراسة هذه الظاهرة الطبيعية وفهم منشأها واسبابها. ولا يمكننا الاعتماد على العلاج الكيميائي والشعاعي في جميع الحالات المرضية ، بل لابد ان نترك فسحة لتقدم العلاج الطبيعي والروحي ، لان الكثير من الامراض النفسية لايتم علاجها الاّ بالعلاج الغيبي. ولاشك


(66)
ان النفس الانسانية عميقة الغور ، بعيدة المنال ، فلا يستطيع امهر الجراحين اواقدر علماء النفس على معالجة بعض الامراض التي يستعصي على الطب الحديث فهمها والتعامل معها ، كالكابة النفسية وما يترتب عليها من اقدام الفرد على الانتحار مثلاً. والعلاج الطبيعي مهم في شفاء الجروح العضلية والغضروفية. وطالما كان الاسلام ولايزال يهاجم النظام الطبقي ويدعو الى توزيع عادل للثروة الاجتماعية ، فان النظام الصحي الاسلامي سيجعل الانشطة الطبية جميعاً انشطة يهمها العلاج الحقيقي للافراد ، لا تجارة تجني ارباحاً على حساب الفقراء والمستضعفين ، ويجعلها ايضاً تزدهر فن بحوثها وتجاربها ، فلايحدها الجشع المادي ولا يلزمها سيطرة طبقة دون أخرى ، بل ان العقل الطبي المسلم ارحم وانزه من العقل الطبي الرأسمالي ، لان الطبيب المؤمن بقدر ما تهمه الخدمات الانسانية لتخفيف الالام ، يهمه بناء النظام الاجتماعي النظيف عن المطامع الفردية المحضة.
     ولا تتوقف وظيفة الطب على تحديد ( من هو المريض ؟ ) بل تتعداه الى قاعدة المحافظة على صحة الافراد عموماً ، حتى يستطيع النظام الاجتماعي تنشيط منهجة الاقتصادي في الانتاج وعدالة التوزيع. وبطبيعة الحال فان المؤسسة الصحية الاسلامية مسؤولة عن صحة الافراد في المجتمع الاسلامي على مستويين ، المستوى الاول : تثقيف افراد المجتمع تثقيفاً عاماً فيما يتعلق بفهم منشأ الامراض وسببها ، والتركيز على نظامي الوقاية والغذاء في تنمية الجسم البشري ، حيث يتم ذلك من خلال النشر والاعلام والتبليغ الفردي والجماعي. والمستوى الثاني : معالجة الافراد معالجة فردية في الظروف الطبيعية ، ومعالجة جماعية في الظروف الاستثنائية ، ومن ذلك


(67)
توفير الحقن المضادة للاوبئة المعدية ، وتنقية مياه الشرب من الجراثيم ، والسيطرة على انظمة المجاري العامة ، والتدقيق في الفحص الصحي للاسواق ومراكز بيع اللحوم والمواد الغذائية الاخرى ، والمطاعم ، والفنادق. والسيطرة على الكائنات الناقلة للجراثيم كالذبات والبعوض والقمًل.
     ولعل اهم عوامل تقدم الطب الانساني قيام الحكومة الاسلامية والجامعات والمؤسسات الاجتماعية الخيرية بمساندة مراكز البحوث الطبية ، لان البحث عن اسباب المرض وطرق انتشاره واكتشاف الدواء المناسب تعد من افضل الوسائل لعلاج الامراض واذا كانت الامراض متباينة بتباين المناطق الاسلامية ، فان من مهمات حكومت المناطق المحلية قيام المؤسسة الطبية التجريبية بالتركيز على معالجة الامراض المبتلى مها ذلك الاقليم. فالامراض المنتشرة في الاقاليم الصحراوية الحارة تختلف عن تلك التي تنتشر في الاقاليم الجبلية الباردة. والامراض المنتشرة في البلدان الفقيرة نسبياً تختلف عن امراض البلدام الموسرة. والمدار ان المؤسسات الخيرية وبيت المال بالخصوص ينبغي ان يتحملا جزءاً كبيراً من مصاريف النظام الصحي وبحوثه الاساسية.
     ولماكان الطب مرتبطاً وثيقاً بالاحكام الشرعية التي تخص حالة المكلف البدنية في امور الولادة والنفاس والحيض والاستحاضة ، والحالات الاستثنائية كسلس البول ، والبطنة ، والوسوسة ، والنسيان ، والحالات المرضية التي لها علاقة بتعليق جزء من العبادات كالصلاة والصيام والحج ، والموت ومس الميت واحكامها ، أصبح من الاهمية بمكان ان توثق المؤسسة التعليمية الدينية ـ المتمثلةبالحوزة العلمية ـ علاقتها


(68)
بالمؤسسة الطبية من خلال انشاء مراكز مشتركة تساهم في اغناء الفقهاء بالاراء الطبية المرتبطة بالحياة العامة للمكلف ، واغناء الاطباء والمؤسسة الطبية بالاحكام الشرعية المتعلقة بمختلف الحالات المرضية التي يجد فيها الطبيب نفسه حائرا في التعامل معها.
     وبطبيعة الحال ، فان المؤسسة الطبية تساهم بشكل حاسم في تنظيم الحالة الاجتماعية من حيث منح شهادات الميلاد والوفيات حتى يتم توزيع الثروة الاجتماعية ، وتساعد في فصل التخاصم في الارث والحقوق بين الافراد من خلال تشخيص الجينات الوراثية. وكذلك تساعد في السيطرة على الامراض ، واثبات أحقية المعوقين باستلام المساعدة المالية ، ودراسة الساحة الصحية الميدانية حتى يتم تحديد الطاقة الانتاجية للنظام الاجتماعية الاسلامي. ولذلك ، فان المؤسسة الطبية تعتبر ركنا هاماً من اركان النظام الاجتماعي ، والنظام الديني والاخلاقي ايضاً.
     ولما كانت المنافسة الاقتصادية في الاسلام مرتبطة بالمعنى العبادي وبمفهوم تعمير الارض ، على عكس المبدأ الرأسمالي الذي اقحم المؤسسة الحبية في المعركة الاقتصادية فأفقدها مفهومها الانساني ، اصبحت الرعاية البدنية مرتبطة بالثواب والعقاب ايضاً ، لانها من الضروريات العقلية التي يحتاجها الفرد بالخصوص ، والنظام الاجتماعي عموماً. ولاشك ان الدولة مكلّفة بسد هذه الحاجة الاساسية من شتى المصادر المتوفرة لها ، حتى تقوي في الفرد روح الانتاج والعبادة ، وحتى تبعد النظام الصحي عن المنافسة الاعتصادية الرأسمالية وماتجر معها منم ويلات ومظالم بحق الفقراء. ولكي تضمن الدولة عدم النجراء المؤسسة الطبية واعضائها الى انشاء


(69)
طبقة عليا خاصة تتحكم بمقاليد النظام الصحي وتشكل خطراً كامناً لانشاء طبقة رأسمالية مستقبلية ، فان لها طريقين في تحقيق ذلك ، الاول : ان تشرع في برنامج ترشح فيه دخول الطلبة على اساس المستوى الدراسي والايماني للطالب دون النظر للدخل السنوي. والثاني : فيما لو تساوى طالب فقير مع طالب غني في الدرجات وفي المستوى الايماني ، يقرع بينهما. ويدخل الفائز بالقرعة كلية الطب. واذا ارتأت الدولة أن من المصلحة العليا تفضيل الطالب الفقير على الطالب الغني مع التساوي في المستوى الدراسي ، فانها تستطيع ان تسمح للفقير الانضمام لكلية الطب حتى ينكسر الحاجز الطبقي الذي حرم الفقراء من التمتع بخيرات النظام الاجتماعي. وسبب الترجيح هنا ، تقديم الأهم على المهم. وهذا مجرد مثال نستطيع على ضوئه التفتيش عن امثلة اخرى تساهم في حل المشاكل الناتجة عن ظلم النظام الطبقي الذي انشأه الحاكم المستعمر في بلاد المسلمين.
     واهم عمل ينبعي ان تنظر اليه الدولة في ترشيحها خريجي الدراسة الاعدادية للدخول الى الكليات الطبية هو حسن ايمان الفرد ونراهته وصدقه. ولاريب ان عامل الايمان يعتبر اهم من عوامل الدخل السنوي والطبقة الاجتماعية والدرجات. فالايمان باللّه وبالنظام الاخلاقي للرسالة الدينية يبعد الطبيب عن شهوة حب المال وما يترتب عليها من انعدام النظرة الانسانية تجاه المرض والمريض. فالطبيب المؤمن يتحسس لالام المريض ويعيش مشاعره المجروحة ، ويترحم ببذل اقصى الجهد لايجاد علاج ناجع يصلح وضعه الاستثنائي المرضي ، على عكس الطبيب الرأسمالي الذي لا يفكر الابمحصوله المادي ومنفعة الشخصية. والطبيب


(70)
المؤمن صادق ثقة فهو لا يصف علاجاً كاذباً للمريض ، بل لوافترضنا استعصاء تشخيص الحالة المرضية على ذلك المريض فانه ـ بسبب صدقة وايمانه ـ يحيل المريض الى طبيب اخر اكثر خبرة واعمق علماً ، ولايضيره ذلك في شيء حتى لو خسر اجور معالجة ذلك المريض ، لانه يعلم ان الحفاظ على حياة الفرد اهم واولى من المكسب المالي.
     ولاشك ان مناداة الاسلام بالعدالة الاجتماعية لها نتائج عديدة على المستوى الصحي. فاذا كان الافراد متساوين في الحقوق والواجبات ، فان من حقهم نظرياً التمتع بصحة جيدة بعيداً عن الامراض والنحول الجسدي ، بغض النظر عن دخلهم المادي ومستوى معيشتهم. ومن اجل ذلك علينا ملاحظة مسألتين مهمتين للغاية. الاولى : رفع الحالة المعيشة والسكنية لكل الافراد في المجتمع الاسلامي الى مستويات متقاربة. ويلاحظ في هذه المسألة جهود الدولة في بناء وحدات سكنية على نطاق واسع بحيث يؤمّن ولو نظريا ، انشاء مسكن واحد تراعى فيه القضايا الصحية من التهوية وتعقيم المياه ونظام المجاري لكل عائلة تسكن ارض الاسلام. فمن حق العائلة المسلمة ان يكون لها مسكن صحي وغذاء متوفر حتى تستطيع ان تقوم بدورها الاساسي في العملية الانتاجية للمجتمع. والثانية : رفع المستوى الاداري والمهني والتقني للمستشفيات العامة بحيث لاتساهم تلك المؤسسات في حرمان الفقراء من العلاج الطبي الذي يتمتع به اقرانهم من الاغنياء. فمع ان المال يشجع الاطباء على الاهتمام بدقة عملهم وخدمة زبائنهم ، الاّ أن ايمان الطبيب بان علاجه للمرضى مرتبط بجزائه الاخروي ، وان عدالته في عملية الفحص والتشخيص والعلاج بين جميع الافراد واجب
النظام الصحي ::: فهرس