(161)
فقالت متحسرة ...
    ـ إن يوم الجمل معترض في حلقي ... ليتني مت قبله ـ أو كنت نسياً منسياً (1) .
    توفيت عائشة ام المؤمنين عن عمر يناهز السادسة والستين . وصلى عليها ابو هريرة . ودفنت بالبقيع مع امهات المؤمنين زوجات النبي الكريم (ص) .
    وتحت ثرى المدينة المنورة ـ يثرب ـ خمد ذلك الذكاء الوقاد ـ واللهيب الذي ظل يضطرم سنيناً وأعواماً طوالاً ...
    وتحت ثرى ـ يثرب ـ جمع الموت بين الضرائر حيث لا تنافس ... ولا حقد ... ولا غيرة ...

أم المؤمنين أم سلمة :
    إن ظهور الرسالة المحمدية أعظم حادث في تاريخ العرب خاصة ، والبشر عامة . قال تعالى :
    « وما أرسلناك إلا كافة للناس بشيراً ونذيراً » (2) حتى كان قصارى جهد المسلمين ، تركيز دعائم الدين ، وجهادهم في اجتماعهم على الإسلام ، ونبذ ما كانوا عليه من الجاهلية الجهلاء والضلالة العمياء .
    سرت تعاليم الإسلام في النفوس كضياء الشمس ينساب بنوره الخالد على قلوب
(1) بلاغات النساء لابن طيفور .
(2) سورة سبأ ـ آية ـ 28 .
المرأة في ظل الأسلام (11)


(162)
المؤمنين أنّى كانوا وحيثما رحلوا .
    وهنا ظهرت المرأة التي كانت قد أنكرتها الأمم ، واضطهدتها الشعوب الى ميدان الحياة ، تؤدي رسالتها وتضرب المثل الأعلى في علو الهمة ـ والبطولة ـ والجهاد ـ ونصرة الحق ـ والتعاون على البر والتقوى ـ والتمسك بعرى الدين والإيمان ـ ومكارم الأخلاق .
    كان من أبرز المجاهدات المهاجرات المؤمنات السيدة أم سلمة رضوان الله عليها ، وهي تعطينا صورة واضحة عن المرأة المسلمة في ذلك العهد ... ومدى مساهمتها في الجهاد .
    أم سلمة هي بنت أبي أمية (1) الملقب بزاد الركب وهي مهاجرة جليلة من المسلمات السابقات الى الإسلام . تزوجها عبد الله بن الأسد المخزومي ، آمنت بالنبي (ص) وصدقته ، وهاجرت الى أرض الحبشة عندما أشار الرسول الكريم على المسلمين بالهجرة .
    وقد كانت أم سلمة من طلاقة اللسان ، وحسن الرأي وكمال الهيئة ، وجمال الصورة ، ما تحدث عنه العرب .
    وقد حزنت السيدة عائشة عندما تزوج رسول الله (ص) بام سلمة ، لما ذكروا لها من كمالها ، وأدبها ، وجمالها ، وقالت لما رأتها : « والله أضعاف ما وصفت لي » .
    ومما يدلنا على طلاقة لسان السيدة أم سلمة وفطنتها نستمع إليها كما يحدثنا
(1) هو سهيل بن المغيرة من بني مخزوم ، وهو ابن عمة رسول الله (ص) برة بنت عبد المطلب لقبه زاد الركب لأنه كان احد اجواد العرب ، فكان اذا سافر لم يحمل من يكون معه او برفقته زاداً ، بل هو يكفيهم جميعاً مؤونة السفر ، لجوده وكرمه .


(163)
التاريخ ، وهي تتكلم عن الذين هاجروا الى أرض الحبشة . وما كان من الحوار بين النجاشي ملك الحبشة ـ وجعفر بن أبي طالب رضي الله عنه وهو أمير المسلمين في ارض الحبشة .

حديث أم سلمة (رض) :
    ذكر ابن هشام في السيرة النبوية (1) عن أم سلمة قولها : « لما نزلنا أرض الحبشة ، جاورنا بها خير جار ـ النجاشي ـ أمّنا على ديننا ، وعبدنا الله تعالى ، لا نؤذى ، ولا نسمع شيئاً نكرهه . فلما بلغ ذلك قريشاً ائتمروا بينهم أن يبعثوا الى النجاشي فينا رجلين منهم جلدين ، وأن يهدوا للنجاشي هدايا مما يستطرف من متاع مكة . وكان من أعجب ما يأتيه منها الأدم (2) .
    فجمعوا له أدماً كثيراً ولم يتركوا من بطارقته بطريقاً إلا أهدوا له هدية .
    ثم بعثوا بذلك عبد الله بن أبي ربيعة ، وعمرو بن العاص . وأمروهما بأمرهم ، وقالوا لهما : ادفعوا الى كل بطريق هديته قبل أن تكلما النجاشي فيهم ، ثم قدما الى النجاشي هداياه .
    ثم سلاه أن يسلمهم اليكما قبل أن يكلمهم ، قالت : فخرجا حتى قدما على النجاشي ونحن عنده ... بخير دار عند خير جار ... فلم يبق من بطارقته بطريق إلا دفعا اليه هديته قبل أن يكلما النجاشي وقالا لكل بطريق منهم :
(1) السيرة النبوية لابن هشام ـ ج ـ 1 ـ ص ـ 158 ـ 359 .
(2) الادم ، هو الجلد وكانت مكة والجزيرة العربية معروفة بالجلود الممتازة وهي من مصادر ثروتها .



(164)
    « انه قد ضوى (1) الى بلد الملك منّا غلمان سفهاء ، فارقوا دين قومهم ولم يدخلوا في دينكم ، وجاؤوا بدين مبتدع لا نعرفه نحن ولا أنتم ، وقد بعثنا الى الملك فيهم أشراف قومهم ليردهم اليهم . فإذا كلمنا الملك فيهم ، فأشيروا عليه بأن يسلمهم الينا ولا يكلمهم فإن قومهم أعلى بهم عيناً (2) وأعلم بما عابوا عليهم وعاتبوهم فيه .
    قالت : ولم يكن شيء أبغض الى عبد الله بن أبي ربيعه وعمرو بن العاص ، من أن يسمع كلامهم النجاشي . قالت : فقالت بطارقته من حوله :
    صدقا أيها الملك قومهم أعلى بهم عيناً وأعلم بما عابوا عليهم فأسلمهم اليهما ، فليرداهم الى بلادهم وقومهم .
    قالت : فغضب النجاشي ، ثم قال : لا ها الله إذاً لا أسلمهم اليهما ، ولا يُكاد قوم جاوروني ، ونزلوا بلادي واختاروني على من سواي حتى ادعوهم فأسألهم عما يقول هذان في أمرهم . فإن كانوا كما يقولان أسلمتهم اليهما ، ورددتهم الى قومهم . وإن كانوا غير ذلك ، منعتهم منهما وأحسنت جوارهم ما جاوروني .
    قالت : ثم أرسل الى أصحاب رسول اللّه (ص) ، فدعاهم فلما جاءهم رسوله اجتمعوا ثم قال بعضهم : ماذا تقولون للرجل إذا جئتموه ...؟
    قالوا : نقول والله ما علَّمنا وما أمرنا به نبينا (ص) كائناً في ذلك ما هو كائن .
(1) ضوى : لجأ اليه ـ ولصق به ـ أي اتى ليلا متخفياً ـ سراً .
(2) اعلى بهم عيناً ـ اي اعرف بهم وابصر ـ والمعنى : عينهم وأبصارهم فوق عين غيرهم يرون منهم ما لا يرى غيرهم .



(165)
    فلما جاؤوا وقد دعا النجاشي اساقفته فنشروا مصافهم حوله ، سألهم فقال لهم : ـ ما هذا الدين الذي فارقتم فيه قومكم ولم تدخلوا في ديني ولا في دين احدٍ من هذه الملل ... ؟
    قالت : فكان الذي كلمه جعفر بن ابي طالب رضوان الله عليه ، فقال له : ايها الملك ، كنا قوماً أهل جاهلية نعبد الأصنام ونأكل الميتة ونأتي الفواحش ، ونقطع الأرحام ، ونسيء الجوار ويأكل القوي منّا الضعيف . فكنا على ذلك حتى بعث الله إلينا رسولاً منا ، نعرف نسبه ، وصدقه ، وأمانته ، وعفافه ، فدعانا الى الله لنوحده ونعبده ، ونخلع ما كنا نعبد نحن وآباؤنا من دونه من الحجارة والأوثان .
    وأمرنا أيضاً : بصدق الحديث ، وأداء الأمانة ، وصلة الرحم، وحسن الجوار والكف عن المحارم والدماء .
    ونهانا أيضاً عن الفواحش ، وقول الزور ، وأكل مال اليتيم ، وقذف المحصنات .
    وأمرنا أن نعبد الله وحده لا نشرك به شيئاً ، وأمرنا بالصلاة والزكاة والصيام ... الخ قالت : فعدد عليه امور الاسلام .
    فصدقناه وآمنا به .
    واتبعناه على ما جاء به من الله وحده ، فلم نشرك به شيئاً ، وحرمنا ما حرَّم علينا ، وأحللنا ما أحل لنا ، فعدا علينا قومنا ، فعذبونا ، وفتنونا عن ديننا ، ليردونا الى عبادة الأوثان ، من عبادة الله تعالى ، وأن نستحل ما كنا نستحل من الخبائث .
    فلما قهرونا وظلمونا ، وضيقوا علينا ، وحالوا بيننا وبين ديننا ، خرجنا الى


(166)
بلادك ، واخترناك على من سواك ، ورغبنا في جوارك ورجونا ان لا نظلم عندك أيها الملك .
    قالت : فقال له النجاشي : هل معك مما جاء به عن الله من شيء ؟ قالت : فقال له جعفر : نعم ، فقال له النجاشي : فاقرأه عليّ . قالت : فقرأ عليه صدراً من « كهيعص » . قالت : فبكى والله النجاشي حتى اخضلت لحيته ، وبكت أساقفته حتى اخضلوا (1) مصاحفهم ، حين سمعوا ما تلا عليهم ، ثم قال لهم النجاشي : إن هذا الدين ، والذي جاء به عيسى ليخرج من مشكاة واحدة (2) انطلقا ، فلا والله لا اسلمهم إليكما ، ولا يُكادون .
    قالت : فلما خرجا من عنده ، قال عمرو بن العاص : والله لآتينه غداً عنهم بما أستأصل به خضرائهم (3) . قالت : فقال له عبد الله بن ابي ربيعة وكان أتقى الرجلين : لا نفعل ، فإن لهم ارحاماً وإن كانوا قد خالفونا .
    قال : والله لاخبرنه انهم يزعمون أن عيسى بن مريم عبد . قالت : ثم غدا عليه من الغد ، فقال له : أيها الملك إنهم يقولون في عيسى بن مريم قولاً عظيماً ، فأرسل إليهم ، فسلهم عما يقولون فيه .
    قالت : ولم ينزل بنا مثلها قط : فاجتمع القوم ثم قال بعضهم لبعض ماذا تقولون في عيسى بن مريم إذا سألكم عنه ..؟ قالوا : نقول والله ما قال الله ، وما جاءنا به نبينا ، كائناً في ذلك ما هو كائن .
(1) اخضل : ابل ـ واخضلت لحيته : ابتلت
(2) المشكاة : قال في لسان العرب : « وفي حديث النجاشي : إنما يخرجوا من مشكاة واحدة . المشكاة : الكوة غير النافذة ؛ وقيل هي الحديدة التي يعلق عليها القنديل » . اراد القرآن ـ والأنجيل كلام الله تعالى ـ وأنهما من شيء واحد .
(3) خضراءهم ـ معناه : شجرتهم التي منها تفرعوا .



(167)
    قالت : فلما دخلوا عليه ، قال لهم : ماذا تقولون في عيسى بن مريم ؟ قالت فقال جعفر بن ابي طالب : نقول فيه الذي جاءنا به نبينا (ص) يقول : هو عبد الله ورسوله ، وروحه وكلمته ، ألقاها الى مريم العذراء البتول .
    قالت : فضرب النجاشي بيده الى الارض ، فأخذ منها عوداً ثم قال : والله ما عدا عيسى بن مريم بمقدار هذا العود ، فقالت : فتناخرت بطارقته حوله حين قال ما قال :
    فقال : وإن نخرتم والله ... اذهبوا فأنتم شيوم بأرضي ـ والشيوم الآمنون ـ من سبكم غرم ، ثم قال : من سبكم غرم ، ثم قال : من سبكم غرم : ما أحب ان لي ديراً من ذهب ، وإني آذيت رجلاً منكم ـ ردوا عليهما هداياهم ، فلا حاجة لي بها . فو اللّه ما اخذ اللّه منِّي الرشوة حين ردَّ علي ملكي ، فآخذ الرشوة فيه ، وما أطاع الناس فيَّ فأطيعهم فيه .
    قالت : فخرجا من عنده ، مقبوحين مردوداً عليهما ما جاءا به وأقمنا عنده بخير دار ـ مع خير جار . ( انتهى ) .
    لقد كانت السيدة أم سلمة أول ظعينة دخلت الى المدينة المنورة مهاجرة ، وكان زوجها ابو سلمة قد سبقها إليها . وتروي لنا رحلتها الى ( يثرب ) المدينة المنورة فتقول : رحَّلت بعيري ، ووضعت ابني في حجري ، ثم خرجت اريد زوجي بالمدينة ، وما معي أحد من خلق اللّه ، فقلت اتبلغ بمن لقيت ، حتى أقدم على زوجي بالمدينة ، حتى إذا كنت بالتنعيم ، لقيت عثمان بن طلحة اخا بني عبد الدار ، فقال الى اين با ابنة أبي امية ؟ فقلت : اريد زوجي بالمدينة ، فقال : هل معك أحد ...؟ فقلت : لا واللّه إلا اللّه ... وابني هذا .
    فقال : واللّه مالك من منزل ـ فأخذ بخطام البعير ، فانطلق يهوي بي يقودني ، فو اللّه ما صحبت رجلاً من العرب أكرم منه .


(168)
    كان إذا بلغ المنزل ، أناخ بي ثم تنحى الى شجرة ، فاضطجع تحتها ، ثم استأخر عني ، حتى إذا نزلت استأخر ببعيري ، فحط عنه ثم قيده في الشجرة . فاذا دنا الرواح ، قام الى بعيري ، فقدمه ، فرحَّله ، ثم تأخر عني وقال : اركبي ... فإذا ركبت واستويت على بعيري ، أتى فأخذ بخطام البعير فقاده ، ولم يزل يصنع ذلك حتى قدم المدينة (1) .
    وفي وقعة أحد قتل ابو سلمة رضوان اللّه عليه مجاهداً ، فحزنت عليه زوجته ام سلمة ، ووجدت كثيراً على فقد الزوج المؤمن العطوف الذي كان دائماً يدعو لها بالخير والسعادة ، وطالما ردد قوله : « اللهم ارزق ام سلمة بعدي رجلاً خير مني ، لا يخزيها ولا يؤذيها » .
    فلما مات قالت : من هذا الذي هو لي خير من أبي سلمة ..؟ وكأن اللّه قد استجاب دعاء ابي سلمة المجاهد المؤمن فتزوجها رسول اللّه (ص) .

زواج رسول اللّه (ص) من أم سلمة :
    حزنت أم سلمة على فقد الزوج الرؤوف ، وعطفت على اولادها ، ترعاهم بكل حنان وعطف حتى إذا انقضت عدتها أرسل إليها ابو بكر يخطبها ، فرفضت بكل إصرار ، وخطبها عمر بن الخطاب فرفضت أيضاً (2) .
    وأرسل رسول اللّه (ص) الى أم سلمة يخطبها ، فقالت مرحباً برسول اللّه
(1) سيرة ابن هشام ـ ج ـ 2 ـ ص 113 . وفي الدر المنثور ص ـ 531 اقول : لقد كان المسلمون الاول مثال الشهامة ، والمروءة ، والغيرة ، والحمية . فحديث ام سلمة عن عثمان بن طلحة ومرافقته لها في الطريق ومعاملته اياها المعاملة الحسنة حيث كان يتنحى الى جهة ثانية ويتأخر ، حتى تركب راحلتها لهي في منتهى الحشمة والادب .
(2) اعلام النساء ـ للاستاذ عمر رضا كحالة ،



(169)
ورسوله . ولكن ارجع الى النبي وقل له : اني امرأة غيري ، واني ام أيتام ، وانه ليس احد من أوليائي شاهداً . فأرسل رسول اللّه (ص) : « أما قولك : اني ام ايتام « مصبية » فان اللّه سيكفيك صبيانك ، وأما قولك اني غيرى ـ فسأدعوا اللّه ان يذهب غيرتك وأما الأولياء فليس أحد منهم شاهداً ولا غائباً إلا استرضاني » .
    تزوجها رسول اللّه (ص) السنة الرابعة للهجرة ، من شهر شوال ، فكانت من خيرة نسائه ، ذات عقل راجح ، وإيمان راسخ ورأي صائب ، مع ورع وتقى .
    شهدت ام سلمة (1) رضوان اللّه عليها فتح خيبر ، وقالت مع نسوة : على ما يروى ـ ليت اللّه كتب علينا الجهاد كما كتب على الرجال ، فيكون لنا من الأجر مثل ما لهم ، فنزلت الآية الكريمة واللّه اعلم « ولا تتمنوا ما فضل اللّه به بعضكم على بعض » (2) .
    لقد كان لأم سلمة الرأي السديد ، وبعد النظر ، مع سلامة التفكير ، وحسن التعبير ، والحرص على مصلحة المسلمين ، واداء النصيحة لهم ، وإرشادهم الى طريق الصواب .

نصيحة أم سلمة للخليفة عثمان :
    حينما ثار الناس على الخليفة عثمان بن عفان بسبب ليونته ومعاملته لأقربائه بالحسنى ، وإيثار بني أمية بالأموال والمناصب الرفيعة ، وتسلط مروان بن الحكم على أفكاره حتى اصبح عثمان لا يعمل عملاً إلا بمشورة مروان ، ولم يلتفت الى


(1) اعلام النساء عمر رضا كحالة ـ ص ـ 224 .
(2) سورة النساء ـ آية ـ 31
.


(170)
نصائح المسلمين عندما طلبوا منه الحد من سيطرة مروان ـ وأمثاله من بني أمية ـ واستئثارهم بمقدرات المسلمين ، واللعب بشؤون الخلافة ، الى غير ذلك مما لسنا بصدده .
    ولما اجتاحت الثورة العارمة صبر المسلمين ، نرى السيدة ام سلمة تتوجه الى الخليفة عثمان بنصيحتها التي تفيض عطفاً ، وحرصاً على المصلحة العامة . وعدم تضعضع الصف ، وحفاظاً على الإسلام .
    قالت له : يا بني ما لي ارى رعيتك عنك نافرين وعن جناحك ناقرين . لا تعف طريقاً كان رسول اللّه (ص) يحبها . ولا تقتدح بزند كان عليه الصلاة والسلام اكباه ـ وتوخ حيث توخي صاحباك فانهما ثكما الامر ثكماً .. ولم يظلما ....
    هذا حق أمومتي قضيته اليك ، وإن عليك حق الطاعة (1) .

حديث أم سلمة مع عائشة :
    تتجلى لنا شخصية أم سلمة وتعلقها وبعد نظرها في عواقب الامور ، وذلك عندما ارادت عائشة أم المؤمنين الخروج للمطالبة بدم عثمان .
    جاءت عائشة الى ام سلمة ، لاستشارتها من جهة ولاقناعها ، لعلّها تخرج معها من جهة ثانية .
    وقد قامت عائشة بهذه المحاولة وهي تعرف حق المعرفة ما تتحلى به رفيقتها من قوة الشخصية ، وبعد النظر والاعتقاد بحق علي ، ومنزلته عند ربه ، وهو الإمام الحق .
(1) اعلام النساء ـ عمر رضا كحالة .