العمل وحقوق العامل في الاسلام ::: 256 ـ 270
(256)
قال اللّه تعالى : ( وأقيموا الصلاء وآتوا الزكاة ) (1) وقال تعالى ( وما أمروا إلا ليعبدوا اللّه مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة ) (2).
    إن فلسفة الزكاة تقوم على مبدأ التكافل الاجتماعي ذلك المبدأ الذي أحله الاسلام مقام الذروة في مجتمعه فالفرد مسؤول عن غيره مسؤولية لا نجد لها نظيراً في أي مذهب آخر ، وليست هذه المسؤولية مجرد مسؤولية معنوية ، وانما هي مسؤولية مادية أيضاً بحيث لا يمكن للفرد المسلم أن يتخلص منها. وقد وجبت في الثروات الأساسية في الذهب والفضة والانعام الثلاثة الابل والبقر والغنم والغلات الأربع الحنطة والشعير والزبيب والنمر على ما يفصلها الفقهاء في كتبهم.
    إن الزكاة هي الثروة الكافلة للعاطلين من المسلمين ، والوسيلة للعاجزين والمرضى واليتامى فانها تنفي عنهم كابوس الفقر والحرمان يقول الامام كاشف الغطاء رحمه اللّه في فلسفة تشريعها :
    ( وليست فوائد هذا التشريع مقصورة على الناحية المادية بل فيها من الفوائد الاجتماعية والتأليف بين الطبقات ، وتعاطف
1 ـ سورة البقرة : آية 43.
2 ـ سورة البينة : آية 5.


(257)
الناس بعضهم على بعض ، وقطع دابر الفساد والشغب فيما بينهم ما هو أوسع وأجل وأجمع فان فيه غرس بذور المحبة بين الفقير والغني ، فالغني يدفع وينفع الفقير باليسير من ماله عن طيب خاطره أداء لواجبه ورغبة بطلب المثوبة من ربه ، والفقير يأخذها من غير مهانة ولا ذلة لأنه أخذ الحق الواجب له من مالكه وخالقه ) (1).
    ويلاحظ في الزكاة ما يلي :
    1 ـ إن الزكاة يجب أن تصرف لفئات معينة ، وهم الفقراء والمساكين ، وهم في الدرجة الأولى ، ثم للعاملين في جبايتها ثم للمدينين الذين لا يستطيعون وفاء دينهم ، ثم للعبيد لعتقهم ، وأبناء السبيل المنقطعين في الغربة ، والمؤلفة قلوبهم ، وفي سبيل اللّه أي المصالح العامة كبناء القناطر والمدارس والمعابد وأمثال ذلك ، وقد نص القرآن الكريم على تلك الفئات قال تعالى : ( إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين ، والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل اللّه وابن السبيل ) (2).
    2 ـ إنها ليست إحساناً ولا منة بل هي حق إجتماعي
1 ـ الفردوس الاعلى ص 182.
2 ـ سورة التوبة : آية 60.


(258)
تشرف الدولة على استيفائها وتأخذها بالجبر من الممتنع عن ادائها.
    3 ـ إن زكاة كل أقليم تنفق فيه ، ولا يجوز اخراجها عنه ، فاذا فضل منها شيء رد الى بيت المال العام لينفق على سائر سكان الوطن الاسلامي.
    4 ـ أجمع عامة الفقهاء من مختلف المذاهب على عدم جواز إلجاء الفقير أو الغارم الى بيع شيء من حوائجه ليصلح بثمنها سبيل عيشه أو ليوفي به شيئاً من الدين الذي عليه ، فان فقدان ذلك أشد ضرراً عليه من الفقر أو الدين. والحوائج هي ما يلي :
    1 ـ مسكن لائق له ولأهله.
    2 ـ البسة له ولهم حسب ما يقتضيه العرف العام بالنسبة لوضعه.
    3 ـ خادم له أو لزوجته اذا كان محتاجاً أو كانت محتاجة لذلك.
    4 ـ المركب الذي يحتاج اليه ، من فرس وغيره.
    فالفقير في عرف الاسلام هو الذي يملك هذه الأشياء ولكن لم تكن عنده مؤنة سنته بالفعل أو بالقوة فله أن يأخذ من أموال الزكاة ما يقيم أوده ويسد حاجته ؟ وقد سأل رجل الحسن عن الرجل تكون له الدار والخادم أفيأخذ الصدقة ؟ قال


(259)
يأخذ الصدقة ان احتاج ولا حرج (1) كما له أن يأخذ من أموال الزكاة ويشتري بها هذه الأمور اذا كان فاقداً لها وكان محتاجاً لها (2).
5 ـ ان أداء الزكاة على هذا الوجه يسير بالمجتمع نحو الغنى والازدهار ، وتتخلص الأمة بسببه من الفقر والفاقة.
    هذا موجز الكلام في الزكاة أما بيان الموارد التي تجب فيها وتستحب وباقي أحكامها وشرائطها فقد تعرضت لها بالتفصيل كتب الفقه الاسلامي.
    2 ـ الخمس
    من الضرائب المالية الكبرى التي فرضها الاسلام على أموال الاغنياء ، الخمس ، فقد فرضه اللّه تعالى لنبينا محمد (ص) وذريته عوضاً عن الزكاة إكراماً لهم عنها فمن منع منه درهماً أو أقل كان مندرجاً في الظالمين لهم والغاصبين لحقهم بل من كان مستحلاً لذلك كان من الكافرين ، وان أيسر ما يدخل به العبد النار أكل درهم واحد منه ، ولا يعذر عبد اشترى منه
1 ـ رواه ابو عبيد في كتابه الاموال.
2 ـ الروضة كتاب الزكاة.


(260)
شيئاً أن يقول : يا رب اشتريته بمالي حتى يأذن له أهله (1).
    إن الخمس من أضخم الضرائب المالية التي توجب تخفيف رأس المال ، وتقليص ظل الثراء ، وهو يجب في سبع موارد اكثرها انتشاراً أرباح المكاسب ، وهي ما يفضل من مؤنة السنة من أرباح التجارة والصناعة والزراعة وسائر أنواع التكسبات مثل الكتابة والخياطة والتجارة ، الى غير ذلك فان الفاضل يجب فيه الخمس ، ويدفع نصفه الى فقراء العترة الطاهرة من ذرية الرسول (ص) تكريماً لهم وشبه جزاء وأجر لجدهم الأعظم (ص) فيما تحمل من عناء التبليغ ، وأعباء أداء الرسالة وأما النصف الآخر فيدفع الى الامام (ع) وفي حال الغيبة يدفع الى نائبه وممثله الحاكم الشرعي ليصرفه في صالح المسلمين.
    هذا موجز القول في بعض الضرائب المالية التي فرضها الاسلام وهي توجب تحديد الملكية وتقضي علي تضخم الثراء.
    3 ـ الحث على الانفاق
    وحث الاسلام على الانفاق في وجوه البر والاحسان ، وطلب من المثرين أن يقوموا بدورهم بالمبرات الاجتماعية كمساعدة الضعفاء ومعونة الفقراء ، وما الى ذلك من وجوه الخير ، وقد
1 ـ سفينة النجاة : 2 ـ 182.

(261)
تكررت الدعوة لذلك في القرآن الكريم فقلما تجد سورة من سورة المباركة خالية عن الحث على ذلك قال تعالى : ( مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل اللّه كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة واللّه يضاعف لمن يشاء واللّه واسع عليم ، الذين ينفقون أموالهم في سبيل اللّه ثم لا يُتبِعونَ ما أنفقوا منّاً ولا أذى لهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون ) (1).
    ووصف تعالى الانفاق في سبيله بأنه التجارة الرابحة ، التي تنفع صاحبها في يوم حشره ونشره قال تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم تؤمنون باللّه ورسوله وتجاهدون في سبيل اللّه بأموالكم وأنفسكم ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون ) (2).
    وقال تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا انفقوا مما رزقناكم من قبل أن يأتي يوم لا بيع فيه ولا خلة ) (3).
    يقول الامام كاشف الغطاء : « ما من شريعة من الشرايع
1 ـ سورة البقرة آية 261 و 262.
2 ـ سورة الصف آية 9 و 10.
3 ـ سورة البقرة آية 254.


(262)
ولا دين من الأديان ، ولا كتاب من الكتب قد حث وبالغ في الدعوة والاحسان والمعروف وبذل المال في سبيل الخير مجاناً ولوجه اللّه كشريعة الاسلام ، وكتابها المجيد » (1) إن الانفاق في سبيل اللّه من أهم العوامل التي تقضي على تضخم الملكية ، وتكديس الثراء ، كما إنه من أقوى البواعث لرقي الأمة ونهضتها وتوحيد كلمتها.
    إن المثرين لو وجهوا جهودهم نحو فعل الخير والبر بالمعوزين لما حدثت في البلاد هذه الموجات العارمة ولما تمكن الشيوعيون وغيرهم من دعاة المبادئ المختلفة الهدامة على نشر مبادئهم وبث سمومهم وأضاليلهم بين المسلمين.
    إن المثرين من أبناء هذه الأمة مسؤولون أمام اللّه عن البر بالفقراء وتقديم المعونات لهم ، فانه ليس من الاسلام أن يتمتعوا بملاذ الحياة وترفها ونعيمها وفي المجتمع ممن لا عهد له بالقوت ولا طمع له بالشبع الأمر الذي أدى الى تفكك المجتمع وفصم عرى الوحدة بين الفئات ، وشحن قلوب الفقراء بالكراهية والبغض للمثرين.
    هذه بعض المعالم الرئيسية في الاقتصاد الاسلامي وهي
1 ـ الفردوس الأعلى.

(263)
تنشد صالح العامل وجميع فئات المجتمع لأنها حفلت بكل معالم الخير والتعاطف وزخرت بكل مقومات النهوض والارتقاء.
    لقد ضمن الاقتصاد الاسلامي العام الحياة الكريمة لكل مواطن كما ضمن له الفرص المتكافئة في الحياة ، فلا فقر ولا حرمان ولا بؤس في ظلاله وذلك لما يسعى اليه من تحقيق العدالة الاجتماعية ورفع مستوى المعيشة والقضاء على الفاقة والاعواز.
    4 ـ الإرث
    إن الاسلام فرض قانون الميراث ليمنع من اتساع الملكية عند الأقلية فان صاحب الثروة اذا توفي وطبقت قوانين الميراث في تركته فانها حتماً تتلاشى لأنها توزع على ذريته بحسب التفاوت بين أنصبتهم ، ويظهر حينئذ عدد وافر من صغار الملاكين وتضمحل بذلك الملكية الكبيرة.
    إن قوانين الميراث الاسلامي لو سار عليها المسلمون وطبقوها على واقع حياتهم لما بقي وجود للملكية الكبيرة ، ولا وجد ظل للاقطاع في بلادهم ، ولكنهم انحرفوا عن ذلك فان كثيراً منهم ـ يوصي بأغلب ممتلكاته الى ولده الاكبر ويحرم منها بقية الورثة الأمر الذي أدى الى خلق المشاكل ، واضطراب


(264)
الاوضاع العامة في البلاد.
    إن قانون الميراث يوجب بسط الثروة على الجميع ، ويقضي على الثراء الفاحش ، وهو من محاسن التشريع الاسلامي في عالم الاقتصاد يقول الدكتور ( جوستاف لوبون ) الفرنسي :
    « ومبادئ المواريث التي نص عليها القرآن على جانب عظيم من العدل والانصاف ... والشريعة الاسلامية التي منحت الزوجات اللواتي يزعمن أن المسلمين لا يعاشروهن ـ إلا بالمعروف ـ حقاً في المواريث لا نجد مثلها في قوانيننا (1) والاسلام حينما جعل الميراث بالشكل المذكور في القرآن الكريم إنما جعله في موضعه اللائق بعد الاحتياطات السلبية والايجابية المتقدمة التي تحول دون تضخم الثروة ولذلك فهو يختلف ويفترق عن القوانين الرأسمالية التي تخص الميراث بالولد الاكبر ، كما يختلف في نفس الوقت مع الاشتراكيين الذين تحولت أفكارهم من فرض ضرائب تصاعدية على الميراث الى مصادرة نفس الأموال قبل وصولها الى الورثة الشرعيين (2).
    هذا هذا موجز الكلام في الحقوق العامة للعامل باعتباره
1 ـ حضارة العرب ص 417ترجمة محمد عادل زعيتر.
2 ـ راجع اشتراكية القرن العشرين ترجمة محمود فتحي.


(265)
جزءاً لا يتجزأ من المجتمع المسلم تشمله سعادتهم والعدل الذي يسعهم.

    إن تشريعات الاسلام بالنسبة لخصوص العامل تنوعت حسب ما تقتضيه مصلحة العامل فتارة شرع ملكية العامل واختصاصه وذلك في المواد الأولية والطبيعية وما يستخرجه منها كاستخراج النفط والمعادن وصيد الطير والسمك وتقطيع خشب الغابات وأمثال ذلك (1) ،

    وحث الاسلام على المضاربة لأن لها الأثر التام في تنمية الحركة الاقتصادية ، وتشغيل الأيدي العاطلة ، ورواج التجارة ، وجلب البضاعة الى الأسواق وتمكين الناس منها ، ولا بد من ذكر بعض الجهات المتعلقة بها ـ ولو إجمالاً ـ والى القراء ذلك :
1 ـ للاحاطة راجع اقتصادنا الكتاب الثاني.

(266)
    1 ـ معناها
    المضاربة مأخوذة من الضرب في الأرض لأن العامل يضرب فيها للسعي على التجارة وابتغاء الربح بطلب صاحب المال فكان الضرب مسبباً عنهما وبذلك تحققت المفاعلة ، وأهل الحجاز يسمونها قراضاً مأخوذة من القرض ، وهو القطع كأن صاحب المال اقتطع منه قطعة ، سلمها الى العامل أو واقتطع قطعة من الربح في مقابل عمله (1).
    وعلى أي حال فان حقيقة المضاربة أن يكون رأس المال من شخص والعمل من شخص آخر ، ويتقاسمان الربح الذي يثمره ذلك المال بحسب الاتفاقية المعقودة بينهما. وهي شبيهة بنظام الشركات المساهمة في بعض النواحي.
    2 ـ في علم الاقتصاد
    إن علماء الاقتصاد يعدون المضاربة من العوامل الأصيلة التي تساعد على توفر السلع في الأسواق ولولاها لتعرض السوق لهزات عنيفة تذهب بثروات المتعاملين.
    إن المضارب يساعد على كبح جماح تقلبات الاسعار العنيفة لأنه متى طرأت التقلبات على الاسعار تقدم المضارب ليشتري
1 ـ الروضة كتاب المضاربة.

(267)
أو ليبيع وفاقاً لحركة الاثمان. وطالما وقفت صفقاته عائقاً دون سرعة هذه الحركة (1).
    وقد أضفى عليها علماء الاقتصاد من المديح والثناء حتى جعلوها من أسمى الاعمال التي يقوم بها الانسان. يقول كلوديو حانية ـ العالم الفرنسي ـ « ضارب معناه ارتأى خطر الربح ليحققه وخطر الخسارة ليبعد عنها ، وهذا النظر البعيد هو الرياضة الطبيعية لملكات العقل البشري السامية ».
    ويقول برودون ـ العالم الفرنسي ـ المضاربة في الوضع الصحيح هي عبقرية الاستكشاف فهي التي تبتدع وتجدد. وتسد الحاجة ، وتحل المعضل ، وهي كالروح اللا نهائي تخلق كل شيء من لا شيء!! وهي الملكة الاقتصادية الاصيلة ، لأنها دائمة اليقظة لا تفنى مواردها مسيئة الظن في الرخاء ، عظيمة الجرأة في الشدائد ، ترى الرأي ، وتتصور الصورة ، وتضع الحدود وتجادل ، وتنظم ، وتأمر ، وتشرع ، وليس على العمل ورأس المال والتجارة سوى التنفيذ!! فتلك الرأس وهذه الأعضاء ... تمشي أميرة وتتبعها هذه إماء!! (2).
1 ـ اعمال البورصة في مصر لجول خلاط ص 23.
2 ـ اعمال البورصة في مصر.


(268)
    ويمكن أن نلخص المزايا الاقتصادية التي تنجم عنها المضاربة فيما يلي :
    1 ـ انها توفق بين العمل ورأس المال ، وترفع من قدر العامل فتحوله من أداة في الانتاج الى منزلة الشريك.
    2 ـ إنها تزيد في انتاج العمل ، وتبعث في العامل الاهتمام على نجاح التجارة والمشروع الذي بيده.
    3 ـ انها تنمي دخل العامل باضافة حصة ينالها في وقت تصفية الارباح فتعينه على التوفير أو على مقابلة النفقات غير العادية.
    4 ـ انها تمنع من البطالة بتكوينها الروابط الدائمة بين صاحب المال والعمل.
    5 ـ انها تفتح باب التعاون الاقتصادي بين العمل ورأس المال على أساس عادل من غير ازدراء بالعمل ، ولا استعلاء من جانب رأس المال بل على أساس من التعاون على الانتاج بحقوق وامتيازات متساوية ، كما تضمن استقرار العمل وتفادي الازمات الاقتصادية التي تحدث في البلاد.
    6 ـ انها تقضي على تضخم رأس المال الفردي لأن الربح يوزع توزيعاً عادلاً بين الطرفين فلا يحصل ـ على الاكثر ـ


(269)
تضخم مالي عند صاحب المال.
    ولعل لهذه الجهات ولغيرها شرعها الاسلام ، وندب اليها.
    3 ـ شرائطها
    ويشترط في تحقق المضاربة الايجاب والقبول ، والبلوغ والعقل ، والاختيار وعدم الحجر لسفه أو فلس أو جنون ، ومضافاً لهذه الامور فانه يشترط كون رأس المال عيناً فلا تصح بالمنفعة ، ولا بالدين فلو كان لصاحب المال دين على أحد فلا يجوز أن يجعله مضاربة إلا بعد قبضه له ، كما انه لا بد أن يكون رأس المال معلوم القدر والوصف ، ولا تكفي المشاهدة له وذلك لحصول الغرر الذي يؤدي الى النزاع ووقوع الخصومة بينهما كما لا بد أن يكون رأس المال معيناً فلو احضر مالين ، وقال : قارضتك باحدهما أو بأيهما شئت لا تصح المضاربة ، ويشترط أن يكون الربح مشاعاً بينهما فلو جعل لأحدهما مقداراً معيناً والبقية للآخر أو البقية مشتركة لا تنعقد المضاربة كما لا بد من تعيين الحصة لكل منهما كالنصف والثلث ونحو ذلك واذا لم تعين تبطل ، كما لا بد أن يكون الربح بينهما فلو شرطاً جزءاً منه لاجنبي لا يصح ذلك إلا أن يقوم بعمل متعلق بالتجارة فيصح إشراكه في الربح ، كما يشترط أن يكون العامل قادراً على العمل


(270)
فلو كان رأس المال بمقدار يعجز العامل عن التجارة به فلا تصح المعاملة ويكون تمام الربح لصاحب رأس المال وللعامل أجرة عمله.
    هذه بعض الشرائط التي ذكرها الفقهاء وهناك أمور أخرى اعتبرها بعضهم ولم يعتبرها البعض الآخر فلذا لم نذكرها.
    4 ـ النفقات
    والمراد بالنفقات ما يحتاج اليها العامل في حال سفره من مأكول وملبوس ، واجور النقل والمسكن وغير ذلك مما يحتاج اليه في سفره ، وتؤخذ هذه النفقات من رأس المال ، وقد دلت على ذلك صحيحة علي بن جعفر عن أخيه أبي الحسن موسى عليه السلام فقد جاء فيها « المضارب ما أنفق في سفره فهو من جميع المال فاذا قدم البلد فما أنفق من نصيبه ».
    أما نفقاته في حال حضره فهي من ماله الخاص وليس له أن يأخذ من رأس المال شيئاً إلا اذا شرط ذلك على المالك فانه يلزم حينئذ بتنفيذه لعموم قوله عليه السلام : « المؤمنون عند شروطهم ».
    5 ـ ملكية العامل
    ويملك العامل حصته من الربح بمجرد ظهوره من غير
العمل وحقوق العامل في الاسلام ::: فهرس