(61)
او لكثرة مباشرته لها ثم اسندوا الرواية عن كل واحد منهم الى اثنين لتجردهما لروايتها وعدم تجرد غيرهما اذ فيه المنع من حصول اليقين ينقلهم سيّما مع مخالفةالمذهب مع هن وهن مع انه ليس الكلام في المشترك بل الخصوص وبلوغ القارين لكل واحدة منها حد التواتر اول الكلام هذا كله مضافاً الى ما اورده الرازي عليهم من انه اذا كانت تلك القراءات متواترة وخير الله المكلفين بينها فترجيح بعضها على بعض موجب للفسق مع انك ترى ان كل واحد من هؤلاء القراء مختص بنوع معين من القراءة ويحمل الناس عليه ويمنعهم عن غيره ... الخ (1)
     2 ـ ما نمقته يراعه المحقق النجفي في جواهر الكلام حيث قال : منع التواتر او فائدته اذ لو أريد به الى النبي صلى الله عليه وآله كان فيه ان ثبوت ذلك بالنسبة الينا عن طريق العلم مفقود قطعاً بل لعل المعلوم عندنا خلافة ضرورة معروفية مذهبنا بأن القرآن نز بحرف واحد على نبي واحد والاختلاف فيه من الرواة كما اعترف به غير واحد من الاساطين ... (2)
     وبالجملة من انكر التواتر منا ومن القوم خلق كثير بل ربما نسب الى اكثر قدمائهم تجويز العمل بها وبغيرها لعدم تواترها (3) ... كما انه من المستبعد ايضاً توتر الحركات والسكنات مثلاً في الفاتحة وغيرها من سور القرآن ولم يتواتر اليهم ان البسملة آية منها ومن كل سورة عدا براءة وأنه يجب قراءتها معها سيما والفاتحة باعتبار وجوب قراءتها في الصلاة تتوفر الدواعي الى معرفة ذلك فيها .
     فقول القراء حينئذ بخروج البسامل من القرآن كقولهم بخروج المعوذتين منه أقوى شاهد على ان قرائتهم مذهب لهم لا انه قد تواتر اليهم ذلك والمشهور بين اصحابنا بل لا خلاف فيه بينهم كما عن المعتبر كونها آية من الفاتحة بل عن المنتهى
(1) نفس المصدر السابق ص 115 .
(2) جواهر الكلام ج 9 ص 943 .
(3) نفس المصدر السابق ص 295 .

(62)
انه مذهب أهل البيت بل النصوص مستفيضة فيه ان لم تكن متواترة كالاجماعات على ذلك بل وعلى جزئيتها من كل سورة (1) ... واغرب منها القول بان عدم تواترها يقضى بعدم تواتر بعض القرآن اذ هو مع انه مبني على كونها من القرآن ليس شيئاً واضح البطلان .
     ضرورة كون الثابت عندنا تواتره من القرآن موارد الكلمات وجواهرها التي تختلف الخطوط ومعاني المفردات بها لا غيرها من حركات (حيث) مثلاً ونحوها مما هو جائز بحسب اللغة وجرت العادة بايكال الامر فيه القياسات اللغوية من غير ضبط لخصوص ما يقع من اتفاق التلفظ به من الحركات الخاصة ... اذ دعوى حصول القطع به (أي بالتواتر المزعوم عنهم) من امثال ذلك مكابرة واضحة كدعوى كفاية الظن في حرمة التعدي عنه الى غيره مما هو جائز وموافق للنهج العربي وانه متى خالف بطلت صلاته اذ لا دليل على ذلك (2) ... ودعوى ارادة القراءات السبعة في حركات المباني من الاعراب في عبارات الأصحاب لا دليل عليها نعم وقع ذلك التعيين في كلام بعض متأخري المتأخرين من أصحابنا .
     وظني انه وهم محض كالمحكي عن الكفاية عن بعضهم من القول بوجوب مراعاة جميع الصفات المعتبرة عند القراء ... بل لو ان مثل تلك الامور مع عدم اقتضاء اللسان لها من اللوازم لنادى بها الخطباء وكرر ذكرها العلماء .. ولأكثروا السؤال في ذلك للائمة الامناء ولتواتر النقل لتوفر دواعيه والاستدلال على الدعوى المزبورة بتلك الاخبار يدفعه ظهور تلك النصوص في ارادة عدم قراءة القرآن بخلاف ما هو عليها من الاشياء التي ورد في النصوص حذفهم لها او تحريفها لامثل الهيئات الموفقة للنهج العربي (3) .
(1) نفس المصدر السابق ص 296 .
(2) نفس المصدر السابق ص 297 .
(3) نفس المصدر السابق ص 299 .

(63)
     3 ـ ما ذكره الفقيه الهمداني في مصباح الفقيه بقوله : ان دعوى تواتر جميع القراءات السبعة او العشرة بجميع خصوصياتها عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم تتضمن مفاسد ومناقضات لا يمكن توجيهها وقد تصدى جملة من القدماء والمتأخرين لايضاح ما فيها من المفاسد لا يهمنا الاطالة في اليرادها . ثم نقل كلام الشهيد الثاني المتقدم ذكره وذيله بقوله : اذ كيف يعقل ذلك بعد فرض كون القرآن واحداً بالشخص ومباينة بعض القراءات مع بعض في ذات .
     فالذي يغلب على الظن ان عمدة الاختلاف بين القراء نشأ من الاجتهاد والرأي والاختلاف في قراءة المصاحف العثمانية العارية عن الاعراب والنقط مع ما فيها من التباس بعض الكلمات ببعض بحسب رسم خطه كملك ومالك ولذا اشتهر عنهم ان كلا منهم كان يخطئ الآخر ولا يجوز الرجوع الى الآخر .
     نعم لا ننكر ان القرءا يسندون قراءاتهم الى النبي صلى الله عليه وآله وان الاختلاف بين القراء نشأ من الاجتهاد والرأي والاختلاف في قراءة المصاحف العثانية العارية عن الاعراب والنقط مع ما فها من التباس بعض الكلمات ببعض بحسب رسم خطه كملك ومالك ولذا اشتهر عنهم ان كلا منهم كان يخطئ الآخر ولا يجوز الرجوع الى الآخر .
     نعم لا ننكر ان القراء يسندون قراءاتهم الى النبي صلى الله عليه وآله وان الاختلاف قد ينشأ من ذلك فانه نقل ان عاصم الكوفي قرأ القراءة على جماعة منهم ابو عبد الرحمن وهو اخذها من مولانا امير المؤمنين عليه السلام وهو من النبي صلى الله عليه وآله وان حمزة اخذها من جماعة منهم مولانا الصادق عليه السلام وهم يوصلون سندها الى النبي صلى الله عليه وآله وهكذا سائر القراء ولكن لا تعويل على هذا الاسانيد فضلا عن صيرورة القراءات بها متواترة خصوصا بعد أن ترى انهم كثيراً ما يعدون القرءات قسيماً لقراءة علي واهل البيت عليهم السلام .
     ثم قال : قال بعض الافاضل انه يظهر من جماعة ان اصحاب الاراء في القراءت كانوا كثيرة وكان دأب الناس انه اذا جاء قار جديد اخذوا بقوله وتركوا قراءة من تقدمه نظراً الى ان كل قار لا حق كان ينكر سابقه ثم بعد مدة رجعوا عن هذه الطريقة فبعضهم يأخذ قول بعض المتقدمين وبعضهم يأخذ قول الآخر فحصل بينهم اختلاف شديد ثم عادوا واتفقوا على الأخذ بقول السبعة . (1)
(1) مصباح الفقيه ج 2 كتاب الصلاة ص 374 ـ 275 ط طهران حجري .
(64)
     4 ـ ما أفاده جمع من الاعلام في تزييف دعوى الشهيد الاول بل العلامة الحلي بطريق أولى :
     فمن ذلك ما ذكره المحقق السبزواري في ذخيرة المعاد :
     « وأورد عليه ان المقرر في الاصول اشتراط التواتر فيما يقرأ قرآناً ومجرد نقل واحد (ويقصد به الشهيد الأول) ولو كان عدلا لا يفيد حصول التواتر ... (1)
     (وثانيه) ما افاده المقدس الاردبيلي في مجمع الفائدة والبرهان بقوله : ولا يفكفي شهادة مثل الشهيد لاشتراط التواتر في القرآن الذي يجب ثبوته بالعلم ولا يكفي في ثبوته الظن والخبر الواحد ونحوه كما ثبت في الاصول فلا يقاس بقبول الاجماع بنقله لأنّه يقبل فيه قول الواحد وكيف يقبل ذلك مع انه لو نقل عنه صلى الله عليه وآله ذلك لم يثبت فقول المحقق الثاني انه يجزي ما فوق السبع الى العشرة لشهادة الشهيد بالتواتر وهو كاف لعدالته واخباره بثبوته كنقل الاجماع غير واضح نعم يجوز له (اي للشهيد) ذلك (اي ادعاء التواتر) اذا كان ثابتاً عنده بطريق علمي وهو واضح .. (2) .
     اقول : اراد بقوله الأخير وهو واضح اي واضح البطلان من جهة الثبوت .
     (وثالثه) ما اجاب عنه المحقق البروجردي في تفسيره بقوله :
     ما حكاه في المدارك عن جده عن بعض محققي القراء انه افراد كتاباً في ذلك فلعمري ان الحكاية لا يثبت بها تواتر الرواية وانما هو بالنسبة الينا بل اليه خبر واحد فمن الغريب الركون الى مثله في دعوى التواتر فضلاً عن دعوى تواتر الثلاثة كمال العشرة كما سمعت في الذكرى .. (3) .
     (ورابعه) ما اجب به عن كلام الشيخ علي الذي سطره في جامع مقاصده
(1) ذخيرة المعاد في شرح الارشاد ص 273 ط قم مؤسسة اهل البيت (عليهم السلام) .
(2) مجمع الفائدة والبرهان ج 2 ص 217 ـ 218 ط جامعة مدرسين .
(3) تفسير الصراط المستقيم ج 3 ص 116 ط بيروت مؤسسة الوفاد .

(65)
المتقدم نقله بقوله : اذ في كل من المقيس والمقيس عليه نظر واضح على انه لا يثبت به التواتر ولعله لهذه الجهة وغيرها انكر كثير من المتأخرين تواتر السبعة فضلا عن غيرها ونسبة في القوانين الى جماعة من اصحابنا .. (1) .
     (وخامسه) ما استطرفه المحدث الخبير والفاضل التحرير السيد نعمة الله الجزائري في منبع الحياة بعد انكاره لتواتر تلك القراءات حيث قال قدس سره ما نصه : فقد وافقنا عليها سيدنا الجل علي بن طاووس طاب ثراه في مواضع من كتاب سعد السعود وغيره وصاحب الكشاف عند تفسير قوله تعالى : وكذلك زين لكثير من المشركين قتل اولادهم شركائهم » ونجم الائمة الرضي في موضعين من شرح الرسالة (أحدهما) عند قوله ابن الحاجب واذا عطف على الضمير المجرور اعيد الخافض وبسط الكلام في هذين المقامين محال على مثل ما تقدم وهذا هو الكلام في رد ما ادعوه من تواتر الاحاديث .
     وأما قولهم بافادتها القطع واليقين فيرد عليه امور : منها ما روى بالاسانيد الكثيرة عن الرضا عليه السلام انه قال من رد متشابه القرآن الى محكمه فقد هدى ثم قل عليه السلام : ان في اخبارنا حكماً كمحكم القرآن ومتشابهاً كتمشابه القرآن فردوا متشابهها الى محكمها ولا تتبعوا متشابهها دون محكمها فتضلوا ولا ريب انه القرآن كما قال علماء الاسلام قطعي المتن ظني الدلالة فاين حصول القطع بما اشتمل على الفردين المحكم والمتشابه .
     ومنها ما رواه الصدوق طاب ثراه في معاني الاخبار باسناده الى داود بن فرقد قال سمعت ابا عبد الله عليه السلام يقول انتم افقه الناس اذا عرفتم معاني كلامنا ان الكلمة لتصرف على وجوه فلو شاء انسان لصرفه كلامه كيف شاء ولا يكذب ثم أضاف قائلاً : أقول من مارس الاحاديث يعرف هذا المعنى المراد منها فاذا كانت الكلمة تصرف على وجوه فكيف يقطع على المعنى المراد منها نعم يتفاوت الحال
(1) تفسير الصراط المستقيم ج 3 ص 116 ـ 117 .
(66)
في الظهور والخفاء ومدار الاستدلال على ظواهر النصوص كما نص عليه علماء الاسلام ... (1) .
     أقول : والمحقق في علم الأصول ان التعارض موجب للتساقط للتنافر والتكاذب المتحقق بين تكلم الشهادتين شهادة الشهيد الأول او العلامة الحلي وشهادة السيد ابن طاووس وذلك نظير ما ذكر من الشواهد والأمثلة في المسألة .
     (وسادسه) ما حكاه العاملي في مفتاح الكرامة عن استاذه البهبهاني في حاشية له على المدارك راداً على الشهيد الثاني ما نصه : لا يخفى ان القراءة عندنا نزلت بحرف واحد من عند الواحد والاختلاف جاء من قبل الرواية فالمراد بالمتواتر ما تواتر صحة قراءته في زمان الائمة عليهم السلام بحيث كانوا يجوزون ارتكابه في الصلاة وغيرها لانهم عليهم السلام كانوا راضين بقراءة القرآن على ما هو عند الناس بل ربما كانوا يمنعون من قراءة الحق ويقولون هي مخصوصة بزمان ظهور القائم عجل الله فرجه ... (2) .
     (وسابعه) ماأفاده وسطره المحقق البحراني في حدائقه الناضرة حيث قال قدس اله سره وطيب رمسه ما نصه بعد الاشارة الى دعوى التواتر :
     (أولا) ان هذا التواتر المدعي ان ثبت فانما هو من طريق العامة الذي هم النقلة لتلك القراءات والرواة لها في جميع الطبقات وانما تلقاها غيرهم عنهم واخذوا منهم وثبوت الاحكام الشرعية بنقلهم وان ادعوا تواتره لا يخفى ما فيه .
     (وثانياً) ما ذكره الامام الرازي في تفسيره الكبيرة حيث قال على ما نقله بعض محدثي اصحابنا رضوان الله عليهم : اتفق الاكثرون على ان القراءات المشهورة منقولة بالتواتر وان الله خير المكلفين بين هذه القراءات فان كان كذلك كان ترجيح
(1) منبع الحياة وحجية قول المجتهد من الاموات ص 71 ـ 72 ـ ط بيروت مؤسسة الاعلمي .
(2) مفتاج الكرامة ج 2 ص 393 .

(67)
بعضها على بعض واقعاً على خلاف الحكم الثابت بالتواتر فوجب ان يكون الذاهبون الى ترجيح البعض على البعض مستوجبين للفسق ان لم يلزمهم الكفر كما ترى ان كل واحد من هؤلاء القراء يختص بنوع معين من القراءة ويحمل الناس عليه ويمنعهم من غيره وان قلنا بعدم التواتر بل ثبوتها من طرق الآحاد فحينئذ يخرج القرآن عن كونه مفيداً للجزن والقطع وذلك باطل قطعاً .
     والجواب عن ذلك بما ذكره شيخنا الشهيد الثاني الذي هو احد المشيدين لهذه المباني وهو ما اشار اليه سبطه هنا من انه ليس المراد بتواترها ان كل وما ورد متواتر بل المراد انحصار المتواتر الآن من القرءات فان بعض ما نقل عن السبعة شاذ فضلا عن غيرهم كما حققه جماعة من هل هذا الشأن انتهى منظور فيه من وجهين :
     (أحدهما) ما ذكره سبطه في الجواب عن ذلك من ان المتواتر لا يشتبه بغيره كما يشهد به الوجدان فلو كان بعضها متواتراً كما ادعاه لصار معلوماً على حده لا يشتبه ما هو شاذ نادر كما ذكره والحال ان الأمر ليس كذلك .
     (وثانيهما) ما ذكره في شرح الالفية مما قدمنا نقله عنه فان ظاهره كون جميع تلك القراءات مما ثبت عن الله عزوجل بطريق واحد وهو ما ادعوه من التواتر وبالجملة فانه لو كان هنا شيء متواتر من هذه القراءات في الصدر الأول أعني زمن اولئك القراء او كلها متواترة لم يجز هذا التعصب الذي ذكره الرازي بين اولئك القراء في حمل كل منهم على قراءاته والمنع من متابعة غيره ...
     (وثالثاً) وهو العمدة ان الوراد في أخبارنا يدفع ما ذكروه فروى ثقة الاسلام في الكافي عن زرارة عن ابي جعفر عليه السلام قال : ان القرآن واحد نزل من عند واحد ولكن اختلاف يجيء من قبل الرواة ... (1) .
     (1) الحدائق الناضرة ج 8 ص 97 ـ 98 .
(68)
أقوال فقهاء الامامية فيما ينبغي الاخذ به
من القراءات القرآنية
انقسم علماء المسلمين من الفريقين الخاصة والعامة فيما بينهم ف مسألة ما يبنغي الاخذ به من القراءات لقراءة القرآن وبالخصوص في مواضع الابتلاء كالصلاة التي هي عمود الدين على أقوال متعددة وقد وافق جمع من علمائنا على تصحيح دعوى التواتر للقراءت السبع أو العشر عملا بما صرح به مدعيها من أهل السنة بينما خالف آخرون على ما قدمنا الاشارة له فيما تقدم ذكره .
     وسيأتي مزيد منه في هذا الموضع ولا ريب في ان كلا من منحيهما عى ما هما عليه من التعارض الذي يوجب التباين في البين الاّ انه قد اتفقت مقالتهم والتأمت عباراتهم في شأن جواز القراءة بها مع غض النظر عن ثبوت التواتر وعدمه باستثناء القول ما قبل الأخير من الاقوال التي سيأتي ذكرها ههنا وكيف كان فالمستفاد من عباراتهم في الباب ان لهم عشرين قولا :
( القول الأول)
     جواز القراءة بكل نحو ورد عن أي قارئ صح اقراؤه من قراء الصدر الاول من دون حصر في عدد معين خصوصاً وان هناك قراءات تواترت عن جملة من خيار الصحابة فضلا عن صالحي التابعين ممن اجمعت طوائف المسلمين على تشتت مناهجها وتباعد طرائقها على فضلهم وسابقتهم وطول باعهم في علوم القرآن .
     وهو مختار قدماء علماء الشيعة الامامية والمشهور بينهم قديما صرح بذلك شيخ الطائفة وزعيم المذهب ورئيس الفرقة الحقة في عصره الشيخ الطوسي في تفسيره التبيان بقوله :
     اعلموا أن العرف في مذهب اصحابنا والشائع من اخبارهم ورواياتهم أن


(69)
القرآن نزل بحرف واحد على نبي واحد غير انهم اجمعوا على جواز القراءة بما يتداوله القراء وان الانسان مخير بأي قراءة شاء وقرأ وكرهوا تجريد قراءة بعينها بل اجازوا القراءة بالمجاز الذي يجوز بين لاقراء ولم يبلغوا بذلك حد التحريم والحظر انتهى كلامه طاب ثراه .
     وبمثله صرح أمين الاسلام الشيخ ابو علي الطبرسي في تفسيره مجمع البيان بقوله : الظاهر من مذهب الامامية انهم اجمعوا على جواز القراءة بما يتداوله القراء بينهم من القراءات الا انهم اختاروا القراءة بما جاز بين القراء وكرهوا تجريد قراءة منفردة والشائع في أخبارهم ان القرآن نزل بحرف واحد (1) .
     وقد نجح الى هذا القول جمع من علماء متأخري العامة منهم محمد ابن محمد الجزري في كتاب النشر في القراءات العشر بقوله : كل قراءة وافقت العربية ولو بوجه وافقت المصاحف العثمانية ولو احتمالا وصح سندها فهي القراءة الصحيحة التي لا يجوز ردها ووجب على الناس قبولها سواء كانت عن السبعة ام العشرة ام غيرهم ومتى اختل ركن من هذه الاركان الثلاثة اطلق عليها انها ضعيفة او شاذة او باطلة سواء كانت من السبعة ام عمن هو اكبر منهم هذا هو الصحيح عند أهل التحقيق من السلف و الخلف ..
(القول الثاني)
     ان الصحيح المجزي قراءته هو ما وافق العربية مطلقاً بأي نحو يصدق معه موافقة أصول اللغة العربية وقواعدها بما لا يغير معنى يعد اصلاً ومبنى ولا يعد ضرباً من التحريف .
     وهو مذهب جماعة من قدماء فقهائنا منهم ابن البراج في مهذبه حيث قال عنده عده لواجبات الصلاة : « والقراءة باللسان العربي » (2) .
(1) مجمع البيان في تفسير القرآن ج 1 ص 22 ط 1 صيدا ـ لبنان .
(2) المهذب لابن البراج ج 1 ص 97 ط قم جامعه مدرسين .

(70)
     ومنهم ابو الصلاح الحلبي في كتابه الموسوم بالكافي في الفقه حيث قال :
     من حق القراءة ان تكون بلسان العرب المعرب فان عبر عن القرآن بغير العربية أو لحن في قراءته عن قصد بطلب صلاته وان كان ساهياً فعلهي سجدتا السهو (1) .
     ومنهم ابن حمزة في الوسيلة لظاهر قوله في واجبات القراءة :
     ووضع الحروف مواضعها مع الاماكن في القراءة (2) .
     حيث يستفاد منه ارادة شمول مراعاة الوضع لوضع الرحوف البنائي ووضع الحروف الاعرابي المحلي والظاهري وفي قوله (مع الامكان) أي اذا كان بامكانه ضبط ذلك وله القدرة عليه وعلى تعلمه اما اذا كانت به علة او مانع في لسانه وفي جهاز نطقه او نحو ذلك فيشمله (اذا سلب ما وهب سقط ما وجب) .
     وهو ظاهر المحقق الحلي نجم الدين ابي القاسم جعفر بن الحسن (ت 676 هـ) في مختصره النافع وزاد عليه في معتبره بقوله وعليه علماؤنا أجمع (3) والذي يلوح من جملة شروح مختصر المحقق الحلي اختياره .
     ككشف الرموز (4) للفاضل الآبي (ت 676 هـ) والتنقيح الرائع (5) لجمال الدين مقداد بن عبد الله السيوري الحلي (ت 826 هـ) والمهذب البارع (6) للعلامة الشيخ احمد بن فهد الحلي (ت 841 هـ) وكنز المسائل والمآخذ (7) للشيخ
(1) الكافي في الفقه ص 118 ط اصفهان مكتبة امير المؤمنين (عليه السلام) .
(2) الوسيلة ص 93 ط قم .
(3) المعتبر في شرح المختصر ص 172 .
(4) كشف الرموز ج 1 ص 152 ط قم جامعة مدرسين .
(5) التنقيح الرائع لمختصر الشرائع ج 1 ص 196 ط قم مكتبة السيد المرعشي .
(6) المهذب البارع في شرح المختصر النافع ج 1 ص 363 ـ 364 ط قم جامعة مدرسين .
(7) كنز المسائل والمأخذ في شرح المختصر النافع ج 1 ص 216 من نسخة خطية .