(81)
(القول الثاني عشر)
     وجوب القراء بالقراءات المدعى تواترها سواء كانت من السبع او كمال العشر او الشواذ وان نسبت الى أحدهم عليهم السلام على جهة التقية .
     وهو مختار جدي العلامة البحراني الشيخ حسين على ما يظهر من صريح عبارته في كتابيه النفحة القدسية في احكام الصلاة اليومية (1) وشرحها الفرحة الانسية (2) حيث قال في الشرح المذكور ما لفظه : ومن الشرائط المعتبرة في صحتها في المشهور ان تكون القراءة مطابقة لاحد قراءات الناس من العامة للامر بذلك في عدة أخبار عنهم عليهم السلام سواء كان تلك القراءة من أحد السبع المدعى تواترها أو من العشر كما هو مذهب جماعة من الاصحاب بدعوى تواترها أو من الشواذ الخارجة عن المرتبتين وان نسبت لاحد ائمتنا عليهم السلام .
     والمسوغ لذلك والباعث على الامر به هو الهدنة من الغيبة الامرة باتباعهم ووجوب الاخذ بالتقية سيما عليا عليه السلام قد حرصوا على اطفاء نائرتها لبدعيتها فلم يتمكنوا من ذلك لا ثبوت تلك القراءة عن جبرئيل عليه السلام كما ادعته العامة واكثر الخاصة لدلالة الاخار على نفيها دلالة واضحة ...
(القول الثالث عشر)
     حصر القراءة بالسبع وكمال العشر بناءاً على تواترها وثبوتها عن النبي صلى الله عليه وآله كما تقدم في القول العاشر الا انه يستثنى منها ما ورد عنهم في شأن البسملة .
     وهو صريح ما افاده الشيخ البهائي (قده) في كتاب الحبل المتين حيث قال ما نصه : لا خلاف بين فقهائنا رضي الله عنهم في ان كلما تواتر من القرآن يجوز
(1) النفخة القدسية ص 51 ط النجف الاشرف .
(2) الفرحة الانسية ص 97 ط النجف الاشرف المطبعة المرتضوية سنة 1345 هـ ق .

(82)
القراءة به في الصلاة ولم يفرقوا بين تخالفها في الصفات أو في اثبات بعض الحروف والكلمات كملك ومالك وقوله تعالى : (تجري من تحتها الانهار) باثبات لفظة من وتركها فالمكلف مخير في الصلاة بين الترك والاثبات اذ كل منهما متواتر وهذا يقضى الحكم بصحة صلاة من ترك البسملة أيضاً لانه قد قرئ بالمتواتر من قراءة حمزة واب يعمرو وابن عامر وورش عن نافع وقد حكموا (اي فقهاء الشيعة ببطلان صلاته (وذلك اذا ترك البسملة عملا بقول اولئك القراء) فقد تناقض الحكمان (وهما وجوب القراءة بها وبطلان الصلاة بترك البسملة) .
     فأما ان يصار الى القدح في تواتر الترك وهو كما ترى أو يقال بعدم كلية تلك القضية وان عقدوها كلية ويجعل حكمهم هذا تنبيهاً على تطرق الاستثناء اليها فكأنهم قالوا كما تواتر يجوز القراءة به في الصلاة الا ترك البسملة قبل السورة (1) .
(القول الرابع عشر)
     جواز القراءة بكافة القراءات السبعة المشهورة ومازادت عن العشرة لا ثبوت التواتر بل بحكم اقتضاء الضرورة القاضية بالقراءة بوفقها مع المنع من قراءة ابي جعفر ويعقوب وخلف وهي كمال العشر في الصلاة لا خارجها .
     وهو صريح عبارة المقد الاردبيلي في شرحه على ارشاد العلامة حيث قال بعد نفى ثبوت تواتر السبعة ما نصه :
     كانه لاخلاف في السبعة وكذا في الزيادة على العشرة واما الثلاثة التي بينهما فاظاهر عدم الاكتفاء للعلم بوجوب قراءة علم كونها قرآناً وهي غير معلومة وما نقل انها متواترة غير ثابت (2) .
     (1) الحبل المتين ص 223 ـ 224 ط قم مكتبة بصيرتي .
     (2) مجمع الفائدة والبرهان ج 2 ص 418 .

(83)
(القول الخامس عشر)
     حصر القراءة بالسبع لثبوت تواترها مع المنع من كمال العشر : حكاه الشهيد الاول عن جملة من الاصحاب في كتاب الذكرى بقوله : وعن بعض الاصحاب انه منع من قراءة ابي جعفر ويعقوب وخلف وهي كمال العشرة .. (1)
     وقال العاملي في مفتاح الكرامة : وفي التذكرة ونهاية الاحكام والموجز الحاوي وكشف الالتباس ومجمع البرهان والمدارك وغيرها انه لا يجوز ان يقرأ بالعشر (أي كمال العشر) وعن جملة منها انه لا تكفى شهادة الشهيد في الذكرى بتواترها .. (2) .
(القول السادس عشر)
     جواز القراءة بالسبع والعشر والشواذ مع الاحتياط على جهة الاستحباب بانتخاب المشهور والمتداول بين كافة المسلمين .
     وهو مختار الشيخ عبد الله المامقاني في مناهج المتقين حيث صرح بقوله : يجوز القراءة عند اختلاف القراء في الصورة بكل منها كما في (مالك) حيث قرئ كذلك وبصيغة الماضي و(ملك) بفتح أوله وكسر ثانيه الذي هو صفة مشبهة و(ملاك) على وزن فعال وكما في (كفوا) حيث قرئ بضم الفاء وبالواو وبضمها وبالهمزة وبضمها وبالواو فيجوز لنا القراءة بكل منها وان كان اختيار الأكثر تداولا بين المسلمين أولى وأحوط .. (3)
(1) ذكرى الشيعة ص 187 .
(2) مفتاح الكرامة ج 2 ص 390 ط مصر .
(3) مناهج المتقين ص 67 ط قم مؤسسة أهل البيت (عليهم السلام) ط حجري .

(84)
(القول السابع عشر)
     لزوم القراءة بمقتضى قاعدة الاحتياط للخروج عن عهدة التكليف بيقين وذلك بالاتيان بالقراءات مجتمعة في كل مورد وقع الاختلاف فيه بين القراء السبعة وكمال العشرة في كلمات القرآن الكريم لتحصيل القدر المتيقن واصابة الواقع بدقة احتمالية تقريبية .
     والاصل فيه ما حكاه المحقق البحراني الشيخ يوسف في حدائقه عن شيخه المحدث الصالح الشيخ عبد الله بن صالح البحراني قال : سمعت شيخي علامة الزمان واعجوبة الدوران يقول ان جار الله الزمخشري ينكر تواتر السبع ويقول : ان القراءة الصحيحة التي قرأها رسول الله صلى الله عليه وآله انما في صفتها وانما هي واحدة والمصلى لا تبرأ ذمته من الصلاة الاّ اذا قرأ بما وقع فيه الاختلاف على كل الوجوه كمالك وملك وصراط وسراط وغير ذلك انتهى ثم عقبه بقوله : وهو جيد وجيه بناءاً على ما ذكرنا ن البيان والتوجيه ولو ما رخص لنا به الائمة عليهم السلام من القراءة بما يقرأ الناس لتعيّن عندي العمل بما ذكره (1) .
     واستسلقه الفقيه الهمداني بشريطة ان لا يؤدي بالمكلف بالاخلال بالموالاة في نظم القراءة والخروج عن كونه قارئاً عرفاً حيث قال ما نصه في كتابه مصباح الفقيه : اذا امكنه (اي المكلف) ذلك بأن انحصر (اي موارد الاختلاف بين القراء) في مورد او موردين بحيث لم يلزم من تكرير الكلمة او الكلام المشتمل عليها الى ان يحصل له الجزم بالموافقة (من دون) حرج او فوات موالاة معتبرة في نظم الكلاام فمقتضى القاعدة وجوب الاحتياط كما حكى عن جار الله الزمخشري التصريح به بعد انكار تواتر القراءات السبع ... (2)
(1) الحدائق الناظرة ج 8 ص 102 ط النجف الاشرف .
(2) مصباح الفقيه ج 2 كتاب الصلاة ص 275 ط حجري .

(85)
     أقول : لا يخفى على الفطن النبيةه ما فيه اذ هو مشكل لاستلزامه التكليف بما لا يطاق ولاقتضائه ادخال العسر والحرج على المكلفين قاطبة في مقام الامتثال والعمل في عباداتهم وقرباتهم اذ لا يحيط بأطرافها ووجوه اختلافها الا الا وحدى من الناس واهل الاختصاص بالفن دون عامة الناس الذين لا يتحصل لهم مثل ذلك
     ولعله لاجل ذلك ادعى النراقي في مستند الشيعة على بطلانه الاجماع القطعي وامرهم عليهم السلام بالقراءة كما يقرأ الناس وكما تعلموا .. (1)
     وربما يترائى من كلام المقدس الاردبيلي في شرحه على ارشاد الاذهان القول بالعمل به خصوصاً اذا كانت القراءة واجبة بنذر وشبهه .. (2)
     أوقل : وظاهر طلاقه يعم الصلاة وغيرها سواء كانت بالاصل أو بالعارض .
(القول الثامن عشر)
     بطلان الصلاة عند القراءة بالمروي عن اهل العصمة عليهم السلام للمنع منها في زمن الغيبة الكبرى وكذا الشواذ .
     وبه افتى العلامة البحراني الشيخ حسين في سداد العباد بقوله : فلو ... قرأ بالشواذ مع قدرته على السبع او العشر في زمن الهدنة ولو كانت القراءة منسوبة لهم عليهم السلام ... عمداً بطلبت صلاته . (3)
     وقال الشيخ ابو الحسن الشعراني في تعليقته على شرح المولى محمد صالح المازندراني المطبوع :
     القراءة المنسوبة الى النبي صلى الله عليه وآله وسلم أو الائمة منقولة لنا ايضاً بطريق الآحاد ولا نثق بصحة لانسبة .. (4)
(1) مستند الشيعة ج 1 ص 335 ط قم مكتبة السيد المرعشي .
(2) مجمع الفائدة والبرهان ج 2 ص 219 ط قم جامعة مدرسين .
(3) سداد العباد ورشاد العباد ج 1 ص 169 ط نجف الاشرف .
(4) شرح المولى محمد صالح المازندراني على الكافي ج 11 ص 65 ط طهران .

(86)
     ويمكن الاستئناس له بقول العلامة المجلسي رضوان الله تعالى عليه في البحار حيث يقول :
     ان الخبر قد صح عن ائمتنا عليهم السلام انهم امروا بقراءة ما بين الدفتين وان لا نتعداه بلا زيادة فيه ولا نقصان منه حتى يقوم القائم عليه السلام فيقرأ الناس القرآن على ما انزله الله تعالى وجمعه امير المؤمنين عليه السلام وانما انهونا عليهم السلام عن قراءة ما وردت به الاخبار من احرف يزيد على الثابت في المصحف لانها لم يأت على التواتر وانما جاء بالآحاد وقد يغلط الواحد فيما ينقله ولانه متى قرا بما يخالف ما بين الدفتين غرر بنفسه مع اهل الخلاف و اغرى به الجبارين و عرض نفسه للهلاك فمنعونا عليهم السلام من قراءة القران بخلاف ما يثبت بين الدفتين لما ذكرناه .
     فان قال قائل : كيف تصح القول بان الذي بين الدفتين هو كلام الله تعالى على الحقيقة من غير زيادة ولا نقصان وانتم تروون عن الائمة عليهم السلام عليهم السلام انهم قرأوا : « كنتم خير أئمة اخرجت للناس » « وكذلك جعلناكم ائموة وسطا » وقرؤا « ليسألونك الانفال » وهذا بخلاف ما في المصحف الذي في ايدي الناس .
     قيل له : قد مضى الجواب عن هذا وهو ان الاخبار التي جاءت بذلك اخبار احاد لا يقطع على الله بصحتها فلذلك وقفنا فيها ولم نعدل عما في المصحف الظاهر على ما امرنا به حسب ما بيناه مع انه لا ينكر ان تأتي القراءة على وجهين منزلتين احدهما ما تضمنه المصحف والثاني ما جاء به الخبر كما يعترف مخالفونا به من نزول القرآن على وجوه شتى فمن ذلك قوله تعالى : وما هو على الغيب بظنين » يريد بمتهم وبالقراءة الاخرى « وما هو على الغيب بضنين » يريد بخيل ومثل قوله :
     « جنات عدن تجري من تحتها الانهار » على قراءة وعلى قراءة اخرى « تجري تحتها الانهار » ونحو قوله « ان هذين لساحران » وفي قراءة اخرى « ان هذين لساحران »


(87)
وما اشبه ذلك مما يكثر تعداده ويطول الجواب باثباته (1) .
(القول التاسع عشر)
     المنع من صدق اسم القرآن على غير المقطوع به بالتواتر ذهب اليه جمع من الاعلام .
     قال النراقي في مستند الشيعة : اما ما ورد في بعض الاخبار من الامر بالقراءة كما يقرأ الناس أو كما تعلمتم فلا يفيد العموم مع انه انما ورد في مقال السؤال عما وجد في مصاحف الائمة عليهم السلام من بعض الكلمات الخالية عنها سائر المصاحف وانهم لا يحسنون قراءة ذلك .
     اقول : المستفاد مما افاده قدس سره ان كل قراءة وردت بأي نحو اتفق لا يمكن الركون اليها مجرداً من دون قيد أو شرط بدعوى وورد النص عنهم عليهم السلام بالقراءة كما يقرأ الناس فان القرائن الحالية والمقالية حاكمة على النص ومخصصة له بما يفيد المنع من كل قراءة لم يثبت تواترها عن النبي صلى الله عليه وآله ولم تنقل عن من يعتد به لسابقة صحبة أو شدة ملازمة له أو لقرب عهده به صلى الله عليه وآله مع اتصافه بشروط العدالة من حسن الظاهر واستقامة السيرة وسلامة المعتقد .
     وقال الفيض الكاشاني في كتاب الوافي فيما تقدم نقله عنه :
     الحق ان المتواتر من القرآن اليوم ليس الا القدر المشترك بين القراءات جميعاً دون خصوص آحادها اذ المقطوع به ليس الاّ ذاك فان المتواتر لا يشتبه بغيره .
     وقال الفاضل المتتبع الشيخ محمد بن الحسن بن محمد الاصفهاني المشتهر على السنة الفقهاء بالفاضل الهندي صاحب كشف اللثام في كتاب قراح الاقتراح في تهذيب كتاب اقتراح النحو للشيخ جلال الدين السيوطي .
(1) البحر ج 89 ص 75 .
(88)
     والذي يحتج به في النحو من المسموعات ثلاثة الكتاب والسنة وكلام العرب ثم قال الكلام في الكتاب لا شك ان ما نقل منه متواتراً حجة واما ما نقل آحاداً فان كان باخبار عدل وهكذا الى النبي صلى الله عليه وآله فهو ايضاً حجة فان خالف قياساً معروفاً كان ذلك مستثنى لا يقاس عليه واما الاكتفاء بفصاحة الراوي فلا وجه له وان صرح بأنه مروية فصيح فانه حينئذ لا يكون الاحتجاج الا بفصاحته وبالجملة فما لم يحصل اليقين او الظن المقارب له بأنه من القرآن لا يصح الاستدلال به من حيث انه من القرآن (1) .
     وقد بالغ المقدس الاردبيلي بل شدد النكير على من مال الى دعوى تواتر القراءات بقوله :
     يفهم من بعض كتب الاصول ان تجويز قراءاة ما ليس بمعلوم كونه قرآناً يقيناً فسق بل كفر فكل ما ليس بمعلوم ان يقيناً قرآن فينبغي لمن يجزم انه يقرأ قرآناً تحصيله من التواتر فلابد من العلم .
     فعلى هذا فالظاهر عدم جواز الاكتفاء بالسماع من عدل واحد مع عدم حصول العلم بالقرائن مثل تكرره في الالسن بحيث يعلم لا يختل مع ان خصوصية كل كلمة كلمة في الاعراب والبناء وسائر الخصوصيات قليلاً ما يوجد العدل العارف بذلك فاشتراط ذلك موجب لسرعة ذهاب القرآن عن البين ولما ثبت تواتره فهو مأمون من الاختلال لفسقه مع انه مضبوط في الكتب حتى انه معدود حرفاً حرفاً وحركة حركة .
     وكذا طريق الكتابة وغيرها مد يفيد الظن الغالب بل العلم بعدم الزيادة على ذلك والنقص فلا يبعد الاخذ في مثله عن ألهه غير العدل والكتب المدونة لحصول ظن قريب مع العلم بعدم التغيير .. (2)
(1) الملحق المضاف في آخر المجلد الثاني من كشف اللثام ص 481 ط طهران منشورات فراهاني .
(2) مجمع الفائدة والبرهان ج 2 ص 217 ـ 218 ط قم جامعة مدرسين .

(89)
     وقال المحقق السيد حسين البروجردي في تفسير الصراط المستقيم بعد نقل شطر من كلام المقدس الاردبيلي المتقدم :
     اما ما صدر عن المقدس فغريب جداً سيما حكمه بعدم كون غير المقطوع به قرآناً واغرب منه ما حكاه كسابقه عن حكاية التفسيق بل التكفير ولعله لذلك ما شيخنا في الجواهر الى عدم وجوب متابعة شيء من السبع او العشر . (1)
     وحاصل ما افادوه وسطروه عطر الله مراقدهم ان المشترك ما بين القراءات السبع بل وبين غيرها قرآن قطعاً لثبوت تواتره واطباق عامة المسلمين على نقله وتعاهده بالضرورة .
     واما ما يتعلق بخصوص ما تفرد به كل واحد من القراء السبع أو العشرة أو غيرها فما لم يقم دليل عليها يفيد تواترها عن الصادع بالرسالة النبي الاكرم صلى الله عليه وآله مورث للاطمئنان بحالها بالطرق المقبولة علمياً فلا يمكن عدها من القرآن في شيء ولا يصح القراءة بها على انها جزء من القرآن .
(القول العشرون)
     جواز القراءة بكل ما كان متداولا في زمن الائمة عليهم السلام سواء ثبت نقله عنهم عليهم السلام أم عن غيرهم ممن شملهم الاذن بخلاف من منعوا من قراءته كابن مسعود الذي قال في شأنه الامام الصادق عليه السلام : ان كان ابن مسعود لا يقرأ على قراءتنا فهو ضال وتفضيل القول فيه سورة (يس) في كتابنا كنز القراء.
     قال فقيه المجتهدين في عصره السيد محسن الحكيم في منهاج الصالحين :
     الاقوى جواز القراءة بجميع القراءات التي كانت متداولة في زمان الائمة .
     وزاد الشهيد السعيد السيد الصدر في تعليقه على الكتاب المذكور بقوله ولم يعلم بمخالفتها لواقع النص القرآني (2)
(1) تفسير الاصراط المستقيم ج 3 ص 123 ط بيروت مؤسسة الوفاء .
(2) منهاج الصالحين بتعليقة الشهيد الصدر ج 1 ص 231 ط بيروت دار التعارف .

(90)
     اقول : ينبغي الاشارة الى عدة امور لا يضاح حقيقة المراد في المسألة :
     (الامر الاول) المستفاد من كلامهما عدم المنع من القراءة المنقولة عن الائمة عليهم السلام بدليل عدم الاستفصال بتقييد او تخصيص الذي يفيد العموم بل هو ظاهر اطلاق العبارة فيشمل الجواز قراءتهم عليهم السلام كما يعم قراءة غيرهم ولعدم النهي عنها نهى تحريم .
     (الامر الثاني) ان الادلة الواردة عنهم عليهم السلام بجواز القراءة كما يقرأ الناس يستفاد منها أن تخصيص القراءة بما تداوله الناس في أزمنتهم عليهم السلام حيث اطلاعهم على مدى قربهم من النص المنزل وعلى نوعية قراءتهم ومقدار مطابقتها لأصول اللغة وقواعدها لتنصيصهم على ذلك في عدة مقامات :
     (الأول) ما ورد عن الامام ابي الحسن الرضا عليه السلام : في خبر الكافي المتقدم ذكره حيث جاء فيه : (اقرؤا كما تعلمتم فسيجيء من يعلمكم) حيث يستفاد من (تعلمتم) ما تلقى من القراءة في ماضي الايام بالنسبة لزمان السؤال والاستفسار وما اشتهر من تواتر السبع وكمال العشر والاصطلاح عليهما جملة وتفصيلا انما هو أمر حادث لها في الازمنة المتأخرة بين العامة كما هو ظاهر لا شبهة فيه .
     (الثاني) ما يقرب منه في ارادة الدلالة المتقدمة في خبر الكافي ايضاً عن سفيان بن السمط قال : سألت ابا عبد الله عليه السلام عن تنزيل القرآن قال : اقرؤوا كما علمتم) .
     (الثالث) خبر سالم بن سلمة الذي قال فيه الامام الصادق عليه السلام : (اقرأ كما يقرأ الناس حتى يقوم القائم) .
     حيث يستفاد من ارادة التنبيه بالفعل المضارع (يقرأ) كفاية القراءة بما يتداوله الناس في زمان الاستفسارو ان العمل بها مجزي الى زمان قيام القائم وظهر دولته وبسط سلطانه لانهم عليهم السلام قد احاطوا بها واطلعوا على نسبة شذوذها كما تقدم ذكره .