مفاهيم القرآن ـ جلد السادس ::: 371 ـ 380
(371)
الواحد و التسعون : « فالق الإصباح »
    قدورد في الذكر الحكيم مرّة واحدة و جرى وصفاً له سبحانه قال : ( فالِقُ الاِصْباحِ وَ جَعَلَ اللَّيلَ سَكَناً و الشَّمْسَ وَ الْقَمَرَ حُسْباناً ذلِكَ تَقْدِيرُ العَزِيزِ العَلِيمِ ) ( الأنعام/96 ).
    و أمّا معناه فقد قال « ابن فارس » : يدلّ على فرجة و بينونة في الشيء و على تعظيم شيء. فمن الأوّل فلقت الشيء أفلقه فلقاً ، و الفلق الصبح لأنّ الكلام ينفلق عنه ، و من الثاني الفليقة و هي الداهيّة العظيمة ، و قال الراغب : « الفلق » : شق الشيء و إبانة بعضه عن بعض ، قال تعالى : « فالق الاصباح » و « إن اللّه خالق الحب و النوى » ، « فانفلق فكان كل فرق كالطود العظيم » و قوله : ( أَعُوذُ بِرَبِّ الفَلَقِ ) أي الصبح.
    فتوصيفه سبحانه بفالق الاصباح ، لأجل انّه يشق الظلمة و يتجلّى من صميمها النور.
    فقدتضمّنت الآية ثلاث آيات سماوية :
    1 ـ فالق الإصباح.
    2 ـ و جعل الليل سكناً.
    3 ـ و الشمس و القمر حسباناً.
    و المراد من الاصباح هو الصبح. قال امرؤ القيس :
ألا أيّها الليل الطويل ألا انجلي بصبح و ما الإصباح منك بأمثل
    فالمراد من فلق الإصباح هو اخراج النور من الظلمة الهائلة المنبسطة في السماء كل ذلك عن طريق ربط الأسباب بالمسبّبات ، وطروء الوضع الخاص للأرض بالنسبة إلى الشمس كما أنّ المراد من الآية الثانية هو ما جاء في قوله : ( وَ مِنْ رَحْمَتِهِ


(372)
    جَعَلَ لَكُمْ اللَّيْلَ وَ النَّهارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَ لِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ) ( القصص/73 ).
    و المراد من السكون أعم من سكون البدن و الروح ، فالبدن يستريح من تعب العمل بالنهار و النفس تسكن بهدوء الخواطر و الأفكار ، و المراد من جعل الشمس و القمر حسباناً هو كونهما مظاهر للحساب لأنّ طلوعهما و غروبهما و ما يظهر منهما من الفصول كل ذلك بحساب.
    قال سبحانه : ( هُوَ الَّذِى جَعَلَ الشَّمْسَ ضِياءً وَ الْقَمَرَ نُوراً وَ قَدَّرَهُ مَنازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَ الْحِسابَ ) ( يونس/5 ).

الثاني و التسعون : « فالق الحبّ و النّوى »
    و قدورد مرّة واحدة و جرى وصفاً له سبحانه.
    قال تعالى : ( اِنَّ اللّهَ فالِقُ الحَبِّ وَ النَّوى يُخْرِجُ الحَىَّ مِنْ المَيِّتِ وَ مُخْرِجُ المَيِّتِ مِنْ الحَىِّ ذلِكُمْ اللّهُ فَاَنّى تُؤْفَكُونَ ) ( الأنعام/95 ).
    قال الراغب : فالحبّ و الحبّة يقال في الحنطة و الشعير و نحوهما من المطعومات.
    قال تعالى : ( كَمَثَلِ حَبَّة أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِى كُلِّ سُنْبُلَة مِائَةُ حَبَّة ) ( البقرة/261 ).
    و أمّا النّوى فالمراد منه نوى التمر.
    قال في المقاييس : فاللّه سبحانه يشق الحبّ و النّوى فينبت منهما النبات و الشجر اللذين يرتزق الناس من حبّه و ثمره فالآية بصدد بيان قدرته و لأجل ذلك يذكر قوله : ( يُخْرِجُ الحَىَّ مِنَ المَيِّتِ وَ مُخْرِجُ المَيِّتِ مِنَ الحَىِّ ).


(373)
    و قدتضمّنت الآية ، ثلاث آيات أرضية أعني :
    1 ـ فالق الحبّ و النّوى.
    2 ـ يخرج الحىّ من الميّت.
    3 ـ و مخرج الميّت من الحىّ.
    و الكل آيات أرضية و المعنى أنّه سبحانه فالق ما يزرعه البشر من حب الحصيد ، و نوى الثمرات ، و شاقّه بقدرته ، و بذلك يبيّن قدرته على ربط علل الإنبات و النمو بمسبّباته و ذلك بتقديره.
    و إنّما خصّ بالذكر خصوص حالة فلق الحب و النّوى من بين سائر الحالات مع أنّه ستمر على الحبّ و النّوى حالات و تطرء عليهما مراحل مختلفة من النمو حتى يصير زرعاً أو شجراً و إنّما خصّ ذلك لأنّ لتلك الحالة من بين سائر الحالات أهمّية خاصّة تشبه بحالة خروج الطفل من بطن اُمّه بعد ما كان محبوساً فيها بين ظلمات ثلاث ، و الحبّ و النّوى يمثّلان قلاعاً مستحكمة تحتفظ فيها المادة الحيوية للنباتات فاذا صارت الظروف مستعدّة لخروجها و نموّها و انتشارها; تتحرك الحبّة بالتشقّق و التفتّح فتأخذ البذرة و النّوى مسيرها نحو التكامل.
    و أمّا البحث حول الاية الثانية و الثالثة الواردتين في هذه الآية المباركة أعني اخراج الحي من الميّت و اخراج الميّت من الحي فقد ركّز القرآن على هذين العملين في غير مورد من الآيات.
    يقول سبحانه : ( تُولِجُ اللَّيْلَ فِى النَّهارِ وَ تُولِجُ النَّهارَ فِى اللَّيْلِ وَ تُخْرِجُ الحَىَّ مِنَ المَيِّتِ وَتُخْرِجُ المَيِّتَ مِنَ الحَىِّ وَتَرْزُقُ مَنْ تَشاءُ بِغَيْرِ حِساب ) ( آل عمران/27 ).
    و هاتان الآيتان من السنن العامّة الالهيّة التي يركّز عليهما القرآن الكريم. و الذي يناسب المقام هو أن يقال : إنّ المراد من خروج الحيّ من الميت هو اخراج البذر من نبات و شجر و هو حيّ متغذ نام ، من الميت أعني التراب و هو ما لا يتغذّى


(374)
و لا ينمو و بعبارة اُخرى خلق الأحياء من النبات و الحيوان من الأرض العادمة الشعور و الحياة.
    كما أنّ المراد من قوله : ( وَ مُخْرِجُ المَيَّتِ مِنَ الحَىِّ ) هو عود الخلايا الحيّوية إلى الموت بعد مدّة.
    و يمكن أن يقال : إنّ المراد هو إخراج الحبّ و النوى من النبات ، فإنّ الحبّ و النوى حسب اللغة و العرف ليسا من الموجودات الحيّة و إن كانا حسب موازين العلوم الطبيعية حاويتين لموجودات صغيرة حيّة.
    هذا إذا قمنا بتفسير الآية حسب السياق و يمكن أن يقال : المراد من اخراج الحي من الميّت و مقابله هو اخراج المؤمن من صلب الكافر ، و إخراج الكافر من صلب المؤمن فإنّه سبحانه سمّى الايمان حياة و نوراً ، و الكفر موتاً و ظلمة كما قال تعالى : ( أَوَ مَنْ كانَ مَيِّتاً فَأَحْيَيْناهُ وَ جَعَلْنا لَهُ نُوراً يَمْشِى بِهِ فِى النّاسِ كَمَنْ هُوَ فِى الظُّلُماتِ لَيْسَ بِخارِج مِنْها ) ( الأنعام/132 ).

الثالث و التسعون : « الفتّاح »
    قدورد « الفتّاح » في الذكر الحكيم مرّة واحدة و وقع وصفاً له سبحانه.
    قال تعالى : ( قُلْ يَجْمَعُ بَيْنَنا رَبُّنا ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنا بِالْحَقِ وَ هُوَ الْفَتّاحُ الْعَلِيمُ ) ( سبأ/26 ).
    و أمّا معناه فقد قال ابن فارس : إنّه أصل يدلّ على خلاف الاغلاق ، يقال فتحت الباب و غيره فتحاً ثمّ يحمل على هذا سائر ما في هذا البناء فالفتح والفتاحة : الحكم ، و اللّه تعالى الفاتح أي الحاكم ، قال الشاعر في الفتاحة :
ألا أبلغ بني عوف رسولاً بأنّي عن فتاحتكم غنيّ


(375)
    و الفتح : النصر و الاظفار و قريب من ذلك في « المفردات » غير أنّه قسّم الفتح على قسمين : يدرك بالبصر كفتح الباب و قسم يدرك بالبصيرة كفتح الهمّ ، قال : « و يقال فتح القضية فتاحاً : فصل الأمر فيها وأزال الاغلاق ». قال تعالى : ( رَبَّنا افْتَحْ بَيْنَنا وَبَيْنَ قَوْمِنا بِالْحَقِّ وَ اَنْتَ خَيْرُ الفاتِحِينَ ) ( الأعراف/89 ).
    و على هذا ف ـ « الفتّاح » من أسماء اللّه الحسنى و هو بمعنى الحاكم في الآية ، و يؤيّده ذكر العليم بعده ، و لايراد منه الفاتح بمعنى المنتصر ، و إلاّ لكان المناسب أن يذكر بعده « العزيز » ، و يؤيّده صدر الآية : ( قُلْ يَجْمَعُ بَيْنَنا رَبُّنا ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنا بِالْحَقِّ ) فالآية تثبت البعث لتميز المحسن من المسيئ أوّلاً ثم القضاء بينهم بالحق و هو الحاكم العليم ، و بذلك يعلم أنّه « خير الفاتحين » أي خير الحاكمين ، لأنّ حكمه هو العدل و القسط ، و علمه هو النافذ غير الخاطىء أبداً بخلاف حكم الآخرين فهم بين حاكم عادل أو جائر ، و مصيب أو مخطىء.


(376)

(377)
حرف القاف
الرابع و التسعون : « القائم على كل نفس بما كسبت »
    و قدورد هذا الاسم المركّب في الذكر الحكيم مرّة واحدة و وقع وصفاً له سبحانه.
    قال تعالى : ( أَفَمَنْ هُوَ قائِمٌ عَلى كُلِّ نَفْس بِما كَسَبَتْ وَ جَعَلُوا لِلّهِ شُرَكاءَ قُلْ سَمُّوهُمْ اَمْ تُنْبِئُونَهُ بِما لايَعْلَمُ فِى الاَْرْضِ اَمْ بِظاهِر مِنْ الْقَوْلِ بَلْ زُيِّنَ للَّذِينَ كَفَرُوا مَكْرُهُمْ وَ صُدُّوا عَنِ السَّبِيلِ وَ مَنْ يُضْلِلِ اللّهُ فَما لَهُ مِنْ هاد ) ( الرعد/33 ).
    و أمّا معناه فقدذكر ابن فارس لـ « قوم » معنيين أحدهما : الجماعة و الناس ، مثل « لايَسخر قوم من قوم » و الآخر الانتصاب قال : و قديكون قام بمعنى العزيمة كما يقال قام بهذا الأمر إذا اعتنقه فهم يقولون في الأوّل قيام حتم ، و في الآخر قيام عزم ، و الظاهر أنّ المراد منه في الآية هو المهيمن المتسلّط على كل نفس ، المحيط بها ، و الحافظ لأعمالها ، و بماأنّّّ الهيمنة على الشيء و المراقبة له يستلزم كون المراقِب قائماً منتصباً كي يسهل تسلّطه و مراقبته ، استعير القائم بمعنى المنتصب للهيمنة و التسلّط و الإحاطة.
    قال سبحانه في حقّ أهل الكتاب : ( وَ مِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينار لايُؤَدِّهِ اِلَيْكَ اِلّا ما دُمْتَ عَلَيْهِ قائِماً ) ( آل عمران/75 ).
    و قال : ( وَ الَّذِينَ هُمْ بِشَهاداتِهِمْ قائِمُونَ ) ( المعارج/33 ) أي الحافظون.
    و اللّه سبحانه في هذه الآية يندّد بالمشركين كيف يجعلون له ندّاً و شريكاً مع


(378)
أنّه سبحانه له الاحاطة على الأشياء و القهر عليها و الشهود لها ، و هذا يقتضي أن لايشاركه في الاُلوهيّة شيء.
    و تقدير الآية : « أفمن هو قائم بالتدبير على كل نفس و حافظ على كل نفس أعمالها ليجازيها ، كمن هو ليس بهذه الصفات من الأصنام و الأوثان و يؤيّد كون المعنى ذلك قوله : ( وَ جَعَلُوا لِلّه شُرَكاءَ ).

الخامس و التسعون : « قابل التوب »
    قدورد في الذكر الحكيم مرّة واحدة و وقع وصفاً له سبحانه.
    قال سبحانه : ( غافِرِ الذَّنْبِ وَ قابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ العِقابِ ذِى الطَّوْلِ لا اِلهَ اِلّا هُوَ إِلَيْهِ المَصِيرُ ) ( غافر/3 ).
    و قدتبيّن معناه ممّا ذكرناه في تفسير « التوّاب ».
السادس و التسعون : « القادر »
    قدورد في الذكر الحكيم مفرداً سبع مرّات و وقع في جميع المواضع و صفاًله سبحانه.
    قال تعالى : ( قُلْ اِنَّ اللّهَ قادِرٌ عَلى اَنْ يُنَزِّلَ آيَةً وَ لكِنْ اَكْثَرُهُمْ لاَيَعْلَمُونَ ) ( الأنعام/37 ).
    و قال تعالى : ( إِنَّهُ عَلَى رَجْعِهِ لَقَادِر ) ( الطارق/8 ).
    و قال سبحانه : ( أَوَلَمْ يَرَوا أَنَّ اللّهَ الَّذِى خَلَقَ السَّمواتِ وَ الأَرْضَ قادِرٌ عَلى اَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ ) ( الاسراء/99 ) (1) ، إلى غير ذلك من الآيات.
1 ـ لاحظ يس/81 ، الاحقاف/33 ، القيامة/40.

(379)
السابع و التسعون : « القدير »
    قدورد لفظ القدير في الذكر الحكيم 45 مرّة و وقع في جميع المواضع وصفاًله سبحانه.
    قال سبحانه : ( فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ وَ يُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ وَ اللّهُ عَلى كُلِّ شَىْء قَدِيرٌ ) ( البقرة/284 ).
    و العناية التامّة ظاهرة من القرآن على كون قدرته عامّة لكل شيء فقدورد قوله سبحانه : ( إِنَّ اللّهَ عَلَى كُلِّ شَىْء قَدِيرٌ ) في 32 آية ، كما استعمل لفظ القدير مجرّداً تارة و مع « عليم » أخرى ، قال سبحانه : ( اِنَّ اللّهَ عَلِيمٌ قَدِيرٌ ) ( النمل/70 ). و « عفوّ » ثالثاً قال سبحانه : ( فَاِنَّ اللّهَ كانَ عَفُوّاً قَدِيراً ) ( النساء/149 ).
    و الحق إنّ القدرة و العلم من أسمى صفاته سبحانه كما أنّ العالم و القادر من أظهر أسمائه سبحانه ، فلاعتب علينا لو بسطنا الكلام هنا كما بسطناه في اسم « العالم » و « العليم ».
    و أمّا معناه فقد جعل « ابن فارس » : الأصل في معناه مبلغ الشيء و كنهه و نهايته ، فالقدر مبلغ كلّ شيء و قدّرت الشيء و اُقدّره من التقدير ، ثمّ قال : و قدرة اللّه تعالى على خليقته : إيتاؤهم بالمبلغ الذي يشاؤه و يريده. ثمّ قال : « رجل ذوقدرة و ذومقدرة أي يسار و معناه أنّه يبلغ بيساره و غنائه من الاُمور المبلغ الذي يوافق إرادته ، و لايخفى أنّ جعل الأصل في القدرة هو مبلغ الشيء و كنهه و نهايته ، يعسِّر اشتقاق القدرة منه بمعنى الاستطاعة ، و لأجل ذلك أعرض الراغب عنه و فسّره بقوله : « القدرة إذا وصف به الإنسان فإسم لهيئة له بها يتمكن من فعل شيء ما ، و إذا وصف اللّه تعالى بها فهي نفي العجز عنه » ، و قال : محال أن يوصف غير اللّه بالقدرة المطلقة معنىً و إن اُطلق عليه لفظاً ، و قال : القدير هوالفاعل لما يشاء على قدرما تقتضي الحكمة لازائداً عليه و لاناقصاً عنه ، و لذلك لايصحّ أن يوصف به إلاّ اللّه تعالى.


(380)
    و يمكن أن يقال : إنّ القدرة من التقدير و هو التحديد و تبيين كمّيّة الشيء ، و إشتقاق القدرة بمعنى الاستطاعة لأجل أنّ القدرة تلازم تحديد الشيء و تقدير كميّته ، و لعلّ هذا مراد ابن فارس من قوله : « مبلغ الشيء و كنهه و نهايته ».
    ثمّ إنّ الراغب فسّر القدرة في حقّه سبحانه بنفي العجز ، و هذا مبنيّ على ارجاع الصفات الثبوتية إلى السلبيّة و هو منظور فيه ، و على كل تقدير فالمفهوم من القادر و القدير شيء واحد إلاّ انّ القدير أبلغ و آكد في الدلالة على القدرة.

تعريف القدرة
    فسّر المتكلّمون القدرة بتعريفين :
    1 ـ صحّة الفعل و الترك ، فالقادر هو الذي يصحّ أن يفعل و يصح أن يترك.
    2 ـ الفعل عند المشيئة و الترك عند عدمها ، فالقادر من إن شاء فعل ، و إن شاء لم يفعل ، أو إن لم يشاء لم يفعل (1).
    و لايخفى انّ التعريفين يصدقان في حقّ الإنسان ، أمّا التعريف الأوّل فلأنّ صحّة الفعل و الترك عبارة عن أمكانهما ، و الامكان إمّا امكان ماهوى و هو عبارة عن كون الفاعل ذاماهيّة يكون نسبة الفعل و الترك إليها متساوية ، و إمّا امكان استعدادي و هو كون الفاعل ذاقّوة استعداديّة تخرج الشي من القوّة إلى الفعل كالاستعداد الموجود في البذر و النواة الذي يعطي صلاحيّة لهما بأن يكونا ذرعاً أو شجراً و الامكان الاستعدادي من مظاهر المادة ، و اللّه سبحانه منزّه عنها و عن شأبتها.
    و أمّا التعريف الثاني فلأنّ قول القائل بأنّ القادر إن شاء فعل و إن شاء لم
1 ـ اوائل المقالات : ص 12 ، كشف الفوائد للعلامة الحلي : ص 32 ، الاسفار : ج 6 ، ص 307 و 308 ، و قال ابن ميثم في « قواعد المرام في علم الكلام » : ص82 عرّفها المعتزلة بأنها عبارة عن كون الفاعل بحيث إذا شاء فعل و إذا شاء لم يفعل.
مفاهيم القرآن ـ جلد السادس ::: فهرس