الى

العتبةُ العبّاسية المقدّسة: أدوارُ أهلِ البيتِ مرسومةٌ بإرادةٍ إلهيّة لصونِ رسالتِها الخالدةِ

خلال افتتاح فعّاليات المُلتقى العلميّ لولادة الأقمار المحمّدية، كانت هناك كلمةٌ للمتولّي الشرعيّ للعتبة العبّاسية المقدّسة سماحة السيّد أحمد الصافي (دام عزّه)، ألقاها نيابةً عنه عضو مجلس إدارتها الأستاذ الدكتور عباس رشيد الموسوي، وهذا نصّ ما جاء فيها:
منذُ أن وُجِدَ الخلقُ على هذه الأرضِ البسيطةِ، (..بَعَثَ اللهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيَما اخْتَلَفُواْ فِيهِ)، وكلّ نبيٍّ ومُرسَل شَرَعَ اللهُ لَهُ شَرِيعَةً وَنَهَجَ لَهُ مِنْهاجاً، وَتَخَيَّرَ لَهُ أَوْصِياءَ مُسْتَحْفِظاً بَعْدَ مُسْتَحْفِظٍ مِنْ مُدَّةٍ إِلى مُدَّةٍ، إِقامَةً لِدِينِه وَحُجَّةً عَلى عِبادِهِ.
وليس بخافٍ أنّ تعاقبَ الأنبياءِ والمرسلينَ أفاد البشريّةَ في إدامة الرسالات السماويّة، وفي المحافظة على استمرارها وبقائها، تفسيراً، وتجسيداً، وتنفيذاً.
وطبيعيٌّ -والأمرُ كذلك- أن لا ينقطعَ هذا النهجُ الإلهيّ مع أشرفِ الرسالات، حين جعلها اللهُ خاتمةَ الأديان كلِّها، وجعل المرسَلَ بها خاتَماً للنبيّين والمرسلين، إذ لا نبيَّ بعده.
من هنا، قدّرَ اللهُ أن يكونَ وجودُ أهلِ البيتِ(عليهم السلام) ضرورةً لاستمرار الرسالةِ الخاتمةِ الأبديّةِ محفوظةً ومنزّهةً إلى أن يرثَ اللهُ الأرضَ ومَنْ عليها.
ومن هنا أيضاً ستغدو (حياةُ الإسلامِ) لصيقةً بوجود العترة الطاهرة، فقد حذوا حذوَ الرسولِ(صلوات الله وسلامه عليه)، وكانوا بعده هُدىً مِنَ الضَّلالِ وَنُوراً مِنَ العَمى وَحَبْلَ الله المَتِينَ وَصِراطَهُ المُسْتَقِيمَ، لم يُسْبَقُوا بِقَرابَةٍ فِي رَحِمٍ وَلا بِسابِقَةٍ فِي دِينٍ، وَلم يُلْحَقُوا فِي مَنْقَبَةٍ مِنْ مَناقِبِهِ.
لذلك كانت أدوارُهم مرسومةً بإرادةٍ إلهيّة، لصونِ رسالتِها الخالدةِ، وقد تنوّعت أدوارُهم، وتوزّعت عبرَ عصورِ الإسلام، فلم يخلُ عصرٌ منهم، وما أن يأفلَ عَلَمٌ منهم إلى بارئه، حتى يبزُغَ في سماء الدنيا غيرُه، وصولاً الى المُغَيَّب الذي لَمْ يَخْلُ مِنّا، والنازِحِ الذي ما نَزَحَ عَنّا، والمُتَخَيَّر لإِعادَةِ المِلَّةِ وَالشَّرِيعَةِ، والمُؤَمَّلِ لإِحْياءِ الكِتابِ وَحُدُودِهِ، عجّل الله تعالى فرَجَه، وسهّل مخرَجَه.
من تحت سماء هذه الرؤية، وتمثُّلاً لها، وإيماناً بها، انبرت الأمانةُ العامّة للعتبة العبّاسية المقدّسة لترعى هذا المُلتقى العلميّ، الموسوم بـ(بزوغ الأقمار: إحياءٌ لمنهج النبيّ المختار وآله الأطهار)، وتحت شعار: (بين المدينة وكربلاء نهضةُ فكرٍ وعطاء)، الذي تُقيمه جمعيّةُ العميد العلميّةُ والفكريةُ بالتنسيق مع ممثّليةِ العتبة العبّاسية المقدّسة في أوروبا، وبالتعاون مع الجامعة اللبنانيّة والجامعة الإسلاميّة في لبنان.
ندعو الله تقدّست أسماؤه أن يوفّق كلَّ مَنْ وقف وراءَ إقامتِه، وسعى إلى إنجاحه، مساهمةً أو حضوراً.
كما نُزجي الشكرَ وافراً إلى السادة الباحثين، مَنْ شاركوا ومن لم تُمْهلْهم ظروفُ الجائحة أن يكونوا بيننا..
تعليقات القراء
لايوجد تعليقات لعرضها
إضافة تعليق
الإسم:
الدولة:
البريد الإلكتروني:
إضافة تعليق ..: