الى

ذكرى ميلاد القمر العاشر الإمام علي بن محمد الهادي (عليه السلام)

يوافق اليوم الثاني من شهر رجب -على رواية- ذكرى ولادة عاشر أئمّة أهل بيت النبوّة(عليهم السلام)، الذين أذهَبَ اللهُ عنهم الرجسَ وطهّرهُم تطهيرًا، وهو الإمام علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام أجمعين).

كانت ولادتُه في قرية (صريا) التي تبعد عن المدينة المنوّرة ثلاثة أميال، وهي قريةٌ أسّسها جدّه الإمام موسى بن جعفر(عليه السلام)، وقد عُرِف أنّه كان قدوةً في الأخلاق والزهد والعلم، وقد كرّس حياته لخدمة الدين الحنيف، ولاقى في سبيل هذا الأمر الكثير من المضايقات من قِبل خلفاء بني العبّاس، حيث عاصر الإمامُ من الملوك العبّاسيين المعتصمَ والواثقَ والمتوكِّل والمنتصرَ والمستعينَ والمعتزّ.

فمعدنُه هو معدنُ الرسالة والنبوّة، وهو فرعُ ذلك البيت النبويّ الطاهر، الذي جسّد للإنسانيّة خطّ محمّدٍ خاتم الأنبياء (صلّى الله عليه وآله وسلّم) مُحاطًا بالعناية الإلهيّة، فأبوه هو الإمامُ المعصوم والمسدَّد وأمُّه الطاهرة التقيّة سُمانة المغربيّة.

نشأ وتربّى الإمامُ الهادي(عليه السلام) على هدى القرآن المجيد وخُلُق النبيّ الأكرم(صلّى الله عليه وآله)، المتجسِّد في أبيه الكريم خيرَ تجسيد، وقد بدت عليه آياتُ الذكاء الخارق والنبوغ المبكِّر الذي كان يُنبِىء عن الرعاية الإلهيّة التي خُصّ بها هذا الإمامُ العظيم منذ نعومة أظافره.

لقد تحلّى الإمام الهادي(عليه السلام) بمكارم الأخلاق التي بُعِث جدُّه الرّسول الأعظم لتتميمها، واجتمعت في شخصيّته كلُّ عناصر الفضل والكمال التي لا تسعُنا الإحاطةُ بها ولا تصويرها.

تقلّد منصب الإمامة الإلهيّ بعد أبيه في الثامنة من عمره الشريف، وتنقسم حياة هذا الإمام العظيم إلى حقبتَيْن متميّزتَيْن: أمضى الأولى منهما مع أبيه الإمام الجواد(عليه السلام)، وهي أقلّ من عقدٍ واحد، بينما أمضى الثانية وهي تزيد عن ثلاثة عقود بقيّة عمره الشريف، عاصَرَ خلالها ستّةً من ملوك الدولة العبّاسية، هم: المعتصم والواثق والمتوكِّل والمنتصِر والمستعين والمعتزّ.

سار المتوكِّلُ على نهج مَنْ سبقوه في التعامل مع أئمّة أهل البيت(عليهم السلام)، بل زاد على ذلك باستدعائه الإمام الهادي(عليه السلام) إلى دار الخلافة في سامرّاء وعزَلَه عن أوساط الأمّة.
وبالرغم من العُزلة التي كانت قد فرضتها السلطةُ العبّاسية على هذا الإمام، حيث أحكمت الرقابة عليه في عاصمتها سامرّاء، لكنّ الإمام كان يُمارس دوره المطلوب ونشاطه التوجيهيّ بكلّ دقّةٍ وحذر، فسعى الإمامُ علي الهادي(عليه السلام) بكلّ جدٍّ في تربية العلماء والفقهاء، إلى جانب رفده المسلمين بالعطاء الفكريّ والدينيّ -العقائديّ والفقهيّ والأخلاقيّ .

فسلامٌ عليه يوم وُلِد ويوم استُشهِدَ ويوم يُبعَثُ حيّاً.
تعليقات القراء
لايوجد تعليقات لعرضها
إضافة تعليق
الإسم:
الدولة:
البريد الإلكتروني:
إضافة تعليق ..: