حذّرت العتبة العبّاسية المقدّسة من خطورة الحرب الثقافية والفكرية والأخلاقية التي تستهدف المجتمع الإسلاميّ، مؤكّدةً تبنّي العديد من المشاريع القرآنيّة الثقافية في المدارس والجامعات والحياة العامّة لحماية المجتمع.
جاء ذلك في كلمة العتبة المقدّسة التي ألقاها عضو مجلس إدارتها الدكتور أفضل الشامي، ضمن فعّاليات اليوم الأوّل من حفل التكليف الشرعيّ، الذي تنظّمه شعبةُ الخطابة الحسينية النسويّة التابعة لمكتب المتولّي الشرعيّ للشؤون النسوية في العتبة المقدّسة، ضمن مشروع الورود الفاطمية بنسخته السابعة، وبالتعاون مع مديريّة تربية كربلاء المقدّسة، وبمشاركة 5 آلاف تلميذة من 121 مدرسة.
وجاء في نصّ الكلمة:
الحمد لله رب العالمين وصلى الله تعالى على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين.
ونحن في مكان مبارك أُعِدَّ لخدمة زوار الإمام الحسين (عليه السلام)
نبدأ بالسلام عليه فأقول
السَّلام عَلَيْكَ يَا أبا عَبْدِ اللهِ وَعلَى الأرواحِ الّتي حَلّتْ بِفِنائِكَ، وَأنَاخَت برَحْلِك
ورحمةُ الله وبركاته
السلام على المولى أبي الفضل العباس بن أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته
أصحابَ السماحة والفضيلة والأساتذةُ الكرام والأستاذات الكريماتُ ، الضيوف جميعاً مع حفظ الألقاب والمناصب. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته...
ثم السلام على الورود الفاطمية قرةِ العيون ورحمة الله وبركاته..
بدايةً أنقل إلى حضراتكم تحيات سماحة السيد المتولي الشرعي للعتبة العباسية المقدسة السيد أحمد الصافي - دام عزه- وسلامَه ودعاءَهُ لكم بالتوفيق والسداد وأنتم تقومون بهذا الجهد المبارك لزرع بذور الخير والصلاح في نفوس بناتنا العزيزات، أمهات المستقبل.
وكذلك تحيات السيد الأمين العام للعتبة العباسية المقدسة ومجلس إدارتها والعاملين فيها، وتمنياتهم لبناتنا الكريمات العزيزات بالتوفيق والسداد..
وأتقدم باسمهم جميعاً لتقديم الشكر والتقدير لكلِّ من ساهم وعمل على إنجاح هذا المشروع المبارك بقول أو فعل أو مشاركةِ حضور، وخصوصاً أخواتِنا الكريماتِ في المكتب النسوي الموقر والمديرية العامة لتربية كربلاء المقدسة وتشكيلاتها المختلفة.
لا تخفى على حضراتكم خطورةُ الحرب الثقافيّة والفكرية والأخلاقيّة التي يواجهها المجتمع البشريّ بشكلٍ عام والمجتمع الإسلامي بشكلٍ خاص، والتي تستهدف قيَمهُ ومبادئَهُ وثوابتَه بل تعدّت إلى فطرتهِ، مستخدمين في ذلك وسائل شتّى وطرقاً مختلفة ساعيةً لنشر الفساد والانحراف، وهي تُنذر بانحدارٍ سلوكيّ يُخرج الإنسان عن آدميّته وخصوصيّة وجوده واختلافه عن باقي الموجودات.
فقد ورد في الحديث عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب(عليه السلام): إنّ الله عزّ وجلّ ركّب في الملائكة عقلاً بلا شهوة، وركّب في البهائم شهوةً بلا عقل، وركّب في بني آدم كلتيهُما، فمن غلب عقلُهُ شهوتَهُ فهو خيرٌ من الملائكة، ومن غلبت شهوتُهُ عقلَهَ فهو شرٌّ من البهائم.
لهذا وأمام المخاطر المُحدِقة والتهديدات المشار إليها، لا بدّ للجميع وخصوصاً الجهات الفاعلة الوقوف والتصدي لمنع وصول تلك المخاطر إلى مجتمعنا، وبكلّ ما أمكن من وسائل وسبل.
من هنا فقد دأبت العتبة العبّاسية المقدّسة على العمل بجدٍّ واجتهاد للقيام بواجبها، ولتحقيق ما أمكن من الأهداف المرجوّة، وبخطواتٍ عمليّة وواقعيّة واضحة ومفيدة.
ومنها على سبيل المثال لا الحصر:
• إقامة مراسيم التخرّج الجامعية للطلبة والطالبات بشكلٍ لائق وراقٍ، يعكس القيمَ التربويةَ الأصيلةَ وما يحب أن يكون عليه قائدُ المستقبل، وقد أخذت تلك المراسيمُ بجذب أعدادٍ كبيرة من الطلبة والطالبات من داخل العراق وخارجه.
• إقامة مراسيم التكليف لبناتنا العزيزات لإشعار الناس بالواجب الشرعيّ، والذي يقتضي ضرورةَ الاهتمام بلحظة انتقال بناتنا الكريمات إلى التشرّف بالدخول إلى عالم التكليفات الإلهيّة المقدّسة للمرأة، حيث أذِنَ الباري عزّ وجلّ لهذه البنت بالوقوف بين يديه والتحدّث إليه ونيل شرف العلاقة معه سبحانه، وتعزيزاً للوعي الدينيّ والأخلاقيّ الذي يُضمنُ من خلاله الحفاظُ على المجتمع من الاختراق والانحراف.
• إقامة الدورات الثقافية في العطلة الصيفية.
• إقامة الدورات القرآنيّة في مناطق مختلفة من بلدنا العزيز.
• تكريم الطالبات الجامعيات المرتديات للعباءة الزينبية (العباءة العراقية)، وفي عدّة جامعاتٍ في العراق.
• مطبوعات متنوّعة تستهدف شرائح مختلفة كالطفل والشباب والمرأة والرجل، تسعى لنشر الوعي الدينيّ والثقافيّ النافع.
• التركيز على ضرورة الاهتمام بالجانب التربويّ في المراكز والمؤسّسات التعليمية للعتبة المقدّسة، والتي تبدأ من رياض الأطفال حتى الجامعة.
relatedinner
مضافاً لما ذُكِر استمرار النشاطات الثقافيّة والفكريّة التي تُقام في الصحن الشريف، ومن خلال خطب الوعظ والإرشاد أو إقامة الاحتفالات في مناسبات عديدة خلال أيام السنة المختلفة.
أيّها الحضور الكريم مع خطورة ما يحيط بنا من مخاطر إلّا أنّنا يجب أن لا نيأسَ أبداً، وعلينا أن نتوكّل على الله تعالى ونعمل ما يمكننا، متسلّحين بالدعاء وآملين منه سبحانه أن يتقبّل من الجميع.
واسمحوا لي أن أختم هذه الكلمة بدعاء إمامنا السجّاد لإمام الزمان (عليهما السلام)، ونحن ندعو معاً لإمامنا (عجّل الله تعالى فرجه) وهو المؤمّل المدخّر لإزالة الظلم والجور والفساد والعدوان، ونشر العدل والقسط.
يقول إمامنا السجاد (عليه السلام) في دعائهِ:
((اللَّهُمَّ إِنَّكَ أَيَّدتَ دِينَكَ فِي كُلِّ أَوَانٍ بِإِمَامٍ أَقَمْتَهُ عَلَماً لِعِبَادِكَ، وَمَنَاراً فِي بِلادِكَ، بَعْدَ أَنْ وَصَلْتَ حَبْلَةُ بِحَبْلِكِ، وَجَعَلْتَهُ الذَّرِيعَةَ إِلى رِضْوَانِكَ، وَافْتَرَضْتَ طَاعَتَهُ، وَحَذَّرْتَ مَعْصِيَتَهُ، وَأَمَرْتَ بِامْتِثَالِ أَمْرِهِ، وَالانْتِهَاءِ عِندَ نَهيِهِ، وَأَلّا يَتَقَدَّمهُ مُتَقَدِّمٌ، وَلا يَتَأَخَّرَ عَنْهُ مُتَأخِّرٌ، فَهُوَ عِصْمَةُ الْلاِئذِينَ، وَكَهْفُ المُؤْمِنينَ، وَعُرْوَةُ الْمُتَمَسِّكِينَ، وَبَهَاءُ الْعَالَمِينَ.
اَللَّهُمَّ فَأوْزِعْ لوَليِّكَ شُكرَ مَا أَنعَمْتَ بِهِ عَلَيْهِ، وَأَوزِعْنَا مِثْلَهُ فِيهِ، وَآتِهِ مِنْ لَدُنْكَ سُلْطَاناً نَصِيراً، وَافْتَحْ لَهُ فَتْحاً يَسِيراً، وَأَعِنْهُ بِرُكْنِكَ الأعَزِّ، وَاشْدُدْ أَزْرَهُ، وَقَوِّ عَضُدَهُ، وَرَاعِهِ بِعَيْنِكَ، وَاحْمِهِ بِحِفْظِكَ، وَانْصُرْهُ بِمَلائِكَتِكَ، وَامْدُدْهُ بجُندِكَ الأغْلَبِ، وَأَقِمْ بِهِ كِتابَكَ وَحُدودَكَ، وَشَرائِعكَ وَسُنَنَ رَسُولِكَ صَلَوَاتُكَ اللَّهُمَّ عَلَيْهِ وَآلِهِ، وَأَحْيِ بِهِ مَا أَمَاتَهُ الظَّالِمُونَ مِنْ مَعِالِمِ دِينِكَ، وَاجْلُ بِهِ صَدأَ الْجَوْرِ عَنْ طَرِيقَتِكَ، وَأبِنْ بِهِ الضَّرَّاءَ مِنْ سَبِيلِكَ، وَأَزِلْ بِهِ النَّاكِبِينَ عَنْ صِرَاطِكَ، وَامْحَقْ بِهِ بُغَاةَ قَصْدِكَ عِوَجاً، وَأَلِنْ جَانِبَهُ لأوْلِيَائِكَ، وَابْسُط يَدَهُ عَلَى أَعْدَائِكَ، وَهَبْ لَنَا رَأْفَتَهُ وَرَحْمَتَهُ، وَتَعَطُّفَهُ وَتَحَنُّنَهُ، وَاجْعَلْنَا لَهُ سَامِعِينَ مُطِيعِينَ، وَفي رِضَاهُ سَاعِينَ، وَإِلى نُصْرَتِهِ وَالْمُدافَعَةِ عَنْهُ مُكْنِفِينَ، وَإِلَيْكَ وَإِلى رَسُولِكَ صَلوَاتُكَ اللَّهُمَّ عَلَيْهِ وَآلِهِ بِذَلِكَ مُتَقرِّبِينَ)).
والحمد لله ربّ العالمين وصلّى الله على سيّدنا ونبيّنا محمدٍ وآله الطاهرين، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته..