المكاسب ـ جلد الثاني ::: 61 ـ 70
(61)
[ المسألة ] الثالثة والعشرون
    [ حرمة النجش ودليلها ]
    النجش ـ بالنون المفتوحة والجيم الساكنة ، أو المفتوحة ـ حرام ، لما في النبوي (1) ـ المنجبر بالاجماع المنقول عن جامع المقاصد (2) والمنتهى (3) ـ من لعن الناجش والمنجوش له (4) ، وقوله صلى الله عليه وآله وسلم : ( ولا تناجشوا ) (5).
    ويدل على قبحه : العقل ، لأنه غش وتلبيس وإضرار.

    [ معنى النجش ]
    وهو كما عن جماعة (6) : أن يزيد الرجل في ثمن السلعة وهو لا يريد شراءها ، ليسمعه غيره فيزيد لزيادته ، بشرط المواطاة مع
1 ـ الوسائل 12 : 337 ، الباب 49 من أبواب آداب التجارة ، الحديث 2.
2 ـ جامع المقاصد 4 : 39.
3 ـ منتهى المطلب 2 : 1004.
4 ـ لم ترد ( له ) في ( خ ) ، ( م ) ، ( ع ) و ( ص ).
5 ـ الوسائل 12 : 338 ، الباب 49 من أبواب آداب التجارة ، الحديث 4.
6 ـ انظر : جامع المقاصد 4 : 39 ، ومجمع الفائدة 8 : 136 ، والجواهر 22 : 476.


(62)
البائع ، أو لا بشرطها ، كما حكي عن بعض (1).
    وحكي (2) تفسيره ـ أيضا ـ بأن يمدح السلعة في البيع لينفقها ويروجها ، لمواطاة بينه وبين البائع ، أو لا معها.
    وحرمته بالتفسير الثاني ـ خصوصا لا مع المواطاة ـ يحتاج إلى دليل ، وحكي الكراهة عن بعض (3).
1 ـ جامع المقاصد 4 : 39.
2 ـ حكاه كاشف الغطاء في شرح القواعد ( مخطوط ) : الورقة 31 ، وفيه : وفسر أيضا بأن يمدح السلعة في البيع ....
3 ـ حكاه السيد العاملي في مفتاح الكرامة ( 4 : 106 ) عن المحقق والعلامة وغيرهما ، انظر الشرائع 2 : 21 ، والمختصر النافع 1 : 120 ، والإرشاد 1 : 359 ، والتنقيح 2 : 40 ـ 41.


(63)
[ المسألة ] الرابعة والعشرون
    النميمة محرمة بالأدلة الأربعة.

    [ حرمة النميمة ]
    وهي نقل قول الغير إلى المقول فيه ، كأن يقول : تكلم فلان فيك بكذا وكذا.

    [ معنى النميمة ]
    قيل : هي من نم الحديث ، من باب قتل وضرب ، أي سعى به لإيقاع فتنة أو وحشة (1).

    [ النميمة من الكبائر ]
    وهي من الكبائر ، قال الله تعالى : ( ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ويفسدون في الأرض اولئك لهم اللعنة ولهم سوء الدار ) (2) ، والنمام قاطع لما أمر الله بصلته ومفسد.
    قيل (3) : وهي المرادة (4) بقوله تعالى : ( والفتنة أكبر من القتل ) (5).
1 ـ راجع المصباح المنير 2 : 626 ، مادة : ( نم ) ، ومجمع البحرين 6 : 180 ، مادة : ( نمم ).
2 ـ الرعد : 25.
3 ـ قاله كاشف الغطاء في شرح القواعد ( مخطوط ) : الورقة 20 ، وفيه : وهي المعنية بقوله تعالى : ( والفتنة أكبر من القتل ). وانظر الجواهر 22 : 73.
4 ـ كذا في ( ف ) ، وفي سائر النسخ : المراد.
5 ـ البقرة : 217.


(64)
    وقد تقدم في باب السحر (1) قوله عليه السلام ـ في ما رواه في الاحتجاج في وجوه السحر ـ : ( وإن من أكبر السحر النميمة ، يفرق بها بين المتحابين ) (2).
    وعن عقاب الأعمال ، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم : ( من مشى في نميمة بين اثنين (3) سلط الله عليه في قبره نارا تحرقه ، وإذا خرج من قبره سلط الله عليه تنينا أسود ينهش لحمه حتى يدخل النار ) (4).
    وقد استفاضت الأخبار بعدم دخول النمام الجنة (5).
    ويدل على حرمتها ـ مع كراهة المقول عنه لإظهار القول عند المقول فيه ـ جميع ما دل على حرمة الغيبة ، ويتفاوت عقوبته بتفاوت ما يترتب عليها من المفاسد.

    [ حدّ النميمة بالمعنى الأعمّ ]
    وقيل : إن حد النميمة بالمعنى الأعم كشف ما يكره كشفه ، سواء كرهه المنقول عنه أم المنقول إليه ، أم كرهه ثالث ، وسواء كان الكشف بالقول أم بغيره من الكتابة والرمز والإيماء ، وسواء كان المنقول من الأعمال أم من الأقوال ، وسواء كان ذلك عيبا ونقصانا على المنقول عنه
1 ـ راجع المكاسب 1 : 265.
2 ـ الاحتجاج 2 : 82.
3 ـ في ( ش ) : الاثنين.
4 ـ عقاب الأعمال : 335 ، ( باب مجمع عقوبات الأعمال ) ، والوسائل 8 : 618 ، الباب 164 من أبواب أحكام العشرة ، الحديث 6.
5 ـ الوسائل 8 : 616 ، الباب 164 من أبواب أحكام العشرة ، والمستدرك 9 : 149 الباب 44 من أبواب أحكام العشرة.


(65)
أم لا ، بل حقيقة النميمة إفشاء السر ، وهتك الستر عما يكره كشفه (1) ، انتهى موضع الحاجة.

    [ متى تباح النميمة ، ومتى تجب؟ ]
    ثم إنه قد يباح ذلك (2) لبعض المصالح التي هي آكد من مفسدة إفشاء السر ، كما تقدم في الغيبة (3) ، بل قيل : إنها قد تجب لإيقاع الفتنة بين المشركين (4) ، لكن الكلام في النميمة على المؤمنين.
1 ـ راجع المحجة البيضاء 5 : 277.
2 ـ في ( ف ) : بعض ذلك.
3 ـ راجع المكاسب 1 : 351 ( الصور التي رخص فيها الغيبة لمصلحة أقوى ).
4 ـ قاله صاحب الجواهر في الجواهر 22 : 73 ، والسيد العاملي في مفتاح الكرامة 4 : 68.

(66)


(67)
[ المسألة ] الخامسة والعشرون
    [ حرمة النوح بالباطل ]
    النوح بالباطل ، ذكره في المكاسب المحرمة الشيخان (1) وسلار (2) والحلي (3) والمحقق (4) ومن تأخر عنه (5).
    [ وجه حرمة النوح بالباطل ]
    والظاهر حرمته من حيث الباطل ، يعني الكذب ، وإلا فهو في نفسه ليس بمحرم ، وعلى هذا التفصيل دل غير واحد من الأخبار (6).
1 ـ المقنعة : 588 ، والنهاية : 365.
2 ـ المراسم : 170.
3 ـ السرائر 2 : 222.
4 ـ الشرائع 2 : 10.
5 ـ كالعلامة في الإرشاد 1 : 357 ، والقواعد : 121 وغيرهما ، والشهيد في الدروس 3 : 162 ـ 163.
6 ـ راجع الوسائل 12 : 90 ، الباب 17 من أبواب ما يكتسب به ، الحديث 6 و 9 ، والمستدرك 13 : 93 ، الباب 15 من أبواب ما يكتسب به ، الحديث الأول.


(68)
    وظاهر المبسوط (1) وابن حمزة (2) التحريم مطلقا كبعض الأخبار (3) ، وكلاهما محمولان على المقيد ، جمعا.
1 ـ المبسوط 1 : 189.
2 ـ الوسيلة : 69.
3 ـ راجع الوسائل 12 : 91 ، الباب 17 من أبواب ما يكتسب به ، الحديث 12.


(69)
المسألة السادسة والعشرون
    [ حرمة الولاية من قبل الجائر ]
    الولاية من قبل الجائر ـ وهي صيرورته واليا على قوم منصوبا من قبله ـ محرمة ، لأن الوالي من أعظم الأعوان.

    [ وجه حرمة الولاية من قبل الجائر ]
    ولما تقدم (1) في رواية تحف العقول ، من قوله : ( وأما وجه الحرام من الولاية : فولاية الوالي الجائر ، وولاية ولاته ، فالعمل (2) لهم والكسب لهم بجهة الولاية معهم حرام محرم ، معذب فاعل ذلك على قليل من فعله أو كثير ، لأن كل شيء من جهة المعونة له (3) معصية كبيرة من الكبائر ، وذلك أن في ولاية الوالي الجائر دروس الحق كله ، وإحياء الباطل كله ، وإظهار الظلم والجور والفساد ، وإبطال الكتب ، وقتل الأنبياء ، وهدم المساجد ، وتبديل سنة الله وشرائعه ، فلذلك حرم العمل معهم ومعونتهم ، والكسب معهم إلا بجهة الضرورة ، نظير الضرورة إلى الدم
1 ـ راجع المكاسب 1 : 6 و 7.
2 ـ كذا في ( ش ) ومصححة ( ن ) ، وفي غيرهما : والعمل.
3 ـ في هامش ( م ) : لهم.


(70)
والميتة ... الخبر ) (1).
    وفي رواية زياد بن أبي سلمة : ( أهون ما يصنع الله عزوجل بمن تولى لهم عملا ، أن يضرب عليه (2) سرادق (3) من نار إلى أن يفرغ الله من حساب الخلائق (4) ) (5).

    [ هل الولاية عن الجائر محرّمة بنفسها؟ ]
    ثم إن ظاهر الروايات كون الولاية محرمة بنفسها مع قطع النظر عن ترتب معصية عليها (6) من ظلم الغير ، مع أن الولاية عن الجائر لا تنفك عن المعصية.
    وربما كان في بعض الأخبار إشارة إلى كونه من جهة الحرام الخارجي ، ففي صحيحة داود بن زربي ، قال : ( أخبرني (7) مولى لعلي ابن الحسين عليه السلام ، قال : كنت بالكوفة فقدم أبو عبد الله عليه السلام الحيرة ، فأتيته ، فقلت له : جعلت فداك لو كلمت داود بن علي أو بعض هؤلاء ، فأدخل (8) في بعض هذه الولايات ، فقال : ما كنت لأفعل ، فانصرفت إلى منزلي فتفكرت (9) : ما أحسبه أنه منعني إلا مخافة أن
1 ـ تحف العقول : 331 ، والوسائل 12 : 55 الباب 2 من أبواب ما يكتسب به.
2 ـ في غير ( ش ) : أن يضرب الله عليه.
3 ـ ما أثبتناه من المصادر الحديثية ، وفي النسخ : سرادقا.
4 ـ في نسخة بدل ( ش ) : الخلق.
5 ـ الوسائل 12 : 140 ، الباب 46 من أبواب ما يكتسب به ، الحديث 9.
6 ـ في النسخ : عليه.
7 ـ في ( ف ) : خبرني.
8 ـ في غير ( ن ) و ( ش ) : فادخلت.
9 ـ في ( ص ) والمصدر زيادة : فقلت.
المكاسب ـ جلد الثاني ::: فهرس