المكاسب ـ جلد الثاني ::: 111 ـ 120
(111)
ويستريح إليها ، زوجه الله من الحور العين وآنسه بمن أحبه (1) من الصديقين من أهل بيت نبيه صلى الله عليه وآله وسلم وإخوانه ، وآنسهم به.
    ومن أعان أخاه المؤمن (2) على سلطان جائر ، أعانه الله على إجازة (3) الصراط عند (4) زلة الأقدام.
    ومن زار أخاه المؤمن في منزله لا لحاجة منه إليه ، كتب (5) من زوار الله ، وكان حقيقا على الله أن يكرم زائره ).
    يا عبد الله ، وحدثني أبي ، عن آبائه ، عن علي عليه السلام ، أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول لأصحابه يوما : ( معاشر الناس إنه ليس بمؤمن من آمن بلسانه ولم يؤمن بقلبه ، فلا تتبعوا عثرات المؤمنين ، فإنه من تتبع (6) عثرة مؤمن يتبع (7) الله عثرته (8) يوم القيامة ، وفضحه في جوف بيته ).
    وحدثني أبي ، عن آبائه ، عن علي عليه السلام أنه (9) قال : ( أخذ الله
1 ـ في ( ف ) والمصدر : أحب.
2 ـ كذا في ( ش ) والمصدر ، وفي سائر النسخ : المسلم.
3 ـ في ( ف ) : إجادة.
4 ـ كذا في ( ش ) والمصدر ومصححة ( ص ) ، وفي سائر النسخ : يوم.
5 ـ كذا في ( ش ) والمصدر ومصححة ( ص ) ، وفي سائر النسخ : كتبه.
6 ـ في ( ص ) : يتبع ، وفي المصدر : اتبع.
7 ـ في ( ف ) و ( م ) : تتبع ، وفي ( ص ) والمصدر ونسخة بدل ( ش ) : اتبع.
8 ـ في ( ص ) والمصدر : عثراته.
9 ـ ( أنه ) من ( ص ) والمصدر.


(112)
ميثاق المؤمن على (1) أن لا يصدق في مقالته ، ولا ينتصف من عدوه ، وعلى أن لا يشفى غيظه إلا بفضيحة نفسه ، لأن المؤمن (2) ملجم ، وذلك لغاية قصيرة وراحة طويلة ، أخذ (3) الله ميثاق المؤمن على أشياء أيسرها عليه (4) مؤمن مثله يقول بمقالة (5) يبغيه ويحسده ، وشيطان (6) يغويه ويمقته ، وسلطان (7) يقفو إثره ويتبع عثراته ، وكافر بالذي هو مؤمن به يرى سفك دمه دينا ، وإباحة حريمه غنما ، فما بقاء المؤمن بعد هذا؟ ).
    يا عبد الله ، وحدثني أبي ، عن آبائه عن علي عليه السلام (8) عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، قال : ( نزل جبرئيل عليه السلام ، فقال : يا محمد إن الله يقرؤك (9) السلام ويقول : اشتققت (10) للمؤمن اسما من أسمائي ، سميته مؤمنا ، فالمؤمن مني وأنا منه ، من استهان بمؤمن (11) فقد استقبلني
1 ـ ( على ) من ( ف ) و ( ش ).
2 ـ في ( ص ) والمصدر ونسخة بدل ( ش ) : لأن كل مؤمن.
3 ـ في ( ف ) و ( ص ) : وأخذ.
4 ـ كلمة ( عليه ) من المصدر ومصححة ( ص ).
5 ـ في المصدر ومصححة ( ص ) : بمقالته.
6 ـ في ( ص ) والمصدر ومصححة ( خ ) ونسخة بدل ( ش ) : والشيطان.
7 ـ كذا في ( ش ) و ( ن ) ، وفي سائر النسخ والمصدر : والسلطان.
8 ـ عبارة ( عن علي عليه السلام ) من ( ش ) والمصدر ونسخة بدل ( ص ).
9 ـ في المصدر ونسخة بدل ( ش ) : يقرأ عليك.
10 ـ كذا في ( خ ) ، ( ص ) ، ( ش ) والمصدر ، واختلفت سائر النسخ فيها.
11 ـ في نسخة بدل ( ش ) : مؤمنا.


(113)
بالمحاربة ).
    يا عبد الله ، وحدثني أبي ، عن آبائه ، عن علي عليه السلام عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال يوما (1) : ( يا علي ، لا تناظر رجلا حتى تنظر في سريرته ، فإن كانت سريرته حسنة فإن الله عزوجل لم يكن ليخذل وليه ، وإن كانت (2) سريرته ردية فقد يكفيه مساويه ، فلو جهدت أن تعمل به أكثر مما (3) عمل به من معاصي الله عزوجل ما قدرت عليه ).
    يا عبد الله ، وحدثني أبي (4) ، عن آبائه ، عن علي (5) عليهم السلام ، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، أنه قال : ( أدنى الكفر أن يسمع الرجل من (6) أخيه الكلمة فيحفظها عليه يريد أن يفضحه بها ، اولئك لا خلاق لهم ).
    يا عبد الله ، وحدثني أبي (7) ، عن آبائه ، عن علي عليه السلام ، أنه قال : ( من قال في مؤمن ما رأت عيناه وسمعت اذناه ما يشينه ويهدم مروته فهو من الذين قال الله عزوجل : ( إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم ) (8) ).
1 ـ من ( ش ) والمصدر ومصححة ( ص ).
2 ـ كذا في ( ف ) ، ( ش ) والمصدر ومصححة ( ص ) ، وفي سائر النسخ : كان.
3 ـ في ( ف ) ، ( ن ) ، ( م ) ، ( ع ) و ( ش ) : ما.
4 ـ في غير ( ص ) و ( ش ) زيادة : عن أبيه.
5 ـ لم ترد ( عن علي ) في ( ص ).
6 ـ في ( ص ) والمصدر : عن.
7 ـ في غير ( ش ) زيادة : عن أبيه.
8 ـ النور : 19.


(114)
    يا عبد الله ، وحدثني أبي ، عن آبائه ، عن علي عليه السلام ، أنه قال : ( من روى عن (1) أخيه المؤمن رواية يريد بها هدم مروته وشينه (2) ، أوثقه (3) الله بخطيئته يوم القيامة حتى يأتي بالمخرج (4) مما قال ، ولن يأتي بالمخرج منه أبدا.
    ومن أدخل على أخيه المؤمن سرورا فقد أدخل على أهل بيت نبيه صلى الله عليه وآله وسلم (5) سرورا ، ومن أدخل على أهل بيت نبيه صلى الله عليه وآله وسلم سرورا فقد أدخل على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم سرورا ، ومن أدخل على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم سرورا فقد سر الله ، ومن سر الله فحقيق على الله أن يدخله جنته ).
    ثم إني (6) اوصيك بتقوى الله ، وإيثار طاعته ، والاعتصام بحبله ، فإنه من اعتصم بحبل الله فقد هدي إلى صراط مستقيم.
    فاتق الله ولا تؤثر أحدا على رضاه وهواه (7) ، فإنه وصية الله عزوجل إلى خلقه لا يقبل منهم غيرها ، ولا يعظم سواها.
1 ـ في ( ف ) ، ( ن ) ، ( خ ) ، ( م ) و ( ع ) : على.
2 ـ في ( ص ) والمصدر ونسخة بدل ( ش ) : ثلبه.
3 ـ في ( خ ) ، ( ص ) والمصدر ونسخة بدل ( ش ) : أوبقه.
4 ـ في ( ص ) والوسائل ومصححة ( ش ) : بمخرج.
5 ـ في المصدر ونسخة بدل ( ش ) : أهل البيت عليهم السلام.
6 ـ من ( ص ) ، ( ش ) والمصدر.
7 ـ من ( ف ) ، ( ص ) ، ( ش ) والمصدر.


(115)
    واعلم ، أن الخلق (1) لم يوكلوا بشيء أعظم من تقوى الله (2) ، فإنه وصيتنا أهل البيت ، فإن استطعت أن لا تنال من الدنيا شيئا يسأل الله عنه (3) غدا فافعل.

    [ ما قاله النجاشي عند وصول كتاب الإمام إليه ]
    قال عبد الله بن سليمان : فلما وصل كتاب الصادق عليه السلام إلى النجاشي نظر فيه ، فقال : صدق ـ والله الذي لا إله إلا هو ـ مولاي ، فما عمل أحد بما في هذا الكتاب إلا نجا. قال : فلم يزل عبد الله يعمل به أيام حياته (4) (5).
1 ـ في المصدر ونسخة بدل ( ش ) : الخلائق.
2 ـ في المصدر ونسخة بدل ( ش ) : التقوى.
3 ـ في المصدر : تسأل عنه.
4 ـ في غير ( ش ) زيادة : الخبر.
5 ـ كشف الريبة : 122 ـ 131 ، ورواه في الوسائل 12 : 150 ، الباب 49 من أبواب ما يكتسب به.


(116)

(117)
المسألة السابعة والعشرون
    [ حرمة هجاء المؤمن ]
    [ تفسير الهجاء ]
    هجاء المؤمن حرام بالأدلة الأربعة ، لأنه همز ولمز وأكل اللحم وتعيير وإذاعة سر ، وكل ذلك كبيرة موبقة ، فيدل (1) عليه فحوى جميع ما تقدم في الغيبة (2) ، بل البهتان أيضا (3) ، بناء على تفسير الهجاء بخلاف المدح كما عن الصحاح (4) ، فيعم ما فيه من المعايب وما ليس فيه ، كما عن القاموس (5) والنهاية (6) والمصباح (7) ، لكن مع تخصيصه فيها بالشعر.
    وأما تخصيصه بذكر ما فيه بالشعر كما هو ظاهر جامع المقاصد (8) ،
1 ـ في ( ص ) : ويدل.
2 ـ راجع المكاسب 1 : 315 ـ 318.
3 ـ راجع المكاسب 1 : 325.
4 ـ صحاح اللغة 6 : 2533 ، مادة : ( هجا ).
5 ـ القاموس المحيط 4 : 402 ، مادة : ( هجا ).
6 ـ النهاية ، لابن الأثير 5 : 248 ، مادة : ( هجا ).
7 ـ المصباح المنير : 635 ، مادة : ( هجا ).
8 ـ جامع المقاصد 4 : 26.


(118)
فلا يخلو عن تأمل ، ولا فرق في المؤمن بين الفاسق وغيره.
    وأما الخبر : ( محصوا ذنوبكم بذكر الفاسقين ) (1) فالمراد به الخارجون عن الإيمان أو المتجاهرون بالفسق.

    [ هجاء المخالف والفاسق المبدع ]
    واحترز بالمؤمن عن المخالف ، فإنه يجوز هجوه لعدم احترامه ، وكذا يجوز هجاء الفاسق (2) المبدع ، لئلا يؤخذ ببدعه (3) ، لكن بشرط الاقتصار على المعائب الموجودة فيه ، فلا يجوز بهته بما ليس فيه ، لعموم حرمة الكذب ، وما تقدم من الخبر في الغيبة من قوله عليه السلام في حق المبتدعة : ( باهتوهم كيلا (4) يطمعوا في إضلالكم ) (5) محمول على اتهامهم وسوء الظن بهم بما يحرم اتهام المؤمن به ، بأن يقال : لعله زان ، أو سارق (6). وكذا إذا زاده (7) ذكر ما ليس فيه من باب المبالغة.
    ويحتمل إبقاؤه على ظاهره بتجويز الكذب عليهم لأجل المصلحة ،
1 ـ لم نقف عليه في المصادر الحديثية ، لكن حكاه السيد العاملي في مفتاح الكرامة ( 4 : 64 ) عن حواشي الشهيد على القواعد ، وفيه : ( محصوا ذنوبكم بغيبة الفاسقين ).
2 ـ لم ترد ( الفاسق ) في ( ف ).
3 ـ في نسخة بدل ( ش ) : ببدعته.
4 ـ كذا في ( ف ) والمصدر ، وفي سائر النسخ : لكيلا.
5 ـ الوسائل 11 : 508 ، الباب 39 من أبواب الأمر والنهي وما يناسبهما ، الحديث الأول. وقد تقدم في المكاسب 1 : 353.
6 ـ في ( ف ) : وسارق.
7 ـ في ( ف ) : وكذا إرادة ، وفي ( ص ) : وكذا إذا زاد.


(119)
فإن مصلحة تنفير (1) الخلق عنهم أقوى من مفسدة الكذب.
    وفي رواية أبي حمزة عن أبي جعفر عليه السلام ، قال : ( قلت له : إن بعض أصحابنا يفترون ويقذفون من خالفهم ، فقال : الكف عنهم أجمل. ثم قال لي : والله يا أبا حمزة إن الناس كلهم أولاد بغايا ما خلا شيعتنا. ثم قال : نحن أصحاب الخمس ، وقد حرمناه على جميع الناس ما خلا شيعتنا ) (2).
    وفي صدرها دلالة على جواز الافتراء وهو القذف على كراهة ، ثم أشار عليه السلام إلى أولوية قصد الصدق بإرادة الزنا من حيث استحلال حقوق الأئمة عليهم السلام.
1 ـ في ( خ ) ، ( م ) ، ( ع ) و ( ص ) : تنفر.
2 ـ الوسائل 11 : 331 ، الباب 73 من أبواب جهاد النفس ، الحديث 3.
المكاسب ـ جلد الثاني ::: فهرس