المكاسب ـ جلد الثاني ::: 171 ـ 180
(171)
    [ 2 ـ إخراج الخمس ]
    ومنها : إخراج الخمس منه ، حكي عن المنتهى (1) والمحقق الأردبيلي قدس سره (2) ، وظاهر الرياض (3) هنا أيضا عدم الخلاف ، ولعله لما ذكر في المنتهى ـ في وجه استحباب إخراج الخمس من هذا المال ـ : من أن الخمس مطهر للمال المختلط يقينا بالحرام ، فمحتمل الحرمة أولى بالطهر به (4) ، فإن مقتضى الطهارة بالخمس صيرورة المال حلالا واقعيا ، فلا يبقى حكم الشبهة كما لا يبقى في المال المختلط يقينا بعد إخراج الخمس.
    نعم (5) ، يمكن الخدشة في أصل الاستدلال : بأن الخمس إنما يطهر المختلط بالحرام ، حيث إن بعضه حرام وبعضه حلال ، فكأن الشارع جعل الخمس بدل ما فيه من الحرام ، فمعنى تطهيره تخليصه بإخراج الخمس مما فيه من الحرام ، فكأن المقدار الحلال طاهر (6) في نفسه إلا أنه قد تلوث ـ بسبب الاختلاط مع الحرام (7) ـ بحكم الحرام وهو وجوب
1 ـ المنتهى 2 : 1025.
2 ـ مجمع الفائدة 8 : 87.
3 ـ الرياض 1 : 509.
4 ـ كذا في ( ف ) و ( ن ) ، وفي ( خ ) ، ( م ) ، ( ع ) و ( ص ) : بالطهرية ، وفي ( ش ) : بالتطهير به.
5 ـ في نسخة بدل ( ش ) : ( لكن ) ، وشطب في ( ف ) على ( نعم ) وكتب بدله : ( لكن ).
6 ـ كذا في ( ف ) ، وفي غيرها : فكان المقدار الحلال طاهرا.
7 ـ في هامش ( ص ) زيادة : فصار محكوما ـ صح.


(172)
الاجتناب ، فإخراج الخمس مطهر له عن هذه القذارة (1) العرضية ، وأما المال المحتمل لكونه بنفسه حراما وقذرا ذاتيا فلا معنى لتطهره (2) بإخراج خمسه ، بل المناسب لحكم الأصل ـ حيث جعل الاختلاط قذارة عرضية ـ كون الحرام قذر العين ، ولازمه أن المال المحتمل الحرمة غير قابل للتطهير فلا بد من الاجتناب عنه.
    نعم ، يمكن أن يستأنس أو يستدل على استحباب الخمس ـ بعد فتوى النهاية (3) التي هي كالرواية ، ففيها (4) كفاية في الحكم بالاستحباب (5) ، وكذلك فتوى السرائر (6) مع عدم العمل فيها إلا بالقطعيات ـ بالموثقة المسؤول فيها عن عمل السلطان يخرج فيه الرجل ، قال عليه السلام : ( لا ، إلا أن لا يقدر على شيء يأكل ويشرب (7) ولا يقدر على حيلة (8) فإن فعل فصار في يده شيء فليبعث بخمسه إلى أهل البيت عليهم السلام ) (9) ، فإن موردها وإن كان ما يقع في يده بإزاء العمل إلا أن الظاهر عدم الفرق بينه وبين ما يقع في اليد على وجه الجائزة.
1 ـ في ( ن ) ، ( خ ) ، ( م ) و ( ع ) : القذرة.
2 ـ في ( ص ) و ( ش ) : لتطهيره.
3 ـ النهاية : 357 ـ 358.
4 ـ في ( ف ) : ففيه.
5 ـ عبارة ( في الحكم بالاستحباب ) مشطوب عليها في ( ف ).
6 ـ السرائر 2 : 203.
7 ـ في الوسائل : ولا يشرب.
8 ـ عبارة ( على شيء ـ إلى ـ على حيلة ) من ( ش ) والمصدر.
9 ـ الوسائل 12 : 146 ، الباب 48 من أبواب ما يكتسب به ، الحديث 3.


(173)
    ويمكن أن يستدل له أيضا بما دل على وجوب الخمس في الجائزة مطلقا ، وهي عدة أخبار مذكورة في محلها (1) ، وحيث إن المشهور غير قائلين بوجوب الخمس في الجائزة حملوا تلك الأخبار على الاستحباب (2).
    ثم إن المستفاد مما تقدم (3) من اعتذار الكاظم عليه السلام من قبول الجائزة بتزويج عزاب الطالبيين لئلا ينقطع نسلهم ، ومن غيره : أن الكراهة ترتفع بكل مصلحة هي أهم في نظر الشارع من الاجتناب عن الشبهة ، ويمكن أن يكون اعتذاره عليه السلام إشارة إلى أنه لولا صرفها فيما يصرف فيه المظالم المردودة لما قبلها ، فيجب أو ينبغي أن يأخذها ثم يصرفها في مصارفها (4).
    وهذه الفروع كلها بعد الفراغ عن إباحة أخذ الجائزة ، والمتفق عليه من صورها : صورة عدم العلم بالحرام في ماله أصلا ، أو العلم
1 ـ الوسائل 6 : 350 ، الباب 8 من أبواب ما يجب فيه الخمس ، الحديث 5 و 7.
2 ـ لم نجد التصريح به في كلمات الأصحاب ، نعم مقتضى فتوى المشهور بعدم وجوب الخمس في الجوائز والهدايا حمل تلك الأخبار على الاستحباب ، قال المحقق السبزواري قدس سره في الذخيرة ( 483 ) : ( المشهور بين الأصحاب وجوب الخمس في جميع أنواع التكسب : من تجارة وصناعة وزراعة وغير ذلك عدا الميراث والصداق والهبة ) ، ومثله في الحدائق 12 : 351 و 352.
3 ـ في الصفحة 170 ـ 171.
4 ـ العبارة في غير ( ش ) هكذا : ( ثم يصرفها في مصارف الحرام ) ، لكن شطب عليها في ( ف ) ، وورد في هامش ( ن ) ، ( م ) و ( ص ) بعد كلمة ( الحرام ) : ( المجهول المالك ـ صح ).


(174)
بوجود الحرام مع كون الشبهة غير محصورة ، أو محصورة ملحقة بغير المحصورة ، على ما عرفت.

    [ الحالة الثانية : أن تكون الشبهة محصورة ]
    وإن كانت الشبهة محصورة بحيث تقتضي قاعدة الاحتياط لزوم الاجتناب عن الجميع ، لقابلية تنجز التكليف بالحرام المعلوم إجمالا ، فظاهر جماعة ـ المصرح به في المسالك وغيره ـ الحل وعدم لحوق حكم الشبهة المحصورة هنا.

    [ ظاهر جماعة حلّية الجائزة في هذه الحالة ]
    قال في الشرائع : جوائز السلطان الظالم (1) إن علمت حراما بعينها فهي حرام (2) ، ونحوه عن نهاية الإحكام (3) والدروس (4) وغيرهما (5).
    قال في المسالك : التقييد بالعين إشارة إلى جواز أخذها وإن علم أن في ماله مظالم ، كما هو مقتضى حال الظالم ، ولا يكون حكمه حكم المال المختلط بالحرام في وجوب اجتناب الجميع ، للنص على ذلك (6) ، انتهى.

    [ مناقشة القول بالحلّية ]
    أقول : ليس في أخبار الباب ما يكون حاكما على قاعدة الاحتياط في الشبهة المحصورة ، بل هي مطلقة أقصاها كونها من قبيل
1 ـ في ( ش ) : جوائز السلطان الجائر ، وفي المصدر : جوائز الجائر.
2 ـ الشرائع 2 : 12.
3 ـ نهاية الإحكام 2 : 525.
4 ـ الدروس 3 : 170.
5 ـ كالكفاية : 88 ، والرياض 1 : 509.
6 ـ المسالك 3 : 141 ، وراجع النص في الوسائل 12 : 156 ، الباب 51 من أبواب ما يكتسب به.


(175)
قولهم عليهم السلام : ( كل شيء لك حلال ) (1) ، أو ( كل شيء فيه حلال وحرام فهو لك حلال ) (2).
    وقد تقرر (3) حكومة قاعدة الاحتياط على ذلك ، فلا بد حينئذ من حمل الأخبار على مورد لا تقتضي القاعدة لزوم الاجتناب عنه ، كالشبهة الغير المحصورة أو المحصورة التي (4) لم يكن كل من محتملاتها (5) موردا لابتلاء المكلف ، أو على أن ما يتصرف فيه الجائر بالإعطاء يجوز أخذه ، حملا لتصرفه على الصحيح ، أو لأن تردد الحرام بين ما ملكه الجائر وبين غيره (6) ، من قبيل التردد بين ما ابتلي به المكلف ، وما لم يبتل به ، وهو ما لم يعرضه الجائر لتمليكه (7) ، فلا يحرم قبول ما ملكه ، لدوران الحرام بينه وبين ما لم يعرضه لتمليكه ، فالتكليف بالاجتناب عن الحرام الواقعي غير منجز عليه كما أشرنا إليه سابقا (8) ،
1 ـ الوسائل 12 : 60 ، الباب 4 من أبواب ما يكتسب به ، الحديث 4 ، وفيه : هو لك حلال.
2 ـ الوسائل 12 : 59 ، الباب 4 من أبواب ما يكتسب به ، الحديث الأول.
3 ـ انظر فرائد الاصول : 403.
4 ـ في غير ( ش ) : المحصور الذي.
5 ـ في غير ( ش ) : محتملاته.
6 ـ شطب في ( ف ) على ( غيره ) ، وكتب بدله بخط مغاير لخط المتن : ( ما لم يعرضه الجائر لتمليكه ).
7 ـ شطب في ( ف ) على عبارة : ( وهو ما لم يعرضه الجائر لتمليكه ) ، وكتب عليه في ( م ) ، ( خ ) و ( ش ) : نسخة.
8 ـ في الصفحة 169.


(176)
فلو فرضنا موردا خارجا عن هذه الوجوه المذكورة ، كما إذا أراد أخذ شيء من ماله مقاصة ، أو أذن له الجائر في أخذ شيء من أمواله على سبيل التخيير (1) ، أو علم أن المجيز قد أجازه من المال المختلط في اعتقاده بالحرام ـ بناء (2) على أن اليد لا تؤثر في حل ما كلف (3) ظاهرا بالاجتناب عنه (4) ، كما لو علمنا أن الشخص أعارنا أحد الثوبين المشتبهين في نظره ، فإنه لا يحكم بطهارته ـ فالحكم في هذه الصور (5) بجواز أخذ بعض ذلك مع العلم بالحرام فيه (6) ، وطرح قاعدة الاحتياط في الشبهة المحصورة في غاية الاشكال ، بل الضعف.

    [ النصوص الواردة في المقام ومقدار شمولها ]
    فلنذكر النصوص الواردة في هذا المقام ، ونتكلم في مقدار شمول كل واحد منها بعد ذكره (7) حتى يعلم عدم نهوضها للحكومة على القاعدة.

    [ قوله ( عليه السلام ) : ( كلّ شيء فيه حلال وحرام ) ، والمناقشة فيه ]
    فمن الأخبار التي استدل بها في هذا المقام : قوله عليه السلام : ( كل شيء فيه حلال وحرام فهو لك حلال حتى تعرف الحرام منه بعينه
1 ـ وردت عبارة : ( أو أذن له ـ إلى ـ التخيير ) في ( خ ) ، ( م ) ، ( ع ) و ( ص ) بعد قوله : ( أو علم أن المجيز قد أجازه ).
2 ـ من ( ش ) ومصححة ( ن ).
3 ـ كذا في ( ش ) ومصححة ( ف ) و ( ن ) ونسخة بدل ( ص ) ، والعبارة في ( خ ) ، ( م ) ، ( ع ) و ( ص ) هكذا : لا تؤثر فيه لما كلف.
4 ـ ( عنه ) من ( ش ) ومصححة ( ن ).
5 ـ كذا في ( ش ) ومصححة ( ف ) و ( ن ) ، وفي غيرها : الصورة.
6 ـ في نسخة بدل ( ش ) : عنه.
7 ـ ( بعد ذكره ) مشطوب عليها في ( ف ).


(177)
فتدعه ) (1) ، وقوله عليه السلام : ( كل شيء لك حلال حتى تعرف الحرام منه بعينه ) (2).
    ولا يخفى أن المستند في المسألة لو كان مثل هذا لكان الواجب إما التزام أن القاعدة في الشبهة المحصورة عدم وجوب الاحتياط مطلقا ، كما عليه شرذمة من متأخري المتأخرين (3) ، أو أن مورد الشبهة المحصورة من جوائز الظلمة خارج عن عنوان الأصحاب ، وعلى أي تقدير فهو على طرف النقيض مما تقدم عن المسالك (4).

    [ صحيحة أبي ولاّد ، والمناقشة فيها ]
    ومنها : صحيحة أبي ولاد ، قال : ( قلت لأبي عبد الله عليه السلام : ما ترى في رجل يلي أعمال السلطان ليس له مكسب إلا من أعمالهم ، وأنا أمر به وأنزل عليه فيضيفني ويحسن إلي ، وربما أمر لي بالدراهم والكسوة ، وقد ضاق صدري من ذلك؟ فقال لي : كل وخذ منها (5) ، فلك المهنأ (6) ، وعليه الوزر (7) ) (8).
    والاستدلال به على المدعى لا يخلو عن نظر ، لأن الاستشهاد إن
1 ـ الوسائل 12 : 59 ، الباب 4 من أبواب ما يكتسب به ، الحديث الأول.
2 ـ الوسائل 12 : 60 ، نفس الباب ، الحديث 4 ، وفيه : ( حتى تعلم أنه حرام بعينه ).
3 ـ لم نقف عليهم.
4 ـ راجع الصفحة 176.
5 ـ في مصححة ( ص ) والمصدر : منه.
6 ـ في نسخة بدل ( م ) و ( ش ) ونسخة بدل المصدر : الحظ.
7 ـ في غير ( ش ) زيادة : الخبر ، والظاهر أنه لا حاجة إليه ، لأن الخبر مذكور بتمامه.
8 ـ الوسائل 12 : 156 ، الباب 51 من أبواب ما يكتسب به ، الحديث الأول.


(178)
كان من حيث حكمه عليه السلام بحل مال العامل المجيز للسائل ، فلا يخفى أن الظاهر من هذه الرواية ومن غيرها من الروايات : حرمة ما يأخذه عمال السلطان بإزاء عملهم له ، وأن العمل للسلطان من المكاسب المحرمة ، فالحكم بالحل ليس إلا من حيث احتمال كون ما يعطي من غير أعيان ما يأخذه من السلطان ، بل مما اقترضه أو اشتراه في الذمة ، وأما من حيث إن ما يقع من العامل بيد السائل لكونه من (1) مال السلطان حلال لمن وجده ، فيتم الاستشهاد.
    لكن فيه ـ مع أن الاحتمال الأول مسقط للاستدلال على حل المشتبه المحصور الذي تقضي (2) القاعدة لزوم الاحتياط فيه ، لأن الاعتماد حينئذ على اليد ، كما لو فرض مثله في غير الظلمة ـ : أن الحكم بالحل على هذا الاحتمال غير وجيه ، إلا على تقدير كون المال المذكور من الخراج والمقاسمة المباحين للشيعة ، إذ لو كان من صلب مال السلطان أو غيره لم يتجه حله لغير المالك بغير رضاه ، لأن المفروض حرمته على العامل ، لعدم احترام عمله.
    وكيف كان ، فالرواية إما من أدلة حل مال السلطان ، المحمول (3) بحكم الغلبة إلى (4) الخراج والمقاسمة ، وإما من أدلة حل المال المأخوذ من المسلم ، لاحتمال كون المعطي مالكا له ، ولا اختصاص له بالسلطان
1 ـ لم ترد ( من ) في ( ف ).
2 ـ في مصححة ( ص ) : تقتضي.
3 ـ في ( خ ) : المحمولة.
4 ـ في مصححة ( ن ) : على.


(179)
أو عماله أو مطلق الظالم أو غيره ، وأين هذا من المطلب الذي هو حل ما في يد الجائر مع العلم إجمالا بحرمة بعضه ، المقتضي مع حصر الشبهة للاجتناب عن جميعه؟

    [ روايات اُخر ]
    ومما ذكرنا يظهر الكلام في مصححة (1) أبي المغرا (2) : ( أمر بالعامل فيجيزني بالدراهم آخذها؟ قال : نعم ، قلت : وأحج بها؟ قال : (3) نعم ، وحج بها ) (4).
    ورواية محمد بن هشام : ( أمر بالعامل فيصلني بالصلة (5) أقبلها؟ قال : نعم. قلت : وأحج بها (6) ؟ قال : نعم و (7) حج بها (8) ) (9).
    ورواية (10) محمد بن مسلم وزرارة عن أبي جعفر عليه السلام : ( جوائز السلطان ليس بها بأس ) (11).
1 ـ في ( م ) : صحيحة.
2 ـ في ( ف ) ، ( ع ) ، ( ش ) وظاهر ( ص ) : المعزا.
3 ـ عبارة نعم ، قلت : وأحج بها؟ قال : من ( ش ) والمصدر.
4 ـ الوسائل 12 : 156 ، الباب 51 من أبواب ما يكتسب به ، الحديث 2 وذيله.
5 ـ كذا في ( ش ) ومصححة ( م ) ، وفي ( ف ) ، ( ن ) ، ( خ ) ، و ( ع ) : الصلة.
6 ـ في المصدر ومصححة ( ص ) : منها.
7 ـ عبارة ( نعم و ) من ( ش ) ومصححة ( م ).
8 ـ في المصدر ومصححة ( ص ) : منها.
9 ـ الوسائل 12 : 157 ، الباب 51 من أبواب ما يكتسب به ، الحديث 3.
10 ـ كذا في ( ش ) ومصححة ( ن ) ، وفي سائر النسخ : وأما رواية.
11 ـ الوسائل 12 : 157 ، الباب 51 من أبواب ما يكتسب به ، الحديث 5 ، والرواية مضمرة ، وفيها : ( جوائز العمال ... ).


(180)
    [ حمل النصوص على الشبهة غير المحصورة ]
    إلى غير ذلك من الإطلاقات التي لا تشمل من صورة العلم الإجمالي بوجود الحرام إلا الشبهة غير المحصورة.

    [ محامل اُخر للنصوص على فرض شمولها للشبهة المحصورة ]
    وعلى تقدير شمولها لصورة العلم الإجمالي مع انحصار الشبهة ، فلا تجدي ، لأن الحل فيها مستند إلى تصرف الجائر بالإباحة والتمليك ، وهو محمول على الصحيح ، مع أنه لو اغمض النظر عن هذا أو رد بشمول (1) الأخبار لما إذا أجاز الجائر من المشتبهات في نظره بالشبهة المحصورة ـ ولا يجري هنا أصالة الصحة في تصرفه ـ يمكن (2) استناد الحل فيها إلى ما ذكرنا سابقا (3) ، من أن تردد الحرام بين ما أباحه الجائر أو ملكه وبين ما بقي تحت يده من الأموال التي لا دخل فيها للشخص المجاز ، تردد بين ما ابتلى به المكلف من المشتبهين وبين ما لم يبتل به ، ولا يجب الاجتناب حينئذ عن شيء منهما ، من غير فرق بين هذه المسألة وغيرها من موارد الاشتباه ، مع كون أحد المشتبهين مختصا بابتلاء المكلف به.
    ثم لو فرض نص مطلق في حل هذه الشبهة مع قطع النظر عن التصرف وعدم الابتلاء بكلا المشتبهين ، لم ينهض للحكومة على قاعدة الاحتياط في الشبهة المحصورة ، كما لا ينهض ما تقدم من قولهم عليهم السلام : ( كل شيء حلال ... الخ ).
1 ـ كذا في ( ش ) ومصححة ( ن ) ، وفي سائر النسخ : لشمول.
2 ـ كذا في ( ف ) ، ( ش ) ومصححة ( ن ) ، وفي مصححة ( ص ) : فيمكن ، وفي سائر النسخ : ويمكن.
3 ـ في غير ( ش ) : ما ذكر سابقا.
المكاسب ـ جلد الثاني ::: فهرس