كتاب بحوث في الملل والنحل ـ جلد الثامن ::: 111 ـ 120
(111)
الرجال منهم مرّة بعد مرّة والطلب عليهم من ورائهم ، فلاذوا بالاختفاء ولم يكادوا يُعْرفُون ، حتى تسمّى محمد بن إسماعيل الاِمام جدُ عبيد اللّه المهدي بالمكتوم ، سمّ ـ اه بذلك الشيعة عند اتّفاقهم على إخفائه ، حذراً من المتغلّبين عليهم ، وكانت الشيعة فرقاً.
    فمنهم من كان يذهب إلى أنّ الاِمام من ولد جعفر الصادق هو إسماعيل ابنه ، وهوَلاء يعرفون من بين فرق الشيعة بالاِسماعيلية من أجل انّهم يرون أنّ الاِمام من بعد جعفر ابنه إسماعيل ، وانّ الاِمام بعد إسماعيل بن جعفر الصادق هو ابنه محمد المكتوم ، وبعد ابنه محمد المكتوم ، ابنه جعفر الصادق (1) ومن بعد جعفر الصادق ، ابنه محمد الحبيب ، وكانوا أهل غلو في دعاويهم في هوَلاء الاَئمّة.
    وكان محمد بن جعفر هذا يوَمل ظهوره وانّه يصير له دولة ، وكان باليمن من أهل هذا المذهب كثير بعدن وبإفريقية وفي كتامة و نفره ، تلقوا ذلك من عهد جعفر الصادق ، فقدم على محمد (الحبيب) بن جعفر والد عبيد اللّه رجل من شيعته باليمن فبعث معه الحسن بن حوشب في سنة ثمان وستين ومائتين ، فأظهرا أمرهما باليمن ، وأشهرا الدعوة في سنة سبعين ، وصار لابن حوشب دولة بصنعاء ، وبثّ الدعاة بأقطار الاَرض ، وكان من جملة دعاته أبو عبد اللّه الشيعي ، فسيّره إلى المغرب فلقي كتامة ودعاهم ، فلمّا مات محمد (الحبيب) بن جعفر عهد لابنه عبيد اللّه فطلبه المكتفي العباسي وكان يسكن عسكر مكرم ، فسار إلى الشام ، ثمّ سار إلى المغرب فكان من أمره ما كان ، وكانت رجال هذه الدولة الذين قاموا ببلاد المغرب وديار مصر أربعة عشر رجلاً.
    هذه خلاصة أخبارهم في أنسابهم ، فتفطّن ولا تغتر بزخرف القول الذي لفّقوه من الطعن فيهم ، واللّه يهدي من يشاء. (2)
    1 ـ كان التعبير بالمصدَّق.
    2 ـ المقريزي : الخطط : 1/348 ـ 349.


(112)
    ولا يظن القارىَ الكريم انّ الكاتب بصدد الدفاع عن عقيدتهم وأُصولهم ، وما اقترفوه من الاَعمال الشنيعة كسائر الخلفاء وا لملوك ، وإنّما الهدف إيقاف القارىَ على بَخس حملة الاَقلام لحق هوَلاء ، ولو كان لآل البيت حرية ولم يكن لهم اضطهاد لما التجأوا إلى ترك أوطانهم والهجرة إلى أقاصي البلاد هرباً ممّا يحيط بهم من الاَخطار.
    ونعم ما قال العزيز باللّه أحد الخلفاء الفاطميين :
نحن بنو المصطفى ذوو مَحن عجيبة في الاَيام محنَتنا يفرح هذا الورى بعيدهم أوّلنا مبتلى وخاتمنا يجرعها في الحياة كاظمنا طرّاً وأعيادنا مآتمنا (1)
    إنّ الباطل إذا خلص من شائبة الحق ، لا يمكن أن يدوم 272 سنة حاكماً ، 208 أعوام منها على مصر ، وعلى مساحات شاسعة من المغرب والشام والعراق ، فلم تكن الدعوة إلحادية ، ولا مجوسية ، ولا يهودية ، بل دعوة إسلامية على نهج آل البيت ، لكنّهم ضلّوا في الطريق ، فأخذوا ببعض وتركوا بعضاً.
    أضف إلى ذلك انّ الناس بايعوا الحاكم باللّه الاِمام الحادي عشر وهو ابن خمس وستين سنة ممّا يدلّل على أنّ قلوب الاَُمّة كانت تهوي إليهم لمّا شاهدوا بأمّ أعينهم من إشاعة للعدل وعمران للبلاد ، وبسط للثقافة وأمن للطرق.
    وأمّا ما نسب المقريزي إلى الشريف الرضي من أنّه وافق القوم في نفي انتسابهم إلى البيت العلوي فيصفه ابن أبي الحديد ويقول :
    « ذكر أبو الحسن الصابي وابنه غرس النعمة محمد في تاريخهما : أنّ القادر باللّه عقد مجلساً أحضر فيه الطاهر أبا أحمد الموسوي ، وابنه أبا القاسم المرتضى وجماعةمن القضاة والشهود والفقهاء ، وأبرز إليهم أبيات الرضي أبي الحسن التي
    1 ـ الذهبي : سير الاَعلام : 15/167 ـ 168.وسيوافيك أيضاً في ترجمته ، فانتظر.

(113)
أوّلها :
ما مقامي على الهَوان وعندي و إباء مُحلِّقٌ بي عن الضي أي عذر له إلى المجد إن ذ أحمل الضيمَ في بلاد الاَعادي من أبوه أبي ، ومولاه مولا لفَّ عِرقي بِعِرْقِه سيدا النا مِقْول صارِم وأنف حَمِيّ ــم كما زاغَ طائر وحشيّ ل غلام في غمده المشرفيّ و بمصر الخليفةُ العلوي ي إذا ضامني البعيدُ القصيّ س جميعاً محمد وعليّ
    وقال القادر للنقيب أبي أحمد : قل لولدك محمد : أيَّ هوان قد أقام عليه عندنا؟! أيّ ضيم لقي من جهتنا؟! وأي ذُلّ أصابه في مملكتنا؟! وما الذي يعمل معه صاحب مصر لو مضى إليه؟! أكان يصنع إليه أكثر من صنيعنا؟! ألم نولِّه النقابة؟! ألم نولِّه المظالم؟! ألم نستخلفه على الحرمين والحجاز ، وجعلناه أمير الحجيج؟! فهل كان يحصل له من صاحب مصر أكثر من هذا؟! ما نظنّه كان يكون لو حصل عنده إلاّ واحداً من أبناء الطالبيين بمصر.
    فقال النقيب أبو أحمد : أمّا هذا الشعر فممّا لم نسمعه منه ، ولا رأيناه بخطه ، ولا يبعد أن يكون بعضُ أعدائه نَحله إيّاه ، وعزاه إليه.
    فقال القادر : إن كان كذلك ، فلتكتب الآن محضراً يتضمن القدح في أنساب ولاة مصر ، ويكتُب محمد خطَه فيه. فكتب محضراً بذلك ، شهد فيه جميع من حضر المجلس ، منهم النقيب أبو أحمد ، وابنه المرتضى ، وحمل المحضر إلى الرضي ليكتب خطّه فيه ، حَمَله أبوه وأخوه ، فامتنع من سطر خطه ، وقال : لا أكتب وأخاف دعاة صاحب مصر ، وأنكر الشعر ، وكتب خطه وأقسم فيه أنّه ليس بشعره ، وأنّه لا يعرفه. فأجبره أبوه على أن يكتب خطّه في المحضر ، فلم يفعل ، وقال : أخاف دعاة المصريين وغيلت هـ م لي فانّهم معروفون بذلك ، فقال أبوه :


(114)
يا عجباه ، أتخاف من بينك وبينه ستمائة فرسخ ، ولا تخاف من بينك وبينه مائة ذراع؟! وحلف ألاّ يكلّمه ، وكذلك المرتضى ، فعلا ذلك تقية وخوفاً من القادر ، وتسكيناً له.
    و لمّا انتهى الاَمر إلى القادر سكتَ على سوءٍ أضمره ، وبعد ذلك بأيام صرفه عن النقابة ، وولاّها محمد بن عمر النهر السايسي. (1)

ذهاب عبيد اللّه إلى إفريقية
    لمّا تمكن أبو عبد اللّه واستقر أمره مهّد الطريق لاِمامة عبيد اللّه المهدي ، فبعثَ برجال من كتامة إلى سلمية في أرض الشام ، فقدِموا على عبيد اللّه وأخبروه بما فتح اللّه عليه ، وكان قد اشتهر هناك انّالخليفة المكتفي طلبه ، فخرج من سلَمية فارّاً ومعه ابنه أبوالقاسم نزّار ، ومعهما أهلهما فأقاما بمصر مستقرين ، ثمّسار إلى طرابلس وقد سبقَ خبره إلى « زيادة اللّه » فسار إلى قسطيلية فقدم كتاب « زيادة اللّه » ابن الاَغلب إلى عامل طرابلس بأخذ عبيد اللّه وقد فاتهم ، فلم يدركوه ، فرحل إلى سجلماسة وأقام بها ، فوافى عامله على سجلماسة كتاب زيادة اللّه ، بالقبض على عبيد اللّه فلم يجد بداً من أن قبض عليه وسجنه. فلمّا دخل شهر رمضان سار أبو عبد اللّه من رقادة في جيوش عظيمة يريد سجلماسة ، فحاربه اليسع يوماً كاملاً إلى الليل ثمّ فر عاملها في خاصته ، فدخل أبو عبد اللّه من الغد إلى البلد وأخرج عبيد اللّه وابنه ومشى في ركابهما بجميع روَساء القبائل ، وهو يقول للناس : هذا مولاكم ، وهو يبكي من شدة الفرح حتى وصل بهما إلى فسطاط وأقاما فيها أربعين يوماً ، ثمّ سار إلى إفريقية في ربيع الآخر سنة سبع وتسعين ونزل برقادة ، وقسّم على وجوه كتامة أعمال إفريقية. (2)
    1 ـ شرح نهج البلاغة : 1/37 ـ 39.
    (2)2 ـ المقريزي : الخطط المقريزية : 1/350 ، دار صادر؛ ابن خلكان : وفيات الاَعيان : 2/192.


(115)
    ولكن العجب انّ عبيد اللّه جزى أبا عبد اللّه الشيعي جزاء السنمار ، وذلك انّ المهدي لما استقامت له البلاد ، ودانت له العباد ، وباشر الاَُمور بنفسه وكف يد أبي عبد اللّه ويد أخيه أبي العباس ، داخل أبا العباس الحسد وعظم عليه الفطام عن الاَمر والنهي والاَخذ والعطاء ، فأقبل يزري على المهدي في مجلس أخيه ويتكلّم فيه وأخوه ينهاه ولا يرضى فعله فلا يزيده ذلك إلاّلجاجاً ، ولم يزل حتى أثّر في قلب أخيه وكلّ ذلك يصل إلى المهدي وهو يتغافل ، ثمّ صار أبوالعباس يقول : إنّ هذا ليس الذي كنّا نعتقد طاعتَه وندعو إليه ، لاَنّ المهدي يختم بالحجة ويأتي بالآيات الباهرة ، فأخذ قوله بقلوب كثير من الناس ، منهم إنسان في كتامة يقال له شيخ المشايخ ، فواجه المهدي بذلك وقال : إن كنت المهدي ، فأظهر لنا آية فقد شككنا فيك ، فقتله ، فخافه أبو عبد اللّه و علم أنّ المهدي قد تغيّر عليه واتّفق هو وأخوه ومن معهما على الاجتماع عند أبي زاكي وعزموا على قتل المهدي ، واجتمع معهم قبائل كتامة إلاّقليلاً منهم وكان معهم رجل يظهر أنّه منهم وينقل ما يجري إلى المهدي.
    فلمّا وقف المهديّ على أمرهم حاربهم وأمر رجالاً معه أن يرصدوا أبا عبد اللّه وأخاه أبا العباس ويقتلوهما. (1)
    ولكن الاِسماعيلية تنكر ذلك ، وتقول : وهذه الاَقوال لا يقرّها المنطق ، ولا يمكن أن يصدّقها العقل ، فلو كان أبو عبد اللّه الشيعي يبغي الخلافة لنفسه لكان باستطاعته أن يحصل عليها قبل قدوم الاِمام محمد المهدي إلى إفريقية عندما كانت جيوشه يربو عددها على المائة ألف مقاتل بينما كان الاِمام المهدي في الرملة بطريقه إليه.
    ثمّ يقول : إنّ أبا عبد اللّه الشيعي قضى آخر أيّامه بقرب الاِمام مخلِصاً له
    1 ـ الجزري : الكامل في التاريخ : 8/50 ـ 53 ، دار صادر.

(116)
حتّى أدركته الوفاة ، فدفن باحتفال مهيب وصلّى عليه الاِمام المهدي. (1)
    ولكن فات الكاتب أنّ أبا عبد اللّه الشيعي وإن كان لا يبغي الخلافة لنفسه لفقدانه الرصيد الشعبي ، ومع ذلك كان يتطلع للمشاركة في الاَُمور ، وقد حال المهدي دون ذلك ، فعند ذلك ثارت ثائرته. وتآمر على إمامه.
    ثمّ إنّ هناك نكتة أُخرى هامة وهي أنّالنبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أخبر عن خروج المهدي في آخر الزمان ، وانّه يملك الشرق والغرب ، ويجري القسط والعدل بين الناس ، فاتخذ المهدي هذا الخبر الذائع الصيت ذريعة لاستقطاب الناس حوله ، وقد سمّى نفسه محمّداً ، ولقب نفسه بالمهدي فتقمّص أوصاف المهدي الذي أخبر به النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ، ليتخذها وسيلة لتحقيق مآربه وانّه مفترض الطاعة.
    وقد مات عبيد اللّه في ليلة الثلاثاء منتصف شهر ربيع الاَوّل سنة 322 هـ بالمهدية في القيروان عن ثلاث وستين سنة ، وكانت خلافته أربعاً وعشرين سنة وشهراً وعشرين يوماً ، وقام بعده ابنه.
    1 ـ مصطفى غالب : تاريخ الدعوة الاِسماعيلية : 183.

(117)
الاِمام السابع
القائم بأمر اللّه
(280 ـ 334 هـ)
    ولد الاِمام القائم بأمر اللّه ، ابن الاِمام عبيد اللّه المهدي ، في محرم سنة 280 هجرية « بالسلَمية » ، وارتحل مع أبيه الاِمام محمد المهدي إلى المغرب ، وعَهد إليه بالاِمامة من بعده حسب الاَُصول الاِسماعيلية ، فاقتفى إثر أبيه وخطا خطاه ، ونهج نهجه ، وعمل جاهداً على تعزيز وازدهار الدعوة الاِسماعيلية ، وتعميمها في جميع البلدان والاَقاليم ، ووجّه اهتمامَه الزائد لتنظيم وتقويةَ البحرية الاِسماعيلية ، فشكل اسطولاً عظيماً ، تمكن بواسطته من قهر العصابات البحرية المالطية ، التي كانت تأتي بأعمال القرصنة لغزو البلاد الاِسماعيلية ، وقيامهم بأعمال النهب والسلب والتخريب.و احتلَّ الاسطول الاِسماعيلي « جنوه » و « لونبارتي » و « غرناطة » وغيرها من البلاد الايطالية التي كانت خاضعة لحكم الروم ، كما فتح الاِسماعيلية جزيرة « صقليا ». (1)
    يقول المقريزي : كان اسمه بالمشرق عبد الرحمان فتسمى في بلاد المغرب بمحمد ، فلما فرغ من جميع ما يريده وتمكّن ، أظهر موتَ أبيه ، واستقلّ بالاَمر وله سبع وأربعون سنة ، وتبع سيرة أبيه ، وثار عليه جماعة فظفر بهم ، وبثَّ جيوشَه في البرّ والبحر فسبَوا وغَنِمُوا من بلد « جنوه » وبعث جيشاً إلى مصر فملكوا
    1 ـ مصطفى غالب : تاريخ الدعوة الاِسماعيلية : 184.

(118)
الاسكندرية ، والاخشيد يومئذٍ أمير مصر ، فلما كان في سنة ثلاث وثلاثين وثلاثمائة خرج عليه أبو يزيد مخلد بن كندار النكاري الخارجي بإفريقية ، واشتدّت شوكتُه وكثرت أتباعه ، وهزمَجيوشَ القائم غير مرة ، وكان مذهبه تكفير أهل الملّة ، وإراقة دمائهم ديانة ، فملك « باجه » وحرّقها ، وقتل الاَطفال ، وسبى النسوان ، ثمّملك القيروان ، فاضطرب القائم ، وخاف الناس ، وهمّوا بالنقلة من « زويلة » وقوى أمر أبي يزيد ونازل المهدية وحصر القائم بها ، وكاد أن يغلب عليها ، فلما بلغ المصلّى حيث أشار المهدي أنّه يصل ، هزمه أصحاب القائم وقتلوا كثيراً من أصحابه ، وكانت له قصص وأنباء ، إلى أن مات القائم لثلاث عشرة خلت من شوال سنة أربع وثلاثين وثلاثمائة ، عن أربع وخمسين سنة وتسعة أشهر ، ولم يرق منبراً ، ولا ركب دابّة لصيدٍ مدّة خلافته حتى مات ، وصلى مرّةً على جنازةٍ ، وصلى بالناس العيدَ مرة واحدة ، وكانت مدّة خلافته اثنتي عشرة سنة وستة أشهر وأيّاماً ، و ترك أبا الظاهر إسماعيل ، وأبا عبد اللّه جعفر أو حمزة ، وعدنان ، وعدّة أُخر ، وقام من بعده ابنه. (1)
    يقول الجزري في حوادث سنة (334) : وفي هذه السنة توفي القائم بأمر اللّه ، أبو القاسم محمد بن عبد اللّه المهدي العلوي صاحب إفريقية ، لثلاث عشرة مضت من شوال ، وقام بالاَمر بعده ابنه إسماعيل ، وتلقّب المنصور باللّه ، وكتم موته (2) خوفاً أن يعلم بذلك أبو يزيد ، وهو بالقرب منه على « سوسة » وأبقى الاَُمور على حالها ، ولم يتسمّ بالخليفة ، ولم يغير السكّة ، ولا الخطبة ، ولا البنود ، وبقي على ذلك إلى أن فرغ من أمر أبي يزيد ، فلما فرغ منه أظهر موته ، وتسمّى بالخلافة ، وعمل آلات الحرب والمراكب ، وكان شهماً شجاعاً ، وضبط الملك والبلاد. (3)
    1 ـ المقريزي : كتاب الخطط المقريزية : 351 ، دار صادر.
    2 ـ كسيرة أبيه في حقّ المهدي.
    3 ـ الجزري : الكامل في التاريخ : 8/455 ، دار صادر.


(119)
    وقد ذكره الذهبي السلفي وبالغ في ذمه ، وسلك في ترجمته نفس ما سلكه في ترجمة أبيه ، ولاَجل ذلك تركنا النقل عنه ، ومن أراد الوقوف عليه فليرجع إلى كتابه. (1)
    1 ـ الذهبي : سير أعلام النبلاء : 15/151 ، موَسسة الرسالة.

(120)
الاِمام الثامن
الاِمام المنصور باللّه
(303 ـ 346 هـ)
    ولد الاِمام المنصور باللّه ، إسماعيل بن الاِمام القائم بـ « المهدية » في أوّل جمادى الآخرة سنة 303 هـ ، وقيل : ولد بالقيروان سنة 302 هـ ، تسلّم شوَون الاِمامة بعد وفاة أبيه سنة 334 هـ ، وكان سياسيّاً عظيماً ، ومحارباً قديراً ، وخطيباً من أفصح الخطباء وأبلغهم. (1)
    وقال المقريزي : جدّ في حرب أبي يزيد حتى ظفر به وحمل إليه فمات من جراحات كانت به ، سلخ المحرّم سنة ست وثلاثين وثلاثمائة ولم يزل المنصور إلى أن مات سلخ شوال سنة إحدى وأربعين وثلاثمائة عن إحدى وأربعين سنة وخمسة أشهر ، وكانت مدّة خلافته ثمان سنين وقيل سبع سنين وعشرة أيّام ، وقد اختلف في تاريخ ولادته فقيل : ولد أوّل ليلة من جمادى الآخرة سنة 303 هـ بالمهدية ، وقيل : بل ولد في سنة اثنتين وقيل : سنة إحدى وثلاثمائة ، وكان خطيباً بليغاً يرتجل الخطبة لوقته شجاعاً عاقلاً ، وقام من بعده ابنه. (2)
    يقول الموَرخ المعاصر : وما زال أبو يزيد هارباً والجيوش تلاحقه حتى التجأ إلى جبل البربر ، وجمع خلقاً كثيراً لمقابلة جيش الاِمام المنصور ، ولكنّه هزم ،
    1 ـ مصطفى غالب : تاريخ الدعوة الاِسماعيلية : 189.
    2 ـ المقريزي : الخطط : 1/351 ، دار صادر.
بحوث في الملل والنحل ـ جلد الثامن ::: فهرس