كتاب بحوث في الملل والنحل ـ جلد الثامن ::: 161 ـ 170
(161)
بعض أصحابه بإخراج العلوي ، فأخرجوه إلى دامغان وأعطاه ماله وملك القلعة.
    و لما بلغ الخبر إلى نظام الملك بعث عسكراً إلى قلعة آلموت ، فحصروه فيها ، وأخذوا عليه الطرق ، فضاق ذرعه بالحصر ، فأرسل من قتل نظام الملك ، فلمّا قتل رجع العسكر عنها. (1)
    وقال الذهبي : الحسن بن الصباح الملقب بالكيا صاحب الدعوة النزارية وجدّ أصحاب قلعة آلموت.
    كان من كبار الزنادقة ومن دهاة العالم ، وله أخبار يطول شرحها ، إلى أن قال : وأصله من مرو ، وقد أكثر التطواف مابين مصر إلى بلد كاشغر ، يغوي الخلق ويضل الجهلة ، إلى أن صار منه ما صار ، وكان قوي المشاركة في الفلسفة والهندسة وكثير المكر والحيل ، بعيد الغور.
    قال أبو حامد الغزالي : شاهدت قصة الحسن بن الصباح لما تزهد تحت حصون آلموت ، فكان أهل الحصن يتمنّون صعوده إليهم ويمتنع ، ويقول : أما ترون المنكر كيف فشا وفسد الناس؟ فتبعه خلق ، ثمّ خرج أمير الحصن يتصيد فنهض أصحابه وملكوا الحصن ، ثمّكثرت قلاعهم. (2)
    واستعرض حسن الاَمين في « دائرة المعارف الشيعية » تاريخ الاِسماعيلية ، والانشقاق الذي طرأ على الخلافة الفاطمية بعد وفاة الخليفة الفاطمي المستنصر ، وانقسامها إلى فرقتين هي : المستعلية والنزارية وموقف الحسن بن الصباح منهما ، حيث قال :
    و كان الحسن بن الصباح من أشد الناس إنكاراً لخلافة أحمد المستعلي وأكثرهم تحمسّاً لنزار. ويضيف قائلاً :
    1 ـ الكامل في التاريخ : 10/316 ـ 317.
    2 ـ الذهبي : ميزان الاعتدال : 1/500.


(162)
    وثمة من يقول من النزاريين إنّ الحسن بن الصباح كان في مصر حين وقوع الخلاف على ولاية العهد ، فلم يقر ما جرى ، وكان ممّن يرون أنّ المستنصر كان مكرهاً على تولية ولده أحمد ، وأنّ الاَمر هو لنزار لا لاَحمد ، ففر الحسن بن الصباح من مصر داعياً لنزار ، ثمّ أرسل بعض فدائييه ، فأحضروا ابناً لنزار إلى قلعة آلموت.
    وفي قول آخر : إنّه لم يخرج من مصر حتى أخرج معه ابناً لنزار ، واسمه في سلسلة الاَئمة النزاريين علي ولقبه الهادي ، فأخفاه الحسن وستره.
    و مهما يكن من أمر فقد أصبح الحسن بن الصباح الرجل الاَوّل والموجه الفعلي للدعوة النزارية.
    وبعد ذلك استعرض حسن الاَمين الانحراف الخطير الذي طرأ على الدعوة النزارية وتخلّيها عن الاِسلام كعقيدة وعمل ، حيث قال :
    توفي الحسن بن الصباح سنة 518 هـ فخلفه من خلفه في قيادة الدعوة النزارية دون أن يعلن هو أو غيره ممّن خلفه عن عقيدة جديدة ، حتى انتهى الاَمر إلى الحسن الثاني بن محمد بن بزرك أُميد سنة 558 هـ ، فإذا به يعلن التخلّي عن الاِسلام كعقيدة وعمل والاَخذ بمفهوم جديد للدين يتعارض كل التعارض مع مفهوم الاِسلام له.
    و يصف الموَرخ علاء الدين عطاء الملك الجويني (م 658 هـ) هذا الاَمر وتفاصيله ويوم حدوثه ، ثمّ يقول :
    فأعلن ـ أي الحسن الثاني ـ أنّرسالة قد جاءته من الاِمام المستتر مع دليل جديد.
    ثمّ قال : « إنّ إمام وقتنا قد بعث إليكم صلواته ورحمته ودعاكم عباده المختارين ، ولقد أعفاكم من أعباء تكاليف الشريعة وآل بكم إلى البعث.
    ثمّ يقول الجويني : وأكد حسن بالتصريح بأنّه كما في عصر الشريعة إذا لم


(163)
يطع إنسان ولم يعبد بل تبع حكم القيامة بحجة أنّالطاعة والعبادة هما أمران روحيان كان ينكل به ويرجم ويقتل ، كذلك الآن في عصر القيامة إذا تقيد إنسان بحرفية الشريعة وواظب على العبادة الجسدية والشعائر فانّ ذلك تعصب ينكل به ويرجم ويقتل من أجله.
    ثمّ أكمل حسن كلامه قائلاً : لقد أُعفي الناس من تكاليف الشريعة ، لاَنّ عليهم في فترة القيامة هذه أن يتوجّهوا بكلّ جوارحهم نحو اللّه ، ويهجروا كل الشعائر الدينية وجميع العبادات القائمة. فقد وضع في الشريعة بأنّ على الناس عبادة اللّه خمس مرات في اليوم وأن يكونوا معه. وهذا التكليف كان ظاهرياً فقط. ولكن الآن في أيام القيامة عليهم أن يكونوا دائماً مع اللّه في قلوبهم ، وأن يبقوا نفوسهم متوجهة دائماً نحو الحضرة الاِلهية ، فإنّها الصلاة الحقيقية. انتهى.
    وقد أثّر كلامه في الجموع المحتشدة تحت منبره يقول الموَرخ الجويني :
    وفي ذلك اليوم الذي اقترفت فيه هذه القبائح وأُفشيت فيه تلك المساوىَ في « مأمون آباد » عش الكفر ، لعب الجميع على الجنك والرباب ، وشربوا الخمر بشكل مكشوف على نفس درجات ذلك المنبر وفي مكان جلوس الخطيب.
    نعم كان بين الموَمنين بالمذهب من أنكر عليهم ذلك ، فنرى أنّ يوم الاَحد السادس من ربيع الاَوّل سنة 561 هـ قام شقيق زوجة الحسن بطعنه في قلعة (لمسر) فمضى المفتري من هذه الدنيا إلى نار اللّه الموقدة ، ولكن الانحراف لم ينته باغتيال أصله ، بل بقي مستمراً على عهد خليفته ابنه « علاء محمد » الذي تولّى بعد أبيه وهو في التاسعة عشرة من عمره وتوفي سنة 607 هـ ، كما كانت المعارضة الشديدة مستمرة ، وإذا كان قد تزعمها في عهد حسن ، شقيق زوجته ، فقد تزعمها الآن حفيد حسن وسميّه جلال الدين حسن ، إذ كان على خلاف أبيه وجدّه في العقيدة متشدداً في خلافه لهما كلّ التشدد.
    وقام بإصلاحات كبيرة ، فقد اتصل بحكام الاَقطار الاِسلامية يعلنهم


(164)
العودة إلى الاِسلام ليوثق الصلات بهم وبجمهور المسلمين بعد الذي شاع عن انحراف جدّه وما أعلنه من خروج على الشريعة ، فراسل الخليفة في بغداد « الناصر لدين اللّه » وغيره من الملوك والاَُمراء ، كما أرسل والدته وزوجته إلى الحجّ وأمر ببناء المساجد وقرّب إليه الفقهاء والقرّاء.
    و من البديهي أن لا يكون « جلال الدين حسن » قد استطاع استئصال جذور الانحراف ، وأن يظل للانحراف أتباعه الآخذون به شأن جميع الدعوات في كلّزمان ومكان.
    على أنّ أمر دولة هوَلاء النزاريين لم يطل كثيراً بعد جلال الدين ، فقد انتهى ملكهم على يد هولاكو سنة 654 هـ ، لكن مَن أخذوا بأقوال الحسن الثاني بن محمد وانحرافه لم ينتهوا ، بل ظل للدعوة من يحملها من جيل إلى جيل حتى هذا الجيل وهم اليوم أتباع آغاخان وظلوا هم وحدهم منفردين باسم الاِسماعيليين بعد أن تبرأ من هذا الاسم أصحابه الحقيقيين وتسمّوا باسم البهرة. (1)
    1 ـ حسن الاَمين : دائرة المعارف الاِسلامية الشيعية : 4/73 ـ 75.

(165)
الاِمام الثاني
علي الهادي بن الاِمام نزار
(470 ـ 530 هـ)
    ولد الاِمام علي الهادي بن الاِمام نزار سنة 470 هـ وارتحل مع والده الاِمام نزار إلى قلعة آلموت ، ولما توفي أبوه عام 490 هـ أصبح إماماً للاِسماعيليّة ولم يتجاوز عمره عن عشرين سنة.
    وقد انتشر المذهب الاِسماعيلي في عهده على يد داعيته الحسن بن الصباح ، شيخ الجبل ، المعروف بالمقدرةوالبطش.
    عمد الاِمام إلى تأليف جيش قويّ من الاِسماعيليّة ، قسّمه إلى فرقتين ، الفرقة الاَُولى أسماها(الفدائية) ، وهي المكلّفة ببذل التضحيات السريعة المستعجلة ، وتنفيذ الاَوامر السرية الهامة ، ولقد تدرّب أفراد تلك الفرقة أعظم تدريب على استعمال كافة أنواع الاَسلحة ، وعلى الفروسية ، كما لُقّنوا مختلف العلوم الفلسفية ، وأتقنوا أغلب لُغات أهالي تلك البلاد. أمّاالفرقة الثانية سميت بـ (الرفقاء) وهم المكلَّفون بنشر الدعوة الاِسماعيليّة بأُسلوبهم الخاص في مختلف الاَقطار والاَقاليم ، وهم المدافعون عن مذهبهم بالعلم والفلسفة ، وعلى الغالب كانوا يتولون الوظائف الاِدارية في البلاد التي يوفدون إليها لنشر الدعوة.
    وفي سنة 530هجرية توفي الاِمام علي الهادي ، بعد أن مكث في الاِمامة أربعين عاماً ، ودفن في قلعة « لامستر » بعد أنْ نصَّ على إمامة ولده محمد المهتدي. (1)
    1 ـ مصطفى غالب : تاريخ الدعوة الاِسماعيلية : 257 ـ 262.

(166)
الاِمام الثالث
محمد المهتدي بن الاِمام علي
(500 ـ 552 هـ)
    ولد الاِمام محمد بن علي بن الاِمام نزار الملقب بالمهتدي سنة 500 هـ في قلعة « لامستر » ، وأصبح إماماً للاِسماعيلية بعد وفاة أبيه الاِمام علي الهادي سنة 530 هـ .
    كان أوّل عمل قام به أن نقل مقرّه إلى قلعة آلموت ، ووجه إهتمامه لبعث الجيش الاِسماعيلي (الفدائية) من جديد ، وتدريبه تدريباً كاملاً ليستطيع الدفاع عن القلاع والحصون الاِسماعيلية.
    وقد وجه عنايته أيضاً لتنظيم الدعاة ، وتلقينهم أُصول العقائد الاِسماعيلية ، وتدريبهم على المباحثة والمناقشة في الفلسفة ، والفقه الاِسلامي والعقائد الاِسلامية ، كما أوجد بينهم نظام الشيفرة ليستعملوه في اتصالاتهم الداخلية والخارجية فاستعملوا الاَعداد للدلالة على الاَحرف الاَبجدية ، و تعرضت الاِسماعيليّة أيضاً لكثير من الهجمات الداخلية والغزوات الخارجيّة.
    وفي سنة 552 هـ توفي الاِمام المهتدي ودفن في قلعة آلموت بعد أن نصَّ على إمامة ولده حسن. (1)
    1 ـ المصدر السابق : 266.

(167)
الاِمام الرابع
القاهر بقوة اللّه
حسن بن محمد بن علي بن نزار
(520 ـ 557 هـ)
    ولد سنة 520 هـ في قلعة آلموت ، وأصبح بعد وفاة أبيه 552 هـ إماماً بموجب النص ، وكان عمره آنذاك 28 سنة ، وعين الداعي محمد كيا بزرك آميد نائباً عنه وكبيراً لدعاته.
    عمل الداعي بكل إخلاص ووزع الدعاة الاَكفاء على جميع المناطق ، ووجّه عناية خاصة للفرقة الفدائية ، التي كانت تحتل المكان الاَوّل في الجيش الاِسماعيلي ، وأنشأ مدرسة خاصّةً لتثقيف الفدائية وتدريبهم التدريب الكامل على استعمال الاَسلحة ، وتلقينهم أغلب اللغات المستعملة في ذلك الوقت.
    توفي سنة 557 هـ ودفن في قلعة آلموت بعد أن نصَّ على إمامة ولده الحسن علي. (1)
    1 ـ المصدر نفسه : 272.

(168)
الاِمام الخامس
الاِمام الحسن علي بن الاِمام حسن القاهر
(539 ـ 561 هـ)
    ولد الاِمام حسن علي بن الحسن بن محمد بن علي بن نزار سنة 539 هـ ، في قلعة آلموت ، وتولّ ـ ى الاِمامة بعد وفاة أبيه سنة 557 هـ .
    وقام بتنظيم الدعوة الاِسماعيليّة فوزّع الدعاة الاَكفّاء على الاَقاليم الخاضعة للنفوذ الاِسماعيلي.
    توفي في السادس من ربيع الاَوّل سنة 561 ودفن في قلعة آلموت. (1)

الاِمام السادس
الاِمام أعلى محمد بن الاِمام الحسن علي
(553 ـ 607 هـ)
    ولد الاِمام أعلى محمد سنة 553 هـ في قلعة آلموت ، وتولّ ـ ى الاِمامة بعد وفاة أبيه سنة 561 هـ ، وهو في الثامنة من عمره.
    و وجّه عناية خاصّة (للمناظرات العلمية ) فخصّص يوماً واحداً من كلّ أُسبوع لاِجراء المناظرات الفلسفية ، والفقهية بين الدعاة ، يحضرها بنفسه ليحكم بين المتناظرين فيعلّيهم ويرقّيهم في مراتب الدعوة ، حسب ما يظهروه من كفاءة
    1 ـ المصدر نفسه : 275.

(169)
علميّة ، وهذا ما ساعد الدعاة على تفهّم أُصول المذهب الاِسماعيلي.
    توفي الاِمام أعلى محمد سنة 607 هـ ودفن في قلعة آلموت بعد أن نصَّ على ولاية ابنه جلال الدين ، و استمرت إمامته 46 سنة. (1)

الاِمام السابع
الاِمام جلال الدين حسن بن أعلى محمد
(582 ـ 618 هـ)
    ولد الاِمام حسن بن أعلى ، الملقب بجلال الدين سنة 582 هـ في قلعة آلموت ، وأصبح إماماً بعد وفاة أبيه سنة 607 هـ .
    عمل على توثيق عُرى الصداقة بين الاِسماعيلية والعالم الاِسلامي ، ولهذا لقّبوه بـ « المسلم الجديد » كما أنّ علاقاته بالعباسيين زادت وثوقاً ، وخاصّةً مع الخليفة الناصر لدين اللّه.
    تنقل كثيراً في سوريا والعراق وآذربيجان ، وأدّى فريضة الحج مع عائلته مرتين ، تحالف مع جلال الدين خوارزمشاه ، عندما غزا چنگيزخان إيران ، وذلك انقاذً لمعاقله ولاَتباعه. قتل بموَامرة من النساء بالسُم سنة 618 هـ ، وخلّف ولداً هو محمد بن الحسن « علاء الدين ». (2)
    1 ـ المصدر نفسه : 277.
    2 ـ عارف تامر : الاِمامة في الاِسلام : 192؛ تاريخ الدعوة الاِسماعيلية : 284.


(170)
الاِمام الثامن
علاء الدين محمد بن الحسن
(608 ـ 653 هـ)
    ولد الاِمام علاء الدين محمد بن الاِمام جلال الدين سنة 608 هـ في قلعة آلموت ، وجلس على أريكة الاِمامة الاِسماعيليّة سنة 618 هـ ، وهو في العاشرة من عمره ، ودامت إمامته 35 عاماً.
    و من العجب أنّ الموَرّخ المعاصر مصطفى غالب ذكر سقوط مدينة بغداد في عصر هذا الاِمام مع أنّ سقوط بغداد تم بعد تدمير قلاع الاِسماعيليّة ، لاَنّ مسير التتر كان من قزوين ثمّ همدان ثمّ بغداد.
    و توفي عام 653 هـ ودفن في آلموت. (1)

الاِمام التاسع
ركن الدين خورشاه بن الاِمام علاء الدين
(629 ـ 654 هـ)
    ولد الاِمام ركن الدين خورشاه بن الاِمام علاء الدين محمد سنة629 هـ في قلعة آلموت ، وأصبح إماماً بعد وفاة أبيه سنة 653 هـ ، وأرسل هولاكو التتري جيشاً بقيادة بوكيان التتري لاَطراف كوهستان لمحاربة الاَمير ناصر الدين أمير
    1 ـ تاريخ الدعوة الاِسماعيلية : 286.
بحوث في الملل والنحل ـ جلد الثامن ::: فهرس