كتاب بحوث في الملل والنحل ـ جلد الثامن ::: 381 ـ 390
(381)
حينئذٍ ، فمضى به ، فحبسه عنده سنة.
    ثمّ كتب إلى الرشيد أن خذه منّي و سلّمه إلى من شئت وإلاّ خلّيت سبيله ، فقد اجتهدت بأن أجد عليه حجّة ، فما أقدر على ذلك ، حتى أنّي لاَتسمّع عليه إذا دعا لعلّه يدعو عليّ أو عليك ، فما أسمعه يدعو إلاّ لنفسه يسأل الرحمة والمغفرة.
    فوجّه من تسلّمه منه ، وحبسه عند الفضل بن الربيع ببغداد فبقى عنده مدّة طويلة وأراد الرشيد على شيء من أمره فأبى.
    فكتب بتسليمه إلى الفضل بن يحيى فتسلّمه منه ، وأراد ذلك منه فلم يفعل.
    و بلغه انّه عنده في رفاهية وسعة ، وهو حينئذ بالرقة.
    وقد أثار هذا الاَمر غضبَالرشيد إلى ان انتهى الاَمر بتجريد الفضل بن يحيى وضربه بسياط وعقابين. (1)
    هذا هوموقف الرشيد مع الرجل الذي كان يحترمه جلّ المسلمين وينظرون إليه بأنّه من أئمّة أهل البيت ، فكيف الحال مع سواد الناس إذا اتّهموا بالتشيّع وموالاة الاِمام (عليه السّلام) ؟!
    قال ابن كثير : فلمّا طال سجن الاِمام الكاظم (عليه السّلام) كتب إلى الرشيد : « أمّا بعد يا أمير الموَمنين انّه لم ينقضِ عني يوم من البلاء إلاّ انقضى عنك يوم من الرخاء ، حتى يفضي بنا ذلك إلى يوم يخسر فيه المبطلون ». (2)
    ولم يزل الاِمام ينقل من سجن إلى سجن حتى انتهى به الاَمر إلى سجن السندي بن شاهك ، فغال في سجن الاِمام وزاد في تقييده ، حتى جاء أمر الرشيد بدس السم للكاظم فانبرى السندي إلى تنفيذ هذا الاَمر ، وكانت نهاية حياة الاِمام الطاهر على يده الفاجرة.
    1 ـ الطوسي : الغيبة : 28 ـ 30 بتلخيص.
    2 ـ ابن كثير : البداية والنهاية : 10/190.


(382)
    قال أبوالفرج الاصفهاني : لمّا توفي الاِمام مسموماً خشى الرشيد ردّة فعل المسلمين عند انتشار خبر موته ، فأدخل عليه الفقهاء ووجوه أهل بغداد وفيهم الهيثم بن علي وغيره ليشهدوا على أنّه مات حتف أنفه دون فعل من الرشيد وجلاوزته ، ولمّا شهدوا على ذلك اخرج بجثمانه الطاهر ، ووضع على الجسر ببغداد ، ونودي بوفاته. (1)
    هذه لمحة خاطفة عن حياة الاِمام موسى الكاظم (عليه السّلام) توقفك على الوضع السياسي السائد آنذاك في العراق والحجاز ، وموقف الحكومة تجاه إمام الشيعة ، أفهل يمكن للاِمام التصريح بالقائد من بعده؟!
    ومع ذلك كلّه فإنّ الاِمام الكاظم له تنبوءات عن المستقبل المظلم الذي ينتظره بعض الشيعة ، وإليك بعض ما روي في ذلك :
    روي عن ابن سنان قال : دخلت على أبي الحسن موسى الكاظم من قبل أن يقدم العراق بسنة ، وعليّ ابنه جالس بين يديه ، فنظر إليّ وقال : « يا محمد أما إنّه ستكون في هذه السنة حركة ، فلا تجزع لذلك » قال : قلت : وما يكون جعلني اللّه فداك فقد أقلقتني؟ قال : « أصير إلى هذا الطاغية ، (2) أما إنّه لا يبدأني منه سوء ومن الذي يكون بعده » (3) قال : قلت : وما يكون جعلني اللّه فداك؟ قال : « يضل اللّه الظالمين ويفعل اللّه ما يشاء ». قال : قلت : وما ذلك جعلني اللّه فداك؟ قال : « من ظلم ابني هذا حقَّه ، وجحده إمامته من بعدي كان كمن ظلم عليّ بن أبي طالب (عليه السّلام) إمامته وجحده حقّه بعد رسول اللّه (صلّى الله عليه وآله وسلّم) » قال : قلت : واللّه لئن مدّ اللّه لي في العمر لاَسلِّمن له حقّه ، ولاَقرّن بإمامته.
    قال : « صدقت يا محمد يمدّ اللّه في عمرك وتسلِّم له حقّه (عليه السّلام) وتقرّله بإمامته وإمامة من يكون بعده » ، قال : قلت : ومن ذاك؟ قال : « ابنه محمد » ، قال :
    1 ـ أبوالفرج الاصفهاني : مقاتل الطالبيين : 504.
    2 ـ يريد به المهدي العباسي.
    3 ـ يريد به موسى بن المهدي.


(383)
قلت : له الرضا والتسليم. (1)
    روى الكشي عن الحكم بن عيص ، قال : دخلت مع خالي سليمان بن خالد على أبي عبد اللّه (عليه السّلام) فقال : « يا سليمان من هذا الغلام؟ » فقال : ابن اختي ، فقال : « هل يعرف هذا الاَمر؟ » فقال : نعم ، فقال : « الحمد للّه الذي لم يخلقه شيطاناً ـ ثمّقال : ـ يا سليمان عوِّذ باللّه ولدك من فتنة شيعتنا » فقلت : جعلت فداك وما تلك الفتنة؟! قال : « إنكارهم الاَئمّة (عليهم السّلام) و وقوفهم على ابني موسى (عليه السّلام) ، قال : ينكرون موته ويزعمون أن لا إمام بعده ، أُولئك شرّالخلق ». (2)
    إلى غير ذلك من الروايات التي جمعها الشيخ الطوسي في كتاب « الغيبة » ممّا تدل على تنصيص الاِمام الكاظم (عليه السّلام) على إمامة ولده علي بن موسى الرضا (عليه السّلام) غير انّ حبَّ المال آل بالبعض إلى إنكار إمامته ، وقد رويت في ذلك روايات نذكر بعضها :
    روى الطوسي في « الغيبة » بسنده عن يعقوب بن يزيد الاَنباري ، عن بعض أصحابه ، قال : مضى أبو إبراهيم (عليه السّلام) وعند زياد القندي سبعون ألف دينار ، وعند عثمان بن عيسى الرواسي ثلاثون ألف دينار وخمس جوار ، ومسكنه بمصر.
    فبعث إليهم أبو الحسن الرضا (عليه السّلام) أن احملوا ما قِبَلكم من المال ، وما كان اجتمع لاَبي عندكم من أثاث وجوار ، فإنّي وارثه وقائم مقامه ، وقد اقتسمنا ميراثه ولا عذر لكم في حبس ما قد اجتمع لي ولوارثه ، قبلكم ، وكلام يشبه هذا.
    فأمّا ابن أبي حمزة فإنّه أنكره ولم يعترف بما عنده ، وكذلك زياد القندي.
    وأمّا عثمان بن عيسى فانّه كتب إليه إنّ أباك ـ صلوات اللّه علي هـ لم يمت وهو حي قائم ، ومن ذكر أنّه مات فهو مبطل ، واعمل على أنّه قد مضى كما تقول : فلم يأمرني بدفع شيء إليك ، وأمّا الجواري فقد اعتقتهنّو تزوجت بهنّ. (3)
    1 ـ الطوسي : الغيبة : 33 ـ 34.
    2 ـ الكشي : الرجال : 389؛ البحار : 48/265 ، الحديث 24.
    3 ـ الطوسي : الغيبة : 64 ـ 65 ، الحديث 67.


(384)
    روى الكشي ، عن يونس بن عبد الرحمان ، قال : مات أبو الحسن وليس من قُوامه أحد إلاّ وعنده المال الكثير ، فكان ذلك سبب وقوفهم وجحودهم موته ، وكان عند علي بن أبي حمزة ثلاثون ألف دينار. (1)
    روى الصدوق في « العلل » عن يونس بن عبد الرحمان قال : مات أبو الحسن (عليه السّلام) و ليس من قوّامه أحد إلاّ وعنده المال الكثير ، فكان ذلك سبب وقفهم وجحودهم لموته ، وكان عند زياد القندي سبعون ألف دينار ، وعند علي بن أبي حمزة ثلاثون ألف دينار ، قال : فلمّا رأيت ذلك وتبيّن الحق وعرفت من أمر أبي الحسن الرضا (عليه السّلام) ما علمتُ تكلّمت ودعوت الناس إليه ، قال : فبعثا إليّ ، وقالا : ما يدعوك إلى هذا؟ إن كنتَ تريد المال فنحن نغنيك وضمِنا لي عشرة آلاف دينار ، وقالا لي : كف ، فأبيت وقلت لهم : إنّا رُوينا عن الصادقين (عليهم السّلام) أنّهم قالوا : إذا ظهرت البدع فعلى العالم أن يُظهر علمَه ، فإن لم يفعل سُلب منه نور الاِيمان ، وما كنت لاَدع الجهاد في أمر اللّه على كلّحال ، فناصباني وأضمرا لي العداوة.
    وروى أيضاً عن أحمد بن حماد قال : أحد القَوّام ، عثمان بن عيسى الرواسي ، وكان يكون بمصر ، وكان عنده مال كثير وست جواري ، قال : فبعث إليه أبو الحسن الرضا (عليه السّلام) فيهن وفي المال ، قال : فكتب إليه أنّ أباك لم يمت ، قال : فكتب إليه : إنّ أبي قد مات ، وقد اقتسمنا ميراثه ، وقد صحّت الاَخبار بموته ، واحتج عليه فيه ، قال : فكتب إليه : إن لم يكن أبوك مات ، فليس لك من ذلك شيء ، وإن كان قد مات على ما تحكي ، فلم يأمرني بدفع شيء إليك ، وقد اعتقت الجواري وتزوجتهنّ. (2)
    إلى غيرها من الروايات الدالّة على أنّ سبب التوقف كان حبّ الجاه والمال.
    1 ـ الكشي : الرجال : 345.
    2 ـ الصدوق : علل الشرائع : 235.


(385)
الواقفية في كتب الملل والنحل
    جاءت الواقفية في كتب الملل والنحل على وجه الاِجمال ، وهذا يعرب عن عدم وجود دور بارز لهم في عصر الغيبة ، وستوافيك القائمة التي ذكرنا فيها بعض أسماء الرواة من الواقفية.
    قال النوبختي ـ بعدما بيّن أنّ الشيعة انقسمت بعد رحيل الاِمام الكاظم (عليه السّلام) إلى فرقتين ، وبيّن الفرقة الثانية بالبيان التالي ـ :
    1 ـ وقالت الفرقة الثانية : إنّ موسى بن جعفر لم يمت ، وإنّه حيّ ، ولا يموت حتى يملك شرق الاَرض وغربها ، ويملاَها كلها عدلاً كما ملئت جوراً ، وإنّه القائم المهدي ، وزعموا أنّه خرج من الحبس ولم يره أحد نهاراً ولم يعلم به ، وأنّ السلطان وأصحابه ادّعوا موته ، وموّهوا على الناس وكذبوا ، وأنّه غاب عن الناس واختفى ، ورووا في ذلك روايات عن أبيه جعفر بن محمد عليمها السّلام أنّه قال : هو القائم المهدي فإن يدهده رأسه عليكم من جبل فلا تصدقوا فإنّه القائم.
    وقال بعضهم : إنّه القائم وقد مات ، ولا تكون الاِمامة لغيره حتى يرجع ، فيقوم ويظهر ، و زعموا أنّه قد رجع بعد موته إلاّ أنّه مختف في موضع من المواضع حي يأمر وينهى ، وأنّأصحابه يلقونه ويرونه ، واعتلّوا في ذلك بروايات عن أبيه ، أنّه قال : سمّي القائم قائماً ، لاَنّه يقوم بعدما يموت.
    وقال بعضهم : إنّه قد مات ، وإنّه القائم ، وإنّ فيه شبهاً من عيسى بن مريم ـ صلى اللّه علي هـ وانّه لم يرجع ، ولكنّه يرجع في وقت قيامه فيملاَ الاَرض عدلاً كما ملئت جوراً ، وإنّ أباه قال : إنّ فيه شبهاً من عيسى بن مريم ، وإنّه يقتل في يدي ولد العباس فقد قتل.
    وأنكر بعضهم قتله ، وقالوا : مات ورفعه اللّه إليه ، وإنّه يردّه عند قيامه ، فسمّوا هوَلاء جميعاً الواقفية لوقوفهم على موسى بن جعفر على أنّه الاِمام القائم ،


(386)
ولم يأتمّوا بعده بإمام ولم يتجاوزوه إلى غيره.
    وقد قال بعضهم ممّن ذكر أنّه حي : إنّ الرضا (عليه السّلام) و من قام بعده ليسوا بأئمّة ، ولكنّهم خلفاوَه واحداً بعد واحد إلى أوان خروجه ، وإنّ على الناس القبول منهم والانتهاء إلى أمرهم.
    وقد لقّب الواقفةَ بعضُ مخالفيها ممّن قال بإمامة علي بن موسى « الممطورة » وغلب عليها هذا الاسم وشاع لها ، وكان سبب ذلك انّعليّبن إسماعيل الميثمي ويونس بن عبد الرحمان ناظرا بعضهم ، فقال له علي بن إسماعيل وقد اشتد الكلام بينهم : ما أنتم إلاّ كلاب ممطورة ، أراد أنّكم أنتن من جيف ، لاَنّ الكلاب إذا أصابها المطر فهي أنتن من الجيف ، فلزمهم هذا اللقب فهم يُعرفون به اليوم ، لاَنّه إذا قيل للرجل انّه ممطور فقد عرف أنّه من الواقفة على موسى بن جعفر خاصة ، لاَنّ كل من مضى منهم فله واقفة قد وقفت عليه ، وهذا اللقب لاَصحاب موسى. (1)
    2.وقال الشيخ الاَشعري ملخصاً لما قاله النوبختي ما هذا نصه :
    الصنف الثاني والعشرون من الرافضة يسوقون الاِمامة حتى ينتهوا إلى جعفر بن محمد ويزعمون أنّجعفر بن محمد نصّ على إمامة ابنه موسى بن جعفر ، وأنّ موسى بن جعفر حيّلم يَمت ولا يموتُ حتى يملك شرقَالاَرض وغربها ، حتى يملاَ الاَرض عدلاً وقسطاً كما ملئت ظلماًوجوراً ، وهذا الصنف يُدْعون « الواقفة » لاَنّهم وقفوا على « موسى بن جعفر » و لم يتجاوزوه إلى غيره ، وبعض مخالفي هذه الفرقة يدعوهم « الممطورة » وذلك أنّرجلاً منهم ناظر « يونس بن عبد الرحمان » ويونس من القطعية الذين قطعوا على موت موسى بن جعفر ، فقال له يونس : أنتم أهون عليّمن الكلاب الممطورة ، فلزمهم هذا النبز. (2)
    1 ـ النوبختي : فرق الشيعة : 80 ـ 82 ، وفي ذيل كلامه إشارة إلى القسمين من الوقف كما ذكرناه.
    2 ـ الاَشعري : مقالات الاِسلاميين : 28 ـ 29.


(387)
    3.وقال البغدادي معبّراً عن الواقفة بالموسوية : هوَلاء الذين ساقوا الاِمامة إلى جعفر ، ثمّزعموا أنّالاِمام بعد جعفر ، كان ابنه موسى بن جعفر ، وزعموا أنّموسى بن جعفر حيّ لم يمت وانّه هو المهدي المنتظر ، وقالوا إنّه دخل دارَالرشيد ولم يخرج منها ، وقد علمنا إمامته وشككنا في موته فلا نحكم في موته إلاّبيقين.
    فقيل لهذه الفرقة الموسوية : إذا شككتم في حياته وموته ، فشُكُّوا في إمامته ولا تقطعوا القول بأنّه باق وأنّه هوالمهديّ المنتظر ، هذا مع علمكم بأنّ مشهد موسى بن جعفر معروف في الجانب الغربي من بغداد ويُزار.
    و يقال لهذه الفرقة موسوية لانتظارها موسى بن جعفر.
    ويقال لها الممطورة أيضاً ، لاَنّ يونس بن عبد الرحمان القمّي كان من القطعية (الذين قطعوا على موت موسى بن جعفر) وناظر بعض الموسوية فقال في بعض كلامه : أنتم أهون على عيني من الكلاب الممطورة. (1)
    4.وقال الشهرستاني ـ بعد أن ذكر الاِمام موسى بن جعفر وانّه دفن في مقابر قريش ببغداد ـ : اختلفت الشيعة بعده ...
    فمنهم من توقّف في موته ، وقال : لا ندري أمات أم لم يمت؟ ويقال لهم الممطورة ، سمّاهم بذلك علي بن إسماعيل فقال : ما أنتم إلاّ كلاباً ممطورة.
    و منهم من قطع بموته ويقال لهم القطعية.
    و منهم من توقّف عليه ، وقال : إنّه لم يمت ، وسيخرج بعد الغيبة ، ويقال لهم الواقفة. (2)
    إنّ ظاهرة الوقف بعد رحيل الاِمام الكاظم (عليه السّلام) كانت أمراً خطيراً يهدّد
    1 ـ البغدادي : الفرق بين الفرق : 63.
    2 ـ الشهرستاني : الملل والنحل : 169 ، ولاحظ التبصير للاسفرائيني : 38 ، حيث عبّر عنهم بالموسوية.


(388)
كيان الشيعة ، وتماسكها وانسجامها ، وقد كانت الواقفة تتمسك بشبه ، ربما تغري البسطاء من الشيعة ، وتصدّهم عن القول بامتداد الاِمامة إلى عصر الاِمام المنتظر. ولعلّه لاَجل خطورة الوقف ، ربما نرى وجود الحث المتزايد على زيارة الاِمام الرضا (عليه السّلام) من النبي والوصيّ والصادق والكاظم (عليهم السّلام) ليلفتوا نظر الشيعة إليه ولا يغفلوا عنه.
    فقد روي عنه (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أنّه قال : « ستدفن بضعة منّي بأرض خراسان ، لا يزورها موَمن إلاّ أوجب اللّه له الجنّة ، وحرّم جسده على النار ». (1)
    كما توجد روايات كثيرة عن أئمّة أهل البيت (عليهم السّلام) توَكد وتحث على زيارة الاِمام الرضا (عليه السّلام) و تبيّن فضلها. (2)
    ولعلّ تلك الروايات تهدف إلى رفع الشبهات التي أوجدتها الواقفة في ذلك العصر ، ولولا انّ الرضا هو الاِمام القائد بعد أبيه ، لما كان لهذا الحث وجه ، وقد جابه الاِمام الرضا تلك الزوبعة بعظات بالغة ، ومناظرات قيّمة ، قام فيها بإزالة الالتباس عن شبههم.
    وقد جمعها العالم الحجة الشيخ رياض محمد حبيب الناصري في كتابه « الواقفية » ، حيث بلغت ثماني مناظرات.و من أراد الوقوف على مضامينها فعليه الرجوع إلى ذلك الكتاب القيّم الذي طرح فيه الواقفية ودرسها دراسة تحليلية رائعة. (3)
    1 ـ الصدوق : الفقيه : 2/351 ، الحديث 36.
    2 ـ راجع الكافي : 4/584؛و الفقيه : 2/348 ـ 351؛ والتهذيب : 6/84.
    3 ـ الواقفية : 1/151 ـ 163 ، ولقد رجعنا إلى ذلك الكتاب في دراسة هذه الطائفة فشكر اللّه مساعيه.


(389)
مشاهير الواقفية
    يظهر من مراجعة الكتب الرجالية ، انّعدد الواقفية لم يكن قليلاً ، وقد ذكر الشيخ الطوسي فيهم حوالي أربعة وستين شخصاً ، فمن مشاهيرهم :
    1 ـ سماعة بن مهران.
    2 ـ جعفر بن سماعة.
    3 ـ الحسن بن محمد بن سماعة.
    4 ـ زرعة بن محمد الحضرمي.
    5 ـ زياد بن مروان القندي.
    6 ـ داود بن الحصين.
    7 ـ درست بن أبي منصور.
    8 ـ عثمان بن عيسى الرواسي.
    9 ـ علي بن أبي حمزة البطائني.
    10 ـ علي بن الحسن الطاطري.
    11 ـ حنان بن سدير الصيرفي.
    12 ـ يحيى بن القاسم الحذاء.
    13 ـ يحيى بن الحسين بن زيد.
    14 ـ سعد بن خلف. (1)
    1 ـ وقد استخرج محقّق رجال الطوسي ، أسماء الذين وصفوا بالوقف فيه ، تحت فهرست المنسوبين إلى المذاهب الفاسدة. رجال الطوسي : 589 ـ 591.

(390)
    ثمّإنّ هناك لفيفاً آخر من الواقفية ذكرهم النجاشي في رجاله ، وليس فيهم اسم سماعة بن مهران ، ولا ولده جعفر ، ولا سبطه محمد ، و ربما تردّد بعضهم في عدّ سماعة من الواقفية ، إذ لو كان كذلك لما خفي على مثل النجاشي ، ولا على ابن الغضائري.
    وقد جمع الشيخ الناصري أسماء الموصوفين بالوقف من الكتب الرجالية وغيرها ، غير أنّ كثيراً منهم رجعوا عن الوقف.
    ومن العجب العجاب انّسبعة أشخاص من أصحاب الاِجماع ، رُمُوا بالوقف ، وهوَلاء هم :
    1 ـ أحمد بن محمد بن أبي نصر.
    2 ـ جميل بن دراج.
    3 ـ حماد بن عيسى.
    4 ـ صفوان بن يحيى.
    5 ـ عثمان بن عيسى.
    6 ـ يونس بن عبد الرحمان.
    7 ـ عبد اللّه بن المغيرة.
    و أظن أنّ اتّهامهم بالوقف ربما يعود إلى فحصهم وترّيثهم في الاِمام الذي يعقب الاِمام الكاظم (عليه السّلام) بعد رحيله. ولو كان هذا هو المنطلق لوصفهم بالوقف فلا يوجد أي مبرر لهذا الرمي والوصف ، وعلى أية حال فإنّهم رجعوا عن الوقف ، حتّى أنّ يونس بن عبد الرحمان كان في الصف المقدّم لمكافحة الوقف وهو الذي وصف الواقفية بالكلاب الممطورة كما في بعض الروايات ، وهذا ما يثير الشكوك حول وصفه وزملائه بالوقف.
بحوث في الملل والنحل ـ جلد الثامن ::: فهرس