الى

السيد أحمد الصافي: إذا كان الأستاذ مُحبّاً للعلم مُحترِماً للمادة العلمية سيقفز بذهن الطالب باللاشعور الى أن يتأثّر به ويكون مُحبّاً للعلم..

السيد الصافي
هذا ما بيّنة الأمين العام للعتبة العباسية المقدسة سماحة السيد أحمد الصافي في كلمته التي ألقاها خلال حفل تكريم الطلبة الأوائل على الجامعات والمعاهد العراقية للعام الدراسي الماضي (2012-2013م) والذي أقيم عصر اليوم الجمعة (14ربيع الثاني 1435هـ) الموافق لـ(14شباط 2014م) وعلى قاعة الإمام موسى الكاظم(عليه السلام) في العتبة المقدسة، وبحضور عددٍ من رؤساء الجامعات وعمداء الكليات ونخبةٍ من التدريسيين إضافة للطلبة المُكرَّمين وذويهم .
وأضاف: "لاشكّ أنّ الأستاذ له تأثير كبير على الطالب ويؤثر حتى على شخصيته سواء كان هذا إيجابياً كما هو مأمول، أو -لا قدّر الله- تأثيراً سلبياً، والأستاذ يمثّل اليوم العصب المهمّ لتخريج كوادر يفتخر أي بلد بما عنده من منتوج فكري في الوسط الذي يعيشه، خصوصاً إذا علمنا أن هناك كمية من الأعداد التي في كل سنة يفخر العراق بأن يزجّها الى المجتمع، وإن أي بصمة من هذا الأستاذ أو ذاك سيكون لها دور كبير جداً في نفسيّة وعقليّة الطالب؛ لذا إذا كان الأستاذ محبّاً للعلم مُحترماً للمادة العلمية سيقفز ذهن الطالب باللاشعور الى أن يتأثّر به ويكون مُحبّاً للعلم، وإذا كان الأستاذ من النوع الذي يشجّع على البحث العلمي سيجعل الطالب دائماً دؤوباً من أجل تحصيل المعلومة ومتابعتها".
مضيفاً: "على الأستاذ أن يغذّي في نفسيّة الطالب محبّة الوطن إذا كان هذا الأستاذ قادراً على أن يُفهم الطالب كيفيّة التعايش السلمي مع وجود طوائف وقوميات وديانات متعددة، سيتعلّم الطالب كيف يعيش سلمياً ويحبّ أبناء جلدته ما داموا يشتركون معه في هذا البلد وإن اختلفوا معه في العقيدة والديانة والقومية، وإنّ الطالب لابُدّ عليه أن يبحث عن العلم بما هو علم من أين صدر، من أين أُخذ هذا غير مهم ما دام العلم واقعياً بعيداً عن المؤثّرات الجانبية".
وأوضح السيد الصافي: "الطالب سيتعلّم أن يحترم الآخرين إذا كان الأستاذ يعلّم الطالب أن قوّة البلد بتعدّد الإثنيات والطوائف، وأن هذه ميزة إيجابية للبلد سيعلّمه أيضاً هناك مساحة كبيرة للعمل وفق هذا الإطار الواسع الذي يضمّه –العراق-، نحن في هذا البلد واقعاً نحتاج الى آباء مربّين، فنَزْفُ العراق أسرع من قدرتنا على الضماد، في كلّ يوم الآن تنزف دماء بسبب مدارس فكرية ضئيلة، ولا يمكن للبلد أن يتغيّر إذا لم تكن هناك جامعات ومعاهد تبدأ بتثقيف الناس، تبدأ بطرح بدائل حقيقية، إذا كانت هناك مشكلة بين ثلاثة سياسيين بين عشرة سياسيين لا نسمح لها أن تتصدّر هذه المشكلة الى ما بيننا، الأستاذ عليه أن يُمارس الدور العلمي البحت والدور التربوي، نحن نحتاج جميع الأساتذة لا يوجد عندنا أستاذ زائد كما نحتاج جميع أبناء البلد لا يوجد عندنا ابن بلد زائد، وهذه الحاجة تتطلّب منا أن نسعى بشكل كبير من أجل لملمة وضعنا".
هذا ما تناوله السيد الصافي في الجزء الأول من كلمته والذي خصّ به الأساتذة أما الجزء الثاني الذي خصّ به الطلبة فبيّن فيه: "الآن بدأ مشوار الطلبة، حقيقة سيبدأ مشوار العطاء، الإنسان يمرّ بحالة الطفولة وحالة الصبا في لعب وفي لهو، ثم ينتقل الى مرحلة العطاء ومرحلة العطاء تستحقّ منا أن نبذل جهداً في أن نعطي، الطالب في المرحلة الجامعية يمرّ بمجموعة من العوامل قد تأخذه يميناً أو شمالاً لكن يبقى التفوّق العلمي هو المدار المهم لهذا الطالب إضافة الى التفوّق التربوي الآن عندنا مشكلة في الجامعات، هناك درجات تُعطى للتقييم العلمي من غير التقييم التربوي، وإذا وجدت وجاءت الدرجة العلمية كبيرة نتغافل عن السلوك، وهذه المسألة تحتاج الى إعادة نظر، كم طالب عندنا من طلاب الجامعة يغشّ بالامتحان ويتوسّط إذا رُقّن قيده أو إذا عوقب يتوسّط بأن يُعفى مع أنه مُسِكَ بالجرم المشهود، وسيتدخل في ذلك مسؤول حكومي أو مسؤول سياسي ويصبح هناك ضغط على الأستاذ في سبيل أن يتساهل مع هذا الطالب الذي غشّ".
موضّحاً: "لاحظوا أبناءنا بناتنا.. أنت شاب يافع وأنتِ ابنتي يافعة، إذا غششت في الامتحان وأُعطيت درجة الغش في الحقيقة أنت عبارة عن إنسان مزيّف وأنت إنسان مزوّر ولابُدّ أن تشعر بوخزة الضمير لأنك ستبدأ بتهديم هذا البلد شيئاً فشيئاً، أنا شخصيّاً لا أعتقد أن طالباً يغشّ في الامتحان سينفع المجتمع في المستقبل ما دام سمح لنفسه أن يخرج عن القواعد العامة للتربية، والبنت الفاضلة إذا كان الأستاذ لكونها امرأة يساعدها في الامتحان ويعطيها بعض الدرجات وهي ترضى فأنا أعتقد أن هذه بداية سيئة لبناء البلد".
مؤكّداً: "الغشّ عبارة عن مسمار يدقّ في نعش العملية التربوية في الستينات والسبعينات كانت الشهادة العراقية شهادة مرموقة جداً والجامعات العراقية كانت جامعات يتوسّط الآخرون حتى يحصلوا على مقعد دراسي فيها، وكثير من الجامعات خصوصاً في الوطن العربي بل حتى من شرق آسيا كانوا يبذلون أموالاً ووساطة في سبيل أن يحصلوا على شهادة من جامعة عراقية؛ وذلك لرزانة وأصالة وقوّة التدريس فيها، أما اليوم فالمسألة انعكست أصبح منح الشهادة بشكل متيسّر بسبب توهين القضية العلمية، وأنا أربأ بأبنائنا الطلبة وبناتنا الطالبات أن يمارسوا هذا الدور".
وأشار السيد الصافي: "أن تكريمكم بما أعطيتموه من جهد والطالب الأول لابُدّ أن يكون قد بذل جهداً كبيراً بسعيه الخاص حتى وصل الى هذه المرتبة، الغش في العملية التربوية معنى ذلك نحن بدأنا نهدم بلدنا ولا أعتقد أن الإنسان يرضى أن يهدم، هذا التكريم هو دَيْنٌ عليكم، ولكن مَنْ هذه الجهة التي ستردّون لها هذا الدين؟ الجهة هي البلد هذا دين في أعناقكم ترجعه غداً الى بلدكم".
وخاطب الطلبة أيضاً: "إياك أن تستسلم إياك أن تضعف، لابُدّ أن تكون شخصاً يُقتدى به، لابُدّ أن تكون مثالاً فعلاً، مثالَ قوة الشخصية إزاء التحديات، والواقع إن الذي أكمل أربع أو خمس أو ست سنوات حسب الكلية، هذه بداية المشوار وبداية الطريق، نحن نرغب من الطلبة أن يهتموا بالبحوث العلمية وأن يركّزوا عليها ما دام فيهم قوة وطاقة وأن يستثمروا الوقت لأن الوقت يمضي سريعاً.
وأنا من خلالكم أشكر آباءكم وأمهاتكم الكريمات الذين بذلوا جهداً كبيراً وتواصلاً معكم، وإنهم يفرحون بكم وفرحتهم تكتمل عندما يرونكم في المستقبل وأنتم تبنون هذا البلد بكل ثقة وإخلاص وتفاني، نحن نتمنى منكم ونتمنى لكم أيضاً أن تكونوا القدوة الصالحة للبلد وأن يتعلّم الآخرون أيضاً منكم".
مختتماً كلمته: "بالشكر للأساتذة الذين ما بخلوا بمعلومة إلّا وأوصلوها الى الطلبة، علّموهم كيفية الدرس وكيفية البحث وكيفية القراءة، شجّعوهم أيضا على اغتنام الوقت واستثماره من أجل العملية التربوية، وينشؤون جيلاً موفّقاً مباركاً إن شاء الله تعالى والشكر موصول للآباء والأمهات الذين بذلوا هذه الجهود من أجل أن يروا أبناءهم في هذه الحلة أسأل الله سبحانه وتعالى لكم دوام التوفيق وأن يرينا في هذا البلد كل خير دائماً وأن يكون بلدنا دائماً بلداً معطاءً بلداً ثرياً من خلالكم ومن خلال جهودكم، إن شاء الله تعالى يكون من البلدان التي تقف في المقدمة علماً وأخلاقاً وتربيةً".
تعليقات القراء
لايوجد تعليقات لعرضها
إضافة تعليق
الإسم:
الدولة:
البريد الإلكتروني:
إضافة تعليق ..: