الى

حادثة الوهابية وحادثة نجيب باشا أبرز الاعتداءات التي شهدتها العتبة العباسية المقدسة خلال القرن الثالث عشر الهجري (الجزء الثالث).. لكنها عادت لتزهوَ

العتبة العباسية المقدسة
منذ قرون عديدة شهدت العتبة العباسية المقدسة العديد من الهجمات العدوانية وطالها الكثير من الدمار، لكنها بسواعد الأخيار وأنفاس صاحب المرقد الشريف أبي الفضل العباس(عليه السلام) عادت لتزهوَ من جديد وتكون مركز إشعاع ديني وفكري وثقافي تهوي إليها الأفئدة من كلِّ فجٍّ عميق.
فقد تناولنا في الجزء الأول والثاني (للاطلاع على الجزء الأول اضغط هنا والثاني اضغط هنا) من التقرير بعضاً من مراحل العدوان على العتبة العباسية المقدسة، وسنتناول في هذا التقرير الجزء الثالث من مراحل هذه الاعتداءات.
القرن الثالث عشر الهجري:
(حادثة الوهابية):
كانت هذه الحادثة في سنة(1216هـ) وتسمى بحادثة الطف الثانية، وقد ذكر لونكريك تفاصيل هذا الحادث المؤلم، فقال: "إذ انتشر خبر اقتراب الوهابيين من كربلاء في عشية اليوم الثاني من نيسان عندما كان معظم سكان البلدة في النجف يقومون بالزيارة الخاصة بيوم الغدير، فسارع من بقي في المدينة لإغلاق الأبواب، غير أنّ الوهابيين -وقد قُدِّروا بستِّمائة هجّان وأربعمائة فارس- نزلوا فنصبوا خيامهم وقسّموا قوتهم الى ثلاثة أقسام، ومن ظلّ أحد الخانات هاجموا أقرب باب من أبواب البلدة فتمكّنوا من فتحه عسفاً "عنوةً" ودخلوا البلدة فدُهِش السكان وأصبحوا يفرّون على غير هدى بل كيفما شاء خوفهم، أمّا الوهابيون الخُشن فقد شقّوا طريقهم الى الأضرحة المقدسة وأخذوا يُخرّبونها فاقتُلِعت القضب المعدنية والسياج ثم المرايا الجسيمة ونُهِبت النفائس والحاجات الثمينة من هدايا الباشوات وأمراء وملوك الفرس، وكذلك سُلِبت زخارف الجدران وقلع ذهب السقوف وأخذت الشمعدانات والسجاد الفاخر والمعلقات الثمينة والأبواب المرصّعة وجمع من هذا الضرب وقد سحبت جميعاً ونقلت الى الخارج، وقتل زيادة على هذه الأفاعيل ما يقارب خمسين شخصاً بالقرب من الضريح وخمسمائة أيضاً خارج الضريح في الصحن، أمّا البلدة نفسها فقد عاث الغزاة المتوحشون فيها فساداً وتخريباً وقتلوا من دون رحمة جميع من صادفوه كما سُرِقَ كلُّ دار، ولم يرحموا الشيخ ولا الطفل ولم يحترموا النساء ولا الرجال فلم يسلم الكلُّ من وحشيتهم ولا من أسرهم، ولقد قَدّر بعضهم عدد القتلى بألف نسمة وقدّر الآخرون العدد بأضعاف ذلك".
(حادثة نجيب باشا):
وقعت هذه الحادثة أواخر عام 1258هـ وقد قُتل الكثير من الرجال والنساء والأطفال، وكان القتل على يد الوالي العثماني محمد نجيب باشا الذي وُلِّيَ على بغداد فأمر باقتحام مدينة كربلاء المقدسة بعد أن أبى أبناء هذه المدينة الخضوع لحكمه وما يُصدِرُهُ من أحكام جائرة، عند ذاك أمر أهالي المدينة بنزع أسلحتهم والخضوع لسلطة الدولة العثمانية وأمهلهم لذلك شهراً كاملاً وبعد انقضاء المدّة المحدّدة لم يكن هناك أيّ تبدّلٍ في موقف أهالي كربلاء المقدسة، ممّا اضطر نجيب باشا الى تجهيز جيش بقيادة سعد الله باشا وسيّرَه إليها وحاصر المدينة حصاراً شديداً وأمطرها بوابلٍ من القنابل، عندها لجأ الناس الى الضريح المقدس لسيدنا ومولانا أبي الفضل العباس(عليه السلام) يستغيثونه ويستنجدون به من القتل، وقد هاجمهم الجيش العثماني من جهة باب الخان حيث أحدثوا ثغرةً في سور الصحن واستمرّ القتال لمدة يومين، وقد بلغ عدد الضحايا عشرة آلاف نسمة، منهم جمعٌ كبيرٌ من العلماء والسادات.
يَذكُرُ الشيخ عبدالحسين أحمد الأميني في كتابه (شهداء الفضيلة) عمّن شهد الواقعة من الثقات أنهم قالوا: "أنّه لمّا قفل العسكر أحصينا القتلى وسألنا الحفارين وتحقّقنا من ذلك فكان عدد القتلى يزيد على عشرين ألفاً من رجل وامرأة وصبي، وكان يوضع في القبر الأربعة والخمسة الى العشرة فيُهال عليهم التراب بِلا غسل ولا كفن، وتفقّدنا القتلى فكان كثيرٌ منهم في الدور، ووجدنا في السرداب الذي تحت رواق حرم أبي الفضل العباس(عليه السلام) أكثر من ثلاثمائة قتيل، ويبدو أنّ الطاغية محمد نجيب باشا استولى على البلدة وأباحها ثلاثة أيام قتلاً وسَلْباً ونَهْباً ودخل بجيشه الى صحن العباس(عليه السلام) وخرّب الأبنية وقتل من لاذ بالقبر الشريف".
تعليقات القراء
لايوجد تعليقات لعرضها
إضافة تعليق
الإسم:
الدولة:
البريد الإلكتروني:
إضافة تعليق ..: