الى

بيعة الغدير حالة الامتداد الطبيعي بين النبوّة والإمامة وحقيقةٌ لا يُمكن إنكارُها أو كتمانها..

عيد الغدير الأغرّ.. هو عيد الله الأكبر وعيد آل محمد(عليهم السلام) وهو أعظم الأعياد، وما بعث الله تعالى نبيّاً إِلاّ وهو يعيّد هذا اليوم ويحفظ‍ حرمته، واسم هذا اليوم في السماء (يوم العهد المعهود)، واسمه في الأَرْض (يوم الميثاق المأخوذ والجمع المشهود). وروي أنه سُئل الصادق(عليه السلام): هل للمسلمين عيدٌ غير يوم الجمعة والأضحى والفطر؟ قال: نعم.. وأعظمها حرمة.
ففي هذه المناسبة العظيمة يجدّد الموالون بيعتهم لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب(عليه السلام) الذي أصبح مولى كلّ مؤمنٍ ومؤمنةٍ منذ تلك اللحظة التي أمسك فيها الرسول الأكرم(عليه الصلاة والسلام) ذراع علي بن أبي طالب(عليه السلام) ورفع كفّه بكفّه ونصّبه في ذلك اليوم الأغرّ مولىً للمسلمين.
قال الراوي: وأيُّ عيدٍ هو؟ قال: اليوم الذي نصّب فيه رسولُ الله(صلّى الله عليه وآله) أميرَ المؤمنين(عليه السلام)، وقال: (ومن كنت مولاه فعليٌّ مولاه)، وهو يوم الثامن عشر من ذي الحجة. قال الراوي: وما ينبغي لنا أن نفعل في ذلك اليوم، قال: الصيام والعبادة والذكر لمحمد وآل محمد(عليهم السلام) والصلاة عليهم، وأوصى رسولُ الله(صلّى الله عليه وآله وسلم) أميرَ المؤمنين(عليه السلام) أن يتّخذ ذلك اليوم عيداً وكذلك كانت الأنبياء تفعل، كانوا يوصون أوصياءهم بذلك فيتّخذونه عيداً.
وفي حديث أبي نصر البزنطي عن الرضا(صَلَواتُ الله وسَلامُهُ عَلَيهِ) أنّه قال: يا ابن أبي نصر أينما كنت فاحضر يوم الغدير عند أمير المؤمنين(عليه السلام) فإنّ الله تبارك وتعالى يغفر لكلّ مؤمنٍ ومؤمنةٍ ومسلمٍ ومسلمةٍ ذنوبَ ستين سنة، ويعتق من النار ضعف ما أعتق في شهر رمضان وليلة القدر وليلة الفطر، ولدرهمٌ فيه بألف درهم لإخوانك العارفين، وأفضل على إخوانك في هذا اليوم وسرّ فيه كلّ مؤمن ومؤمنة، والله لو عرف الناس فضل هذا اليوم بحقيقته لصافحتهم الملائكة في كلّ يوم عشر مرّات. والخلاصة أنّ تعظيم هذا اليوم الشريف لازمٌ وفيه أعمالٌ عديدة منها زيارةُ أمير المؤمنين(عليه السلام) وينبغي أن يجتهد المرء أينما كان فيحضر عند قبر أمير المؤمنين(عليه السلام)، وقد حُكيت له(عليه السلام) زيارات ثلاث في هذا اليوم، أولاها زيارة أمين الله المعروفة، ويُزار بها في القرب والبعد وهي من الزيارات الجامعة المطلقة أيضاً.
وقد وردت في هذا اليوم فضيلة عظيمة لكلٍّ من أعمال تحسين الثياب والتزيّن واستعمال الطيب والسرور والابتهاج وإفراح شيعة أمير المؤمنين(صَلَواتُ الله وسَلامُهُ عَلَيهِ) والعفو عنهم وقضاء حوائجهم وصلة الأَرْحام والتوسيع على العيال وإطعام المؤمنين وتفطير الصائمين ومصافحة المؤمنين وزيارتهم والتبسّم في وجوههم وإرسال الهدايا اليهم وشكر الله تعالى على نعمته العظمى نعمة الولاية، والإكثار من الصلاة على محمدٍ وآل محمدٍ(عليهم السلام)، ومن العبادة والطاعة. ودرهمٌ يعطيه المؤمنُ أخاه يعدل مائة ألف درهم في غيره من الأيَّامِ، وإطعام المؤمن فيه كإطعام جميع الأنبياء والصدّيقين.
وخلق الله تعالى أمير المؤمنين(عليه السلام) في نفس الوقت الذي خُلِقَ فيه النبيّ(صلّى الله عليه وآله)، فهما مخلوقان معاً في عالم النور ومن نور واحد؛ وشاء الله سبحانه أن يكون محمدٌ نبياً وأن يكون عليٌّ خليفةً له منذ أن خلقهما، فالخلافة ثابتة لعليّ في نفس الوقت الذي ثبتت النبوة فيه للنبيّ.
وهذا ما أخبر به الصادق الأمين نفسه حين قال: (كنت أنا وعلي نوراً بين يدي الله عزّوجلّ، يسبّح الله ذلك النور ويقدسه قبل أن يخلق آدم بأربعة عشر ألف عام، فلمّا خلق الله آدم ركب ذلك النور في صلبه، فلم يزل في شيء واحد حتى افترقنا في صلب عبد المطلب، ففيَّ النبوة وفي عليٍّ الخلافة).
والخلاصة أنّ فضل هذا اليوم الشريف أكثر من أن يُذكر، وهو يوم قبول الأعمال ويوم كشف الغموم وهو اليوم الذي انتصر فيه موسى على السحرة وجعل الله تعالى النار فيه على إبراهيم الخليل برداً وسلاماً ونصّب فيه موسى(عليه السلام) وصيَّه يوشع بن نون وجعل فيه عيسى(عليه السلام) شمعون الصَّفا وصَيّاً له وأشهد فيه سليمان(عليه السلام) قومه على استخلاف آصف بن برخيا وآخى فيه رسول الله(صلّى الله عليه وآله) بين أصحابه، ولذلك ينبغي فيه أن يؤاخي المؤمن أخاه.
تعليقات القراء
لايوجد تعليقات لعرضها
إضافة تعليق
الإسم:
الدولة:
البريد الإلكتروني:
إضافة تعليق ..: