الى

رئيسُ اللجنة التحضيرية لمؤتمر الأكاديميّين الثامن: إنّ الأحداث الدموية الإرهابية التي عصفت ببعض الدول وصلت نيرانها الى العالم الإسلامي، مشوِّهةً صورة المفاهيم التي رسّخها القرآن الكريم..

الدكتور محمد عبد عطية السراج
إنّ الأحداث الدموية الإرهابية التي عصفت ببعض الدول وصلت نيرانُها الى العالم الإسلامي، مشوِّهةً صورة المفاهيم التي رسّخها القرآن الكريم فأثّرت سلباً على التعايش بين مختلف الأديان، جاء هذا في كلمة اللجنة التحضيرية لمؤتمر الأكاديميّين الثامن خلال حفل افتتاح مهرجان ربيع الرسالة الثقافي العالمي التاسع، والتي ألقاها رئيسُ اللجنة المذكورة الدكتور محمد عبد عطية السراج، والتي ذكر فيها:
"بحمد الله وبركة ولاية محمدٍ وآله(صلوات الله عليه وعليهم) نلتقي كلّ عام في رحاب سيد الشهداء(عليه السلام) لنستلهم إشراقة الفجر المحمدي الباسم ونستنشق عبير خاتمية رسالات الله، وما أروع أن يشمّ عطر محمد(صلى الله عليه وآله) في روضة سيد الشهداء الإمام الحسين(عليه السلام) فيتعانق تاج النبوّة والرسالة وألق الثورة والشهادة ليرسُما أشرف لوحة أبدعتها يدُ السماء، ويُنشدا أروع قصيدةٍ نسجتها القافلةُ الإلهية قافلة الطهر والفضيلة.
أيّها الأحبّة:
قال رسول الله(صلى الله عليه وآله): (يا عليّ لا يعرف الله إلّا أنا وأنت، ولا يعرفني إلّا الله وأنت، ولا يعرفك إلّا الله وأنا)، فماذا عساي أن أقول في رجلٍ لا يعرفه إلّا اللهُ وعليّ؟ فلنستمع لأمير المؤمنين علي(عليه السلام) وهو يصف رسول الله، فإنّه الأغزر علماً والأبلغ قولاً والأصوب منطقاً، قال أمير المؤمنين علي(عليه السلام) في الأنبياء: (...استودعهم في أفضل مستودع وأقرّهم في خير مستقرّ، تناسختهم كرائم الأصلاب الى مطهّرات الأرحام، كلّما مضى سلفٌ قام منهم بدين الله خلف، حتّى أفضت كرامة الله سبحانه الى محمّدٍ(صلى الله عليه وآله) فأخرجه من أفضل المعادن منبتاً وأعزّ الأرومات مغرساً من الشجرة التي صدع منها أنبياءه وانتجب منها أمناءه، عترته خير العتر وأسرته خير الأسر وشجرته خير الشجر نبتت في حرمٍ وبسقت في كرم، لها فروع طوال وثمر...).
تزامناً مع ذكرى المولد الميمون لسيّد الكائنات(صلى الله عليه وآله) يُعقَدُ مؤتمر الأكاديميّين الدولي الثامن على هامش مهرجان ربيع الرسالة الثقافي الدولي التاسع البهيج يوم غدٍ السادس عشر من ربيع الأوّل من عام 1436هـ الموافق للثامن من شهر كانون الثاني من عام 2015م في العتبة الحسينية المقدسة، ليجعل شعاره هذا العام: (من نهج النبوّة نستلهم سبل التعايش والسلام)، يُعقد المؤتمرُ في ظروفٍ قلّ نظيرها في التاريخ الإسلامي عامة وتاريخ العراق خاصة، إذ نواجه هجمةً بربريةً أخطر ما فيها أنّها تلبّست بثوب الإسلام وتقنّعت بقناع الجهاد، فبعد أن فشل أعداء الله من الصهاينة والطاغوت في كثيرٍ من خططهم لمصادرة إسلام الأمة وانتمائها العقدي الى رسالة السماء، راحوا يروّجون لإسلامٍ زائفٍ منافقٍ مشوّهٍ ويدعمونه بالمال والسلاح، وسيتناول مؤتمرُ الأكاديميّين المحاور الاتية:
1. التعايش السلمي في القرآن والسيرة النبوية.
2. دور المرجعية الدينية في إشاعة ثقافة التعايش السلمي.
3. المواطنة والتعايش السلمي.
4. رؤية الإمام الصادق(عليه السلام) في بناء الإنسان.
5. أثر التطرّف في تهديد السلم العالمي.
6. القيم الاجتماعية والعنف المجتمعي.
أمّا أهم أهداف المؤتمر:
1. تعلّم مكارم الأخلاق والتعامل الإنساني بين البشر كافة من سيرة المصطفى(صلى الله عليه وآله).
2. إشاعة روح التسامح بين مختلف المذاهب والأديان.
3. السعي لمحاربة روح التطرّف التي تُفضي الى إقصاء الآخر.
4. تعزيز الوحدة والتصدّي لمحاولات بثّ الفرقة بين أبناء الأمّة الإسلامية.
5. التحرّر من آثار الانتماءات الاجتماعية الضيّقة لاسيّما الأعراف العشائرية التي تقاطع القيم الإسلامية.
6. احترام الإنسان بوصفه قيمةً عُليا كرّمه اللهُ سبحانه وتعالى في القرآن الكريم.

أيّها الأحبّة:
إنّ الأحداث الدموية الإرهابية التي عصفت ببعض الدول وصلت نيرانُها الى العالم الإسلاميّ، مشوِّهةً صورة المفاهيم التي رسّخها القرآن الكريم فأثّرت سلباً على التعايش بين مختلف الأديان، لقد اهتمّ أئمةُ أهل البيت(عليهم السلام) وهم الأسوة الحسنة بجميع المسلمين وبالوحدة والتعايش السلمي بين المسلمين، وكانوا يحثّون شيعتهم على مشاركة مخالفيهم في صلواتهم وزيارة مرضاهم وتشييع جنائزهم، كما قال الإمام الحسن العسكري(عليه السلام)، نعم.. سعى الأئمة(عليهم السلام) ليبقى المجتمعُ الإسلامي مجتمعاً قوياً متماسكاً وصفاً واحداً كالبنيان المرصوص، لكيلا يطمع أعداء الإسلام به ويضعف وتتشتّت كلمته، وعلى الأمّة أن تهتدي بهدى أهل البيت(عليهم السلام) الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً، لسعادة الأمّة الإسلامية ولتقوية شوكة المسلمين أمام الأعداء والكفّار والاستكبار العالمي، وقد علّم الإمام الباقر(عليه السلام) الخليفة الأمويّ كيفية ضرب النقود الإسلامية ففوّت الفرصة على ملك الروم الذي كان يهدّد الدولة بالحصار الاقتصادي على الرغم من عداء الخليفة للإمام(عليه السلام)، فأنقذ الإمامُ الأمّةَ من مؤامراتِ ملك الروم مقدّماً المصلحة الإسلامية الكبرى على كلّ مصلحةٍ وخلاف.

أيّها الحضور الكرام:

إنّ على مؤتمراتنا اليوم أن تسعى للحثّ على التعايش بين الأديان وتحقيق الآتي:

الأوّل: ترسيخ لغة الحوار وإشاعة أصوله الدينية والحضارية في حضاراتنا الشرقية.

الثاني: تأكيد أهمية الحوار في المجتمع الإنساني عامة من خلال تفاهم الحضارات بدلاً من تصارعها.

الثالث: تأكيد أهمية الدين والقيم في مكافحة الجرائم والمخدّرات والفساد ودور الدين والأسرة في استقرار المجتمع.

الرابع: تقويم الحوار وتطويره، يتمّ البحث فيه عن مستقبل الحوار وجهود الدول والمنظّمات العالمية في تعزيز الحوار ومواجهة معوّقاته ومهمّة الإعلام وأثره في إشاعة ثقافة الحوار والتعايش بين الشعوب.

أيّها الأحبّة:
يمرّ العراق وشعبه اليوم في أزمةٍ حقيقيةٍ حيث تتكالب عليه قوى الشرّ الظلامية من كلّ أرجاء العالم، وهم امتداد لأبي سفيان ومعاوية ويزيد والمنصور وهارون والمأمون الذين يحملون الشرّ والدمار للشعب العراقيّ بشكلٍ خاص والعالم الإسلامي بشكلٍ عام بكافة طوائفه وقومياته، يتطلّب الواجب أن نكون أكثر صراحة ودقّة في مواقفنا وإعلامنا نبيّن لشعبنا المسلم وللعالم وللإنسانية جمعاء، إنّ الطائفة المستهدفة في هذا الزمن هم الطائفة الشيعية والسنّة المعتدلين، ولا تقف مخطّطات الأعداء والنواصب الى حدود إزالتهم من العملية الديمقراطية الجارية في العراق لأنّ المخطّط واسعٌ ومدعومٌ من القوى المتخلّفة الحاقدة على الإسلام المحمّديّ، سواء كان من مدارس التكفير في بعض الدول العربية أو خارجها، تدعو علناً الى استئصال مذهب أهل البيت(عليهم السلام) من العراق وبقية الدول الأخرى، وفي عتمة الليل الحالك ومع مخاوف جدية بسقوط العراق ثانيةً بيد تتار العصر سطع بدرُ المرجعية الدينية الرشيدة التي هي امتدادٌ لخطّ النبوّة والإمامة متمثّلةً بسماحة الإمام السيستانيّ(دام ظلّه الوارف) سطع بدرُها بالكلمة الفصل التي وضعت النقاط على الحروف بفتوى الجهاد الكفائيّ، فاندفعت كتائب جنود الله من الحشد الشعبي المؤازر لقوّاتنا الأمنية لترسم ملحمةً مقدّسةً من ملاحم الجهاد المقدّس، متصدّيةً لكتائب الشيطان على اختلاف أسمائها وتعدّد رموزها للدفاع عن المقدّسات والأعراض والدم والمال، وضرورة التوجّه بكلّ رؤانا لمعرفة الدور الإعلامي المعادي وما يقوم به من زرع الفرقة بين أبناء المذهب الواحد والدين الواحد.
في الختام وباسم اللجنة التحضيرية الدائمة لمؤتمر الأكاديميّين لا يسعني إلّا أن أتقدّم بالشكر والامتنان الى كلٍّ من العتبتين المقدّستين الحسينية والعباسية، والى جامعة واسط ممثّلةً برئيسها وأساتذتها الكرام للتعاون في إقامة مؤتمر الأكاديميّين الدولي الثامن لاسيما اللجان التحضيرية والعلمية، والى الإخوة الباحثين من الجامعات العراقية والعربية الذين شاركوا في المؤتمر.
وأخيراً للإمام السيد علي السيستاني(دام ظلّه) الحفظُ والرعايةُ والتسديد ولأمّتنا الإسلامية وعراقنا المجاهد الصابر النصر والعزّة، ولشهدائنا الجنان والمغفرة ولجرحانا الشفاء والسلامة، وعليكم أيّها الحضور الكريم السلام والرحمة وأن يوفّق الجميع للتمسّك بنهج الإمام الحسين(عليه السلام) وأن يجعلنا وإيّاكم من الطالبين بثأره مع إمامنا الموعود الحجّة المنتظر(عجّل الله تعالى فرجه)".
تعليقات القراء
1 | سكينه | 08/01/2015 | المملكة العربية السعودية
ماشاء الله أدعو الله أن يمن عليكم بركات كثيرة وتوفيق لمزيد من التسهيلات الموفقه
إضافة تعليق
الإسم:
الدولة:
البريد الإلكتروني:
إضافة تعليق ..: