في وقتٍ متأخّر من مساء يوم السابع عشر من صفر المظفّر (1437هـ) اختتم المعزّون والمواسون بأربعينيّة الإمام الحسين(عليه السلام) فعالية عزائية وهي عزاء (الزنجيل) الذي اشتركت فيها مواكب عزائية من داخل وخارج العراق، وذلك وفقاً للتوقيتات الزمانية والمكانية التي أعلن عنها قسم المواكب والشعائر الحسينية في العراق والعالم الإسلامي والتي من خلالها تمّ تنظيم عمل مسيرة هذه المواكب بانسيابية عالية دون حدوث تقاطعٍ أو تداخل بينها وبين حركة الزائرين، حيث نشر القسمُ منتسبيه بدءً من مكان انطلاقها وختاماً بضريح أبي الفضل العباس(عليه السلام) بعد أن تمرّ بصحن أبي عبدالله الحسين(عليه السلام) وساحة ما بين الحرمين الشريفين.
رئيسُ قسم الشعائر والمواكب الحسينية الحاج رياض نعمة السلمان بيّن لشبكة الكفيل: "بدأت هذه المواكب بالنزول في صبيحة اليوم السادس عشر من صفر الخير على شكل كراديس ومجموعات تُعرف بـ(مواكب عزاء الزنجيل) ويشترك فيها المعزّون من أغلب المحافظات العراقية أو قبائلها، وتستلهم أسماءها من أسماء الأئمة(عليهم السلام) أو القبيلة أو أسماء المؤسِّسين لها، وتصدح من بين ثناياها أصوات الضرب على الطبول لتنظيم عملية سير الموكب وضرب (الزنجيل) على الأكتاف مع قراءة الرادود الحسينيّ الذي يسير مع الموكب المعزّي بعض أبيات الرثاء بأصواتٍ شجية وأطوارٍ حزينة، ويستمرّ هذا العزاء لمدّة يومين تعقبها مواكبُ عزاء (اللطم) وبعضها يشترك بموكب (زنجيل ولطم)".
مضيفاَ: "أنّه بختام هذه الفعالية العزائية ستنطلق فعالية عزائية أخرى هي عزاء (اللطم) وأيضاً هي عبارة عن مواكب ستدخل وفقاً لجدولٍ مكانيّ وزمنيّ أُعلِموا به مسبقاً وتستمرّ لغاية التاسع عشر من صفر".
وأوضح السلمان: "أنّ موكب (الزنجيل) يتكوّن بتجمّع عددٍ من المعزّين ينتظمون على شكلِ خطّين متوازيين ويلبسون لباساً خاصّاً من القماش الأسود -الذي فُصِّل خصّيصاً لهذا الغرض- ويمسكون بأيديهم مقابض تحتوي على حزمةٍ من السلاسل الرقيقة فيضربون أكتافهم بها بطريقةٍ موحّدة ينظّمها قرعُ الطبول والصنوج بطورٍ حربيّ عنيف، وينطلقون من مركز تجمّعهم ويسيرون عبر الشوارع وهم يهزجون في كلّ ذلك الأناشيد الحزينة وصولاً الى العتبتين المقدّستين، والناظر لهذا الموكب يستشعر مدى قوّة التحمّل لدى الضاربين وصبرهم".
يُذكر أنّ التحليل الفلسفيّ لهذا العزاء هو أنّ (الزنجيل) أو السلاسل في كلّ البلدان الحضارية تشير إلى الظلم والاضطهاد، ويستطيع أيّ شخصٍ أن يلمس ذلك واضحاً وجلياً في معارض كبار الرسّامين وفي الأطروحات الأدبية قديماً وحديثاً، فعندما يُضرب به على الظهر يُراد منه الإشارة إلى أنّ الظلم والاضطهاد الذي جرى على أهل البيت(عليهم السلام) وعلى شيعتهم لن يحيدنا عن خطّهم وعن طريقهم، وأنّ اضطهادكم أيّها الظالمون نجعله وراء ظـهورنا ولا قيمة لـه، ولذا كان الضرب بـ(الزنجيل) على الظهور وليس على الصدور.