للسنة الثالثة عشرة على التوالي انطلقت بعد صلاتي المغرب والعشاء لهذا اليوم الخميس (29ذي الحجة 1438هـ) الموافق لـ(21أيلول 2017م) مراسيم تبديل رايتي قبتي حرمي أبي عبدالله الحسين وأخيه أبي الفضل العباس(عليهما السلام) من اللون الأحمر إلى اللون الأسود إيذاناً ببدء شهر محرم الحرام 1439هـ.
وقد اكتظت مدينة كربلاء المقدسة بعشرات الآلاف من المؤمنين الذين جاؤوا من مختلف محافظات العراق ومن خارج العراق ايضا للمشاركة في هذه المراسيم.
وكانت البداية في الصحن الحسيني الشريف بتلاوةٍ لآياتٍ من الذكر الحكيم للقارئ الحاج أسامة الكربلائي، ومن ثم كلمة المتولي الشرعي للعتبة الحسينية المقدسة الشيخ عبد المهدي الكربلائي والتي أكد فيها على عظم احياء الشعائر الحسينية وحث المؤمنين على إحيائها بما يتناسب وهذه الفاجعة التي علمت الإنسانية الكثير من الدروس.
موكداً :" هذه الفاجعة هي أعظم فاجعة شهدتها الإنسانية، مستشهداً بعددٍ من روايات أهل البيت عليهم السلام.
ثم خاطب الإمام الحسين عليه السلام :" أن العراقيين قد جددوا العهد لك حين ناديت في العاشر من محرم ألا من ناصر ينصرنا، ونقول إننا معك وعلى دربك سائرون في التضحية والجهاد والفداء، وها هم رجالك وأنصارك في جبهات القتال يقاتلون عصابات داعش وقد عاشوا بأرواحهم وقلوبهم تلك الاستغاثة وإن كانت قبل ألف وأربعمئة سنة ولكن قد أجابوها بدمائهم.
وها هو حفيدك آية الله العظمى السيد علي الحسيني السيستاني (دام ظله الوارف) حينما رأى أشرار هذا العصر أرادوا طمس هذا الدين وتدنيس المقدسات وانتهاك الحرمات ومحو الإسلام، دوى نداؤه من جوار قبرك الشريف ومن أرض صحنك الطاهر بالدفاع المقدس عن العراق وشعبه ومقدساته، فدخل صدى النداء قلوب المؤمنين وتفجرت غيرة محبيك وأنصارك فزحفوا شيباً وشباناً كهولا ورجالاً صوب ساحات الوغى ليوفوا لك بوعدهم وبصدق رجائهم حينما يخاطبونك (يا ليتنا كنا معكم فنفوز فوزا عظيما)".
ثم وجه نداءه للمؤمنين :"أيها المؤمنين والمؤمنات حافظوا على نصركم هذا وإن النصر النهائي لقريبٌ إن شاء الله تعالى، وحافظوا على دينكم وصلواتكم ولا تتهاونوا فيها ولا تركنوا إلى الظلم، واجهوا الفساد والانحراف والضلال، وكونوا دعاة للمعروف وناهين عن المنكر.
أيها المؤمنات حافظن على حجابكن وعفتكن وكونن عوناً لرجالكم المقاتلين واصبروا على ماحل بكم من بلاء وفراق الأحبة".
وعلى لحنٍ جنائزيٍّ حزين أُنزلت الراية الحمراء لترتفع بدلاً عنها الراية السوداء، وصوتُ الموالين يهتف (لبيك يا حسين) لترتفع على المآذن الشامخة القصيدةُ التاريخية في استقبال هذا الشهر (يا شهر عاشور) للرادود الكبير المرحوم حمزة الزغير.
بعدها توجّه الكردوس إلى حرم أبي الفضل العباس(عليه السلام) لتجري مراسيم تبديل الراية، على غرار ما جرى في العتبة الحسينية المقدسة.
وقد ألقى كملة المتولي الشرعي للعتبة العباسية المقدسة بالإنابة عنه الشيخ علي موحان من قسم التوجيه الديني فيها والتي بين فيها نقاطا عدة أهمها:
1- هذه الساعة تختلج صدورنا جملة من مشاعر الحزن والحماسة ونحن نستقبل شهر الأحزان شهر محرم الحرام هذا الشهر الذي اقرح جفون أئمة اهل البيت عليهم السلام.
2-في هذه الساعة نودع سنة مضت ونستقبل سنة أخرى حيث تكون البداية بالإمام الحسين عليه السلام وتختتم به سلام الله عليه .
3- ان الحسين عليه السلام عامر فينا في كل حين ونستنير بنوره في ظلمات الدنيا وعاتيات الدهر.
4- في مثل هذا الشهر الحرام حاول الظالمون إطفاء نور ال محمد صلى الله عليه واله وسلم واتبعوا الشيطان الذي أوحى لهم فقتلوا ريحانة رسول الله وسبطه صلى الله عليه واله وسلم واهل بيته وأصحابه صلوات الله عليهم اجمعين ونهبوا رحله وسبوا عياله ونكلوا بهم اشد التنكيل.
5- حاول الظالمون بجريمتهم هذه ان يطفئوا نور الإمام الحسين عليه السلام لكن دمه الطاهر الذي سال على هذه الأرض المقدسة احيا الناس من بعده.
6- لشهادة الإمام الحسين عليه السلام حرارة لن تبرد ابدا وستبقى في قلوب المؤمنين نبراسا ومنارا.
7- لشهر محرم الحرام خصوصية كبرى فتحيى أيامه ولياليه بشتى صور العزاء والشعائر ممتثلين بذلك لأمر ائمتهم عليهم السلام بأحياء امرهم والتذكير بهم وان الإمام الحسين عليه السلام خرج طالبا للإصلاح في امة جده .
8- شعيرة تبديل راية قبة ابي الفضل العباس عليه السلام هي البداية لموسم العزاء الحسيني فمن هذه اللحظة نعلن بدء شهر الحسين عليه السلام ونردد شعار المؤمنين الخالد لبيك ياحسين.
9- لنحرص كل الحرص ونحن نحيي هذه الموسم العزائي لان نتقرب الى الله عز وجل و نبتعد ونتجنب كل ما يضعف او يوهن هذه الشعائر العظيمة التي امرنا الله عز وجل بتعظيمها .
10 – الشعائر الحسينية كانت واحدة من اهم عوامل الاستجابة لفتوى المرجعية الدينية العليا بالجهاد الكفائي والتوجه لساحات القتال والدفاع عن حياض وتربة هذا الوطن فكانوا يستمدون حماستهم وشجاعتهم من الإمام الحسين ويتشبهون بأهل بيته وأصحابه عليهم السلام .
وقد جرى تقليدٌ وهو بأن تُسلّم رايةٌ من إحدى محافظات العراق لتُرفع على ضريح أبي الفضل العباس(عليه السلام)، فكانت الراية هذه السنة من محافظة بابل، وقد سُلّمت إلى الأمين العام للعتبة العباسية المقدسة المهندس محمد الأشيقر (دام تأييده )، ليجري بعدها على اللحن الجنائزي الحزين استبدال الراية الحمراء لترتفع بدلاً عنها الراية السوداء.
وقد خُتِمَت هذه المراسيمُ التي نُقلت على شاشات القنوات الفضائية ببثٍّ مباشر كما تناقلت هذا الحدث الكبير الكثير من المواقع الإلكترونية ونوافذ البثّ المباشر على شبكة الانترنت ومواقع التواصل الاجتماعي، بإقامة مجلس عزائي .