أنهت الملاكات الفنية والهندسية العاملة على مشروع تقوية أعمدة طارمة حرم أبي الفضل العباس(عليه السلام)، وفي هذه المرحلة يعود الذهب من جديد ليكسو هذه الأعمدة ويظهرها بحُلّةٍ جديدة، هذا بحسب ما تحدّث به لشبكة الكفيل رئيس قسم المشاريع الهندسية في العتبة العباسية المقدسة المهندس ضياء مجيد الصائغ، علماً أنّ قسم المشاريع الهندسية يُعدّ الجهة المشرفة على تنفيذ هذا المشروع وبكلّ تفاصيله الفنية والهندسية إضافة للتصميمية .
وأضاف: "إن الشركة المنفِّذة لهذا المشروع وهي شركة أرض القدس للمقاولات الإنشائية، قد سخّرت جميع إمكانياتها من أجل الانتهاء من هذا المشروع وضمن الخطة الزمنية الخاصة به، كونه من المشاريع التي لا تقلّ أهمية عن المشاريع المرافقة له والتي تشهدها العتبة العباسية المقدسة مثل مشروعي التوسعة والتسقيف للصحن الشريف وباقي المشاريع الملحقة بهما".
وبيّن الصائغ: "تعدّدت مراحل هذا المشروع وصولاً لهذه المرحلة، مرحلة إكساء أعمدة الطارمة بالبلاطات الذهبية، حيث شملت المرحلة الأولى لهذا المشروع دراسة واحتساب مدى قابلية أعمدة الطارمة لتحمّل ثقل السقف الجديد الخاص بالصحن الشريف مع ملحقاته كافة، وقد تم احتسابها وفق آليةٍ وحساباتٍ هندسية، تمّت من خلالها معرفة جاهزيّة الأعمدة لتحمّل هذه الأثقال نتيجة التسقيف، إضافة لوضع خطة عمل نوقشت من خلالها كيفية إتمام المعالجة مع تحديد المادة والطريقة المعالَج بها، والتي روعي فيها أحدث ما تمّ التوصل اليه من التقنيات الحديثة المستخدمة في هذا المجال.
أما المرحلة الثانية: فشملت إزالة المواد المثبّتة على الأعمدة البالغ عددها عشرة أعمدة أربعة منها بارتفاع(9م) والستة الأخرى بارتفاع(6م) لتأتي بعدها مراحل أعمال التقوية والتي استُخدمت فيها ألياف الكاربون (Carbon fiber) وهي من المواد ذات التقنيات الحديثة الاستخدام في العمليات الإنشائية، لامتلاكها صلابة قوية ومقاومة عالية أمام المؤثرات الكيمياوية والمناخية، حيث تمّت تغطية وتغليف هذه الأعمدة بهذه المادة وفقاً لمقاييس ومعايير خاصة بها".
مضيفاً: "بعدها تمّت المباشرة بوضع هيكل حديدي(Steel structure) شُكّل بنفس أبعاد وقياسات كلّ عمود وبسُمْك(1سم) من الحديد ذي النقاوة العالية(stainless steel) رُبط بواسطة مواد جعلته جزءً لا يتجزّأ من هيكل العمود مع إضافة مواد أخرى تزيد من قوة تلاصق هيكل الحديد بهيكل العمود ليتم طلاؤه بعدها بمواد كيمياوية أخرى".
وبيّن الصائغ: "المرحلة الأخيرة هي تغليف هذه الأعمدة بالبلاطات الذهبية والتي تمّ تصنيعها بورش العتبة المقدسة وباستخدام تقنيّة الطَّرْق بواسطة جلد الغزال والذي أثبت كفاءته بكافة أعمال تذهيب العتبة المقدسة، وتمّ تركيبها على شكل خطوط مستقيمة تحيط ببدن العمود(صفوف) وبطريقة تثبيت مخفيّة وغير ظاهرية، ممّا يضيف اليها جماليةً وعمراً أطول، وبإتمام هذه المراحل تُصبح قوة تحمّلها للأوزان أربعة أضعاف تحمّلها في السابق، حيث بلغ عدد البلاطات الذهبية التي تمّ تركيبها للأعمدة ذات ارتفاع(9متر) (216بلاطة) وللأعمدة ذات الارتفاع(6متر) (136بلاطة ذهبية)، وبإتمام هذه المراحل -كما قلنا- تُصبح قوّة تحمّلها للأوزان أربعة أضعاف تحمّلها في السابق، بحسب الفحوصات والدراسات التي أجراها قسم المشاريع الهندسية، والتي شملت العديد من الفحوصات (الأسس والأحمال وغيرها)".
ومن الجدير بالذكر أن هذا العمل جاء نتيجة دراسات عديدة وفحوصات مختبرية قامت بها مجموعة من الخبراء والمختصين في هذا المجال، الذين انتدبهم قسم المشاريع الهندسية في العتبة العباسية المقدسة لمعرفة مدى قابلية تحمّل أعمدة الطارمة لثقل السقف الجديد الخاص بالصحن الشريف والتي بيّنت عدم جاهزيّتها وقدرتها على تحمّل هذه الأحمال الخاصة بمشروع التسقيف..
يذكر أن قسم المشاريع الهندسية في العتبة العباسية المقدسة قد نفّذ وأشرف -منذ تأسيسه بعد سقوط النظام البائد وحتى الآن- على العشرات من المشاريع الكبيرة فضلاً عن المئات من المشاريع الصغيرة والمتوسطة -ومنها هذا المشروع- في داخل العتبة وخارجها، وقد تمّ تنفيذ معظم هذه المشاريع بكوادر عراقية مشتركة بين القسم المذكور وشركات محلّية من خارج العتبة، أو نادراً مع شركات ذات عمالة أجنبية .