الى

وفاةُ عقيلة أهل بيت الوحي والنبوّة (عليهم السلام)

يستذكر محبّو وأتباع أهل البيت(عليهم السلام) في مشارق الأرض ومغاربها في مثل هذا اليوم الموافق للخامس عشر من شهر رجب الأصبّ، وفاة عقيلة الطالبيّين السيّدة زينب الكبرى(عليها السلام)، وذلك في العام 62 هجري وقيل سنة 65هـ عن عمرٍ ناهز الستّين عاماً قضته مجاهدةً في سبيل الله، إذ أنّها وُلدت في العام الخامس للهجرة في بيت النبوّة الطاهر الذي ضمّ جدّها خاتم النبيّين وأباها سيّد الوصيّين وأمّها سيّدة نساء العالمين، وأخوَيْها الحسنَيْن ريحانتي رسول ربّ العالمين.

وترعرعت السيّدة زينب في أحضان الإيمان عند بضعة الرسول الأكرم فاطمة الزهراء(سلام الله عليها)، ودرجت مع أخويها سيّدَيْ شباب أهل الجنّة، وأخذت العلم عن أبيها باب مدينة العلم، ثمّ خرجت من هذا البيت لتستقبل ما تخبّئُه لها الأيّام بصدرٍ واسع وقلبٍ أثبت من الجبال، سلامٌ عليها يوم ولدت ويوم رحلت إلى رحمة الله ويوم تُبعث لتكون شفيعة أهل البيت(عليهم السلام).

السيّدة زينب(عليها السلام) كانت ثانيةَ أمِّها الصدّيقة الزهراء(عليها السلام) في العبادة والتهجّد والذكر، فكانت صوّامةً قوّامةً قانتةً لله تعالى تائبةً إليه، تقضي أكثر لياليها متهجّدةً تاليةً للقرآن الكريم، ولم تترك كلّ ذلك حتّى في أشدّ اللّيالي عليها وهي ليلة الحادي عشر من محرم، وعن الفاضل النائيني البروجردي: أنّ الحسين(عليه السلام) لمّا ودّع أخته زينب وداعه الأخير قال لها: "يا أختاه لا تنسيني في نافلة اللّيل".

وكانت (سلام الله عليها) مثالاً للعفّة، وحدّث يحيى المازني قال: كنت في جوار أمير المؤمنين(عليه السلام) في المدينة مدّةً مديدة، وبالقرب من البيت الذي تسكنه ابنته زينب، فلا والله ما رأيتُ لها شخصاً ولا سمعتُ لها صوتاً، وكانت إذا أرادت الخروج لزيارة قبر جدّها رسول الله(صلّى الله عليه وآله) تخرج ليلاً والحسن عن يمينها والحسين عن شمالها وأميرُ المؤمنين أمامها، فإذا قربت من القبر الشريف سبقها أميرُ المؤمنين(عليه السلام) فأخمد ضوء القناديل، فسأله ابنه الحسن مرّةً عن ذلك؟ فقال: أخشى أن ينظر أحدٌ إلى شخص أختك زينب، وكان الإمام الحسين(عليه السلام) إذا زارته زينب يقوم إجلالاً لها، وكان يُجلسها في مكانه.

شهدت السيدة زينب(عليها السلام) كربلاء بكلّ مآسيها، حيث قُتل أبناؤها وإخوتها وأقمارُ بني هاشم أمام عينيها، ولكنّها بقيت صابرةً محتسبةً عند الله ما جرى، ويبرز دورها (سلام الله عليها) في رعايتها للنساء والأطفال، وقد برز دورُها في محطّاتٍ عديدة.

وفي (15 رجب) توفّيت السيّدة زينب(عليها السلام) في دمشق/ الشام واختلف المؤرّخون في تحديد سنة وفاتها ، وإن كان الأرجح عند كثير من الباحثين أنّها توفّيت في سنة (62هـ)، لكن ذهب آخرون الى أنّ وفاتها كانت سنة (65هـ)، همّاً كمداً على أخيها سيّد الشهداء(عليه السلام)، ودُفنت في ضواحي دمشق في قريةٍ يُقال لها راوية، ولها مزارٌ يناسب جلالتها وعظمتها، وهناك قولٌ ضعيفٌ أنّها دُفنت في مصر ولها هناك أيضاً مقامٌ يؤمّه الناس ويتبرّكون به.
تعليقات القراء
لايوجد تعليقات لعرضها
إضافة تعليق
الإسم:
الدولة:
البريد الإلكتروني:
إضافة تعليق ..: