عيدُ الغدير الأغرّ الذي تُصادف ذكراه هذا اليوم الثامن عشر من شهر ذي الحجّة، والحدث كان في السنة العاشرة من الهجرة النبويّة المباركة، وهو اليوم الذي نَصَّبَ فيه الرسولُ المصطفى محمد(صلّى الله عليه وآله) بأمرٍ من الله عزَّ وجلَّ عليّ بن أبي طالب(عليه السلام) خليفةً ووصيّاً وإماماً ووليّاً من بعده.
وهو يومٌ عظيم وقد ذكرت الأحاديثُ الشريفة جوانب من عظمة هذا اليوم، الذي يُعدّ ثاني أهمّ حدثٍ في الإسلام بعد البعثة النبويّة المباركة ونزول القرآن الكريم، ففي رواية الإمام علي بن موسى الرضا(عليه السلام) عن أبيه عن جدّه: (إِنَّ يَوْمَ الْغَدِيرِ فِي السَّمَاءِ أَشْهَرُ مِنْهُ فِي الْأَرْضِ).
وعن الإمام جعفر بن محمد الصادق(عليه السلام): (..وَاسْمُهُ فِي السَّمَاءِ يَوْمُ الْعَهْدِ الْمَعْهُود، وَفِي الْأَرْضِ يَوْمُ الْمِيثَاقِ الْمَأْخُوذِ وَالْجَمْعِ الْمَشْهُودِ)، وعن الإمام الرضا(عليه السلام): (وَاللَّهِ لَوْ عَرَفَ النَّاسُ فَضْلَ هَذَا الْيَوْمِ بِحَقِيقَتِهِ لَصَافَحَتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ فِي كُلِّ يَوْمٍ عَشْرَ مَرَّات).
وقد رُوي عن الإمام جعفر بن محمد الصادق عَنْ أَبِيهِ عَنْ آبَائِهِ (عليهم السلام) أنَّهُ قَالَ: (قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وآله: يَوْمُ غَدِيرِ خُمٍّ أَفْضَلُ أَعْيَادِ أُمَّتِي، وَهُوَ الْيَوْمُ الَّذِي أَمَرَنِي اللَّهُ تَعَالَى ذِكْرُهُ فِيهِ بِنَصْبِ أَخِي عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ عليه السلام، عَلَماً لِأُمَّتِي يَهْتَدُونَ بِهِ مِنْ بَعْدِي، وَهُوَ الْيَوْمُ الَّذِي أَكْمَلَ اللَّهُ فِيهِ الدِّينَ، وَأَتَمَّ عَلَى أُمَّتِي فِيهِ النِّعْمَةَ، وَرَضِيَ لَهُمُ الْإِسْلَامَ دِيناً...).
سُمّي بهذا الاسم لاجتماع النبيّ المصطفى(صلّى الله عليه وآله) بأمرٍ من الله عَزَّ وجَلَّ في هذا اليوم، مع الآلاف من صحابته لدى عودته من حجّة الوداع، في موضعٍ بين مكّة والمدينة المنوّرة يُسمّى بغدير خم، فسُمّي اليوم باسم الموضع.
لقد أكملَ اللهُ عَزَّ وجَلَّ دينه وأتمّ نعمته على المؤمنين بتنصيب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب(عليه السلام) خليفةً ووصياً وإماماً من بعد النبيّ(صلّى الله عليه وآله) في يوم غدير خم، لذا فيومُ الغدير يومُ عيدٍ بل هو أعظم الأعياد وأشرفها، وَهُوَ عِيدُ اللَّهِ الْأَكْبَرُ وَمَا بَعَثَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ نَبِيّاً قَطُّ إِلَّا وَتَعَيَّدَ فِي هَذَا الْيَوْمِ، لأنّه يومُ إكمال الدين وإتمام النعمة، وأيّ نعمةٍ أعظم من نعمة إكمال الدين وإتمام النعمة الإلهيّة، وهذه النعمة تستحقّ الشكر والثناء وتمجيد الله عَزَّ وجَلَّ من قِبَل المؤمنين، على ما منَّ به عليهم في هذا اليوم المبارك.
روى أبو المؤيّد الموفّق بن أحمد بن محمد المكّي الخوارزميّ، المتوفّى سنة 568 هجريّة، بإسناده عن أبي سعيد الخدريّ قال: إنّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله) لمّا دعا الناس إلى عليّ(عليه السلام) في غدير خم، وأمر بما تحت الشجرة من الشوك فقُمَّ، وذلك يوم الخميس، فدعا عليّاً فأخذ بضبعَيْه فرفَعَهما حتّى نظر الناسُ إلى بياض إبطي رسول الله(صلّى الله عليه وآله)، ثمّ لم يتفرّقوا حتّى نزلت هذه الآية: ﴿...الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا...﴾، فقال رسول الله(صلّى الله عليه وآله): (الله أكبر على إكمال الدين وإتمام النعمة ورضا الربّ برسالتي والولاية لعليّ من بعدي).